بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي اشرف المرسلين
هذا الموضوع إجابة لبعض التساؤولات فيما يخص الصوفية أصل الكلمة ونشأتها
متى نشأ هذا العلم ؟
وجد هذا العلم منذ أول آية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأ باسم ربك الذي خلق .. "
" إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ..
" لأنه أي التصوف هو الدين أو هو لبّ الدين .
فالعهد المكي كان فترة تحلية وتزكية للوصول للمقام الراقي .. والكمال الإنساني وذلك بغرس الأخلاق المحمدية في نفوس الصحابة رضوان الله عليهــــم ، مثل التوبة والخشية والإنابة والصبر والتواضع والمحبة والذكر والفكر والكرم .. إلخ .
وظل الأمر يسير على هذا النحو إلى أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة .
واستمر الصحابة يتدرجون في مقامات الكمال ، بل كان الرجل ما إن يضع يده بيد الرسول صلى الله عليه وسلم مبايعاً حتى يترقى إلى أعلى المقامات وأسمى الحالات وذلك لقوة نور النبوة .
وظل الأمر كذلك إلى أن انتقل المصطفى إلى جوار ربه ثم جاء التابعون فتربّوا على يد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان همهم الوصول إلى رضوان الله عز وجل فتزكت نفوسهم بتأثير النور المحمدي الذي سكن قلوب الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ، وفي عصر التابعين دخل أناس في الإسلام أي كانوا حديثي عهد بكفر ، ومن جانب آخر – كما أسلفنا – فتحت الدنيا على المسلمين فركن البعض إلى الشهوات وحب الدنيا وبدأ البعض يبتعد عن حال السلف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أناس أكفاء في ذلك الوقت وما بعدهم يدعون الناس إلى العودة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام أي حالة السلف الصالح وهؤلاء الدعاة هم الصوفية ....
دعوا الناس إلى العودة إلى مرتبة الإحسان التي كان يعيشها السلف الصالح ..
وتخليص النفس من رعوناتها التي كبلتها وقيدتها عن مشاهدة أنوار الحق ، وتخليص القلب من حب الدنيا وإحياؤه بذكر الله عز وجل ، فقام هؤلاء الأكابر من الرجال بفتح بيوتهم لاستقبال الناس يدعونهم إلى هذا الطريق الراقي طريق الإحسان ، أو التصوف .. وفتحوا المعاهد التربوية أو ما يسمى بـ " الزاوية أو التكية " لملاحظة الناس وتربيتهم عن قرب فكانوا في كل عصر إلى يومنا هذا الذي نعيش فيه هم نماذج السلف الصالح الذين حافظوا على الحالة السلفية الحقيقية ، وليست التي يدعيها البعض زيفاً وبهتاناً .
واستطاعوا في الماضي بصدق توجههم ونقاء سريرتهم أن ينبهوا القلوب الغافلة فيحيونها بأنوار الذكر ، وفتحوا البلاد فدخل الناس في دين الله أفواجاً أفواجاً وما خالفهم إلا طلاب الدنيا أو الجهلة الذين حكموا على التصوف من خلال أشخاص دخلاء ، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث وسؤال أهل الاختصاص امتثالاً لأمر الله " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " .
وهؤلاء المعترضون لو حكم عليهم شخص من غير مذهبهم عليهم من خلال نفس نظرتهم القاصرة لأقاموا الدنيا وأقعدوها نقداً وتجريحاً . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وبالمقابل هناك من عرف قدرهم ومكانتهم وهم الغالبية من السلف والخلف ، لأنهم الطائفة الباقية على الحق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . وكل العلوم التي ذكرناها بأقسامها الثلاث لا تقبل ما لم تكن مسندة ..
فالحديث ما لم تعرف درجته وسنده إلى سلسلة رواة ثقاة فهو مردود وكذلك الفقه .. والتصوف باعتباره من أشرف العلوم فهو من أكثرها حفاظاً على السند .
ولذلك فهو: منقول عبر سلسلة من الرواة والمشايخ متصلة ومسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكل من يؤذن له بسلوك هذا الطريق فهو قد ارتبط بهذه السلسلة المباركة الموصولة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . وكل شيخ لا بد أن يكون مجازاً من شيخ قبله وهكذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولكن باعتبار أن هذا العلم ليس حروفاً تكتب إنما هو أحوال ومقامات وأذواق فلا بد أن يعيشها الإنسان كي يدركها .. لهذا أنكر البعض على هذا العلم وعلى من ينتسبون إليه ... وإنكارهم سببه عدم وجدانهم وتذوقهم له . فمثلاً الخشية ليست فقهاً يكتب فـــي السطور أو في مؤلفات الفقهاء إنما هي حال أو مقام يعيشه من تعتريه الخشية .. وهذا الحال له أصوله من الكتاب والسنّة ... ولكن هل يمكن الوصول إلى هذا المقام ؟ ..
جاء علم التصوف ليرسم منهجاً عن طريق مجموعة من القواعد والآداب للوصول إلى هذه الأحوال والمقامات
انَّ التصوفَ بلفظِهِ لمْ يكنْ في زمنِ النبيِّ أمّا ماهيتُهُ ومضمونُهُ ومَدارُهُ واستمدادُهُ وهيئتُهُ فليسَ إلاَّ الدينُ الكاملُ الذي جاءَ بهِ الرسولُ الأعظمُ وإلاَّ لَما سارَ على نهجِهِ أئمةٌ عِظامٌ يُشارُ إليهمْ بالبَنانِ ولا يخلو منهمْ جَنانٌ حتى أنَّكَ أيُّها المقبِلُ على اللهِ إذا استقصَيْتَ أسماءَ علماءِ الشريعةِ الغرّاءِ الذينَ اعتمدَتْهمُ الأُمَّةُ واتَّفَقَتْ على عدالتِهمْ وقبولِهمْ فلا تكادُ ترى واحداً منهمْ إلاَّ وقدْ تصوَّفَ وسارَ على طريقِ الصوفية، وسيأتي إنْ شاءَ اللهُ بيانُ ذلكَ.. ولقدْ قرَّرَ شيخُنا عندَما سُئِلَ عنِ الصوفيةِ فقال: هُمْ أَهْلُ اللَّهِ. فسَمِّهِمْ ما شئتَ بعدَ ذلكَ فالمهمُّ أنَّ هذا حالُهمْ ومآلُهمْ.
فإنْ قالَ قائل: ومِنْ أينَ جاءَ لفظُ التصوفِ؟ وما اشتقاقُهُ؟فالجواب: إنَّكَ أولاً افترضْتَ جدلاً ومِنْ غيرِ قصدٍ منكَ أنَّ العلومَ التي انتهيْتَ إليها وبمُسمّياتِها معلومةٌ كذلكَ في زمانِ النبيِّ وصحابتِه، والأمرُ ليسَ كذلك؛ ففي زمنِ النبيِّ كانَ العلمُ إجمالاً وهوَ مِنْ معاني لفظِ (القرآن) أمّا تفصيلاتُ العلومِ وأسماؤُها فقدِ استحدَثَها الناسُ كلٌّ في زمانِهِ وفي مكانِهِ.. ولا عجبَ في ذلك؛ ففي زمنِ الصحابةِ لمْ يعرفِ الناسُ علومَ النحوِ والبلاغةِ والبيانِ والبديعِ والصرفِ والنقدِ والفلكِ والكيمياءِ والكومبيوتر بلْ وعلومَ الفقهِ وأصولَه، وإنَّما دَعَتْ أحوالُ الناسِ إلى ظهورِ هذهِ الأسماءِ على أيدي علماءَ حفظَ اللهُ بهمْ كتابَهُ الجامعَ لِكلِّ علومِ الدنيا والآخرة، وما لفظُ التصوفِ إلاّ اسمٌ لِعلمٍ نشأَ عندَما دعَتِ الحاجةُ إلى تخصيصِهِ باسمِهِ ورسمِهِ..وفي ذلكَ يقولُ سيدي أحمدُ زروقٌ : قدْ حُدَّ التصوفُ ورُسِمَ وفُسِّرَ بوجوهٍ تبلغُ الألفَيْنِ ترجعُ كلُّها لِصدقِ التوجهِ إلى اللهِ تعالى.
تنازَعَ الـناسُ في الصـوفيِّ واختلَفــوا
وظَنَّهُ الـبـعـضُ مشـقّاً مِنَ الصـوفِ
ولسْـتُ أمنـحُ هـذا الاســمَ غيرَ فتىً
صـافى فصُـوفِيَ حـتى سُمِّيَ الصـوفي
فهوَ إذاً مشتقٌّ مِنَ الصفاء، ولا عجبَ في ذلكَ فقدْ وردَ عنْ رسولِ اللهِ : آلُ مُحَمَّدٍ آلُ الصَّفَا وَالْوَفَا ومَنْ يكونُ الصوفيةُ إلاَّ آلُ محمدٍ ؟.فإنْ قالَ قائل: هلْ مِنْ حديثِ رسولِ اللهِ ما يدلُّ على ظهورِ مثلِ ذلكَ بعدَهُ مِنْ بابِ الإنباءِ بالغيبِ ؟
فالجواب: إنْ شاءَ الله؛ إنَّ الآياتِ القرآنيةَ والأحاديثَ النبويةَ هيَ بكلِّيتِها ما يراهُ ويذهبُ إليهِ أهلُ اللهِ أوِ الصوفية، فالدينُ دينٌ تحتَ أيِّ اسمٍ أوْ صفةٍ حيثُ لا يتعارضُ الاسمُ معَ نصٍّ أوْ عُرْفٍ أوْ خُلُق، ولكّنا إذا شئْتَ تحديدَ نصوصٍ دالةٍ على مضمون علمِ التصوفِ فنُذَكِّرُ ـ وباللهِ التوفيقُ ـ بما رواهُ مسلمٌ عنْ سيدِنا عمرَ لَمّا دخلَ عليهمْ سيدُنا جبريلُ في صورةِ صحابيٍّ بحضرةِ رسولِ اللهِ فسألَهُ عنِ الإسلامِ وعنِ الإيمانِ ثمَّ قالَ له: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَان. قال ..(أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاه، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك) ثمَّ قالَ النبيُّ لِسيدِنا عمر أَتَدْرِي مَنِ السَّائِل فقال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم. قال فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ
وهكذا الصوفيةُ لا يقفونَ عندَ حدِّ الثلثِ الأول ـ وهوَ الإسلامُ ـ أوِ الثلثِ الثاني ـ وهوَ الإيمانُ ـ بلْ غايتُهمْ مقامُ الإحسانِ والثابتُ أنَّهُ لا يصحُّ بلا إسلامٍ وإيمانٍ
وهاكَ ما رواهُ الديلميُّ في مسندِ الفردوسِ عنْ أبي هريرة مِنْ قولِهِ (إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ كَهَيْئَةِ الْمَكْنُونِ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ فَإِذَا نَطَقُوا بِهِ لَمْ يُنْكِرْهُ إِلاَّ أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللَّه) وهذا ما اشتهرَ في الواقعِ مِنْ أحوالِ الصوفيةِ وعلومِهمْ وهاكَ قولُهُ لِسيدِنا عمرَ كَـانَ فِيمَنْ كَـانَ قَبْلَكُـمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُـنْ فِي أُمَّتِي فَعُمَرُ مِنْهُم والتحديثُ هوَ ما عَرَّفَهُ الصوفيةُ بالإلهامِ أوِ التنويرِ أوِ الكشفِ وهاكَ قولُهُ لِسيدِنا حارثةَ بنِ مالكٍ الأنصاريّ كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَة قال: أَصْبَحْتُ مُؤْمِناً حَقّا. فقالَ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَة، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِك فقال: عَزَفْتُ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا فَاسْتَوَى عِنْدِي ذَهَبُهَا وَمَدَرُهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ يَتَنَعَّمُونَ وَإِلَى أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ يُعَذَّبُون، وَكَأَنِّي أَرَى عَرْشَ رَبِّي بَارِزا، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي. فقالَ لهُ الرسولُ يَا حَارِثَةُ..عَرَفْتَ فَالْزَم ثمَّ قال عَبْـدٌ نَوَّرَ اللَّـهُ قَلْبَـهُ بِنُورِ الإِيمَان رواهُ البيهقيُّ والبزارُ وابنُ المباركِ وذكرَهُ سيدي ابنُ عجيبةَ في (إيقاظِ الهمم) بشرحٍ عجيبٍ
وهذهِ هي أحوالُ الصوفية وبالجملةِ فإنَّ جميعَ أقوالِهمْ وأفعالِهمْ وأحوالِهمْ إنَّما هيَ مِنْ كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِ اللهِ ، وما الخلافُ أوِ الشبهةُ مِنْ غيرِهمْ إلاَّ لِجهلٍ عارضٍ أوْ أصيلٍ
قد يتساءل الكثيرون عن السبب في عدم انتشار الدعوة إلى التصوف في صدر الإسلام، وعدم ظهور هذه الدعوة إلا بعد عهد الصحابة والتابعين؟
والجواب عن هذا : إنه لم تكن من حاجة إليها في العصر الأول، لأن أهل هذا العصر كانوا أهل تقوى وورع، وأرباب مجاهدة وإقبال على العبادة بطبيعتهم، وبحكم قرب اتصالهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يتسابقون ويتبارون في الإقتداء به في ذلك كله، فلم يكن ثمَّة ما يدعوا إلى تلقيهم علما يرشدهم إلى أمر هُم قائمون به فعلا، وإنما مثلهم في ذلك كمثل العربي القُح، يعرف اللغة العربية بالتوارث كابرا عن كابر حتى إنه ليقرض الشعر البليغ بالسليقة والفطرة دون أن يعرف شيئا من قواعد اللغة والإعراب والنظم والقريض، فمثل هذا لا يلزمه أن يتعلم النحو ودروس البلاغة، ولكن علم النحو وقواعد اللغة والشعر تصبح لازمة وضرورية عند تفشي اللحن ، وضعف التعبير ، أو لمن يريد من الأجانب أن يتفهمها ويتعرف عليها. فالصحابة والتابعون - وإن لم يتسموا باسم المتصوفين - كانوا صوفيين فعلا وإن لم يكونوا كذلك اسما، وماذا يراد بالتصوف أكثر من أن يعيش المرء لربه لا لنفسه، ويتحلى بالزهد وملازمة العبودية، والإقبال على الله بالروح والقلب في جميع الأوقات، وسائر الكمالات التي وصل بها الصحابة والتابعون من حيث الرقي الروحي إلى أسمى الدرجات ، فهم لم يكتفوا بالتذوق والوجدان، وزادوا على الفروض الإتيان بكل ما استحبه الرسول صلى الله علية وسلم من نوافل العبادات ، وابتعدوا عن المكروهات فضلا عن المحرمات، حتى استنارت بصائرهم، وتفجرت ينابيع الحكمة من قلوبهم، وفاضت الأسرار الربانية على جوانحهم. وكذلك شأن التابعين وتابعي التابعين، وهذه العصور الثلاثة كانت أزكى عصور الإسلام وخيرها على الإطلاق، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله في الصحيحين :" خير القرون قرني هذا فالذي يليه والذي يليه". فلما تقادم العهد ودخل في حظيرة الإسلام أمم شتى، واجناس عديدة، واتسعت دائرة العلوم وتقسمت وتوزعت بين أرباب الاختصاص قام كل فريق بتدوين الفن والعلم الذي يجيده أكثر من غيرة، فنشأ - بعد تدوين النحو في الصدر الأول - علم الفقه ، وعلم التوحيد، وعلوم الحديث، وأصول الدين، والتفسير، والمنطق، ومصطلح الحديث، وعلم الأصول، والفرائض وغيرها…. وحدث بعد هذه الفترة أن أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئا فشيئا، وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله بالعبودية، وبالقلب والهمة، مما دعا أرباب الرياضة والزهد إلى أن يعملوا هم من ناحيتهم أيضا على تدوين علم التصوف، وإثبات شرفه وجلاله وفضله على سائر العلوم، ولم يكن ذلك منهم احتجاجا على انصراف الطوائف الأخرى إلى تدوين علومهم ، بل كان يجب أن يكون سدا للنقص، واستكمالا لحاجات الدين في جميع نواحي النشاط، مما لابد منه لحصول التعاون على تمهيد أسباب البر والتقوى". وقد بنى أئمة الصوفية الأولون أصول طريقتهم على ما ثبت في تاريخ الإسلام نقلا عن الثقاة الأعلام.
فهذه اقوال ائمه المذاهب الاسلامية في التصوف الاسلامي:■ الإمام أبو حنيفة :
نقل الفقيه الحنفي صاحب الدر المختار: أن أبا علي الدقاق رحمه الله تعالى قال: (أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصر اباذي، وقال أبوالقاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهومن السري السقطي، وهومن معروف الكرخي، وهومن داود الطائي، وهوأخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة رضي الله عنه، وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله." ثم قال صاحب الدر معلقا: " فياعجباً لك يا أخي ! ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار؟ أكانوا متهمين في هذا الإقرار والافتخار، وهم أئمة هذه الطريقة وأرباب الشريعة والطريقة؟ ومن بعدهم في هذا الأمر فلهم تبع، وكل من خالف ما اعتمدوه مردود مبتدع).
ولعلك تستغرب عندما تسمع أن الإمام الكبير، أبا حنيفة النعمان رحمه الله تعالى، يعطي الطريقة لأمثال هؤلاء الأكابر من الأولياء والصالحين من الصوفية.
يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى، في حاشيته متحدثا عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، تعليقا على كلام صاحب الدر الآنف الذكر: (هوفارس هذا الميدان، فان مبنى علم الحقيقة على العلم والعمل وتصفية النفس، وقد وصفه بذلك عامة السلف، فقال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في حقه: إنه كان من العلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضرب بالسياط ليلي القضاء، فلم يفعل. وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: ليس أحد أحق من أن يقتدى به من أبي حنيفة، لأنه كان إماما تقيا نقيا ورعا عالما فقيها، كشف العلم كشفا لم يكشفه أحد ببصر وفهم وفطنة وتقى. وقال الثوري لمن قال له: جئت من عند أبي حنيفة: لقد جئت من عند أعبد أهل الأرض). وقال فيه الشافعي الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة.
■ الإمام مالك (توفي 179 هـ):يقول الإمام مالك رحمه الله تعالى: (من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق) المصدر: حاشية العلامة علي العدوي على شرح الامام الزرقاني على متن العزيه في الفقه المالكي. وشرح عين العلم وزين الحلم للامام ملا علي قاري.
■ الإمام الشافعي (توفي 204 هـ):
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين، وفي رواية سوى ثلاث كلمات: قولهم: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك. وقولهم: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل. وقولهم: العدم عصمة). المصدر "تأييد الحقيقة العلية" للامام جلال الدين السيوطي.
وقال الشافعي أيضا: (حبب إلي من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف) المصدر: "كشف الخفاء ومزيل الالباس عما اشتهر من الأحاديث عل ألسنة الناس" للامام العجلوني.
■ الإمام أحمد بن حنبل (توفي 241 هـ):
كان الإمام رحمه الله تعالى قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله رحمه الله تعالى: ( يا ولدي عليك بالحديث، وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية، فانهم ربما كان أحدهم جاهلا بأحكام دينه. فلما صحب أبا حمزة البغدادي الصوفي، وعرف أحوال القوم، أصبح يقول لولده: يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم، فانهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة). المصدر: "تنوير القلوب" للعلامة الشيخ أمين الكردي
نشأة علم التصوف
يقول الدكتور أحمد علوش
مواقع الفرزدقي والتصوف الاسلامي
كتاب اصول الاصول
للامام الرائد محمد زكي ابراهيم