حق المرور للأرض المحصورة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حق المرور للأرض المحصورة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-05-20, 17:50   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 حق المرور للأرض المحصورة

عنوان هذه المذكرة حق المرور للأرض المحصورة في القانون الجزائري


الفهـرس
مقدمة 1
خطة البحث............................................. ......................................5
الفصل لأول: مفهوم حق المرور للأرض المحصورة 6
المبحث الأول : تعريف حق المرور للأرض المحصورة 6
المطلب الأول : تعريف حق المرور للأرض المحصورة فقها 6
المطلب الثاني : تعريف حق المرور للأرض المحصورة قانونا 9
المطلب الثالث : تعريف حق المرور للأرض المحصورة قضاء 11
المبحث الثاني : الطبيعة القانونية لحق المرور للأرض المحصورة 14
المطلب الأول : حق المرور كقيد من القيود الواردة على حق الملكية 14
المطلب الثاني : تمييز حق المرور القانوني عن إرتفاق المرور 15
المبحث الثاني : شروط قيام حق المرور القانوني 20
المطلب الأول : إنحصار الأرض عن الطريق العام 20
الفرع الأول: الإنحصار الكلي 20
الفرع الثاني : الإنحصار الجزئي 22
المطلب الثاني : لزوم الممر لإستعمال العقار و استغلاله 23
المطلب الثالث : وجوب كون الإنحصار غير راجع إلى فعل المالك 24

الفصل الثاني : أحكام حق المرور القانوني 29
المبحث الأول : المركز القانوني لمالك الأرض المحصورة 29
المطلب الأول : واجبات مالك الأرض المحصورة 30
الفرع الأول : واجب عدم تعمد الإضرار بمالك الأرض المجاورة 30
الفرع الثاني : واجب دفع التعويض المناسب لمالك الأرض المجاورة 30
المطلب الثاني : حقوق مالك الأرض المحصورة 31
الفرع الأول : حق القيام بأعمال في الأرض المجاورة 31
الفرع الثاني : الحق في طلب توسيع الممر أو تغيير موضعه 32
المبحث الثاني: الدعاوي القضائية المتعلقة بحق المرور القانوني
و دور القاضي في تقريره 34
المطلب الأول : الدعاوى القضائية المتعلقة بحق المرور القانوني 34
الفرع الأول: دعوى المطالبة بالحق بالنسبة لمالك الأرض المحصورة 34
الفرع الثاني: دعوى المطالبة بالتعويض بالنسبة لمالك الأرض المجاورة 37
المطلب الثاني: دور القاضي في تقرير حق المرور القانوني 38
الفرع الأول : تعيين الممر و طريقة المرور 38
أولا : القاعدة في تحديد موضع الممر 38
ثانيا : تحديد موضع الممر عند تجزئة العقار استثناء 40
1- شروط إعمال هذا الاستثناء 40
أ-وجوب انحصار الأرض بعد ما كانت متصلة بالطريق . 41
ب- وجوب كون الحصر ناتجا عن تجزئة الأرض بناء على معاملة . 41
جـ– أن يكون من المستطاع إيجاد ممر كافي في أجزاء هذه الأرض 41
2- الأساس القانوني لحق المرور في حالة التجزئة . 42
أ- التصرف القانوني كمصدر لحق المرور في حـالة التجزئة. 42
ب- القانون كمصدر لحق المرور في حالة التجزئة . 42
ثالثا : أثر التقادم في تعيين الممر وطريقة المرور 43
الفرع الثاني : تقدير التعويض عن الضرر الذي يحدثه المرور 44
أولا: اختصاص القاضي في تقدير التعويض 44
ثانيا: أثر التقادم على المطالبة بالتعويض 45
المبحث الثالث: انقضاء حق المرور القانوني 47
المطلب الأول: انقضاء حق المرور بزوال الحصر كمبدأ عام 47
الفرع الأول: أسباب زوال الحصر 47
أولا: نزع الملكية للمنفعة العامة 48
ثانيا: إتحاد الذمة 48
ثالثا: تجزئة الأرض المحصورة 49
رابعا: عدم جدوى الحق أو فقد منفعته 49
خامسا: شراء أرض ملاصقة 50
الفرع الثاني: آثار زوال انحصار الأرض 50
المطلب الثاني: بقاء حق المرور رغم زوال الحصر 50
الفرع الأول: الحيازة كسبب لبقاء حق المرور رغم زوال الحصر 50
الفرع الثاني: الآثار المترتبة على بقاء الحق 54
خاتمة 55

مقدمــــة:
يعتبر حق الملكية أوسع الحقوق العينية نطاقا بل هو جماع هذه الحقوق وعنه تتفرع جميعا،فمن له حق الملكية على شيء كان له حق استعماله وحق استغلاله والتصرف فيه وبذلك يستجمع كل السّلطات التي يعطيها القانون للشخص على الشيء.
وإذا قلنا أن حق الملكية هو حق عيني، فإنه ينفرد عن غيره من الحقوق العينية الأخرى بخاصيتين، الخاصية الأولى أنه حق جامع مانع وهي خاصيته الجوهرية، والثانية أنه حق دائم وهي خاصية تقتضيها الاعتبارات العملية.
فالقاعدة إذن اعتبار الملكية حق جامع مانع يستأثر صاحبه بجميع مزايا ملكه ويمنع غيره من مشاركته في هذه المزايا، إلا أنه يرد على هذا الأصل العام استثناءات كثيرة من شأنها أن تقيّد من شمول حق الملكية ومن قصرها على المالك.(1)
فهناك قيود كثيرة تحد من سلطات المالك على الشيء بل وتبيح تدخل الغير في ملكه، من ذلك ما يقرره القانون ومنها ما يقتضيه اتفاق ذوي الشأن، ذلك أنه يجوز للمالك الإتفاق مع جاره على تقييد ملكيته بحق من حقوق الإرتفاق مثلا في غير الحالات التي يفرض فيها القانون هذا الحق وحينئذ يكون هذا القيد ناشئا عن الإتفاق لا عن القانون.(2)
وقد تكون القيود الواردة على حق الملكية قانونية مقررة إما للمصلحة العامة وإما للمصلحة الخاصة، الأولى كسلطة الدولة في نزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات للمنفعة العامة ... وإلخ.
أما القيود المقررة للمصلحة الخاصة فأكثرها مقرر في التقنين المدني كالقيود المقررة لصالح الجيران أو الملاك المجاورين، ويمكن ردها إلى طوائف ثلاثة: الأولى تشمل القيود المتعلقة باستعمال حق الملكية وهي التي تقتضيها التزامات الجوار، والثانية تتعلق بحق المرور القانوني والثالثة ترجع إلى التلاصق في الجوار.
ويعتبر حق المرور للأرض المحصورة أو القيد الخاص بالاتصال بالطريق العام من أهم المحاور التي اعتنى المشرع الجزائري بتنظيمها، فجعل لمالك الأرض المحصورة عن الطريق العام الحق في الحصول على ممر في الأراضي المجاورة للوصول إلى هذا الطريق.
فالقاعدة أن للمالك الحق في أن يأبى لغيره المرور في أرضه، ولكن المشرع قدر أن انحصار الأرض عن الطريق العام يحول دون استعمالها واستغلالها، وحرصا منه التدخل لتقييد سلطات المالك أورد قيد المرور القانوني على حق الملكية فخول لمالك الأرض المحصورة حق المرور في أرض الجار للوصول إلى هذا الطريق.
وقد عالج القانون المدني الجزائري الصادر في 26/09/1975 -والمستمدة أحكامه المطبقة على ارتفاق المرور أساسا من القانون المدني الفرنسي الساري المفعول وقت إصداره- حق المرور في مجموعتين من مقتضيات القانون المدني فنجده في المواد من 693 إلى 702 تحت العنوان ذي المدلول " القيود التي تلحق حق الملكية" من الكتاب الثالث المعنون بـ" بالحقوق العينية الأصلية".
كما يخضع إرتفاق المرور كذلك من جهة أخرى للمقتضيات العامة المنظمة لجميع الإرتفاقات التي هي موضوع الفصل الثاني وهي المواد من 867 إلى 881من القانون المدني المـعالجة شـروط اكتساب واستعمال وزوال الإرتفاقات، لذلك كانت مسألة تحديد الطبيعة القانونية لهذا الحق من الإشكالات القانونية التي تجاذبت فيها آراء رجال القانون فقها وقضاء.
وتبرز أهمية حق المرور القانوني من خلال اعتباره من القيود التي أقرتها الشريعة الإسلامية تنظيما للملكية وضمانا لأداء وظيفتها الاجتماعية، فهو يثبت لصاحب الأرض المحصورة إذا تحققت شروطه، وإن ترتب على هذا القيد ضرر كان للمضرور الحق في تعويض عادل من قبل صاحب حق المرور لأن الغنم بالغرم.(1)
فالواقع أنّ الشارع قرر لهذا الحق وظيفة اجتماعية ولم يجعله ذا صبغة فردية خالصة، إلا أنه لم يكن من الأمر الهين تحقيق هذه الوظيفة وتقرير مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يتطلب تقييد الحقوق وعدم إطلاقها، لأنه كثيرا ما يرفض المالك مرور جاره في أرضه ومضايقته، لذلك تثور خلافات بينهما تطرح باستمرار أمام القضاء.
وتكمن الأهمية العملية للبحث في حق المرور في كون الموضوع قد تسبب في الكثير من الغموض بالنسبة للقاضي الممارس، والذي نجده مخير بين أحكام خاصة بهذا الحق منصوص عليها في موضعين مختلفين من التقنين المدني، خاصة وأن تنظيم المشرع الجزائري لأحكام هذا الحق لم يأت شاملا ودقيقا تمام الدقة، وهو ما يبرز أهمية إعطائه حلولا واضحة ومستقرة، ولا سيما ما يتعلق منها بشروط الاكتساب و الاستعمال و الزوال.
ثم أن المقتضيات القانونية المنظمة لحق المرور ليست دوما سهلة التفسير عند تطبيقها من طرف القاضي.
وأخيرا فإن المتطلبات العملية و المعطيات القانونية للموضوع هي التي جعلتني أختاره للبحث في مختلف جوانب نظامه القانوني، قصد توحيد الحلول بخصوص بعض الصّعوبات ذات الصِّلة بالموضوع.
لذلك فمن أهم العناصر الأساسية في موضوع حق المرور للأرض المحصورة الجديرة بالاهتمام و البحث – خاصة وأنه لم يحظ هذا الموضوع بالبحث و الدراسة من قبل - ما يلي:
1- تحديد مفهوم هذا الموضوع من خلال تعريفه فقها، قانونا وقضاء، وبيان خصائصه بتحديد طبيعته القانونية وتمييزه عن بقية المفاهيم المشابهة له.
2- بيان كيفية ثبوت حق المرور القانوني من خلال تحديد الشروط المنصوص عليها قانونا لقيام حق المرور القانوني، فما هي الضوابط القانونية التي أوجب المشرع توافرها لثبوت هذا الحق وجواز المطالبة به ؟
3- في أحكام حق المرور القانوني من خلال تحديد المركز القانوني لمالك الأرض المحصورة ببيان حقوقه وواجباته من جهة، والدعاوى القضائية ذات الصِّلة بهذا الحق من جهة ثانية فهل أن المشرع قد خص حق المرور القانوني بنصوص قانونية تحدد بوضوح ما لمالك الأرض المحصورة من حقوق وما عليه من واجبات ؟ وما هي الدعاوى التي خوله إياها المشرع لاستعمال حقه وحمايته قانونا ؟
4- يتدخل القاضي للفصل في النزاعات التي قد تثور بين الجيران، فله دور في تقرير حق المرور القانوني من خلال التدخل لتعيين أو فتح الممر الذي يمارس فيه حق المرور من جهة وتقدير التعويض المناسب الذي يستحقه مالك الأرض المجاورة من جهة ثانية.
5- لمّا كان حق المرور القانوني مناطه انحصار الأرض عن الطريق العام، فهل يزول حق المرور القانوني بزواله ؟ ما هي أسبابه ؟ وهل اعتنى المشرع بالنص على كل آثاره ؟
وللتفصيل في كل هذه العناصر القانونية ذات الصلة بالموضوع يمكن طرح الإشكالية التالية:
ما هو المفهوم الذي منحه المشرع لحق المرور المتعلق بالأرض المحصورة ؟ وماهي الأحكام القانونية الخاصة به؟

إجابة على كل هذه التساؤلات، وحسب ما يقتضيه عنوان هذا البحث " حق المرور للأرض المحصورة في القانون الجزائري" تمحورت دراستي لهذا الموضوع في حق المرور- ليس على العموم والذي يشمل حق المرور في حالة الحصر وعند انعدامها- للأرض المحصورة، الأمر الذي اقتضى مني بالدرجة الأولى التعريف بهذا الحق في الفصل الأول وتبيان طبيعته القانونية وإن كانت لا تثير خلافا في هذا الشأن، وكذا الشروط الواجب توفرها لقيامه في القانون المدني باعتباره الشريعة العامة والقوانين الخاصة الأخرى محاولة في كل مرة التمييز بينه وبين مفهوم مشابه له وهو إرتفاق المرور نتيجة للخلط الذي وقع فيه التشريع والقضاء للتفريق بينهما، إلا أنني حاولت في كل مرة إظهار الفروقات بين المفهومين وهو أمر في غاية الأهمية.
أما الفصل الثاني فجعلته بعنوان أحكام حق المرور القانوني بحيث تطرقت إلى أهم الآثار التي يرتبها حق المرور القانوني من خلال التعرض للحقوق والواجبات المفروضة على مالك الأرض المحصورة من جهة، ومختلف المنازعات التي يثيرها هذا الموضوع على مستوى المحاكم من جهة ثانية، لأنتهي في الأخير إلى التطرق إلى أحكام انقضاء هذا الحق وآثار ذلك.
وقد اقترحت معالجة هذا الموضوع ضمن الخطة الآتي بيانها:

خطــة البحـــث:
الفصل الأول: مفهوم حق المرور للأرض المحصورة.
المبحث الأول: تعريف حق المرور للأرض المحصورة.
المطلب الأول: تعريف حق المرور للأرض المحصورة فقها.
المطلب الثاني: تعريف حق المرور للأرض المحصورة قانونا.
المطلب الثالث: تعريف حق المرور للأرض المحصورة قضاء.
المبحث الثاني: الطبيعة القانونية لحق المرور للأرض المحصورة.
المطلب الأول: حق المرور كقيد من القيود الواردة على حق الملكية.
المطلب الثاني:تمييز حق المرور القانوني عن ارتفاق المرور.
المبحث الثالث: شروط قيام حق المرور القانوني.
المطلب الأول: انحصار الأرض عن الطريق العام.
المطلب الثاني: لزوم الممر لاستعمال العقار واستغلاله.
المطلب الثالث: وجوب كون الإنحصار غير راجع إلى فعل المالك.
الفصل الثاني: أحكام حق المرور القانوني
المبحث الأول: المركز القانوني لمالك الأرض المحصورة.
المطلب الأول: واجبات مالك الأرض المحصورة.
المطلب الثاني: حقوق مالك الأرض المحصورة.
المبحث الثاني: الدعاوى القضائية المتعلقة بحق المرور القانوني ودور القاضي في تقريره.
المطلب الأول: الدعاوى القضائية المتعلقة بحق المرور القانوني.
المطلب الثاني:دور القاضي في تقرير حق المرور القانوني.
المبحث الثالث: انقضاء حق المرور القانوني.
المطلب الأول: انقضاء حق المرور بزوال الحصر كمبدأ عام.
المطلب الثاني: بقاء حق المرور رغم زوال الحصر.
خاتمـــة.


الفصل الأول: مفهوم حق المرور للأرض المحصورة.
يقتضي تحديد مفهوم حق المرور للأرض المحصورة في القانون الجزائري تعريفه تعريفا شاملا ودقيقا في الفقه و القانون و القضاء من أجل استخلاص العناصر المكونة لحق المرور، كما أن تحديد مفهومه يقتضي أيضا التعرض كذلك للخصائص التي تميزه عن غيره من الحقوق والمستنبطة أساسا من الطبيعة القانونية لهذا الحق، من خلال تمييزه عن مفهوم كثيرا ما يختلط به وهو حق الإرتفاق أو إرتفاق المرور نظرا لما لهذا التمييز من آثار، لأنتهي إلى إبراز الشروط المنصوص عنها قانونا لقيام هذا الحق.
وعلى هذا الأساس ارتأيت تخصيص المبحث الأول من الفصل إلى مختلف التعريفات الممنوحة لهذا الحق سيما الفقهية منها القانونية والقضائية، المبحث الثاني إلى تحديد الطبيعة القانونية لحق المرور للأرض المحصورة، وفي مبحث ثالث إلى أمر غاية في الأهمية وهو الشروط الواجب توفرها قانونا لقيام هذا الحق.

المبحث الأول: تعريف حق المرور للأرض المحصورة
إذا كانت التشريعات المقارنة قد أوردت أحكاما خاصة بحق المرور في حالة الحصر، فإن المشرع الجزائري قد اعتنى هو الآخر بتنظيم هذا الحق فأورد أهم الأحكام القانونية الخاصة به من خلال تبيان الشروط القانونية لقيامه، الضوابط الخاصة بتعيين الممر، آثاره القانونية وكيفية انقضائه، فكيف يا ترى عرف المشرع الجزائري حق المرور للأرض المحصورة ؟ وهل اهتم الفقه بتمييزه عن المفاهيم الأخرى المشابهة له ؟ وكيف كرس القضاء في الإجتهادات والقرارات القضائية الصادرة عنه أحكام هذا الحق؟

المطلب الأول: تعريف حق المرور للأرض المحصورة فقها
لقد تعددت مذاهب الشراح في تعريف حق المرور القانوني فيقول الدكتور إدريس فاضلي في هذا الإطار: "إن الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة التي سعى المشرع إلى تحقيقها بتقييد سلطة استعمال المالك لفائدة المصلحة الخاصة للغير، تتمثل على وجه الخصوص في حق المرور الممنوح لمالك الأرض المحصورة لاستغلال أرضه مقابل تعويض مناسب"(1).
ويقول الإمام أبو حنيفة أنه: "في سكة لا تنفذ ليس لأصحابها بيعها ولو إتفقوا عليه ولا أن يقتسموها فيما بينهم، إذ الطريق الأعظم إذا كثر فيه الناس كان لهم أن يدخلوا هذه السكة حتى يخف الزحام"، وقد سئل الإمام مالك عمن يمر إلى العين في أرض مزروعة للقوم، فقال: " إن كان ذلك يفسد زرعهم فلهم أن يمنعوه."(1)
أما عن الإمام أبي زهرة فيعرّف حق المرور قائلا: "حق المرور هو أن يكون للشخص الحق في الوصول إلى عقاره وحده أو معه دوابه، وقد يكون الطريق الموصل للعقار مملوكا له وقد يكون غير مملوك له، ويكون غير مملوك له ويكون له حق المرور فيه، فحق المرور من الطريق العام ثابت لكل إنسان ومقدر لكل عقار متصل به بإطلاق، ولكل أن يمر من هذا الطريق بلا قيد ولا شرط، ولكل صاحب عقار متصل به أن يفتح بابا لعقاره فيه من غير قيد ولا شرط أيضا، وذلك لأن الطريق قد خصص لمنفعة الكافة، فليس لأحد حق فيه أكثر من الآخرين، وليس لأحد فيه حق على جهة الخصوص وإذا كان كذلك فلا يمنع من الإرتفاق به أحد ما دام يرتفق في الدائرة التي خصص لها الطريق."(2)
وفي مقابل ذلك يعرف إرتفاق المرور المتعلق بالوصول إلى الطريق العام بأنه: " حق انتفاع عيني لصاحب الأرض المحصورة في المرور إلى الطريق أو في فتح الأبواب و النوافذ على ملك الغير سواء كان الطريق عاما يترك في الإنتفاع به كل الناس أم خاصا مملوكا لشخص آخر، فهو من القيود التي أوردتها الشريعة الإسلامية تنظيما للملكية وضمانا لأداء وظيفتها الإجتماعية".
وعليه فإن إرتفاق المرور هو حق عيني متفرع عن حق الملكية يجعل لمالك العقار المرتفق أن يباشر بعض سلطات مالك هذا العقار فهو بذلك يتضمن الحد من منفعة عقار لفائدة عقار آخر يملكه شخص آخر .
وقد عرف ملزي عبد الرحمان حق المرور بقوله :
"حق المرور في حالة الإنحصار "le droit de passage en cas d'enclave"
هو حق مالك الأرض المحصورة عن الطريق العام في أن يحصل على ممر في الأراضي المجاورة إلى هذا الطريق."(3)
وعليه تكون الأرض محصورة عن الطريق العام إذا كان لا يصلها به أي ممر أو كان الممر غير كاف، وقد ارتأيت التفصيل في معنى الإنحصار عند الحديث عن شروط قيام هذا الحق.
ومن ثمة لا يثبت هذا الحق لمن يريد المرور لتحقيق أغراض أخرى غير الوصول إلى الطريق العام كمن كان في حاجة إلى القيام بأعمال إنشائية أو ترميمية أو استعادة أشياء ضائعة، كما أنه لا يثبت للجمهور حتى لو كانت أرض المالك واقعة على الطريق العام و أصبح المرور في هذا الطريق متعذرا.
وتجدر الإشارة هنا بأن الطريق العام غير قاصر على الطرق البرية المملوكة ملكية عامة، و إنما يشمل أيضا الطرق البحرية و النهرية التي كان من الممكن لمالك الأرض استعمالها استعمالا يتناسب مع الاستغلال العادي لأرضه، وقد اعتبرت المادة 16 من القانون 90/30 المحدد للنظام القانوني للأملاك الوطنية الطريق العام من الأملاك الوطنية العمومية الصناعية المخصصة للاستعمال العام والمعدة أساسا للنقل دون المرور عن المرافق العامة .
وإذا كان يختار لحق المرور عقار مجاور يكون المرور فيه أخف ضررا من المرور في العقارات المجاورة و في موضع من هذا العقار يتحقق فيه هذا الاعتبار كذلك، فماذا تشمل هذه الأراضي المجاورة ؟(1)
إن أول أرض يمر فيها مالك الأرض المحصورة تكون بداهة أرضا ملاصقة لأرضه، فإن كان المرور في هذه الأرض يؤدي به إلى الطريق العام كان هذا كافيا وإلا فإنه يمر أيضا في الأرض أو الأراضي التي تكون مجاورة لأول أرض يمر فيها إلى أن يصل إلى الطريق العام.(2)
ويستوي أن تكون الأرض أو الأراضي التي يمر فيها أراضي زراعية أو أراضي بناء أو أراضي فضاء، حدائق أو أحواشا، مسورة أو غير مسورة، فإن كانت مسورة كحديقة أو فناء ملحق بمنزل وجب على صاحبها أن يفتح فيها منفذا للمرور منه، ويجوز أن يبقيها مسورة يفتح بها بابا يعطى مفتاحه لصاحب الأرض المحصورة، ويجوز أن يتقرر المرور في أرض لا يجوز التصرف فيها كالأراضي الموقوفة (3)، إلا أن هذه المسألة تبقى خلافية فهناك من يقول بجواز ممارسة حق المرور على الأملاك الوقفية وهناك من يرفض ذلك مادام أن المشرع لم ينص عليها صراحة في القانون 01/07 الصادر في 22 يوليو 2001 المتعلق بالأوقاف ومن ثمة لا بد من الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية.
كما أنه لا يوجد ما يمنع أن يكون الممر في الأملاك الوطنية العمومية أو الخاصةالتي جاء النص عليها في القانون 90/30المؤرخ في 01/12/1990 والمتعلق بالأملاك الوطنية .
كما يجوز أن يكون موضع الممر على سطح الأرض، كذلك يجوز أن يكون تحتها، كما إذا تقرر حق المرور لمحجر أو لمنجم في باطن الأرض وكذلك يجوز أن يكون الممر في موضع هو أعلى من سطح الأرض كما إذا أقام أحد الأفراد جسرا عاليا فوق سطح الأرض، فيتقرر لجاره صاحب الأرض المحصورة حق المرور فوق هذا الجسر.(1)
ومنه يمكن القول أنه لا يستلزم أن يحدد ممر على سطح الأرض فقط وإن كان هو الحالة الغالبة وإنما يجوز أن يكون موضع الممر تحت سطح الأرض أو في فضاء سطحها، كما أنه يمكن الاستناد أيضا إلى نص المادة 675 من التقنين المدني الذي يقضي في الفقرة الثانية منه على أنه : " وتشمل ملكية الأرض ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علوا وعمقا."
فالمشرع إذن في المادة 693لم يستعمل كلمة "أرض" (Sol) وإنما استعمل كلمة الأملاك (Fonds)،الأمر الذي يجعل هذه المادة تطرح إشكالا في نوعية هذه الأملاك، وحسب رأيي لابد من الأخذ بالمدلول الواسع للكلمة.

المطلب الثاني: تعريف حق المرور للأرض المحصورة قانونا
لقد اهتم المشرع الجزائري بتنظيم أحكام هذا الحق من خلال تخصيص عشرة (10) مواد ضمن القانون المدني معالجة له، وإن كان المشرع لم يأت بتعريف دقيق لهذا الحق إلا أنه باستقراء نص المادة 693 استخلصت تعريف حق المرور للأرض المحصورة بأنه: " ذلك الحق الذي يثبت لمالك الأرض المحصورة عن الطريق العام بالمرور على الأملاك المجاورة مقابل تعويض مناسب".
ويمكن القول أن عبارة "الأرض المحصورة" المستعملة في النص الجزائري عوض كلمة العقار من شأنها التضييق من مجال الحق، مما قد يؤدي إلى اختلاف في تفسير هذه العبارة بل وإلى حد عدم الاعتراف بالحق إذا ما تعلق الأمر بعقارات مبنية.
وقد أعقب المشرع نص المادة 693 بالمواد من (694-702) حدد من خلالها معالم الأرض المحصورة، موقع الممر، الحالات التي يزول فيها حق المرور، وعني على وجه الخصوص بتحديد كفاية الممر من عدمه فاعتبره كافيا متى كانت الأضرار عارضة ممكن إزالتها بنفقات قليلة أو كان على سبيل الإباحة، وفي مقابل ذلك اعتبره غير كافي أو غير ممكن متى كلف مشاق كبيرة تقتضي نفقات باهضة غير متناسبة وقيمة العقار دون أن يحدد المقصود بالطريق العام والأراضي المجاورة(2).
وتجدر الإشارة في نفس الإطار بأن الحق في المطالبة بحق المرور لا يثبت فقط لمالك الأرض المحصورة عن الطريق العام -كما يفهم من ظاهر النص- بل يثبت أيضا لمن يكون له حق عيني على العقار المحصور يخوّل له استعماله واستغلاله كالمنتفع وصاحب حق الاستعمال أو السكنى، ذلك أن هذه الحقوق العينية تثبت لصاحبها سلطة مباشرة على الشيء تخوّل له استعماله واستغلاله، فيكون له المطالبة بما للمالك من مكنات لتسيير هذا الاستعمال أو الاستغلال دون حاجة لوساطة، وبالعكس لا يثبت هذا الحق لأصحاب الحقوق الشخصية كالمستأجر و المستعير، فهؤلاء ليس لهم سلطة مباشرة على العقار المحصور، وإنما تترتب قبل مدينهم وهو مالك العقار أو صاحب حق عيني آخر عليه، ومن ثمة فلا يجوز لهم المطالبة بحق المرور مباشرة، بل يتعين أن تكون المطالبة بواسطة مدينهم.(1)
أما عن التشريعات المقارنة فقد عرّفت المادة 682 من التقنين المدني الفرنسي حق المرور في حالة الحصر واعتبرته إرتفاقا قانونيا بنصها على أنه:
" La servitude légale pour cas d'enclave est une servitude qui résulte de la loi, et non de l'accord des parties, la démonstration de l'état d'enclave de la parcelle constitue le titre légal de la servitude de passage.
Seul l'accès à la voie publique justifie la création de ce type de servitude qui peut disparaître par le non usage ou pour cause d'inutilité".(2)
في حين أن المشرع المصري من خلال نص المادة 812 وعلى حد قوله فقد أعطى:
"مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام أو التي لا يصلها بهذا الطريق ممر كاف إذا كان لا يتيسر له الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهضة أو مشقة جدا، له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لإستغلال أرضه و استعمالها على الوجه المألوف ما دامت هذه الأرض محبوسة عن الطريق العام و ذلك في نظير تعويض عادل ولا يستعمل هذا الحق إلاّ في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضررا وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك.
على أنه إذا كان الحبس عن الطريق العام ناشئا عن تجزئة عقار تمت بناء على تصرف قانوني وكان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار، فلا تجوز المطالبة بحق المرور إلا في هذه الأجزاء".(3)
أما عن إرتفاق المرور فقد جاءت المادة 867 من التقنين المدني تنص على أن: " الإرتفاق هو حق يجعل حدا لمنفعة عقار لفائدة عقار آخر، ويجوز أن يترتب الإرتفاق على مال إذا كان لا يتعارض مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال "، والملاحظ هنا وإن استعمل المشرع عبارة "حدا" إلا أنه في الواقع فإن حق الإرتفاق يقلص ويقلل من هذه المنفعة دون إنهائها، أما المشرع الفرنسي فقد استعمل عبارة « limite la jouissance » في حين أن المشرع المصري فقد نص عليه في المادة 1015 من التقنين المدني المصري.
المطلب الثالث: تعريف حق المرورللأرض المحصورة قضاءًا
لم يتطرق القضاء الجزائري في العديد من القرارات و الإجتهادات القضائية الصادرة عنه في هذا الموضوع إلى تعريف حق المرور القانوني بل جاءت في معظمها مؤكدة للأحكام القانونية التي أوردها التقنين المدني بتأكيد الشروط الواجب توفرها لقيامه، الدعاوى القضائية الكفيلة بحماية هذا الحق سلطة القاضي في تعيين الممر وتحديده، أثر التقادم على المطالبة به و غيرها من الموضوعات الأخرى.
بحيث تم التأكيد في العديد من القرارات الصادرة عن المحكمة العليا بأن مناط حق المرور القانوني هو انحصار الأرض عن الطريق العام، ففي القرار رقم 474/ 54 الصادر في 15/11/1989 (1) عن الغرفة المدنية للمحكمة العليا تم التأكيد على أنه من: " المقرر قانونا أن إنشاء حق إرتفاق على ملك الغير يشترط فيه أن يكون السكن محصورا، و من ثمة فإن النعي عن القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون غير مبرر يستوجب رفضه"، و كذلك القرار رقم 239277 الصادر بتاريخ 23/10/2002 الذي جاء في حيثياته أنه:" حيث أنه في قضية الحال فإن قضاة الموضوع الذين يقدرون بكل سيادة وقائع القضية وفي جملة ما إستخلصوه من تقرير الخبرة بأن عقار المالك المدعى عليه في الطعن محصور لأن الممر المتنازع عليه هو الذي يمكنه من الوصول إلى الطريق العمومي."
وكذلك القرار رقم 516/50 المؤرخ في 15/03/1989 الذي جاء هو الآخر مؤكدا لمقتضيات المادة 693 من التقنين المدني ذلك أنّه:" من المقرر قانونا أنه يجوز لمالك الأرض المحصورة التي ليس لها أي ممر يصلها بالطريق العام أو كان لها ممر غير كاف للمرور أن يطلب حق المرور على الأملاك المجاورة مقابل تعويض"(2)
فحق المرور في حالة الحصر و إن كان قائما بقوة القانون إلا أن القانون قد أناطه بمجموعة من الشروط الواجب توفرها لقيامه و هي شروط أكدتها قرارات المحكمة العليا في كل مرة:
فمثلا القرار رقم 24/353 المؤرخ في 06/03/1985 الذي جاء فيه أنه:" من المقرر قانونا بأنه لا يجوز لمالك الأرض المحصورة أو التي لها ممر غير كاف على الطريق العام أن يطلب حق المرور على أرض الغير إذا كان هذا الحصر ناتجا عن إرادته هو، و لما كان ثابت في قضية الحال أن الطاعن أكد أنّه حفر الخندق المتنازع من أجله دون معارضة المطعون ضده قبل بنائه المرآب و بعد بنائه المسكن وأن عدم توفر هذا الأخير على فتحة تؤدي إلى البناء المذكور تكون بالتالي من فعل إرادته.
وبما أن قضاة المجلس لم يتطرقوا لهذه النقطة في عناصر الدعوى لاستخراج طابع الحصر المحتج به ولتطبيق النص القانوني واِكتفوا بالقضاء بحق الاشتراك في المرور فإنهم بقضائهم قد خرقوا القانون."(1)
وقد حدد المشرع ضوابط خاصة بتعيين الممر وجعل للقاضي الاختصاص في ذلك، فقد جاء في القرار رقم 985/55 المؤرخ في 15/11/1989 أنه: " من المقرر قانونا أنه يجب أن يؤخذ حق المرور من الجهة التي تكون فيها المسافة بين العقار و الطريق العام ملائمة و التي تلحق أقل ضررا بالملاك المجاورين، ولما كان الثابت في قضية الحال أن أرض الطاعن أصبحت محصورة بعد إنجاز الطريق الجديد من قبل مصالح الطرقات و الجسور وأن الخبير بيّن أن الجهة التي تؤدي إلى الطريق لا تحدث ضررا للجار ومن ثمة فإن قضاة المجلس بإلغائهم الحكم المستأنف لديهم وبقضائهم من جديد برفض طلب الطاعن يكونوا قد خالفوا القانون."(2)
وإذا كان مناط حق المرور في حالة الحصر هو إنحصار الأرض عن الطريق العام إلا أنه قد يصدر عن مالك العقار تصرف قانوني يؤدي إلى إنحصار جزء منه، فحق المرور هنا لا يطلب إلاّ على الأراضي التي يشملها هذا التصرف وهذا ما إستقر عليه قضاء المحكمة العليا بدليل القرار رقم 229229 الصادر بتاريخ 22/05/2002 في القضية بين (ط أ) ضد (ح ص) و الذي جاء فيه أنه: "حيث أنه بالرجوع إلى القرار محل الطعن نجد أن الطاعن دفع بأن عقار المطعون ضده محصور وأن هذا الحصر ناتج عن قسمة الأرض بين فريق (ح).
حيث أن المجلس لم يرد على هذا الدفع مما لا يسمح للمحكمة العليا بممارسة حقها في الرقابة.
حيث أنه طبقا للمادة 697 قانون مدني والتي تنص صراحة بأنه إذا كانت الأرض المحصورة ناتجة عن تجزئة عقار بسبب بيع أو مبادلة أو قسمة أو من أي معاملة أخرى فلا يطلب حق المرور إلاّ على الأراضي التي تشملها تلك المعاملات." (3)
وفي مقابل حق المرور المقرر للأرض المحصورة اهتمت المحكمة العليا بدورها بتحديد المبادئ القانونية التي تضبط إرتفاق المرور من خلال تحديد شروطه والدعاوى الكفيلة بحمايته وهي دعوى الحيازة أساسا إذا ما توافرت شروطها القانونية، و قد جاء في القرار 226568 المؤرخ في 20/03/2002 تأكيد على نقطة هامة و هي أنه لا يكون هناك إرتفاق مرور في غياب حصر العقار بحيث أعاب المدعي على القرار المطعون فيه فصله في القضية على أساس تحقيق، في حين أنه استشهد بالأحكام الصادرة في 1950 و بمخطط القسمة المؤرخ في 21/02/1949 التي تثبت عدم وجود أي إرتفاق على عقار المدعي في الطعن الذي يتمسك بحجية الشيء المحكوم فيه ، ذاهبا إلى أن الخبير قد أكد في تقريره عدم حصر عقار المدعى عليه المتوفر على ممرات عديدة، و إلى أن القرار المطعون فيه خال من الأساس القانوني و أضاف هذا القرار كذلك أن: " حق التقادم ممنوح قانونا أما الوقائع المشكلة لهذا التقادم فمتروكة لتقدير القاضي و إذا ما اعتمدنا هذا التفسير فإنه لا يمكن لمالك الأرض المحصورة الاستفادة من التقادم المكسب المنصوص عليه في المادة 699 إلا إذا أثبت بجميع الوسائل بأنه استعمل الممر طيلة 15 سنة على الأقل، و إذ ذاك يستطيع طلب و الحصول على تكريس حقه بحكم يعد بمثابة سند."
أما في القرار رقم 239277 و المؤرخ في 23/10/2002 فقد أيدت المحكمة العليا قضاة الموضوع في استخلاصهم من تقرير الخبرة بأن عقار المدعى عليه في الطعن كان محصورا و بما أن الممر المتنازع عليه هو وحده الذي يمكنه من الوصول إلى الطريق العمومي، و بالنتيجة صرّحت بإمكانية ممارسته دعوى الحيازة حتى و لو لم يستفد من التقادم و هذا تطبيقا للمادة 702 من التقنين المدني.(1)
وكذلك القرار رقم 033/98 المؤرخ في 25/05/1994 الذي ورد في حيثياته أنه:" حيث أن المطعون ضدهما (ف ي) و (ب ي) طالبا من قضاة الموضوع أمر الطاعن بإعادة فتح الطريق المتنازع عليه الذي يعبر أرض هذا الأخير وذلك كون أن هذا العقار كان مرتفقا بحق المـرور منذ مـدة، وأن (خ ب) قد سمح لنفسه بغلق الممر المذكور.
حيث أن أرض المدعين الأصليين أصبحت محصورة فلا يستطيعان الوصول إلى الطريق العمومي بسبب فعل خصمهما.
حيث أن الخبير لم يشاهد أي ممر أو مسلك قديم على عقار الطاعن بل لاحظ وضعية المطعون ضدهما المتمثلة في حصر عقارهما في سببين، الأول أن القطعة الأرضية المكتسبة من قبلهما كانت محصورة تماما في الأصل و الثاني هو عدم استعمال الممر القديم للراجلين، ولهذا فإن قضاة الاستئناف خالفوا فعلا أحكام المادة 688 و الفقرة الأولى من المادة 695 مدني." (2)
وكذلك الأمر بالنسبة للقرار رقم 225806 الصادر في 20/02/2000 و الذي ورد ضمن حيثياته: "حيث أن قضاة المجلس لم يبيّنوا في قرارهم طبيعة هذه الدعوى من حيث أنها إما دعوى لحماية حيازة استعمال الممر و بالتالي فهي دعوى حيازية جاءت وفقا لأحكام المادة 702 من القانون المدني، وإما دعوى لحماية حق إرتفاق مثقل لملكية الطاعن وفقا للمادة 868 من القانون المدني، ذلك أن دعوى الحيازة لا تمنع مستقبلا من تطبيق أحكام المادة 693 من القانون المدني عند الاقتضاء المتعلق بإنشاء ممر جديد نظرا لحالة الحصر مقابل تعويض عادل، ولا يمكن تطبيق هذه المادة إذا ثبت أن هذا الممر هو حق إرتفاق."(1)

المبحث الثاني: الطبيعة القانونية لحق المرور للأرض المحصورة
يستقل حق المرور للأرض المحصورة بخصائص تميزه عن غيره من الحقوق الأخرى، خصائص مستنبطة أساسا من الطبيعة القانونية لهذا الحق، وإن كانت هذه الطبيعة القانونية لا تثير أي خلافات فقهية إلا ما تعلق منها بالتسميات الدالة على هذا المعنى من حق قانوني أو إرتفاق قانوني أو إرتفاق مرور أو ...، الأمر الذي يجعلني لا أدخل في متاهات الخلاف الفقهي من حيث اعتبار حق المرور قيد على الملكية أو أنه يرقى إلى الحق العيني المتفرع عن الملكية أو أنه ذو طبيعة مختلطة لأن المشرع الجزائري قد حسم الأمر وكان واضحا بحيث جاء النص على حق المرور للأرض المحصورة تحت عنوان "القيود الواردة على الملكية"، إلا أن اعتباره كذلك يترتب عليه آثار قانونية هامة مستنبطة أساسا من تمييزه عن مفهوم مشابه له والذي كثيرا مايخلطه به رجال القانون وهو إرتفاق المرور.
المطلب الأول: حق المرور كقيد من القيود الواردة على حق الملكية.
لما كان حق الملكية حقا غير مطلقا فإن القيود التي ترد عليه من شأنها أن تؤكد هذا المعنى، وقد تعددت القيود فبعضٌ منها يتقرر للمصلحة العامة وبعض آخر يتقرر للمصلحة الخاصة، وبعضها يرد على حق الملكية بعد قيامه وبعضها يرد على الحق في التملك قبل قيام حق الملكية، وكثير من هذه القيود يرجع إلى الجوار سواء الجوار بوجه عام أو الري و الصرف بين الجيران من شرب ومجرى ومسيل أو التلاصق في الجوار كوضع الحدود بين الجيران المتلاصقين و حق المرور في أرض الجار وحق فتح المطلات و المناور على ملك الجار. (2)
و يقول الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري في هذا الصدد:" بأنه إذا كان حق الإرتفاق هو حق يتقرر على عقار لمصلحة عقار آخر، فيخرج بكل من العقار المرتفق به و العقار المرتفق عن النظام المألوف لحق الملكية، إذ الأصل أن يكون حق الملكية خاليا من القيود إلا تلك التي فرضها القانون فما تقرر من قيد- غير القيود التي تعتبر التنظيم العام لحق الملكية –فخرج بالملكية عن حدود هذا التنظيم فهو حق إرتفاق، أما تلك القيود التي فرضها القانون ، ما تقرر منها للمصلحة العامة أو ما تقرر للمصلحة الخاصة كقيود الجوار و الري و الصرف بين الجيران من شرب ومجرى و مسيل ووضع الحدود بين الجيران المتلاصقيــن و حـق المرور في أرض الـجار وحق فتح المطلات و المناور على ملك الجار ،هذه القيود التي فرضها القانون و التي تمثل التنظيم العام المألوف لحق الملكية ليست بحقوق إرتفاق بالمعنى الدقيق."
و لما كانت إرادة الإنسان هي مصدر حقوق الإرتفاق سواء تجسدت في تصرفات قانونية أو تصرفات مادية، فإن ذلك يجعل حقوق الإرتفاق تختلف عن القيود الواردة على حق الملكية، فهذه الأخيرة يرتبها القانون فور توفر شروط معينة فهي بذلك واردة على سبيل الحصر، بينما لما كانت الإرادة هي مصدر حقوق الإرتفاق فإن هذه الإرادة لها أن تنشئ ما شاءت من إرتفاقات طالما كانت مشروعة و غير مخالفة للنظام العام.(1)
فالمالك وإن كانت له سلطات جامعة على ملكه، فإن المشرع قد حد من هذه السلطات ورسم الحدود التي يجب على المالك مراعاتها في مزاولته لحقه، ويعتبر بذلك حق المرور من القيود القانونية التي تصدق على كل ملكية توجد في ظروف معينة وعلى هذا النحو تتفق هذه القيود مع حقوق الإرتفاق في أن كلا منهما تتضمن الحد من منفعة عقار لفائدة عقار آخر، إلا أنه يبقى مع ذلك فارق جوهري بينهما يتضح من خلال أن القيود القانونية تعتبر حدودا عامة لكل ملكية توجد في ظروف معينة، بينما يمثل حق الارتفاق فكرة الخروج عن هذا الوضع العادي فهو عبء استثنائي يتقرر بفعل الإنسان، وكثيرا ما يخلط رجال القانون بين القيود التي ترد على حق الملكية وبين حقوق الإرتفاق، غير أن التقنين المدني الجزائري حسم النزاع في هذه المسألة فوضع هذه القيود المشار إليها في مكانها الصحيح وأورد ضمن القيود الواردة على حق الملكية حق المرور للأرض المحصورة، بينما نظم حق الإرتفاق مع الحقوق العينية المتفرع عن الملكية(2)، في حين نجد التشريع الفرنسي يخلط بينهما فيسمي القيود الواردة على حق الملكية بالإرتفاقات القانونية (3)، ويسمي الإرتفاقات بمفهومها الحقيقي إرتفاقات ناشئة بإرادة الإنسان وهو الأمر الذي دفع جانب من الفقه الفرنسي يتساءل إن كانت الإرتفاقات القانونية تشكل إرتفاقات حقيقية أم لا.(4)

المطلب الثاني: تمييز حق المرور القانوني عن إرتفاق المرور
لقد فصل المشرع الجزائري بين حق المرور كقيد من القيود الواردة على الملكية وبين اعتباره كحق إرتفاق، وحسنٌ فعل عندما نظّم القيود الواردة على حق الملكية- في القسم الثالث من الفصل الأول من الباب الأول الذي يحمل عنوان حق الملكية- و من بينها حق المرور للأرض المحصورة، ورتّب نتائج هامة على إعتباره قيدا على الملكية يمكن إبراز هذه النتائج من خلال النقاط التالية:
1- حق المرور للأرض المحصورة هو حق قانوني ذلك أن القانون قد رتبه على حالة واقعية وهي انحصار العقار وجعله ثابت بمجرد قيام حالة الانحصار ويظل باقيا ما دام الانحصار قائما، ومقتضى هذا أن الحق يوجد قبل تعيين الممر وطريقة المرور وقبل تقدير التعويض الواجب دفعه.(1)
فإذا فرض أن المالك المجاور قد حصل على حق المرور من أرض الجار ثم اِنفك انحصار أرضه بأن إستحدث مثلا طريق عام بجوارها أو كسب المالك ملكية أرض مجاورة لها منفذ إلى الطريق العام فانفك بهذا المنفذ حصر أرضه، فإن حق المرور يفقد السبب في بقائه ومن ثمة يزول، ذلك أن هذا الحق ليس بحق إرتفاق بل هو قيد على ملكية الأرض المجاورة، مما يجعل هذا القيد منوط بانحصار الأرض التي يمارس صاحبها حق المرور الذي يعتبر حق غير دائم، فإذا انفك الحصر لم يعد للقيد مبرر وأصبح صاحب الأرض المجاورة غير ملزم بتحمل هذا القيد بعد أن زال سبب قيامه، فإذا طالب هذا الأخير بإنهاء حق المرور كان له ذلك بعد أن أصبح للأرض التي كانت محصورة ممر آخر يؤدي إلى الطريق العام، وإن رضي ببقاء حق المرور متفقا على ذلك مع المالك المجاور كان له ذلك أيضا، ولكن حق المرور في هذه الحالة ينقلب من قيد قانوني مصدره القانون إلى حق إرتفاق حقيقي إذا كان صاحب الأرض المحصورة قد اتفق مع الجار على أن يمر في موضع من الأرض المجاورة ليس هو الأخف ضررًا، أو كان هو الطريق الأطول دون مبرر، أو كانت الأرض غير محصورة ولكن صاحبها اتفق مع الجار على المرور في أرضه لأن المسافة منها إلى الطريق العام أقصر وأيسر(2)، فيتحول بذلك إلى إرتفاق مرور غير مستمر لأنه يحتاج في استعماله لعمل الإنسان وظاهر ما دام الطريق الذي يمارس فيه الإرتفاق له معالم ظاهرة تجعله قابل لأن يكتسب بالتقادم.(3)
ومن ثمة فإن حق المرور للأرض المحصورة هو مرور قانوني يجد مصدره الوحيد في القانون خلافا لإرتفاق المرور الذي يجد مصدره في إرادة الإنسان وقد نصت المادة 868 من التقنين المدني على أنه :" ينشأ الإرتفاق عن الموقع الطبيعي للأمكنة أو يكسب بعقد شرعي أو بالميراث....." فالملاحظ أن المشرع قد اعتبر الموقع الطبيعي للأمكنة مصدرا من مصادر حق الإرتفاق، غير أن هذا يتنافى ومبدأ أن الإرتفاقات مصدرها إرادة الإنسان، فترتيب حق الإرتفاق على أساس الموقع الطبيعي للأمكنة معناه أن مصدر هذا الإرتفاق هو الطبيعة والواقع أن مجرد قيام الموقع الطبيعي للأمكنة لا يكفي لترتيب حق الإرتفاق لولا تدخل إرادة الإنسان التي تجسده في شكل تصرف قانوني أو مادي، غير أنه لو تم تقييد هذه الإرادة وإلزامها بترتيب إرتفاقات على أساس الموقع الطبيعي للأمكنة فإن ذلك لا يتأتى حتما إلا بنص قانوني حينئذ سنكون بصدد قيد قانوني وليس حق إرتفاق، قيد أنشأته الطبيعة وأقره القانون دون تدخل إرادة الإنسان.
وثمة تشريعات أخرى كالتشريع اللبناني و السوري والفرنسي نظمت الإرتفاقات الناتجة عن الموقع الطبيعي للأمكنة مستقلة عن القيود الواردة على حق الملكية وعن الإرتفاقات الناتجة عن إرادة الإنسان من خلال المادة 640 من القانون المدني الفرنسي والمادة 59 من قانون الملكية العقارية اللبناني، في حين أن المشرع المصري لم ينص تماما في المادة 1016 من القانون المدني المصري على الوضعية الطبيعية للأمكنة.
2- إذا كانت القيود الواردة على حق الملكية تشكل رخصة من المباحات لا يمكن إكتسابها بالتقادم على خلاف حقوق الإرتفاق نظرا لما تحمله هذه الأخيرة من معنى التعدي الذي يشكل أساس الحيازة المكسبة لحق الإرتفاق ، فإن حق المرور للأرض المحصورة عن الطريق العام يمكن إكتسابه بالتقادم فيتحّول إلى إرتفاق لصالح العقار المحصور عن الطريق العام و لا يزول بزوال حالة الحصر إعمالا بنص المادة 699 من التقنين المدني، ويقاس ذلك أيضا على قيد المطل الذي ينقلب إلى حق إرتفاق إذا إتفق صاحب المطل مع صاحب العقار المجاور على فتح المطل على مسافة أقل من المسافة القانونية فيتحول القيد القانوني ومصدره القانون إلى حق الإرتفاق ومصدره الاتفاق .
3- اعتبار حق المرور للأرض المحصورة من القيود الواردة على حق الملكية يجعله لا يسقط بعدم الاستعمال خلافا لحق الإرتفاق الذي يسقط بالتقادم بعد عدم استعماله مدة عشرة سنوات طبقا للمادة 879 من القانون المدني.
4- لا يفرض على المالك الذي يريد بيع عقاره ضمان خلوه من حق المرور القانوني، لأنه ليس بحق إرتفاق بل هو التنظيم العادي المألوف لحق الملكية، ومن ثمة لا يفرض عبء استثنائي يلزم المالك الإعلان عنه عند بيع العقار، ويقاس ذلك على أنه مثلا لو ضمن البائع خلو المبيع من حق إرتفاق بالمطل فهو لا يضمن بذلك خلو المبيع من المطل القانوني -إذ أن هذا ليس بحق إرتفاق بل هو قيد قانوني- وإنما يضمن للمشتري خلو المبيع من حق إرتفاق بالمطل فرضه الاتفاق أو كسب بالتقادم، وهو أن يفتح الجار مطلا على مسافة أقل من المسافة القانونية.
5- إن حق المرور القانوني لا يخضع لنظام الشهر مثله مثل باقي القيود الواردة على حق الملكية عكس حقوق الإرتفاق التي تخضع لنظام الشهر أي وجوب قيدها بالسجل العقاري طبقا لنص المادة 793 من التقنين المدني.(1)
و بالرغم من أهمية التمييز بين القيود القانونية الواردة على حق الملكية و حقوق الإرتفاق، إلا أن ما ألاحظه هو وجود بعض الخلط بينهما سواء على مستوى التشريع أو من خلال التطبيقات القضائية فعلى مستوى التشريع أجد أنّ المشرع الجزائري نص على قيود قانونية في القانون رقم 05/12 المؤرخ في 04/08/2005 والمتعلق بالمياه غير أنه سماها إرتفاقات، بحيث نص تحت عنوان "الإرتفاقات المتعلقة بالأملاك العمومية الطبيعية للمياه" وفي المادتين 10و11 منه على ما يسمى بارتفاق الحافة الحرة، وهو من الارتفاقات الإدارية المقررة حماية للأملاك العمومية بحيث نص في المادة العاشرة على أنه: " تنشأ على طول ضفاف الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط منطقة تدعى الحافة الحرة يتراوح عرضها من ثلاثة إلى خمسة أمتار داخل الملكية العمومية الطبيعة للمياه تخصص للسماح بالمرور الحر للعمال وعتاد الإدارة المكلفة بالموارد المائية أو المقاولين المكلفين بأعمال الصيانة والتنظيف وحماية الحواف ".
كذلك الأمر بالنسبة لمانصت عليه المادة الحادية عشر من نفس القانون: "ينشأ إرتفاق الحافة الحرة على طول ضفاف الوديان والبحيرات ... التي لا يمكن تحديد واستعمال منطقة الحافة الحرة فيها لأسباب طبوغرافية أو ..يتراوح عرضه من ثلاثة (03) إلى خمسة (05) أمتار داخل الأملاك المجاورة وتحسب إبتداءا من حدودها "، فهو إذن قيد وارد على ملكية الأراضي المجاورة حدد القانون كيفية تعيينه وفي ذلك خلط وقع فيه المشرع الجزائري بتقريره قيدا على الملكية وسماه بإرتفاق الحافة الحرة.
وقد منحت في نفس الإطار المادة 23 من نفس القانون لمستخدمي الإدارة وعتادها أو المقاولين المكلفين بصيانة الأملاك العمومية الإصطناعية للمياه حرية المرور على الممتلكات الخاصة لمجاوري قنوات التحويل وقنوات جر المياه وكذا تفريغ مواد التنقية على اتساع خمسة أمتار على جانبي الأملاك العمومية الإصطناعية للمياه، كما جاءت المادة 28 بالمعيار المعتمد في تعيين الممر بحيث نصت على ضرورة الأخذ بإرتفاق المرور في إطار الشروط الأكثر عقلانية والأخف ضررا لاستغلال العقار.
أما ما تعلق بالتطبيقات القضائية فقد صدر قرار عن المحكمة العليا في 15/11/1989 تحت رقم 74 544 يلاحظ أنه لم يفرق بين حق المرور كقيد قانوني و حق المرور باعتباره حق إرتفاق حيث جاء فيه ما يلي:
" من المقرر قانونا أن إنشاء حق الإرتفاق على ملك الغير يشترط فيه أن يكون السكن محصورا ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون غير مبرر ويستوجب رفضه.
و لما كان من الثابت في قضية الحال أنه ثبت لجهة الاستئناف من خلال الخبرة المجراة أن مسكن الطاعن غير محصور و له ممر آخر يمر منه فمنعته من استعمال الممر المتنازع عليه، فإنها بقضائها كما فعلت التزمت صحيح القانون و متى كان كذلك إستوجب رفض الطعن.
- عن الوجه الثاني الذي أعابه بخرق المادتين 827 و 899 مدني لكون الطاعن يستعمل هذا الممر منذ 1945 وقبل مجيء المطعون ضده وله حق التقادم المكسب عليه.
-حيث أن إنشاء حق الإرتفاق على ملك الغير لن يكون إلاّ إذا كان مسكن الطالب محصورا .
- وحيث ثبت لجهة الاستئناف من خلال الخبرة المجراة بتاريخ 08/12/1984 بأن مسكن الطاعن غير محصور وله ممر آخر يمر منه مما جعلها محقة بمنعه من استعمال الممر المتنازع عليه ولا يسوغ له التمسك بحق التقادم هنا مادام وأنه لا يستند إلى سند صحيح مما يجعل هذا الوجه غير مبرر أيضا ".
فالمحكمة العليا من خلال قرارها أيدت جهة الاستئناف التي رفضت طلب الطاعن المتعلق باكتسابه لحق الإرتفاق بالمرور على أساس التقادم المكسب ، وكان تأسيس رفض الطلب على أن مسكن الطاعن غير محصور من خلال ما أكدته الخبرة المجراة فلا يجوز التمسك بحق التقادم كون حق الإرتفاق على ملك الغير لن يكون إلا إذا كان مسكن الطالب محصورا .
غير أنه يلاحظ أنه لو كان مسكن الطاعن محصورا لتعلق الأمر بقيد قانوني أي أن حق المرور مقرر للطالب بقوة القانون ولا يحتاج إلى المطالبة به استنادا إلى التقادم المكسب هذا من جهة ، ومن جانب آخر فإن استفادة الطاعن من استعمال هذا الممر لمدة خمسة عشرة سنة يكسبه حق إرتفاق بالمرور وتعد مدة التقادم سند ملكية للإرتفاق رغم توقف حالة الحصر ، بمعنى آخر أن الطاعن يكتسب حق الإرتفاق بالتقادم بالرغم من كون مسكنه غير محصور أي بالرغم من زوال الحصر عنه وذلك ما أكدته المادة 699 من التقنين المدني التي سوف يأتي شرحها في حينه.
و الأكثر من ذلك فإن المشرع لم ينص تماما على وجوب أن يكون العقار محصورا لإمكانية إنشاء إرتفاق على ملك الغير ، فمثل هذا الشرط نكون ملزمين به عندما يتعلق الأمر بالقيد الـقانوني و ليس بحق الإرتفاق، هذا الأخير الذي تنشئه إرادة الإنسان و ليس القانون.
و المشرع ذاته نص على أنه لا تكتسب بالتقادم إلاّ الإرتفاقات الظاهرة بما فـيـها حـق المرور وذلك من خلال المادة 868 من التقنين المدني التي لم تشترط حالة الحصر عن الطريق العام لإمكانية ترتيب هذا الإرتفاق.


المبحث الثالث: شروط قيام حق المرور القانوني.
إن حق المرور في حالة الانحصار باعتباره يثبت لمالك الأرض المحصورة عن الطريق العام ينبغي أن يمارس في الحدود و الضوابط التي رسمها القانون، ذلك أن الأصل أن مالك الأرض له الحق في ألاّ يسمح لغيره المرور في أرضه، ولكن المشرع قدّر أن انحصار الأرض عن الطريق العام يحول دون استغلالها، و لهذا أورد هذا القيد و خوّل لمالك الأرض المحصورة حق المرور في أرض الجار للوصول إلى هذا الطريق (1).
إلا أن هذا القيد المقرر قانونا سيما في المواد 693 و 695 من التقنين المدني ليس مطلقا، بل تحد منه عدّة ضوابط نصّ عليها القانون، بحيث جاءت المادة 693 تشترط إنحصار الأرض عن الطريق العام، وأضافت المادة 695 بفقرتيها الأولى والثانية شروط أخرى منها ما يرجع إلى عدم رجوع الانحصار إلى فعل المالك وأخرى ذات الصلة بعدم التمتع بحق المرور على وجه التسامح أو الإباحة وعلى هذا الأساس أتساءل عن الشروط الواجب توفرها قانونا لقيام حق المرور القانوني؟

المطلب الأول: انحصار الأرض عن الطريق العام
يثبت حق المرور للأرض المحصورة عن الطريق العام أي غير المتصلة به، والانحصار قد يكون كليا أو مطلقا و ذلك إذا لم يكن للأرض أي اتصال بالطريق العام، و قد يكون الإنحصار جزئيا أو نسبيا و ذلك إذا كان للأرض اتصال غير كاف بالطريق العام فالعبرة في الانحصار بعدم اتصال الأرض بالطريق العام كليا أو جزئيا، بحيث لا يتيسر لصاحب هذه الأرض الوصول إلى ذلك الطريق بالقدر اللازم لاستغلال أرضه و استعمالها على الوجه المألوف إلا بنفقة باهضة أو مشقة كبيرة، و هي مسألة موضوعية تترك لتقدير قاضي الموضوع (2).
و كلاً من الانحصار الكلي والجزئي قد نصت عليهما المادة 693 من التقنين المدني حيث نصّت على أنه:"يجوز لمالك الأرض المحصورة التي ليس لها ممر يصلها بالطريق العام أو كان لها ممر ولكنه غير كاف للمرور أن يطلب حق المرور على الأملاك المجاورة مقابل تعويض يتناسب مع الأضرار التي يمكن أن تحدث من جراء ذلك " .

الفرع الأول: الانحصار الكلّي
يتحقق الانحصار الكلي أو التام في الحالة التي لا يكون فيها العقار بكامله-و ليس جزء منه-محاطا بالطريق العام، أو يكون محاطا بعقارات مملوكة للغير، و لا سبيل للجار إلى الطريق العام إلا أن يمر في إحدى أراضي الجيران أو في بعض منها.
كذلك تعتبر الأرض محصورة إذا كان لها منفذ يؤدي إلى مرفأ للسفن صالح لهذا الغرض ، لكن استغلالها يقتضي أن تكون متصلة بطريق بري، فالمرفأ و إن كان ملكا عاما إلا أنه لا يعتبر طريقا عاما. (1)
و لا يكفي أن تكون الأرض متصلة بملك عمومي متى كان غير مخصص للمرور فيه ،فالملك العام في هذه الحالة ليس طريقا عاما.(2)
و قد كان المقصود بالإنحصار في القانون الفرنسي هو الإنحصار التام في حين أخذ كل من الفقه والقضاء الفرنسيين بالمدلول الواسع له و إعتبرا الأرض محصورة متى كان الوصول إلى الطريق العام يلحق أضرارا جسيمة ،إلى أن تدخل المشرع الفرنسي بقانون 20 أوت 1881 ليضيف إلى عبارة "عدم وجود ممر" عبارة "ممر غير كاف للاستغلال".
أما عن القانون المدني المصري فقد وسّع هو الآخر من مدلول الانحصار ليشمل الانحصار الجزئي إلى جانب الكلي.(3)
ففي كل هذه الحالات يكون لمالك الأرض المحصورة الحق في المطالبة بمرور قانوني و قد جاءت قرارات المحكمة العليا مؤكدة لذلك، ففي القرار رقم 474/54 المؤرخ في 15/11/1989 والسابق ذكره والقاضي بقبول الطعن شكلا و رفضه موضوعا مقررا "أن إنشاء حق إرتفاق على ملك الغير يشترط أن يكون فيه السكن محصورا، و من ثمة فإن النعي على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون غير مبرر يستوجب رفضه، و لمّا كان من الثابت في قضية الحال أنه ثبت لجهة الاستئناف من خلال الخبرة المجراة أن مسكن الطاعن غير محصور و له ممر آخر يمر منه فمنعه من استعمال الممر المتنازع عليه، فإنها بقضائها كما فعلت التزمت صحيح القانون"(4)
و في قرار آخر صادر بتاريخ 15/03/1989 والقاضي بنقض وإبطال القرار الصادر من مجلس قضاء سكيكدة بسبب إساءة تطبيق المادة 693 من التقنين المدني حيث جاء فيه: "إنه لمّا كان من المقرر قانونا أنه يجوز لمالك الأرض المحصورة التي ليس لها أي ممر يصلها بالطريق العام أو كان لها ممر غير كاف للمرور أن يطلب على الأملاك المجاورة حق المرور مقابل تعويض.
و لمّا كان الثابت في قضية الحال أن قضاة المجلس لم يتحققوا من وجود ممر آخر للمدعي في الطعن يصله بمنزله و أمروا بغلق الممر بحجة أن المدعي لا يحوز على سند شرعي ، فيكونوا بقضائهم كما فعلوا قد أساءوا تطبيق القانون".
الفرع الثاني: الانحصار الجزئي
يثبت حق المرور القانوني أيضا إذا كانت الأرض المحصورة لا تتصل بالطريق العام إلا بممر غير كاف، و يعتبر الممر غير كافي إذا كان لا يتيسر الوصول منه إلى الطريق العام إلا بنفقة باهضة أو مشقة كبيرة، كأن يكون الممر الذي يوصل بين الأرض الزراعية و الطريق العام لا يكفي إلا لمرور المشاة فلا يمكن أن يستعمله المالك لمرور ماشيته و عرباته، أو أن يكون الممر منحدرا إلى درجة تجعل مرور الماشية و العربات فيه أمرا شاقا و محفوفا بالخطر، أمّا إذا كان الممر لا يتطلب إلا نفقة معقولة تتناسب مع قيمة العقار أو كان غير مريح فلا يتحقق هنا الانحصار، و كفاية الممر أو عدم كفايته مسألة وقائع تخضع لتقدير قاضي الموضوع(1).
ولقد نصت المادة 694 من التقنين المدني الجزائري في فقرتها الأولى على أنه " يعتبر الممر على الطريق العام غير كاف، أو غير ممكن إذا كان ذلك يكلف مشاق كبيرة لا يمكن تسويتها ببذل أعمال باهضة لا تتناسب مع قيمة العقار."
وعلى العكس من ذلك يعتبر الممر كافيا كما جاء في الفقرة الثانية من نفس النص: "إذا كانت الأضرار عارضة يمكن إزالتها بنفقات قليلة، أو إذا وجد الممر على وجه الإباحة ما دام لم يمنع استعماله."
وعليه فإن النص قد جاء في فقرتيه بفرضيتين:
الفرضية الأولى: وهي الحالة الخاصة بالممر الذي يكون غير كاف، ففي هذه الحالة ليس من الضروري حتى تعتبر الأرض محصورة عن الطريق العام ألاّ يكون لها أي منفذ يؤدي إلى هذا الطريق بل تعتبر محصورة حتى لو كان لها ممر ولكنه غير كاف كأن يكون مثلا ضيقا لا يتسع إلاّ لمرور الراجلين ولا يسمح للعربات أن تمر فيه، فإن الممر يعتبر غير كاف في هذه الحالة بل يعتبر أيضا غير كاف حتى لو أمكن للعربات المرور فيه لكن بمشقة كبيرة وحتى ولو أمكن توسيعه ولكن بنفقات باهضة.
وقاضي الموضوع هو الذي يبث فيما إذا كانت الأرض لها منفذ إلى الطريق العام أولها منفذ غير كاف، وله أن يلجأ في ذلك إلى أهل الخبرة وقد يأمر بإجراء معاينة للأرض على الطبيعة.(2)
فقد تقرر مثلا في فرنسا قبول طلب المرور على أرض الجار على أساس أن الممر غير كاف لأن أعمال الردم التي لا بّد من القيام بها للوصول إلى الطريق العام ستكلف نفقات باهضة تزيد عن قيمة العقار المحصور بأربعين أو خمسين مرة، كما أن هذه الأعمال ستضر بالموقع الطبيعي للمكان الذي تنمو فيه نباتات نادرة محمية بموجب قانون حماية البيئة.(1)
وفي قضية أخرى اعتبر الممر الذي يتم فيه الوصول إلى الطريق العام عبر نفق التهوئة غير كاف باعتباره لا يسمح بالاستغلال العادي للمفطرة وأن الحفر سيكلف نفقات باهضة لا تتناسب مع قيمة القبو المتواجد بالنفق تحت الأراضي. (2)
الفرضية الثانية: وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 694 و الخاصة بالممر الذي يكفي للمرور دون مشقة كبيرة أو نفقة باهضة، فإن الأرض لا تعتبر محصورة عن الطريق العام حتى و لو كان الممر غير مريح أو كان طويلا أو كان يحتاج في تعبيده إلى نفقة غير باهضة.
و يرجع سبب اعتبار الممر كاف في هذه الحالات إلى طبيعة حق المرور القانوني في حد ذاته والذي يلحق بمالك الأرض المجاورة أضرار تقتضي تعويضه بتعويض مناسب.

المطلب الثاني: لزوم الممر لاستعمال العقار و استغلاله
يخوِّل القانون الحق في المرور لتيسير استعمال العقار المحصور و استغلاله، فهذا الحق يجب أن يكون ضروريا لاستعمال العقار و استغلاله، و من هذا فإنه يخضع في وجوده و في مداه لحاجات هذا الاستعمال والاستغلال.

إلا أن الملاحظ أن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على هذا الشرط و على عكس النص القانوني الفرنسي الذي منح حق المرور القانوني لاستغلال العقار المحصور دون تحديد نوع الاستغلال فإن هدف هذا الحق يبقى هو نفسه و هو السماح بالاستعمال العادي للعقار المحصور.
فالمشرع إذن لم يحدد نوع الاستعمال و الاستغلال(3) المعدة له الأرض مما يقتضي تفسير عبارة الاستعمال و الاستغلال بالمعنى الشامل فيستوي في هذا الشأن أن تكون الأرض المحصورة للاستغلال الزراعي أو الصناعي أو التجاري أو تكون أرض بناء، كما يصح أن يكون المرور لمجرد الاستعمال أيا كان نوعه، ولهذا كانت العبرة في تقدير لزوم الممر و مدى كفايته بطبيعة وأهمية الاستعمال أو الاستغلال الذي أعد له العقار.(1)
فالأرض المبنية للسكنى إذا توفر لها ممر لا يصلح إلا لمرور المشاة لا تعتبر محصورة ولا يمكن لمالكها أن يطالب بحق المرور القانوني، ولكن هذا الممر لا يكفي أرضا زراعية يقتضي استغلالها على الوجه المألوف أن تمر الماشية و العربات ، وعليه فما يعتبر كافيا لأرض زراعية قد لا يكفي لعقار فيه مصنع يتطلب مرور شاحنات النقل الكبيرة(2) .
و ما دام أن العبرة بحاجات استعمال العقار واستغلاله فإن كل تعديل أو تغيير في طريقة الاستعمال أو الاستغلال قد يؤدي إلى ثبوت الحق في المرور أو الحد من مداه أو انقضائه، فإذا كان هذا التعديل أو التغيير قد ترتب عليه أن أصبح الممر الموجود غير كاف لمواجهة الاحتياجات الجديدة كما لو صارت الأرض الزراعية تستغل في عمل صناعي، فإن المالك يحق له أن يطالب بممر يكفي لهذه الإحتياجات إنما يشترط لإمكان هذه المطالبة أن يكون استعمال الممر السابق في ما يحتاجه الإعداد الجديد من شأنه أن يكبد المالك نفقات باهضة لا تتناسب مع قيمة العقار أو يحمله مشقة كبيرة.
و قد نصت المادة 694 من التقنين المدني على أنه:
" يعتبر الممر على الطريق العام غير كاف أو غير ممكن إذا كان ذلك يكلف مشاق كبيرة لا يمكن تسويتها ببذل أعمال باهضة لا تتناسب مع قيمة العقار...."

وعلى العكس من ذلك فإذا كان التعديل أو التغيير قد أدى إلى أن أصبح الممر السابق يزيد في اتساعه عمّا يتطلبه الإعداد الجديد أو لم تعد له ضرورة، فإن الجار الذي يخترق الممر أرضه يحق له أن يطالب بتضييق الممر أو إزالته.(3)
المطلب الثالث: وجوب كون الانحصار غير راجع إلى فعل المالك.
يعتبر حق المرور القانوني قيدا خطيرا على مالك الجار فهو لم يتقرر إلاّ للضرورة لذلك يشترط أيضا لقيام ذلك الحق ألا يكون الإنحصار راجعا إلى فعل مالك الأرض المحصورة، و هو ما نصت عليه صراحة المادة 695 الفقرة الأولى من التقنين المدني:" لا يجوز لمالك الأرض المحصورة أو التي لها ممر غير كاف على الطريق العام أن يطلب حق المرور على أرض الغير إذا كان الحصر ناتجا عن إرادته هو"، و قد أجمع على هذا الحل كذلك الفقه و القضاء في كل من مصر و فرنسا رغم عدم وجود النص.(1)
و يعتبر الانحصار راجعا إلى فعل المالك إذا نشأ عن عمل من جانبه سواء كان هذا العمل عملا ماديا أو تصرفا قانونيا وسواء كان إيجابيا أو سلبيا، كأن يقيم المالك بناء يسد به الممر الذي يصل أرضه بالطريق العام أو يتنازل عن حق الإرتفاق بالمرور كان مقررا لصالح أرضه أو يترك هذا الإرتفاق يسقط بعدم الاستعمال، ففي جميع هذه الحالات لا يتحقق الإنحصار قانونا و لا يحق للمالك أن يطالب بحق المرور.(2)
إلاّ أنه بالرجوع إلى نص المادة 697 من التقنين المدني فقد أجاز المشرع الجزائري المطالبة بحق المرور القانوني إذا كان الحصر ناتجا عن تجزئة العقار بسبب بيع أو مبادلة أو قسمة أو أي معاملة أخرى، و من ثمة لم يحرم مالك الأرض المحصورة من المطالبة بحق المرور القانوني إذا كان الحصر ناتجا عن تصرف قانوني.
و قد صدر عن المحكمـة العليا القـرار رقـم 33524 في القضيـة بين (ع ع ط المدعو ع) و(ع.ع.ح) والتي طرح النزاع فيها بشأن الإنحصار الراجع إلى القيام بأعمال مادية من طرف مالك الأرض، و قد جاء فيه: " من المقرر قانونا بأنه لا يجوز لمالك الأرض المحصورة أو التي لها ممر غير كاف على الطريق العام أن يطلب حق المرور على أرض الغير إذا كان هذا الحصر ناتجا عن إرادته هو.
ولما كان الثابت في قضية الحال أن الطاعن أكد أنه حفر الخندق المتنازع من أجله دون معارضة المطعون ضده قبل بنائه المرآب و بعد بنائه المسكن، و أنّ عدم توفر هذا الأخير على فتحة تؤدي إلى البناء المذكور تكون بالتالي من فعل إرادته.

و بما أن قضاة المجلس لم يتطرقوا لهذه النقطة في الدعوى لاستخراج طابع الحصر المحتـج بــه و لتطبيق النص القانوني المناسب و اكتفوا بالقضاء بحق الاشتراك في المرور فإنهم بقضائهم كذلك قد خرقوا القانون"(1)
و لقد حرص المشرع الجزائري على النص في المادة 695 الفقرة الثانية من التقنين المــدني وقرر أنه :" ليس له-أي مالك الأرض المحصورة- أن يطالب أيضا بحق المرور إذا كان يتمتع إما بحق المرور على وجه الإتفاق وإما بحق المرور على وجه الإباحة مادام المرور الإتفاقي لم ينقض بعد وحق الإباحة لم يزل ".
فهل أصاب المشرع الجزائري عندما أقر هذا الشرط السلبي و جعل المرور الذي يتم على سبيل الإتفاق أو التسامح يمنع مالك الأرض من المطالبة بحق المرور على أساس المادة 693 من التقنين المدني؟
الأصل أنه يمنع على مالك الأرض المحصورة المطالبة بحق المرور القانوني إذا كان له إرتفاق اتفاقي بالمرور حتى و لو كان سند الإرتفاق محلا لمنازعة مادام لم يقض فيما بعد بما ينهى الإرتفاق.
في حين أنه في الحقيقة إذا كان حق المرور متنازع فيه على أساس أن هذا الحق لا يستطيع أن يطمئن له الجار، إذ قد يتضح أنه لا يملك هذا الحق فيبقى مركزه مزعزعا معلقا على نتيجة البت في النزاع الذي يعرض على القضاء فيما يخص المرور المتنازع فيه، فإذا كسب الدعوى فيما يتعلق حق المرور الإرتفاقي خسر دعوى المطالبة بحق المرور القانوني ويكسب هذه الدعوى إذا خسر الدعوى الأولى.
والملاحظ أن المشرع الجزائري قد نص في الفقرة الثانية من المادة المذكورة أعلاه أنه لا يجوز لمالك الأرض المحصورة المطالبة بحق المرور إذا كان يتمتع بحق المرور على وجه الإتفاق ما دام هذا الحق لم ينقض بعد، و يمكن تفسير ذلك على أن الانقضاء يشمل أيضا سقوط حق المرور الإتفاقي بعدم الاستعمال و بناء عليه تصبح الأرض محصورة بعد السقوط، وتبعا لذلك يكون للمالك حق المطالبة بمرور قانوني على أرض الجار.
لكن أرى أنه إذا كان عدم استعمال حق الإرتفاق بالمرور ناتجا عن إهمال المالك، فليس من المعقول أن يثبت له حق مرور قانوني إلاّ إذا كان سبب السقوط هو تغيير المالك في طريقة استغلال الأرض و استثمارها.
كما أنه قد يكون أيضا لمالك الأرض المحصورة عن الطريق العام ممرا عبر أرض جاره على سبيل التسامح، إلا أن المشرع في هذه الحالة قرر امتناع ثبوت حق المرور القانوني مادام التسامح لم يزل، إلا أن هناك من الفقهاء من اعتبر حق المرور المحمول على سبيل التسامح" مكرمة قد يرجع فيها المالك المتسامح وقد لا يريد الجار حمل هذه المكرمة في عنقه مدّة طويلة فيجب إذن عدم الاعتداء بحق المرور المخوّل على سبيل التسامح، والقول بأن الأرض تعتبر محبوسة عن الطريق العام بالرغم من قيام هذا النوع من حق المرور"(1).
و عليه فإذا كان الأمر كذلك فالأصل إذن أنه يجب أن يثبت لمالك الأرض المحصورة عن الطريق العام والذي له حق المرور على سبيل التسامح حقا في المرور يحميه القانون، ذلك أن الممر الذي يستعمله غير مستقر ومهدد بالزوال، إذ قد يمنع الجار مالك الأرض من استعمالها في أي وقت شـاء ويمكن أن يسبب بذلك في إلحاق أضرار فادحة به، و يعرقل عملية الاستغلال التي بدأ يقوم بها خاصة وأنه قد يكون الممر المحمول على التسامح طويل و شاق على عكس الممر القانوني إذا كان موضعه على عقار آخر و الذي قد يكون أقصر و أسهل، فلماذا إذن يمنع مالك الأرض من المطالبة بحق المرور القانوني و يلزم بتقبل مزية الجار؟
فإذا كان هذا الأخير يسمح لمالك الأرض بالمرور إنما يكون ذلك على سبيل مساعدته فقط، فهو ربما قد يفضل أن يمر جاره على أرض أخرى، و على هذا الأساس أرى ضرورة تعديل العبارة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 695 من التقنين المدني بالسماح له بالحصول على حق المرور بناء على نص المادة 693 من التقنين المدني.
يتبين من كل ما سبق أن المشرع الجزائري كان حارصا على التعريف بحق المرور القانوني في التقنين المدني باعتباره الشريعة العامة من خلال تحديد ضوابطه القانونية و الخاصة بتمييزه عن بقية المفاهيم المشابهة له، وتحديد الشروط الواجب توفرها لثبوت هذا الحق .
وتجدر الملاحظة في هذا الإطار بأن المشرع الجزائري قد ضمن كذلك القوانين الخاصة أحكاما متعلقة بهذا الحق بحيث نصت المادة 31 من القانون رقم 90 – 29 المؤرخ في 14 جمادى الأولى عام 1411هجري الموافق لأول ديسمبر من سنة 1990 المتعلق بالتهيئة و التعمير على أنه : "يحدد مخطط شغل الأراضي بالتفصيل ، في إطار توجيهات المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير حقوق إستخدام الأراضي و البناء ، و لهذا فإن مخطط شغل الأراضي يحدد :
-بصفة مفصلة بالنسبة للقطاع أو القطاعات أو المناطق المعنية الشكل الحضري ، و التنظيم و حقوق البناء و إستعمال الأراضي ....
- يحدد المساحة العمومية و المساحات الخضراء و المواقع المخصصة للمنشئآت العمومية والمنشآت ذات المصلحة العامة ، و كذلك تخطيطات و مميزات طرق المرور .
- يحدد الإرتفاقات ... "
كما جاءت المادة 08 من المرسوم التنفيذي رقم 91/175 المؤرخ في 28/05/1991 والمحدد للقواعد العامة للتهيئة والتعمير والبناء بالنص على أنه: " يمكن رفض رخصة بناء عمارة أو مجموعة عمارات لا تصل إليها الطرق العمومية أو الخاصة حسب الشروط التي تستجيب لوظيفتها لا سيما في مجال السير في المرور والنفوذ إليها وفي وسائل الاقتراب التي تمكن من مكافحة فعالة ضد الحريق ويمكن رفضها أيضا إذا كانت منافذ العمارات تكون خطرا على أمن مستعملي الطرق العمومية أو أمن مستعملي هذه المناطق، ويجب تقدير هذا الأمن اعتبارا على الخصوص لموقع المنافذ وشكلها واعتبارا كذلك لطبيعة حركة المرور وكثافتها ..."
وأضافت كذلك المادة التاسعة (09) من نفس المرسوم بأنه " يمكن للسلطة التي تسلم رخصة البناء أن تشترط ما يأتي لبناء عمارة للاستعمال السكني أو عمارة لاستعمال غير سكني و التي تتطلب إما تهييئات أو إحتياطـات في الموقـع للتجهيزات الجماعية أو لإرتفاقات عملية وإما تقسيمة أرضية ..."
وعلى هذا الأساس جعل المشرع من الحصر مناطا لتقرير القيد على الملكية بحيث نصت كذلك المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 91/454 المؤرخ في 23/11/1991 المتعلق بتحديد شروط إدارة الأملاك الخاصة والعامة التابعة للدولة وتسييرها وضبط كيفيات ذلك على أنه : " يمكن أن تباع العقارات التابعة للأملاك الوطنية المذكورة في المادة 10أعلاه بالتراضي استنادا لرخصة من الوزير المكلف بالمالية بثمن لا يقل عن قيمتها التجارية و ذلك لفائدة:
1- الولايات والبلديات والهيئات العمومية والمؤسسات العمومية والاقتصادية والجمعيات .
2- للخواص في حالة:
- الشيوع
- الأراضي المحصورة ...."
وقد ضمن المشرع الجزائري كذلك القانون 03/2000 المؤرخ في 05/08/2000 والمحدد للقواعد العامة للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية أحكاما خاصة بالارتفاقات سواء تلك المتعلقة بشبكات المواصلات السلكية أواللاسلكية أو بالإرتفاقات البريدية أو بالإرتفاقات السلكية الكهربائية، وهي على العموم طبقا للمادة 43إرتفاقات يتم تركيبها إما على الأملاك العمومية أو على أجزاء العمارات الجماعية وفي التجزئات المخصصة للاستعمال المشترك وإما فوق الأرض أو باطنها .

الفصل الثاني: أحكام حق المرور القانوني
سَّطر المشرع الجزائري الأحكام القانونية المتعلقة بحق المرور في حالة الحصر في المـواد 693 وما يليها من التقنين المدني واعتبره قيدا على الحق المطلق للملكية، إلا أنه يطرح التساؤل هنا و أمام عدم وضع المشرع لنصوص محددة للمركز القانوني لصاحب حق المرور بشأن النصوص الواجب تطبيقها لتحديد حقوقه وواجباته القـانونيـة، فهـل نطبق هنا الأحــكام التـي تـتضمن الحـقوق والـواجبات الـمترتبة على قيام إرتفاق المرور والمنصوص عليها في المواد من 871 إلى 877 من التقنين المدني؟
الواقع أن حق المرور القانوني يختلف عن حق المرور الإرتفاقي على أساس أنه يعتبر قيد من القيود الواردة على الملكية – و قد سبق توضيح ذلك – إلا أنهما لا يختلفان كثيرا بشأن ما يرتبانه من حقوق وواجبات و بالتالي لا يوجد ما يمنع قياس حق المرور القانوني على حق الارتفاق فيما لم يرد بشأنه نص صريح، و مـن ثمة نطبق مقتضيات المواد 871 و 877 من التقنين المدني على حق المرور ما دامت لا تتعارض مع طبيعة هذا الحق، إلى جانب ما تضمنه نص المادة 698 من نفس القانون.
كما أنه تجدر الإشارة إلى أن دراسةأحكام حق المرور القانوني يقتضي كذلك تحديد الدعاوى القضائية التي يتمتع بها مالك العقار المحصور حماية لمركزه، ولأهمية معالجة هذه المسألة خصصت المبحث الأول من الفصل لدراسة المركز القانوني لمالك الأرض المحصورة من خلال تحديد حقوقه وواجباته في مطلبين، أمّا المبحث الثاني ونظرا للمتطلبات العملية التي يثيرها الموضوع ارتأيت التطرق إلى أهم المنازعات المطروحة أمام القضاء بشأن هذا الحق و دور القاضي في حل الصعوبات الميدانية ذات الصلة بتقريره.
كذلك إذا كان حق المرور القانوني مقرر لصالح الأرض المحصورة بشرط الانحصار، فهل يترتب على زوال الحصر زوال الحق مهما كانت مدة الحصر؟ وللإجابة على هذا التساؤل خصصت المبحث الثالث من الفصل لدراسة الأحكام الخاصة بانقضاء حق المرور القانوني.

المبحث الأول: المركز القانوني لمالك الأرض المحصورة
إن دراسة المركز القانوني لمالك الأرض المحصورة يقتضي تحديد واجباته وحقوقه، وما قد خوله المشرع له من وسائل ودعاوى كفيلة بحماية هذا الحق والتي ارتأيت في عرضي هذا التطرق إليها مبينة دور القاضي في حل المنازعات ذات الصلة بهذا الحق .
وهكذا خصصت المطلب الأول لدراسة واجبات مالك الأرض المحصورة والثاني لحقوقه .


المطلب الأول : واجبات مالك الأرض المحصورة
إذا كان القانون قد خول لمالك الأرض المحصورة حق المرور في أرض جاره فإنه ينبغي ألا يتعسف في استعمال هذا الحق فيضر بجاره، ومن ثمة أحاط المشرع ممارسة هذا الحق بحقوق وواجبات أخرى تقع على عاتق مالك الأرض المجاورة، وتتمثل أهم هذه الواجبات في:
الفرع الأول: واجب عدم تعمد الإضرار بمالك الأرض المجاورة
يلتزم مالك الأرض المحصورة بألا يجاوز حدود حقه ما دام أن المرور الممنوح له كاف لتلبية حاجته على الوجه المألوف، لكن قد تتغير حاجات الأرض المحصورة فتتسع وبعد أن كان الممر المعطى لها كافيا قد يصبح غير كافي، فهل نطبق هنا القواعد العامة للإرتفاق وتحديدا نص المادة 872 في فقرته الأخيرة من التقنين المدني :" …. لا يجوز أن يترتب على ما يجد من حاجات العقار المرتفق أي زيادة في عبء الإرتفاق " (1).
والملاحظ أنه إذا طبقنا مضمون هذه المادة على حق المرور القانوني فإنه سوف يترتب على ذلك أن يحظر على مالك الأرض المحصورة إجراء أي تغيير من شأنه زيادة العبء على الأرض المجاورة وبناءً عليه فمن له حق المرور على الأقدام مثلا لا يجوز أن يمر بالعربات ، ولا يملك أيضا نقل موضع معين لاستعمال حق المرور ولو كان هذا النقل ضروريا لأرضه ولا يلحق ضررا بالأرض المجاورة .
لذلك هناك من إتجه نحو استبعاد تطبيق هذه المادة والقول بأن مالك الأرض المحصورة حر في القيام بكل ما يراه ضروريا لاستغلال أرضه لما يخوله له ممارسة هذا الحق شريطة ألا يتعمد الإضرار بمالك الأرض المجاورة أو أن يكون مجاورا للنطاق المألوف من النشاط، فيزيد من أعباء حق المرور وفي هذه الحالة للجار أن يمنعه إما على أساس أنه متعسف في استعمال حقه أو أنه قد جاوز المألوف في مضار الجوار فألحق بجاره ضررا فاحشا أو غير مألوف .(2)

الفرع الثاني: واجب دفع التعويض المناسب لمالك الأرض المجاورة
إن حق المرور القانوني وإن اعتبر من الحقوق الثابتة بقوة القانون ، كونه يقوم ويظل قائما ما دام العقار الذي يمارس عليه محصورا حتى قبل تعيين الممر وتقدير التعويض، إلا أنه يبقى دفع التعويض المناسب لمالك الأرض المجاورة - هذا التعويض المقدر أساسا من طرف القاضي في حالة عدم إتفاق الطرفين على مقداره - أهم التزام وواجب يقع على عاتق مالك الأرض المحصورة.
فالمادة 693 من التقنين المدني قد نصت على دفع التعويض المناسب للأضرار الممكن حدوثها من جراء ما قد ينتج عن استعمال واستغلال الممر دون تحديد كيفيات تقديره وطريقة دفعه.
وفي مقابل ذلك كان لزاما على مالك الأرض المثقلة بحق المرور القانوني اتخاذ موقف سلبي بترك صاحب حق المرور يمارس حقه دون القيام بأي عمل من شأنه التقليل من استعمال الممر أو جعله شاقا.(1)
وعليه فإن التعويض المستحق لمالك الأرض المجاورة عادة ما يستعان في تقديره بأهل الخبرة لبيان الضرر الذي أصابه ولا يعتد بالفائدة التي استفادت منها الأرض المحبوسة ، ويجوز إلزام مالك الأرض المحصورة بتعويض إضافي إذا تطلب إستعمال الأرض وإستغلالها ممرا أكبر من الذي كان قد تقرر.(2)
وقد إرتأيت التفصيل في هذه المسألة أكثر عندما تحدثت عن دور قاضي الموضوع في مجال تقدير التعويض المستحق لمالك الأرض المجاورة وهو ما تعرضت له في المبحث الثاني من هذا الفصل.
المطلب الثاني : حقوق مالك الأرض المحصورة
في مقابل الواجبات التي حملها المشرع لمالك الأرض المحصورة خول له القانون الحق في القيام بالأعمال التي يراها ملائمة لممارسة حقه في المرور والحفاظ عليه من جهة، والحق في توسيع الممر أو تغيير موضعه من جهة ثانية .
الفرع الأول: حق القيام بأعمال في الأرض المجاورة
لمالك الأرض المحصورة الحق في القيام ببعض الأعمال على الأرض المجاورة سواء تعلقت هذه الأعمال باستعمال الحق أو المحافظة عليه، و ذلك عملا بمقتضيات المادة 872 من التقنين المدني المتعلقة بحق مالك العقار المرتفق و التي تنص على أنه :" لمالك العقار المرتفق أن يجري من الأعمال ما هو ضروري لاستعمال حقه في الإرتفاق و حفظه، ويجب عليه أن يباشر هذا الحق على الوجه الذي ينشأ عنه أخف الضرر للعقار المرتفق به ".(3)
كما جعلت المادة 698 من نفس القانون القاعدة والكيفية التي يتم بها ارتفاق المرور بسبب الحصر تحددان بتقادم خمسة عشر سنة، وباكتمال هذه الشروط لا يجوز تغيير قاعدة الارتفاق ولا تحويلها أو نقلها من طرف صاحب العقار المرتفق به دون إذن من صاحب العقار المحصور.
ففيما يخص الأعمال المتعلقة باستعمال الحق لا يمكن حصرها فهي تختلف حسب الحاجة إليها، فقد يقتضي لاستعمال حق المرور أن يتم إنشاء جسر إذا كان هناك مجرى يعترض طريق المرور أو أية إنشاءات أخرى يقتضيها هذا الاستعمال، كما قد يتطلب ضرورة رصف الطريق المعد للمرور و غيرها كذلك الأمر بالنسبة للأعمال التي من شأنها المحافظة على الحق فهي متنوعة فمثلا يمكن لمالك الأرض المحصورة إعادة رصف الطريق و بصفة عامة القيام بالإصلاحات اللازمة التي تقتضيها صيانته.
إلا أن حق مالك الأرض المحصورة في القيام بهذه الأعمال لا يبقى دون قيد بل أنه لزاما عليه القيام بما هو ضروري منها، و أن يتم ذلك بأقل ضرر ممكن لمالك الأرض المجاورة، و في مقابل ذلك لا يلزم مالك الأرض المحصورة بإصلاح الضرر إذا تبين أن سبب حدوثه لم يترتب عن تقصير منه.
و أشير هنا إلى أن مالك الأرض المحصورة يبقى حر في أن يقوم بهذه الأعمال أو لا يقوم بها فهذا حقه و ليس واجبا عليه، لكن إذا ترتب ضرر من جراء عدم القيام بها كان مسؤولا عن التعويض.(1)
و أتساءل كذلك في هذا الإطار عن تطبيق نص المادة 874 من التقنين المدني التي تنص في فقرتها الأولى على أنه تكون نفقة المنشآت اللازمة لاستعمال حق الارتفاق و المحافظة عليه على عاتق مالك العقار المرتفق ما لم يشترط خلاف ذلك.
يجد نص هذه الفقرة تطبيقه على مالك الأرض المحصورة، بحيث يتحمل هذا الأخير النفقات اللاّزمة لاستعمال حق المرور و المحافظة عليه لو كانت ناتجة عن عيب في العقار المجاور كمبدأ عام.
إلا أن المشرع قد أجاز الخروج عن هذا المبدأ العام بصريح عبارة الفقرتين الثانية والثالثة من النص المذكور و ذلك في حالتين:
- الحالة الأولى:
و هي الواردة في الفقرة الثانية من نص المادة 874 من التقنين المدني و هي تخص إتفاق الطرفين على أن تكون النفقات على عاتق مالك الأرض المجاورة، وهي لا تجد تطبيقا لها في حالة المرور القانوني الذي يعتبر القانون مصدرا له لا العقد .
-أما عن الحالة الثانية:
فهي الواردة في الفقرة الثالثة من نفس المادة و هي تخص إشتراك كل من مالك الأرض المحصورة ومالك الأرض المجاورة في نفقات الصيانة، ويتحقق ذلك عندما تكون الأعمال التي يجريها مالك الأرض المحصورة للمحافظة على حقه هي في نفس الوقت نافعة لمالك الأرض المجاورة كإستعماله لذات الممر مثلا.
في مقابل هذا الحق المخول لمالك الأرض المحصورة يقع على عاتق مالك الأرض المجاورة واجب تركه يمارس حقه والإمتناع عن القيام بأعمال من شأنها أن تعوق إستعمال حقه على الوجه الطبيعي وفيما عدا ذلك يحتفظ مالك الأرض المحصورة بكل السلطات التي تخولها ملكيته.

الفرع الثاني: الحق في طلب توسيع الممر أو تغيير موضعه.
لمالك الأرض المحصورة الذي تقرر له حق المرور في الأرض المجاورة في موضع معين الحق في توسيع الممر الأصلي أو تغيير موضعه متى أصبح غير كاف لمواجهة حاجات الإستغلال الجديدة.
والواقع أن ذلك راجع إلى طبيعة حق المرور القانوني ومقتضياته، ذلك أنه قد يصبح الممر الموجود والذي كان كافيا للاستغلال السابق غير كاف للاستغلال الجديد كما لو صارت الأرض الزراعية تستغل في عمل صناعي، ففي هذه الحالة يحق لصاحبها أن يطالب بممر يكفي لهذه الاحتياجات، كل ما في الأمر أنه يشترط لإمكان هذه المطالبة أن يكون استعمال الممر السابق فيما يحتاجه الاستغلال الجديد من شأنه أن يكلف المالك نفقات باهضة لا تتناسب مع قيمة الأرض أو يحمله مشقة كبيرة.
وقد لا يتغير نوع الاستغلال ورغم ذلك يصبح الممر غير كاف نتيجة تطور في وسائل الحياة المعاصرة، مثلا الممر الذي يوصل عقارا معدا للسكن بالطريق العام لم يعد كافيا لاستعمال وسائل النقل الحديثة كسيارة فيجوز عندئذ توسيع الممر.
وقد يقتضي أن يغير مالك الأرض المحصورة موضع الممر، فله أن يطالب بذلك ما لم يخرج عن نطاق الوجوه المألوفة لاستغلال أرضه.
وفي مقابل هذا الحق المخول لمالك الأرض المحصورة، كان من العدالة أن يخول مالك الأرض المجاورة الحق في نقل الممر الأصلي إلى موضع آخر من نفس العقار أو عقار آخر يملكه هو أو شخص آخر متى استمر المرور على أرضه لمدة طويلة تغيرت في خلالها ظروف العقار المثقل بحق المرور واقتضت تغيير في طريقة استغلاله أو تحسين هذا الاستغلال.
وعلى مالك الأرض المحصورة عندئذ ألا يعارض في نقل الممر إلى موضع جديد متى لم تكن له أدنى مصلحة في ذلك.

المبحث الثاني: الدعاوى القضائية المتعلقة بحق المرور القانوني ودور القاضي في تقريره
إن تحديد المركز القانوني لمالك الأرض المحصورة يقتضي في الحقيقة تحديد ما لهذا الأخير من حقوق وواجبات وما يقرره القانون من وسائل قانونية كفيلة بحماية هذا الحق، إلا أنني في معالجة هذا الأمر إرتأيت التطرق إلى الدعاوى القضائية وكل ما له علاقة بالقضاء من تقرير الحماية القضائية لهذا الحق والدور الفعال الذي يؤديه القاضي في هذا المجال في مبحث واحد من خلال تخصيص المطلب الأول للدعاوى المرفوعة أمام القضاء بشأن هذا الحق سواء تلك المقررة لمالك الأرض المحصورة وهي دعوى واحدة أو لمالك الأرض المجاورة، والمطلب الثاني لتبيان تدخل القاضي في هذا المجال من خلال دوره في فتح الممر وتعيينه وتقدير التعويض المستحق للجار .

المطلب الأول : الدعاوى القضائية المتعلقة بحق المرور القانوني
لقد أجاز المشرع الجزائري لمالك الأرض المحصورة رفع دعوى المطالبة بحق المرور القانوني متى توافرت الضوابط اللازمة لثبوت الحق والتي سبقت الإشارة إليها.
وفي مقابل هذه الدعوى الوحيدة المقررة قانونا لهذا الأخير لا يثبت لمالك الأرض المجاورة سوى الحق في رفع دعوى المطالبة بالتعويض المستحق له جراء ما أصابه من أضرار.









 


قديم 2011-05-20, 17:51   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع

الفرع الأول: دعوى المطالبة بالحق بالنسبة لمالك الأرض المحصورة
إن للقاضي السلطة التقديرية الكاملة لتقدير مدى توفر الشروط القانونية الخاصة بثبوت هذا الحق لمالك الأرض المحصورة أو لغير المالك من أصحاب الحقوق العينية الأخرى كصاحب حق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكنى،لأن حق المرور القانوني إنما يتقرر في الواقع لصالح الأرض لا لصالح صاحبها، ذلك أنه لكل من يدعي أن أرضه محصورة سواء المالك أو صاحب حق عيني آخر ويريد المرور في أرض الجار للوصول إلى الطريق العام أن يرفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة والمحكمة المختصة هنا هي تلك التي يقع بدائرة اختصاصها العقار الذي يريد أن يمر فيه.(1)
ويكون لقاضي الموضوع فحص ما إذا كانت الأرض محصورة أم لا، وله في ذلك اللّجوء إلى أهل الخبرة، وعلى ضوء الخبرة يتخذ قراره مثال ذلك القرار الذي صدر عن مجلس قضاء باتنة في 06/01/1999 حيث جاء في حيثياته مايلي : " حيث في هذه الحالة يتعين تعيين خبير للانتقال إلى الممر محل النزاع والقول ما إذا كان الممر قديما أو حديثا، وما إذا كان عقار المستأنف عليه محصورا أم له ممر آخر يؤدي إلى مسكنه، وعلى ضوء الخبرة يمكن للمجلس البث في النزاع ".
وإذا ما تبين له من خلال تقرير الخبرة والوقائع المعروضة عليه أن الأرض محصورة، قام بعد ذلك بتعيين الموضع الذي يتم فيه مباشرة الحق والكيفية التي يتم بها المرور مراعيا القدر اللاّزم لاستغلال الأرض واستعمالها على الوجه المألوف.
كما يقوم القاضي أيضا بتعيين مبلغ التعويض الذي يجب دفعه في حالة ما إذا كان مرور مالك الأرض المحصورة يلحق ضررا بالجار.
وتجدر الملاحظة هنا بأنه إذا كان لمالك العقار المحصور حماية لحقه دعوى وحيدة، فإن القانون قد قرر بصريح المادة 702 من التقنين المدني للحائز الحق في رفع دعوى الحيازة ( بأنواعها الثلاث دعوى استرداد الحيازة، منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة ) إذا ما توافرت الشروط القانونية العامة(1) والخاصة بها وهي على العموم الظهور والهدوء، الوضوح والاستمرار تقريرا لما يعرف بإرتفاق المرور،إلا أنه لا يتوفر حسب المادة 702 على دعوى الحيازة حتى ولو لم تنقض مدة 15 سنة إلا مالك العقار المحصور وهو مايعني بمفهوم المخالفة بأن مالك العقار غير المحصور لا يتوفر إلا على دعوى الملكية -وهي دعوى المطالبة بحق عيني- وبالتالي يجب عليه تقديم الدليل على حقه والذي لا يمكن أن يستمد إلا من سند أو اتفاق مع الطرف الأخر طبقا للمادة 868 الفقرة الأولى من التقنين المدني.
فالحائز المتوفر على الشروط القانونية يعمل أولا على معاينة التقادم للحصول على سند التقادم عن طريق القضاء وعلى العكس من هذا فإن الحائز الذي لم يعمل بعد على معاينة تقادم قاعدة و كيفية الإرتفاق في صالحه و الذي لا يتوفر على الشروط المطلوبة و لا سيما انقضاء أجل 15 سنة الذي هو الأجل المقرر في القواعد العامة،(2) لا يمكنه الاستفادة من التقادم و لا الحصول على سند غير أنه يستطيع مع ذلك ممارسة دعوى الحيازة لحماية حيازته من كل تعرض قانوني أو مادي.(3)
و على خلاف المشرع الجزائري فإن المشرع الفرنسي لم ينص على إمكانية رفع دعوى الحيازة من طرف مالك الأرض المحصورة، وهذا راجع إلى أنه يشترط في حقوق الإرتفاق حتى تجوز حمايتها بدعوى الحيازة- بما فيها حق المرور الإرتفاقي- أن تكون ظاهرة و مستمرة حتى يجوز استعمال دعوى الحيازة لحمايتها إلى أن قرر القضاء الفرنسي حماية حقوق الإرتفاق غير الظاهرة وغير المستمرة متى استندت حيازتها على سند صحيح أو نص قانوني .
و تختص محليا بالنظر في دعاوى الحيازة المحكمة التي يقع بدائرتها العقار موضوع النزاع.(4)
كما أنه قد يلجأ الحائز أيضا إلى القضاء الاستعجالي، وغالبا ما تقبل دعواه بعد التأكد من توفر عنصر الاستعجال، و يمكن الاستشهاد في هذا الصدد بالعديد من قرارات المحكمة العليا نذكر منها:
• القرار رقم 200906 الصادر بتاريخ 28/06/2000 في القضية (ق م) ضد (ج م)
و قد جاء فيه :" حيث أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أن قضاة المجلس استخلصوا من الوثائق المقدمة أمامهم أن أصل النزاع يتعلق باسترجاع ممر قديم موجود منذ أكثر من 15 سنة و أن القرار الصادر في 09/04/1994 ألزم الطاعن ( ق م) بعدم التعرض للمطعون ضده(ج م) في استعمال الممر المتنازع عليه و نتيجة لذلك قضوا بأن طلب التعويض المقدم من طرف الطاعن باسترجاع هذا الممر هو طلب غير مؤسس".
• القرار رقم 225806 الصادر بتاريخ 20/02/2002 في القضية بين (ع د) ضـد (ع ع)
و قد جاء مكرسا للمبدأ التالي:" لا يمكن القضاء بفتح ممر دون تحديد طبيعة الدعوى، هل هي دعوى حيازة وفقا لأحكام المادة 702 من القانون المدني أم دعوى حماية حق إرتفاق مثقلا للملكية طبقا للمادة 868 من نفس القانون" و قد جاء فيه أنه:
" حيث أن المسمى( ع ر) طعن بطريق النقض بتاريخ 24/03/1999 في القرار الصادر عن مجلس قضاء سطيف بتاريخ 08/06/1998 القاضي بتأييد الحكم المستأنف المؤرخ في 22/07/1997 عن محكمة بوقاعة الذي يقضي بالمصادقة على الخبرة المنجزة و إلزام المدعى عليه (ع ر) بفتح الممر محل النزاع و عدم تعرض (ل ع) في استعماله".(1)
أما اختصاص قاضي الاستعجال فقد جاء في القرار رقم 59610 الصادر عن الغرفة المدنية للمحكمـة العليـا بتاريخ 04/04/1990:" إن قضاة الاستعجال سواء على مستوى المحكمة أو المجلس -لما قرروا وضع حد للتعدي و ذلك بفتح الطريق فإنهم لم يمسوا بالموضوع- ذلك أنه من المستقر قضاء أنه لقاضي الاستعجال السلطة ليحافظ على ممر أغلق من طرف مالك مجاور و هذا بدون تجاوز السلطة"(2) .
• كما أنه بتاريخ 27 ماي 1987 صدر عن مجلس قضاء باتنة قرار يقضي بأنه: " بعد إجراء خبرة إلغاء الأمر المستأنف و اختصاص القضاء الإستعجالي لتوفر الصِّفة الإستعجالية، و أمر المستأنف عليه المرجع ضده بفتح الطريق و عدم التعرض للمرجعين في استعمالهم للممر، وتبين للمحكمة العليا أن قضاة الاستئناف طبقوا القانون تطبيقا سليما لأن غلق الطاعن بالأسلاك الشائكة و الحواجز لمنع المطعون ضدهم من حقهم في استعمال المرور عليها و حرم هؤلاء من تنقلاتهم وقضاء حاجياتهم اليومية مما يجعل هذا النزاع ذو صبغة إستعجالية".(1)
الفرع الثاني: دعوى المطالبة بالتعويض بالنسبة لمالك الأرض المجاورة
لما كان حق المرور للأرض المحصورة ثابت بقوة القانون حتى قبل تعيين الممر وتحديد التعويض فإنه يترتب عن ذلك حق مالك الأرض المجاورة في رفع دعوى المطالبة بالتعويض المناسب والأضرار التي أصابته من جراء تقرير حق المرور، وللمحكمة السلطة في تقديره جملة واحدة أو على أقساط سنويا أو دوريا كما أن له الحق في المطالبة بتعويض إضافي إذا زاد الضرر اللاحق بالجار، وفضلت التفصيل في هذه المسألة عند الحديث عن دور القاضي في مجال تقرير هذا الحق ولا سيما عند تقديره لمبلغ التعويض .
والجدير بالإشارة هنا أن للجار أن يحمي ملكيته أيضا متى تبين له أن مرور جاره غير مستوف للشروط القانونية برفع دعوى إنكار الحق إذا تعلق الأمر بالمرور الإرتفاقي، وهي دعوى عينية يطلب من خلالها توقف جاره عن المرور في أرضه دون وجه حق وقد يطلب التعويض عن الضرر الذي يصيبه، ولا يكون لمالك العقار المرتفق به إلا إثبات ملكيته للعقار وليس عليه إثبات أن هذا العقار خال من حق الإرتفاق لأن هذا الحق هو عبء استثنائي لا يفرضه القانون خاصة وأن الملكية خالية من أي تكليف يثقلها ومن يدعي خلاف ذلك يقع عليه عبء الإثبات.
كما أن له أيضا حماية لحيازته متى توفرت شروطها القانونية رفع دعوى الحيازة ولو كان غير مالك للأرض بل حائز لها.
و قد جاء القرار رقم 226568 الصادر عن الغرفة العقارية للمحكمة العليا بتاريخ20/03/2002 ليقضي بأنه:" حيث أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه و إلى مستندات الملف يتبين منها أن الطاعن أقام دعوى إنكار حق المرور للمطعون ضده الذي دفع باستعمال الممر محل النزاع منذ القدم.
والحال أن قضاة المجلس رغم أنهم لاحظوا عدم وجود حالة حصر لملكية المطعون ضده و كذا عدم إنشاء ممر بموجب القسمة القضائية التي تمت خلال سنة 1950 و في غياب أي سند في هذا الشأن إلا أن قضاة الموضوع كرسوا للمطعون ضده حق الإرتفاق بحجة أن الممر محل النزاع موجود منذ القدم وبذلك أفادوا المطعون ضده بالتقادم المكسب و كما فعلوا فإنهم لم يراعوا نص المادة 699 التي تشترط حالة الحصر للإستفادة بالتقادم المكسب لحق إرتفاق المرور الذي هو إرتفاق ظاهر و غير مستمـر وبذلك فإنهم لم يعطوا لقرارهم أي أساس قانوني و عرضوه للنقص مع تحميل الطاعن المصاريف القضائية طبقا للمادة 270 من قانون الإجراءات المدنية " (2).
المطلب الثاني : دور القاضي في تقرير حق المرور القانوني
إذا توافرت الشروط التي رأيناها سابقا ثبت الحق في المرور بقوة القانون وجازت المطالبة به فإذا تعذر الإتفاق مع الجار الذي يخترق الممر أرضه تولت المحكمة تعيين الممر وطريقة المرور وذلك في نظير تعويض الجار عما يصيبه من ضرر.
وسأدرس هذه الأحكام الخاصة بتدخل القاضي في تقرير هذا الحق في فرعين، شارحة دوره في تعيين الممر في فرع أول وتقدير التعويض في فرع ثان.

الفرع الأول: تعيين الممر وطريقة المرور.
الممر هو وعاء حق المرور أو النطاق المكاني لمباشرة هذا الحق، وقد يحدث أن يتفق مالك الأرض المحصورة مع مالك أو ملاك الأراضي المجاورة على تعيين الممر حينئذ لن تثور أية مشكلة ، أما إذا اختلفوا قام القاضي بتعيينه في العقار الذي يكون فيه المرور أخف ضررا وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك، ويترك تقدير ذلك لقاضي الموضوع يفصل فيه بحسب طبيعة العقارات المجاورة وبما يحقق للأرض المحصورة استعمالها واستغلالها على الوجه المألوف وقت تعيين الممر مسترشدا في ذلك بالقواعد التي قررها القانون في هذا الشأن .(1)
ومن ثمة فإذا كان تحديد موضع الممر يتم بالتراضي أو بالتقاضي، فما الحكم لو بدأ صاحب الحق في المرور من تلقاء نفسه بمباشرة المرور في أرض مجاورة على موقع يختاره وبطريقة يرتضيها وسكت مالك الأرض المجاورة على ذلك لمدة خمسة عشر سنة ، فهل يتقرر له حق المرور بهذه الكيفية؟.
وعلى هذا الأساس إرتأيت التطرق أولا إلى تحديد القاعدة العامة في تعيين الممر والإستثناء لأنتهي إلى تحديد أثر التقادم على تعيين الممر في مرحلة ثالثة .
أولا:القاعدة في تحديد موضع الممر
إذا كانت الأرض المحاطة بعيدة بطبيعتها عن الطريق العام فيجب في هذه الحالة أن تمر الطريق بالجهة التي تؤدي لأقل التكاليف مع مراعاة عدم إحداث ضرر كبير بالأرض المجاورة، ويجوز للقاضي أن يحدد مكانا للمرور غير العقار الذي يكون فيه المرور أقصر من غيره إذا تبين أن تكاليف المرور أقل و أن الأضرار الناشئة عن فتح الممر أخف بالنسبة لصاحب العقار المجاور، كما إذا كان يجاور العقار المحاط مستشفى أو مدرسة أو عقارا مشغولا بإدارة عامة ويجاور أيضا عقارا خاصا مملوكا لأحد الأفراد، فإنه في هذه الحالة يستحسن ترك الأرض المشغولة بالبناء والمرور بالأرض المملوكة ملكية خاصة لأحد الأفراد.(1)
و الملاحظ أن المشرع الجزائري قد راعى الاعتبارين معا و هما: المسافة الملائمة و الأقل ضررا بحيث تقضي المادة 696 من التقنين المدني أنه:
" يجب أن يؤخذ حق المرور من الجهة التي تكون فيها المسافة بين العقار و الطريق العام مـلائمة و التي تحقق أقل ضرر بالملاك المجاورين".(2)
و من ثمة وجب على القاضي أن يختار للممر عقارا مجاورا يكون المرور فيه أخف ضررا من المرور في العقارات المجاورة الأخرى و أن يعين له موضعا من هذا العقار يتوفر فيه ذلك الإعتبار أيضا، ويتحقق ذلك عادة بمراعاة المسافة الأقصر ولكن هذا ليس حتميا فقد تكون المسافة الأطول أخف ضررا فيتعين الأخذ بها، وغالبا ما تتفق مصالح الطرفين لأن خفة الضرر الذي يتحمله مالك العقار المجاور سيستتبع قلة التعويض الذي يدفعه صاحب الحق في المرور، ولكنها قد تتعارض فيتعين حينئذ على القاضي مراعاتها جميعا بحسب الضرر الأقل و ظروف الأمكنة و موقعها.(3)
فالمشرع الجزائري باستعماله لعبارة " ملائمة " لم يحدد ما إذا كانت المسافة الملائمة هي الأقصر أو الأطول.(4)
إلا أنه يلاحظ أن المشرع قد استعمل كلمة " régulièrement " في النص الفرنسي دون استعمالها في النص العربي، و إذا كان هذا النص الأخير هو الذي يعمل به إلا أنه يستحسن القول أنه بإمكان المشرع الجزائري أن يستغني عن هذه الكلمة لأنه تفادى أي لبس أو غموض عندما نص على تعيين الممر بالمكان الأكثر ملاءمة.
وللقاضي هنا السلطة التقديرية في تعيين الممر، و يجوز له في جميع الأحوال الاستعانة بخبير لتحديد موضع الممر و كذا معاينة العقارات المجاورة و تقديم تقرير عمّا قد يعود على كل من أطراف النزاع من ضرر بسبب فتح الممر.(1)
لكن يبقى أن حكم قاضي الموضوع لابد أن يكون مبررا و لا يخرج عن الإطار القانوني المحدد لأسس تعيين الممر و إلا كان معرضا للنقض، و في هذا الصدد صدر القرار رقم 985/55 المؤرخ في 15/11/1989 مؤكدا ذلك.(2)
و إذا كان من الواجب أن يراعي القاضي عنصر الضرر على النحو الذي تبين و كذا ملاءمة المسافة مع مصالح كلا من طرفي النزاع، إلا أنه يجب أن تكون طريقة استغلال العقار المحصور محل اعتبار أيضا عند تعيين الممر ومتكيفة مع وقت منح الممر ، أي يمنح بالقدر الكافي لمواجهة حاجات العقار في هذا الوقت ولا يكون متعسفا أكثر مما يتطلب الأمر لأن حق المرور القانوني لم يتقرر إلا للضرورة و الضرورة تقدر بقدرها .
و إذا ما تعين موضع الممر بناءا على هذه الأسس جميعها استقر على هذا النحو ولم يعد لمالك الأرض المحصورة إلا حق المرور فيه ليصل إلى الطريق العام، ولا يعتبر الممر مملوكا له بل يبقى مملوكا لصاحبه و ليس له إلا أن يستعمله بالكيفية التي تقررت.

ثانيا: تحديد موضع الممر عند تجزئة العقار استثناء
إذا كانت المادة 696 من التقنين المدني توجب أن يؤخذ حق المرور من الجهة التي تكون فيها المسافة بين العقار و الطريق العام ملائمة و تحقق أقل ضرر بالملاك المجاورين، وضعت المادة 697 قيدا على هذا الأصل و جاءت بحالة خاصة تتعلق بالحصر الناتج عن تجزئة العقار بتصرف قانوني فماهي شروط ترتيب حق المرور في موضع دون غيره؟ و ماهو مصدر هذا الحق؟ هل هو التصرف القانوني الذي أدى إلى تجزئة العقار أم هو نص القانون؟
1- شروط إعمال هذا الاستثناء:
نصت المادة 697 من التقنين المدني على أنه:
" إذا كانت الأرض المحصورة ناتجة عن تجزئة عقار بسبب بيع أو مبادلة أو قسمة أو من أي معاملة أخرى، فلا يطلب حق المرور إلا على الأراضي التي تشملها تلك المعاملات" (3)
وعليه فطبقا لهذا النص يشترط لإعمال هذا الإستثناء الشروط التالية:
أ- وجوب انحصار الأرض بعدما كانت متصلة بالطريق
يجب أن يكون الإنحصار في هذه الحالة طارئا أي أنه لم يكن موجود قبل تجزئة العقار، فإذا كان قائم إنتفى الشرط وكان لمالك الجزء أن يمر على العقارات المجاورة.
ب- وجوب كون الحصر ناتجا عن تجزئة الأرض بناء على معاملة:
لقد نصت المادة 697 من التقنين المدني على بعض المعاملات التي قد تؤدي إلى انحصار الأرض وأوردتها على سبيل المثال دون تحديد ما إذا كانت على سبيل المعاوضة أو التبرع(1)، وقد استعمل المشرع كلمة "معاملة" وليس "عقد" وهو مصطلح أعم يشمل كل المعاملات و التي قد يكون مصدرها إرادة واحدة أو أكثر.
و الحالة التي يتصورها هذا النص هي أن تكون أرضا لها منفذ إلى الطريق العام ثم تصرف صاحب الأرض فيها تصرفا قانونيا سواء كان بيعا أو هبة أو مقايضة أو وقفا أدى إلى جعل جزء منها محصورا كأن يبيع الجزء المجاور للطريق العام فيصبح الجزء الذي استبقاه محصورا، وقد يكون الحصر ناتجا عن قسمة بين مالكين على الشيوع فتصبح بعد القسمة حصة أحدهم محصورة، فإذا طالب في هذه الحالة صاحب الجزء المحصور حق المرور، أين سيكون موضع المرور الذي يطلبه ؟
فلو طبقنا القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 696 لوضع الممر في أي أرض مجاورة يكون فيها المرور أقل ضررا، ولكن المادة 697 عدلت هذه القاعدة وأوجبت أن يكون الممر في العقار المجزأ ولو لم يكن فيه المرور أخف ضررا.
ويمكن تبرير هذا الحكم على أساس أن الحصر كان ناتجا بفعل صاحب العقار الذي كان في إمكانه أن يتجنب الحصر لو ترك ممرا أثناء التجزئة، لأن العقار كان في بداية الأمر غير محصور فيكون من العدل أن يتقرر حق المرور على الجزء المنفصل عن الجزء المحصور.
ج- أن يكون من المستطاع إيجاد ممر كافي في أجزاء هذه الأرض:
يقتضي هذا الشرط إمكانية إيجاد ممر كافي في أجزاء العقار، فإذا لم يكن هذا ممكنا كان من غير المعقول الإصرار على أن يتم المرور في هذه الأجزاء.
و الملاحظ أن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على هذا الشرط (2) وجعل من نص المادة 697 من التقنين المدني استثناء من الأصل العام، وبالتالي إذا كان موضع الممر على الأراضي التي تشملها المعاملات غير كاف للوصول إلى الطريق العام فإنه لا محال أنه سيحدد موضعا آخر للمرور على الأراضي المجاورة طبقا للقاعدة العامة، لكن رغم ذلك يستحسن إضافة عبارة "كان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار" لكي يصبح النص أكثر دقة ووضوح بالنسبة للقاضي.
2- الأساس القانوني لحق المرور في حالة التجزئة:
لقد تعددت مذاهب الشراح في تحديد الأساس القانوني لهذا الحق، وتتجه أغلبية الآراء الفقهية سواء في مصر أو فرنسا إلى أن المرور في أجزاء العقار لا يعد استعمالا لحق مرور قانوني وإنما هو استعمال لإرتفاق المرور، كما أن هناك من الفقهاء من اعتبر مصدر المرور في جزء من العقار هو التصرف القانوني المؤدي إلى التجزئة، في حين هناك من ذهب إلى اعتبار مصدر المرور القانوني هو نص القانون.
أ- التصرف القانوني كمصدر لحق المرور في حالة التجزئة:
إذا كان أغلب الفقهاء متفقون على أن حق المرور الذي يتقرر لمالك الجزء المحصور على الجزء الآخر للعقار المتصرف فيه هو حق إرتفاق إرادي مصدره التصرف القانوني، فمنهم من يعتبر أساسه التزاما على عاتق المالك المتصرف بضمان الإنتفاع بالشيء، ويؤخذ على هذا الرأي أن الأساس الذي يقول به لا يمكن أن يتحقق في بعض الحالات كما في حالة ما إذا بيعت أجزاء العقار واستبقى لنفسه الجزء المحصور وكما في حالة ما إذا بيعت أجزاء العقار إلى مشترين متعددين، إذ لا يلتزم المشتري بالضمان قبل البائع في الحالة الأولى، ولا يلتزم المشتري قبل بعضهم بالضمان في الحالة الثانية، ولذلك فإن أصحاب هذا الرأي يقولون بعدم انطباق الحكم الذي نحن بصدده في هاتين الحالتين.
ومنهم من يرى أن الأساس هو التزام مالك العقار بتسليم الشيء وتوابعه، ومن ثمة يلتزم بإنشاء إرتفاق المرور لأن هذا الحق يعتبر من الملحقات الضرورية للجزء المحصور، وفي حالة ما إذا احتفظ المالك بالجزء المحصور من العقار يعتبر أنه قد احتفظ لنفسه بحق المرور في الجزء الآخر، إلا أنه يؤخذ على هذا الرأي أنه لا يحدد أساسا واحدا يصدق في جميع الحالات.
ومنهم من ذهب إلى أن التصرف الذي أبرمه مالك العقار ينطوي على إرادة ضمنية بإنشاء إرتفاق المرور في أجزاء العقار المتصلة بالطريق العام لصالح الأجزاء المحصورة.
ويلاحظ على هذا الرأي أن القول بوجود إرادة ضمنية لا يتحقق في بعض الحالات إلا على سبيل الافتراض وليست هذه هي الطريقة المثلى في التفسير.(1)
إلا أن هناك من يذهب إلى اعتبار أن القانون هو مصدر حق المرور في حالة التجزئة.
ب- القانون كمصدر لحق المرور في حالة التجزئة:
استند بعض الشراح الفرنسيين إلى المادة 684 من القانون الصادر في 20أوت 1881 واعتبروا أنه ابتداء من صدور هذا القانون أصبح الحق يكيف بأنه مرور قانوني.
أما الشراح المصريين فيقولون أن المادة 812 من التقنين المدني المصري في فقرتها الأولى تنص على حق مرور قانوني و ليس على إرتفاق المرور بصريح عبارتها المستعملة " لا تجوز المطالبة بحق المرور" أو " droit de passage "، فالقانون إذن هو مصدر هذا الحق في كلا الحالتين والاختلاف الوحيد يكمن في طريقة تحديد الممر، فيكون في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضررا و في موقع ملائم منه يتحقق فيه ذلك إذا كان الانحصار غير ناشئ عن التجزئـة، أما إذا نشأ عنها وجب أن يعين حينئذ في الأجزاء المتصلة بالطريق العام.
و اتفق الفقهاء على أن المرور في هذه الحالة الأخيرة يقوم على فكرة العدالة. (1)
أما عن موقف المشرع الجزائري فبالرجوع إلى المادة 697 من التقنين المدني الجزائري المتعلقة بالحصر الناتج عن تجزئة العقار، فقد جاءت هذه المادة في ترتيبها مباشرة بعد ما تم النص على القاعدة العامة في تحديد وضع الممر، وهذا راجع في نظري إلى كون المشرع قد أراد أن يكون حكم المادة 697 من التقنين المدني استثناء على اختيار الممر في العقارات المجاورة، و على القاضي عندما يثور أمامه النزاع تعيين موضعا للمرور في أجزاء الأراضي غير المحصورة التي شملتها المعاملة التي أدت إلى التجزئة بعد أن تبين له أن إرادة الأطراف لم تتجه إلى إنشاء إرتفاق المرور و يكون حق المرور في هذه الحالة قانوني و يترتب عن ذلك أنه يتنقل إلى الخلف الخاص علم به أو لم يعلم به وينقضي لزوال الانحصار و لا يسقط بالتقادم، فيمكن المطالبة به مهما طالت المدة مادام الانحصار قائما ويكون لقاء تعويض عن الأضرار الممكن حدوثها.(2)

ثالثا: أثر التقادم في تعيين الممر و طريقة المرور
عرفنا أن حق المرور لصالح العقار المحصور يثبت بقوة القانون باعتباره قيدا على الملكية طالما كانت حالة الانحصار قائمة، و لهذا فلا تثور مسألة التقادم بالنسبة إليه إنما تثور هذه المسألة فيما يتعلق بتعيين الممر و طريقة المرور، و ذلك في حالة ما إذا أقدم مالك الأرض المحصورة على المرور في أرض الجار دون أن يتم تعيين الممر و طريقة المرور باتفاق بينه و بين الجار أو بمقتضى حكم من القاضي، إذ في هذه الحالة يحق للجار أن يعترض فيطلب تقرير المرور في أرض أخرى مجاورة يكون المرور فيها أخف ضررا من الموضع الذي اختاره مالك الأرض المحصورة أو يطلب تعديل طريقة المرور بحيث تتفق مع ما يقتضيه استعمال الأرض المحصورة واستغلالها، فإذا سكت الجار عن هذه المطالبة و ظل مالك الأرض المحصورة يستعمل الموضع الذي اختاره لمروره بطريقة معينة طوال مدة التقادم سقط حق الجار في الإعتراض.(1)
وتجدر الملاحظة أن سقوط حق الجار في الإعتراض بعد مضي هذه المدة يغير من طبيعة حق المرور، إذ ينقلب من حق مرور قانوني إلى حق إرتفاق و يترتب عن ذلك أنه لا يزول بزوال الحصر الذي كان السبب في إنشائه، و هذا ما نصت عليه المادة 699 من التقنين المدني.(2)
وهناك حالة أخرى تثور فيها مسألة التقادم في هذا الخصوص و هي الحالة التي يتم فيها تعيين الممر و طريقة المرور ودفع التعويض الواجب ثم يقعد مالك الأرض المحصورة عن استعمال حقه في المرور طوال مدة التقادم، إذ يسقط حينئذ حق المالك في استعمال الممر الذي تم تعيينه، فإذا أراد بعد ذلك أن يمر و كانت حالة الانحصار ما تزال قائمة فله ذلك، ولكن يجب تعيين الممر من جديد كما يجب دفع تعويض جديد.(3)
الفرع الثاني: تقدير التعويض عن الضرر الذي يحدثه المرور
يعترف القانون بوجود حق الاتفاق بين مالك الأرض المحصورة و المجاورة بخصوص تحديد كيفية الاستعمال و التعويض عن الضرر الذي يحدثه المرور، وفي حالة عدم وجود إتفاق بين الطرفين فإن هذه المهمة يتولاها القاضي.
أولا : إختصاص القاضي في تقدير التعويض
لقد نصت المادة 693 من التقنين المدني على وجوب أن يدفع صاحب الأرض المحصورة تعويضا للجار يتناسب و نسبة الضرر التي قد تلحق به فيقول النص:"... أن يطلب حق المرور على الأراضي المجاورة مقابل تعويض يتناسب و الأضرار التي يمكن أن تحدث من جراء ذلك..."
فإذا لم يتفق الطرفان على مقدار هذا التعويض تولى القاضي تحديده، و يلجأ في ذلك عادة إلى خبير لتقويم الضرر الذي أصاب الجار بتثقيل أرضه بحق مرور لصاحب الأرض المحصورة، فتقدير التعويض إذن هو من اختصاص القاضي و لا يجوز له إنابة غيره في تحديده لأن في ذلك تنازل للقاضي عن صلاحياته لغيره و هذا يعرض قضاءه للإلغاء و النقض.
و الملاحظ أنه لا يعتد بالفائدة التي كسبتها الأرض المحصورة من جراء حق المرور، فلو أن هذه الفائدة كانت أكبر قيمة من الضرر فالعبرة بقيمة الضرر لا بقيمة الفائدة، ومتى تحددت قيمة الضرر حكم القاضي بها تعويضا للجار.(1)
و لا يوجب القانون أن يكون دفع التعويض مقدما، فإذا لم يتم الإتفاق على طريقة دفع التعويض كان للمحكمة أن تجعل التعويض مبلغا يدفع مقدما جملة واحدة أو يجعله يدفع على أقساط محددة في مواعيد معينة، أو تجعله يدفع سنويا أي في مواعيد دورية متجددة.(2)
و لا يجوز الحكم بتعويض إضافي لو أن الضرر الذي أصاب الجار قد زاد بسبب تعديلات أدخلها الجار في أرضه، و إنما يجوز الحكم بتعويض إضافي لو أن صاحب الأرض المحصورة هو الذي أدخل تعديلات في استغلاله لأرضه ترتبت عليها زيادة في عبء حق المرور.(3)
و لكن يجوز للجار في جميع الأحوال أن يمنع صاحب الأرض المحصورة من المرور قبل أن يدفع التعويض المستحق في ذمته وذلك تطبيقا لقواعد الحق في الحبس، ومع ذلك إذا مر صاحب الأرض المحصورة فعلا في أرض الجار قبل أن يدفع التعويض فإنه يكون مستعملا لحقه ولا يكون مسؤول مسؤولية جزائية لدخوله في أرض الغير دون حق، و إنما يطالبه الجار بالتعويض المستحق، وقد يطالبه بتعويض إضافي إن مر في موضع غير الذي حدد له (4) .

ثانيا: أثر التقادم على المطالبة بالتعويض.
يمثل مبلغ التعويض دينا في ذمة مالك الأرض المحصورة فتسري عليه الأحكام العامة للإلتزام من حيث سقوطه بالتقادم أي بمضي خمسة عشر سنة، ويبدأ سريان هذه المدة من وقت تحديد قيمة التعويض.
و من ثمة فإذا كان مبلغ التعويض مبلغ يدفع جملة واحدة يتقادم الحق فيه بمضي خمسة عشر سنة من وقت استحقاقه.

أما إذا تقرر دفعه على أقساط متساوية تقادم الحق في كل قسط على حدى بمضي خمس سنوات من وقت إستحقاق هذا القسط.(1)
لكن قد يمارس مالك الأرض المحصورة حق المرور دون إتفاق أو حكم، فإن التعويض يصبح في هذه الحالة مستحقا، إلا أنه بسكوت الجار عن المطالبة به لمدة خمسة عشرة سنة فإن دعواه تسقط بالتقادم و يبدأ سريان هذه المدة من الوقت الذي يباشر فيه مالك الأرض المحصورة حقه في المرور.


المبحث الثالث: انقضاء حق المرور القانوني
لقد أجاز المشرع الجزائري في نص المادة 693 من التقنين المدني المطالبة بحق المرور لمن كان عقاره محصورا فقط، الأمر الذي قد يفهم منه ضمنيا أن زوال علة المطالبة بحق المرور وهي "الحصر" تؤدي إلى زوال القيد.
ولقد كانت مسألة انقضاء حق المرور للأرض المحصورة بزوال الحصر خلافية في مصر قبل صدور القانون المدني الجديد، أما بعد صدوره وخصوصا بعد أن اعتبر حق المرور قيدا على حق الملكية لا حق ارتفاق، إذ حسم الخلاف وتم إضافة عبارة "ما دامت هذه الأرض محبوسة عن الطريق العام" إلى نص المادة 812 من التقنين المدني المصري المتعلق بتقرير حق المرور القانوني للأرض المحصورة.(1)
وإذا كان المشرع الجزائري يربط المطالبة بحق المرور وبقائه ببقاء الحصر إلا أنه نص على بقاء حق المرور ولو بعد زوال الحصر في حالة استثنائية أوردها في المادة 699 من التقنين المدني.
وعلى هذا الأساس قسمت دراستي لانقضاء حق المرور القانوني إلى مطلبين: القاعدة العامة في مرحلة أولى، فتناولت في المطلب الأول انقضاء حق المرور بزوال الحصر كمبدأ عام، وفي مرحلة ثانية خصصت المطلب الثاني للاستثناء الوارد على المبدأ العام.
المطلب الأول: انقضاء حق المرور بزوال الحصر كمبدأ عام
يزول انحصار الأرض عن الطريق العام لأسباب قد تكون نفسها التي تنتهي بها حقوق الإرتفاق عموما و المنصوص عليها في الفصل المخصص لحق الإرتفاق متى كانت لا تتعارض مع طبيعة حق المرور القانوني، وقد يرجع زوال الانحصار إلى أسباب أخرى.(2)
وبمجرد زوال انحصار العقار واتصاله بالطريق العام ترتب عن ذلك آثار.
ومن ثمة سوف أتعرض إلى الأسباب القانونية المؤدية إلى زوال الحصر ثم الآثار المترتبة عنه في فرعين.
الفرع الأول: أسباب زوال الحصر
يستوي لانقضاء حق المرور أن يكون زوال الانحصار راجعا إلى فتح طريق عام ملاصق أو إلى قيام المالك بشراء أرض ملاصقة تتصل بالطريق العام.(3)
كما قد يكون راجعا إل تجزئة الأرض المحصورة أو إلى إنعدام الفائدة من هذا الحق أو إلى أي سبب آخر.(4)
وسوف أكتفي في هذا الإطار بأهم الأسباب المؤدية إلى زوال الحصر وهي:
أولا: نزع الملكية للمنفعة العامة
لقد نص المشرع الجزائري على هذا السبب في المادة 878 من التقنين المدني و المتعلقة بإنتهاء حق الإرتفاق عندما ذكر أنه " تنتهي حقوق الإرتفاق... بهلاك العقار المرتفق به هلاكا تاما..."، ومن ثمة اعتبر الهلاك التام النهائي للعقار سبب من أسباب انتهاء حق المرور القانوني، سواء كان الهلاك ماديا أو قانونيا عن طريق نزع الملكية للمنفعة العامة، بحيث يعتبر نزع ملكية العقار المحصور للمنفعة العامة في حكم هلاكه يؤدي إلى زوال الانحصار لاتصال الأرض مباشرة بالطريق العام، و بالتالي إلى انتهاء حق المرور القانوني.

ثانيا: إتحاد الذمة
يقصد باتحاد الذمة اجتماع العقار المحصور والعقار الذي يباشر فيه حق المرور في يد مالك واحد.(1)
ولقد نصت المادة 878 من التقنين المدني على هذا السبب: "تنتهي حقوق الإرتفاق...بإجتماع العقار المرتفق به والعقار المرتفق في يد مالك واحد، ويعود حق الإرتفاق إذا زال اجتماع العقارين."
ومنه يعتبر هذا السبب سببا مؤقتا لانقضاء الحق، فإذا زال سبب إتحاد الذمة كما إذا أبطل عقد البيع مثلا وعادت ملكية أحد العقارين إلى صاحبها، عاد الحق من جديد.(2)
وعلة الانقضاء تكمن في أن هذا السبب يفترض وجود عقارين مملوكين لشخصين مختلفين، فإذا انتقلت ملكية أحد العقارين إلى مالك العقار الآخر أو انتقلت ملكية العقارين معا إلى شخص آخر أيا كان السبب لهذا الانتقال إنتهى الحق.(3)
فمثلا قد يجتمع العقارين في يد مالك واحد على إثر عقد معلق على شرط فاسخ ثم تحقق هذا الشرط بأثر رجعي، فإن حق المطالبة بالمرور القانوني يقوم من جديد إذا بقي العقار محصورا، ويطبق نفس الحكم لو زال الاجتماع دون أثر رجعي مثال ذلك: أن يشتري مالك الأرض المحصورة العقار المجاور الذي كان مقرر عليه حق المرور القانوني ثم يبيع هذا الأخير أي العقار الذي سبــق أن اشتراه، فهنا الشراء الذي تم بدون أثر رجعي لن يمنعه من المطالبة بحق المرور القانوني من جديد إذا ما أعاد بيع العقار الذي اشتراه ما دام أن شرط الحصر لا يزال قائما.
وعلى العكس فإن اجتماع العقارين بدون أثر رجعي لا يعيد حق المرور الإرتفاقي بعد أن انتهى فيمكن أن يعود هذا الحق في حالة زوال اجتماع العقارين بأثر رجعي فقط.(1)
ثالثا: تجزئة الأرض المحصورة
لقد نصت على هذا السبب المادة 876 من التقنين المدني وقد جاء فيها: "إذا جزئ العقار المرتفق بقي الإرتفاق مستحقا لكل جزء منه ما لم يزد ذلك عبء تكاليف العقار المرتفق به، غير أنه إذا كان الإتفاق لا يفيد في الواقع إلا جزءا من هذه الأجزاء جاز لمالك العقار المرتفق به أن يطلب زوال هذا الإرتفاق عن الأجزاء الأخرى."
قد يحدث أن يقع تصرف قانوني على العقار يؤدي إلى تجزئته سواء بقي مملوك لشخص واحد أو تعدد ملاكه على الشيوع، فإن ذلك لا يؤثر على حق المرور القانوني، فإذا جزئ العقار ظل الحق مقررا لكل جزء منه مفرز بشرط أن يكون ضروريا.
أما إذا أصبحت بعض الأجزاء غير محصورة جاز لمالك الأرض المجاورة أن يطلب زوال حق المرور القانوني بالنسبة لهذه الأجزاء من الأرض فمثلا إذا كانت الأرض مملوكة لشريكين يستغلان الأرض بفلاحتها وكانا يمران في الأرض المجاورة نظرا لعدم كفاية الممر الموجود لمرور العتاد الفلاحي المستعمل، ثم بعد تجزئة الأرض عن طريق قسمتها تخلى أحدهما عن ممارسة الفلاحة وإكتفى بتخصيص أرضه للسكن، ففي هذه الحالة جاز لمالك الأرض المجاورة أن يطلب زوال حق المرور القانوني بالنسبة لهذا الجزء لأنه أصبح غير محصور.(2)
رابعا: عدم جدوى الحق أو فقد منفعته
إن هذا السبب الرابع لزوال الحصر ما هو في الواقع إلا تطبيق لما جاء في المادة 881 من التقنين المدني: "يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يتحرر من الإرتفاق كله أو بعضه، إذا فقد الإرتفاق كل منفعة للعقار المرتفق أو إذا لم تبق له سوى فائدة محدودة لا تتناسب مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به."(3)
وعليه فإذا زالت المنفعة التي تقرر حق المرور لتحقيقها كأن تقوم الدولة بإنشاء طريق عام مجاور للأرض المحصورة، فإنه يصبح عديم الجدوى و بالتالي يكون لصاحب العقار الذي تم مباشرة حق المرور في أرضه أن يطلب إنهاء الحق في المرور لزوال الحصر.
خامسا : شراء أرض ملاصقة
قد يقوم مالك الأرض المحصورة بشراء أرض غير التي كان يباشر حق المرور فيها للوصول إلى الطريق العام وتكون هذه الأرض ملاصقة بأرضه وتتصل بالطريق العام، فيترتب على ذلك زوال الإنحصار.(1)
الفرع الثاني: آثار زوال انحصار الأرض
ذهب فريق من الفقهاء إلى القول أن الممر القانوني يبقى رغم زوال حالة الانحصار كما لو كان الحق قد تقرر بالإتفاق.
في حين أن البعض الآخر يقول بالعكس فبزوال حالة الانحصار يزول الممر القانوني، وأنا من أنصار هذا الرأي فحق المرور ينتهي إذا اتصلت الأرض المحاطة بالطريق العام، إذ يصبح الممر غير ضروري ويستعيد صاحب الأرض التعويض الذي كان قد دفعه لقاء حق المرور بعد إسقاط ما يتناسب منه لقاء الاستعمال.(2)
و من ثمة فزوال الحصر يعطي لمالك الأرض التي كانت محصورة الحق في استرجاع مبلغ التعويض الذي دفعه لمالك الأرض التي كان يمارس عليها حق المرور، والأصل أن يحدد هذا المبلغ بناء على اتفاق الطرفين، و في حالة الخلاف بينهما يرجع للقاضي الاختصاص في تحديد المبلغ الذي يجب رده وهو ما سبق التفصيل فيه.
المطلب الثاني: بقاء حق المرور رغم زوال الحصر
لقد جاء المشرع الجزائري بإستثناء على المبدأ العام في تقرير حق المرور القانوني للأرض المحصورة وهو الإستثناء الوحيد الذي جاءت به المادة 699 من التقنين المدني، ومن ثمة أتساءل عما هو السبب لبقاء حق المرور وعدم زواله؟ وما هي الآثار التي قد تترتب عن ذلك؟
الفرع الأول: الحيازة كسبب لبقاء حق المرور رغم زوال الحصر.
الأصل أن نطاق حق المرور القانوني يتحدد على النحو السابق ذكره إما اتفاقا أو قضاء، إلا أنه قد يتحدد كذلك عن طريق الحيازة، فقد لا ينتظر مالك الأرض المحصورة هذا الإتفاق أو القضاء ويقوم مباشرة بالمرور في أرض مجاورة.(3)
و تنص المادة 699 من التقنين المدني على أنه:
" إن حيازة الممر الذي يستعمله صاحب العقار المحصور لمدة خمسة عشر سنة يعد بمثابة سند ملكية للإرتفاق ويصبح تابعا للعقار الذي أنشئ من أجله، وإذا كان إرتفاق المرور قد تقرر بالحيازة لصالح العقار المحصور، فإنه لا يزول بتوقف الحصر الذي كان السبب الأصلي فيه عارضا كان أو نهائيا".
فالملاحظ إذن أن المادة 699 من التقنين المدني قد وردت ضمن القسم المخصص للقيود التي تلحق حق الملكية عكس المشرع الفرنسـي الذي لم يميز بين القيود الواردة عــلى حق الملكيــة والإرتفاقات و فضل اعتناق ما كان يقضي به القضاء الفرنسي في حالة إستمرار بقاء الأرض محصورة لمدة تفوق ثلاثين سنة -و هي مدة التقادم في القانون المدني الفرنسي- إلاّ أن المشرع الجزائري و إن جعل الحيازة سبب لإبقاء حق المرور و تحول المرور القانوني إلى مرور إرتفاقي، فإن المشرع المصري قد رتب انقضاء حق المرور القانوني على زوال الحصر مهما طالت المدة، خاصة و أن المادة 812 من التقنين المدني لم تتضمن ما يفيد تحّول أساسه القانوني بدليل العبارة المضمنة في المادة المذكورة " مادامت الأرض محبوسة عن الطريق العام" ، و عليه فبمجرد زوال إنحصار الأرض يزول الحق القانوني للمرور، و لا تكون دعوى الحيازة مقبولة باعتبار أن الحق هنا لا يرقى لأن يكون حقا من الحقوق العينية و إنما يبقى مجرد قيد على الملكية.(1)
و دائما بالرجوع إلى المادة 699 المذكورة أعلاه و بالاعتماد على التفسير الحرفي لهذا النص، فإن الحيازة هي سند الملكية والمستفيد منها يصبح مالكا لحق عيني مرتبط بالعقار و ينتقل معه، و قد تجاذب الغرفة العقارية للمحكمة العليا رأيان مختلفان فيما يخص تطبيق المقتضيات المتعلقة بإرتفاق المرور ولا سيما المقتضيات الواردة في المادة 868 المتعلقة بالتقادم و التي تنص على أنه:
" ينشأ حق الإرتفاق عن الموقع الطبيعي للأمكنة أو يكسب بعقد شرعي أو بالميراث ، إلا أنه لا تكتسب بالتقادم إلا الإرتفاقات الظاهرة بما فيها حق المرور"(2)
فبعض أعضاء الغرفة العقارية يفسرون التقادم المسطر في المادة 868 بالمفهوم الواسع للقانون المدني بإعتباره وسيلة إكتساب الملكية عن طريق الحيازة، و يذهبون إلى أنه يكفي إستعمال ممر طيلة مدة 15 سنة لتقادم هذا الممر و بالتالي إثقال ملكية الممر، في حين يذهب البعض الآخر إلى إنتهاج القراءة الضيقة لمقتضيات هذه المادة، و يرون بأن التقادم لا ينصب على الحق في حد ذاته و إنما على الوعاء وعلى طريقة إستعمال الممر، بحيث لا يمنح مالك العقار المحصور ملكية العقار المرتفق به بخصوص وعاء الممر و ذلك على عكس تقادم المادة 827 من التقنين المدني مادام حق المرور مرتبط بالمنفعة التي تعود على العقار المرتفق (1)، خاصة وأنه لا يمكن تصور وجود إرتفاق مرور في حالة انعدام العقار المحصور إلا بحصول اتفاق بين مالكي العقارين المجاورين.(2)
و عليه لا بد من الوقوف عند نص الفقرة الثانية من المادة 868 من التقنين المدني التي تؤكد إمكانية اكتساب إرتفاق المرور عن طريق التقادم المكسب، والذي يعتبر بمثابة إرتفاق ظاهر- كما سبق الإشارة إلى ذلك-حتى و لو كان لا يكتسي بالضرورة هذا الطابع و كذا حتى و لو كـان غير متواصـل (3).
وهناك تيار قضائي إتجه إلى القول أن الإرتفاقات الظاهرة و المتواصلة (4)هي وحدها التي يمكن اكتسابها بالتقادم، فإن التقادم في هذه الحالة لا ينصب على الحق في حد ذاته و إنما على القاعدة وعلى كيفية الاستغلال الناجم عن الاستعمال و الحيازة طيلة15 سنة، و يمكن إثبات واقعتي الحـيازة والاستعمال بجميع الوسائل بما في ذلك اللّجوء إلى الخبرة، و يجب أن تستجيب الحيازة المحتج بها للشروط المقررة في القواعد العامة و للأوضاع المقررة قانونا و لا سيما أن تكون متواصلة، هادئة علنية، ولا لبس فيها.(5)
و لقد طبقت المحكمة العليا في أغلب قراراتها هذه المبادئ المتعلقة على الخصوص باكتساب الإرتفاق عن طريق التقادم، وأحسن مثال على ذلك القرار الصادر عن المحكمة العليا (قرار رقم 226568 و المؤرخ في 20/03/2002) الذي طعن فيه المدعي في الطعن بالنقض في قرار مجلس قضاء تيزي وزو الصادر في 22/12/1998 المتضمن تأييد الحكم في الموضوع، وقد أعاب المدعي على القرار المطعون فيه فصله في القضية على أساس تحقيق، في حين أنه استشهد بالأحكام الصادرة في 1950 وبمخطط القسمة المؤرخ في 21/02/1949 التي تثبت عدم وجود أي إرتفاق على عقار المدعي في الطعن الذي يتمسك بحجية الشيء المحكوم فيه ذاهبا إلى أن الخبير قد أكد في تقريره عدم حصر عقار المدعى عليه المتوفر على ممرات عديدة ، و إلى أن القرار المطعون فيه خال من الأساس القانوني ، و قد أبرزت المحكمة العليا بأن المدعي في الطعن هو الذي رفع دعوى نفي الإرتفاق لإنكار وجود إرتفاق المرور لفائدة المدعى عليه في الطعن الذي يتمسك باستعماله الممر منذ وقت بعيد .
و قد رأت المحكمة العليا بأن قضاة الموضوع و بالرغم من معاينة عدم حصر عقار المدعى عليه في الطعن و عدم إنشاء إرتفاق المرور على إثر القسمة القضائية سنة 1950 و عدم وجود الدليل المثبت لهذه المسألة كرسوا حق الإرتفاق لفائدة المدعى عليه في الطعن بسبب أن الممر المتنازع عليه موجود منذ وقت طويل ، و أفادوا هذا الأخير بالتقادم المكسب على أساس هذه العناصر، كما رأت المحكمة العليا بأنهم خرقوا المادة 699 من القانون المدني فنقضت القرار.
وعليه فإن هذا القرار قد ذكر بأن إرتفاق المرور هو إرتفاق ظاهر وغير مستمر في حين أن الإرتفاقات الظاهرة و المستمرة هي وحدها التي تكون محلا للتقادم المكسب، و كان على قضاة الموضوع التثبت من وجود أو انعدام خصائص المرور إذ أنه يمكن على أساس هذين الشرطين أن يكون محلا للتقادم الحق المنصب على قاعدة و على كيفية استعمال الإرتفاق ،فحق التقادم ممنوح قانونا أما الوقائع المشكلة لهذا التقادم فمتروكة لتقدير القاضي.
و إذا ما إعتمدنا هذا التفسير فإنه لا يمكن لمالك العقار المحصور الاستفادة من التقادم المكسب المنصوص عليه في المادة 699 إلا إذا أثبت بجميع الوسائل بأنه استعمل الممر طيلة 15 سنة على الأقل، وإذا حصل على تكريس حقه بحكم يعد ذلك بمثابة سند.
وأمام وضوح و دقة المادة 699 من القانون المدني لا تستطيع المحكمة العليا استبعاد بقاء حق المرور بالرغم من كونه صار بدون موضوع، عكس ما اتجهت إليه محكمة النقض الفرنسية التي أبقت على تطبيق حل عدم زوال الإرتفاق حتى بعد انتهاء حالة الحصر، إلا أن هذا الإجتهاد القضائي قد انتقد مما جعل المشرع الفرنسي يتدخل بقانون 25/06/1971 المتعلق بزوال الإرتفاق نتيجة انتهاء الحصر.
وتجدر الإشارة هنا أن الزوال في القانون الفرنسي لا يخص الإرتفاقات الإتفاقية ولا يطبق بقوة القانون، وإنما على القاضي أن يعاين أولا انتهاء الحصر وهو الشرط المسبق والضروري قبل النطق بزوال الإرتفاق بطلب من مالك العقار المرتفق به، وهذا في حالة عدم الإتفاق الودي بين الطرفين بخصوص هذا الزوال.(1)
وعليه فإن القانون الجزائري لا يزال يطبق الحلول السابقة للقانون الفرنسي، أي الإبقاء على حق المرور حتى بعد انتهاء الحصر، وهذا منازع فيه لنفس الأسباب القانونية و العملية التي كانت سائدة في القانون الفرنسي نتيجة الخلط الذي وقع فيه المشرع الجزائري باعتماد هذا الحل، ويعتبر منفردا في اعتماده هذا الاتجاه لذلك يستحسن تدخل المشرع وإيجاد حل جذري للمادة 699 من القانون المدني يسمح لمالك العقار المرتفق به بالمطالبة عن طريق القضاء بزوال المرور بعد إنتهاء الحصر مثله مثل التشريعات الأخرى(1).
الفرع الثاني: الآثار المترتبة على بقاء الحق
يترتب على بقاء حق المرور وتحّوله من حق مرور قانوني إلى حق مرور إرتفاقي سريان قواعد حق الإرتفاق عليه فيصبح عبئا استثنائيا سند اكتسابه هو الحيازة، ويخضع لنظام التقادم المسقط أو المكسب، حيث يسقط بعدم الاستعمال لمدة خمسة عشر سنة، ويمكن أن يتملكه الغير بالتقادم المكسب.
كذلك إذا تصرف صاحب الحق في عقاره ببيعه مثلا نشأ على عاتقه التزاما بضمان الاستحقاق إذا كان قد ضمن خلو المبيع من حق الإرتفاق (2)، ويترتب على بقاء هذا الحق بعد مرور مدة خمسة عشر سنة تحمل مالك الأرض المجاورة هذا الحق الذي يحد من منفعة عقاره بدون أن يعارض على ذلك، لأن حقه في طلب إنهاء حق المرور بسبب زوال الحصر مقيد بمدة معينة وهي عدم مرور خمسة عشر سنة وربما أراد المشرع بتقريره الحكم الذي جاء به المشرع في المادة 699 أن يحقق استقرار وضع الأراضي لبقاء الأرض محصورة مدة طويلة.
ولقد كانت أحكام القضاء الفرنسي التي استمد منها المشرع الجزائري هذا الاستثناء محل انتقادات مستمرة من طرف العديد من المفكرين تركزت خصوصا في عدم وجود فائدة في بقاء حق المرور الذي زال سبب تقريره وهو الحصر، وأن بقاء هذا الحق لن يؤدي إلا إلى نتائج سلبية تتمثل خصوصا في خلق نزاعات مستمرة بين الجيران وعدم التسوية العادلة بين الجارين، إلى أن قام المشرع الفرنسي بإصدار القانون رقم 71-494 في 25 جوان 1971، تضمن إضافة نص المادة 685 الفقرة الأولى والذي بموجبه أصبح حق المرور للأرض المحصورة ينقضي بزوال الحصر.(3)
أخلص في الأخير إلى القول بضرورة إعادة النظر في نص المادة 699 من التقنين المدني وذلك بالنص صراحة على انقضاء حق المرور القانوني بزوال الحصر، وذلك إما بإضافة العبارة: " ما دامت الأرض محصورة عن الطريق العام " إلى نص المادة 693 من التقنين المدني مثلما فعل المشرع المصري، وإما بإضافة نص آخر يتعلق بإنقضاء حق المرور القانوني مثلما فعل المشرع الفرنسي.


خــــــاتمة :
أخلص من خلال دراستي لمختلف جوانب موضوع حق المرور القانوني في القانون الجزائري إلى القول أنه رغم الأهمية التي أولاها المشرع لهذا الموضوع بتخصيص عشر مواد قانونية للأحكام الخاصة به سواءا المتعلقة منها بقيام الحق أو تحديد الموضع الذي يتم المرور فيه، إلى جانب نصوص قانونية أخرى متعلقة بالآثار المترتبة على قيام الحق، إلا أن ما يمكن ملاحظته هو أن المشرع الجزائري رغم كل هذا لم يتوصل إلى وضع قواعد قانونية واضحة شاملة لكل جوانب الموضوع .
ففيما يخص الشروط الخاصة بقيام حق المرور القانوني فلقد أناطه المشرع بانحصار الأرض عن الطريق و جعله طبقا للمادة 693 من التقنين المدني شرط لقيام هذا الحق بل و أكثر من ذلك اعتبرت الأرض محصورة أيضاً في حالة وجود ممر غير كافي للوصول إلى الطريق العام .
و إن كان المشرع قد أحسن الفعل عندما لم يلجأ إلى تحديد نوع الاستعمال أو الاستغلال المعدّة له الأرض – سواءً كان معد للاستعمال الزراعي أو الصِّناعي أو مجرد أرض بناء – فترك المجال واسعاً للانتفاع بحق المرور والمطالبة به إلا أنه كان من الأحسن إضافة عبارة : " بالقدر اللازم لاستغلال أرضه و استعمالها على الوجه المألوف " ، تأكيدا على حق مالك الأرض المحصورة في المطالبة بممرٍ جديد على النحو المناسب و في الحدود اللاّزمة لاستغلال الأرض و استعمالها .
أما عن شرط عدم كون الانحصار راجع إلى فعل المالك فالملاحظ على ما يبدو أن الانحصار الذي قصده المشرع هنا هو ذلك الناشئ عن عمل مادي صادر من المالك بدليل ما تضمنته المادة 697 من التقنين المدني التي لم تحرم مالك الأرض من المطالبة بحق المرور القانوني إذا كان الحصر ناتج عن تصرف قانوني مؤدي إلى تجزئة العقار .

ضف إلى ذلك أن المشرع قد أصاب فعلا عند إيراده شرط سلبي يضمن ثبوت حق المرور وهو عدم تمتع المالك بحق المرور على وجه الإتفاق أو التسامح، باعتبار الأرض هنا لا تعتبر محصورة وإن اتفقت في هذا الإطار مع المشرع الجزائري عندما حرم مالك الأرض من المطالبة بحق المرور القانوني إذا كان حقه في المرور الإرتفاقي لم ينقض بعد، إلا أنني لا أوافقه الرأي فيما ذهب إليه بالنسبة لعدم التمتع بحق المرور على وجه التسامح انطلاقا من أن مالك الأرض المحصورة لا يتمتع في هذه الحالة بأي حق مستقر.
توصلت كذلك من خلال دراستي لهذا الموضوع إلى تحديد أهم الآثار المترتبة على قيام حق المرور القانوني واستنتجت أن حق المرور القانوني يرتب ذات الحقوق والواجبات المترتبة عن إرتفاق المرور، إلا ما يتعارض منها مع طبيعته كقيد وارد على الملكية وثابت بقوة القانون بقيام حالة الحصر.
لأصل بعد البحث والتمحيص إلى إبراز دور القاضي في المنازعات الناشئة عن قـيام هذا الحــق وترتيب آثاره من خلال تدخل هذا الأخير في تحديد موضع الممر وطريقة المرور، مكرسا معيار الموضع الملائم والأخف ضررا على مالك الأرض المجاورة كأصل عام.
في حين جاءت المادة 697 من التقنين المدني بالاستثناء الخاص بحالة الحصر الناشئة عن تجزئة العقار بسبب معاملة، فيكون المرور على هذا الأساس في الأجزاء المتصلة بالطريق العام، إلا أن المعاب على نص هذه المادة عدم نصها صراحة على شرط إمكانية إيجاد ممر كافي في أجزاء هذا العقار وهو أمر غاية في الأهمية.
كذلك من أهم النتائج التي توصلت إليها هو أنه إذا كان للتقادم أثر في تحديد القاعدة و الكيفية التي يتم بهما حق المرور القانوني إلا أن المسألة هنا لم تحسم بعد على مستوى المحكمة العليا ، فهناك من يعتبر استعمال الممر لمدة 15 سنة وسيلة لكسب الملكية عن طريق الحيازة في حين أن الرأي الثاني يتمسك بالتفسير الضيق لنص المادة 868 من التقنين المدني ويعتبر التقادم غير منصب على الحق ذاته و إنما على الوعاء و كيفية الاستعمال، وأنا من أنصار هذا الرأي مادام أن حق المرور مرتبط بالمنفعة التي تعود على العقار المرتفق به.
أما فيما يخص انقضاء حق المرور القانوني فالمبدأ العام أن هذا الحق يظل قائما بقيام حالة الحصر ويزول بزوالها، إلا أن المشرع الجزائري أورد استثناء على هذا المبدأ ونص في المادة 699 من التقنين المدني على بقاء حق المرور مع تحوله إلى مرور إرتفاقي في حالة ما إذا مضت مدة خمسة عشر سنة على استعمال الممر، إلا أنني أرى في هذا الإطار أن المشرع قد أثقل ملكية مالك الأرض المجاورة رغم زوال الحصر الذي يعتبر مناط وأساس تقرير حق المرور و كان عليه الموازنة بين مصالح الجارين: مصلحة مالك الأرض المحصورة ومصلحة مالك الأرض المجاورة الأمر الذي يجعلني أقول أن المشرع الجزائري قد وقع في خلط كبير بتقريره الحكم الذي جاء به في المادة 699 والذي لم يأخذ به أي تشريع مقارن آخر، فالمشرع وإن حاول ولا يزال من خلال مختلف القوانين لا سيما الخاصة منها إيجاد حلول وقائية مسبقة تفاديا لمشاكل الحصر وما قد يترتب عنها من نزاعات بين الجيران قد تنتهي في أغلبية الحالات بارتكاب جرائم واعتداءات، فكان لزاما عليه إذن مراجعة أحكام هذا الحق وتنظيمه تنظيما محكما.
وفي الأخير أشير إلى أن البحث بإسهام في هذا الموضوع هو الذي سوف يسمح بتبيان، شرح وإزالة الغموض والإلتباس الذي قد يكتنف النظام القانوني لحق المرور للأرض المحصورة خاصة وأن الأهمية العملية لهذا الموضوع لا تتجلى إلا من خلال استعراض النزاعات التي قد تثور بين الجيران بمناسبة ممارسة مثل هذا الحق، الأمر الذي جعلني أقول مؤكدة بأن وضع حد لهذه النزاعات وإيجاد الحلول القانونية والعملية الناجعة يقتضي ترك مجال البحث مفتوحا للجميع .


قائمة المـــــراجع :
أولا: المراجع باللغة العربية
1- المؤلفات :
أبو السعود رمضان :
- الوجيز في الحقوق العينية الأصلية، في أحكام ومصادر الحقوق العينية الأصلية، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1997.
الإمام أبو زهرة :
- الملكية و نظرية العقد في الشريعة الإسلامية، دار الفكر العربي ،بدون سنة.
الجمال محمد مصطفى :
- نظام الملكية في القانون اللّبناني والمقارن، الجزء الأول، المكتب الشرقي للنشر والتوزيع، بدون سنة.
السّنهوري عبد الرزاق أحمد :
-الوسيط في القانون المدني، الجزء الثامن، حق الملكية مع شرح مفصل للأشياء والأموال، دار النهضة العربية، القاهرة، 1967.
السّنهوري عبد الرزاق أحمد:
- الوسيط في القانون المدني، الجزء التاسع، أسباب كسب الملكية مع الحقوق العينية الأصليةالمتفرعة عن الملكية ( حق الإنتفاع و حق الإرتفاق )، دار النهضة العربية، القاهرة، 1968.
العطار عبد الناصر توفيق:
- شرح أحكام حق الملكية، دار الفكر العربي، 1991.
الفضل منذر عبد الحسين:
- الوظيفة الإجتماعية للملكية الخاصة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، دار الفكر العربي 1992.
حسن فرج توفيق:
- الحقوق العينية الأصلية، دار الجامعية للطباعة والنشر، الإسكندرية، بدون سنة.
سعد عبد السلام سعيد:
- الحقوق العينية الأصلية والتبعية، الجزء الأول، دار الفكر العربي، 2000.
سليمان علي علي:
- شرح القانون المدني الليبي، الحقوق العينية الأصلية والتبعية، منشورات جامعة بنغازي، ليبيا، بدون سنة .

طلبة أنور :
- الوسيط في أحكام القانون المدني، الجزء الخامس، القاهرة، المكتب الجامعي الحديث، بدون سنة.
فرج الصده عبد المنعم :
- الحقوق العينية الأصلية، دراسة في القانون اللّبناني والقانون المصري، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان 1978 .
كيره حسن:
- الموجز في أحكام القانون المدني، الحقوق العينية الأصلية، أحكامها ومصادرها، منشأة المعارف الإسكندرية، الطبعة الثالثة، 1994 .
مرقس سليمان :
- الوافي في شرح القانون المدني، المدخل للعلوم القانونية وشرح الباب التمهيدي للتقنين المدني،الطبعة السادسة، منشورات مكتبة صادر للمنشورات الحقوقية، 1998 .
يكن زهدي :
- الملكية والحقوق العينية الأصلية علما وعملاً، منشورات المكتبة المصرية، بيروت، الطبعة الثانية 1992 .

2) المحاضرات:
ملزي عبد الرحمان:
- محاضرات في الحقوق العينية الأصلية،2005.

3) الرسائل و الأبحاث :
تماني جميلة :
- حق المرور للأرض المحصورة في القانون المدني الجزائري، رسالة ماجيستير، معهد الحقوق والعلوم الإدارية، بن عكنون، الجزائر، 2000/2001.
زروني محمد :
- حق الإرتفاق، مذكرة نهاية التربص للتكوين المتخصص في العقاري، المعهد الوطني للقضاء 2001/2002.
زواوي فريدة :
- الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية في القانون المدني الجزائري والمقارن، رسالة ماجيستير معهد الحقوق و العلوم الإدارية، بن عكنون، جامعة الجزائر، 1987.

فاضلي إدريس :
- نظام الملكية ومدى وظيفتها الإجتماعية في القانون الجزائري، رسالة دكتوراه، معهد الحقوق والعلوم الإدارية، بن عكنون جامعة الجزائر، 1994 .

4) المقالات :
- بلعريبية فاطمة الزهراء: إرتفاق المرور، مجلة الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية للمحكمة العليا الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004.
- زرقين رمضان: عن بعض جوانب إرتفاق المرور، مجلة الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية للمحكمة العليا، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004.

5) القرارات :
- القرار رقم 33524 المؤرخ في 06/03/1985 المنشور في المجلة القضائية للمحكمة العليا لسنة 1990، العدد الأول .
- القرار رقم 50516 المؤرخ في 15/03/1989 المنشور في المجلة القضائية لسنة 1991، العدد الرابع.
- القرار رقم 55985 المؤرخ في 15/11/1989 المنشور في المجلة القضائية لسنة 1991، العدد الأول.
- القرار رقم 54474 المؤرخ في 15/11/1989 المنشور في المجلة القضائية لسنة 1991، العدد الثاني.
- القرار رقم 60702 المؤرخ في 18/04/1990 المنشور في مجلة تطبيقات قضائية في المادة العقارية لوزارة العدل، مديرية الشؤون المدنية، المؤسسة الوطنية للكتاب، باب الزوار، 1995.
- القرار رقم 44486 المؤرخ في 03/06/1992 المنشور في المجلة القضائية لسنة 1994، العدد الثالث.
- القرار رقم 98033 المؤرخ في 25/05/1994 المنشور في المجلة القضائية لسنة 1990، العدد الأول.
- القرار رقم 226568 المنشور في مجلة الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004.
- القرار رقم 200906 المؤرخ في 28/06/2000 المنشور في مجلة الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية ، 2004 .
- القرار رقم 225806 المؤرخ في 20/02/2002 المنشور في مجلة الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004.
- القرار رقم 224346 المؤرخ في 20/02/2002 المنشور في مجلة الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004 .
- القرار رقم 229229 المؤرخ في 22/05/2002 المنشور في مجلة الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004.
- القرار رقم 195764 المؤرخ في 26/04/2004 المنشور في مجلة الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004.
- القرار رقم 288258 المؤرخ في 23/02/2005 الصادر عن المحكمة العليا.
- القرار رقم 331228 المؤرخ في 18/01/2006 الصادر عن المحكمة العليا.

5) التشريعات :
أ- القوانين :
- القانون المدني الجزائري الصادر بموجب الأمر 75-58 و المؤرخ في 26 سبتمبر 1975، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر، 2005.
- القانون رقم 90-29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة والتعمير.
- القانون رقم 90-30 المؤرخ في 14جمادى الأولى 1411 الموافق ل 01/12/1990
- القانون رقم 03/2000 المؤرخ في 05 جمادى الأولى 1412 الموافق ل 05/08/2000
- القانون رقم 01/07 الصادر في 22 يوليو 2007 المتعلق بالأوقاف.
- القانون رقم 05-12 المؤرخ في 28 جمادى الثانية عام 1426 الموافق 04 أوت2005 المعدل والمتمم لقانون المياه.

ب- المراسيم التنفيذية:
- المرسوم التنفيذي رقم 91-454 المؤرخ في 16 جمادى الأولى عام 1412 الموافق 23 نوفمبر سنة 1991 يحدد شروط إدارة الأملاك الخاصة والعامة التابعة للدولة و تسييرها و يضبط كيفيات ذلك.
- المرسوم التنفيذي رقم 91-175 المؤرخ في 14 دي القعدة عام 1411هـ الموافق 28 ماي سنة 1991 يحدد القواعد العامة للتهيئة والتعمير والبناء.

ثانيا : المراجع باللغة الفرنسية :
1) Ouvrages :

Aubry et Rau :
- Droit civil Français, tome 3, les biens, librairie technique, Paris, 7ème edition 1968.
Planiol, Ripert et picard :
- Traité pratique de droit civil français T3, les biens, LEDJ, Paris 1927.
Vimon Jack
- Droit des biens, 1ère édition, l’hermès, 1994.

2) périodiques :
Roses louis :
-Droit de passage, JC civil, article 682 à 685-1 Fasc 55.

3) Jurisprudence :
- Cass civile, 28 juin 1997, bulletin civil, 1997.
-Cass Bordeaux, 1 ck, 9 août 1999, JCP, édition 1999 – I – 2275.

4) Dictionnaire :
Bennadji cherif :
- Vocabulaire juridique, éléments pour un dictionnaire des termes officiels, office des publications universitaires,2005.
Terki et cabbabé :
- Lexique juridique arabe-français, entreprise nationale du livre 1986.

5) Internet : sites officiels
-https:// www.courdecassation.fr/article 6400 hthl
-https://www.termiumplus.translation bureau .gc.ca/guides/juri/files/27hthl
-https:// www.chambre-isere.notaires.fr/servitud.hthl










قديم 2011-05-21, 14:20   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
للأرض, المحصورة, المرور


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc