قال أبو عبيد العسقلاني :
رأيت أبا عبيدة الخواص لم يضحك أربعين سنة.
فقيل له: لم لا تضحك ؟
فقال: كيف أضحك أنا ، وفي أيدي المشركين من المسلمين أحد!.
[صفة الصفوة] (2/416)
<b>
كيف لو أدرك هذا الإمام هذا الزمان !
ورأى أسارى المسلمين وهم يعذبون ، و يذلون أشد الإذلال في شتى بقاع الأرض
وبالمقابل ! :
لا يبالي المسلمون بهم ، ولا يكترثون لحالهم !
أخي الكريم ...
أسألك بالله العلي العظيم ، ولا أريد إجابة ، احفظها لنفسك!
هل تفكرت يوماً في معاناة أسرانا !
هل رفعت يوماً أكف الضراعة إلى الله عز وجل ، تدعو لإخوانك في سجون المشركين !
هل وقفت يوماً تناجي ربك بأن يطلق سراح أسرانا ! ، وينجهم من القوم الكافرين !
هل وقفت يوماً تناجي ربك بأن يفرج همهم ، وينفس كربهم !
قال ابن العربي - توفي سنة (543هـ) -رحمه الله -في أحكام القرآن (2/440) بعد ذكر الأسرى المستضعفين:
إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين ؛ فإن الولاية معهم قائمة ، والنصرة لهم واجبة بالبدن بألا يبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك ،
أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم ، حتى لا يبقى لأحد درهم.
كذلك قال مالك وجميع العلماء
فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو ، وبأيديهم خزائن الأموال وفضول الأحوال والعدة والعدد ، والقوة والجلد .
قال الإمام القرطبي - توفي سنة ( 671 هـ) –رحمه الله-:
قال علماؤنا : كان الله تعالى قد أخذ عليهم –أي اليهود- أربعة عهود : ترك القتل ، وترك الإخراج ، وترك المظاهرة ، وفداء أساراهم ، فأعرضوا عن كل ما أمروا به إلا الفداء ، فوبخهم الله على ذلك توبيخا يتلى فقال : {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ} [البقرة : 85] وهو التوراة {وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة : 85] !!
عَلَّقَ وعَقَّبَ الإمامُ القُرطبي –رحمه الله- فقال :
ولعمر الله لقد أعرضنا نحن عن الجميع بالفتن فتظاهر بعضنا على بعض! ليت بالمسلمين ، بل بالكافرين! حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!.
قال علماؤنا : فداء الأسارى واجب وإن لم يبق درهم واحد.!
قال ابن خويز منداد : تضمنت الآية وجوب فك الأسرى ، وبذلك وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فك الأسارى وأمر بفكهم ، وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع.
ويجب فك الأسارى من بيت المال ، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين ، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين.
الجامع لأحكام القرآن (2/23)
قال أبو شامة المقدسي -رحمه الله-:
وبلغني من شدة اهتمام نور الدين -رحمه الله- بأمر المسلمين حين نزل الفرنج على دمياط
أنه قرئ عليه جزء من حديث كان له به رواية، فجاء في جملة تلك الأحاديث حديث مسلسل بالتبسم، فطلب منه بعض طلبة الحديث أن يتبسم لتتم السلسلة، على ما عُرف من عادة أهل الحديث،
فغضب من ذلك ؛ وقال : إني لأستحيي من الله تعالى أن يراني مبتسما ، والمسلمون محاصرون بالفرنج!.
الروضتين لأبي شامة المقدسي (2/143) ،
قَالَ عُمَرُ بِنْ الخَطَّاْبْ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:
لأَنْ أَسْتَنْقِذَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ جِزيَرَةِ الْعَرَبِ.
مُصنف ابن أبي شيبة (12/418)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:
فكاك الأسارى من أعظم الواجبات، وبذل المال الموقوف وغيره في ذلك من أعظم القربات".
مجموع الفتاوى (28/635)
قال العز بن عبد السلام- رحمه الله - :
"وإنقاذ أسرى المسلمين من أيدي الكفار من أفضل القربات، وقد قال بعض العلماء: إذا أسروا مسلمًا واحدًا وجب علينا أن نواظب على قتالهم حتى نخلصه أو نبيدهم، فما الظن إذا أسروا خلقًا كثيرًا من المسلمين؟!".
أحكام الجهاد وفضائله (ص97)