مستشرق إسرائيلي يتوقّع صعود 'الإخوان' في الدول العربية
زهير أندراوس
2011-06-08
الناصرة ـ 'القدس العربي': رفض مستشرق إسرائيليّ بعض التخوفات السائدة في الدولة العبريّة من تبعات الثورات العربية لأنها قد تسفر عن تولي جماعة (الإخوان المسلمين) للسلطة في عدد من البلدان العربية، على غرار ما يحدث في إيران أو قطاع غزة، بدعوى أنّه من الأفضل وجود نظام وحشي، لكنه مستقر ومعروف، على نظام غير متوقع خاضع بالكامل لمؤمنين بالدين، ممتلئين بالكراهية، مشيراً إلى عجز إسرائيليّ حقيقي عن تشجيع أو منع استبدال تلك الأنظمة، لذا، فلا فائدة من تخويفنا لأنفسنا.
ويرى رافي يسرائيلي، المحاضر في قضايا الشرق الأوسط بالجامعة العبريّة بالقدس الغربيّة، أنّه ينبغي على دوائر صنع القرار في تل أبيب نسف ما وصفها بأسطورة الاستقرار، الذي يضمن هدوءً وسكينة، مستشهداً على ذلك بالنظام الشيوعي العالمي الذي كان لمدة 70 عاماً مستقراً، وكل ما رغب فيه الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان هو وضع نهاية له، لأنه كان مرتبطاً بمحور الشر، على حد تعبيره.
وزاد المستشرق الإسرائيليّ قائلاً تحدث الثورات في العالم العربي في أيامنا هذه في أنظمة مستقرة إلى حد كبير، فالقذافي في ليبيا منذ 42 عاماً، ومبارك في مصر، وصالح في اليمن لأكثر من 30 عاماً لكل منهما، والأسد في سورية عبر حلقة ثانية في سلسلة الأربعين عاماً وأكثر، بن علي في تونس أكثر من 20 عاماً، وفي البحرين الملكية إلى الأبد، وكلما كانوا موالين للغرب تم اعتبارهم معتدلين، ما يعني ترسيخ موقفهم، واستقرارهم كان حيوياً، لكن من غلبتهم الموجات الشعبية، رفع عنهم التأييد الغربي، وأصبحوا يمثلون استقراراً سلبياً، ونجم عنهم عدم استقرار جديد.
في مصر، التي يصفها يسرائيلي بأنها حجر زاوية العالم العربي، تطير الأحداث التي تشهدها النوم من أعين متخذي القرار في الغرب، ومن بينهم إسرائيل، أكثر من الأحداث في أي مكان آخر، خاصة وأن الجميع يتحدث عن صعود محتمل (للإخوان المسلمين)، الذين يبدو أنهم منقسمون مع منافسيهم المستقلين، مثل عمرو موسى، ومحمد البرادعي، في العديد من القضايا، كدولة الشريعة، لكن في علاقتهم مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وعملية السلام في الشرق الأوسط، لا يوجد فارق كبير بينهم، فجميعهم يريدون إعادة دراسة اتفاق كامب ديفيد الذي امتد ثلاثة عقود، وهو أمر ليس بالضرورة في مصلحة إسرائيل. وبرأيه، فإنّ سوريّة تشتعل اليوم، بعد أن شهدت في عهد الرئيس السابق جورج بوش، تهديداً عليها تمثل بإخراجها من لبنان، ما تسبب بانعزالهم في الساحة الدولية، وواجهت زعامتهم إدانة دولية اثر اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، لكن مجيء باراك أوباما عكس التشكيل الجاري: فقد أعاد السفير الأمريكي إلى دمشق، وسمح لسورية بالخروج من عزلتها، وحوّل تمسكها بمحور الشر لأمر مقبول على ضوء تفكيره الخاطئ بأنها بتأثيرها الحاسم في لبنان، توفر الاستقرار الذي وصفه بالمزيف في الشرق الأوسط.
ولذلك، يتنبأ المستشرق الإسرائيليّ بأنّه لو نجحت الثورة الشعبية في سورية، فإنّ هناك فرصاً كبيرة لسيطرة (الإخوان المسلمين) على السلطة، بالرغم من تفضيل أوباما، لنظام علمانيّ مستقر، كما كان طيلة 30 عاماً مضت، أكثر من نظام إسلامي يرفض الغرب تماماً.
بالنسبة لإسرائيل، يقول المستشرق، فإنّ الميزان واضح كالشمس، ولا ينبغي الوقوع في خطأ بدا يتبلور نصب أعيننا: فلا فارق جوهري بين رافضي إسرائيل بأنواعهم على أساس آرائهم القومية أو الطائفية، لأنهم يحصلون على تأييد من الغرب كمعتدلين، وينبغي أن تتنازل إسرائيل معهم، بأن تخلع عنها إرثها وثوراتها، فالضغط عليها للقيام بذلك سيتزايد، خاصة وأن قيمة هؤلاء المعتدلين غالية للغرب، ووسائل إعلامه.
وخلص إلى القول إنّه في المقابل، فإن (الإخوان المسلمين) وفروعهم مثل حماس، ما زالوا لبعض دول الغرب حركات إرهابية، وستؤيد هذه الدول إسرائيل لو لم تتنازل لهم، وسيدركون أنها لو تمسكت بحقوقها واعتباراتها الأمنية، فإنها محقة، حتى لو وصل الأمر أخيراً لأن تضطر في أعقاب إلغاء معاهدات السلام أو خرقها بشكل أحادي الجانب.