السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بســـــم الله الـــــرحمن الرحيــــم
ليعلـم أن من ابتـدع في دين الله ما ليس
منـه فإنـــه يقع في عدة محــاذير منها :
المحذور الأول:أن فعله يتضمن تكذيب ما
دل عليه قول الله عز وجل
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ
غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَـإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
لأن هذا الذي أحدثه واعتقده ديـناً لم يكن
من الدين حين نزول الآية فيكـــون الدين
لم يكمـــــــل عـــلى مقتـــضى بـــــدعته
المحذور الثاني:أن ابتداعه يتضمن التقدم
بين يدي الله ورسوله حيث أدخل في دين
الله تعالى ما ليس مــنه. والله سبحانه قد
شرع الشرائع وحــــد الحــدود وحذَّر من
تــعديها ولا ريــــب أن من أحــــــدث في
الشريعة ما ليس منها فقد تقدم بيـن يدي
الله ورسوله ،وتعدى حدود الله ومن يتعد
حـدود الله فأولئـــــك هــــم الظـــــالمون.
المحذور الثالث :أن ابتداعه يستلزم جعل
نفسه شريكاً مع الله تعالى في الحكم بين
عباده كما قال الله تعالى ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء
شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ
وَلَوْلَا كَلِمَــةُ الْفَصْــــــــلِ لَقُـــضِيَ بَيْنَهُمْ
وَإِنَّ الظَّالِمِيــــنَ لَــــهُمْ عَــــــذَابٌ أَلِيمٌ )
المـحذور الـرابع : إن ابــتــداعه يستلزم
واحـداً من أمرين ، وهما : إما أن يكون
النـبي صلى الله عليــــه وسلــم جـــاهلاً
بكــون هذا العمل من الديــــن ، وإما أن
يكـون عالماً بذلك ولكن كتمه ، وكلاهما
قدح في النبـي صلى الله عليه وسلم أما
الأول فـقـــد رماه بالجهـــــــل بأحــــكام
الشـريعة ، وأما الثاني فقد رماه بكتمان
ما يــــعلــــمه مـــــــن ديــــن الله تعالى
المــحذور الخامس : أن ابتـــداعه يؤدي
إلى تـــطاول الناس على شريعــــــة الله
تعــالى ، وإدخالــهم فيها ما لـيس منها
في العقـــيدة والقول والعــــــمل ، وهذا
مــــن أعظم العدوان الذي نهى الله عنه
المــــحذور السادس : أن ابتداعه يؤدي
إلى تفـــريق الأمة وتشتيتها واتخاذ كل
واحــد أو طائفة منهجاً يسلكه ويتــــهمغيـــــره بالقصور، أو التقصــير ، فتقع
الأمــة فيمــا نهى الله عنه بقــوله ( وَلاَ
تَكُــونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَــــلَفُواْ مِن
بَعْــدِ مَا جَــاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَــــئِكَ لَهُمْ
عَــذَابٌ عَظِيمٌ ) وفيما حذر منه بقوله :
( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُـــمْ وَكَانُواْ شِيَعاً
لَّسْــــتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى
اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُــــــــونَ )
المحذور السابع : أن ابتداعه يؤدي إلى
انشغاله ببدعته عما هو مشـروع، فإنه
ما ابـــتدع قــــوم بدعــة إلا هدموا من
الشــرع ما يــــقابلها وإن فيما جاء في
كتاب الله تعالى ، أو صــح عن رسوله
صــــــلى الله عليه وسلم من الشريعة
لكـــــفاية لمــــــن هداه الله تعالى إليه
واستغـــنى به عن غيره قال الله تعالى
( يَا أَيُّهَـا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن
رَّبِّكُـــــمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى
وَرَحْمَـــــــةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ، قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ
وَبِـــــــــرَحْمَتِهِ فَبِـــــذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ
خَيْــــرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ). وقال الله تعالى
( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّـــي هُدًى فَمَـــــنِ اتَّبَعَ
هُــــــــدَايَ فَلَا يَضِــــــــــلُّ وَلَا يَشْقَى )
أســــأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا
المسلـــــميــن صـــــراطه المستقيم ،
وأن يتولانا في الدنـــيا والاخـــرة إنه
جواد كريم ، والحمد لله رب العالمين.
الشيخ محمد العثيمين