ما بين رمضان الماضي ورمضان القادم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ما بين رمضان الماضي ورمضان القادم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-09-15, 07:08   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
albayan
عضو جديد
 
الصورة الرمزية albayan
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي ما بين رمضان الماضي ورمضان القادم

سارة بنت محمد حسن

لا بد أن القارئ تعجَّب من العنوان ولا ريب ؛ فليس هذا وقت يُعتَاد الكلام فيه عن رمضان ؛ ولهذا اخترته ! فقد مضى ما يقرب من نصف العام على رمضان الماضي وبقي مثلها تقريباً حتى رمضان القادم .

ومنا من سيعيش ليدركه ومنا من لن يدركه ، كما أنه كان منا من أدركه ، ومضى بعضنا قبل بلوغه .

والسؤال الآن : هل فترت الهمم عمَّا عهدناه في رمضان ؟ هل نسينا ما عزمنا عليه آنذاك ونحن نبكي فِراق الشهر ليلة العيد ؟ هل فترت الهمم هذه الأيام ؟ بل قبلها بأيام ... عفواً بأشهر ؟ نعم فترت ! لماذا ؟ لكي نعلم ضعفنا ونلزم قَدْرَنا ولا نغتر بأعمالنا .

فنحن لم نجتهد في رمضان ؛ ولا تُسَمِّ قيامك وصيامك اجتهاداً ، ولو كنتَ سميته اجتهاداً وأعجبك وانتفختْ له أوداجك ، فاعلم أنه سبب من أسباب الفتور .

وَلِنعلم أننا لم نجتهد في رمضان ، علينا أن ندرك كيف مرت عبادتنا فيه : لقد كبل الله لنا الشياطين ، وسيَّر لنا قارب العمل فصعدنا مع الصاعدين ، وسار بنا الركب مع التيار بلا جهد يُذكَر ؛ فما أيسر العمل مع العاملين !

وهذا حال رمضان والمجتهدين ؛ فما أسهل الإبحار مع التيار ! فالجميع في رمضان قد صام وقام ( أعني أغلب من حولنا ) ، والجميع تحركت شفاههم بالذكر والقرآن ، بل إن مواعيد دوام الأعمال تغيرت فصار لدينا متسع من الوقت للراحة ومِن ثَمَّ العبادة ، فظهرت أمارات الصلاح فأنت لست غريباً ولا تبحر ضد التيار ... وما أصعب الإبحار ضد التيار !

وعند انتهاء الثلاثين يوماً المباركات وقد نهلتَ فيهن من الحسنات – بإرادتك أو رغم أنفك - فلا تعجب بنفسك ولا تظن فيها الخير وتتفرج أساريرك ثقةً وتتقلب شفتاك ازدراءً لحال أقوام تظن أنهم لم ينالوا ما نلت ، بل احمد ربك الذي أعطاك فلم يحرمك ، ورَغَّم شيطانك فلم يخذلك ، وكبح جماح نفسك بما رزقك من الصوم فلم يُسلِمك : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } ( يونس : 58 ) .

ولم أتعرض في كلماتي القليلة للرياء والتسميع وما إلى ذلك رحمة بنفسي وبالقارئ .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « لكل عمل شِرَّة ، ولكل شرة فترة ؛ فمن كانت فترته إلى سُنَّتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك » [1] .

إذاً هذا الفتور الحالي بعد مرور نصف عام على رمضان يجب أن يوجَّه لكي يكون على سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فهو من نعم الله علينا لنعلم أن الله هو الرزاق ؛ يرزقنا العمل ثم يجزل لنا العطاء عليه ، فإن حُرمتَ هذه الأيام عملاً كنتَ عملته من قبل فارفع كفَّيِّ الضراعة متوسلاً لله - تعالى - وافرح بقبضة الحزن تعتصر الفؤاد وقل : « يا رب ردَّني إليك رداً جميلاً » .

لعل الذي نفسي ونفسك بيده أن يُجري عليك الرزق من جديد ؛ فإنه – سبحانه - ما منعك إلا ليعطيك ؛ فابسط كفاً : وتصدق علينا [2] فما أحوجنا لمعرفة قَدْر أنفسنا ، وما أحوجنا لرفع أيدي الضراعة لرب العزة - سبحانه - لنعترف بين يديه بضعفنا وعجزنا إلا أن يتغمدنا الكريم الرحيم برحماته ، وما ألطف العليم الخبير بعباده ؛ إذ جعل لهم من أنفسهم واعظاً ، فما اشتكى أحدهم الفتورَ إلا كان حقاً علينا أن نبشره بالتوبة ، فَلْيستبشر خيراً فإن شكواه دليلُ إيمانه ؛ فإنه لو كان ميتاً لما كان للجرح ألمٌ ؛ وهل لجرح بميت إيلام ؟ وعن عبد الله بن مسعود عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال : « سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوسوسة . قال : تلك محض الإيمان » [3] .

ومن هذا الحديث نفهم أن دخول الوساوس على القلب دليل الإيمان فإن الشيطان كاللص ؛ فما يفعل اللص في البيت الخرب ؟ اللص يدخل البيوت المليئة بالذهب والفضة ، ونستطيع أيضاً أن نقول : إن حزن القلب بسبب الفتور والوساوس دليلُ إيمانه ؛ لأنه لو كان كارهاً للحق لما أحزنه فتوره وضعفه ووسوسته .

وعن حذيفة بن اليمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « تُعرَض الفتن على القلوب عرض الحصير عوداً عوداً ؛ فأي قلب أُشرِبها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا ، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مربَادّاً كالكوز مجخياً ، لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، إلا ما أُشرِب من هواه » [4] .

فإن الشيطان يلقي بالشبهات والنفس تلقي بالشهوات وقد يختلط الأمران معاً فتشتهي النفس ويشبِّه علينا الشيطان الحِل والحرمة ؛ فَحُزْن القلب دليل الرفض ويبقى على القلب عمل لا بد منه ؛ وهو أن يتوجه إلى ربه بالضراعة ولا يكتفي بالحزن ولا يقف عنده طويلاً ؛ فإن له رباً رحيماً ما منعه شيئاً إلا ليعطيه خيراً منه ؛ فاسأله - يا عبد الله - تنلْ رضاه .

ولولا الفتور لتمادينا في العُجْب والرياء حتى نذوق الخذلان بما قدمت أيدينا .

وأعظم خير يأتي به الفتور ذلُّ النفس بين يدي العزيز الرحيم ؛ فلا تحرم نفسك هذا الذل بين يديه في جوف الليل تشتكي إلى الله عجزك ، وتتضرع إليه أن يتغمدك برحماته ؛ فوالله لولا الله ربنا ما اهتدينا !

فكل مقاومة بحزن وتضرع لله - تعالى - تنكت في القلب النكتة البيضاء التي ذُكرَت في الحديث حتى يصير القلب سليماً لا تضره الشبهات ولا الشهوات : } وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } ( العنكبوت : 69 ) .

وبعدُ فهذا نوع من الأمل يسطع نوره في ظلمات القلب فيستبصر الطريق ولا تشطح به الوساوس فيظل في دائرة من الفتور ، لا يُرى لها بداية ولا نهاية .

نسأل الله العظيم أن يغفر لنا ذنوبنا ويتجاوز عن سيئاتنا ويرحمنا ؛ فإن الله هو الرحيم الودود .








(1) صحيح الجامع .

(2) انظر كتاب الفوائد ؛ حيث ذكر فيه ابن القيم جملة بديعة قال في آخرها : وابسط كفاً : وتصدق علينا « كناية عن التذلل لله - تعالى - تذلُّل السائل الذي ضاقت به السبل حتى أُغلقَت دونه ولم يجد إلا باباً فولجه ولوج الغريق الذي وجد نجاة بعد ما كاد أن يهلك ، وهي جزء من آية في سورة يوسف ؛ حيث توسل إخوته إليه بعدما ابيضت عين أبيهم وأُخِذ أخوهم واحتاجوا الميرة حاجة شديدة فمسهم الضر فلم يجدوا غير أن يبسطوا أيديهم إليه وقالوا له : { فَأَوْفِ لَنَا الكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا } (يوسف : 88) .

(3) رواه مسلم .

(4) صحيح الجامع .


رابط المقال
ما بين رمضان الماضي ورمضان القادم









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-09-15, 08:25   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2011-09-15, 10:43   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الماضي, القادم, رمضان, ورمضان


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:29

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc