مبدأ التسامح ... في حياة وسلوك شيخ الإسلام ابن تيمية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مبدأ التسامح ... في حياة وسلوك شيخ الإسلام ابن تيمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-11-23, 19:46   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
intissarat
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B9 مبدأ التسامح ... في حياة وسلوك شيخ الإسلام ابن تيمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبدأ التسامح ... في حياةوسلوك شيخ الإسلام ابن تيمية


لست بحاجة للتعريف بشخص ابن تيمية والعصر الذي عاش فيه رحمه الله،وما تعرض له من عداء وهجوم وسجن وتعذيب واعتداء، وكيف كان رحمه الله يقابل ذلكبتسامح وعفو وصفح .
لقد كان
شيخ الإسلاميدركأن الاختلاف أمر طبيعي بل حتمي في هذه الكون، وهذه سنةإلهية ، حيث بيّن الله سبحانه وتعالي أن الناس في اختلاف ، وأنهم لا يزالون كذلك ،وأن الخلاف لا يعرف أحقيته أو بطلانه من كثرة الأعداد أو قلتها ، وأن الحق لا يرتبطبالأشخاص ولا بالدول ولا بالمؤسسات ، والحق أصيل وقديم ، وهو الغالب ، بالكلمةوالحجة والبرهان ، وأن الحق لا يحتاج إلى أشخاص يجيدون الشتائم والسباب ، وأن الحقلا يريد إقصاء الآخر ، ولا إلغاء شخصه، ولا الانتقام منه ، بل الحوار معه ، في جويكفل المساواة في الفرص والإمكانات ، وكما أن الحق ظاهر فإنه لا يزال في صراع ، حتىيرث الله الأرض ومن عليها .
ولولا قيمة هذا الصراع لماأوجده الله ، فالله سبحانه وتعالى لا يوجد - إطلاقا - شرا محضا ، ولايوجد فيمخلوقاتالله شرور معدومة الخيريّة بوجه من الوجوه ، بل لا توجد مصيبة ولا شر، كموتالأنبياء ، والصالحون ، أو انتكاسة من انتكس ، أو زوال مظهر من مظاهر الخير ، إلاوفيه خير ظاهر أو باطن علمه من علمه وجهله من جهله ، فلله الحكمة البالغة كما لهالحجة البالغة ، ولو شاء لهدى الناس جميعا، ولكن الحياة أرض بلاء ومحك اختبار، ودار عمل ، فمن شاء فليقدم لنفسه من الأعمال والأقوال ما ستنفعه يوم القصاصالأكبر .

لكن العجيب من مواقف التسامح أن تكون في موقف القوة والغلبة، وأنيكون لك الحق، فإذا تسامحت مع من ظلمك وهو تحت سطوتك، كنت حقاً متسامحاً كريم الخلقوالنفس.
ولبيان منهج ابن تيمية في التسامح
.. نقول :
(1) قاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية العامة في التسامح .

وضع ابن تيمية قاعدةللتسامح في حياته السلوكية والعملية ، هذه القاعدة هي مقولته المشهورة : " أحللت كل مسلم عن إيذائه لي"

لقد كان لسان حال شيخ الإسلام مع أعدائه : من ضاق صدره عن مودتي،وقصرت يده عن معونتي كان الله في عونه وتولى جميع شؤونه، وإن كل من عاداني وبالغ فيإيذائي لا كدر الله صفو أوقاته ولا أراه مكروهاً في حياته، وإن كل من فرش الأشواكفي طريقي، وضيق عليّ السبل، ذلل الله له كل طريق وحالفه النجاحوالتوفيق.
(2) التطبيق العملي لقاعدة التسامح التيمية .

ولأن ابن تيمية رجل يقولالخير ويفعله، ويؤسس التسامح ويمارسه، لذلك وجدنا حياته كلها صورة صادقة وتعبيردقيق لهذا القاعدة، إنها فلسفة الثمار التي يؤمن بها .

بعض الأمثلة العملية لتسامح ابن تيمية :
(أ) موقف ابن تيمية من خصمه علي بن يعقوب البكريالصوفي.

ألف شيخ الإسلام ابن تيميةرسالة مختصرة بعنوان ( الاستغاثة) وهي رسالة علمية بالأدلة الشرعية في حكمالاستغاثة، وكان الأليق بالعلماء الذين يختلفون معه أن يتصدوا لمثل هذه المسألةبالدليل والبرهان العلمي بعيداً عن التكفير والحكم بالزندقة والشتائموالسباب.
لكن الشيخ الصوفي علي البكري كان رده على هذهالرسالة بالحكم على شيخ الإسلام ابن تيمية بالكفر والزندقة والخروج عن ملةالإسلام!
ولم يكتف الشيخ الصوفي البكري - عفا الله عنا عنه - بمجرد التكفير بل بالغ في إيذاء ابن تيمية بالقول والعمل، فقد قام باستعداءالعوام على الشيخ وحرض الجند وأصحاب الدولة على شيخ الإسلام وشهر به وأقذع الشتيمةفي حقه .

وكان الشيخ الصوفي البكري من أشد الصوفية على شيخالإسلام ابن تيمية، ففي محنة الشيخ مع الصوفية سنة 707هـ حول قضية الاستغاثة طالببعضهم بتعزير شيخ الإسلام، إلا أن الشيخ البكري طالب بقتله وسفكدمه!
وفي سنة 711هـ تجمهر بعض الغوغاء من الصوفية بزعامةالشيخ البكري وتابعوا شيخ الإسلام ابن تيمية حتى تفردوا به وضربوه، وفي حادثة أخرىتفرد البكري بابن تيمية ووثب عليه ونتش أطواقه وطيلسانه، وبالغ في إيذاء ابن تيمية !
في المقابلتجمع الناس وشاهدوا ما حل بشيخ الإسلام منأذية وتعديفطلبوا الشيخ البكري فهرب، وُطلب أيضاً من جهة الدولة فهرب واختفى،وثار بسبب ما فعله فتنة، وحضر جماعة كثيرة من الجند ومن الناس إلى شيخ الإسلام ابنتيمية لأجل الانتصار له والانتقام من خصمه الذي كفره واعتدى عليه .
والسؤال هنا :
ما هو موقف شيخ الإسلام من هذا الرجل الذي كفره وحكم عليهبالزندقة ثم وثب عليه وضربه ونتش أطواقه ؟

حينما تجمع الجند والناس على ابن تيمية يطالبونبنصرته وأن يشير عليهم بما يراه مناسباً للانتقام من خصمه البكري الصوفي؛ أجابهمشيخ الإسلام بما يلي :
"أنا ما أنتصر لنفسي" !!
فماج الناس والجند وأكثروا عليه وألحوا في طلب الانتقام؛ فقال لهم :
" إما أن يكون الحق لي، أولكم، أو لله ، فإن كان الحق لي فهم في حل، وإن كان لكم فإن لم تسمعوا مني فلاتستفتوني؛ وافعلوا ما شئتم، وإن كان الحق لله فالله يأخذ حقه كما يشاء ومتىيشاء".

ولما اشتد طلب الدولة للبكري وضاقت عليه الأرض بما رحبت هربواختفى عند من ؟
هرب واختفى في بيت ابن تيمية وعند شيخ الإسلام لماكان مقيماً في مصر، حتى شفع فيه ابن تيمية عن السلطان وعفا عنه!!
فانظر أيها القارئ إلى عظيم تسامح هذا الإنسان العظيم، فالبكري قابله بالظلموالتكفير والاعتداء والعدوان والبهتان، وابن تيمية قابله بالعفو والإحسان والكرم ،إن في ذلك آية عظيمة لكل منصف سليم القلب .








 


قديم 2008-11-23, 19:48   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
intissarat
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B9

ب) موقف ابن تيمية من خصومه الذين تسببوا في سجنهوطالبوا بقتله .

كان شيخ الإسلام - رحمه- منأكثر العلماء الجهابذة الذين تعرضوا لأذى الحساد من الأقران ، ولكنه كان من ألطفالناس وأرحمهم بالخصوم.

يقول " ابن فضل الله العمري " :

( اجتمع عليه عصبُالفقهاء والقضاة بمصر والشام ، وحشدوا عليه خيلهم ورجلهم، فقطع الجميع، وألزمهمالحجج الواضحات أيّ إلزام ، فلما أفلسوا أخذوه بالجاه والحكام) .

فبعد أن وشى به بعض العلماء وكذبوا عليه وألّبواالحكام والأمراء عليه وتزلفوا لدى الكبراء في ابن تيمية؛ سُجن وعذب ، وتولى كِبرذلك الجُرم الشيخ الصوفي "
نصر المنبجي" والأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير تلميذ المنبجي ، وجماعة من الفقهاء والعلماء ،الذين ناصروا الحاكم بيبرس في انقلابه ضد السلطان ناصر بن قلاوون.
ولكن شاء الله أن تزول أمارة بيبرس ويضم السلطان ناصر بن قلاوون دمشق ومصرإلى حكمه ، ولم يكن همّ السلطان إلا الإفراج عن شيخ الإسلام المسجون ظلما وزوراً .

فأخرجه معززاً مكرماً مبجلاً ، ويصل الشيخ إلىالبلاط الملكي فيقوم له السلطان تكريماً واحتراماً ويضع يده بيد ابن تيمية ويدخلانعلى كبار علماء مصر والشام ... !
ويختلي السلطان ناصرقلاوون بشيخ الإسلام ابن تيمية ويحدثه عن رغبته في قتل بعض العلماء والقضاة بسبب ماعملوه ضد السلطان وما أخرجه بعضهم من فتاوى بعزل السلطان ومبايعة بيبرس، وأخذالسلطان يحث ابن تيمية على إصدار فتوى بجواز قتل هؤلاء العلماء، ويذكره بأن هؤلاءالعلماء هم الذين سجنوه وظلموه واضطهدوه وأنها حانت الساعة للانتقام منهم !
وأصر السلطان ناصر بن قلاوون على طلبه من شيخ الإسلام كييخرج فتاوى في جواز قتلهم !
فماذا كــــــان رد ابن تيميــــــــة؟
هل وجدها فرصة للتنفيس عن أحقاده وخصوماته؟
كلا ... فنفس الكريم أرفع وأطهر من ذلك ، لقد قام ابنتيمية بتعظيم هؤلاء العلماء والقضاة ، وأنكر أن يُنال أحد منهم بسوء، وأخذ يمدحهمويثني عليهم أمام السلطان وشفع لهم بالعفو والصفح عنهم ومنعه من قتلهم ، فقالللسلطان :
(
إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم من العلماءالأفاضل!)

فيرد عليه السلطان متعجبا متحيراً : لكنهم آذوكوأرادوا قتلك مرارا ؟!
فقال ابن تيمية: من آذاني فهو في حل،ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي !
وما زال ابن تيمية بالسلطان يقنعه أن يعفو عنهم ويصفح، حتى استجاب لهالسلطان فأصدر عفوه عنهم وخلى سبيلهم !!
إنها النفوس الكبيرة - يا سادة - هي التي تستطيع أنتتجاوز أحقادها ومواقفها الشخصية وتمارس العظمة بكل معانيها .
لقد شهد له كبير خصومه ومن الذين هاجموه وآذوه ، شهد له بعد عمله التسامحيالفريد الذي عمله معهم أثناء غضب السلطان ناصر بن قلاوون عليهم ، لقد كان قاضيالمالكية "
القاضي ابن مخلوف"أحدهم ولما أفرج عنه قال عن ابن تيمية :

(
ما رأيت كريماً واسع الصدر مثل ابن تيمية فقد أثرنا الدولة ضده،ولكنه عفا عنا بعد المقدرة، حتى دافع عن أنفسنا وقام بحمايتنا، حرضنا عليه فلم نقدرعليه ، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا)... هذا هو ابن تيمية، هذه هي أخلاقه مع خصومه !

(ج) موقف ابن تيمية من بعض خصومه لما بلغه وفاتهم .

الإنسان في الغالب يفرح إذاسمع بموت أحد خصومه، وأحيانا يتشفى بذلك !
لكن ابن تيمية يختلف عن هؤلاء .. لقدُبلغ يوماً بوفاة أشد خصومه عداوة له وهجوماً عليها، بُلغ ذلك عن طريق أقرب تلاميذهله، والذي بلغه وهو فرح بذلك.
فماذا كان موقف شيخ الإسلامابن تيمية ؟

يقول عنه تلميذه البار الإمام الحافظ ابن قيمالجوزية :

( كان يدعو لأعدائه، مارأيته يدعو على واحد منهم، وقد نعيت إليه يوماً أحد معارضيه الذي كان يفوق الناس فيإيذائه وعدائه،فزجرني، وأعرض عني، وقرأ : "إنّا لله وإنا إليه راجعون" وذهبلساعته إلى منزله، فعزى أهله،وقال : " اعتبروني خليفة له ، ونائباً عنه،وأساعدكم في كل ما تحتاجون إليه" وتحدث معهم بلطف وإكرام بعث فيهم السرور، فبالغ فيالدعاء لهم حتى تعجبوا منه) .

الله أكبر ... من يطيق ما تطيقه يا ابن تيمية؟!
(3) النفسية التسامحية عند ابن تيمية تجاه خصومه .

أنعم الله على شيخ الإسلامبنفسية تسامحية عجيبة جداً قل أن تجدها عن غيره من العلماء، فما كان يحمل في قلبهغلاً ولا حسداً ولا حقداً على أحد، بل ولا على خصومه .
فلماوقف منهابن مخلوف
موقف العداء ورماه بكل قوس في جعبته، وأثار عليه العوام والحكام وأصدر ضدهالأحكام والفتاوى التي أثارت الفتنة بين الناس، وابن تيمية صابر محتسب يقابل السيئةبالحسنة، ولم يحمل في نفسه حقداً ولا بغضاً لهذاالرجل.

يقول ابن تيمية معبراً عن نفسيته المتسامحة :
( وأنا والله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها وفي غيرها، وإقامةكل خير، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله له، ولا أعينعليه عدوه قط، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه نيتي وعزيمتي، مع علمي بجميع الأمورفإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، ولن أكون عوناً للشيطان على أخوانيالمسلمين).
وقال فيرسالة كتبها وهو في السجن إلىتلاميذه ومحبيه يتحدث عن خصومهالذين تسببوا في دخوله السجن ومصادرة كتبه : ( أنا أحب لهم أن ينالوا من اللذة والسرور والنعيم ما تقر به أعينهم وأن يفتح لهم منمعرفة الله وطاعته والجهاد في سبيله ما يصلون به إلى أعلى الدرجات) .

وقال عن خصومه : ( وأنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد لكل مؤمنالخير ما أحبه لنفسي).









قديم 2008-11-23, 19:52   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
intissarat
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B9

)النفسية التسامحية وتأثيرها في العدل والإنصاف .

هذه النفسية التسامحيةالعظيمة عن ابن تيمية، أثرت عليه كثيراً حينما يتناول الطوائف والفرق المخالفة،فابن تيمية باحث عن الحق، ومن مهمة الباحث العلمي أن يعري ويكشف حقائق الأفكاروزيفها وصدقها، لأنه يقوم بمهمة علمية يفترض فيه الأمانة معالعدالة.
ومع ما يوصف به ابن تيمية من الحدة والقوة فيالجدل، إلا أنه أنصف أشد الطوائف عداء له، وأشدها بعداً عن المعقول والمنقول .

فحينما تناول شيخ الإسلام طائفة الشيعة بالنقد والتحليل، لمنيمنعه العداء والرد والنقض أن ينصف ويعدل مع هؤلاء الذين يراهم على باطل، ونصوصه فيذلك أكثر من أن تحصى، لكن منها على سبيل البيان والمثال :
يقول وهو يتحدث عن طائفة الشيعة الإمامية :
( كثيراً منهم ليسوا منافقين ولا كفاراً، بل بعضهم له إيمان وعمل صالح،ومنهم من هو مخطئ يغفر له خطاياه، ومنهم من هو صاحب ذنب يرجى له مغفرة الله) .

وقال :
( والرافضة فيهم من هو متعبد متورع زاهد).

وقال منصفاً الشيعة :
( وينبغي أيضاً أن يعلم أنه ليس كل ما ينكره بعض الناس عليهم يكون باطلاً،بل من أقوالهم أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة ووافقهم بعضهم، والصواب مع منوافقهم ).

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن لهم جهوداً في دعوة الكفار إلىالإسلام فدخل على أيديهم خلق كثير من الكفار.
وقال عن المعتزلة :
أنه مع مخالفتهم نصروا الإسلام في مواطن كثيرة وردوا على الكفار والملاحدةبحجج عقلية .
وقد عاب شيخ الإسلام على الإمام ابن فوركالأشعري تكفيره للمعتزلة وتأليب الحكام عليهم، يقول ابن تيمية عنه : ( وقصدبنيسابور القيام على المعتزلة في استتابتهم وكما كفرهم عند السلطان،ومن لم يعدلفي خصومه ومنازعيه ويعذرهم بالخطأ في الاجتهاد، بل ابتدع بدعة وعادى من خالفه فيهاأو كفره فإنما هو ظالم لنفسه).

وقال عن الأشاعرة مع مخلفته لهم في كثير من الأصول والفروع:
( إنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة، وهو يعدون منأهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنةوالجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضةونحوهم).
وكان رحمة الله يتحرج كثيراً من تكفير الأشخاص ،يقول الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي نقلاً عن زاهر السرخسي أنه قال :

( لما قرب حضور أجل أبيالحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال : اشهد عليّ أني لا أكفر أحداًمن أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات. قلت - أي الذهبي - : وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامهيقول: أنا لا أكفر أحداً من الأمة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لايحافظ على الوضوء إلا مؤمن" فمن لازم الصلوات بوضوء فهومسلم).

(5) النفسية التيمية التسامحية وأثرها الجميل علىالناس.

هذا التسامح العظيم الذي كان يتحلى به ابن تيمية كان له الأثر العظيم فيالناس، ولذلك أحبه الناس حباً عظيماً، وتعلقوا به، وكانوا لا يرون به بديلاً رحمهالله .

يقول ابن عبد الهادي :
( وسائر العامة تحبه، لأنه منتصب لنفعهم ليلاً ونهاراً، بلسانه وقلمه) .

وكان رحمه متواضعاً للعامة والخاصة ، للكبير والصغير، للرجالوالنساء، للأمراء والحقراء، كثير السلام على العامة والخاصة، يزور المرضى ويتفقدأحوالهم ، كان مجلسه مفتوحاً لكل أحد ، وقلبه يسع الكل، وخصاله أكثر من أن نحصرهاهنا .
قال عنه الإمام الحافظ بن فضل الله العمري وهو ممنعاصر شيخ الإسلام ابن تيميه :

(كانت تأتيه القناطيرالمقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرث، فيهب ذلك بأجمعه، ويضعهعند أهل الحاجة في موضعه، لا يأخذ من شيئاً إلا ليهبه، ولا يحفظه إلاليذهبه).

ويقول أيضاً عنه :
( كان يتصدق حتى إذا لم يجد شيئاً نزع بعض ثيابه فيصل بهالفقراء)!!

وقال عنه أحد من عاصره :
( كان يتفضل من قوته الرغيف والرغيفين، فيؤثر بذلك علىنفسه)!
وكان أثره عظيماً على تلاميذه، فهو القدوة الحسنة،وهو المربي بسلوكه وأقواله، وهو المؤمن الزاهد العابد، وهو العالم المتيقن ، وهوالذي يفزع إليه الناس في حقائق أمورهم وخواص شؤونهم.

يقول عنه تلميذه الإمامابن قيم الجوزية:

( وكنا إذا اشتد الخوف وساءت الظنون، وضاقت بنا الأرض بما رحبت، فما هو إلاأن نراه ونسمع كلامه فيذهب عنّا ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناًوطمأنينة).

وصدق الشيخ السبكيّ - أحد خصومه السابقين - حينماقال :

( والله ما يبغض ابن تيميهإلا جاهل أو صاحب هوى ، فالجاهل لا يدري ما يقول ، وصاحب الهوى يصده هواه عن الحقبعد معرفته به ) .

(6) من أقول ابن تيميه المهمة .

* ( ماذا يصنعأعدائي بي ؟ أنا جنتي وبستاني في صدري ، أين رحت فهي معي لا تفارقني ، أنا حبسيخلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة ) .

*
وحين عرضه لهذا الحديث : ( إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، أوتذمهم على مالم يؤتك الله).

قال
: ( من عبدالله وأحسن إلى الناس فهذا قائم بحقوق الله وحق عباد الله فيإخلاص الدين له، ومن طلب من العباد العوض، ثناءً، أو دعاءً أو غير ذلك لم يكنمحسناً إليهم لله، ومن خاف الله فيهم، ولم يخفهم في الله كان محسناً إلى الخلق وإلىنفسه، ومن خافهم ولم يخف الله فهو ظالم لنفسه ولهم، حيث خاف غير الله ورجاه، لأنهإذا خاف دون الله احتاج أن يدفع شرهم عنه بكل وجه، إما بمداهنتهم ومراءاتهم ، وإمابمقابلتهم بشيء أعظم من شرهم أو مثله، فتجد هذا الضرب كثير الخوف من الخلق، كثيرالظلم إذا قدر، مهين ذليل إذا ُقهر، فهو يخاف الناس بحسب ما عنده من ذلك وهذا ممايوقع الفتن بين الناس ) .

(7) النفسية التيمية التسامحية في آخرلحظاتها.
كاد له خصومه مرة أخرى وأدخلوه السجن ، ففرح بخلوتهبالله وطلبه العلم ، ولكن كانت أكبر مصيبة حلت على شيخ الإسلام طلب بعض القضاة بأنتصادر كتبه وأقلامه ، فكبر ذلك عليه وعز أن تفارقه أقلامه ودفاتره، فكتب بالفحم علىالجدران، لكنه مرض بسبب فقده لكتبه وزاد وجعه .
وأخبر صديقهوصاحبه في السجن الشيخ عبدالله الزرعي وفي آخر لحظاته في هذه الحياة الدنيا وهو فيالسجن البارد الضيق : أنه سامح جميع أعدائه وحللهم من عداوته وسبّه !
ثم تفرغ لتلاوة القرآن وختمه ثمانين مرة ووصل عنقوله تعالى :

( إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) .
ثم أشدت علته، وفارقالدنيا وهو سجين، بعيداً عن أقلامه دفاتره !
رحم الله شيخالإسلام ابن تيمية وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في مستقررحمته


كتبه : صخرةالخلاص












 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:36

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc