أخيرا وبعد سنوات من الصمت والتكتم والإنكار من طرف السلطات الجزائرية، علم الجزائريون باختفاء 20 طنا من الورق الخاص بطبع العملة الوطنية (الشروق اليومي 22 سبتمبر2011 ص4)...
-
ولكن دون معرفة ما يمكن أن يلقي الضوء على هذه الجريمة العظمى في حق الاقتصاد الوطني مما يزيد في طرح التساؤلات عمن يقف وراءها والهدف الحقيقي منها، خاصة وأن كميات كبيرة من هذا الورق لا تزال بين أيدي الذين سرقوه أو حولوه على الرغم من مرور أكثر من 5 سنوات على العملية.
-
وفيما عملت الشرطة الإيطالية والقضاء الإيطالي طيلة هذه المدة، ولو بالقليل من الاهتمام، على كشف خيوط هذه العملية التي وصفت بالأكبر من نوعها في التاريخ فإن الجانب الجزائري لم يحرك ساكنا وظل متسترا، ما عدا تبادل محتشم للمعلومات وعلى مستو ضيق بين الوزير الأول ووزير المالية ومحافظ بنك الجزائر الذي لم يُطلع الوزير على الحادثة إلا سنة 2008، أي سنتين كاملتين بعد وقوعها، مكتفيا بما تضع الجمارك ومصالح الأمن الجزائرية يدها عليه داخل التراب الوطني من العملة المزورة من فئة 1000 دينار بوتيرة شبه يومية منذ ذلك التاريخ والواردة أساسا من تونس وبعض الدول المجاورة والتي لا بد أن تكون مطبوعة في فرنسا وإيطاليا.
-
هذا اللبس وهذا التكتم من الجانب الجزائري على القضية عندما يضاف إلى المواقف المراوغة المعبر عنها من الجانب الفرنسي لا بد وأن يزيد في حدة الشكوك المطروحة حول أن تكون العملية مؤامرة على الاقتصاد الجزائري في إطار حملات الضغط والابتزاز الفرنسي لإحكام الهيمنة على الجزائر وإخضاعها تماما للتبعية خاصة في ظل ضعف حجة السلطات الجزائرية وعدم قدرها على الرد أو المقاومة كونها مقيدة بعوامل تاريخية معروفة.
-
فالمعروف حتى الآن عن هذه القضية هو أن بنك الجزائر قد اشترى الورق من مصنع ألماني متخصص في إنتاج ورق العملات ولكن لما كان كل شيء تستورده الجزائر من أوربا ومن غيرها لا بد أن يمر عبر الموانئ والطرق الفرنسية لتأخذ فرنسا "حقوقها" من ثروات النفط الجزائري، فقد كان لزاما أن يسلك ورق العملة نفس السبيل ويسرق من الطريق العام في فرنسا دون أي رد فعل من السلطات الفرنسية في الوقت المناسب رغم قيام السائق الألماني للشاحنة التي كانت تنقل الورق بشكوى للسلطات الفرنسية المعنية فور وقوع الاعتداء.
-
واليوم يذهب قلق البعض إلى أبعد مما جرى حتى الآن، ويخشى أن يكون إصدار الورقة الجديدة من فئة 2000 دينار قد تم خصيصا لاستغلال الكمية المتبقية من الورق المسروق والمخبأة في أماكن ما من فرنسا وإيطاليا والتي لا تقل عن 18 طنا، خاصة وأن مصالح الأمن في الجزائر قد بدأت النسخة المزورة من هذه الورقة. والنزيف مستمر؟..