التنمية في الجزائر
لقد قطعت الجزائر عدة أشواط وبذلت بذلك مجهودات جبارة في سبيل تحقيق التنمية الإقتصادية ، وهذا باتباعها عدة سياسات تنموية كلها أخذت صورة وصبغة معينة ، وجاءت في مجملها لتحمل في جعبتها أمل تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية .
إن الحديث عن مدى توفيق السياسة التنموية الجزائرية وكذا نجاعتها ، يتجلى من منطلق النظر في مدى تحقيقها لأهداف التنمية ، والمتمثلة أساسا في :
ـ تحقيق الرفاهية الإجتماعية والنهوض بالمستوى المعيشي لكافة أفراد المجتمع .
ـ الاستقلال الاقتصادي الذي يعني لنا القضاء على التأخروالتخلف ، وإنشاء وتدعيم الاقتصاد الوطني على مستوى كل قطاعاته ، وتحقيقه لموارد مالية معتبرة .
وعليه وبالأخذ بهذه الأهداف ، ومن خلال نتائج هذه الدراسة يمكننا القول بأن سياسة التنمية الإقتصادية في الجزائر، مازالت لحد الساعة لم توفق في بلوغ أهداف التنمية الإقتصادية .
إن هذه الدراسة مكنتنا كذلك من الإجابة على الفرضيات المطروحة في البداية حيث :
ـ تبينت صحة الفرضية الأولى التي تراهن على أن سوء تطبيق المنهج الإقتصادي ضمن السياسة التنموية ، يؤدي حتما إلى فشل الوصول إلى أهداف التنمية ، ولقد تجلى ذلك من خلال نتائج تطبيق مرحلة التسيير الإشتراكي ، هذه المرحلة التي كان يسايرها هذا الأخير، قد بينت لنا أنه ليس العيب في المنهج ، إنما العيب في الكيفية التي جسد بها على أرض الواقع .
ـ كما أنه ومن خلال الدراسة تبين خطأ الفرضية الثانية ، التي تقول أن تحقيق أهداف التنمية يكمن انطلاقا من تطبيق حلول وتوصيات الهيئات المالية الدولية للبلدان النامية . ولقد تجلى ذلك في الأوضاع الإجتماعية الخطيرة التي تمخضت عن تطبيق برنامجي التعديل الهيكلي وكذا خوصصة المؤسسات ، رغم ما حققته من توازنات مالية .
ـ ولقد تبين كذلك نفي الفرضية الثالثة - من الوجهة النظرية - ، والتي مفادها أن كل من الشراكة مع الإتحاد الأوروبي والإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة قد يؤديان إلى تحقيق التنمية الإقتصادية بل على عكس ذلك ، فهذا مرهون بالقيام بجملة أخرى من الإصلاحات حتى تتمكن الجزائر من مواجهة المنافسة .
ـ وانطلاقا من الفرضية الأخيرة التي تقول أن الجهود الوطنية تؤدي إلى تحقيق التنمية الإقتصادية بالإعتماد على الموارد المالية الريعية فقط فهي بذلك أثبتت خطأها ، فقد جاءت نتائجها ضعيفة بخصوص عدم القضاء على هاجس البطالة ، ولكنها بذلك أثبتت جدارتها (الجهود الوطنية) خاصة بالنظر إلى الأشغال الكبرى والهامة التي تشهدها مختلف الورشات المنتشرة في كافة القطر الوطني ، والتي مازالت تزاول أعمالها على قدم وساق حتى اليوم ، مما سيعزز بناء البنى التحتية للإقتصاد الوطني ، وهذا تمهيدا لخوض كل من مظمار الشراكة مع الإتحاد الأوروبي والإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.
و لقد تبين لنا من خلال الدراسة ، أن رضوخ الجزائر في تطبيق كل من : سياسات صندوق النقد الدولي ، الشراكة مع الإتحاد الأوروبي والإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة كان شر لابد منه ، والتي فرضتهما كل من الأوضاع الداخلية والأوضاع الدولية الجديدة .
وكذلك سرعان ما أثبتت الدراسة بأنه لا التسيير المحصور في مستوى الدولة لوحدها ، ولا الإعتماد حصرا على آليات السوق ، باستطاعتهما ضمان التوزيع المثالي للموارد ، إذ تبين أن تدخل الدولة ضروري لضمان شفافية السوق وفاعليته واستدراك نقائصه .
وأخيرا ومما سبق ذكره ، فقد حاولنا اعطاء بعض الإقتراحات و التوصيات حول بعض الإجراءات التي لابد من تداركها ، وإرفاقها ضمن السياسة التنموية للجزائر ، حيث نذكر منها :
ـ العمل على زيادة طاقة التصدير لكن خارج قطاع المحروقات .
ـ إعطاء عناية أكبر للمؤسسات القادرة على المنافسة الدولية ، وهذا بتأهيلها .
ـ الإهتمام بالعنصر البشري الذي يمثل العنصر الأساسي والمحرك لعملية التنمية .
ـ التركيز أكثر على القطاع الخاص بتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، شرط أن يقودها أولئك الشباب البطال من ذوي الشهادات والمهارات الكامنة وهذا بتدعيمهم ماليا ، فنيا وقانونيا .
ـ إعطاء فرص متكافئة لكافة المستثمرين الجزائريين والأجانب على السواء .
ـ التجديد المستمر للطاقة الفكرية البشرية ، التي تتحكم في الإدارة الجزائرية ، وتكوين المسيرين على الطرق الحديثة للتسيير .
ـ وضع سياسة اقتصادية وتجارية ، واعتماد استراتجية تنموية بعيدة المدى ، معتمدة على القدرات الذاتية مع شرط أن لا تكون متعارضة مع شروط كل من اتفاق الشراكة والإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة .
ـ تحرير الإدارة الجزائرية من كل أشكال الضغط والمساومة أي الرشوة ، التمييز والمحسوبية .
ـ العمل على تعديل المزيد من القوانين التي من شأنها تسهيل وتطويرالمعاملات الإقتصادية في ظرف وجيز.
ـ تعديل المنظومة المالية والبنكية ، مثل تأسيس البنوك الخاصة بالإستثمارات ، خاصة منها المتعلقة بالقطاعات المنتجة والخدمات الضرورية للفرد الجزائري والإقتصاد الجزائري ككل