![]() |
|
قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها ..... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
قاعدة الرسمية والشهر العقاري في القانون الجزائري
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() قاعدة الرسمية والشهر العقاري في القانونالجزائري " و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا " صدق الله العظيم مقدمة: إنّ العقار ثروة لا تزول،حب امتلاكه وجد منذ أن خلق الله الإنسان وغرس فيه حبّ المال و التملك، غير أنالتنافس في طلب ملكيته أدى إلى ظهور العديد من الخلافات نجم عنها في غالب الأحياننزاعات كثيرة و معقدة، و هو ما دفع الكثير من الدول إلى الاهتمام به و لا سيمابمسألة نقل الملكية العقارية،و ذلك بإيجاد عن طريق تشريعاتها الإطار الأمثل الذييتم بموجبه تنظيم الملكية العقارية نظرا لما تكتسيه من أهمية بالغة. إذ ممّا لا شكفيه أنّ العقارات بمختلف أنواعها سواء أكانت صناعية أو فلاحية أو عمرانية تلعب دوراهاما في مجال التنمية الاقتصادية، فكلما تم تسيير آليات حركية للسوق العقاريةبقواعد موضوعية و إجراءات شكلية يتجنب فيها التعقيد، يتم تحفيز رؤوس الأموالالمدخّرة سواء أكانت بالداخل أو بالخارج و هو ما يعود فعلا على الاقتصاد الوطنيبالازدهار و تسريع وتيرة التنمية. و عليه فإنّموضوع العقار كمحور استراتيجي، ونظرا للدور الكبير الذي يلعبه في التنميةالاقتصادية و الاجتماعية، فإنّه كان من الواجب إضفاء حماية صارمة على الملكيةالعقارية وإحاطتها بجملة من الضمانات الأكيدة، سواء أكانت بمبادئ دستورية أو قواعدقانونية تحقيقا للوظيفة التي يؤديها. و قد إعتنقالمشرع الجزائري في سبيل تحقيق هذا الغرض مبدأ الرسمية منذ السبعينات بموجب قانونالتوثيق70/91 الذي فرض بموجبه إفراغ كلّ التصرفات الواردة على العقار في القالبالرسمي تحت طائلة البطلان مستبعدا بذلك العقود العرفية من مجال المعاملات العقارية،إلاّ أنّ هذا الموقف لقي الكثير من الإنتقادات بين مؤيد ومعارض ممّا انعكس ذلك علىالجهة المطبقة للقانون و لاسيما المحكمة العليا التي تمثل أعلى جهة قضائية، إلىجانب الواقع الذي وجدت فيه أوضاع في تلك الحقبة الزمنية و ممارسات بعض الأفرادالمجتمع في التعاملات العقارية خارج الأحكام القانونية التي كانت متشددة و خاصة ماجاء به قانون الإحتياطات العقارية، فصدرت نصوص متفرقة،و تركت منافذ و فسحاتللاجتهاد القضائي قصد إيجاد حلول للاشكالات التي كان يفرزها الواقع و التي كانت فيكثير من الأحيان مسايرة له و على حساب القانون. ومنثمّ فإنّه يثور التساؤل بخصوص القيمة القانونية لهذه الرسمية المستوجبة فيالمعاملات العقارية و كذا الدوافع والأسباب التي أدت بالقضاة إلى الخروج عن هذهالقاعدة إلى غاية استقرار المحكمة العليا حول هذه المسألة بعد اجتماع غرفها، منجهة،و من جهة أخرى يثور أيضا،ما إذا كانت هذه الرسمية واجبة في المحررات التي تتضمنتصرفات قانونية ناقلة للملكية العقارية، أم تتعداها إلى لتلك المكرسة لواقعة ماديةباعتبار أنّ هذه الأخيرة تعد هي أيضا وسيلة لنقل الملكية العقارية زيادة علىالأحكام والعقود و القرارات الإدارية، ما دامت قد تؤدي إلى نقل السلطة المباشرةلصاحب العقار من استغلال و استعمال و تصرف إلى شخص آخر وفقا للقانون وهو ما نصتعليه أحكام المادة 674 من القانون المدني المؤرخ في 26/09/1975 والمادتين 27 و28 منالقانون رقم 90/25 المتضمن التوجيه العقاري. ونظرالأهمية حق الملكية و سائر الحقوق العينية سواء أكانت أصلية أو تبعية كونها منالحقوق التي يحتج بها في مواجهة الكافة، فإنّه لكي تكون لها هذه القوة، لابد انيعلم الغير بماهية هذه الحقوق و التصرفات التي ترد عليها، ذلك أنّ نقل هذه الحقوقبمجرد التعاقد فقط لا يحقق هذا العلم،بل قد يترتب عليه أضرارا جسيمة تصيب المتعاملوالغير على حد سواء، فقد يتم التعامل مع شخص على أنّه مالك في حين أنّه نقل ملكيتهإلى غيره، الأمر الذي يؤدي إلى ضياع الحقوق و يعرقل تداول الأموال و من ثمّ يهددفكرة الائتمان العقاري. و من أجل ذلك فإنّ المشرعلم يكتف بقاعدة الرسمية فقط، فتدخل بإصدار العديد من التشريعات تهدف إلى تنظيم وتسيير الشهر العقاري بما يتماشى و فكرة حماية الملكية العقارية و ضمان استمراريتها،فزيادة على الرسمية المستوجبة قانونا، فإنّه اعتبر نفس هذهالرسمية من مبادئ الشهر العقاري والذي بدونه لا تنتقل الملكية فيالعقار،وهو ما تبناه فعلابموجب الأمر 75/74 المتضمنالمسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري و مراسيمه التطبيقية، لاسيما منهاالمرسوم76/63 الذي اشترط الرسمية في كلّ سند مقدم للإشهار. والمشرع الجزائري من خلال الأمر السابق فإنّه تبنى نظام الشهرالعيني الذي يعتبر القيد هو وحده الذي ينشئ الحقوق أو يعدلها أو يزيلها، إلاّ أنّهلم يأخذ بهذا النظام بصفة مطلقة،زيادة على أنّه أبقى على نظام الشهر الشخصي إلى حينتمام عمليات المسح العام للأراضي و هو ما خلق عدّة إشكالات برزت في الميدانالعملي. و لعلّ التساؤل الثاني الذي يمكن إثارتهتحت هذا العنوان هو مرتبط بأهمية هذا الشرط في نقل الملكية العقارية و كذا ما أفرزهتطبيقه من إشكالات اختلفت الآراء حولها. إنّ كلالتساؤلات التي سبق ذكرها، سواء أكانت مرتبطة بالرسمية المقررة في المعاملاتالمنصبة على العقار، أو كانت متعلقة بالشهر العقاري كأداة قانونية لنقل الملكيةالعقارية سنحاول دراستها من خلال فصلين: الفصل الأول: قاعدة الرسمية في نقلالملكية العقارية المطلب الأول: مدلول قاعدة الرسمية والاستثناءات الواردة عليها المطلب الثاني: شروط صحةسند الرسمي و حجيته المطلب الثالث: موقف القضاء منقاعدة الرسمية المبحثالثاني:أنواع السندات الرسمية الناقلةللملكية العقارية المطلب الأول: السنداتالتوثيقية المطلب الثاني : السنداتالإدارية المطلب الثالث: السنداتالقضائية الفصل الثاني: دور الشهر في نقلالملكية العقارية المبحثالأول: نظام الشهرالعقاري المطلب الأول: أنظمة الشهرالعقاري المطلب الثاني: قواعد و شروط تنظيم الشهرالعقاري المطلب الثالث: إجراءات الشهرالعقاري المبحثالثاني: آثار الشهرالعقاري المطلب الأول: القيد كشرط لوجودالتصرفات و الحقوق المطلب الثاني: القيد كشرط لنفاذالحق أو الإجراء في مواجهة الغير المطلب الثالث: الإشكاليات المرتبطة بالشهر العقاري خــــاتمة الفصل الأول:قاعدة الرسمية في نقل الملكيةالعقارية -و قد تدخل المشرع الجزائري منذ الاستقلال في الكثير من النصوص لتنظيم الملكية العقارية ابتداء من تعريفها على ضوء المادة 674 من القانون المدني التي تنص على أن:"الملكية هي حق التمتع و التصرف في الأشياء بشترط أن لا يستعمل استعمالا تحرمه القوانين و الأنظمة". فمن هذا التعريف يتضح أن عناصر الملكية ثلاثة و هي الاستعمال و الاستغلال و التصرف و ذلك وفقا للقوانين و الأنظمة المعمول بها ، و هو ما أكدته المادة 27 من قانون التوجيه العقاري. تم بين المشرع أسباب الملكية في المواد من 773 إلى 834 من القانون المدني التي يتبين منها بأن الملكية العقارية تنتقل عن طريق التصرفات القانونية سواء كانت من جانب واحد كالوصية أو من جانبين كالبيع و المبادلة، و قد تكون عن طريق واقعة مادية كالرفاة و الالتصاق، الاستيلاء و الحيازة، أو واقعة مركبة من واقعة مادية و تصرف قانوني كالشفعة، غير أنه في الكثير من الأحيان قد يحتاج الإنسان لطريق آخر لإشباع رغبته في نقل الملكية العقارية إليه فيستلزم عليه الأمر اللجوء إلى القضاء لاستصدار حكم قضائي ليكون بمثابة سند ناقل للملكية العقارية. و ما ينبغي الإشارة إليه أن كل هذه الأسباب التي تؤدي إلى كسب الملكية العقارية استوجب المشرع الجزائري صياغتها في محرر رسمي مستوفي لكل الشروط المتطلبة قانونا، حتى يؤدي الوظيفة المناطة به من نقل الملكية بعد إجراءات الشهر العقاري أيا كانت الجهة المصدرة له، و من ثم فدراستنا لهذه الجزئية تتمحور حول مسألتين أساسيتين تتعلق بالقيمة القانونية لهذه الرسمية المتطلبة قانونا، و كذا أنواع المحررات الرسمية التي تنقل الملكية العقارية الذي سنتناوله في مبحثين: -المبحث الأول: القيمة القانونية للرسمية -المبحث الثاني: أنواع السندات الرسمية الناقلة للملكية العقارية المبحث الأول: القيمة القانونية الرسمية: المطلب الأول: مدلول قاعدة الرسمية و الإستثناءات الواردة عليها: و سنتناول هذا المطلب في عنصرين أساسيين، وهما الرسمية المعتبرة كركن للانعقاد في التصرفات الواردة على العقار بموجب قانون التوثيق و كذا الإستثناءات الواردة عليها. الفرع الأول: الرسمية كركن للانعقاد لقد سبق وأن ذكرنا أنّ التشريع الجزائري في مجال الملكية العقارية، عرف عدّة مراحل، إذ كان مبدأ الرضائية هو القاعدة العامة في التعاقد، ذلك انّه يكفي فيها توافق الإرادتين على طبيعتها و سببها و محلها، لكن سرعان ما بدأ المشرع يفرض شكلا معينا في بعض التصرفات عندما ترد على العقار، و هذا أولا بموجب قانون المالية لسنة 1965 تحت رقم 64/61 المؤرخ في 31/12/1964 الذي أوجب الشكل الرسمي في بعض التصرفات بعوض دون أن يوجب هذه الشكلية تحت طائلة البطلان، إذ وضعت لحماية المتعاقد الذي يتمسك بوجوب الإثبات بهذه الطريقة، زيادة على الأغراض المالية البحتة التي كان يهدف إليها كوجوب دفع الثمن إجباريا بين يدي الموثق. و لم يتضح موقف المشرع الجزائري إلاّ بعد صدور الأمر [1]70/91 المؤرخ في 15/12/1970 المتضمن قانون التوثيق المطبق ابتداءا من يوم 01/01/1971، الذي أوجب الرسمية في التعاقد الوارد على العقار، ولم يعد بذلك للعقد العرفي أية حجية، و أوجب إفراغ جميع التصرفات الواردة على العقار في القالب الرسمي تحت طائلة البطلان فقد نصّت المادة 12 منه " زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى الشكل الرسمي، فإنّ العقود التي تتضمن نقل عقارات أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أو عقود إيجار زراعية أو تجارية....يجب تحت طائلة البطلان أن تحرر هذه العقود في الشكل الرسمي مع دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد"، فهذه المادة أضفت حماية خاصة على كل التصرفات الواردة على العقار، فلا يكفي توافر الرضا و المحل و السبب و أهلية إبرام العقود بل لابد من اتباع شكل معين يتمثل في الرسمية التي هي ركن للانعقاد و لصحة العقد،كما أن المشرع استعمل في الصيغة الفرنسية للنص كلمة التي تدل صراحة على الطابع الإلزامي للرسمية، و لكن ما يعاب عليه، أنّه و إن كان قد نظّم ذلك في قانون التوثيق الصادر في 1970 إلاّ أنّه لم يخصص لها نصّا صريحا في القانون المدني الصادر بموجب الأمر 75/58 المؤرخ في 26 سبتمبر [2]1975، ما عدا النافذة الصغيرة التي فتحها بشأن هذا المجال بموجب المادة 71 من ق م و التي تخص الوعد بالبيع الوارد على العقار إذ تلزم الأطراف احترام الإجراءات الشكلية المقررة قانونا، و من خلال هذه المادة، فإّنه أحالنا على مواد سابقة و منها المادة 12 من قانون التوثيق رقم 70/91، وكذلك الحال بالنسبة للمادة 793 من القانون المدني التي توجب احترام الشكلية، لاسيما الإجراءات المتعلقة بالشهر العقاري حتى تنتقل الملكية العقارية. و إن كان القانون المدني لم ينص صراحة في بداية الأمر على لزوم إبرام العقود المتضمنة التصرفات الواردة على العقار في الشكل الرسمي إلاّ أنّ هذه الإحالات على القوانين المعمول بها كافية للقول بأنّ المشرع قد جعل من الرسمية شرطا أساسيا لانعقاد تلك التصرفات. و قد تأكدت هذه القاعدة خاصة بعد صدور الأمر75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري، لاسيما المرسوم التطبيقي له رقم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 والمتعلق بتأسيس السجل العقاري. إذ نص في المادة 61 منه (( بأنّه يقدم على الشكل الرسمي كل عقد يكون موضوع إشهار)). و أمام عدم تخصيص نص خاص لإبرام العقود الواردة على العقارات في الشكل الرسمي في القانون المدني فإنّ ذلك قد شكّل أحد الأسباب التي أدّت إلى تناقض قرارات الجهات القضائية بخصوص هذه المسألة و سرعان ما أدرك المشرع هذا الفراغ القانوني فأدرج المادة 12 السالفة الذكر بكاملها في المادة 324 مكرر1 من القانون 88/14 المؤرخ في 03/05/1988 المعدل و المتمم للقانون المدني أين أكدت صراحة على الرسمية كركن للانعقاد في كل عقد من شأنه نقل أو تعديل أو إنشاء أو زوال حق الملكية العقارية وعلى كلّ ما يرد على الحقوق العينية الأصلية و التبعية، وذلك عن طريق إثبات هذه التصرفات في محرر ينجزه موظف عام، أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ورتبت البطلان المطلق كجزاء على تخلفها. و تجسدت هذه الشكلية أيضا بصدور قانون التوجيه العقاري رقم 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 الذي كرّس الملكية العقارية الخاصة بعد أن ألغى كل القيود الواردة على المعاملات العقارية لاسيما ما كان مفروضا منها بموجب قانون الاحتياطات العقارية رقم76/24 في مجال العقار الحضري وكذا قانون الثورة الزراعية، وأكد على قاعدة الرسمية من جديد بموجب المادة 29 منه التي نصّت ((يثبت الملكية الخاصة للأملاك العقارية و الحقوق العينية عقد رسمي يخضع لقواعد الإشهار العقاري)) . فالرسمية تعتبر وسيلة لترقية المعاملات القانونية و ضمانة قوية لاستقراها نظرا لما تنطوي عليه من مزايا كثيرة يمكن حصرها في ما يلي: -إنّ الرسمية تقتضي تدخل الموظف العام، أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة كلّ في حدود اختصاصه، وهذا ما يزيد من القيمة القانونية للمحرر و حجيته و يجعل البيانات التي تتضمنها المحررات الرسمية قوية و قاطعة. -إنّ الرسمية تضمن إشهارا للمحررات المودعة بالمحافظة العقارية في الآجال القانونية المحددة لها. -إسناد عملية تحرير مختلف المحررات الرسمية و الخاضعة للحفظ العقاري إلى موظف عام أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة يعد بمثابة حماية تامة للأطراف المتعاقدة و الغير، سيما مع علمهم بمدى خطورة التصرف المقدمين عليه، وكذا الأحكام التشريعية و التنظيمية التي تحكمه. -قاعدة الرسمية تلزم بعض محرري العقود استلام أصول جميع العقود و الوثائق من اجل الإيداع والاحتفاظ في نفس الوقت بنسخ أصلية مثلما يمليه قانون التوثيق في هذا الشأن على سبيل المثال.1 -قاعدة الرسمية تمكن الدولة من بسط مراقبتها على السوق العقارية قصد التقليل من المضاربة و تمكين الخزينة من تحصيل مدا خيل مالية. كما أنّ قاعدة الرسمية تضع بين يدي البائع و المشتري سندا قابلا للتنفيذ و لإجراء الشهر دون الحاجة إلى الحكم بتنفيذه. لكن ما يلفت الانتباه، أنّه بالرغم من التأكيد على الرسمية بموجب الأمر 70/91 المتضمن قانون التوثيق، فإنّ المشرع الجزائري سنّ بعض النصوص التشريعية التي يمكن اعتبارها خروجا عن القاعدة المفروضة بنص المادة 12 من القانون السابق، وخاصة ما جاء به في المرسوم 73/32 المؤرخ في 05 جانفي 1973المتعلق بإثبات حق الملكية العقارية الخاصة لاسيما ما يتعلق بإثبات انعدام الشكلية التي تعد استثناءا على القاعدة العامة، أما الاستثناء الثاني فقد ورد في القانون 86/07 المؤرخ في 04/03/1986 المتضمن الترقية العقارية. الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة على قاعدة الرسمية: 1)ما جاء به المرسوم 73/32 المؤرخ في 05 جانفي 1973 المتعلق بإثبات حق الملكية العقارية الخاصة: إذ نصت مادته الثالثة على اعتبار السندات الرسمية صحيحة لإقامة الحجة في شأن الملكية الزراعية أو الحقوق العينية و عددتها كما يلي: وثائق الملكية المحررة تنفيذا للقوانين المتعلقة بالتشريع العقاري و المسلمة من طرف إدارة أملاك الدولة. -العقود الإدارية التي تتضمن إنشاء أو نقل أو إثبات أو تعديل ملكية عقارات أو حقوق عينية عقارية و المحررة من طرف الموظفين العموميين. -الأحكام القضائية التي تقّر إنشاء أو نقل أو إثبات أو تعديل ملكية عقارات أو حقوق عينية عقارية، و الصادرة من طرف القضاة و الحائزة لقوة الأمر المقضي به. -العقود المتعلقة بإنشاء أو نقل أو إثبات أو تعديل ملكية عقارات أو حقوق عينية عقارية و المحررة من طرف موظفين قضائيين و الخاضعة لإجراء الإشهار الخاص بالرهن العقاري. جاءت المادة الرابعة من نفس المرسوم لتعتبر العقود غير الرسمية المسجلة وسيلة صحيحة لإقامة الدليل في شأن الملكية العقارية، و كأنّ المشرع أراد بذلك تسوية وضعية فرضها الأمر الواقع متجاوزا لنص المادة 12 من قانون التوثيق وألزم الملاك الحائزين على السندات المشار إليها في المواد 3-4 سواء أكانت رسمية منها أو عرفية بخصوص الأراضي صالحة للزراعة أو معدة لها، بتقديمها حين القيام بعمليات إثبات حق الملكية عليها. وأكثر من ذلك فإنّ المشرع الجزائري ذهب إلى الإقرار بثبوت الملكية العقارية الخاصة، وإن انعدمت الوثيقة على الإطلاق و ذلك من خلال النصّين، الأول يتعلق بالمرسوم السابق الذكر( 73/32 ) و الثاني بموجب الأمر رقم 71/73 المتضمن قانون الثورة الزراعية.[3] فبموجب المادة 12و16 من المرسوم 73/32، تعتبر الحائز الفعلي الذي تتوفر فيه الشروط الواجبة قانونا " مالكا للعين" ولو لم يكن حاصلا على وثيقة تجعل منه شاغلا بوجه حق للعقار، إذ أن المادة 12 نصّت "يجب على كل مشغل لأرض خاصة زراعية أو معدة للزراعة و غير موطدة أو مثبتة الملكية بالوثائق والعقود المبينة في المواد 3 ،4 ،5 من هذا المرسوم، أن يقدم خلال عمليات إحصاء الأراضي تصريحا إلى المجلس الشعبي البلدي الموسع، وأن يوضح بأية صفة يقوم باستغلال هذه الأراضي" و هذا حتى يتسنى للجان التقنية المكلفة من طرف المجلس بالتحقيق في التصريحات و التأكد فيما إذا لم يكن لتلك الأراضي مالكين حقيقيين. و المادة 16 منه نصت على أنّه" إذا نتج من التحقيق، أنّ الأرض المصرح بها هي أرض ملك، ولكن دون أن يكون حق ملكيتها مثبتا بأحد السندات أو العقود المبينة في المواد 03 .04 .05 من هذا المرسوم، فيعترف بهذا الحق لفائدة الشخص الذي حاز ملكيتها وانتفع بها طيلة 17 سنة على الأقل إلى غاية أول نوفمبر 1971 و هو تاريخ الدخول في حيز التنفيذ للأمر رقم 71/73 ، وتنطبق على الأشخاص واضعي اليد الأحكام المتعلقة بتسليم شهادات ملكية التي يستفيد منها الحاملون لسندات عرفية". و تعد أحكام المرسوم73/32 اللاحقة لقانون الثورة الزراعية الاستثناء الوحيد الذي يسمح بالاحتجاج بالملكيات العقارية الخاصة، و إن انعدم السند سواء أكان رسميا أو عرفيا. 2- الاستثناء الثاني على قاعدة الرسمية:و هو ما نص عليه القانون رقم 86/07 المؤرخ في 04/03/1986 المتضمن الترقية العقارية:المادة 04 من القانون السابق استثنت من الخضوع للشكل الرسمي المنصوص عليه في المادة 12 من الأمر 70/91 وأحكام المادة 324 مكرر1 من القانون المدني، ما يسمى "بعقد حفظ الحق" بنصها "أنه يحرر العقد التمهيدي المسمى عقد حفظ الحق في شكل عقد عرفي، ويخضع لإجراء التسجيل، فإذا تمّ البيع النهائي وجب تحريره في الشكل الرسمي، حسب ما تقتضيه المادة 38 من نفس القانون". ولكن ألغى القانون المذكور بمقتضى المرسوم التشريعي 93/03 المؤرخ في 01/03/1993[4]و المتعلق بالنشاط العقاري أين أوجب تحرير عقد البيع بناءا على تصاميم في شكل رسمي يتم أمام الموثق. كذلك فإنّه رغم النصّ على هذه الرسمية إلاّ أنّ الأفراد بقوا يتعاملون بالعقود العرفية لسهولتها و قلّة تكلفتها من جهة و كذا نظرا للقيود والموانع التي فرضها المشرع في تلك الحقبة الزمنية و المتعلقة بالأمر 74/26 المؤرخ في 02/02/1974 والمتعلق بالاحتياطات العقارية للبلدية، ممّا استدعى التدخل لتسوية هذه العقود إذ صدر منشور رئاسي مؤرخ في 30/06/1976 الذي جاء لتصحيح العقود العرفية الثابتة التاريخ قبل 05/03/1976 تاريخ العمل بقانون الاحتياطات العقارية. و لقد سنّ هذا المنشور إجراءات خاصة، فكلف المحاكم بإجراء التحقيق حول صحة البيوع ومدى توافر أركانها، لكنه لم يلق صدى أمام المحاكم كونه كان يحمل وجهة نظر الحكومة في تأويل الأمر 74/26، فضلا على أنّه تجاهل تماما الأمر70/91 المتعلق بالتوثيق، كما أنّه لم يحدد مدة لتصحيح البيوع العرفية.[5] وقد رفعت عدّة دعاوى بصحة البيوع أمام المحاكم، و نظرا لعدم رّد الثمن من قبل البائع أو ذوي حقوقه بسبب عسرهم، فقد لبّت بعض الجهات القضائية مثل هذه الدعاوى، على أن كون البيع وقع قبل 05 مارس 1974 تاريخ العمل بالأمر التشريعي و لكن على المحاكم أن تتحرى في الوقائع و أن تجري تحقيقا فيما إذا كان البيع أبرم قبل 05 مارس 1974 و تتوفر فيه جميع الشروط التي من بينها تسليم الشيء المبيع و دفع الثمن، ولا تصحح سوى البيوع التي أبرمت قبل نشر هذا الأمر (الرصيد العقاري للبلديات)، وأنّ الأحكام التي تصدر في هذا الشأن يجب أن تحترم الحدود التي فرضها المرسوم 76/28 المؤرخ في 07/02/1976 المحدد لكيفية تحديد الحاجيات العائلية لمالكي الأرض في ميدان البناء و تقوم مقام العقود الموثقة و تنتج آثارها بالنسبة للغير. وقد تدخل أيضا المشرع الجزائري مرة أخرى لتسوية العقود لعرفية بموجب قانون 85/01 المؤرخ في 13/08/1985 المتضمن قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها و حمايتها و خاصة أمام ما أثارته الفوضى الناجمة عن نقل الملكية العقارية بموجب المحررات العرفية فصدر المرسوم 85/212 المؤرخ في 18/08/1985 يحدد أوضاع الذين يشغلون فعلا أراضي عمومية أو خصوصية كانت محل عقود أو مباني غير مطابقة للقواعد المعمول بها و شروط إقرار حقوقهم في التملك و السكن، وإذا تعلق الحال بأراضي للبناء هي من نوع ملك خاص و كانت محل صفقات غير قانونية – فإنّ المادة 14 من الأمر 85/01 نصّت على أنّها " تدمج في الملك الخاص للبلدية و تحّول إليها دون (مصاريف و لا تعويضات) كلّ أراضي البناء التي نقلت ملكيتها قبل تاريخ نشر الأمر بين أناس أحياء خارقين بذلك الأحكام القانونية المعمول بها..........و تتخذ البلدية أي إجراء يستهدف تثبيت الذين يشغلون فعلا هذه الأراضي التي أدمجت على هذا النحو في حقوقهم الحيازية والسكنية عن طريق التنازل لهم عنها بعوض وبالتراضي........"[6] و من استقراء هذه المادة يتضح أن المشرع قد ادخل العقارات التي تمّ التصرف فيها بموجب عقود عرفية في مجموع العقارات التي تملكها البلدية، و منح لهذه الأخيرة حق التصرف فيها لحائزيها الحاملين لعقود عرفية شرط أن يكون العقد ثابت التاريخ بالتسجيل إلى تاريخ صدور هذا القانون. كما أعطي صلاحية التسوية للبلدية بتحريرها عقدا يتضمن محتوى العقد العرفي المسجل، و أشير بهذا الخصوص إلى أنّ البلديات قامت بتسوية العديد من الملفات و سلمت عقود إدارية مشهرة أو موضوعة لدى مصلحة الشهر العقاري للشاغلين الذين اشتروا عقارات بعقود عرفية، و في نفس الوقت أصدرت المحاكم أحكام بإبطال العقود العرفية و إعادة الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل البيع و بإخلاء المشترين للعقارات دون مراعاة العقود الإدارية التي حررت في إطار التسوية الإدارية. المطلب الثاني: شروط السند الرسمي و حجيته: الفرع الأول: تعريف السند الرسمي : لقد عرّف المشرع الجزائري المحرر الرسمي من خلال المادة 324 من القانون المدني قبل تعديلها كما يلي " الورقة الرسمية هي التي يثبت فيه موظف عام، أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، و ذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته و اختصاصه "، و لكن بعد التعديل بموجب قانون 88/14 المؤرخ في 03/05/1988 استبدل لفظ الورقة الرسمية بالعقد الرسمي الذي يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة، ما تمّ لديه، أو ما تلقاه من ذوي الشأن.....". و من خلال المادتين السابقتين، فإنّ المشرع الجزائري قد أضاف في التعديل شخص الضابط العمومي،و ذلك تماشيا مع التعديلات التي سنّها في مجال خوصصة بعض المهن كالتوثيق و لكن ما يعاب عليه أنّه كما سبق ذكره فقد استبدل مصطلح الورقة الرسمية بالعقد، وهو تعديل في غير محله إذ خرجت هذه الكلمة عن مفهومها الأصلي الذي يقصد به كل عمل قانوني يتم بتوافق الإرادتين بغض النظر عن وسيلة إثباته، مع العلم أنّ هناك بعض الأوراق الرسمية لها هذه الصبغة، وتكون أساسا لنقل الملكية العقارية دون أن تكون حررت وفقا لتطابق الإرادتين وهو ما سنتعرض إليه عند دراستنا لأنواع المحررات الرسمية، فيكون المشرع الجزائري بذلك قد جانب الصواب عند استعماله للفظ العقد في تعريف المحرر الرسمي و كان من الأجدر البقاء على المصطلح القديم "الورقة الرسمية " أو استعمال لفظ المحرر الرسمي لشموليته في معناه، وهو ما تبناه فعلا في القوانين الأخرى حيث أخذ بالسند في قانون الإجراءات المدنية وكذا بلفظ المحرر في قانون العقوبات.[7] الفرع الثاني:شروط صحة المحرر الرسمي: يتضح من المادة 324 المعدلة سنة 1988 أنّه ينبغي لصحة المحرر الرسمي توفر ثلاثة شروط أساسية: 1)الشرط الأول:صدور المحرر الرسمي من موظف، ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة: ويقصد به المعيار الشخصي، فالموظف هو كل شخص الذي تعينه الدولة للقيام بعمل من أعمالها في مجال معين، ويدخل ضمن هذا المفهوم القضاة عند تحرريهم للأحكام، و سائر الموظفين الإداريين الذين يباشرون أعمالهم في مختلف الإدارات العمومية، كمدير أملاك الدولة والوالي... علما أنّ الموظف العام في القانون الجزائري يخضع لقانون الوظيف العمومي وفقا للأمر66/133. فكل المحررات التي يصدرها هؤلاء الأشخاص هي محررات رسمية و صحيحة ما دامت صادرة في حدود اختصاصاتهم و وفقا لسلطاتهم، كمدير أملاك الدولة الذي يبرز دوره في نقل الملكية العقارية التابعة للدولة باعتباره موظف بمفهوم المادة و موثق للدولة. -أما الضابط العمومي فهو الشخص الذي يخول له القانون هذه الصفة بسبب المهنة كالموثق( المادة05 من قانون التوثيق) و المحضر القضائي وكذا المترجم، و لعل الدور الكبير في مجال نقل الملكية العقارية يعود للموثق الذي يكرس الشكلية الرسمية المستوجبة قانونا في كل التصرفات الناقلة للملكية العقارية لاسيما بين الأفراد، إذ هو مكلف بإعطاء الطابع الرسمي للعقود و اتفاقات الأطراف و يكون مسؤولا شخصيا عنها و يمارس هذه المهام بصفة مستقلة و في إطار مهنة حرّة. -الشخص المكلف بالخدمة العامة/ وهو الشخص الذي يخوله القانون هذه الصفة بسبب المهمة التي انتدب لها كالخبير مثلا، و رؤساء المجالس الشعبية المنتخبون، غير أنّ تمتع المحررات التي يصدرها هؤلاء الخبراء بالصفة الرسمية ليس محل إجماع من الفقه و لا سميا وأنّ المشرع من خلال قانون الإجراءات المدنية لم يعط لمحاضر هؤلاء قوة ثبوتية ملزمة للقضاة.[8] 2)الشرط الثاني:سلطة الموظف أو الضابط العمومي واختصاصه في إصدار السند الرسمي: و المقصود بالسلطة هي ولاية الموظف أو الضابط العمومي و أهليته في تحرير السند الرسمي التي يجب أن تكون قائمة وقت تحرير السند فلو قام موظف قبل تعيينه أو الضابط العمومي قبل أداء اليمين المقررة قانونا، أو بعد توقيفهما أو عزلهما عن العمل أو نقلهما، بتحرير سند رسمي فإنّه يكون باطلا وهو ما أشارت إليه المادة 10 من قانون التوثيق (88/27).[9] و بخصوص الأهلية فالأصل أن الموظف العام أو الضابط العمومي أهلا لتحرير جميع العقود التي تدخل ضمن اختصاصه، لكن هناك حالات من التنافي التي يحددها القانون يمتنع الموظف أو الضابط العمومي عن ممارسة المهام و يتركها لغيره و الأمثلة كثيرة – كالموثق الذي لا يجوز له تحرير بعض العقود رغم أنّها تدخل ضمن اختصاصه وهو ما نصت عليه المادة 16 من قانون التوثيق بالقول " لا يمكن أن يستلم الموثق قانونا " العقد الذي : * يكون فيه طرفا معينا أو مرخصا بأي صفة كانت * يتضمن تدابير لفائدته * يعين فيه شخصيا أو يكون فيه وكيلا أو متصرفا أو أية صفة أخرى كانت: - أحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب حتى الدرجة الرابعة - أحد أقاربه أو أصهاره تجمع مع أحدهم قرابة الحواشي( يدخل فيها ابن أخ مثلا) * أما عن اختصاص الموظف أو المكلف بخدمة عامة أو الضابط العمومي هو أن يكون : كل منهم مختص من الناحية الموضوعية بإصدار المحرر الذي يعود إليه أمر تحريره فمثلا عقود نقل الملكية العقارية بين الأفراد يتولى تحريرها الموثق حتى تحوز صفة الرسمية فلا يمكن تحريرها من طرف المحضر القضائي أو محافظ البيع للمزايدة رغم تمتعه بصفة الضابط العمومي. * فلا يتولى تحرير عقود نقل الملكية العقارية التي تكون الدولة طرفا فيها إلاّ مدير أملاك الدولة باعتباره موثقا لجميع عقودها،كما أنّ القاضي هو وحده المختص بإصدار الأحكام التي يمكن أن تكون محررا ناقلا للملكية العقارية، كما هو الحال بالنسبة للحكم المثبت للشفعة أو التملك عن طريق الحيازة. هذا إلى جانب الاختصاص المكاني أو المحلي و هو ما يطلق عليه غالبا بالاختصاص الإقليمي و يتحدد هذا الأخير بالنسبة لكل موظف عمومي في السلك الإداري في دائرة اختصاص الهيئة الإدارية التابع لها، فاختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي يمتد إلى إقليم البلدية، واختصاص مدير أملاك الدولة يمتد إلى كامل إقليم الولاية، و يعني هذا أن القانون قد حدد لكل موظف الاختصاص الإقليمي الخاص بمباشرة أعماله، و لا يجوز له أن يخرج عن هذا النطاق المحدد له قانونا، فتوجد على مستوى كل ولاية مديرية لأملاك الدولة و الشؤون العقارية، ويوجد على مستوى المفتشيات الفرعية للشؤون العقارية مكتب لتحرير العقود يسمى بمكتب العقود، و بالتالي يكون مدير أملاك الدولة مختصا محليا بتحرير المحررات الرسمية (العقود الإدارية) الناقلة للملكية العقارية بالنسبة للعقارات التابعة للاختصاص المكاني لتلك الولاية، والقاضي المختص مكانيا حسب ما هو محدد في قانون الإجراءات المدنية. أما عن الموثق فإنّ المشرع وفقا لقانون 88/27 المتعلق بتنظيم التوثيق لم يحدد له اختصاصا محليا و إنّما يمتد إلى كامل التراب الوطني لكن هذا لا يعني أنّ الموثق يباشر نشاطه في أي مكان شاء عبر الوطن،أو أن ينقل مكتبه إلى حيث شاء بل هو مقيد بالعمل في مكتبه و ثانيا بدائرة اختصاص المحكمة التي يوجد بها مكتب التوثيق الذي يباشر فيه عمله، وينصرف الاختصاص الوطني للموثق في صلاحيته لتلقي العقود المختلفة مهما كان موطن أو محل إقامة الأطراف أو مكان وجود الأموال سواء أكانت منقولة أو عقارية. الشرط الثالث: أن يراعى في تحرير السند الأوضاع التي قررها القانون: و يعني هذا أنّه يراعي في تحرير السندات الرسمية لبعض الشكليات التي نص عليها القانون و هذه الأخيرة هي التي تعكس قرينة الرسمية التي يتمتع بها المحرر، إذ تضفي عليه ظاهرا يدّل على صحته و يوحي بالثقة.[10] فالقاضي مثلا ملزم باحترام البيانات الواجب توافرها عند تحرير الأحكام و لاسيما تلك التي نصت عليها المادة 38 من قانون الإجراءات المدنية فمثلا لابد من الإشارة إلى أنّ الحكم قد صدر في جلسة علنية، مع ذكر أسماء و صفات الأطراف و موجز بأسانيدهم، بالإضافة إلى تاريخها و توقيع القاضي و كاتب الضبط. أما عن البيانات الواجب احترامها من طرف الموثق عند تحريره للعقود الناقلة للملكية العقارية بين الأفراد فقد استوجب المشرع من خلال المادة 18 من القانون رقم 88/27 المتضمن التوثيق، بعض الشكليات إذ نص " و في كل الحالات تحرر العقود باللغة العربية في نص واحد سهل قراءته و بدون اختصار أو بياض أو نقص أو كتابة بين الأسطر، و تكتب المبالغ و السنة و الشهر و اليوم، التوقيع على العقد بالحرف، و تكتب التواريخ الأخرى بالأرقام و يصادق على الإحالات في الهامش أو إلى أسفل الصفحات وعلى عدد الكلمات المشطوبة في العقد، بالتوقيع بالأحرف من قبل كلّ من الأطراف و الشهود و الموثق " و أضافت نفس المادة أنّ العقد يجب أن يتضمن اسم و لقب الموثق الذي يحرره و مكان و مقر إقامته، اسم و لقب و صفة و مسكن و تاريخ و محل ولادة الأطراف، اسم و لقب و صفة و مسكن الشهود، اسم ولقب ومسكن المترجم إذا اقتضى الأمر ذلك، المحل و السنة و الشهر و اليوم الذي أبرمت فيه العقود ووكالات المتعاقدين المصادق عليها من قبل الأطراف المعنية[11]و تبقى هذه الوكالات ملحقة بالأصل، و قراءة الموثق للنصوص للضرائب و التشريع الخاص المعمول به، هذا بالإضافة إلى ذكر طبيعة و مضمون و حدود العقار تطبيقا لأحكام المادة 352 من القانون المدني التي تمنح المشتري الحق في إبطال عقد البيع إذا لم يشتمل على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بيانا كافيا بحيث يمكن التعرف عليه. - كذلك ذكر أسماء المالكين السابقين و عند الإمكان صفة و تاريخ التحويلات المتتالية إعمالا بمقتضيات المادة 324 مكرر4 من القانون المدني و المادة 19 من قانون التوثيق. وهو نفس الأمر الذي أكدّه المرسوم 76/63 المتعلق بتأسيس السجل العقاري في مواده من 61 إلى 71 و هناك بعض النصوص التشريعية لا تكتفي بتحديد تلك العناصر و الشكليات، بل تحيل على تنظيم مهمته إصدار نماذج كاملة للسندات المرتبطة بالعقار، كما هو الحال في المرسوم التشريعي 93/03 المؤرخ في 01/03/1993 المتعلق بالنشاط العقاري، الذي تلاه صدور مرسومين تنفيذيين الأول متعلق بتحديد نموذج عقد البيع على تصاميم، و الثاني لنموذج عقد الإيجار. - و تنطبق هذه القاعدة بصفة عامة على العقود التي يخص بتحريرها كل من مدير أملاك الدولة و رئيس المجلس الشعبي البلدي، حيث تصدر جميع العقود التي يختصان بتحريرها في شكل نماذج موحدة بموجب نصوص تنظيمية، والأمثلة عن ذلك كثيرة نذكر منها نماذج عقد البيع في إطار الاحتياطات العقارية والعقد المرتبط بالتنازل عن أملاك الدولة. و أخيرا فإذا ما توفرت في المحرر الرسمي الشروط المستوجبة قانونا وفق ما سبق ذكره فإنّه يعتبر صحيحا و منتجا لكافة آثاره، وإذا ما وقع إخلال بأحد هذه الشروط فإنّ المحرر يصبح باطلا إلاّ أنّه ينبغي التمييز في هذا المقام فيما إذا كان المشرع يستوجب هذه الرسمية لمجرد الإثبات أم يجعلها ركنا في العقد أو التصرف القانوني و لاسيما ما يتعلق بالمحررات الرسمية الناقلة للملكية العقارية، و بناءا على ذلك: إذا كانت هذه الرسمية هي مجرد وسيلة للإثبات، فإنّ اختلال أحد الشروط كما في حالة صدور المحرر من ضابط عمومي غير مختص لا يؤدي إلى بطلان التصرف القانوني، الذي يبقى قائما إذ يمكن إثباته بوسائل الإثبات الأخرى حسب ما هو مقرر قانونا، لكن المحرر تنزع عنه صفة الرسمية و يصبح باطلا، غير أنّ المشرع في هذا السياق نصّ من خلال المادة 326 مكرر2 على " يعتبر العقد غير رسمي بسبب عدم كفاءة أو أهلية الضابط العمومي أو انعدام الشكل كمحرر عرفي إذا كان موقعا من قبل الأطراف "، فيمكن إذا للمحرر الرسمي الباطل أن يصبح له قيمة المحرر العرفي مادام موّقع من ذوي الشأن.[12] و لكن إذا كان المشرع يجعل من الرسمية ركنا في التصرف القانوني، كما في العقود الناقلة للملكية العقارية أو أي حق عيني عقاري فإن تخلّف أحد الشروط المستوجبة قانونا، في تحرير المحرر الرسمي تجعله في حكم العدم و ينصرف هذا الأثر كذلك إلى التصرف في حد ذاته الذي يعتبر كأن لم يكن، فلا يرتب أي أثر بخصوص نقل الحقوق العينية العقارية سواء أكانت أصلية أو تبعية، ومن ثمّ يمكن لكل طرف أن يطلب إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل العقد أو أن يطلب التعويض عن الأضرار.[13] الفرع الثالث: حجية المحرر الرسمي: إذا توفرت في المحرر الرسمي الشروط السالفة الذكر، اكتسب صفة الرسمية وأصبحت له ذاتية في الإثبات، بحيث يطلب ممن ينكرها أن يقيم الدليل على بطلانها و ليس له من طريقة لهذا الادعاء إلاّ الطعن بالتزوير، فالمحرر الرسمي قرينتان في مظهره، قرينة السلامة المادية و الأخرى بصدوره من الأشخاص الذين وقعوا عليه هم الموظف أو الضابط العمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة حتى يثبت تزويره أو بطلانه سواء أكانت هذه الحجية بالنسبة للمتعاقدين أو في مواجهة الغير.[14] أولا: حجية المحرر الرسمي بالنسبة لما دوّن فيه: -تنص المادة 324 مكرر 06 ف01 من القانون المدني " يعتبر العقد الرسمي حجة لمحتوى الاتفاق المبرم بين الأطراف المتعاقدة، وورثتهم و ذوي الشأن . وقد نص المشرع في المادة 324 مكرر5 " يعتبر ما ورد في العقد الرسمي حجة حتى يثبت تزويره، و يعتبر نافذا في كامل التراب الوطني ". و يتضح من هاتين المادتين أنّ المحرر الرسمي يعتبر حجة على صحة ما دوّن فيه و لا ينفي هذه الحجية إلاّ بإثبات تزويره، غير أنّ هذه الحجية تثبت ما قام به الموظف أو الضابط العمومي(الموثق) بنفسه، أو ما رآه بعيّنه في نطاق مهمته و اختصاصه، أما ما صدر من ذوي الشأن في غيبة الضابط العمومي و اقتصر دور هذا الأخير على تسجيله بناءا على تصريحاتهم فهذه البيانات لا تلحقها صفة الرسمية و يمكن إثبات عكسها بالطرق العادية، فهناك إذا نوعان من البيانات. أ – البيانات يكون فيها للسند الرسمي حجيته حتى يطعن فيه بالتزوير و تشمل كل البيانات التي دوّنها الضابط العمومي فيما وقع من ذوي الشأن بمحضره و تحت نظره، كحضور الأطراف و الشهود، و تأكد من هوية شخصية المتعاقدين إما بوثائق رسمية أو شهادة شاهدين تحت مسئوليته. دفع أو قبض الثمن إذا كان واجب الدفع بمعاينة و بين يدي الضابط العمومي، كذلك صدور السند من الضابط العمومي ببيان اسمه و لقبه و صفته و محل إقامته و توقيعه فمثل هذه البيانات لا تكون قابلة للطعن فيها إلاّ بالتزوير. ب– وتتمثل البيانات الثانية في تلك التي تكون خارجة عن مهمة الموثق كأن يصرح مثلا أن الشخص الماثل أمامه يتمتع بكامل قواه العقلية فإنّ ذلك لا يعد إلاّ كشهادة عادية يمكن دحضها بأي دليل باعتبارها واردة على لسان ذوي الشأن فلا تصل حجيتها إلى حد الطعن فيها بالتزوير. ثانيا:حجية المحرر الرسمي بالنسبة للأشخاص ( المتعاقدين- الغير) فحسب المادة 324 مكرر 5 و6 سالفتا الذكر يعتبر المحرر حجة على الأطراف المتعاقدة و على خلفائهم العامين و على بقية الأشخاص، و حجيته أيضا على بقية جميع الناس و إن كان المشرع المدني في المادة 324 مكرر6 قد نص "على أنّ يعتبر العقد الرسمي حجة لمحتوى الاتفاق المبرم بين الأطراف المتعاقدة وورثتهم و ذوي الشأن " فما جاء في المحور الرسمي يحتج به في مواجهة الأطراف و الغير جميعا، و لا يمكن نفي هذه الحجية إلاّ بطريق الطعن بالتزوير وهو ما نصت عليه المادة 324 مكرر6 فقرة 02 بقولها " غير أنّه في حالة شكوى بسبب تزوير في الأصل يوقف تنفيذ العقد محل الاحتجاج بتوجيه الاتهام وعند رفع دعوى فرعية بالتزوير، و يمكن للمحاكم حسب الظروف إيقاف تنفيذ العقد مؤقتا ". إذ الحجية التي يضفيها القانون على المحرر الرسمي بالنسبة للأطراف المتعاقدة هي نفس الحجية التي تتعلق بها اتجاه الغير، بمعنى أنّ كل شخص يمكن أن يسري في حقه التصرف القانوني الذي يثبته ذلك المحرر و يحتج به عليه.و لا يكون أمام هذا الغير الذي له مصلحة في إثبات عكس ما ورد فيها، إلاّ بالطعن بالتزوير وذلك بالنسبة للبيانات التي قام الموظف بتدوينها على أساس أنّه عاينها أو تحقق من صحتها بنفسه، أما مضمون البيانات الصادرة من ذوي الشأن و التي لم تكن محل معاينة أو تحقيق من طرف الموثق، فإنّه بإمكان الغير إثبات عكسها بجميع الطرق.[15] المطلب الثالث: موقف القضاء من قاعدة الرسمية: لقد عرف الاجتهاد القضائي في الجزائر مواقف متباينة في تفسير النصوص و تطبيقها كلما تعلق الأمر بمعاملات عقارية أبرمت بواسطة عقود عرفية، فرغم صراحة النصوص القانونية إلاّ أنّ المحكمة العليا في الكثير من الأحيان لم تسايرها بل تجاهلتها و أكدت صحة العقود العرفية، فانقسم القضاء بين فريق يرى ضرورة احترام نص المادة 12 من قانون التوثيق والمادة 324 مكرر1 مدني، وبين فريق من القضاة اعتبروا العقود الرسمية وسيلة للتعبير عن الإرادة و هو ما دعى إلى ضرورة انعقاد الغرف المجتمعة للمحكمة العليا طبقا لمقتضيات القانون رقم 89/22 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا و تنظيمها و تسييرها قصد اتخاذ موقف توحد به الاجتهاد القضائي. الفرع الأول: الموقف السابق للمحكمة العليا: لقد كانت المحكمة العليا تعطي في ظل الاجتهاد القضائي القديم للعقود العرفية حجية كاملة في عملية نقل الملكية، مؤيدة اتجاه المحاكم التي تقضي بصحة هذه العقود و إلزام البائع بالتوجه أمام الموثق لإتمام إجراءات البيع النهائي مع المشتري و في حالة امتناع المطلوب قام الحكم مقام العقد، فالرسمية لم تكن تعتبرها ركنا للانعقاد بل هي شرط للإثبات. إذ جاء في قرارها الصادر في 07/02/1990 تحت رقم 57930[16] أنّه " إذا كان عقد البيع الوارد على عقار قد تمّ بين لبائع و المشتري و كانت أركانه كاملة من حيث الرضا و المحل و الثمن و لم ينكر البائع ذلك، و لم ينازع في أركانه فإنّه يتعين على المحكمة إتمام النقص المتمثل في الرسمية، أما أن تلغي عقدا تام الأركان بسبب عدم احترامه لشكليات الرسمية فهذا مخالف للقانون ". و جاء في قرار الغرفة المدنية بالمحكمة العليا تحت رقم 61796 بتاريخ 1990/11/19 غير منشور "حيث كان على قضاة الموضوع مناقشة المادتين 351 و361 وليس المادة 12 من الأمر 70/91 غير القابلة للتطبيق في قضية الحال. و أن المشرع قد قصد فعلا تخصيص مكانة للعقد العرفي في العلاقات القانونية و يعد في نظر القانون مصدر التزامات بين الطرفين"[17]. وقد أكّد هذا الاتجاه قرار صادر عن نفس الغرفة بتاريخ 05/05/1995 تحت رقم 108/108 غير منشور ".. وأنّه بإحالة الطرفين أمام الموثق لإتمام إجراءات البيع النهائي فإنّ قضاة الموضوع طبقوا القانون تطبيقا سليما، و أنّه لا يمكن للمدعي الاحتجاج بخرق المادة 12 من الأمر 70/91 المؤرخ في 15/12/1970 التي جاءت في صالح الخزينة العمومية و الشهر العقاري فقط ". -وهناك فريق آخر يختلف عن ما ذهب إليه الفريق السابق و خاصة لما ذهب إليه في القرار الصادر في 21/10/1981 و آخر في 17/07/1982 (غير منشور) جاء فيها أنّ المحررات العرفية في شكل عقود عرفية هي وعد بالبيع و على هذا الأساس لا تسمح للمستفيد إلاّ المطالبة بإتمام الإجراءات أمام الموثق أو بالتعويض إذا لم يتحقق الاتفاق، إذ خلص القرار المؤرخ في 21 أكتوبر 1981 " بأنّ العقد العرفي لا يشكل إلاّ وعدا بالبيع و بإمكان المشتري المطالبة بتجسيد البيع في شكل عقد توثيقي، وأنّ حالة عدم التنفيذ لا تخول إلاّ الحصول على التعويضات المدنية ". و يتبين من خلال ما تقدم اختلاف الاجتهادين من حيث تفسير المادة 12 من قانون التوثيق و قد يرجع ذلك أساسا إلى محاولة القضاة الذين أخذوا بصحة المعاملات العرفية مجابهة التصرفات اليومية للمواطنين قصد تسويتها. وعلى عكس ذلك، فإن تطبيق المادة 324 مكرر1 من القانون المدني، والمادة 79 من القانون التجاري التي تقضي ببطلان العقد العرفي بطلانا مطلقا لكونه أبرم خرقا للمواد القانونية أعلاه كان مكرسا بموجب قرارات صادرة عن الغرفة التجارية و البحرية للمحكمة العليا، إلاّ أنّ بعض المجالس القضائية كانت تقضي بصحة تلك العقود العرفية و بصرف الأطراف المتنازعة أمام الموثق لإتمام إجراءات بيع المحل التجاري أو العقار بسند رسمي اعتمادا على القرارات الصادرة عن الغرفة المدنية للمحكمة العليا التي كانت تقرر صحة العقد العرفي مبررة ذلك: - أنّ البيع ينتج آثاره بمجرد تبادل الإيجاب والقبول و تحديد ثمن العين المبيعة - أنّ لمادتين 351 و361 من القانون المدني تلزمان البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري و الامتناع عن كل ما من شأنه أن يجعل نقل الملكية. -أنّ المادة 324 مكرر1 من القانون المدني جاءت في صالح الخزينة العمومية. -أنّ الاحتكار الذي كان ممنوحا لصالح البلديات فيما يخص المعاملات العقارية في المجال الحضري بموجب الأمر 74/26 المتعلق بالاحتياطيات العقارية للبلدية الملغى بموجب قانون التوجيه العقاري، الذي كان يستثني الأراضي المعدة للبناء التي تقع داخل المنطقة العمرانية من التداول بين الأشخاص إلاّ لصالح البلدية، مقابل ثمن يتم تقويمه من قبل مصالح أملاك الدولة،و هو الذي جعل المواطنين يلتجئون إلى المعاملات العرفية، و ما جعل المحكمة العليا تتماشى مع هذا الواقع الاجتماعي و تتعاطف مع المتقاضين، و ربما أيضا لعدم اقتناع قضاة المحكمة العليا بالقيود الشديدة التي فرضها هذا القانون. ونظرا لهذا التباين في قرارات المحكمة العليا و الإشكالات الناتجة عن تطبيق القواعد القانونية بخصوص الرسمية، فإنّ ذلك قد استدعى انعقاد الغرف المجتمعة بالمحكمة العليا للنظر فيه و ذلك بمناسبة عرض الملف رقم 136156 المؤرخ في 18/02/1997. الفرع الثاني: موقف القضاء الحديث: أمام تضارب الاجتهادات القضائية فيما يخص صحة العقود العرفية، أصدرت المحكمة العليا بهيئة الغرف المجتمعة قرار رقم 136156 المؤرخ في 18/02/1997 في قضية بن عودة أحمد ضد عريس حميد يؤكد على ضرورة احترام نص المادة 324 مكرر1 سيما ركن الرسمية لصحة العقود، بل أكثر من ذلك يتعين إعادة الأطراف إلى الحالة كانوا عليها قبل إبرام العقد العرفي. - فتمّ التأكيد على الرسمية من خلال الردّ على الوجه الوحيد المثار و المأخوذ من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، بدعوى أنّ عملية بيع المحل التجاري تخضع لأحكام المادتين 79 من القانون التجاري و المادة 324 مكرر1 من القانون المدني وأنّه يجب اثباته بعقد رسمي تحت طائلة البطلان، إلاّ أنّ القرار المنتقد رفض الدفع الخاص ببطلان العقد العرفي و قضي بصحته و جاء في حيثياته:: " حيث أنّه يتبين من القرار المطعون فيه أنّ قضاة الاستئناف اعتبروا أنّ العقد العرفي المحرر بتاريخ 22/08/1988 بين......المتضمن بيع قاعدة تجارية .....عقد صحيح مكتمل الشروط الخاصة بوصف المبيع وتحديد الثمن و يترتب عليه التزامات شخصية و نتيجة لذلك قضوا بصرف الطرفين أمام الموثق. -وحيث أنّ قضاءهم هذا، يخرق أحكام المادة 79 من القانون التجاري و المادة 324 مكرر1 مدني لكونهما يشترطان في كل بيع محل تجاري تحرير عقد رسمي......و إلاّ كان باطلا ". و ضمن هذه الظروف فإنّه يتعين على قضاة الموضوع أن يقضوا ببطلان العقد العرفي المتعلق ببيع القاعدة التجارية و أن يأمروا بإرجاع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل إبرام العقد.....و بما أنّ القرار لم يراع القواعد القانونية المبينة أعلاه فإنّه يستحق النقض " و من خلال القرار المعروض، نلاحظ بأنّ المحكمة العليا قد عدلت قراراها و اجتهاداتها بخصوص صحة هذه العقود العرفية و بهذا تكون قد طبقت القانون تطبيقا حرفيا، و الذي يستدعي إفراغ العقد الذي يتضمن نقل ملكية العقارية أو الحقوق العقارية أو محلات تجارية أو صناعية في الشكل الرسمي. و لقد تمّ التأكيد على الرسمية مؤخرا في قرارين صادرين عن مجلس الدولة الأول بتاريخ 14/02/2000 تحت رقم 186443، و الثاني بتاريخ 26/04/2000 تحت رقم 210419 ( غير منشورين)، و جاء في القرار الأخير " أنّ المادة 324 مكرر1 مدني توجب تحرير العقود الناقلة للملكية العقارية في الشكل الرسمي، مع دفع الثمن للموثق، و أنّ الرسالة المحتّج بها و العقد العرفي لا تعد عقد بيع من جهة، و من جهة أخرى لا يمكن الاستجابة لطلب المستأنفين الرامي إلى توجيه أوامر للإدارة (و المتمثلة في إتمام إجراءات البيع و الشهر للعقد...." [18]. و ما تجدر الإشارة إليه أنّ الحل القانوني الذي أعطته الغرف المجتمعة يتعلق بمدى حجية العقود العرفية التي تتضمن بيع المحلات التجارية، لكن يمكن توسيع نطاق هذا القرار ليشمل أيضا جميع المعاملات الواردة في صلب المادة 324 مكرر1 مدني خاصة تلك المتعلقة ببيع العقارات المبنية و غير المبنية. فخلاصة القول أنّ قرار 18/02/1997 جاء في الوقت المناسب لكي يوحد الاجتهاد القضائي في نقطة قانونية حساسة وللتأكيد على ضرورة التطبيق السليم للقانون و يعتبر خطوة جديدة لتعزيز دولة القانون، لكونه يفرض على المواطنين احترام الشكل الرسمي في المعاملات العقارية حفاظا على حقوقهم و حقوق الدولة التي حرمت فترة من الزمن من إيرادات هامة.[19] المبحث الثاني:أنواع السندات الرسمية الناقلة للملكية العقارية: إنّ السندات الناقلة للملكية العقارية و الحقوق العينية العقارية تختلف باختلاف الجهة المختصة بإصدارها، فهناك العقود التوثيقية التي يتولى تحريرها الموثق و هناك العقود و القرارات الإدارية و تختلف بدورها باختلاف الجهة التي تصدرها بالإضافة إلى الأحكام و القرارات القضائية التي تكرس اتفاقات ترتب نقل الملكية العقارية أو تعديلها أو أي عقد عيني عقاري آخر، فهذه السندات هي التي ينبغي الاعتماد عليها من طرف القضاة و مسيري مصالح مسح الأراضي، و مصالح أملاك الدولة و الشهر العقاري في إثبات الملكية العقارية، لذلك سنحاول في هذا المبحث التعرض إلى كلّ نوع من العقود أو المحررات السالفة، مع إثارة كل الإشكاليات القانونية التي تنطوي عليها. المطلب الأول: السندات التوثيقية : بعد صدور قانون رقم 88/27 المتضمن مهنة التوثيق و الذي ألغى الأمر السابق 70/91 ، اعتمد التوثيق كمهنة حرة وفقا لما جاء في المادة 03 الفقرة 01 منه، التي نصت على " يسند مكتب عمومي للتوثيق إلى موثق يتولى تسييره كمهنة حرة و لحسابه الخاص و تحت مسؤوليته " و أعطت المادة 05 منه صفة الضابط العمومي للموثق[20]. و لعل أهم المهام المناطة بهذا الأخير هي إضفاء الصبغة الرسمية على كل المحررات المتضمنة لتصرفات قانونية واردة على العقار، فيمكن تصنيفها في نوعين من العقود و هي العقود الرسمية و العقود التصريحية. الفرع الأول: العقود الرسمية: و يندرج ضمن هذا العنوان جميع العقود الصادرة بإرادتين و كذا التصرفات القانونية الصادرة بالإرادة المنفردة. أولا: العقود الصادرة بإرادتين: حتى تكون هذه الأخيرة مصدرا لنقل الملكية العقارية، فإنّه يستوجب فيها تطابق الإرادتين من إيجاب و قبول و كذا الشروط المفروضة قانونا من الشكل الرسمي الذي يعتبر ركنا للانعقاد زيادة لشرط الشهر الذي بدونه لا تنتقل الملكية العقارية، وقد أشار إليها الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري في كتابه - الوسيط في شرح القانون المدني- و لاسيما الجزء الخاص بأسباب كسب الملكية حين تعرض للعقود الناقلة لحق عيني عقاري اصلي و على رأس هذه الحقوق العينية العقارية الأصلية حق الملكية في العقار، و على رأس العقود الناقلة للملكية، عقد بيع العقار.[21] 1)عقد البيع: يعد عقد البيع من أهم السندات التوثيقية المثبتة للملكية العقارية[22]فهو العقد الذي بموجبه يلتزم البائع بأن ينقل للمشتري ملكية العقار سواء أكان مبني أو غير مبني إلى المشتري مقابل ثمن نقدي يدفع خمسه أمام مرأى الموثق[23]و حتى تصح عقود البيع الواردة على العقار أو الحقوق العقارية، يجب تدخل الموثق حتى يضفي على إرادة كل من البائع و المشتري الصبغة الرسمية و إلاّ كان العقد باطلا بطلانا مطلقا و هو ما نصت عليه المادة324 مكرر1 من القانون المدني والمقصود بالبطلان هنا هو البطلان المطلق لتخلف ركن الشكلية. هذا و لم يكتف المشرع الجزائري باشتراط الرسمية في العقود الواردة على العقارات كالبيع بل ذهب أبعد من ذلك حيث تدخل في تنظيم شكل العقد بذاته إذ نص على ضرورة احتواء العقد على عناصر و معلومات لابد من ذكرها في صلب العقد التوثيقي و لا يجوز مخالفتها في جميع العقود المنصبة على العقارات، كالبيع و الهبة و المبادلة و القسمة، لاسيما منها المتعلقة بالهوية الكاملة لأطراف العقد و التعيين الدقيق للمحل و إيداع الثمن بين يدي الموثق بالنسبة لعقد البيع. -ومن أهم المنازعات القضائية التي ثارت بشأن هذا النوع من البيوع العقارية: أ)-تحرير عقد البيع أثناء تنفيذ العقوبة الجنائية: إذ أنّ هذه الأخيرة تضع المحكوم عليه تحت الوصاية القانونية و تمنعه من التصرف في أملاكه طيلة مدة عقوبته و هو ما نصت عليه المادة 78 من القانون المدني " على أنّ كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون " و من ثمّ فالشخص الذي يحد من أهليته للتعاقد بحكم القانون وفقا للمواد 4-6-7 من قانون العقوبات يصبح محجورا عليه بقوة القانون، ولا يصح له التصرف في ملكيته لا لكونه ناقص الأهلية و إنّما لوقوع الحجر عليه بحكم القانون، فإذا قام بإبرام عقد توثيقي يتضمن بيع لأحد ممتلكاته كان تصرفه باطلا مطلقا ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك به[24] و هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها رقم 43.476 المؤرخ في 29/06/1986 مجلة قضائية عدد 1 لسنة1993.[25] ب) – تحرير عقد البيع دون ذكر أصل الملكية: لقد اشترط المشرع الجزائري في المادة 324 مكرر 4 من القانون المدني على الموثق ذكر أصل ملكية العقار محل المعاملة وذلك بتبيان أسماء المالكين السابقين وعند الإمكان صفة و تاريخ التحويلات المتتالية من أجل تجنب الوقوع في تصرف ملك الغير. لكن الأشكال الذي طرح في الحياة العملية كان بخصوص التكييف القانوني للعقود التوثيقية التي تبرم بمناسبة عملية بيع العقار بدون ذكر أصل الملكية؟ و في هذا الصدد، فإنّ الموثق يعفى من الإشارة إلى أصل الملكية بمناسبة إعداد العقود التوثيقية التالية: -عقود الشهرة المنشأة بموجب المرسوم رقم 83/352 -عقود إيداع العقود العرفية الثابتة التاريخ قبل 01 جانفي 1971 -عقود التنازل المحررة في إطار أحكام القانون رقم 81-01 المؤرخ في07/02/1981 المعدل و المتمم المتضمن التنازل عن الأملاك العقارية التابعة للقطاع العام[26]. 2/ عقد المبادلة (المقايضة): و هو العقد الذي يلتزم بموجب كل من المتعاقدين أن ينقل للآخر على سبيل التبادل ملكية مال ليس من النقود و هو ما ورد في نص المادة 413 من القانون المدني، فإذا كان عقد المقايضة منصّب على عقار أو عقارين، كتبادل شقة مقابل شقة، فإنّ الأحكام المتعلقة بالبيع تسري عليه إذ لابد من توافر الشكلية الرسمية كركن رابع إلى جانب الرضا و المحل والسبب. -إنّ الكثير من عقود مبادلة العقارات التي تقدم للمناقشة أمام المحاكم، ترد في شكل عرفي خاصة بالنسبة الأراضي الزراعية في المناطق الريفية، لكن أغلبية المحاكم تتصدى لها بالرفض و هي محقة في ذلك لعدم إفراغها في القالب الرسمي و ذلك تأسيسا على نص المادة 415 من القانون المدني التي أكدت على أنّه " تسري أحكام عقد البيع على عقد المبادلة " ومن ثمّ فإنّه يتوجب إفراغ عقد المقايضة في الشكل الرسمي و شهره بالمحافظة العقارية. 3/ عقد الهبة: و الهبة هي عقد يبرم بين شخص يسمى الواهب الذي يتبرع بماله لشخص آخر يسمى الموهوب له بدون مقابل، وقد عرّفه المشرع الجزائري في المادة 206 من قانون الأسرة بنصها " تنعقد الهبة بالإيجاب و القبول،و تتم الحيازة مع مراعاة أحكام قانون التوثيق بالنسبة للعقارات و الإجراءات الإدارية الخاصة ببعض المنقولات " و من ثمّ فإنّ عقد الهبة المنصب على عقار يجب أن يخضع للشكلية الرسمية المنصوص عليها في المادة 324 مكرر1 مدني و الشهر المفروض قانونا لنقل الملكية العقارية، كما أنّ المادة 206 أكدت على أن الحيازة ركنا في عقد الهبة، و هو ما يجعلنا نعرج على بعض الإشكاليات التي يطرحها مثل هذا العقد في الحياة العملية. هبة ملكية الرقبة دون حق الانتفاع: قد يلتمس بعض المواطنين من الموثق إبرام عقد هبة في عقار معين، إلاّ أنّهم يشترطون الاحتفاظ بحق الانتفاع طيلة حياتهم خوفا بما يعود عليهم هذا التصرف من ضرر بسبب إقدامهم على التخلي عن أملاكهم بدون مقابل لفائدة الغير،و عليه فمن باب الاحتراز يلتمسون من الموثق إدراج هذا الشرط ضمن العقد. لحل هذا الإشكال لابد من الرجوع إلى نص المادة 206 السالفة الذكر التي تجعل من الحيازة ركنا في عقد الهبة، و من ثمّ فإنّ الشخص الذي يقدم على إبرام مثل هذا العقد، و يحتفظ لنفسه بحق الانتفاع بالعقار يعتبر تصرفه كهبة باطلا، وهو ما أكدته فعلا المادة 777 مدني التي اعتبرت هذا التصرف وصية و تجري عليه أحكامه إذا ما تصرف شخص لأحد ورثته و استثنى لنفسه حيازة الشيء المتصرف فيه و الانتفاع به مدة حياته، ذلك أن عقد الهبة ينقل الملكية بشقيها من ملكية الرقبة و حق التمتع[27] -. وهو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر في 05/03/1990 تحت رقم 29240 مجلة قضائية 1992 عدد 3[28] "من المقرر قانونا أنّه يعتبر التصرف وصية و تجري عليه أحكامها إذا تصرف الشخص لأحد ورثته واستثنى لنفسه بطريقة ما حيازة الشيء المتصرف فيه و الانتفاع به مدة حياته، ما لم يكن هناك دليل يخالف ذلك ........ -و لما كان ثابتا في قضية الحال أنّ قضاة الاستئناف لما قضوا ببطلان عقد الهبة، وعدم تنفيذ التصرف باعتباره وصية لوارث يكونون بقضائهم كما فعلوا طبقوا القانون تطبيقا صحيحا "[29]. و الحيازة في الهبة ركن أساسي و بدونها لا ينعقد العقد و هو ما أكدته المحكمة العليا أيضا، إذ جاء في القرار رقم 25554 المؤرخ في 11/01/1982 الصادر في نشرة القضاة العدد 04 ص 225 " يجب نقض القرار الذي صحح عقد هبة لم تتم الحيازة فيها، هذه الحيازة التي هي شرط تمام العقد، قال الإمام مالك رحمه الله، " لابد من الحيازة في المسكون و الملبوس فإن كان مسكنا خرج منها " ، و كاستثناء أجاز المشرع بأن يكون حق الانتفاع محلا لعقد هبة بمفرده وذلك طبقا للمادة 205 من قانون الأسرة، فإذا كانت منصبة على هذا الحق الانتفاع أي المالك يحتفظ بملكية الرقبة فهي صحيحة قانونا. كذلك من بين الإشكالات التي تطرح، تتعلق بما مدى جواز تحرير عقد الوعد بالهبة، فهناك من يرى بأنّه يجوز ذلك، وخاصة أمام انعدام نص قانوني يمنع ذلك و هو رأي يجانب الصواب كون أنّ العقد المتضمن الوعد بالهبة لا يتوفر فيه ركن الحيازة المادية المتطلبة قانونا، و من ثمّ فإنّه لا يجوز إبرام مثل هذا العقد. ثانيا/التصرفات القانونية الصادرة بالإرادة المنفردة: و هي تشمل: 1) الوصية: عالج المشرع موضوع الوصية في الفصل الأول من الكتاب الرابع من قانون الأسرة بنصه على أنّ الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع و تكون في حدود ثلث التركة إلاّ إذا أجاز الورثة ما زاد عن ذلك. و نصّت كذلك المادة 92 ف 02 مدني على " غير أنّ التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطل و لو كان برضاه، إلاّ في الأحوال المنصوص عليها في القانون" فهذه المادة تضمنت مبدأ عاما و هو عدم جواز التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة ، غير أنّ هذا المبدأ يرد عليه استثناء وهو التصرف القانوني المتضمن الوصية إذ هي تصرف مضاف إلى ما بعد الموت، يصدر من جانب واحد هو الموصى فإذا وقعت على العقار نقلت ملكية هذا الأخير من الموصى إلى الموصى إليه بعد الموت. كما أن للموصي حق الرجوع في الوصية قبل وفاته، و للموصى له أن يقبل الوصية بعد وفاة الموصى أو يرفضها فإذا قبلها بعد وفاة هذا الأخير أمكن أن يكسب الحق الموصى به، أما إذا رفضها عاد المال الموصى به إلى التركة و وزع على الورثة. - والوصية المتضمنة نقل ملكية عقار أو حق عيني آخر و باعتبارها من العقود الاحتفالية كعقد الزواج و الوقف يشترط فيها شهود العدل لينعقد العقد و يسمون بشهود الانعقاد بخلاف شهود الإثبات الذين يجوز أن يكونوا من أقارب و أصهار طرفي العقد، كما يتوجب تحريرها تحت طائلة البطلان في الشكل الرسمي طبقا لنص المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني، وهو ما أكدته المحكمة العليا في القرار رقم 160350 المؤرخ في 23/12/1997 مجلة الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص سنة 2001 "تثبت الوصية بتصريح الموصى أمام الموثق وتحرير عقد بذلك وفي حالة وجود مانع قاهر تثبت بحكم وتؤشر به على هامش أصل الملكية،و من ثم فإن قضاة الموضوع بقضائهم، باستبعاد الوصية الشفوية لسبب عدم التصريح بها أمام الموثق طبقوا القانون"و من بين الإشكالات القانونية التي تثار بشأن الوصية: أ-تحرير عقد الوصية بدون حضور شاهدي عدل: الوصية هي من العقود الاحتفالية التي أخضعها المشرع لإجراءات خاصة ميزها عن باقي العقود التوثيقية الأخرى. فمن الإجراءات الشكلية الهامة الواجب احترامها من طرف الموثق عند تحرير الوصية هي مسألة الشهود و المقصود بهم شهود العدل لا الإثبات و يشترط فيهم الأهلية و لا صالح لهما في الوصية، و لا تربطهما بالموثق أو المتعاقدين صلة القرابة أو المصاهرة، و الحكمة من وراء ذلك تتجلى في فرضية احتمال قيام مصلحة لهما في الوصية أو تواطىء، و من ثمّ ففي رأينا أنّ الوصية المحررة بحضور شاهدين من أقرباء أو أصهار طرفي العقد تكون باطلة لعدة أسباب. -المادة 16 ف 2 من قانون 88/27 المتضمن مهنة التوثيق " يستطيع أقارب وأصهار الأطراف المتعاقدين أن يكونوا شهود إثبات " فبمفهوم المخالفة فإنّه لا يمكن لهم أن يكونوا شهود عقد ( شهود عدل)، بل شهود إثبات (تعريف) كما أشارت إليه المادة، لهذا نجد بعض الموثقين يلجئون إلى تحرير الوصية بحضور أربعة شهود، شاهدي إثبات قد يكونون من أقارب الأطراف المتعاقدة، و شاهدي عدل من غير أقربائهم. -السبب الثاني ورد في المادة 324 مكرر3 من القانون المدني التي نصت على أنه " يتلقى الضابط العمومي تحت طائلة البطلان العقود الرسمية، و يقصد بها العقود الاحتفالية حسب النص الفرنسي( les actes solennels ) بحضور شاهدي عقد، و بالتالي فتحرير الوصية من دون احترم الشكليات المقررة في المادة 324 مكرر3 مدني و المادة 16/02 من قانون التوثيق تنزع الرسمية من العقد. 2/ الوقف: عرّفته المادة 213 من قانون الأسرة بنصها " الوقف حبس المال عن التملك لأي شخص على وجه التأبيد والتصديق " وقد عرفه القانون 91/10 المؤرخ في 27/04/1991 المتعلق بالأوقاف في المادة 03 منه " الوقف هو حبس العين عن التملك على وجه التأبيد و التصدق بالمنفعة على الفقراء، أو على وجه من وجوه البرّ و الخير "، و يستمد الوقف مشروعيته من حادثة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ كانت له أرض بجير فقال لرسول الله صلى الله عليه و سلم، إنّي أصبت أرضا بخبير ليس لدي أحّب منها، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم حبس أصلها وتصدق بثمرها لا يباع و لا يورث ولا يوهب، فتصدق بها عمر رضي الله عنه على الفقراء و المساكين.[30] إن المشرع الجزائري في مسألة الوقف نهل من عدّة مذاهب فقهية، فطبقا للمادة 03 من قانون الأوقاف يكون الوقف مؤبد، وكذلك المادة 28 من نفس القانون تنص على أن الوقف المحدد بمدة باطل وهو تأكيد للتأبيد خلافا للمذهب المالكي الذي يقول بجواز أن يكون الوقف مؤقتا. و يعتبر الوقف عقد تبرع صادر عن إرادة منفردة و يشترط فيه الشكلية أمام الموثق طبقا للمادتين 4-41 من قانون الأوقاف إذ نصّت المادة 41 على أنّه " يجب على الواقف أن يقيد الوقف يعقد لدى الموثق و أن يشهره لدى المصالح المكلفة بالتسجيل العقاري، الملزمة بتقديم إثبات له بذلك و إحالة نسخة منه على السلطة المكلفة بالأوقاف"[31] إذا فالوقف هو تصرف قانوني بالإرادة المنفردة يصدر بالإيجاب فقط وفقا للمادة 13 من نفس القانون التي تشير على أنّ الوقف الخاص يتحول إلى عام إذا لم يقبله الموقوف عليه فلا يشترط إذا القبول بالنسبة للوقف العام، كما أنه لا يجوز التصرف فيه لا بالبيع ولا بالهبة و لا ينتقل بالميراث، وهو ما أكدته المحكمة العليا أيضا في قرارها الأول تحت رقم 109957 المؤرخ في 30/03/1994[32]و الثاني المؤرخ في 16/07/1997[33] تحت رقم 157310 . إلاّ أنّه استثناءا يجوز التصرف فيه طبقا للمادة 21 من القانون التي تجيز استبداله بغيره في حالة تعرض العين الموقوفة للضياع أو الاندثار، أو فقدان منفعتها عن طريق المقايضة أو بيع الشيء الموقوف و شراء آخر محله، أي تعويضه بعقار يكون مماثلا له أو أفضل منه. -ومن بين المسائل التي هي مطروحة على مستوى جداول المحاكم بخصوص الوقف هي المتعلقة بمدى جواز تحرير عقود شهرة على عقارات محبسة استنادا إلى المرسوم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 الذي يسن إجراء إثبات التقادم المكسب و إعداد عقد الشهرة، المتضمن الاعتراف بالملكية، فكان موقف المحكمة العليا حول هذه المسألة هو عدم جواز ذلك و ذلك في قرارها تحت رقم 310-157 المؤرخ في 16/07/1997 المجلة القضائية لسنة 1997 عدد 1 ص 34 " من المقرر شرعا و قانونا أن العين المحبسة لا يجوز التصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية سواء بالبيع أو بالهبة أو بغير هما و ليس للمحبس إلاّ حق الانتفاع....". الفرع الثاني:العقود التصريحية ويقصد فيها تلك العقود التي يقتصر فيها دور الموثق على إستقبال تصريح من قبل الطالب ويحرر بشأنه عقد في قالب رسمي ، متى كان هذا التصريح غير مخالف للقانون ،ولعل أهم هذه العقود "عقد الشهرة المستحدث بموجب المرسوم رقم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 من اجل إثبات حق الملكية العقارية، المكتسب عن طريق التقادم وفقا للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 827 مدني ، شريطة أن تكون ملكية خاصة، إذ لا يجوز الإحتجاج بالتقادم المكتسب ضد الأملاك الوطنية ، وأن تقع في إقليم بلدية لم يتم فيها إتمام عملية المسح وفقا للأمر 75/74 . فعقد الشهرة هو عقد مكرس و مثبت للملكية العقارية و لا يندرج ضمن السندات الناقلة لها العقارية، لذلك إرتأينا الإشارة إليه فقط ، بإعتباره من السندات الرسمية الخاضعة للإشهار العقاري .فبموجب المرسوم السابق ولاسيما المادة01 منه فإنها تسمح للحائز بأن يحصل وبعد تقديم ما يثبت حيازته على عقد الشهرة يتضمن الإعتراف له بالملكية العقارية، لكن هذه الأخيرة لا تنتقل إليه إلا بعد إتمام إجراءات الشهر العقاري وهو ما نصت عليه المادة 07 من المرسوم 83/352 ، فالموثق بعد أن يتأكد من صحة المعلومات و الوثائق المقدمة له ، وعدم وجود أي إعتراض ، يقوم تحرير عقد الشهرة في نسختين ، يحتفظ بالأصل الذي يوقع عليه هو والمعني و الشاهدين ،ويسلم النسخة الثانية للمعني بالأمر بعد إتمام إجراءات التسجيل و الإشهار . ونفس الأمر بالنسبة للشهادة التوثيقية التي نصت عليها المادة 15/ف02 من الأمر 75/74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري و المادة 39 و 91 من المرسوم التطبيقي 76/63 المتعلق بتأسيس السجل العقاري الذي رتبت على الوفاة بإعتبارها واقعة مادية ، إنتقال الملكية العقارية إلى الورثة بقوة القانون ، وإستحدث الشهادة التوثيقية المحررة من طرف الموثق كوسيلة فنية لإثبات انتقال هذه الملكية بعد إشهارها في مجموعة البطاقات العقارية . المطلب الثاني : السندات الإدارية و يقصد بالسندات الإدارية تلك المحررات التي تتولى تحريرها الإدارة العمومية بمناسبة التصرف في ملكيتها العقارية لفائدة الغير ، و المحررات الإدارية الناقلة للملكية العقارية هي نوعان – عقود إدارية و قررات إدارية – الفرع الأول : العقود الإدارية وهي تأتي بخصوص التصرف في الملكية العقارية الملحقة بالأملاك الوطنية على شكل إتفاقية أو إتفاق يبرم بين مدير مصالح أملاك الدولة المختص إقليميا و المستفيد من العقار المراد إكتسابه ، و قد عرفت الجزائر هذا النوع من السندات خلال فترة الإحتلال الفرنسي و إستمر العمل بها بعد الإستقلال لاسيما بعد صدور قانون 81/01 المؤرخ في 7/02/1981 المتضمن التنازل عن الأملاك العقارية ذات الإستعمال السكني و المهني و التجاري أو الحرفي التابعة للدولة أو الجماعات المحلية الذي تلته بعد ذلك سلسلة هائلة من النصوص القانونية و التنظيمية لتنظيم هذه العقود، وهذا لإعتبار أن الدولة هي أكبر مالك عقاري، و أن عرض الملكية الخاصة لا يلبي حاجيات السوق[34]و أهم هذه العقود: 1-عقود التنازل عن القطع الأرضية بمقتضى الأمر 74/26 المؤرخ 20/02/74 المتضمن إنشاء إحتياطات عقارية للبلديات 2-عقود التنازل المحررة طبقا لقانون 81/01 المؤرخ في 07/02/1981 المتضمن التنازل عن الأملاك العقارية ذات الإستعمال السكني أو المهني أو الحرفي ، التجاري التابعة للدولة و الجماعات المحلية و مكاتب الترقية و التسير العقاري و المؤسسات و الهيئات والأجهزة العمومية .[35] وقد حدد هذا القانون أنواع العقارات القابلة للتنازل عليها ، و شروط التنازل للمستفدين بها وكيفيات تقويم قيمة الأملاك و و الإجراءات الواجب إتباعها في دراسة طلبات الشاغلين للعقارات ، من طرف لجان أنشأت لهذا الغرض على مستوى الدائرة و الولاية و على المستوى الوطني وتحرير عقود للمستفدين . -فالتنازل يتم بموجب "عقد إداري "تحرره مصلحة أملاك الدولة و الشؤن العقارية للولاية و هو معفى من كل الرسوم و الحقوق إن قانون 81/01 قد تناول تحديد الأملاك العقارية القابلة للتنازل بموجب نص المادة 02 منه بحسب طبيعتها و خاصيتها و مصدرها بمعنى جميع الأملاك العقارية التابعة للقطاع العام المشغلة قبل الفاتح جانفي 81 وكذا شروط التنازل عليها، ثم استثنت المادة 03 منه العقارات التي لا يجوز التنازل عنها و هي 10 أصناف و الصنف أكثر طعن في شرعية التنازل عنه لصالح الغير هو الصنف الخامس المتعلق بالمساكن الوظيفية وتلك التي هي ممنوحة لصالح ولضرورة الخدمة إلى جانب الصنف التاسع المتعلق بالمباني المرتبطة بمزارع القطاع الاشتراكي الفلاحي . -لكن ما يهمنا هو أنه إذا قوبل طلب المواطن المتضمن التنازل عن الذمة العقارية الإيجارية التابعة للقطاع العمومي بالرفض ، فعلى الإدارة تسبيب ذلك سواء بعدم توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 02 من القانون رقم 81/01 والتي أهمها أن يكون الأشخاص الطبيعيون ذو الجنسية الجزائرية ومتمتعون بصفة المستأجر الشرعي و مستوفون لالتزاماتهم الايجارية عند تاريخ التنازل و يشغلون الأماكن بصفة دائمة، هذا بالنسبة للمحلات السكنية . -أما بالنسبة للمحلات ذات الإستعمال التجاري و الحرفي أو المهني فإنه يمكن الترشح لإكتسابها، الأشخاص الطبيعيون ذوو الجنسية الجزائرية وكذا شركات الأشخاص أو الشركات التجارية الخاضعة للقانون الخاص .. والتي يحمل كل الشركاء فيها الجنسية الجزائرية و يثبتون أنهم المستأجرون الشرعيون[36]وأنهم مستوفون لالتزاماتهم الإيجارية ويمارسون نشاطهم في هذه الأماكن. كما لا يجوز للمترشح للاكتساب أن يكسب أكثر من محل سكني أو مهني أو تجاري أو حرفي على المستوى الوطني .وهو ما أكدته المحكمة العليا في قرارها رقم 137821 المؤرخ/13 04/1997 "منشور "[37] - ثم بين القانون 81/01 المعدل و المتمم بقانون 86/03 المؤرخ 04/02/ 1986 في المادة 10 و 11 الأجهزة المكلفة بعملية التنازل وهي 03 لجان : - لجنة البلدية في ظل قانون81/01 وكانت تسمى بلجنة الدائرة ثم استبدلت تسميتها بلجنة ما بين البلديات بموجب المادة 09 من قانون 86/03 السابق . - اللجنة الولائية يرأسها الوالي وتقوم بمراقبة العمليات التي أجرتها الدائرة وتفصل في التظلمات و الطعون التي يرفعها المترشحون ضد قرارات لجنة الدائرة . - لجنة وطنية يرأسها وزير الداخلية الذي يسهر على متابعة العملية وحسن تنفيذ القوانين والتنظيمات . وما يجدر الإشارة إليه أن التظلم الإداري المسبق أمام هذه اللجان يعد إجراء جوهري قبل رفع الدعوى[38]وهو ما أكده مجلس الدولة في القرار رقم 380/209 المؤرخ في 27/03/2000 "حيث تنص المادة 33 من القانون 81/01 المؤرخ في 07/02/1981 المتضمن التنازل عن أملاك الدولة ، أنه يجوز لكل مترشح للإكتساب مغبون ...ان يرفع طعن إلى اللجنة الولائية في ظرف شهرين التالين لتبليغ القرار المتخذ. -حيث أنه تطبيقا لهذه المادة يتضح أن مثل هذه القرارات غير قابلة للطعن فيها مباشرة أمام الغرفة الإدارية بل أمام اللجنة الولائية. -حيث أنه و على هذا الأساس يتعين عدم قبول الدعوة شكلا " ومن أهم الإشكلات التي أثيرت بخصوص هذا النوع من العقود هي الجهة القضائية المختصة بالنظر في عملية التنازل حيث نصت المادة 35 من القانون 81/01 ((يجوز للأفراد المترشحين لشراء الأملاك أن يرفعوا طعنا نزاعيا في حالة رفض تظلمهم إلى هيئات القضائية التابعة للقانون العام )) . وخلافا للمادة 35 التي تجعل المنازعات المتعلقة بتنازل الدولة عن دومينها الخاص من اختصاص المحاكم العادية إلا أن القضاء الإداري كان يتمسك بالاختصاص[39]وحتى المحكمة العليا استقرت على تكريس اختصاص القضاء الإداري سواء ا في مجال منازعات عقود التنازل أو في مجال القرارات الصادرة عن اللجنة الولائية للتنازل، مفسرة المادة 35 السابقة على أن القاضي الإداري هو جهة القضاء العام بالنسبة للإدارة وبحجة أن كل القرارات المتخذة في إطار تطبيق قانون 81/01 هي قرارات إدارية بدون إستثناء بدءا من قرارات لجنة التنازل عن العقارات التابعة للدولة ، إلى العقود الإدارية المحررة من طرف إدارة أملاك الدولة ولا يمكن مراقبة مشروعيةهذه القرارت الا القاضي الإداري . وبالرجوع إلى القانون الإداري الفرنسي[40]الذي هو مصدر تاريخي للقانون الإداري الجزائري ،يتضح أن المادة 35 من القانون 81/01 هي فعلا من إستثناءات الإختصاصات إذ في فرنسا يؤول الإختصاص للمحاكم العادية بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالدومين الخاص و والإستثناء هو خضوع العقود الإدارية المتعلقة بالتنازل للقضاء الإداري حسب الاتجاه الحديث للإجتهاد . وأخيرا ينبغي التأكيد أنه في حالة قبول طلب الاكتساب أو التنازل إداريا يقوم العقار من طرف إدارة أملاك الدولةو شؤون العقارية و يكون التقويم على أساس عدة عناصر كالمساحة و الموقع و المنطقة و النوع ، ثم يحدد السعر الإجمالي لتنازل أو البيع ويتم دفعه إما نقدا أو بتقسيط (25سنة بالنسبة لسكنات و 3سنوات بالنسبة للمحلات المهنية ، الحرفية، التجارية ، وفي حالة الدفع التقسيط يلتزم المستفيد بدفع سنة أولية من سعر التنازل، وبذلك يكون البيع قد تمّ وتقوم إدارة أملاك الدولة بتحرير العقد و تقييده حسب المادة 26 منه. و حتى تنتقل الملكية، لابد من إشهار عقد التنازل وهو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها[41] 760077 المؤرخ في 25/07/1990 " من المقرر قانونا أن كل تنازل عن أملاك الدولة لصالح الأشخاص يخضع لقواعد الإشهار ...". لكن بعد سريان هذا القانون لمدة من الزمن قام المشرع بموجب قانون 2000/06 المتضمن قانون المالية لسنة 2001 بإلغاء قانون 81/01 المعدل و المتمم و جميع النصوص المتخذة لتطبيقه و خاصة بعدما أصبح يشكل وسيلة من وسائل النهب. 3/ عقود الاستصلاح في قانون 83/18 المؤرخ في 13/08/1983 المتعلقة بحيازة الملكية العقارية الفلاحية و المرسوم التطبيقي له رقم 83/724 المؤرخ في 10/12/1983 : إن الاستصلاح كسبب من أسباب اكتساب الملكية أخذت به عدة تشريعات من بينها المشرع الجزائري بموجب قانون 83/18 المؤرخ في 13/08/1983 [42]المتعلقة بحيازة الملكية العقارية الفلاحية الذي حدد شروط اكتساب الملكية عن طريق الاستصلاح في جزء من الأملاك الوطنية العقارية التابعة للدولة و تمليكها للخواص إذا توافرت هذه الشروط، و قد حددت المواد من 08 إلى 17 من المرسوم التطبيقي رقم 83/724 المؤرخ في 10/12/1983 الإجراءات الواجب إتباعها من قبل المتر شح للاستصلاح و كذا من قبل الجماعات المحلية. و الاستصلاح عرفته المادة08 من القانون 83/18 بأنه "كل عمل من شأنه جعل الأراضي قابلة للفلاحة صالحة للاستغلال " و هذا التعريف يقابله في الشريعة الإسلامية ما يعرف بإحياء الأرض الموات لقوله صلى الله عليه و سلم " من أحيى أرضا ميتة فهي له" و قد اشترط المشرع الجزائري أن يتم الاستصلاح في الأراضي التابعة للدولة والواقعة في المناطق الصحراوية أو المنطوية على مميزات مماثلة و كذا الأراضي الأخرى غير المخصصة و الممكن استخدامها في الفلاحة بعد الاستصلاح. و استبعدت المادة 02 من قانون 83/13 السابق الذكر الأراضي التي أدمجت في صندوق الثورة الزراعية وهذا قبل إلغاء النصوص التي تحكمه، بمعنى أن جميع الأراضي الزراعية و الرعوية و الحلفائية و أراضي العرش و البلديات و الأراضي الوقفية غير قابلة للاكتساب عن طريق الاستصلاح، كما يستثنى من تطبيق هذه المادة الأراضي الغابية لأنها غير قابلة للتملك الخاص.[43] و لقد نصت المادة 03 من هذا القانون على الشروط الواجب توفرها في المترشح من الجنسية الجزائرية سواء بالنسبة للأشخاص الطبيعية و المعنوية[44]و اشترط المشرع إعداد برنامج استصلاح ينجز في خلال 5 سنوات و يمكن أن يمدد الأجل في حالة القوة القاهرة التي حالت دون إنجاز المشروع و ذلك وفقا للمادة 11 من القانون أعلاه. وهو ما أكدته المحكمة العليا في القرار رقم 85529 المؤرخ في 06/10/91[45] " من المقرر قانونا " أنه تمنح للمالك مهلة 05 سنوات باستثناء حالة القوة القاهرة لإنجاز برنامج استصلاح أراضيه، ومن تم فإن القرار الإداري المخالف لهذا المبدأ يعد مخالفا للقانون و لما كان ثابتا في قضية الحال – أن الطاعن منح له قطعة أرض فلاحية في إطار قانوني و شرع في استغلال هذه الأرض، ومن ثم فإن القرار الإداري الملغي لقرار الاستفادة قبل مرور 05 سنوات يعد مشوبا بعيب مخالفة القانون و متى كان كذلك استوجب إبطال القرار المطعون فيه ". - وتمنح ملكية الأرض المراد استصلاحها بالدينار الرمزي و بشرط فاسخ يتوقف على إنجاز المشروع في الأجل المحدد قانونا، ولا يجوز التصرف في الأرض إلا بعد رفع الشرط الفاسخ بقرار من الوالي عندما تتم معاينة إنجاز الاستصلاح من طرف اللجنة التقنية المختصة التي نص عليها المرسوم التطبيقي 83/724 . و نصت المادتان 24 و 25 من هذا المرسوم على الإجراءات التي يتبعها الوالي في حالة عدم إنجاز المشروع و تتمثل في رفع دعوى أمام القضاء الإداري لفسخ العقد و في حالة الاستجابة لهذا الطلب يحتفظ المستصلح بالتجهيزات التي يحتمل أنه أحضرها. فمن خلال هذه المواد يتضح بأن الوالي هو المختص باتخاذ قرار رفع الشرط الفاسخ إذا أنجز المشروع، لكن فسخ العقد لعدم إنجازه يكون أمام القاضي و يعود الاختصاص إلى الغرفة الإدارية المحلية لدى المجلس الذي يقع بدائرته العقار ( قضاء شامل)، فبعد معاينة إنجاز المشروع عملا بالمرسوم 83/724 يرسل قرار الوالي مصحوبا بمداولات المجلس الشعبي البلدي ومخطط قطع الأراضي إلى المديرية الفرعية للشؤون العقارية و أملاك الدولة لإعداد عقد الملكية و تحريره و يسجل العقد ثم يشهر بالمحافظة العقارية المختصة إقليميا لتثبيت الملكية العقارية نهائيا. 4/عقود تسوية البناءات غير الشرعية (الفوضوية) : و لقد سبق شرحها عند دراستنا المبحث الأول و لاسيما ضمن الاستثناءات الواردة على قاعدة الرسمية، لكن ما ينبغي التأكيد عليه، أنه أمام انتشار الفوضى وكثرة البناءات غير الشرعية في تلك الحقبة الزمنية و خاصة أمام الحظر الذي كان مفروضا على العقار الحضري بموجب الأمر 74/26 فأن ذلك استلزم تدخل المشرع بإصدار الأمر85/01 المؤرخ في 13/08/1985[46]الذي يحدد انتقاليا قواعد شغل الراضي قصد المحافظة عليها، واستحدث أيضا المرسوم 85/212 المؤرخ في 13/08/1985 الذي حدد شروط تسوية الأوضاع للذين يشغلون فعلا أراضي عمومية أو خصوصية كانت محل عقود أو مباني غير مطابقة للقواعد المعمول بها و شروط إقرار حقوقهم في التملك و السكن، و بناءا على ذلك فإن البناءات المقامة على أراضى تابعة للأملاك العمومية[47]بمفهوم المادة 12 من قانون 84/16 المؤرخ في 30/06/1984 المتعلق بالأملاك الوطنية لا يمكن تسويتها بل لابد من إعادة الأماكن إلى حالتها الأصلية، ونفس الشيء بالنسبة للبنايات المشيدة فوق الأراضي التابعة لمزارع فلاحية عمومية، أما البنايات المشيدة فوق أراضي خاصة التي شغلت بناءا على رخصة أو عقد أو اتفاقية كتابية صادرة من المالك العمومي لكن ليست لها قيمة سند الملكية فإنها تسوى بموجب هذا المرسوم وكذلك البنايات المقامة على أراضي يملكها الخواص و التي انتقلت ملكية الأرض فيها بصفة مخالفة للتشريع و خاصة ما يتعلق منها بالشكلية أو الرسمية المستوجبة في العقد فهي أيضا تسوى طبقا لأحكام المرسوم 85/212. و تتولى إجراءات التسوية لجنتا الدائرة و الولاية، فالأولى مثلا يترأسها رئيس الدائرة تتولى دراسة الملف المودع لديها و بعد التحري تقرر تسوية الوضعية بحسب الحالات أو ترفض ذلك. وفي حالة القبول تصدر قرارها بالتسوية، يتم إفراغه في شكل عقد رسمي يحرر من طرف مدير أملاك الدولة ثم يشهر بعد دفع الحقوق و الرسوم، وتسديد ثمن القطعة الرضية من جديد إلى البلدية اعتمادا على تقويم إدارة أملاك الدولة طبقا للمادة 12 من المرسوم و لكن مع ذكر عبارة " تسوية الوضعية" في العقد . 5/ عقود البيع الإدارية المحررة طبقا للقانون رقم 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 المتضمن قانون الأملاك الوطنية و المرسوم التنفيذي 91/454 المؤرخ في 23/11/1991 الذي يحدد شروط إدارة الأملاك الخاصة و العامة التابعة للدولة و تسييرها و ضبط كيفيات ذلك: قبل التطرق إلى تبيان إجراء التصرف في الأراضي التابعة للأملاك الوطنية الخاصة يجدر بنا أولا التعرض لشروط قابلية التصرف في تلك الأراضي. -يجب أن تكون الأرض المعنية بعملية التصرف غير مخصصة لتسيير المرفق العام -لا يكون التصرف المزمع إبرامه بدون مقابل أو بثمن اقل من القيمة التجارية للأرض. -لا تكون الأرض المراد التصرف فيها خاضعة لمضمون نص القانون 87/19 المتضمن ضبط كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية و تحديد حقوق المنتخبين وواجباتهم. إذا ما توافرت الشروط المذكورة أعلاه تقوم مصالح الدولة المكلفة قانونا بتسيير هذه الملاك الوطنية الخاصة بالتعامل فيها وفقا للطرق والإجراءات المحددة قانونا. -البيع:الأصل في بيع الأراضي التابعة للأملاك الوطنية الخاصة هو أن تتم عن طريق المزاد العلني و الاستثناء عن طريق التراضي، ففي البيع بالمزاد العلني يكون إذا ما توافرت الشروط السابقة فيقوم الوالي المختص إقليميا الكائن بدائرة اختصاصه القطعة المراد بيعها باتخاذ قرار ترخيص ببيع الأرض عن طريق المزاد و هذا باقتراح من مدير مصالح الأملاك الوطنية بالولاية، و يتبع صدور القرار المذكور نشره في الصحافة الوطنية مع وضع دفتر الشروط لعملية البيع و خاصة منها السعر الأدنى للبدأ في البيع و هذا على أساس القيمة التجارية. -أما البيع بالتراضي فهو يخص التنازل لفائدة أشخاص معينين بذاتهم وفقا للمواد 11 من المرسوم التنفيذي رقم 91/454 الصادر في 23/11 1991 السابق الذكر وهم: -الولايات، البلديات و الهيئات العمومية و المؤسسات العمومية الاقتصادية، الجمعيات شريطة أن تكون تؤدي خدمة عامة أكيدة. -الخواص في حالات محددة قانونا كحالة الشيوع، حالة الشفعة القانونية الممارسة من قبل الخواص على الأراضي التابعة للأملاك الوطنية الخاصة.
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() تسلم يداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااك أخي شكرا نتنمنى التوفيك أكثر |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() شكرا جزيلا على الموضوع |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() بارك الله فيك وجازاك الله خير ونفع بك الغير |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() مشكور أخي على هذا المجهود الطيب...........
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() بــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأرك الله فيك خيـــــرا. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() لسلام عليكم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() السلام عليكم
بارك الله فيك اخي على المجهود الطيب |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() السلام عليكم ورحمه الله عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاجل |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() السلام عليكم و رحمة الله وبارك الله قيك جمال وشكرا على المعلومات , لدي سؤال وهو اين نصنف العقود المحررة في الحقبة الاستعمارية (العقود الرسمية - العقود العرفية) وماهي قيمتها في اجراءات نقل الملكية؟ وشكرا |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc