![]() |
|
قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها ..... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الديمقراطية من اليونان الى ديمقراطية الانترنت
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() الديمقراطية من اليونان الى ديمقراطية الانترنت باسل عبد المحسن القاضي بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة لاشك ان عصرنا في كل عشر سنوات تطلق عليه صفة تسمه بسمة معينة فهو عصر الكهرباء وعصر النفط وعصر الذرة وعصر القلق وعصر الحروب العالمية وعصر غزو الفضاء وصولا الى عصر الجينوم البشري والهندسة الوراثية والاستنساخ وعصر العولمة واخيرا عصر الانترنت ، وكل يوم نجد اكتشافا خارقا يدعونا لان ندعو عصرنا به، واليوم فإن عصرنا لايمكن ان نهمل اهم صفة سياسية واجتماعية للنظام العالمي الجديد فيه الا وهي صفة الديمقراطية خاصة وان هناك من الباحثين من يعدّ النظام السياسي للديمقراطية الليبرالية هو نهاية التاريخ مثل فوكوياما وآخر يتحدث عن ان صراع حضارة الديمقراطية الغربية مع نظام الاسلام السياسي سيكون حتما صراعا تنتصر فيه الحضارة الغربية بنظامها الليبرالي الديمقراطي . ان النظام الديكتاتوري الشمولي اخذ يغادر العالم خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتوزع دوله الى ما نشاهده اليوم ، وخلال عقد التسعينات من القرن العشرين تحولت اكثر من خمسين دولة في العالم الى النظام الديمقراطي وتشمل دولا من مختلف القارات كاوربا الشرقية وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بل ان الاتحاد السوفيتي نفسه لم يكتف بالتحول عن الشيوعية فقط، بل اخذ يمارس الديمقراطية في شكلها الجديد سواء على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي مع وجود حزب شيوعي له اكثرية برلمانية معروفة . ان الدعوة الى الديمقراطية بدأت تأخذ وجها آخر لم يكن لها من قبل؛ ألا وهو الفرض من الخارج على النظم الديكتاتورية وتغييرها بالقوة استنادا الى معطيات دولية معينة منها الدفاع عن حقوق الانسان واتفاقيات الامم المتحدة الخاصة بها ومنها محاربة الارهاب الدولي ومبررات واسباب بعضها حقيقي وبعضها مفتعل لأغراض أخرى غير المعلنة، ولكن شعار الديمقراطية هو المرفوع عليها أي على تلك السياسة، وبغض النظر عن المصداقيات فلا يمكن انكار حقيقة ان الديمقراطية شعار مرفوع ويطالب به كل من اراد ان ينظم الى بعض الاتفاقيات الدولية او الاتحادات كما هو الحاصل مثلا مع تركيا في محاولتها الانضمام الى الاتحاد الاوربي . ان المجتمع الدولي وهو يتحول الى العالم الجديد الذي تتحكم فيه معطيات العولمة بكل معانيها اصبح يضع شروطا لقبول الدول في النادي الخاص به الذي يجب ان يشمل كل من يسكن على هذه الارض، ولذا فيجب على الدول ان تتكيف مع مواثيق ومعاهدات واتفاقيات الامم المتحدة والا فانها ستطرد من المجتمع الدولي وتعدّ غير شرعية وستحارب بمختلف الطرق الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية اذا ما حاولت مثلا ان تمتلك اسلحة دمار شامل او تصنع اسلحة ممنوعة في اتفاقيات الدول الكبرى او ما شابه ذلك. لقد غزت أمريكا أفغانستان باسم محاربة الإرهاب ولاتهامها بإيواء منظمة القاعدة التي المتهمة باحداث 11سبتمبر –وها هي اليوم تغزو العراق محررة ثم تعلن عن احتلالها له لفرض نظام ديمقراطي ينسجم مع معطيات العصر وتقول انها ستبني عراقا جديدا يعدّ نموذجا لدول المنطقة كلها التي وضعت لها سياسة للتغيير على مراحل لكي تؤهلها ديمقراطيا للعصر الجديد ولكي تقضي على مكامن الارهاب الدولي التي تتهمها بها، فإيران على الخارطة الجديدة وسوريا على الخارطة وكل دول المنطقة، كما انها من جهة اخرى تحاول ان تدجن كوريا الشمالية من خلال نزع سلاحها النووي الذي يخيفها. ان مجموعة معطيات اخذت مجالها في الفكر السياسي اليوم جعلت من العراق الساحة التي تريد امريكا ان تروجها كنموذج للديمقراطية في المنطقة فهل تراها ستنجح في ذلك بعد اقدامها ونجاحها في الخطوة الاولى الا وهي اسقاط النظام السابق الذي اتهمته بامتلاك وتصنيع اسلحة الدمار الشامل بل واستعماله لهذا السلاح حتى على ابناء شعبه…؟ ان العراق لم يمارس الديمقراطية في تاريخه السياسي الا لمدة قصيرة في ظل الحكم الملكي وكانت هذه التجربة عليها مؤاخذات كثيرة أفقدتها المعنى الديمقراطي الحقيقي، كما ان العراق لم يتحول الى الديمقراطية عبر تغيير ثوري او انقلاب داخلي على النظام السابق بل هو يتحول تحت إشراف قوة احتلال أمريكية مما يطرح تساؤلات حقيقية عن إمكانية الديمقراطية في ظل الاحتلال وإمكانيات ممارسة الحرية في ظل السلطة المقيدة وقد يستشهد لوجهة النظر الامريكية لمثل هذه الحالة بما فعلته باليابان بعد احتلالها وما فعلت بكوريا الجنوبية وحتى بألمانيا على انه على الرغم من التشابه الشكلي في الممارستين في الذهنية السياسية الأمريكية الا ان هناك ميزات واختلافات وخصوصيات للعراق شعبا وجغرافية وثروة يختلف بها عن هذه النماذج مع ملاحظة طابع العصر اليوم عنه في منتصف القرن الماضي . ان شعب العراق شعب مسلم حيث يذكر ببعض الإحصاءات ان 97% منه على دين واحد والإسلام اليوم متهم بالإرهاب ومساحة المسلمين في العالم الذين يتعاطفون مع هذا الشعب مساحة كبيرة وموقع العراق الجغرافي في وسط حيوي جدا في السياسة الدولية فحوله دول مختلفة منها تناصب العداء لأمريكا ومنها متهمة بالإرهاب كما ان منها ما هو متعامل معها وعضو في بعض منتدياتها العسكرية وللدول الغربية الأخرى مصالح عديدة في العراق وما حوله مما قد يخلق وضعا متوترا فيه، وكذلك فان في العراق ثروة يسيل لها لعاب الدول الكبرى هي النفط والذي هو ليس ثروة اقتصادية فقط وانما أداة سيطرة وقوة تحكم أيضا واذا أضفنا الى هذا خصوصية العقلية السياسية في العراق التي تتميز بالخضوع لفترة طويلة لتثقيف أحادى الاتجاه وصلب التحيز حتى أصبحت عقلية مغلقة على آرائها التي تعتقد بها كما ان طبيعة الشخصية العراقية قد استلبت نفسيا وفكريا وثقافيا عبر أيديولوجيا دامغة للآخر وغير معترفة به مما يشكل صعوبة استثنائية على الممارسة الديمقراطية المرنة التي تقوم أساسا على الاعتراف بحق الاختلاف.. ان كل ما تقدم يجعل الممارسة الديمقراطية في العراق على المستوى الشعبي اقرب الى المستحيل منه الى الممكن فكيف ستكون الديمقراطية العراقية امام تحدي العلمانية لشعب مسلم؟ وكيف ستكون الديمقراطية الفدرالية عبر قوميتين واثنيات اخرى قامت بينهما حروب؟ مما يطرح مسألة خطورة التقسيم وهو ما تعارضه حتى الدول المجاورة لخوفها من انسحاب الموقف على شعبها كما ان هذه الفدرالية قد تقود الى قيام دولة شيعية في الجنوب لأكثرية هذه الطائفة فيها وهو من المستحيلات امريكيا رغم انف الديمقراطية ومبادئها، ترى فما هي مقومات الديمقراطية عراقيا اذا لم تكن علمانية ولا فدرالية؟ واي معنى لرأي الشعب في نظامه الذي سيدلي برأيه فيه عبر الدستور الجديد؟ وهل ستوافق القومية الكردية على التراجع عن المضمون الفدرالي الذي تعلنه في كل وسائلها الرسمية والإعلامية؟ وكيف ستتصرف اذا كان الاستفتاء فرضا جاء لغير صالح الفدرالية وهو رأي ديمقراطي لا ينازع؟ من كل ما تقدم نجد ان الديمقراطية كمفهوم وممارسة، كنظرية وتطبيق تحتاج إلى ابتكار صيغ جديدة تناسب الواقع العراقي الجديد ويجب على هذه الديمقراطية ان تناسب الجسد العراقي وهو ما رأيناه في كثير من شعوب دول العالم الثالث التي انطلقت الى الديمقراطية بخصوصياتها القومية والشعبية وحتى الفولكلورية حيث وظفت حتى المجتمعات القبائلية والعشائرية بهياكلها التنظيمية فجعلتها ضمن ديمقراطيتها كخصوصية وطنية لها وهو ما لم يعترض عليه حتى امريكيا فهناك تجارب يمكن الاستفادة منها في هذا المجال فما دامت الديمقراطية منهجا مفتوحا على المستجدات – وهذا سبب نجاحها تاريخيا – فانها تستوعب الإنسانية جمعاء على ان تكون بلا وصاية خارجية ولا احتلال أجنبي طويل الأمد فهل ترى سينجح العراق في تجربته هذه ام لا؟ ان هذا الكتيب يطرح احدث المعلومات عن الديمقراطية في عصر العولمة والإنترنت وما يسمى النتوقراطية او ديمقراطية الإنترنت ويتحدث عن تحديات الديمقراطية ليس في العالم الثالث فقط وانما في امريكا واوربا ايضا ويصف محاولات شحن الديمقراطية الامريكية بقوة دفع عن طريق احياء مؤسسات المجتمع المدني التي أخذت تتآكل وتفرغ من معناها بعد طول ممارسة كما ان البحث عن المعنى للحياة خارج المفهوم الديني ما زال يؤثر سلبا في المجتمع الأمريكي مما جعل بعض علماء الاجتماع يطالب بعودة جديدة الى القيم الدينية لخلق إسناد أخلاقي للمجتمع في القرن الحادي والعشرين، أما فوكوياما الذي ما زال يعتقد بصدق نظريته في نهاية التاريخ فقد ظهرت انتقادات للديمقراطية الليبرالية التي يؤمن بها وضعتها امام احتمال تجاوزها الى ديمقراطية الانترنت والتي هي الديمقراطية المباشرة لكل الشعب كذلك ظهرت تحديات امام الديمقراطية الاوربية جعلها تختار التركيز على الجانب الاقتصادي للديمقراطية حتى وصفت بالاشتراكية الديمقراطية كما هو الحال في فرنسا والمانيا وبريطانيا مما عزز فكرة الطريق الثالث للديمقراطية وهو بين الليبرالية والاشتراكية، وسيتبع هذا الكتيب كتيب آخر عن اشكالية العلاقة بين الاسلام والديمقراطية ثم يتبعه آخر عن العراق الديمقراطي اسلاميا وليبراليا وعسى ان تكون هذه الكتيبات مساعدة للقاريء العراقي خصوصا لكي يفهم حقيقة الديمقراطية نظريا قبل ان يمارسها تطبيقيا . واخيرا فان مصادر هذه الدراسات الثلاث كان الانترنت في اكثر من 90% منه وخاصة عروض الكتب الجديدة الصادرة في العالم الغربي خاصة والمترجمة الى اللغة العربية والتي لم يحتفل بها السوق العراقي بعد وقد كانت طريقة العرض ذات طابع وصفي لا نقدي ولا تحليلي من باب اننا نعرض لما كتب كما هو سوى رأي المؤلفين والكتّاب انفسهم في ما يطرحونه من انتقادات. شيء عن المصطلح والتعريف لا شك أن كلمة الديمقراطية من اكثر الكلمات غموضا وشيوعا في التداول الثقافي والشعبي وكما قال عالم السياسة بيرنارد كريك (إن كلمة الديمقراطية هي اكثر الكلمات اضطرابا وغموضا فهي مصطلح قد يعني شيئا بالنسبة لكل شخص بحيث تكون هناك خطورة بأن تصبح الديمقراطية كلمة بدون معنى) وإذا كانت الديمقراطية لغة تعني حكم الشعب نفسه بنفسه وكانت هذه الكلمة قد ظهرت في العصر اليوناني لوصف نظام سياسي واستمرت اكثر من قرنين من الزمان ثم اختفت إلا أنها عادت وظهرت مع الثورة الفرنسية عام 1789ميلادية إلا أن مفهومها عبر هذه السنوات العديدة قد دخلت عليه إضافات تتناسب وتطور المجتمعات التي تطبقها مما ادخل الغموض والتنوع اللانهائي على معناها حتى نرى الدكتور سمير أمين يقول عنها ( ليس مفهوم الديمقراطية مفهوما علميا يمكن بالتالي تعريفه تعريفا وحيدا دقيقا لا يقبل المناقشة والشك، بل كلمة الديمقراطية هي مجرد تعبير لغوي مائع يتغير بتغير المتحدث والظروف ورغم ذلك فالإنسان – أي إنسان- يحس تماما إذا كان المجتمع المعين الذي يعيش فيه (ديمقراطيا) حسب رأيه أم غير ديمقراطي، وينطبق ذلك على الفلاح الأمي كما ينطبق على المثقف المتغرب ولكن مفهوم الفلاح لماهية الديمقراطية أو عدمها قد يختلف عن مفهوم المثقف – أزمة المجتمع العربي ص135) لقد وصل الخلاف إلى الاختلاف حتى على الكلمة والمعنى في النقاشات التي تدور في العقل الأوربي ذاته حتى ادخلها الكاتب روبرت هـ ثاولس في باب التفكير الأعوج حيث قال (إن النزاع اللفظي قد يكون حول كلمة –الديمقراطية- في حين أن النزاع الحقيقي يكون حول الديمقراطية، أي حول نظم الحكم التي هي مدلول كلمة – الديمقراطية، وإذا كنا نظن أننا نتناقش عن الديمقراطية في حين أن موضع الخلاف في الحقيقة هو على كلمة الديمقراطية فإننا نكون في ذلك قد خلطنا في الأمر وحسبنا خطأ النزاع اللفظي بأنه نزاع واقعي – ص90 التفكير المستقيم والتفكير الأعوج). وهكذا نرى أن الديمقراطية كما يقول علي المؤمن في بحث له عبر الإنترنت مفهوم- فضفاض ساهم في إثرائه عبر عقود طويلة من الزمن كثير من المفكرين السياسيين كل حسب نظرته لهذا المفهوم فجاء إطارا كبيرا يجمع في داخله العديد من التيارات الفكرية التي تتفق على بعض الخطوط العامة وتختلف في معظم التفاصيل بيد أن الديمقراطية تبلورت بمرور الزمن في الديمقراطيات الحديثة المطبقة –بشكل أو بآخر- في الغرب وعرفت بالديمقراطية التقليدية الغربية- . لقد كان جان جاك روسو قد تحدث عن أن الديمقراطية مستحيل تطبيقها بدقة وقال إنها لم توجد ولن توجد أبدا بعد أن وصفها بالمثالية وانه لو كان هناك شعب من الآلهة لحكم نفسه بطريقة ديمقراطية لان هذا النوع من الحكم –كما يقول- بلغ حد الكمال لا يصلح للبشر ويقول ( إذا أخذنا عبارة الديمقراطية بكل معناها الدقيق نجد أن الديمقراطية لم توجد أبدا ولن توجد أبدا فمما يخالف النظام الطبيعي أن يحكم العدد الأكبر وان يكون العدد الأصغر هو المحكوم ولا يمكن أن نتصور بقاء الشعب مجتمعا على الدوام للنظر في الشؤون العامة ونستطيع أن نرى بسهولة انه لا يمكن إقامة لجان من اجل ذلك دون تغيير في شكل الإدارة ) أي أن الديمقراطية المباشرة كانت مستحيلة التصور حتى في عقل جان جاك روسو وهكذا تحولت الديمقراطية إلى ديمقراطية غير مباشرة عبر الأسلوب التمثيلي والبرلماني . لاشك أن الديمقراطية كما يقول أحد الكتاب (عملية متعددة الأوجه ذات أبعاد متشابكة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية جوهرها توسيع دائرة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات والرقابة الفاعلة على تنفيذها وذلك على جميع المستويات وفي مختلف الميادين لكنها لن تتجسد حقوقيا ومؤسسيا إلا حين تجد فيها أوسع قطاعات الشعب مصلحتها فتطالب بها وتعمل على تحقيقها وصيانتها لذلك يكون من الوهم الاعتقاد بان الحريات والديمقراطية تأتي هبة من الحاكم أو تفرض فرضا من خارج المجتمع – ص6 الثقافة الجديدة ع303-2001), . واليوم ونتيجة لكثرة المستجدات على الممارسة الديمقراطية عموما وفي العالم الثالث خصوصا وتركيزا لهذا المفهوم على خصائص معينة لتحديده وجدنا مكتب البيت الأبيض عام 1993يحدد خمس مبادئ أساسية يمكن من خلالها الحكم على الديمقراطية في أي مجتمع ، هذه الخصائص هي حرية الانتخابات ونزاهتها، حقوق المعارضين السياسيين في العمل بحرية كاملة، وضع قيود على السلطات التعسفية للدولة وبخاصة أعمال القبض والاحتجاز والتعذيب ضمن أشياء أخرى، وحقوق المواطنين في التنظيم في اقليات في العمل او حول اهتمامات اخرى وقضاء مستقل للرقابة على سلطة الدولة، واكد المكتب على انه فيما يتجاوز هذه النقاط فان هناك مجالا كبيرا لاختلاف التطبيقات الديمقراطية... وعلى الرغم من أننا في الوطن العربي نكاد لا نجد حزبا يساريا أو محافظا أو قوميا أو اشتراكيا وحتى ماركسيا إلا ويستخدم في أهدافه لفظ الديمقراطية كشعار إلا أننا بالمقابل لا نكاد نجد نظاما واحدا يطبق مفاهيم الديمقراطية الحقيقية في مجتمعه وهذا ما ادخل كثيرا من التشوهات على مفهوم الديمقراطية ذلك الشعار الفضفاض غير المحدد حتى وصل القول إلى أن الديمقراطية غير صالحة لهذه البلدان لاسباب عديدة لعل أولها عدم فهم حقيقة الديمقراطية وآخرها عدم الإيمان بها حقيقة لأنها كما تقول بعض الأحزاب الدينية بضاعة غربية استعمارية فهي كفر على وفق قناعاتهم؛ فهل الديمقراطية حقا لا تصلح للمجتمعات الدينية وكيف تعاملت مع المسيحية التي كانت تحكم البلاد قبل وجودها وكيف تفهمت المسيحية الديمقراطية وتعاملت معها ؟ الديمقراطية والمسيحية: حينما افتقد الغرب المفاهيم الميتافيزيقية الغيبية للدين نتيجة تعلقه بالعلوم الطبيعية وما توصلت إليه من حقائق علمية، وفي نفس الوقت مارس السلوك الديمقراطي حتى أصبحت حياته عبر السنين الماضية مطبوعة بالطابع الديمقراطي هذا، لم يكن يفتقد لمعالجة آلامه النفسية إلا البعد الديني الروحي العميق الذي كانت المسيحية قد استوعبت فيه كل آلام البشر ومعاناتهم، ولما كانت المسيحية قد تحولت بفعل الديمقراطية إلى أخلاقيات سلوكية فقط متناسية الجانب الروحي الغيبي حيث اصبح الطلاق واقعا بين الكنيسة والسياسة فقد أصبحت النفسية الغربية بحاجة إلى سلم جديد للقيم يكون مرجعا لتقويم السلوك الأخلاقي الديمقراطي في ضوئها، من هنا طرحت مفردات المواطنة والسلوك الحضاري للتعبير عن هذه المرجعية بما تعنيه من مضامين ديمقراطية تجعل الحقوق الفردية في حدودها المعينة، وهكذا وجدنا أن السلوك الحضاري بهذه المعاني يسمح للأخلاق الحميدة التي يعبر عنها بالمجاملة بحيث يمكن قيام تعاون بين أشخاص ذوي نزعات مختلفة ومتعادية على الأغلب فالمجاملة ضمن المفهوم الديمقراطي هي سلوك حضاري يسمح بعمل المتخاصمين في هيئات تشريعية تمارس سياسة مصلحة خاصة من دون حصول خلافات [تقاطعات سلبية] فالمجاملة تسمح هنا بتحقيق الأغراض الخاصة لبعض الأشخاص من دون أن يكون هناك اتفاق بين الجميع وبالرغم من عدم توافقهم يظل الأفراد المتنافسون على علاقات ودية بعضهم ببعض أي أن السلوك الحضاري وفق المنهج الديمقراطي يتكون قبل كل شيء من الأخلاق الحميدة حيث تقول القاعدة الأولى فيه : كل عمل تقوم به في الرفقة يجب أن يكون في نفس الاحترام لأولئك الآخرين وكان جورج واشنطن يؤكد على مفهوم الضمير وهو يثقف المجتمع الأمريكي على الديمقراطية حيث كان يقول ( اعمل على أن تبقي في صدرك تلك الشرارة الصغيرة من النار السماوية التي تدعى الضمير) كما كان يؤكد على أن يكون السلوك الحضاري (نوعا من الشرف أو الاهتمام بالشرف، والشرف من دون مبادئ سيكون عارا أما الشرف الحقيقي فيكمن في القيام بالأعمال العادلة النبيلة حبا بها لذاتها وليس من اجل أي مكافآت عرضية غير ذات قيمة –ص84-السلوك الحضاري والمواطنة). لقد امتدت الممارسة الديمقراطية إلى مساحة كبيرة من العالم كما امتدت إلى مساحة كبيرة من الفكر حتى تحولت إلى أشبه ما يكون بديانة للعالم الغربي الذي حلت له الديمقراطية في عصر النهضة والتنوير مشكلة الطائفية المسيحية من بروتستانتية وكالفنية وكاثوليكية وغيرها، لقد وصف القرن العشرون من قبل كثير من الفلاسفة بانه قرن القلق بسبب غياب الروح الدينية التي تشفي النفوس وتملأ الروح بالمعاني الميتافيزيقية الغيبية حتى قال عنها بريتون يصفها في كتابه تشكيل العقل الحديث ( أن المعتقدات الجديدة يعوزها الثراء والعمق في إدراك حقيقة البشر الموجودان في الديانات القديمة ومن ثم نراها عاجزة عن حل مشكلة الإنسان حين تحدق به الشدائد فلا تمنحه السلوى والعزاء مثل الديانات القديمة حيث أن البشرية حتى في الغرب لم تقو على تبني النظرة المأساوية من دون عون عقيدة ذاتية غيبية، ولهذا يتعين على الديمقراطية أن تهتدي بصورة ما إلى سبيل لشفاء النفس إذا لم يكن لزاما عليها أن تعود إلى المسيحية وهذا ما يريده الكثيرون اليوم –ص387 تشكيل العقل الحديث). وتظهر الروح المسيحية الدينية كحقيقة حينما نرجع إلى تأكيد العلماء أن ثمة شيئا لا يتغير أبدا ليس شيئا من التاريخ ولكنه لا يزال بعضا منا ولكن يبدو واضحا أننا معشر البشر نتشبث باليقين فأولئك الذين أضاعوا اليقين المسيحي حاولوا على الفور البحث عن يقين علمي أو يقين تاريخي أو أي يقين يكتشفونه في أي مكان، ونحن-كما يقول العلماء- نتشبث بالعلم الكامل الشامل الذي يحيط بكل شيء كصنو لليقين، ننشد قوة عليمة تحيط بكل شيء علما إن لم يكن الله ويؤكد البعض أيضا أن أهل الديمقراطية التشاؤمية إذا ارتابوا في النزعة النسبية الكاملة والمطلقة فيما يتعلق بالقيم فسوف يكون عسيرا اشد العسر إقامة مثل هذه الديمقراطية في عصرنا ، ويصلون إلى القول إذا كان لابد من دين جديد فان التاريخ الغربي كله يوحي بان هذا الدين لن يأتي على يد المفكرين بل عن طريق مصدر آخر أكثر تواضعا وانه سيكون ولو إلى حين على الأقل أمرا شديد العسر على نفوس المفكرين الرسميين ، ويصل العلماء إلى القول ( إن الديمقراطية المثالية أي ديمقراطية مؤمنة (بالمعنى السامي للعقيدة الدينية) قد تكون أمرا ممكنا على الرغم من أن ديمقراطية كهذه قد يكون عسيرا عليها أن تلائم إرثها الدنيوي والعلمي مع العقيدة الأخروية -ص387 ن م). إن المفاهيم التي طرحت السلوك الحضاري للديمقراطية قد حاولت هضم المفاهيم المسيحية وتوظيفها لحسابها من دون البعد الغيبي والروحي لها وانما لضبط السلوك الإنساني المطلوب للديمقراطية، ونقطة الانطلاق في المفهوم الديمقراطي للسلوك الحضاري هذا يذهب إلى التبرير التالي (السلوك الحضاري المبني على فصل الكنيسة عن الدولة يعني بأن الوحي لا يطبق بالقوة ليبطل احتجاجات العقل البشري، كما يعني أن لا يجبر العقل على إصدار أحكام على ادعاءات الوحي، وهكذا تؤكد حدود الحكمة البشرية عدالة الحكومة المحدودة والمواطنة وسلوكها الحضاري –ص87 السلوك الحضاري والمواطنة). إن المفهوم العلماني للديمقراطية والفصل بين الكنيسة والدولة في رأي الديمقراطيين ( لا يجب أن يعني فصل الأخلاق عن السياسة أو القيم عن الوقائع، بل يجب أن يعني انه يوحد الأخلاق المدينية والتعليم الأخلاقي للدين من خلال كلمة الضمير) بل ان المفهوم الديمقراطي للسلوك الحضاري يذهب إلى ان هناك حق اسمه حق الضمير حيث انه (لا يمكنه –حق الضمير- ان يأمر بأي أمر مناقض للقانون الطبيعي فحق الضمير نفسه هو أحد حقوق الإنسان الطبيعية ولابد ان يمارس على نحو يتناسق مع باقي الحقوق) لقد كان جورج واشنطن يذهب إلى ان الدين والأخلاق ليسا مجرد وسائل للازدهار السياسي فقط انهما العمودان العظيمان للسعادة البشرية والسعادة شرط او نشاط تستدعيهما الأخلاق والدين ومن دونهما لن يكون الإنسان سعيدا سعادة حقة مع انه يسلم بان تأثير التعليم المهذب على العقول بنية معينة قد يسمح للأخلاق وحدها في ان تكون كافية في حالات قليلة جدا، ويؤكد الدارسون ان السلوك الحضاري اصبح هو النقطة التي جرى عندها استمالة التقاليد الكلاسيكية المسيحية في السياسة الغربية والتي ظلت في حالة توتر لمدة طويلة حيث تم اللقاء في النهاية التقاء اعتمد على إجراء تعديلات أساسية على كل منهما والذي ظل اقل بكثير من الاتحاد التركيبي وبكلمات أخرى يمثل السلوك الحضاري التحويل الليبرالي المميز والمحبة المسيحية على حد سواء ووريثها الوحيد المتفق عليه. ويعتقد الديمقراطيون اليوم ان السلوك الحضاري يظهر تغييرا هائلا عظيما في أمور السياسة والدين معا بحيث انه من الصعب الآن إدراك ما قبل العصرية لأي منهما فمسيحي معاصر هو بالضبط ذلك الذي يقبل صحة السلوك الحضاري كترجمة لمتطلبات المحبة وهو بكلمات أخرى يوافق على ان المحبة تتطلب ان تحجم عن القسر في أمور العقيدة وان كل قسر كهذا هو تصرف غير مسيحي بكل ما في الكلمة من معنى .لقد كان اكتشاف السلوك الحضاري أو التسامح كما اسموه هو الوسيلة للتوفيق بين متطلبات الاستقرار المدني ووجود الفرق المسيحية المتنافسة فقد هدف مكتشفوا هذا السلوك الى فك قبضة المسيحية السياسية من دون توجيه أية إساءة قاتلة للمسيحيين المعتدلين او القابلين للإقناع ،لذلك قدموا السلوك الحضاري لا على انه رفض بل على انه تحويل للمسيحية وحملوه على انه التفسير الصحيح للكتاب المقدس الذي استغلق فهمه على الطوائف المتعصبة ولهذا السبب اخذ السلوك الحضاري الكلاسي شكل تعليق على الكتاب المقدس –ص 108 ن.م-. لقد تحول جوهر المحبة المسيحية الحقيقي إلى التسامح الليبرالي بين الطوائف المسيحية وحتى في وجود الطوائف غير المسيحية طالما كانت هذه الطوائف نفسها متسامحة ،وبالنتيجة فان ممارسة التسامح نفسه –رفض مفهوم السياسة المسيحية –ضمن وجود الإيمان المسيحي . لقد كان السلوك الحضاري الفضيلة الجديدة أيضا وهو الذي كان عليه ان يأخذ وعلى مدى واسع مكان المواطنة في مجتمع ما بعد المسيحية الجديد فالمواطنة في المعنى القوي الكلاسي ماتت منذ زمن طويل ، وقد عبر عن هذا المعنى بالقول (ان علينا في المجتمع الديمقراطي ان نكون متسامحين وان الناس في المجتمع الديمقراطي لهم حقوق طبيعية وان من بين هذه الحقوق حرية العبادة وحرية الكلام وحرية النشر والصحافة وحرية الاجتماع ، وعلى المؤسسات ان تعمل والى آخر مدى لكي تكفل عمليات كل ما تمجده وتسعى إلى تأمينه وليس هذا كل شيء فان ركيزة الديمقراطية وجوهرها ان علينا جميعا ان نتسامح حقا وفعلا مع أولئك الذين يختلفون معنا بشأن القضايا العميقة المتعلقة بمصير الإنسان –ص22 تشكيل العقل الحديث).
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() الديمقراطية والعولمة |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() إذن فمقاليد المستقبل كما يقول فوكوياما لا تكون إلا في إطار الديمقراطية الليبرالية وهذه نظرية في فلسفة التأريخ يثقف عليها العالم فما الذي يقوله العالم بأحداثه الحقيقية اليوم وكيف يرسم مستقبله عبر هذا ..؟ يتعرض الكاتب الأمريكي فريد زكريا في كتاب جديد له صدر هذا العام (2003) عن هذا الموضوع بشكل تفصيلي معتبراً ان الليبرالية هي سمة المستقبل وان كان هناك عدة دول تفصل بين الديمقراطية والليبرالية وخاصة دول العالم الثالث .يطرح زكريا في كتابه السؤال التالي (1) ( هل يمكن ان نصالح بين الديمقراطية والليبرالية أي الحرية ؟ ويؤشر حقيقة ان المجتمعات الغربية هي مجتمعات ديمقراطية ليبرالية أما المجتمعات الأخرى كالمجتمع الروسي او الفنزويلي او الفلسطيني فهنا توجد ديمقراطية وانتخابات حرة ولكن لا توجد حرية فبوتين الرئيس الروسي هو حاكم مستبد في الواقع وهو ما ينطبق على رؤساء آخرين . ويؤكد زكريا أنه توجد اليوم في العالم 119 حكومة ديمقراطية أي نسبة 62% من حكومات العالم كله وقد سقطت الأنظمة الفاشية والشيوعية وأصبحت الملكية عتيقة |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() 4-الطريق الثالث بين الاشتراكية والديمقراطية: |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() ان الحرية الديمقراطية ليست كافية للمجتمع اذا لم تستطع ان تحقق معها إنجازا اقتصادياً ملموساً ، وقد كانت الديمقراطية في منتصف القرن العشرين تؤكد على هذا المبدأ ( إننا لو طبقنا الديمقراطية وحقوق الإنسان وغير ذلك على خير وجه وأتمه فسوف يفضي هذا كله من خلال التفاعل الحر بين الطموحات الإنسانية إلى شيء أشبه بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية ، فلن يكون ثمة ثري شديد الثراء او فقير شديد الفقر ، بل تباين سوى في الجزاء داخل إطار مجتمع المساواة بالمعنى الواسع ) . |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc