
المتابع للحملة الإعلامية لقناة الجزيرة هذه الأيام ومدى استنفارها لاسقاط النظام الحاكم في مصر , وتعتيمها على أي خبر من شأنه أن يضعف الفورة في مصر أو يحط من عزائم الفوار هناك , لا يمكن أن ندرجه تحت بند الإعلام المحايد , و لا يمكن أن تقوم به إلا دولة محاربة لمصر أو على الأقل محاربة للنظام الحاكم في مصر
لكن قناة الجزيرة ليست تابعة لدولة محاربة لمصر , ولا محاربة لنظامها الحاكم , ولا يوجد ما يبرر خلاف سياسي حاد بين النظام الحاكم في مصر والنظام الحاكم في قطر , فالنظام المصري والنظام القطري يتبعان لقطب واحد هو أمريكا , وتجمعهما علاقات وثيقة بالكيان اليهودي المسمى ( اسرائيل )
إذاً ما الحكاية ؟
الحكاية أن قناة الجزيرة تم تأسيسها في العام 1997 كجزء فاعل في مشروع أمريكي يهودي في المنطقة ( تابع التفصيل لاحقا ) وهي كما لا يخفى على الجميع موجودة في قطر حيث أكبر قواعد أمريكية خارج الأراضي الأمريكية , وحيث أكبر مخازن للأسلحة خارج أمريكا
وسياسة الجزيرة لا يحددها رئيسها حمد بن جاسم بن جبر رئيس وزراء قطر , ولا حتى أمير قطر وحرمه الشيخة موزة , فهؤلاء أقل وأصغر من أن يواجهوا دول بحجم مصر أو السعودية , وإن كانوا ضالعين في العمالة حتى الثمالة
من السهل جدا في العالم العربي إذا لم تعجبك جهة ما أن تتهمها بالعمالة ( كما أتهم هنا قناة الجزيرة وحكام قطر ) ولكنني هنا سأتحدث بالأدلة والقرائن التي لا يستطيع أن ينكرها أحد
قبل أن أشرح عمالة قناة الجزيرة , أو أن أبين ما يلي :-
السياسة الأمريكية - الإسرائيلية في منطقتنا تقوم على المكر والخبث والسرية , وهذا الأسلوب لم يألف العرب التعامل به عادة , حتى الخونة منهم , فالعرب تعودوا على أن عدوك في الظاهر ضدك وصديقك في الظاهر معك , ولذلك استطاعت الجزيرة أن تقنع المشاهد العربي أو أكثره أنها تقف في صفه , مع أن الأمر خلاف ذلك تماما
يقول الله تعالى ( وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ [إبراهيم : 46]
في السياسة الأمريكية ( الإسرائيلية خلفها ) الموجهة لمنطقتنا , هناك أمور معلنة , كالحث على الديمقراطية , ومحاربة الإرهاب , وهناك أمور سرية وغير معلنة , كدعم الإرهاب , و دعم الجماعات المعارضة , و التحالف ( سرا ) مع أنظمة غير حليفة لأمريكا , بل هي في العلن دول ( محور الشر ) كما تقول أمريكا ( علنا وليس سرا )
وهنا مربط الفرس ( دور قناة الجزيرة )
دور قناة الجزيرة هو دعم السياسات الأمريكية- الإسرائيلية غير المعلنة
فإذا أرادت أمريكا نشر الإرهاب أو تضخيم حجمه وبالتالي تبرير تصرف معاكس لهذا الإرهاب , قامت قناة الجزيرة بدعم الجماعات الإرهابية وتكبير حجمها
ففي بداية انطلاق قناة الجزيرة , بدأ المخطط الأمريكي لصناعة بعبع اسمه ( تنظيم القاعدة وابن لادن ) لتبرير تحرك عسكري ومخطط أمريكي - اسرائيلي كبير
في العام 1998 قامت الجزيرة ببث أول لقاءاتها مع ابن لادن وأعلن في هذا اللقاء ( بعد تفجير السفارات الأمريكية في دار السلام ونيروبي ) أن الخطوة القادمة لتنظيم القاعدة هو ضرب أمريكا من الداخل
وأعلن الرئيس الأمريكي بيل كلنتن أن أسامة ابن لادن هو عدو أمريكا الأول !!! ( لاحظ التضخيم وصناعة البعبع ) وتم الإعلان عن رصد مبلغ مالي كبير رصد لمن يقبض على ابن لادن ( مع أن ابن لادن تحت نظر عدسات طائراتهم التجسسية في أفغانستان آنذاك في العام 1998 )
نعود إلى قناة الجزيرة
بعد أحداث 11 سبتمبر بدأ المشروع الأمريكي ( الغير معلن ) واضحا في قناة الجزيرة
فبدأت خطابات ابن لادن والظواهري تبث في الجزيرة , وكأن الجزيرة قناة تبث من قندهار أو تورا بورا
واستقطبت الجزيرة كل ما من شأنه تضخيم تنظيم القاعدة والدفاع عنه من محللين وناشطين سياسيين إسلاميين أو علمانيين , وفي نفس الوقت شن الحرب على السياسة الأمريكية ( المعلنة ) من خلال مذيعيها والضيوف الذين تستضيفهم , كعبدالباري عطوان , وغيره
وبدأت الولايات المتحدة بتزويد قناة الجزيرة بالأشرطة التي يبثها تنظيم القاعدة
ولن أنسى ذلك اليوم الذي أعلن فيه وزير الخارجية الأمريكية كولن باول ( أن الجزيرة ستبث شريطا لابن لادن اليوم ) وفعلا تم بث الشريط
وهكذا تمضي سياسة قناة الجزيرة في تنفيذ السياسات الأمريكية- الإسرائيلية غير المعلنة
حيث تبنت هذه القناة دعم إيران ( العدو العلني والصديق السري لأمريكا واسرائيل ) ودعم الحزب الإيراني في لبنان , وصناعة هالة إعلامية حول أحمدي نجاد و حسن نصر الله
لن استرسل في ذكر الشواهد على دعم قناة الجزيرة لإيران ,ولكن حسبي أن أترك لك المقارنة بين كيفية تغطية قناة الجزيرة للثورة الإيرانية المحتجة على نتائج الانتخابات قبل عام , وكيفية تعاطيها مع ما حدث و يحدث في مصر اليوم
ومن السياسات الأمريكية ( غير المعلنة ) التي تنفذها قناة الجزيرة , عدم التعرض للنظام الحاكم في سوريا وعدم محاولة زعزعته كما فعلت مع دول عربية أخرى ؟
واسأل نفسك , إذا كانت قناة الجزيرة تحارب القمع والاستبداد ( كما تعلن )
لماذا لا تتعرض للنظام الحاكم في سوريا , مع أنه باتفاق الجميع تنطبق عليه مواصفات القمع والاستبداد والدكتاتورية الخ...
السبب هو التالي
النظام السوري في العلن عدو لإسرائيل , وغير حليف لأمريكا
بينما في الحقيقة النظام السوري هو أهم حليف لاسرائيل من ناحية أمن اسرائيل
واسرائيل لا يمكن أن تسمح بأن يهتز هذا النظام ( على الأقل في المدى المنظور ) لأن هذا النظام يشكل صمام أمان للجبهة الإسرائيلية في الجولان , حيث يحكم النظام السوري قبضته على هذه الجبهة مانعا أي محاولة للجماعات الفلسطينية أو الجماعات الإسلامية أو أيا كان من تنفيذ أي عمليات عسكرية من الجولان
بالضبط كما يفعل التنظيم الإيراني المسمى زورا ( حزب الله ) في لبنان , حيث يمنع أي محاولة لأي فصيل فلسطيني أو جماعة اسلامية من الاقتراب من حدود اسرائيل في جنوب لبنان منذ أن بسط الإيرانيون سلطتهم عام 1983 على جنوب لبنان
قد يقول قائل , ولكن قناة الجزيرة تساند جماعة حماس وتظهر الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
والجواب على ذلك : اسرائيل لا يهمها أن تكشف جرائمها ويسلط الإعلام ضدها في العالم العربي
الذي يهمها هو أن لا يصل الأمر إلى المشاهد في أمريكا وأوروبا
ولذلك تختلف تغطية قناة الجزيرة ( فيما يخص اسرائيل بالذات) الموجهة للعرب , عن تغطية قناة الجزيرة ( الإنجليزية ) الموجهة للغرب
وقد يقول قائل : إذا كانت قناة الجزيرة تنفذ سياسات أمريكية , ماذا عن قناة العربية
والجواب : قناة الجزيرة مكلفة بتنفيذ السياسات (غير المعلنة ) لأمريكا
أما قناة العربية فهي تنفذ السياسات ( المعلنة ) لأمريكا , كنشر الفكر الليبرالي ( محاربة الإسلام ) ومحاربة الجماعات الإسلامية بمختلف أطيافها , وكذلك دعم الأنظمة الحاكمة , والدفاع عن السياسات الأمريكية المعلنة , وعدم إثارة الشعوب على إسرائيل ,
والجميع يعلم أن العربية تمنع ظهور مذيعة محجبة , أو استقطاب أي كادر من كوادرها ذو خلفية إسلامية
بعكس قناة الجزيرة التي يكاد يسيطر عليها كوادر من جماعة الأخوان المسلمين , ولا تمانع أن تقدم مذيعة محجبة ( حجاب على الطريقة التي لا تغضب أمريكا )
لأن الجزيرة يهمها أن تقنع رجل الشارع العادي الذي تميل عاطفته للدين بمشروعها الخبيث
أما العربية فمهمتها تغيير فكر المواطن العادي الذي تميل عاطفته للدين إلى مواطن ليبرالي , لا ينتمي للإسلام وإنما ينتمي لفكرة شيطانية اسمها ( الليبرالية )
كلهم أدوات أمريكية , ولكن لكل منهم دوره المتنافر ظاهرا , والمتلائم في حقيقته لصالح أهداف سياسية أمريكية- اسرائيلية , وضد مصالح المسلمين
على طريقة المطرقة والسندان
نعود إلى قناة الجزيرة
كما أن الجزيرة تعمل بأجندة امريكية غير معلنة , كذلك أدواتها
ومن أدواتها الشيخ يوسف القرضاوي
يوسف القرضاوي دائما يندد بالتطبيع مع اسرائيل , ويندد بالحرب الأمريكية على الدول الإسلامية
وبرغم ذلك , يتعامى يوسف القرضاوي عن زيارة المسؤولين الإسرائيليين لقطر , لا , بل وأيضا لمقر قناة الجزيرة
ولا أستبعد أن يكون هناك وفد اسرائيلي في ردهات مبنى القناة أثناء دخول القرضاوي لتصوير برنامجه في استديو الجزيرة
فلماذا تعامى القرضاوي عن هذا التطبيع الفاضح مع اليهود ولم ينكره ؟؟
مصر , وبرغم أنها أول دولة عربية وقعت اتفاق سلام مع اسرائيل لم يزر مبنى التلفزيون فيها وفد من اسرائيل , ولو حدث ذلك لأقام القرضاوي ومن خلفه حزبه من الأخوان المسلمين ولم يقعدوها
أيضا , القرضاوي يندد بالغزو الأمريكي للعراق , وهو يعلم وربما يسمع هدير طائرات الشبح والبي 52 وهو تقلع من قاعدة العديد في الدوحة فوق سطح بيته لتدك العراق والعراقيين
فلماذا ( طنش ) القرضاوي ما يحدث في قطر
ولماذا أفتى القرضاوي بمشروعية وجود القواعد الأمريكية ( بحجة ) أنه تم توقيع الاتفاق عليها قبل قياك الحرب !
بالضبط كما أفتى القرضاوي بأنه يجوز للأمريكي المسلم أن يشارك مع الجيش الأمريكي في حربه ضد أفغانستان المسلمة ( ولكن أن يكون الجندي الأمريكي المسلم في الصفوف الخلفية للدعم والإمداد وليس للقتال )
لو صاغ "مجلس الفتوى" في البنتاجون مثل هذه الفتوى , لما أخرجها على هذا النحو من التأمرك
وأيضا , القرضاوي ندد بالحرب الإسرائيلية على لبنان قبل خمس سنوات
وهو يعلم أن الجيش الأمريكي في تلك الحرب أمد الجيش الإسرائيلي بقنابل ذكية من مستودعات الجيش الأمريكي في قطر
والمضحك أن القرضاوي يعلن قبل مدة في خطبة الجمعة عن سعادته بفوز قطر بملف استضافة كأس العالم 2022
لماذا يا قرضاوي أنت سعيد ؟؟ قال : لأن قطر انتصرت على أمريكا التي كانت تريد استضافة كأس العالم
يا عيني عليك يا قرضاوي !! يا عيني عليك
قرأت عن نصابين ,, وسمعت عن دجالين , لكن مثل الجزيرة وأدواتها ما شفت ولا عيني رأت
هذه هي إحدى أدوات قناة الجزيرة , تعمل بوجهين
بالضبط كما قناة الجزيرة
وكمن هم وراء قناة الجزيرة