ذهبت إلى رويسو، وصلت حوالي السادسة والنصف صباحا بقيت أنتظر فبدأت الوفود تصل، عندما أقول الوفود لا تتخيلوا عشرات ومئات بل كل وفد من فرد أو فردين منهم من كان في العاصمة منذ أسبوع أو أسبوعين أو حتى ثلاث، ووصلت معهم " لحراير " الفحلات ، وقفنا ورددنا وهتفنا شعاراتنا القديمة المطالبة بالإدماج للجميع وهتافات جديدة بعدما أدمج جزائريو الشرقية وبقينا نحن الجزائريون الآخرون. وعندما حل المساء وودعتنا الشمس إلى لقاء آخر بقينا في أكماكننا وكنت أنتظر أن تغادر النساء للمبيت في فندق أو عند أقارب أو أي مكان غير العراء في رويسو لكنني دهشت عندما رأيتهن يحظرن مكان نومهن هناك ، صدقوني لقد اقشعر بدني وأقولها صراحة ، لقد احتقرت كل أستاذ متعاقد جالس في بيته أو في أي مكان آخر غير رويسو فاقتربت منهن وبدنا نتحادث فسمعت قصة إحداهن لو سمع بها أي إنسان آخر في قلبه الشهامة والإنسانية لاعتصم في رويسو حتى ولو لم يكن أستاذا متعاقدا ففي الاعتصام السابق كانت حاملا حملها الأول في شهرها الأول وما أغلى على المرأة من حملها الأول ، وذات يوم هجمت عليهم قوات مكافحة الشغب الهمجيون وضربوها حتى كادت تفقد حياتها ، هي نجت والحمد لله ، لكنها فقدت جنينها وبقيت في حالة صحية حرجة ، وأصرت على البقاء في مستشفى العاصمة لأنها كانت مصرة على مكان من اثنين إما المستشفى وإما رويسو ، وبعد وعود الكلب انتاع بوخطة رجعت إلى بيتها ، وعندما سمعت نداء الإدماج الأخير خرجت مباشرة حتى أنها كادت أن تنسى لوازمها لأنها كانت لا ترى إلا رويسو أمامها، صراحة أحييها وأحيي شجاعتها ونخوتها ورجولتها وقلت رجولتها وهي امرأة ليس عن طريق الخطأ وإنما متعمدا، فهي " راجل ونص " ما شي امره ونص " فأي عذر أكبر من نفاسها لأن تغيب عن رويسو ، وأي عذر أكبر من أنها فقدت جنينها لأن تغيب عن رويسو ، ورغم ذلك فقد حضرت وقالت لي " مانيش متحركه منا غير بورقه من اثنين : يالتعيين يا شهادة الوفاة " وهذه المرأة تسكن بعيدة عن العاصمة بأكثر من 400 كلم. أما بالنسبة لكم يا أشباه النساء ويا أشباه الرجال أنا لا أكتب هذه الكلمات لأحفزكم على الالتحاق برويسو " الله عليكم لا جيتو " وإنما أكتبها لتعرفوا قيمتكم ومدى جبنكم وذلكم و... و....، أما بالنسبة إلي فقد عدت إلى منزلي لأخذ عدتي معي غدا ولن أبرح رويسو حتى تبرحه هذه البطلة لأنني متأكد من أنها عند كلمتها " يا التعيين يا شهادة الوفاة "