[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعيــاد الميــــلاد.. ( مناسك، وشعائر ) ولكل أمة منسك
((... كلما كثرت المخالفة بينك وبين أصحاب الجحيم، كنتَ أبعدَ عن أعمال أهل الجحيم، وكنت أبعد عن عذاب الجحيم.. ))
قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال:
( ما هذان اليومان؟، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله:
إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود من حديث أنس في باب صلاة العيدين .
( مخالفة واجبة ومستحبة)...
التشبه بالكفار في الجملة منهي عنه، ومخالفتهم في هديهم أمر مشروع، إما على سبيل الوجوب أو الاستحباب..
فمثال الوجوب قوله: ( خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى) مسلم في الطهارة
ومثال الاستحباب قوله: ( خالفوا اليهود فإنهم لايصلون في نعالهم ولاخفافهم) أبو داود في الصلاة
فمخالفة الكفار وأهل الكتاب مقصودة لذاتها، والتشبه بهم محرم، سواء قصد المتشبه مشابهتهم أو لم يقصد..
يدل على هذا أن النبي نهاهم عن التشبه بالكفار في أمور كان المسلمون يفعلونها بغير قصد التشبه بهم كتطويل الشارب، وإنما كانت تفعل إلفاً وعادة، لكنه نهاهم عن ذلك أيضاً، ليمنع أي توافق بين المسلمين والمشركين ولو في الظاهر..
وفي ذلك حكمة لا تخفى...
فالموافقة في الظاهر تتعدى إلى الموافقة في الباطن..
( هدينُا مخالفٌ لهديهم)...
إن المخالفة تنقسم إلى قسمين:
مخالفة في أصل العمل، ومخالفة في صفتها..
- أما أصل العمل فمثل الأعياد.. فهذا ليس مشروعاً لنا بحال أن نحتفل بأعيادهم..
- وأما الصفة، فإن من العبادات ما هو مشروع لنا ولهم مثل صيام عاشورا والصلاة والدفن، وهذا القسم وإن اتفقنا نحن وهم في أصل العبادة إلا أن الشرع أمرنا بمخالفتهم في صفتها، فأمرنا بصوم تاسوعاء أو اليوم الحادي عشر، وبتعجيل الفطر وتأخير السحور مخالفة لهم، والصلاة في النعال في بعض الأحيان، لأنهم لا يفعلون ذلك، وسنّ لنا توجيه قبورنا إلى الكعبة، تمييزاً لها عن مقابر الكافرين، وأن تكون لحداً لقوله: ( اللحد لنا والشق لأهل الكتاب) رواه أحمد 4/362،363،
إن كل قواعد الشرع تؤكد ضرورة تعمد المسلمين مخالفة الكافرين في كل شيء تميزوا به في عاداتهم الخاصة، وفي عباداتهم الخاصة المخالفة آكد وأوجب، قال رسول الله:
(هدينا مخالف لهديهم) البيهقي باب الدفع من المزدلفة
طبعاً لايدخل في هذا تقليدهم فيما فيه منفعة للبشرية، مما كان لهم سبق في تحقيقه كالعلوم والطب ونحوها، وإنما المقصود تقليدهم فيما تميزوا به في عوائدهم وعقائدهم التي لا تعود بالنفع على المقلد في دنياه، وتضره في أخراه، وتزيل العداوة بينه وبينهم، وتزرع المودة والولاء..
( الإبدال من الشيء يقضي بترك المبدل منه)...
إذا عرفنا هذا الأصل في مشابهتهم فنقول:
موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من طريقين:
الطريق الأول: تحريم الشرع التشبه بأهل الكتاب..
قال رسول الله: ( من تشبه بقوم فهو منهم) أبوداود في اللباس في لبس الشهرة
وقال: (خالفوا المشركين)..
وقد قلنا إن الشرع يحرم موافقتهم فيما كان من عوائدهم، فكيف إذا كان من عباداتهم؟..
فالأمر أشد حرمة..
والطريق الثاني: ورود النصوص الخاصة في التأكيد على النهي عن موافقة الكافرين في أعيادهم..
فمن ذلك قوله تعالى: {والذين لايشهدون الزّور وإذا مروا باللغو مرّوا كراماً}؛ فعن مجاهد والربيع بن أنس وغيرهم من السلف في تفسيرها قالوا: " هو أعياد المشركين" تفسير ابن كثير..
ومن الأدلة على النهي عن موافقة الكافرين في أعيادهم حديث أنس السابق:
( قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر)..
فإن هذين العيدين الجاهليين لم يقرهما رسول الله ولا تركهم يلعبون فيهما، وأخبرهم بأن الله قد أبدلهم خيراً منهما، وهذا يعني صراحة عدم جواز الجمع بين عيد الإسلام وأعياد الكفار، إذ الإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه، مثل حديث المقبور يقال له:
( أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به خيراً منه مقعداً في الجنة) البخاري الجنائز
فهذا قد أبدل مقعداً في الجنة بدلاً من مقعد في النار، وكذا أبدل المسلمون بعيدين هما الفطر والأضحى بدلاً من أعياد الجاهلية والكفار.. [/align]