بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
فإن السلاح الفتّاك الذي لا يباع في الأسواق؛ هو " الدعاء ".
وهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين، وهي رسالة خاصة وعامة؛
خاصة لإخواني في أرض الجهاد أرض المعركة المرابطين في دمّاج ـ اليمن.
وعامة؛ لإخواني المسلمين في كل مكان أن يلهجوا بالدعاء لإخوانهم في دمّاج في صلاتهم وفي جوف الليل وفي حال صيامهم وفي أوقات تحري الاستجابة .
فالدعاء من أنفع الأدوية والأسلحة للمسلمين، وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه، وهو السلاح القوي الذي يستخدمه المسلم في جلب الخير ودفع الضر، وقد تكفل الله تعالى بالاستجابة لمن دعاه، قال تعالى: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ).
وفي الحديث: ( إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ ).
رواه الترمذي، والحاكم وصححه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وحسنه الألباني.
والدعاء سلاح فتّاك في المعارك والحروب، لجأ إليه أنبياء الله تعالى، فهذا نبي الأمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم استعمله في أكبر غزوة في الإسلام، فهذا عُمَرُ بن الْخَطَّابِ يُحدث فيقول: ( لَمَّا كان يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثلاثمائة وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ اللهم أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي اللهم آتِ ما وَعَدْتَنِي اللهم إن تُهْلِكْ هذه الْعِصَابَةَ من أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ في الأرض فما زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حتى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عن مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أبو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ على مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ من وَرَائِهِ وقال يا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فإنه سَيُنْجِزُ لك ما وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ الله عز وجل إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ من الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ فَأَمَدَّهُ الله بِالْمَلَائِكَةِ ).
رواه أحمد، ومسلم.
ما أسرع استجابة ربنا لنا، وما أكثر تقصيرنا .
فالدعاء مع شأنه العظيم الذي ذكرنا منه بعضه؛ إلا أنه عبادة يتقرب بها العبد إلا ربه عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: ( الدُّعَاءَ هو الْعِبَادَةُ ).
رواه أحمد، وأصحاب السنن، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
بل قالوا هو أفضل العبادة وأعظمها؛ لما فيه من الإخلاص واليقين والرجاء، ولأنه إظهارُ غاية التذلل والافتقار والاستكانة والخضوع لله عز وجل، وجاء في الحديث: ( أفضل العبادة هو الدعاء ).
رواه الحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وصححه، ووفقه الذهبي، وحسنه الألباني.
فلا تحتقروا الدعاء أيها المجاهدون فهو سلاحُ كل مظلوم وكل ضعيف وكل مكسور إذا أُقفلت الأبواب في وجوههم، وانقطعت بهم الأسباب والسُبل؛ إلا سبيل الله تعالى، أنشد الشافعي رحمه الله:
أتهزأ بالـدعاء وتـزدريه ◊◊◊ وما تدري بما صنع الدعاءُ
سهام الليل لا تخطي ولكن ◊◊◊ لـه أمدٌ وللأمـد انقضاء
فإذا ما دعوتم الله اليوم وفي هذا الوقت وفي هذه الحال ــ أيها المسلمون ويا أيها المجاهدون ــ فمتى يكون الدعاء ؟؟؟
يا من يرى ما في الضمير ويسمع
أنـت المعـد لـكل مـا يتوقعُ
يـا مـن يُرجى للشـدائد كلها
يـا مـن إليه المشـتكى والمفزعُ
مـالي سـوى قرعي لبابك حيلة
فلئن ردَدتَ يدي فأيُّ بابٍ أقرعُ
أتريدون أن يغضب ربنا علينا ؟؟
ففي الحديث: ( من لم يَدْعُ اللَّهَ غَضِبَ الله عليه ).
رواه البخاري في "الأدب"، أحمد، الحاكم. واللفظ لأحمد. وحسنه الألباني.
لا تسـألن بني آدم حاجة ◊◊◊ وسلِ الذي أبوابُه لا تحجبُ
الله يغضب إن تركت سؤاله ◊◊◊ وبني آدم حين يسأل يغضبُ
واللهَ أسأل أن ينصر إخواننا في دمّاج ويثبتهم ويسدد رميهم ويجمع كلمتهم على الحق .
والسلام عليكم
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الأربعاء 5/1/1433هـ. مساءً.
منقول