من قصص التابعين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

من قصص التابعين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-06-18, 22:08   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
قاسيمي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية قاسيمي
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse من قصص التابعين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا إن التشبه بالكرام فلاح

ذكر فضل الأولياء والصالحين
الأولياء والصالحون هم المقصود من الكون، وهم الذين علموا فعملوا بحقيقة العلم.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله. إن الله تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته . رواه البخاري.
وعنه قال: قال رسول الله. إن من عباد الله من لو أقسم علي الله لأبره .....
وعن ابن عيينة قال: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة .
قال محمد بن يونس: ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين .

أما بعد
فإني بإذن الله سوف أقوم بنقل كل القصص الصحيحة فقط للتابعين جميعا رحمهم الله و ذلك على حسب الترتيب الذي أورده الامام ابن الجوزي _رحمه الله_ في كتابه صفة الصفوة
نسأل الله العون و القبول و أن يجعله عملا خالصا لوجهه

سيتم كتابة القصص تباعا حتى يتم نقل كل القصص ان شاء الله












ذكر المصطفين من التابعين ومن بعدهم على طبقاتهم في بلدانهم
ذكر المصطفين من التابعين ومن بعدهم على طبقاتهم في بلدانهم
عن عبد الله قال قال رسول الله خير الناس قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. ثم ياتي بعد ذلك قوم تسبق شهاداتهم ايمانهم، إيمانهم شهادتهم اخرجاه في الصحيحين .
ذكر المصطفين من طبقات أهل المدينة من التابعين ومن بعدهم من الطبقة الأولى
-محمد بن علي بن أبي طالب وهو ابن الحنفية ... 0
قال محمد بن الحنفية: من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر0
و قال ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لم يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله له فرجا، أو قال مخرجا
وعنه قال: إن الله عز وجل جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها.
قال محمد بن الحنفية: يا منذر. قلت: لبيك. قال: كل مالا يبتغى به وجه الله يضمحل.
سعيد بن المسيب بن حزن
قال سعيد بن المسيب: ما بقي أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله وأبو بكر وعمر، منى
قال ا بن حرملة ما كان إنسان يجترئ على سعيد ابن المسيب يسأله عن شيء حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير.
وجاء رجل إلى سعيد بن المسيب وهو مريض فسأله عن حديث وهو مضطجع، فجلس فحدثه. فقال له ذلك الرجل: وددت أنك لم تتعن فقال إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله وأنا مضطجع.
وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما كان عالم بالمدينة إلا يأتيني بعلمه وأوتى بما عند سعيد بن المسيب.
قال سعيد بن المسيب لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة.
وعن يزيد بن حازم قال: كان سعيد بن المسيب يسرد الصوم.
وعن برد مولى ابن المسيب قال ما نودي بالصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد.
وعن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال: صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة.
وعن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء وقال لنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين سنة وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: ما من شيء أخوف عندي من النساء.
قال سعيد بن المسيب: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله عز وجل أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله.
وعن سعيد بن المسيب قال: من استغنى بالله افتقر إليه الناس.
قال سعيد بن المسيب: إن الدنيا نذالة هي إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها بغير حقها، وطلبها بغير وجهها ووضعها في غير سبلها.
وعن مالك بن أنس قال: قال سعيد ابن المسيب: إنه ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه: من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله ..... ...

سليمان بن يسار و عطاء بن يسار
خرج عطاء بن يسار وسليمان بن يسار حاجين من المدينة، ومعهما أصحاب لهم، حتى إذا كانوا بالأبواء نزلوا منزلا. فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم وبقي عطاء بن يسار قائما في المنزل يصلي. قال: فدخلت عليه إمرأة من الأعراب جميلة فلما رآها عطاء ظن أن لها حاجة فأوجز في صلاته، ثم قال: ألك حاجة? قالت: نعم. قال: ما هي? قالت: قم فأصب مني فإني قد ودقت ولا بعل لي فقال: إليك عني لا تحرقيني ونفسك بالنار.
ونظر إلى إمرأة جميلة، فجعلت تراوده عن نفسه ويأبى إلا ما يريد. قال: فجعل عطاء يبكي ويقول: ويحك إليك عني. قال: اشتد بكاؤه فلما نظرت المرأة إليه وما داخله من البكاء والجزع بكت المرأة لبكائه. قال: فجعل يبكي والمرأة بين يديه تبكي. فبينما هو كذلك إذا جاء سليمان من حاجته قلما نظر إلى عطاء يبكي والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت بكى لبكائهما لا يدري ما أبكاهما وجعل أصحابهما يأتون رجلا رجلا كلما أتى رجل فرآهم يبكون جلس يبكي لبكائهم لا يسألهم عن أمرهم حتى كثر البكاء وعلا الصوت. فلما رأت الأعرابية ذلك قامت فخرجت. و كان سليمان بن يسار يصوم الدهر وكان عطاء بن يسار يصوم يوما ويفطر يوما .....












من الطبقة الثانية من أهل المدينة
من الطبقة الثانية من أهل المدينة
عروة بن الزبير بن العوام أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
قال عروة: يا بني سلوني فلقد تركت حتى كدت أنسى وأني لأسأل عن الحديث فيفتح لي حديث يومي 0
وعن أبي الزناد. قال: اجتمع في الحجر قوم فقالوا: تمنوا. فقال عروة: أنا أتمنى أن يؤخذ عني العلم.
وعن الزهري قال: كان عروة يتألف الناس على حديثه.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال عروة بن الزبير: رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزا طويلا.
وعنه عن أبيه قال إذا رأيت الرجل يعمل الحسنة فاعلم أن لها عنده أخوات، وإذا رأيته يعمل السيئة فاعلم أن لها عنده أخوات، فان الحسنة تدل على أختها، وإن السيئة تدل على أختها.
قال لبنيه يا بني تعلموا فإنكم إن تكونوا صغار قوم عسى أن تكونوا كبارهم واسوأتاه ماذا أقبح من شيخ جاهل.
كان عروة بن الزبير إذا كان أيام الرطب ثلم حائطه فيدخل الناس فيأكلون ويحملون. وكان إذا دخله ردد هذه الآية فيه حتى يخرج منه ولولا إذا دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، حتى يخرج.
وكان عروة يقرأ ربع القرآن كل يوم نظرا في المصحف، ويقوم به الليل، فما تركه إلا ليلة قطعت رجله
ثم عاود من الليلة المقبلة.
خرج أبي إلى الوليد بن عبد الملك فوقعت في رجله الأكلة فقال له الوليد: يا أبا عبد الله أرى لك قطعها. قال: فقطعت وإنه لصائم فما تضور وجهه. قال: ودخل ابن له أكبر ولده اصطبله فرفسته دابة فقتلته فما سمع من أبي في ذلك شيء، حتى قدم المدينة فقال: اللهم إنه )كان لي بنون أربعة فأخذت واحدا وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد( وكان لي أطراف أربعة فأخذت واحدا وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد، وايم الله لئن أخذت فلقد أبقيت ولئن ابتليت طالما عافيت.
رأى عروة رجلا يصلي فخفف فدعاه وقال أما كانت لك إلى ربك سبحانه وتعالى حاجة أني لأسأل الله تبارك وتعالى في صلاتي حتى أسأله الملح.
وعن هشام عن أبيه قال إذا جعل أحدكم لله عز وجل شيئا فلا يجعل له ما يستحي أن يجعله لكريمه فإن الله تبارك وتعالى أكرم الكرماء وأحق من اختير له.
قال هشام كان أبي لا يفطر ولقد مات يوم مات وهو صائم.
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق
قال أيوب: رأيت على القاسم رداء قد صبغ بشيء من زعفران ويدع مائة ألف لم يتلجلج في نفسه شيء منها.
وعنه قال: ما رأيت رجلا أفضل من القاسم ولقد ترك مائة ألف وهي له حلال.
وعن مالك أن عمر بن عبد العزيز قال: لو كان لي من الامر شيء لوليت القاسم بن محمد الخلافة.
قال أبي الزناد ما رأيت أحدا أعلم بالسنة من القاسم بن محمد، وكان الرجل لا يعد رجلا حتى يعرف السنة.
وعن أيوب قال: سمعت القاسم يسأل بمنى فيقول لا أدري، لا أعلم. فلما أكثروا عليه قال: والله لا نعلم كل ما تسألونا عنه، ولو علمنا ما كتمناكم ولا حل لنا أن نكتمكم وعن يحيى بن سعيد قال سمعت القاسم يقول: ما نعلم كل ما نسأل عنه ولأن يعيش الرجل جاهلا بعد أن يعرف حق الله تعالى عليه خير له من أن يقول ما لا يعلم.
و جاء أعرابي إلى القاسم بن محمد فقال: أنت أعلم أم سالم? قال: ذاك منزل سالم: يزده عليها، حتى قام الأعرابي. قال محمد بن إسحاق: كره أن يقول هو أعلم مني فيكذب، أو يقول أنا أعلم منه فيزكى نفسه.
وعن أبي الزناد عن أبيه قال: ما كان القاسم يجيب إلا في الشيء الظاهر.
وعن سفيان قال: اجتمعوا إلى القاسم بن محمد في صدقة قسمها، قال وهو يصلي: فجعلوا يتكلمون فقال ابنه: إنكم اجتمعتم إلى رجل والله ما نال منها درهما ولا دانقا. قال: فأوجز القاسم ثم قال: يا بني قل فيما علمت. قال سفيان: صدق ابنه ولكنه أراد تأديبه في النطق وحفظه. وتوفي وكان قد ذهب بصره.
مات القاسم بن محمد بين مكة والمدينة حاجا أو معتمرا فقال لابنه: سن على التراب سنا وسو على قبري والحق بأهلك وإياك أن تقول: كان وكان - رحمه الله -
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب
عن حنظلة قال: رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يخرج إلى السوق فيشتري حوائج نفسه.
وعن هوذة بن عبد العزيز قال: رحم سالم بن عبد الله بن عمر رجل فقال سالم: بعض هذا رحمك الله فقال له الرجل: ما أراك إلا رجل سوء. فقال سالم: ما أحسبك أبعدت.
عن مالك قال لم يكن أحد في زمن سالم بن عبد الله أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والقصد والعيش منه: كان يلبس الثوب بدرهمين قال له سليمان بن عبد الملك ورآه حسن السحنة: أي شيء تأكل? قال: الخبز والزيت، وإذا وجدت اللحم أكلته. فقال له أو تشتهيه? قال: إذا لم أشتهه تركته حتى اشتهيه.
وعن محمد بن أبي سارة قال: رأيت سالم بن عبد الله قدم علينا حاجا فصلى العشاء ثم قام إلى ناحية مما يلي باب بني سهم في الصلاة، فلم يزل يميل يمينا وشمالا حتى طلع الفجر، ثم جلس فاحتبى بثوبه.
وعن سفيان بن عيينة قال: دخل هشام بن عبد الملك الكعبة، فإذا هو بسالم بن عبد الله فقال له: يا سالم سلني حاجة فقال له: إني لأستحيي من الله أن أسأل في بيت الله غير الله.
فلما خرج خرج في أثره فقال له: الآن قد خرجت فسلني حاجة فقال له سالم: حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة? فقال: بل من حوائج الدنيا. فقال له سالم: ما سألت من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها.
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة
و يقال له راهب قريش لكثرة صلاته وقال الزبير بن بكار: كان أبو بكر بن عبد الرحمن يقال له راهب المدينة.
وكان حارسا لعرضه حتى إنه أودع مالا فأصيب، فقال له عروة: لا ضمان عليك. قال: قد علمت، ولكن لا تتحدث قريش أن أمانتي خربت. فباع مالا له فقضاه. وقد كان قد ذهب بصره 0
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
كان علي بن الحسين إذا توضأ يصفر فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء? فيقول: تدرون بين يدي من أريد أن أقوم.
كان علي بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذه، ولا يخطر بيده، وكان إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة، فقيل له: مالك? فقال: ما تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي? وعن أبي نوح الأنصاري قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين، وهو ساجد، فجعلوا يقولون له: يابن رسول الله النار، يا ابن رسول الله النار. فما رفع رأسه حتى أطفئت. فقيل له: ما الذي ألهاك عنها? قال: ألهتني عنها النار الأخرى.
جاء رجل إلى علي بن الحسين رضي الله عنه فقال له: إن فلانا قد آذاك ووقع فيك. قال: فانطلق بنا إليه فانطلق معه وهو يرى أنه سينتصر لنفسه فلما أتاه قال: يا هذا إن كان ما قلت في حقا فغفر الله لي، وإن كان ما قلت في باطلا فغفر الله لك.
كان بين حسن بن حسن وبين علي بن الحسين بعض الأمر، فجاء حسن بن حسن إلى علي بن الحسين وهو مع أصحابه في المسجد، فما ترك شيئا إلا قاله له. قال: وعلي ساكت فانصرف حسن فلما كان في الليل أتاه في منزله فقرع عليه بابه فخرج إليه فقال له علي: يا أخي إن كنت صادقا فيما قلت لي فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك، السلام عليكم. وولى. قال: فاتبعه حسن فالتزمه من خلفه وبكى حتى رثى له ثم قال: لا جرم لا عدت في أمر تكرهه. فقال علي: وأنت في حل مما قلت لي.
قال علي بن الحسين: فقد الأحبة غربة. وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوامع العيون علانيتي وتقبح سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي فإذا عدت فعد علي.
وكان يقول: إن قوما عبدوا الله عز وجل رهبة فتلك عبادة العبيد، وآخرين عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار، وقوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار.
أن علي بن الحسين كان لا يحب أن يعنيه أحد على طهوره وكان يستقي الماء لطهوره ويخمره قبل أن ينام. فإذا قام من الليل بدأ بالسواك ثم يتوضأ ثم يأخذ في صلاته وكان يقضي ما فاته من صلاة النهار بالليل ثم يقول: يا بني ليس هذا عليكم بواجب ولكن أحب لمن عود نفسه منكم عادة من الخير أن يدوم عليها. وكان لا يدع صلاة الليل في الحضر والسفر. وكان يقول: عجبت للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ثم هو غدا جيفة، وعجبت كل العجب لمن شك في الله وهو يرى خلقة، وعجبت كل العجب لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى، وعجبت كل العجب لمن عمل لدار الفناء وترك دار البقاء.
وكان إذا أتاه السائل رحب به وقال مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة، وكلمه رجل فافترى عليه فقال: إن كنا كما قلت فنستغفر الله، وإن لم نكن كما قلت فغفر الله لك. فقام إليه الرجل فقبل رأسه وقال: جعلت فداك، ليس كما قلت أنا فاغفر لي: قال: غفر الله لك. فقال الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
وعن شيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين يبخل فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة.
وعن محمد بن إسحاق قال: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم. فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل.
وكان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به، ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل.
وعن عمرو بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سود في ظهره، فقالوا: ما هذا? فقالوا: كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة.
وعن أهل المدينة: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين.
أراد علي بن الحسين الخروج في حج أو عمرة فاتخذت له سكينة بنت الحسين سفرة أنفقت عليها ألف درهم أو نحو ذلك، وأرسلت بها إليه فلما كان بظهر الحرة أمر بها فقسمت على المساكين.
قال أبو هريرة: قال رسول الله : من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار، حتى إنه يعتق باليد وبالرجل الرجل، وبالفرج الفرج .
فقال علي بن الحسين: أنت سمعت هذا من أبي هريرة? قال سعيد: نعم فقال لغلام له أفره غلمانه: ادع مطرفا. فلما قام بين يديه قال: اذهب فأنت حر لوجه الله عز وجل (أخرجاه في الصحيحين0)
وكان عبد الله بن جعفر قد أعطى علي بن الحسين بهذا الغلام الذي أعتقه ألف دينار.
عن علي بن الحسين أنه أتاه نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. فلما فرغوا فقال ألا تخبروني: أنتم المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون(? قالوا: لا قال فأنتم الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ? قالوا. لا قال: أما أنتم فقد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين. ثم قال: أشهد أنكم لستم من الذين قال الله )عز وجل( والذين جاؤا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا أخرجوا فعل الله بكم.
وقال نافع بن جبير لعلي بن الحسين: أنت سيد الناس وأفضلهم تذهب إلى هذا العبد فتجلس معه? يعني زيد بن أسلم. فقال: إنه ينبغي للعلم أن يتبع حيثما كان.
وحج هشام بن عبد الملك قبل أن يلي الخلافة فاجتهد أن يستلم الحجر فلم يمكنه. قال: وجاء علي بن الحسين فوقف له الناس وتنحوا حتى استلم. فقال الناس لهشام: من هذا? قال: لا أعرفه.
فقال الفرزدق: لكني أعرفه، هذا علي بن الحسين ..... ...
قال رجل لسعيد بن المسيب: ما رأيت أحدا أورع من فلان. قال: هل رأيت علي بن الحسين? قال: لا قال: ما رأيت أحدا أورع منه.
وقال الزهري: لم أر هاشميا أفضل من علي بن الحسين، وما رأيت أحدا كان أفقه منه.
وعن طاوس قال: رأيت علي بن الحسين ساجدا في الحجر فقلت: رجل صالح من أهل بيت طيب، لأسمعن ما يقول. فأصغيت إليه فسمعته يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك، فوالله ما دعوت الله بها في كرب إلا كشف الله عني.
كان علي بن الحسين خارجا من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت إليه العبيد والموالي فقال علي بن الحسين: مهلا عن الرجل. ثم أقبل على الرجل فقال: ما ستر عنك من أمرنا أكثر. ألك حاجة نعنيك عليها? فاستحيا الرجل. فألقى عليه خميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد الرسول.
كان عند على قوم فاستعجل خادما له بشواء كان له في التنور. فأقبل به الخادم مسرعا وسقط السفود من يده على بني لعلي أسفل الدرجة فأصاب رأسه فقتله فقال علي للغلام: أنت حر، لم تعمده وأخذ في جهاز ابنه.
دخل على بن الحسين علي محمد بن أسامة ابن زيد في مرضه فجعل محمد يبكي فقال علي: ما شأنك? قال: علي دين. قال: كم هو? قال خمسة عشر ألف دينار. قال: فهو علي.
وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: أوصاني أبي قال: لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. قال: قلت: جعلت فداءك يا ابت من هؤلاء الخمسة? قال: لا تصحبن فاسقا فإنه يبيعك بأكلة فما دونها. قال: قلت: يا أبة وما دونها? يطمع فيها ثم لا ينالها.
قال: قلت: يا أبة ومن الثاني? قال: قال: لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه.
قال: قلت: يا أبة ومن الثالث? قال: لا تصحبن كذابا فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد.
قال: قلت: يا أبة ومن الرابع? قال: لا تصحبن أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.
قال: قلت: يا أبة ومن الخامس? قال: لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواضع.
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود
يكنى أبا عبد الله وكان بحرا من البحور في العلم.
قال أبو الزناد ربما كنت أرى عمر بن عبد العزيز في إمارته يأتي عبيد الله فربما حجبه وربما أذن له.
بسر بن سعيد
وكان من العباد المنقطعين وأهل الزهد في الدنيا.
عن مالك قال: مات بسر ولم يدع كفنا.
مات رجل من بني أمية من مترفيهم ومات يومئذ بسر ابن سعيد، فقال عمر بن عبد العزيز: إن كان المدخلان واحدا فعيش فلان أحب إلينا. فقال مزاحم: إنك لا تزال توغر من أخيك عليك. فقال: إذا رأيت الحق قلته.
عكرمة مولى عبد الله بن عباس
مات ابن عباس وهو عبد فاشتراه خالد بن يزيد ابن معاوية من علي بن عبد الله بن عباس بأربعة آلاف دينار. فبلغ ذلك عكرمة فأتى عليا فقال بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار? فراح علي إلى خالد فاستقاله فأقاله فأعتقه.
وعن الزبير بن الخريت عن عكرمة قال: كان ابن عباس يجعل في رجل الحبل ويعلمني القرآن والسنن.
وعن جابر بن زيد قال: هذا عكرمة مولى ابن عباس، هذا أعلم الناس.
وقال الشعبي: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة.
وقال قتادة: أعلمهم بالتفسير عكرمة.
قال إبراهيم وحدثني أبي عن عكرمة قال: لكل شيء أساس، وأساس الإسلام الخلق الحسن.
زياد بن أبي زياد، مولى عبد الله ابن عياش بن أبي ربيعة القرشي وكان زياد عبدا0
وكان عمر بن عبد العزيز يستزيره ويكرمه. وبعث إلى مولاه ليبيعه إياه فأبي وأعتقه.
وقال مالك بن أنس: كان زياد عابدا معتزلا لا يزال يذكر الله تعالى ... 0
وقال محمد بن المنكدر: إنني خلفت زياد بن أبي زياد وهو يخاطب نفسه في المسجد، يقول: اجلسي، أين تريدين أن تذهبي? أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد? انظري إلى ما فيه، تريدين أن تبصري دار فلان ودار فلان، ودار فلان? قال. وكان يقول لنفسه: مالك من الطعام يا نفس إلا هذا الخبز والزيت، ومالك من الثياب إلا هذان الثوبان، ومالك من النساء إلا هذه العجوز، أفتحبين أن تموتي? فقالت: أنا أصبر على هذا العيش.













من الطبقة الثالثة من أهل المدينة
من الطبقة الثالثة من أهل المدينة
علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب
وكان أجمل قرشي على وجه الأرض وأكثره صلاة. وكان يقال له السجاد.
وعن علي بن أبي جملة والأوزاعي قالا: كان علي بن عبد الله بن عباس يسجد كل يوم ألف سجدة.
وعن هشام بن سليمان المخزومي أن علي بن عبد الله بن عباس كان إذا قدم مكة حاجا أو معتمرا عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرام وهجرت مواضع حلقها ولزمت مجلس علي بن عبد الله إعظاما وإجلالا وتبجيلا فإن قعد قعدوا، وإن نهض نهضوا وإن مشى مشوا جميعا حوله. وكان لا يرى لقرشي في المسجد الحرام مجلس ذكر يجتمع إليه فيه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرم.
أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب
قال محمد بن علي: الغني والعز يجولان في قلب المؤمن فإذا وصلا إلى مكان التوكل أو طناه.
قال محمد بن علي: ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك، قل أو كثر.
وعن جابر، يعني الجعفي، قال: قال لي محمد بن علي: يا جابر إني لمحزون وإني لمشتغل القلب. قلت وما حزنك وما شغل قلبك? قال: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغله عما سواه يا جابر ما الدنيا ما عسى أن تكون? هل هو إلا مركب ركبته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها? يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاء فيها ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم ولم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا بآذانهم من الفتنة، ولم يعمهم عن نور الله ما رأو بأعينهم من الزينة ففازوا بثواب الأبرار، إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكروك وإن ذكرت أعانوك، قوالين بحق الله، قوامين بأمر الله فأنزل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت منه أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت ولبس معك منه شيء، واحفظ الله تعالى ما استرعاك من دينه وحكمته.
قال محمد: سلاح اللئام قبيح الكلام - وعنه قال: والله لموت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدا.
وقال محمد بن علي لابنه. يا بني إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل شر إنك إن كسلت لم تؤد حقا وإن ضجرت لم تصبر على حق.
عن عروة بن عبد الله قال سألت جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف فقال لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق سيفه قال قلت: وتقول: الصديق? قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال: نعم الصديق، نعم الصديق، نعم الصديق. فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولا في الدنيا ولا في الآخرة.
قال محمد بن علي: يا جابر بلغني أن قوما بالعراق يزعمون أنهم يحبونا وينالون أبا بكر وعمرو، ويزعمون أني أمرتهم بذلك فأبلغهم أني إلى الله منهم بريء، والذي نفس محمد بيده لو وليت لتقربت إلى الله عز وجل بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد إن لم أكن أستغفر لهما وأترحم عليهما إن أعداء الله لغافلون عنهما.
وعن أفلح، مولى محمد بن علي، قال: خرجت مع محمد بن علي حاجا فلما دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته فقلت بأبي أنت وأمي إن الناس ينظرون إليك فلو رفقت بصوتك قليلا قال: ويحك يا أفلح،ولم لا أبكي? لعل الله ينظر إلي منه برحمة فأفوز بها عنده غدا قال: ثم طاف بالبيت ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من دموع عينيه.
وعن خالد بن دينار عن أبي جعفر أنه كان إذا ضحك قال: اللهم لا تمقتني.
وعن عبد الله بن عطاء قال: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم علما عند أبي جعفر (محمد بن علي) لقد رأيت الحكم عنده كأنه متعلم.
قال محمد بن علي: كان لي أخ في عيني عظيم، وكان الذي عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه.
وعن أبي حمزة عن أبي جعفر محمد بن علي قال: ما من عبادة أفضل من عفة بطن أو فرج، وما من شيء أحب إلى الله عز وجل من أن يسأل، وما يدفع القضاء إلا الدعاء. وإن أسرع الخير ثوابا البر وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، وأن يأمر الناس بما لا يستطيع التحول عنه، وأن يؤذي جليسه بمالا يعنيه.
وعن عبد الله بن الوليد قال: قال لنا أبو جعفر محمد بن علي: يدخل أحدكم يده كيس صاحبه فيأخذ ما يريد? قال قلنا: لا. قال: فلستم إخوانا كما تزعمون.
وعن سلمى مولاة أبي جعفر قالت: كان يدخل إليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم. قالت: فأقول له بعض ما تصنع. فيقول: يا سلمى ما يؤمل في الدنيا بعد المعارف والاخوان? وعن سليمان بن قرم قال: كان محمد بن علي يجيز بالخمسمائة والتسعمائة إلى الألف، وكان لا( يمل من مجالسة إخوانه )غنيا.
وعن الأسود بن كثير قال: شكوت إلى محمد بن علي الحاجة وجفاء الإخوان فقال: بئس الأخ أخ يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا. ثم أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبع مائة درهم فقال: استنفق هذه فإذا نفدت فأعلمني.
وعن أبي جعفر قال: اعرف المودة لك في قلب أخيك بما له في قلبك.
عمر بن عبد العزيز بن مروان
قال احمد بن حنبل يروى في الحديث أن الله تبارك وتعالى يبعث على راس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة دينها فنظرنا في المائة الأولى فإذا هو عمر بن عبد العزيز ونظرنا في المائة الثانية فإذا هو الشافعي.
وعن سهل بن يحيى محمد المروزي قال اخبر لي أبي عن عبد العزيز بن عمر ابن عبد العزيز قال لما دفن عمر بن عبد العزيز سليمان بن عبد الملك وخرج من قبره سمع للأرض هده أو رجه فقال ما هذه فقيل هذه مراكب الخلافة يا أمير المؤمنين قربت إليك لتركبها فقال ما لي ولها نحوها عني قربوا إلي بغلتي.
فقربت إليه بغلته فركبها فجاءه صاحب الشرط يسير بين يديه بالحربة فقال تنح عني ما لي ولك إنما أنا رجل من المسلمين. فسار وسار معه الناس حتى دخل المسجد فصعد المنبر واجتمع الناس إليه
فقال يا أيها الناس أني قد ابتليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه ولا طلبة له ولا مشورة من المسلمين وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم.
فصاح المسلمون صيحة واحدة قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك فل امرنا باليمن والبركة فلما رأى الأصوات قد هدأت ورضي به الناس جميعا حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي قال: أوصيكم بتقوى الله فان تقوى الله خلف من كل شيء ليس من تقوى الله عز وجل خلف فاعملوا لأخرتكم فانه من عمل لأخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر دنياه واصلحوا سرائركم يصلح الله الكريم علانيتكم وأكثروا ذكر الموت واحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم فانه هادم اللذات وان من لا يذكر من آبائه فيما بينه وبين آدم عليه السلام أبا حيا لمعرق في الموت وان هذه الأمة لم تختلف في ربها عز وجل ولا في نبيها ولا في كتابها إنما اختلفوا في الدنيار والدرهم وإني والله لا عطي أحدا باطلا ولا امنع أحدا حقا.
ثم رفع صوته حتى اسمع الناس فقال: يا أيها الناس من أطع الله فقد وجبت طاعته ومن عصى الله فلا طاعة له أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم.
ثم نزل فدخل فأمر بالستور فهتكت والثياب التي كانت تبسط للخلفاء فحملت وأمر ببيعها وإدخال أثمانها في بيت مال المسلمين ثم ذهب يتبوأ مقيلا فاتاه ابنه عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين ماذا تريد أن تصنع قال أي بني أقيل قال تقيل ولا ترد المظالم قال أي بني أني قد سهرت البارحة في أمر عمك سليمان فإذا صليت الظهر ردت المظالم قال يا أمير المؤمنين من لك أن تعيش إلى الظهر قال ادن مني أي بني فدنا منه فالتزمه وقبل بين عينيه وقال الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني فخرج ولم يقل وأمر مناديه أن ينادي إلا من كانت له مظلمة فليرفعها فقام رجل إليه ذمي من أهل حمص ابيض الرأس واللحية فقال يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله قال وما ذاك قال العباس بن الوليد بن عبد الملك اغتصبني ارضي والعباس جالس فقال له يا عباس ما تقول قال اقطعنيها أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك وكتب لي بها سجلا فقال عمر ما تقول يا ذمي قال يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله عز وجل فقال عمر كتاب الله أحق أن يتبع من كتاب الوليد بن عبد الملك قم فاردد عليه يا عباس ضيعته فرد عليه فجعل لا يدع شيئا مما كان في يده وفي يد أهل بيته من المظالم إلا ردها مظلمة مظلمة فلما بلغت الخوارج سيرة عمر وما رد من المظالم اجتمعوا فقالوا ما ينبغي لنا أن نقاتل هذا الرجل فبلغ ذلك عمر بن الوليد بن عبد الملك فكتب إليه انك قد أزريت على من كان قبلك من الخلفاء وعبت عليهم وسرت بغير سيرتهم بغضا لهم وشنئا لمن بعدهم من أولادهم قطعت ما أمر الله به أن يوصل إذ عمدت إلى أموال قريش ومواريثهم فأدخلتها في بيت المال جورا وعدوانا ولن تترك على هذا.
فلما قرا كتابه كتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمر بن الوليد السلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين أما بعد فانه بلغني كتابك وسأجيبك بنحو منه أما أول شأنك ابن الوليد كما زعم فأمك بنانة أمة السكون كانت تطوف في سوق حمص وتدخل وتدور في حوانيتها ثم الله اعلم بها اشتراها ذبيان من فيء المسلمين فأهداها لأبيك فحملت بك فبئس المحمول وبئس المولود ثم نشأت فكنت جبارا عنيدا تزعم أني من الظالمين لم حرمتك وأهل بيتك فيء الله عز وجل الذي فيه حق القرابة والمساكين والأرامل وان اظلم مني واترك لعهد الله من استعملك صبيا سفيها على جند المسلمين تحكم فيهم برأيك ولم تكن له في ذلك نية إلا حب الوالد لولده فويل لك وويل لأبيك ما اكثر خصماءكما يوم القيامة وكيف ينجو أبوك من خصمائه وان اظلم مني واترك لعهد الله من استعمل الحجاج بن يوسف يسفك الدم الحرام ويأخذ مال الحرام وإن أظلم مني واترك بعهد الله من استعمل قرة بن شريك أعرابيا جافيا على مصر أذن له في المعارف واللهو والشرب وان اظلم مني واترك لعهد الله من جعل لعالية البربرية سهما في خمس العرب فرويدا يا بن بنانة فلو التقى حلقتا البطان ورد الفيء إلى أهله لتفرغت لك ولأهل بيتك فوضعتهم على المحجة البيضاء فطالما تركتم الحق وأخذتم في بنيات الطريق ومن وراء هذا ما أرجو أن أكون رأيته بيع رقبتك وقسم ثمنك بين اليتامى والمساكين والأرامل فان كل فيك حقا والسلام علينا ولا ينال سلام الله الظالمين.
عن عمر بن ذر قال مولى لعمر بن عبد العزيز حين رجع من جنازة سليمان مالي أراك مغتما قال لمثل ما أنا فيه يغتم انه ليس من أمة محمد أحد في شرق الأرض وغربها إلا وأنا أريد أن أؤدي إليه حقه غير كاتب إلي فيه ولا طالبه مني.
وعن بعض خاصة عمر بن عبد العزيز انه حين أفضت إليه الخلافة سمعوا في منزله بكاء عاليا فسئل عن البكاء فقيل أن عمر بن عبد العزيز خير جوارية فقال انه قد نزل لي أمر قد شغلني عنكن فمن احب أن اعتقه أعتقته ومن أراد أن امسكه امسكته ولم يكن مني إليها شيء فبكين يأسا منه.
لما ولى عمر بن عبد العزيز قالت رعاء الشاء في رؤوس الجبال من هذا الخليفة الصالح الذي قد قام على الناس قال فقيل لهم وما علمكم بذلك قالوا انه إذا قام خليفة صالح كفت الذئاب والأسد عن شائنا.
وعن مسلم قال دخلت على عمر بن عبد العزيز وعنده كاتب يكتب وشمعة تزهر وهو ينظر في أمور المسلمين قال فخرج الرجل فاطفئت الشمعة وجيء بسراج إلى عمر فدنوت منه ف رأيت عليه قميصا فيه رقعة قد طبق ما بين كتفيه قال فنظر في أمري.
عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أما بعد فانك كتبت إلى سليمان كتبا لم ينظر فيها حتى قبض رحمه الله وقد بليت بجوابك كتبت إلى سليمان تذكر انه يقطع لعمال المدينة من بيت مال المسلمين ثمن شمع كانوا يستضيئون به حين يخرجون إلى صلاة العشاء وصلاة الفجر وتذكر انه قد نفد الذي كان يستضاء به ويسأل أن يقطع لك من ثمنه بمثل ما كان للعمال وقد عهدتك وأنت تخرج من بيتك في الليلة المظلمة الماطرة الوحلة بغير سراج ولعمري لانت يومئذ خير منك اليوم والسلام.
كان عمر بن عبد العزيز من أعطر الناس وأخليهم في مشيته فلما استخلف قوموا ثيابه اثني عشر درهما كمته وعمامته وقميصه وقباءه وقرطقه ورداءه وخفية.
وعن يونس بن أبي شبيب قال شهدت عمر بن عبد العزيز وهو يطوف بالبيت وان حجزة ازاره لغائبه في عنكه ثم رأيته بعدما استخلف ولو شئت أن اعد أضلاعه من غير أن أمسها لفعلت.
قال مسلمة بن عبد الملك دخلت على عمر بن عبد العزيز أعوده في مرضه فإذا عليه قميص وسخ فقلت لفاطمة بنت عبد الملك يا فاطمة اغسلي قميص أمير المؤمنين قالت نفعل إن شاء الله ثم عدت فإذا القميص على حاله فقلت يا فاطمة ألم آمركم أن تغسلوا قميص أمير المؤمنين فان الناس يعودونه? قالت والله ما له قميص غيره.
وعن الفهري عن أبيه قال كان عمر بن عبد العزيز يقسم تفاح الفيء فتناول ابن له صغير تفاحة فانتزعها من فيه فأوجعه فسعى إلى أمه مستعبرا فأرسلت إلى السوق فاشترت له تفاحا فلما رجع عمر وجد ريح التفاح فقال يا فاطمة هل أتيت شيئا من هذا الفيء قالت لا وقصت عليه القصة فقال والله لقد انتزعتها من ابني لكأنما نزعتها من قلبي ولكن كرهت أن أضيع نصيبي من الله عز وجل بتفاحة من فيء المسلمين.
لما مات عمر كان استودع مولى إليه سفطا يكون عنده فجاءوه فقالوا السفط الذي كان استودعك عمر قال ما لكم فيه خير فأبوا حتى رفعوا ذلك إلى يزيد بن عبد الملك فدعا بالسفط ودعا بني أمية وقال خيركم هذا فقد وجدنا له سفطا وديعة قد استودعها ففتحوه فإذا فيه مقطعات من مسوح كان يلبسها بالليل.
وعن عبد السلام مولى مسلمة بن عبد الملك قال بكى عمر بن عبد العزيز فبكت فاطمة فبكى أهل الدار لا يدري هؤلاء ما أبكي هؤلاء فلما تجلت عنهم العبرة قالت له فاطمة بابي أنت يا أمير المؤمنين مم بكيت قال ذكرت منصرف القوم من بين يدي الله عز وجل فريق في الجنة وفريق في السعير ثم صرخ وغشي عليه.
وعن زياد بن أبي زياد المديني قال أرسلني ابن عامر بن أبي ربيعة إلى عمر بن عبد العزيز في حوائج له فدخلت عليه وعنده كاتب يكتب فقلت السلام عليكم.
فقال وعليك السلام ثم انتبهت فقلت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال يا ابن أبي زياد أننا لسنا ننكر الأولى التي قلت والكاتب يقرأ عليه مظالم جاءت من البصرة فقال لي اجلس فجلست على اسكفة الباب وهو يقرأ وعمر يتنفس صعدا فلما فرغ أخرج من كان في البيت حتى وصيفا كان فيه ثم قام يمشي إلي حتى جلس بين يدي ووضع يديه على ركبتي ثم قال يا ابن أبي زياد استدفأت في مدرعتك هذه قال وعلي مدرعة من صوف واسترحت مما نحن فيه ثم سألني عن صلحاء أهل المدينة رجالهم ونسائهم فما ترك منهم أحدا إلا سألني عن أمور كان أمر بها بالمدينة فأخبرته ثم قال لي يا ابن أبي زياد إلا ترى ما وقعت فيه قال قلت ابشر يا أمير المؤمنين أني أرجو لك خيرا قال هيهات هيهات قال ثم بكى حتى جعلت ارثي له فقلت: يا أمير المؤمنين بعض ما تصنع فإني أرجو لك خيرا قال: هيهات هيهات اشتم ولا اشتم وأضرب ولا أضرب وأوذي ولا أوذي ثم بكى حتى جعلت أرثي له فأقمت حتى قضى حوائجي ثم أخرج من تحت فراشه عشرين دينارا فقال استعن بهذه فانه لو كان لك في الفيء حق أعطيناك حقك إنما أنت عبد فأبيت أن آخذها فقال إنما هي نفقتي فلم يزل بي حتى أخذتها وكتب إلي مولاي الموالي يسأله أن يبيعني منه فأبى واعتقني.
وعن عمرو بن مهاجر قال قال لي عمر بن عبد العزيز إذا رأيتني قد ملت عن الحق فضع يدك في تلبابي ثم هزني ثم قال يا عمر ما تصنع? وعن عبيد الله بن محمد التميمي قال سمعت أبي وغيره يحدث أن عمر بن عبد العزيز لما ولي منع قرابته ما كان يجري عليهم واخذ منهم القطائع التي كانت في أيديهم فشكوا إلى عمته أم عمر فدخلت فقالت إن قرابتك يشكونك ويزعمون انك أخذت منه خير غيرك قال منعتهم حقا ولا أخذت منهم حقا فقالت أني رأيتهم يتكلمون وأني أخاف أن يهجوا عليك يوما عصيبا فقال كل يوم أخافه دون القيامة فلا وقاني الله شره قال ودعا بدينار وخبث ومجمرة فألقى الدينار في النار وجعل ينفخ على الدينار حتى إذا احمر تناوله بشيء فألقاه على الخبث فنش فقال أي عمة آما تأوين لابن أخيك من مثل هذا فقامت فخرجت على قرابته فقالت تزوجون إلى آل عمر فإذا نزعوا الشبه جزعتم اصبروا له.
وخطب عمر بن عبد العزيز فقال: أما بعد فان الله عز وجل لم يخلقكم عبثا ولم يدع شيئا من أمركم سدى وان لكم معادا فخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم الجنة التي عرضها السموات والأرض واشترى قليلا بكثير فانيا بباق وخوفا بامن إلا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وسيخلفها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين في كل يوم وليلة تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل قد قضى نحبه وانقضى اجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض في بطن صدع ثم تدعونه غير ممهد ولا موسد قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب مرتهنا بعمله فقيرا إلى ما قدم غنيا عما ترك فاتقوا الله قبل نزول الموت وايم الله أني لأقول لكم هذه المقالة وما اعلم عند أحد مكنم من الذنوب ما اعلم عندي وما يبلغني عن أحد منكم ما يسعه ما عندي إلا وددت انه يمكنني تغييره حتى يستوي عيشنا وعيشه وايم الله لو أردت غير ذلك من الغضارة والعيش لكان اللسان مني به ذلولا عالما بأسبابه ولكن سبق من الله عز وجل كتاب ناطق وسنة عادلة دل فيها على طاعته ونهى فيها عن معصيته. ثم وضع طرف ردائه على وجهه فبكى وشهق وبكى الناس وكانت آخر خطبة خطبها.
وعن هاشم لما كانت الصرعة التي هلك فيها عمر دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين انك أفقرت أفواه وولدك من هذا المال وتركتهم علية لا شيء لهم فلو وصيت بهم إلي والى نظرائي من أهل بيتك.
قال فقال اسندوني ثم قال أما قولك أني أفقرت أفواه ولدي من هذا المال فوالله أني ما منعتهم حقا هو لهم ولم أعطهم ما ليس لهم وأما قولك لو أوصيت بهم فان وصيي ووليي فيهم الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين بني أحد الرجلين إما رجل يتقي الله فسيجعل الله له مخرجا وإما رجل مكب على المعاصي فإني لم اكن أقويه على معاصي الله. ثم بعث إليهم وهم بضعة عشر ذكرا قال فنظر إليهم فذرفت عيناه ثم قال بنفسي الفتية الذين تركتهم عيلة لا شيء لهم فإني بحمد الله قد تركتهم بخير أي بني إن أباكم مثل بين أمرين بين أن تستغنوا ويدخل أبوكم النار أو تفتقروا ويدخل أبوكم الجنة فكان أن تفتقروا ويدخل الجنة أحب إليه من أن تستغنوا ويدخل النار قوموا عصمكم الله.
عن عمر انه لما كان مرضه الذي قبض فيه قال أجلسوني فأجلسوه ثم قال أنا الذي أمرتني فقصرت ونهيتني فعصيت ولكن لا اله إلا الله ثم رفع رأسه واحد النظر فقالوا له انك لتنظر نظرا شديدا فقال أني لأرى حضرة ما هم بأنس ولا جان ثم قبض رضي الله عنه.
عبد الملك ابن عمر بن عبد العزيز
عن بعض مشيخة الشام قال كنا نرى أن عمر بن عبد العزيز إنما ادخله في العبادة ما رأى من ابنه عبد الملك.
وعن إسماعيل بن أبي حكيم قال غضب عمر بن عبد العزيز يوما فاشتد غضبه وكان فيه حدة وعبد الملك حاضر فلما سكن غضبه قال يا أمير المؤمنين أنت في قدر نعمة الله عليك وموضعك الذي وضعك الله به وما ولاك من أمر عباده يبلغ بك الغضب بما آري قال كيف قلت فأعاد عليه كلامه فقال آما تغضب يا عبد الملك فقال ما تغنى سعة جوفي إن لم اردد فيه الغضب حتى لا يظهر منه شيء اكرهه.
دخل عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز على عمر فقال يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فأخلني وعنده مسلمة بن عبد الملك فقال عمر اسردون عمك قال نعم فقال مسلمة وخرج وجلس بين يديه فقال يا أمير المؤمنين ما أنت قائل لربك غدا إذا سالك فقال رأيت بدعة تمتها أو سنة فلم تحيها فقال له يا بني أشيء حملك الرغبة إلي أم رأي رايته من قبل نفسك قال لا والله ولكن رأي رايته من قبل نفسي عرفت انك مسؤول فما أنت قائل فقال له أبوه رحمك الله وجزاك من ولد خيرا فوالله أني لأرجو أن تكون من الأعوان على الخير يا بني إن قومك قد شدوا هذا الأمر عقدة عقدة وعروة عروة ومتى ما أريد مكابرتهم على انتزاع ما في أيدهم لم آمن أن يفتقوا علي فتقا تكثر فيه الدماء والله لزوال الدنيا أهون علي من أن يهراق في سببي محجة من دم أو ما ترضى أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ويحيي فيه سنة حتى يحكم الله بيننا بالحق وهو خير الحاكمين .....0
ان عمر بن عبد العزيز حين دفن ابنه عبد الملك استوى قائما وأحاط به الناس فقال والله يا بني لقد كنت برا بابيك والله ما زلت منذ وهبك الله لي مسرورا بك ولا والله ما كنت قط اشد سرورا ولا أرجى لحظي من الله فيك منذ وضعتك في المنزل الذي صيرك الله إليه فرحمك الله وغفر لك ذنبك وجزاك بأحسن عملك ورحم كل شافع يشفع لك بخير من شاهد وغائب رضينا بقضاء الله وسلمنا لأمره الحمد لله رب العالمين ثم انصرف.
عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام
كان عامر بن الزبير يقف عند موضع الجنائز يدعو وعليه قطيفة فربما سقطت عنه القطيفة وما يشعر بها.
وعنه قال: ربما خرج عامر بن عبد الله بن الزبير منصرفا من العتمة من مسجد رسول الله فيعرض له الدعاء قبل أن يصل إلى منزله فيرفع يديه فما يزال كذلك حتى ينادي بالصبح فيرجع إلى المسجد فيصلي الصبح بوضوء العتمة. ..... ... قال معن وسمعت أن عامر بن عبد الله ربما أخرج البدرة فيها عشرة آلاف درهم فيقسمها فما يصلي العتمة ومعه منها درهم.
وعن سفيان بن عيينة قال: اشترى عامر بن عبد الله بن الزبير نفسه من الله عز وجل بتسع ديات.
و كان عامر بن عبد الله بن الزبير يتحين العباد وهم سجود أبا حازم وصفوان بن سليم وسليمان بن شحم، وأشباههم فيأتيهم بالصرة فيها الدنانير والدراهم فيضعها عند نعالهم بحيث يحسون بها ولا يشعرون بمكانه.
فيقال له: ما يمنعك أن ترسل بها إليهم? فيقول: اكره أن يتمعر وجه أحدهم إذا نظر إلى رسولي وإذ لقيني.
وعن عياش بن المغيرة قال: كان عامر بن عبد الله بن الزبير إذا شهد جنازة وقف على القبر فقال: إلا أراك ضيقا? إلا أراك دقعا? إلا أراك مظلما? إن سلمت لأتاهبن لك اهبتك. فأول شيء تراه عيناه من ماله يتقرب به إلى ربه وإن كان رقيقه ليتعرضون له عند انصرافه من الجنائز ليعتقهم.
سمع عامر بن عبد الله المؤذن وهو يجود بنفسه ومنزله قريب من المسجد فقال: خذوا بيدي فقيل له: انك عليل قال: اسمع داعي الله فلا أجيبه فاخذوا بيده فدخل في صلاة المغرب فركع مع الإمام ركعة ثم مات.
أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
وكان على قضاء المدينة فلما ولي عمر بن عبد العزيز ولاه إمرة المدينة روى عطاف بن خالد عن أمه عن إمرة أبي بكر محمد بن عمور بن حزم أنها قالت ما اضطجع أبو بكر على فراشه منذ أربعين سنة بالليل.
محمد بن كعب القرظي يكنى أبا حمزة
قال محمد بن كعب إذا أراد الله بعبد خيرا جعل فيه ثلاث خصال فقها في الدين وزهادة في الدنيا وبصرا بعيوبه.
عن يزيد بن عبد الملك بن المغيرة عن محمد بن كعب قال من قرأ القرآن متع بعقله وان بلغ مائتي سنة.
روى أبو كثير النصري قال قالت أم محمد بن كعب القرظي لمحمد يا بني لولا أني أعرفك صغيرا طيبا وكبيرا طيبا لظننت انك أحدثت ذنبا موبقا لما أراك تصنع بنفسك في الليل والنهار قال يا أماه وما يؤمنني أن يكون الله قد اطلع علي وأنا في بعض ذنوبي فمقتني فقال اذهب لا اغفر لك مع أن عجائب القرآن ترد بي على أمور حتى انه لينقضي الليل ولم افرغ من حاجتي.
وقال محمد بن كعب لان أقرا في ليلتي حتى اصبح إذا زلزلت الأرض زلزالها سورة الزلزلة والقارعة سورة القارعة لا أزيد عليهما وأتفكر فيهما وأتردد احب إلي من أن اهذ القرآن هذا أو قال انثره نثرا.
اتى محمد بن كعب القرظي رجل فقال يا عبد الله ما تقول في التوبة قال ما أحسنها قال أف رأيت إن أعطيت الله عهدا أن لا اعصيه أبدا فقال له محمد فمن حينئذ اعظم جرما منك تتالى على الله أن لا ينفذ فيك أمره.
أبو عمر وبن حماس
كان أبو عمرو متعبدا متجهدا يصلي الليل وكان شديد النظر إلى النساء فدعا الله أن يذهب بصره فذهب بصره فلم يحتمل العمى فدعا الله أن يرد عليه بصره فبينما هو في المسجد إذ رفع رأسه فنظر إلى القنديل فدعا غلامه فقال ما هذا قال القنديل قال وذاك وذاك يعد قناديل المسجد وخر ساجدا شكر الله إذ رد عليه بصره فكان بعد ذلك إذا رأى المرأة طأطأ رأسه وكان يصوم الدهر.
وعن مالك بن انس قال كان يونس بن يوسف من العباد أو من خيار الناس.











من الطبقة الرابعة
من الطبقة الرابعة
محمد بن مسلم بن شهاب الزهري يكنى أبا بكر
عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: ما أرى أحدا جمع بعد رسول الله ما جمع ابن شهاب.
وقال مالك بن أنس: ما أدركت فقيها محدثا غير واحد. فقلت من هو? فقال ابن شهاب الزهري.
وعنه أنه قال: إن هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم والله لقد أدركت ها هنا، وأشار إلى مسجد رسول الله سبعين رجلا كلهم يقول، قال فلان، قال رسول الله فلم آخذ عن أحد منهم حرفا لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، ولقد قدم علينا محمد بن شهاب الزهري وهو شاب فازدحمنا على بابه لأنه كان من أهل هذا الشأن.
وقال أيوب: ما رأيت أحدا اعلم من الزهري فقال صخر بن جويرية: ولا الحسن? قال ما رأيت أحدا أعلم من الزهري.
وعن جعفر بن ربيعة قال: قلت لعراك بن مالك: من افقه أهل المدينة? قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان أفقههم فقها وأعلمهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب: وأما أغزرهم حديثا فعروة ابن الزبير ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا إلا فجرته. قال عراك، فأعلمهم عندي جميعا ابن شهاب فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه.
وعن معمر: قال رجل من قريش: قال لنا عمر بن عبد العزيز: أتأتون الزهري? قلنا نعم. قال: فأتوه فانه لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه - قال: والحسن ونظراؤه يومئذ أحياء.
وقال سفيان: مات الزهري يوم مات وليس أحد اعلم بالسنة منه.
وعن ابن شهاب انه كان يقول: ما استودعت قلبي شيئا قط فنسيته.
وعن الليث قال: ما رأيت عالما قط اجمع من ابن شهاب ولا أكثر علما منه، ولو سمعت ابن شهاب يحدث في الترغيب لقلت: لا يحسن إلا هذا، وان حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب لقلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن الأعراب والأنساب لقلت لا يحسن إلا هذا. وان حدث عن القرآن والسنة كان حديثه جامعا.
وعن مالك بن أنس قال أول من دون العلم ابن شهاب.
قال الزهري: ما استعدت حديثا ولا شككت في حديث قط إلا حديثا واحدا فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت.
وعن يونس بن يزيد قال: سمعت الزهري يقول أن هذا العلم إن أخذته بالمكابرة غلبك، و لم تظفر منه بشيء، ولكن خذه مع الأيام والليالي أخذا رفيقا تظفر به.
وعن سفيان قال: سمعت الزهري يقول: العلم ذكر لا يحبه إلا الذكور من الرجال.
وعن معمر، عن الزهري قال: ما عبد الله بشيء أفضل من العلم.
قال عمرو بن دينار: ما رأيت أحدا أهون عليه الدينار والدرهم من ابن شهاب، وما كانت عنده إلا مثل البعر.
وعن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب انه كان يكون معه في السفر. قال: فكان يعطي من جاءه وسأله حتى إذا لم يبق معه شيء تسلف من أصحابه فلا يزالون يسلفونه حتى لا يبقى معهم شيء، فيحلفون انه لم يبق معهم شيء فيستسلف من عبيده فيقول: أي فلان أسلفني وأضعف لك كما تعلم فيسلفونه ولا يرى بذلك بأسا فربما جاءه السائل فيقول: أبشر فسيأتي الله بخير. فيقيض الله لابن شهاب أحدا رجلين إما رجل يهدي له ما يسعهم وإما رجل يبيعه وينظره قال: وكان يطعمهم الثريد ويسقيهم العسل.
محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن محرز
وعن أبي معشر قال: دخل المنكدر على عائشة فقالت: لك ولد? قال: لا. فقالت: لو كان عندي عشرة آلاف درهم لوهبتها لك. قال: فما أمست إلا بعث إليها معاوية بمال فقالت ما أسرع ما ابتليت، وبعثت إلى المنكدر بعشرة آلاف فاشترى منها جارية فهي أم محمد وعمر وأبي بكر.
وعن الحارث بن الصواف قال: قال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت.
وعن سفيان قال: كان محمد بن المنكدر ربما قام من الليل يصلي ويقول كم من عين الآن ساهرة في رزقي.
وكان له جار مبتلى فكان يرفع صوته من الليل يصيح وكان محمد يرفع صوته بالحمد. فقيل له في ذلك فقال: يرفع صوته بالبلاء وأرفع صوتي بالنعمة.
عن محمد بن المنكدر أنه بينما هو ذات ليلة قائم يصلي إذا استبكى فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله فسألوه: ما الذي أبكاك? فاستعجم عليهم، فتمادى في البكاء فأرسلوا إلى أبي حازم واخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه فإذا هو يبكي فقال: يا أخي ما الذي أبكاك قد رعت أهلك? فقال له إني مرت بي آية من كتاب الله عز وجل. قال: ما هي? قال: قول الله عز وجل وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون سورة الزمر آية 47 قال: فبكى أبو حازم معه واشتد بكاؤهما. قال: فقال بعض أهله لأبي حازم جئنا بك لتفرج عنه فزدته. قال فأخبرهم ما الذي أبكاهما0
قال عمر بن محمد: كنت أمسك على أبي المصحف، قال: فمرت مولاة له فكلمها فضحك إليها. ثم أقبل يقول إنا لله إنا لله حتى ظننت أنه قد حدث شيء. فقلت: ما لك? فقال: أما كان لي في القرآن شغل حتى مرت هذه فكلمتها.
قال محمد بن المنكدر: إن الله تعالى يحفظ المؤمن في ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته وفي دويرات حوله، فما يزالون في حفظ وعافية ما كان بين أظهرهم.
بعث محمد بن المنكدر إلى صفوان بن سليم بأربعين دينارا ثم قال لبنيه: يا بني ما ظنكم برجل فرغ صفوان لعبادة ربه عز وجل.
قال محمد بن المنكدر: بات عمر، يعني أخاه، يصلي وبت أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته.
عن محمد بن المنكدر انه كان يضع خده بالأرض ثم يقول لأمه: قومي ضعي قدمك على خدي.
وعن محمد بن سوقة قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول: نعم العون على تقوى الله عز وجل الغني.
قيل لمحمد بن المنكدر: أي العمل احب إليك? قال: إدخال السرور على المؤمن، قيل: فما بقي من لذتك? قال: الإفضال على الإخوان.
قال محمد بن المنكدر: الفقيه يدخل بين الله عز وجل وبين عباده، فلينظر كيف يدخل .....
عن عكرمة عن محمد بن المنكدر أنه جزع عند الموت فقيل له: لم تجزع? قال: أخشى آية من كتاب الله عز وجل، قال الله عز وجل: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون سورة الزمر آية 47 فإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب.
وعن ابن زيد قال: أتى صفوان بن سليم إلى محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال: يا أبا عبد الله كأني أراك قد شق عليك الموت? قال: فما زال يهون عليه الأمر وينجلي عن محمد حتى لكأن في وجهه المصابيح. ثم قال له محمد: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك. ثم قضى رحمه الله.
عمر بن المنكدر
قالت أم عمر بن المنكدر لعمر: إني اشتهي أن أراك نائما. فقال: يا أماه والله أن الليل ليرد علي فيهولني فينقضي عني وما قضيت منه أربي.
وعن سالم أبي بسطام قال: كان عمر بن المنكدر لا ينام الليل يكثر البكاء على نفسه فشق ذلك على أمه فقالت لأخيه محمد بن المنكدر: إن الذي يصنع عمر يشق علي فلو كلمته في ذلك. فاستعان عليه بابي حازم فقالا له: أن الذي تصنع يشق على أمك. قال: فكيف أصنع? إن الليل إذا دخل علي هالني فأستفتح القرآن وما تنقصني نهمتي فيه. قالا: فالبكاء? قال: آية من كتاب الله أبكتني قالا وما هي? قال: قوله عز وجل وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون سورة الزمر آية 47.
بعث بعض الأمراء إلى عمر بن المنكدر بمال فجاء به الرسول فوضعه بين يديه فجعل عمر ينظر إليه ويبكي ثم جاء أبو بكر فلما رأى عمر يبكي جلس يبكي لبكائه ثم جاء محمد فجلس يبكي لبكائهما. فاشتد بكاؤهم جميعا. فبكى الرسول أيضا لبكائهم ثم أرسل إلى صاحبه فأخبره بذلك فأرسل ربيعة بن أبي عبد الرحمن ليستعلم علم ذلك البكاء فجاء ربيعة فذكر ذلك لمحمد فقال محمد: سله فهو أعلم ببكائه فاستأذن عليه ربيعة فقال: يا أخي ما الذي أبكاك من صلة الأمير? قال: والله إني خشيت أن تغلب الدنيا على قلبي فلا يكون للآخرة فيه نصيب فذلك الذي أبكاني قال: وأمر بالمال فتصدق به على فقراء أهل المدينة، قال: فجاء ربيعة فأخبر الأمير بذلك فبكى وقال: هكذا يكون والله أهل الخير رحمه الله.
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف يكنى أبا إسحاق
ولي قضاء المدينة عن شعبة قال: كان سعد يصوم الدهر ويقرأ القرآن في كل يوم وليلة.
وعن عبيد الله بن سعد الزهري قال: قال: عمى عن أبيه، قال: سرد أبي سعد ابن إبراهيم الصوم أربعين سنة.
وعن مسعر عن سعد بن إبراهيم قال: قيل له من أفقه أهل المدينة? قال: أتقاهم لربه.
وعن ابن سعد بن إبراهيم قال: كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يقرأ القرآن.
وعنه قال: كان أبي سعد بن إبراهيم إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين لم يفطر حتى يختم القرآن وكان يفطر فيما بين المغرب والعشاء الآخرة. وكان كثيرا إذا أفطر يرسلني إلى مساكين فيأكلون معه رحمه الله.
عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ابن عفان رحمهم الله روى عن أبيه.
كان عبد الرحمن بن أبان يشتري أهل البيت ثم يأمر بهم فيكسون ويدهنون ثم يعرضون عليه فيقول انتم أحرار لوجه الله استعين بكم على غمرات الموت. قال: فمات وهو قائم في مسجده يصلي السبحة، يعني الضحى.
ربيعة بن أبي عبد الرحمن
أن فروخا أبا عبد الرحمن أبا ربيعة خرج في البعوث إلى خراسان أيام بني أمية غازيا وربيعة حمل في بطن أمه وخلف عند زوجته أم ربيعة ثلاثين آلف دينار. فقدم المدينة بعد سبع وعشرين سنة وهو راكب فرسا وفي يده رمح فنزل عن فرسه ثم دفع الباب برمحه فخرج ربيعة فقال له: يا عدو الله أتهجم على منزلي? فقال: لا، وقال فروخ: يا عدو الله أنت رجل دخلت على حرمي فتواثبا وتلبب كل واحد منهما بصاحبه حتى اجتمع الجيران فبلغ مالك بن أنس والمشيخة فأتوا يعينون ربيعة فجعل ربيعة يقول: والله لا فارقتك إلا عند السلطان وجعل فروخ يقول: والله لا فارقتك إلا عند السلطان وأنت مع امرأتي. وكثر الضجيج فلما بصروا بمالك: سكت الناس كلهم. فقال مالك: أيها الشيخ لك سعة في غير هذه الديار. فقال الشيخ: هي داري وأنا فروخ مولى بني فلان. فسمعت امرأته كلامه فخرجت فقالت: هذا زوجي، وهذا ابنه الذي خلفه وأنا حامل به فاعتنقا جميعا وبكيا فدخل فروخ المنزل فقال: هذا ابني? قالت: نعم، قال: فأخرجي المال الذي عندك وهذه معي أربعة آلاف دينار. فقالت: المال قد دفنته وأنا أخرجه بعد أيام.
فخرج ربيعة إلى المسجد وجلس في حلقته وأتاه مالك بن أنس والحسن بن زيد وابن أبي علي اللهبي والمساحقي وأشراف المدينة وأحدق الناس به فقالت امرأته: اخرج فصل في مسجد رسول الله فخرج فنظر إلى حلقة وافرة، فأتاه فوقف عليه ففرجوا له قليلا ونكس ربيعة رأسه يوهمه انه لم يره فقال: من هذا الرجل? فقالوا: هذا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فقال أبو عبد الرحمن: لقد رفع الله ابني. فرجع إلى منزله فقال لوالدته: لقد رأيت ولدك في حالة ما رأيت أحدا من أهل الفقه والعلم عليها. فقالت أمه: فأيما أحب إليك: ثلاثون آلف دينار أو هذا الذي هو فيه من الجاه? قال لا والله إلا هذا. قالت فإني أنفقت المال كله عليه قال: فوالله ما ضيعته.
وعن ابن زيد قال: مكث ربيعة دهرا طويلا عابدا يصلي الليل والنهار، فجالس القاسم فنطق بلب وعقل فكان القاسم إذا سئل عن شيء قال: سلوا هذا لربيعة.
وعن سوار بن عبد الله قال: ما رأيت أحدا أعلم من ربيعة الرأي قلت: ولا الحسن وابن سيرين? قال: ولا الحسن وابن سيرين.
وكان السفاح قد أقدم عليه ربيعة الانبار ليوليه القضاء فلم يفعل، وعرض عليه العطاء فلم يقبل.
وعن مالك قال لي ربيعة حين أراد الخروج إلى العراق: أن سمعت إني حدثتهم شيئا أو أفتيتهم فلا تعدني شيئا. فكان كما قال: لما قدمها لزم بيته فلم يخرج إليهم ولم يحدثهم بشيء حتى رجع قال مالك: لما قدم على أمير المؤمنين أبي العباس أمر له بجائزة فأبى أن يقبلها. فأعطاه خمسة آلاف درهم ليشتري بها جارية فأبى أن يقبلها.
كان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يوما جالسا فغطى رأسه ثم اضطجع فبكى فقيل له: ما يبكيك? فقال رثاء ظاهر وشهوة خفية.
وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: لقد رأيت مشيخة المدينة وان لهم لغدائر وعليهم الممصر والمورد في أيديهم مخاصر، وفي أيدهم آثار الحناء في هيئة الفتيان ودين أحدهم ابعد من الثريا إذا أريد على دينه.
صفوان بن سليم الزهري مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف يكنى أبا عبد الله.
عن عبد العزيز بن أبي حازم قال: عادلني صفوان بن سليم إلى مكة فما وضع جنبه في المحمل حتى رجع.
كان صفوان بن سليم في الصيف يصلي بالليل في البيت، فإذا كان الشتاء صلى في السطح لئلا ينام.
قال أبي ضمرة: رأيت صفوان بن سليم ولو قيل له غدا القيامة، ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة.
وعن أبي علقمة المديني قال: كان صفوان بن سليم لا يكاد يخرج من مسجد النبي فإذا أراد أن يخرج بكى وقال: أخشى أن لا أعود إليه.
وعن محمد بن أبي منصور قال: قال صفوان بن سليم أعطى الله عهدا أن لا أضع جنبي على فراش حتى الحق بربي قال: فبلغني أن صفوان عاش بعد ذلك أربعين سنة لم يضع جنبه فلما نزل به الموت قيل له: رحمك الله ألا تضطجع? قال ما وفيت لله بالعهد إذا.
قال: فأسند فما زال كذلك حتى خرجت نفسه، قال: ويقول أهل المدينة، انه ثفنت جبهته من اثر السجود.
وعن أبي مروان مولى بني تميم قال: انصرفت مع صفوان بن سليم من العيد إلى منزله فجاء بخبر يابس فجاء سائل فوقف على الباب وسأل فقام صفوان إلى كوة في البيت فأخذ منها شيئا فأعطاه فاتبعت ذلك السائل لأنظر ما أعطاه. فإذا هو يقول: أعطاه الله افضل ما أعطى أحدا من خلقه فقلت ما أعطاك? قال: أعطاني دينارا.
وعن سفيان قال: جاء رجل من أهل الشام فقال: دلوني على صفوان بن سليم? فإني رأيته دخل الجنة فقلت: بأي شيء? قال: بقميص كساه إنسانا.
قال بعض إخوان صفوان: سألت صفوان عن قصة القميص قال: خرجت من المسجد في ليلة باردة فإذا رجل عريان، فنزعت قميصي فكسوته.
قدم سليمان بن عبد الملك المدينة وعمر بن عبد العزيز عامله عليها. قال: فصلى بالناس الظهر ثم فتح باب المقصورة واستند إلى المحراب واستقبل الناس بوجهه، فنظر إلى صفوان بن سليم عن غير معرفة فقال: يا عمر من هذا الرجل، ما رأيت سمتا أحسن منه? قال: يا أمير المؤمنين هذا صفوان بن سليم. قال: يا غلام كيس فيه خمس مائة دينار. فآتى بكيس فيه خمس مائة دينار فقال لخادمه: ترى هذا الرجل القائم يصلي فوصفه للغلام حتى أثبته فخرج الغلام بالكيس حتى جلس إلى صفوان فلما نظر إليه صفوان ركع وسجد ثم سلم واقبل عليه فقال: ما حاجتك? قال: امرني أمير المؤمنين، وهو ذا ينظر إليك والي أن ادفع هذا الكيس وفيه خمس مائة دينار إليك وهو يقول: استعن بهذا على زمانك وعلى عيالك. فقال صفوان للغلام: ليس أنا بالذي أرسلت إليه. فقال له الغلام: ألست صفوان بن سليم? قال: بلى أنا صفوان بن سليم. قال: فإليك أرسلت. قال: اذهب فاستثبت فإذا أثبت فهلم. فقال الغلام: فأمسك الكيس معك واذهب. قال: لا، إذا أمسكت كنت قد أخذت، ولكن اذهب فاستثبت فأنا ها هنا جالس. فولى الغلام فأخذ صفوان نعليه وخرج فلم ير بها حتى خرج سليمان من المدينة.
أبو مصعب قال لي ابن أبي حازم: دخلت أنا وأبي نسأل عنه، يعني صفوان بن سليم وهو في مصلاه فما زال به أبي حتى رده إلى فراشه فأخبرتني مولاته أن ساعة خرجتم مات.
أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج
وعن سفيان قال: قيل لأبي حازم ما مالك? قال: ثقتي بالله عز وجل ويأسى مما في أيدي الناس.
قال أبو حازم: ما مضى من الدنيا فحلم وما بقي فأماني.
قال أبو حازم: لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله إلا احسن الله ما بينه وبين العباد، ولا يغور فيما بينه وبين الله عز وجل إلا اعور فيما بينه وبين العباد. ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها، انك إذا صانعت هذا الوجه مالت الوجوه كلها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنفتك الوجوه كلها.
قال أبو حازم: إذا رأيت الله عز وجل يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره.
قال أبو حازم: كل نعمة لا تقرب من الله عز وجل فهي بلية.
وعن سفيان قال: قال أبو حازم: ينبغي للمؤمن أن يكون أشد حفظا للسانه منه لموضع قدميه.
قال أبو حازم نعمة الله فيما زوي عني من الدنيا افضل من نعمته فيما أعطاني منها.
وقال أبو حازم: إن وقينا شر ما أعطينا لم نبال ما فاتنا.
قال أبو حازم: أن كان يغنيك من الدنيا ما يكفيك فأدنى عيش من الدنيا يكفيك، وان كان لا يغنيك، ما يكفيك فليس شيء يكفيك.
بعث سليمان بن عبد الملك إلى حازم فجاءه فقال: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت? قال: لأنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فانتم تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب قال: صدقت، فكيف القدوم على الله عز وجل? قال: إما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه. فبكى سليمان وقال: ليت شعري ما لنا عند الله يا أبا حازم: قال: اعرض نفسك على كتاب الله عز وجل فانك تعلم ما لك عند الله قال يا أبا حازم وإني أصيب ذلك? قال: عند قوله إن الأبرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم سورة الانفطار آية 14 فقال سليمان: فأين رحمة الله? قال قريب من المحسنين سورة الأعراف آية 56 قال: ما تقول فيما نحن فيه? قال. اعفني عن هذا قال سليمان: نصيحة تلقيها. قال أبو حازم: أن أناسا اخذوا هذا الأمر عنوة من غير مشاورة من المسلمين ولا اجتماع من رأيهم فسفكوا فيه الدماء على طلب الدنيا ثم ارتحلوا عنها فليت شعري ما قالوا وما قيل لهم? فقال بعض جلسائه: بئس ما قلت يا شيخ. قال أبو حازم: كذبت، أن الله تعالى اخذ على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه قال سليمان: أصحبنا يا حازم تصب منا ونصب منك قال: أعوذ بالله من ذلك. قال: ولم? قال أخاف أن اركن إليكم شيئا قليلا فيذيقني ضعف الحياة وضعف الممات.
قال: فاشر علي. قال: اتق الله أن يراك حيث نهاك وان يفقدك حيث أمرك. قال: يا أبا حازم ادع لنا بخير. قال: اللهم أن كان سليمان وليك فيسره للخير، وان كان عدوك فخذ إلى الخير بناصيته. فقال: يا غلام هات مائة دينار. ثم قال: خدها يا أبا حازم. فقال لا حاجة لي فيها إني أخاف أن يكون لما سمعت من كلامي.
فكأن سليمان أعجب بابي حازم. فقال الزهري: انه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلمته قط. قال أبو حازم: انك نسيت الله فنسيتني ولو أحببت الله لأحببتني. قال الزهري: أتشتمني? قال سليمان: بل أنت شتمت نفسك. أما علمت أن للجار على جاره حقا قال أبو حازم: أن بني إسرائيل لما كانوا على الصواب كانت الأمراء، تحتاج إلى العلماء وكانت العلماء تفر بدينها من الأمراء فلما رأى ذلك قوم من أذلة الناس تعلموا ذلك العلم وأتوا به إلى الأمراء فاستغنت به عن العلماء واجتمع القوم على المعصية فسقطوا وانتكسوا و لو كان علماؤنا يصونون علمهم لم تزل الأمراء تهابهم. قال الزهري كأنك إياي تريد وبي تعرض قال: هو ما تسمع.
كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهري: عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك: أصبحت شيخا كبيرا وقد أثقلتك نعم الله عليك فيما اصح من بدنك وأطال من عمرك وعملت حجج الله تعالى مما علمك من كتابه، وفقهك فيه من دينه، وفهمك من سنة نبيه فرمى بك في كل نعمة أنعمها عليك وكل حجة يحتج بها عليك الغرض الأقصى ابتلى في ذلك شكرك وأبدا فيه فضله عليك وقد قال عز وجل: لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد سورة إبراهيم آية7 فانظر أي رجل تكون إذا وقفت بين يدي الله عز وجل فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها فلا تحسبن الله عز وجل راضيا منك بالتعذير، ولا قابلا منك التقصير هيهات ليس ذاك اخذ على العلماء في كتابه إذ قال: لتبيننه للناس ولا تكتمونه سورة آل عمران آية 187 انك تقول انك جدل ماهر عالم قد جادلت الناس فجدلتهم وخاصمتهم فخصمتهم إدلالا منك بفهمك واقتدارا منك برأيك فأين تذهب عن قول الله عز وجل: ها انتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة سورة النساء آية 109 اعلم أن أدنى ما ارتكبت واعظم ما احتقبت أن آنست الظالم وسهلت له طريق الغي بدنوك حين أدنيت وإجابتك حين دعيت فما أخلقك أن ينوه غدا باسمك مع الجرمة، وان تسأل عما أردت بإغضائك عن ظلم الظلمة، انك أخذت ما ليس لمن أعطاك، جعلوك قطبا تدور عليه رحى باطلهم وجسرا يعبرون بك إلى بلائهم وسلما إلى ضلالتهم يدخلون بك الشك على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم لهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم فما ايسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما اقل ما أعطوك في قدر ما اخذوا منك، فانظر لنفسك فانه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حسابا رجل مسؤول وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا وانظر كيف إعظامك أمر من جعلك بدينه في الناس مبجلا، وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته مستترا، وكيف قربك وبعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا، ما لك لا تتنبه من نعستك. وتستقيل من عثرتك فتقول والله ما قمت لله عز وجل مقاما واحدا أحيي له فيه دينا ولا أميت له فيه باطلا? أين شكرك لمن استحملك كتابه واستودعك علمه? ما يؤمنك أن تكون من الذين قال الله عز وجل فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى الآية سورة الأعراف آية 169 انك لست في دار مقام قد أوذنت بالرحيل فما بقاء المرء بعد أقرانه? طوبى لمن كان في الدنيا على وجل ما يؤمن من أن يموت وتبقى ذنوبه من بعده انك لم تؤمر بالنظر لوارثك على نفسك، ليس أحد أهلا أن ترد له على ظهرك. ذهبت اللذة وبقيت التبعة، ما أشفى من سعد بكسبه غيره. احذر فقد أتيت وتخلص فقد وهلت. انك تعامل من لا يجهل والذي يحفظ عليك لا يغفل.
تجهز فقد دنا منك سفر بعيد وداو دينك فقد دخله سقم شديد، ولا تحسبن إني أردت توبيخك وتعييرك وتعنيفك، ولكني أردت أن تنعش ما فات من رأيك، وترد عليك ما عزب عنك من حلمك، وذكرت قوله تعالى: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين سورة الذاريات آية 55 أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب فانظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت به أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه? وهل تراه دخر لك خيرا منعوه أو علمك شيئا جهلوه? فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا في كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك فمن يلوم الحدث قي سنه، الجاهل في علمه، المأفون في رأيه، المدخول في عقله? ونحمد الذي عافانا مما ابتلاك به. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال أبو حازم: أن بضاعة الآخرة كاسدة فاستكثروا منها في أوان كسادها فانه لو جاء يوم نفاقها لم تصل منها إلى قليل ولا إلى كثير.
قال أبو حازم ويحك يا أعرج يدعى يوم القيامة بأهل خطيئة كذا وكذا فتقوم معهم، ثم يدعى بأهل خطيئة.
قال أبو حازم: عند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أتته الفتوح.
وعن محمد بن مطرف قال: قال أبو حازم: ما في الدنيا شيء يسرك إلا وقد الزق به شيء يسوءك.
وعن أبي حازم قال أن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها وما خلق الله من سيئة هي عليه اضر منها، وان العبد ليعمل السيئة ثم تسوءه حين يعملها، وما خلق الله عز وجل من حسنة انفع له منه، وذلك أن العبد حين يعمل الحسنة يتجبر فيها ويرى أن له فضلا على غيره ولعل الله عز وجل يحبطها ويحبط معها عملا كثيرا، وان العبد ليعمل السيئة تسوءه ولعل الله عز وجل يحدث له فيها وجلا فيلقى الله وان خوفها لفي جوفه باق.
كان أبو حازم يمر على الفاكهة فيقول: موعدك الجنة.
مر أبو حازم بجزار فقال: يا أبا حازم خذ من هذا اللحم فانه سمين قال: ليس معي درهم. قال أنظرك. قال: أنا أنظر نفسي.
وعن الفضل قال قال حازم المديني: وجدت الدنيا شيئين: فشيء منها هو لي فلن أعجله قبل اجله ولو طلبته بقوة السموات والأرض، وشيء منها هو لغيري فلم أنله، فيما مضى، ولا أرجوه فيما بقي، يمنع الذي لي من غيري كما يمنع الذي لغيري مني، ففي أي هذين افني عمري? ووجدت ما أعطيت من الدنيا شيئين فشيء يأتي اجله قبل اجلي فاغلب عليه، وشيء يأتي اجلي قبل اجله فأموت واخلفه لمن بعدي، ففي أي هذين اعصي ربي عز وجل?.
قال أبو حازم: عجبا لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة، ويدعون أن يعلموا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة????????????????.
قال أبو حازم: إني لأعظ وما أرى له موضعا وما أريد إلا نفسي، وقال: لو أن أحدكم قيل له ضع ثوبك على هذا الهوف حتى يرمى لقال: ما كنت لأخرق ثوبي، وهو يخرق دينه. وحلف أبو حازم لجلسائه: لوددت أن أحدكم يبقي على دينه كما يبقى على نعله..
قال أبو حازم أضمنوا لي اثنين أضمن لكم الجنة: عملا بما تكرهون إذا احبه الله تعالى، وترك ما تحبون إذا كرهه الله عز وجل.
قال أبو حازم يسير الدنيا يشغل عن كثير من الآخرة، وقال: ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم، وما أكرهت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم.
وقال: كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه ثم لا يضرك متى مت. وقال: انك لتجد الرجل يعمل بالمعاصي فإذا قيل له: أتحب أن تموت? قال: يقول: وكيف? وعندي ما عندي. فيقال له: أفلا تترك ما تعمل من المعاصي? فيقول: ما أريد تركه وما احب أن أموت حتى اتركه.
وقال: شيئان إذا عملت بهما أصبت بهما خير الدنيا والآخرة لا أطول عليك.
قيل: وما هما أنا أبا حازم? قال: تحمل ما تكره إذا احبه الله وتترك ما تحب إذا كرهه الله.
وعن محمد بن يحيى المازني قال: قال أبو حازم: رضي الناس من العمل بالعلم ومن الفعل بالقول.
وعن العمري قال: رأيت أبا جعفر القاري، يعني في المنام، على الكعبة فقلت له يا أبا جعفر قال: نعم اقريء إخواني مني السلام وخبرهم أن الله عز وجل جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين، واقريء أبا حازم السلام وقل له: يقول لك أبو جعفر: الكيس الكيس فان الله وملائكته يتراءون مجلسك بالعشيات.












من الطبقة الخامسة من أهل المدينة
من الطبقة الخامسة من أهل المدينة
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين
يكنى أبا عبد الله أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق كان مشغولا بالعبادة عن حب الرياسة.
وعن عمرو بن أبي المقدام قال كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت انه من سلالة النبيين.
قال جعفر بن محمد لسفيان الثوري يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فاكثر من الحمد والشكر عليها فإن الله عز وجل قال في كتابه لئن شكرتم لأزيدنكم سورة إبراهيم آية 7 وإذا استبطأت الرزق فاكثر من الاستغفار فإن الله تعالى قال في كتابه استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين يعني في الدنيا ويجعل لكم جنات سورة نوح آية 12 في الآخرة يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فاكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة.
وعن ابن أبي حازم قال كنت عند جعفر بن محمد إذ جاءه آذنه فقال سفيان الثوري بالباب فقال ائذن له فدخل فقال جعفر يا سفيان انك رجل يطلبك السلطان وأنا اتقي السلطان قم فاخرج غير مطرود فقال سفيان حدثني حتى اسمع وأقوم فقال جعفر حدثني أبي عن جدي أن رسول الله قال من أنعم الله عليه نعمة فليحمد الله ومن أستبطأ الرزق ليستغفر الله ومن حزبه أمر فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله فلما قام سفيان قال جعفر خذها يا سفيان ثلاث وأي ثلاث.
وعن الهياج بن بسطام قال كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء.
قال جعفر بن محمد لسفيان الثوري لا يتم المعروف إلا بثلاثة بتعجيله وتصغيره وستره.
وسئل جعفر بن محمد لم حرم الله الربا قال لئلا يتمانع الناس المعروف.
وعن بعض أصحاب جعفر الصادق قال دخلت على جعفر وموسى بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية فكان مما حفظت منها أن قال: يا بني أقبل وصيتي واحفظ مقالتي فانك إن حفظتها تعش سعيدا وتمت حميدا يا بني انه من قنع بما قسم الله له استغنى ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ومن لم يرض بما قسم الله عز وجل له اتهم الله تعالى في قضائه ومن استصغر زلة نفسه استعصم زلة غيره ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته ومن سل سيف البغي قتل به ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها ومن داخل السفهاء حقر ومن خالط العلماء وقر ومن دخل مداخل السوء اتهم يا بني قل الحق لك وعليك وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه.
وعن احمد بن عمرو بن المقدام الرازي قال وقع الذباب على المنصور فذبه عنه فعاد فذبه حتى اضجره فدخل جعفر بن محمد فقال له المنصور يا أبا عبد الله لم خلق الله عز وجل الذباب قال ليذل به الجبابرة.
وعن الحسن بن سعيد اللخمي عن جعفر بن محمد قال من لم يغضب من الجفوة لم يشكر النعمة.
وعن الحرمازي قال كان رجل من أهل السواد يلزم جعفر بن محمد ففقده فسأل عنه فقال له رجل انه نبطي يريد أن يضع منه فقال جعفر اصل الرجل عقله وحسبه ودينه وكرمه تقواه والناس في آدم مستوون.
وعن سفيان الثوري قال سمعت جعفر بن محمد الصادق يقول عزت السلامة حتى لقد خفي مطلبها فإن تكن في شيء فيوشك أن تكون في الخمول فإن طلب في الخمول ولم توجد فيوشك أن تكون في التخلي وليس كالخمول فإن طلبت في التخلي ولم توجد فيوشك أن تكون في الصمت وليس كالتخلي فإن طلب في الصمت فلم توجد فيوشك أن تكون في كلام السلف الصالح والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها.
وعن عبد الله بن الفضيل بن الربيع عن ابيه ولم يحفظ على الدعاء وبعضه عن غيره قال حج أبو جعفر سنة سبع وأربعين ومائة فقدم المدينة وقال ابعث إلي جعفر بن محمد من يأتينا به تعبا قتلني الله إن لم أقتله فتغافل عنه الربيع لينساه ثم أعاد ذكره للربيع وقال أرسل إليه من يأتي به متعبا فتشاغل عنه ثم أرسل إلى الربيع برسالة قبيحة في جعفر وأمره أن يبعث إليه ففعل فلما أتاه قال له يا أبا عبد الله اذكر الله فانه قد أرسل إليك التي لا سوى لها قال جعفر لا حول ولا قوة إلا بالله ثم اعلم أبا جعفر حضوره فلما دخل أوعده وقال أي عدو الله اتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل قتلني الله إن لم أقتلك فقال يا أمير المؤمنين إن سليمان عليه السلام أعطى فشكر وان أيوب ابتلي فصبر وان يوسف ظلم فغفر وأنت من ذلك السنخ فقال له أبو جعفر إلي وعندي أبا عبد الله البريء الساحة السليم الناحية القليل الغائلة جزاك الله من ذي رحم افضل ما جزى ذوي الأرحام عن أرحامهم. ثم تناول يده فأجلسه معه على فراشه ثم قال علي بالمنجفة فأتي بدهن فيه غالية فغلفه بيده حتى خلت لجيته قاطرة ثم قال في حفظ الله وفي كلاءته ثم قال يا ربيع ألحق أبا عبد الله جائزته وكسوته انصرف أبا عبد الله في حفظ الله وفي كنفه فانصرف ولحقته فقلت له أني قد رأيت قبل ذلك ما لم تره و رأيت بعد ذلك ما قد رأيت فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت قال قلت اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام واغفر لي بقدرتك علي لا أهلك وأنت رجائي اللهم انك اكبر واجل ممن أخاف واحذر اللهم بك ادفع في نحره واستعذ بك من شره.
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن الحارث بن أبي ذئب
وكان من أورع الناس ... 0 وكان يصلي الليل أجمع واخبرني أخوه قال كان يصوم يوما ويفطر يوما فوقعت الرجفة بالشام فقدم رجل من أهل الشام فحدثه عن الرجفة وكان يوم إفطاره فقلت له قم تغذى قال دعه اليوم فسرد الصوم من ذلك اليوم إلى أن مات وكان يتعشى بالخبز والزيت وله طيلسان وقميص يشتو فيه ويصيف ويحفظ حديثه كله.
ودخل على عبد الصمد بن علي وهو والي المدينة فكلمه في شيء فقال له عبد الصمد: إني لأراك مرائيا فأخذ عودا أو شيئا من الأرض فقال: من أرائي? فوالله للناس عندي أهون من هذا وحج أبو جعفر فدعا ابن أبي ذئب فقال نشدتك بالله الست اعمل بالحق? أليس تراني اعدل فقال ابن أبي ذئب أما إذا نشدتني بالله فأقول اللهم لا ما أراك تعدل وانك لجائر وأنا لتستعمل الظلمة وتدع أهل الخير.
قال محمد بن عمر فحدثني محمد بن إبراهيم وإبراهيم بن يحيى وأخبرت عن عيسى بن علي قالوا فظننا أن أبا جعفر سيعالجه فجعلنا نكف إلينا ثيابنا مخافة أن يصيبنا من دمه فجزع أبو جعفر واغتم وقال له قم فاخرج.
وكان فقيها صالحا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أقدمه المهدي بغداد فحدث بها ثم رجع يريد المدينة فمات بالكوفة.
مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير أبو عبد الله القرشي
عن الزبير بن بكار قال كان مصعب بن ثابت من اعبد أهل زمانه صام خمسين سنة.
قال الزبير وحدثني يحيى بن مسكين قال ما رأيت أحدا قط اكثر ركوعا وسجودا من مصعب بن ثابت كان يصلي في كل يوم وليلة آلف ركعة ويصوم الدهر.













من الطبقة السادسة من أهل المدينة
من الطبقة السادسة من أهل المدينة
مالك بن انس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي
وعن أبي مصعب قال سمعت مالك بن انس يقول ما أفتيت حتى شهد لي سبعون اني أهل لذلك.
وعنه قال ما أحببت في الفتيا حتى سألت من هو اعلم مني هل يراني موضعا لذلك سألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقلت يا أبا عبد الله فلو نهاك قال كنت انتهي لا ينبغي للرجل أن يرى نفسه أهلا لشيء حتى يسأل من هو اعلم منه.
وقال خلف دخلت على مالك بن انس فقال لي انظر ما تحت مصلاي أو حصيري فنظرت فإذا بكتاب فقال أقراه فإذا فيه رؤيا رآها له بعض إخوانه فقال رأيت النبي في المنام في مسجده وقد اجتمع الناس عليه فقال لهم اني قد خبأت لكم تحت منبري طيبا أو علما وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله ثم بكى فقمت عنه.
وعن ابن أبي اويس قال كان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن في الجلوس بوقار وهيبة ثم حدث فقيل له في ذلك فقال احب أن اعظم حديث النبي ولا أحدث به إلا على طهارة متمكنا وكان يكره أن يحدث في الطريق وهو قائم أو مستعجل فقال احب أن يفهم ما أحدث به عن رسول الله ).
كان مالك بن انس إذا أراد أن يحدث بحديث رسول الله اغتسل وتبخر وتطيب، وإذا رفع أحد صوته عنده قال: اغضض من صوتك فإن الله عز وجل يقول: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي سورة الحجرات آية:2 فمن رفع صوته عند حديث رسول الله فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله ).
قال مالك بن انس ليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو نور يضعه الله في القلب.
و قيل لمالك بن انس: ما تقول في طلب العلم? قال: حسن جميل، ولكن انظر إلى الذي يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي فالزمه.
وعن ابن مهدي قال: سال رجل مالكا عن مسالة فقال: لا أحسنها فقال الرجل: اني ضربت إليك كذا وكذا لأسألك عنها. فقال له مالك: فإذا رجعت إلى مكانك وموضعك فاخبرهم اني قلت لك لا أحسنها.
وعن ابن أبي اويس قال اشتكى مالك بن انس أياما يسيرة فسالت بعض أهلنا عما قال عند الموت فقال تشهد ثم قال لله الآمر من قبل ومن بعد.





















ا

من الطبقة السابعة من أهل المدينة
من الطبقة السابعة من أهل المدينة
عبد الله بن عبد العزيز العمري
تعبد عبد الله العمري وكان لا يرى إلا وفي يده كتاب يقرؤه وترك مجالسه الناس فسئل عن فعله فقال لم أر أوعظ من قبر ولا انس من كتاب ولا اسلم من الوحدة فقيل له قد جاء في الوحدة ما جاء قال لا تفسد إلا جاهلا.
قال أبو عبد الرحمن العمري أن من غفتلك عن نفسك إعراضك عن الله بان ترى ما يسخطه فتجاوزه ولا تأمر ولا تنهى خوفا ممن لا يملك ضرا ولا نفعا.
وقال سمعته يقول من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مخافة المخلوقين نزعت منه هيبة الله تعالى فلو أمر بعض ولده أو بعض مواليه لا ستخف به.
وعن أبي قدامة السرخسي قال قام العمري للخليفة على الطريق فقال له فعلت وفعلت فقال له ماذا تريد ماذا تريد قال تعمل بكذا وتعمل بكذا فقال له هارون نعم يا عم نعم يا عم.
وعن سعيد بن سليمان قال كنت بمكة في زقاق الشطوى والى جنبي عبد الله بن عبد العزيز العمري وقد حج هارون الرشيد فقال لها إنسان يا أبا عبد الرحمن هو ذا أمير المؤمنين يسعى قد أخلي له المسعى قال العمري للرجال لا جزاك الله عني خيرا كلفتني أمرا كنت عنه غنيا ثم تعلق نعليه وقام فتبعته وأقبل هارون الرشيد من المروة يريد الصفا فصاح به يا هارون فلما نظر إليه قال لبيك يا عم قال ارق الصفا فلما رقيه قال ارم بطرفك إلى البيت.
قال قد فعلت قال كم هم قال ومن يحصيهم قال فكم في الناس مثلهم قال خلق لا يحصيهم إلا الله قال اعلم أيها الرجل أن كل واحد منهم يسال عن خاصة نفسه وأنت وحدك تسال عنهم كلهم فانظر كيف تكون قال فبكى هارون وجلس وجعلوا يعطونه منديلا للدموع قال العمري أو أخرى أقولها قال قل يا عم قال والله إن الرجل ليسرف في ماله فيستحق الحجر عليه فكيف بمن يسرف في مال المسلمين ثم مضى وهارون يبكي.
قال محمد بن خلف سمعت محمد بن عبد الرحمن يقول بلغني أن هارون الرشيد قال اني لأحب أن أحج كل سنة ما يمنعني إلا رجل من ولد عمر ثم يسمعني ما أكره وقد روي لنا من طريق آخر انه لقيه في المسعى فاخذ بلجام دابته فأهوت إليه الأجناد فكفهم عنه الرشيد فكلمه فإذا دموع الرشيد تسيل على معرفة دابته ثم انصرف وانه لقيه مرة فقال يا هارون فعلت وفعلت فجعل يسمع منه ويقول مقبول منك يا عم على الرأس والعين فقال يا أمير المؤمنين من حال الناس كيت وكيت فقال عن غير علمي وأمري وخرج العمري إلى الرشيد مرة ليعظه فلما نزل الكوفة زحف العسكر حتى لو كان نزل بهم مائة آلف من العدو ما زادوا علىهيبته ثم رجع ولم يصل إليه وعن أبي يحيى الزهري قال قال عبد الله بن عبد العزيز العمري عند موته: بنعمة ربي أحدث اني لم أصبح املك إلا سبعة دراهم من لحاء شجر فتلته بيدي وبنعمة ربي أحدث لو أن الدنيا أصبحت تحت قدمي ما يمنعني أخذها إلا أن أزيل قدمي عنها ما أزلتها.
جاء رجل إلى العمري فقال عظني قال فاخذ حصاة من الأرض فقال زنة هذه من الورع يدخل قلبك خير لك من صلاة أهل الأرض قال زدني قال كما تحب أن يكون الله عز وجل لك غدا فكن له اليوم.
موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي أبو الحسن الهاشمي.
كان يدعى العبد الصالح لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل وكان كريما حليما إذا بلغه عن رجل انه يؤذيه بعث إليه بمال.
عن الفضل بن الربيع عن أبيه انه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول يا محمد فهل عسيتم أن توليتم إن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم سورة محمد آية 22 قال الربيع فأرسل إلي ليلا فراعني ذلك فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية وكان أحسن الناس صوتا فقال علي بموسى بن جعفر فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه وقال يا أبا الحسن رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ علي كذا فتؤمنني إن تخرج علي أو على أحد من ولدي فقال والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني قال صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى أهله إلى المدينة.
قال الربيع فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوائق.
وعن شقيق بن إبراهيم البلخي قال خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائتين فنزلت القادسية فبينا أنا انظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم فنظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة يعلو فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم والله لأمضين إليه ولأوبخنه فدنوت منه فلما راني مقبلا قال يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض إثم سورة الحجرات آية 12 ثم تركني ومضى فقلت في نفسي إن هذا لأمر عظيم قد تكلم على ما في نفسي ونطق باسمي وما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأسلنه أن يحالني فأسرعت في إثره فلم ألحقه وغاب عن عيني فلما نزلنا واقصة إذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري فقلت هذا صاحب امضي إليه واستحله فصبرت حتى جلس وأقبلت نحوه فلما راني مقبلا قال يا شقيق اتل وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى سورة طه آية 82 ثم تركني ومضى فقلت إن هذا الفتى لمن الإبدال وقد تكلم على سري مرتين فلما نزلنا رمالا إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي ماء فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا انظر إليه ف رأيت قد رمق السماء وسمعته يقول: أنت ربي إذا ظمئت من الماء وقوتي إذا أردت الطعاما اللهم سيدي مالي سواها فلا تعدمنيها قال شقيق فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها فمد يده فاخذ الركوة وملاها ماء وتوضأ وصلى أربع ركعات ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب فأقبلت إليه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت أطعمني من فضل ما أنعم الله به عليك.
فقال يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا سويق وسكر فوالله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب ريحا منه فشبعت ورويت فاقمت أياما لا اشتهي طعاما ولا شرابا ثم لم أره حتى دخلنا مكة فرايته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نصف الليل يصلي بخشوع وانين وبكاء فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح الله ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت أسبوعا وخرج فتبعته فإذا له حاشية وموال وهو على خلاف ما رايته في الطريق ودار به الناس من حوله يسلمون عليه فقلت لبعض من رايته يقرب منه من هذا الفتى فقال هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فقلت قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد.
وعن احمد بن إسماعيل قال بعث موسى ين جعفر إلى الرشيد من الحبس رسالة كانت انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتى نفضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.









 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
التابعين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:05

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc