ركائز التنمية الاقتصادية المحلية في الجزائر
1. التخطيط:
بدأ مفهوم التخطيط للتنمية في الجزائر يتجسد على أرض الواقع بعد أقل من خمس سنوات من الاستقلال حيث كانت الأهداف الأساسية للتخطيط الجزائري تغيير أو قطيعة مع النموذج الاقتصادي الاستعماري والتوجه نحو السوق الداخلي،والاهتمام بالفلاحة ، وبدأ بإعطاء –ابتداء من 1966- "نموذجا للتنمية الجزائرية" مستندا على نصوص رسمية حددت هذا النموذج ومن أهمها :
- برنامج طرابلس (1962) وكان ينص في طياته إنشاء اقتصاد وطني مبني على تحديث الزراعة والحفاظ على الأملاك العقارية وتطوير الهياكل القاعدية ، تأميم المصارف والتركيز على التصنيع كمحور أساسي.
- ميثاق الجزائر (1964) وكان يهدف إلى الرفض التام للمنهج الرأسمالي للتنمية واتخاذ المنهج الاشتراكي كبديل وكان يرتكز على التخطيط، وخلق مناصب شغل عن طريق إرساء قاعدة التصنيع وإقامة مجمعات جديدة كقاعدة للبناء.
وكانت أول خطوة للبناء بعد هذه المرحلة تطبيق المخطط الثلاثي (1967/1969) الذي تبعته بعد ذلك سلسلة من المخططات الأخرى .وقد كان نظام التخطيط في الجزائر ناجعًا في إعطاء دفعة قوية للتنمية، حيث اعتبره الميثاق الوطني (16) سنة 1967 "الأداة المثلى لتوجيه الاقتصاد والسير به في طريق الديمقراطية ، وانه الوسيلة الفعالة لتوزيع عادل لثمار التنمية وتكاليفها"،كما اعتبر أن التنمية الشاملة والمنسجمة للبلاد لا يمكن أن تحقق إلا بناءًا على " تخطيط علمي المفهوم ،ديمقراطي التصميم ،حتمي التنفيذ" .ووصفه الميثاق الوطني 1976 "يشكل التخطيط الأداة التي تسمح للقيادة السياسية بتحديد الآجال التي تتلاءم وأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية " .
2. الاعتماد على الإمكانيات الوطنية:
إن الجزائر وبحرصها على استقلالها السياسي ركزت على ضرورة الاعتماد على الإمكانيات الوطنية بشكل أساسي ،محاولة تجسيد هذا المبدأ على أرض الواقع ، حيث أن الاعتماد على المساعدات الأجنبية يشكل تهديد خطير يؤدي حتمًا إلى التبعية وجلب الأزمات مثل التي عرفتها بلدان العالم الثالث مع مطلع الثمانينات . بدأ نظام التسيير الذاتي سنة 1963 والذي يهدف إلى تأميم أملاك المعمرين (المزارع والوحدات الصناعية...) إذ أن قطاع التسيير الذاتي يضم 80 % من الأراضي المزروعة باستمرار ويساهم بنسبة 30 % من الدخل القومي الجزائري وبنسبة 60 % من الدخل الإجمالي من القطاع الزراعي .
وعمّ التأميم عدة قطاعات مثل تأميم الأراضي الزراعية سنة 1963، تأميم المناجم سنة 1966 وتأميم البنوك 1967 وكان الهدف من ذلك بناء ركائز اقتصادية للدخول في عملية التنمية الوطنية.أما على مستوى قطاع الصناعي فكان عدد مؤسسات صغيرة الحجم 330 مؤسسة سنة 1964 يعمل فيها 3000 عامل،والجدول التالي يبين حجم وبنية الاستثمارات خلال فترة (1963-1966م) وتميزت هذه المرحلة بانخفاض الإنتاج الزراعي وانخفاض حركة البناء والأشغال العمومية وركود في المحروقات، رغم أنه كان من أولويات الجزائر للخروج من دائرة التخلف الاهتمام بالاستثمار في التنمية الفلاحية التي بإمكانها توفير الغذاء لعدد السكان المتزايد .