بســـــم الله الرحمن الرحيم
مــــقدمة
إذا كانت الدولة تهتم بالتوفيق بين الحرية والمصلحة العامة فإن مهمة الدستور هي تنظيم التعايش السلمي بين السلطة والحرية في إطار الدولة. إن هذا لن يتأنى إلا بالتوفيق بين فردية الإنسان وأنانيته وحاجاته للجماعة عن طريق نصوص الدستور التي تبين حقوق الفرد وحرياته وواجبات الدولة اتجاه الجماعة.
يقول الأستاذ " بريلو" أن القانون الدستوري أداة السلطة فالقانون الدستوري حسب نظرة هو ظاهرة السلطة العامة في مظاهرها القانونية ، ولا يهم أن كان الحكم ديمقراطي أو غير ذلك باعتبار أن الأمر يدخل ضمن فصائل مختلفة في دستور نموذجي يشمل التنظيم الحكومي لمجموع الدول ، فهو علم القواعد القانونية التي بموجبها تستقر السلطة السياسية وتعمل وتنتقل .
فالقانون الدستوري يهدف الى إعطاء المؤسسات السياسية بعض الشكل والمحتوى حيث يأخذ مفهوم الحرية فيها نصيبا وافرا للتوسع في هذا المضمون تسعى للإجابة على الإشكال التالي
ماذا تعني بالدستور وماهي مصادره وأنواعه وكيف ينشأ وينتهي ؟ وماهي مختلف الجرائم المرتكبة ضده مع ذكر أشكالها وعقوباتها ؟
سنحاول الإجابة على هذا التساؤل وتحديد مختلف المفاهيم والأشكال المطلوبة في ظل اتباع المنهجية التالية .
الفصــل الأول : مــــاهية الدستور
المبحث الأول : تعريف القانون الدستوري ومصادره
قبل التطرق للتعاريف المختلفة للقانون الدستوري يقتضي منا البحث التعرض واو بإنجاز لمعرفة القانون الدستوري والمعاني المختلفة للدستور .
المطلب الأول : المعاني المختلفة للــدستور
يتفق أغلب الفقه على أن القانون هو ذلك الموضوع الذي ينظم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد من أجل ضمان العدالة بينهم .
ومن المعروف أن القانون ينقسم إلى قسمين ، القانون الخاص Privé والقانون العام أو العمومي Public .
فالقانون الخاص ينظم العلاقات الخاصة بين الأفراد كعلاقات البائع مع المشتري والمؤجر مع المستأجر ، أما القانون العام فهو الذي ينظم العلاقات التي يمكن أن تقوم بين أحد الأشخاص المعنوية العمومية Personnes morales publiques واحد الأشخاص الخاصة الطبيعيين أو الأشخاص المعنوية العمومية ( شخص واحد أو أكثر) ومن الأمثلة على هذه التصرفات قيام الدولة بنزع الملكية شخص من أجل تحقيق منفعة عامة أو تعاقدها مع مقاول للقيام بأشغال لصالحها أو توريد أشياء لها مقابل مبلغ معين أو نقل ملكية من شخص الى آخر كما هو الشأن بالنسبة لنقل طريق مملوك للولاية أو البلدية أو الدولة أو العكس .
ومن بين فروع القانون العام القانون الدستوري الذي يحدد شكل النظام السياسي للدولة والذي يجد أهم قواعده في الدستور الذي يحمل معاني مختلفة لغوية وسياسية وقانونية
1- المعنى اللغوي :
نعتقد مع جميع الفقهاء أن عبارة " دستور " ليست عربية وأن معناها هو القانون الاساسي، غير أن هذا الاصطلاح العربي اختلف بشأنه ، فنجد بعض الدول قد استعمله للدلالة على معنى الدستور كالعراق مثلا في دستور 1925 وإيران في دستور سنة 1979 ، في حين أن البعض الآخر يستعمله للدلالة على قوانين لا تصل الى مرتبة الدستور ، ولكنها تعد أساسه باعتبارها تتضمن مبادىء عامة تتناولها بالشرح أو التفسير قوانين أخرى ومثل ذلك القوانين الأساسية في الجزائر ( القانون الاساسي العام للعامل مثلا) . والحقيقة أن مصطلح دستور المستعمل الآن في معظم الدول العربية يقابله بالفرنسي والإنجليزي مصطلح constitution الذي يعني التأسيس أي النظام أو القانون الأساسي ، ونتيجة هذا الإختلاف يفضل استعمال اصطلاح الدستور لما يحمله من معاني السمو ومظاهر الاحترام .
فالدستور لغة هو إذن مجموعة القواعد الأساسية التي تبين كيفية تكوين وتنظيم الجماعة، ولا يشترط فيه أن يكون مكتوبا أو عرفيا ، لذلك فإن الدستور بهذا المعنى يوجد في كل جماعة ، من الأسرة ، حتى الدولة وأن هذا المعنى الواسع غير محدد وغير دقيق لكونه يحتوي على معاني يمكن التصرف الى كل تنظيم يمس أية مجموعة بشرية، في حين أن المعنى الحقيقي للدستور هو الوثيقة المنظمة للدولة وشؤون الحكم .
2- المعنى السياسي :
لقد تضمن إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789 شروطا حسب توافرها في الدستور وتتمثل في تضمينه لحقوق الإنسان وحرياته وضمانات ممارستها إلى جانب ضرورة الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات حتى لا تتداخل اختصاصاتها وتقضي بذلك على السلطة المطلقة
وإذا أخذنا مما سبق ذكره فإن الدستور هو تلك الوثيقة التي تتناول كيفية تنظيم السلطة السياسية في الدولة على أساس الفصل بين السلطات، وتتضمن حقوق وحريات الأفراد وضمانات ممارستها باعتبارها قيودا على سلطة الحكام عليهم احترامها وعدم الاعتداء عليها.
3- المعنى القانوني :
من المعروف أن الأفراد في حاجة الى قواعد قانونية تنظم العلاقات فيما بينهم، وكذلك الحال بالنسبة للدولة، فهي في حاجة الى قواعد تنظم شؤونها ، وعلاقاتها ، وأن الحكام عندما يمارسون وظائفهم واختصاصاتهم لا يفعلون ذلك باعتبارهم يمارسون حقوقا أو امتيازات شخصية ، وانما اختصاصات أو وظائف منظمة ومحددة بقواعد دستورية تستمد القواعد القانونية الأخرى وجودها وشرعيتها .
المطلب الثاني : الدستــــور
تعتبر المصادر ذات أهمية بالغة في النظرية العامة للقانون لأنها منبع القواعد القانونية ، فالمقصود بالمصدر لغة هو المكان الذي ظهر فيه الشيء بعد أن كان خفيا، أما في موضوعنا فإن المقصود بالمصدر له عدة معاني ما يهمنا منها هو المصدر الرسمي الذي يضفي على القاعدة القانونية الصفة الإلزامية ، والمصدر الموضوعي ( أو الصادر أو الحقيقي ) الذي تستمد القاعدة القانونية منه مضمون خطابها أو موضوعها .
والقول بهذا يعني أن المصدر الرسمي يأتي دائما بعد المصدر الموضوعي أو المادي لأن القاعدة لا تكتسب الصفة الإلزامية إلا اذا مرت بمراحل معينة تختلف باختلاف المجتمعات وتأثير العوامل عليها .
والمتفق عليه كما سبق أن رأينا أن سلوك الأفراد يتطور بتطور المجتمع فقد يتحول إلى عرف ثم يتحول إلى قاعدة مكتوبة بظهور الدولة، واذا كانت الأعراف هي السائدة في الماضي كقواعد تحكم العلاقات بين الأفراد ، فإن تدخل الدولة قد كان عاملا مؤثرا في الإكثار من القوانين لتنظيم أمور المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما استنبع تراجع العرف الى المرتبة الثانية واختلال التشريع للمرتبة الأولى كمصدر أول للقوانين .
وسوف لن نخوض في التفاصيل ونقتصر لأهم المصادر المتمثلة في التشريع والقضاء والعرف والفقه .
1- التشريع : législation
يقصد به النصوص القانونية المدونة والصادرة عن هيئة خاصة وفقا للإجراءات معينة وعادة ما نسمي هذه السلطة بالسلطة أو المؤسسة التشريعية على أن القواعد التشريعية هي الأخرى تخضع لمبدأ التدرج إذا كنا بصدد دستور جامد ، ذلك أن تعديله يخضع لإجراءات خاصة تختلف عن تعديل التشريع العادي مما يضفي على التعديل الأول صبغة قانونية أسمى من التعديل الثاني .
وعليه فإن التشريع العادي يخضع للتشريع عبر العادي ، وقد ازدادت أهمية التشريع كمصدر القوانين نتيجة لتزايد الدولة وتعقيد نشاطها بالتالي وزيادة ارتباطها بالأفراد والجماعات والدول .
2- القضاء Jurisprudence
هو تلك المجموعة من الأحكام التي أصدرتها المحاكم بشأن تطبيق القانون على ما يعرض عليها من منازعات .
وتنقسم أحكام القضاء إلى قسمين :
القسم الأول : وهو الذي لا يخرج عن كونه تطبيقا للقانون ويسمى بالأحكام العادية .
القسم الثاني : وهو الذي يتضمن مبادئ لم يتعرض لها القانون أو تضع جدا لخلاف في القانون ، تسمى الأحكام الأساسية .
واذا قلنا بأن القضاء مصدر من مصادر القانون الدستوري ، فإن علينا أن نميز بين الدول ذات الدساتير العرفية كانجلترا ، والدول ذات الدساتير المكتوبة كالجزائر وفرنسا، ففي انجلترا يعتبر القضاء مصدرا رسميا لما ينشئه من سوابق قضائية بشأن القضايا المطروحة أمامه أو التي تطبق فيما بعد على القضايا المشابهة لها من طرف المحاكم ذات الدرجة الواحدة أو الأدنى منها.
ومن الدول التي تأخذ بالسوابق القضائية ، الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا ونيوزلندا ، أما فإن القضاء كمصدر ضعيف جدا في المجال الدستوري ، نظرا لأن المحاكم غير مقيدة بأحكامها التي تصدرها تلك الأعلى منها في الدرجة .
3- العرف la coutume
يقصد بالعرف " اتباع الناس سلوكا معينا في موضوع معين بصفة مضطرة ولمدة طويلة ، يجعل الناس يشعرون الإلزامية كالقانون المكتوب " ويتضح مما سبق أن هناك ركنان للعرف : مادي ومعنوي .
فالركن المادي يفيد اتباع الأفراد سلوكا معينا في تصرفاتهم بصفة مطردة ، أما الركن المعنوي فيعني استقرار الإحساس في ضمير الجماعة بأن ذلك السلوك أصبح ملزما لهم فيغير الاعتقاد بإلزاميته لا تكون بصدد عرف بمعناه القانوني .
ويشترط في العرف أن يكون عاما وقديما وثابتا ، وأن لا يكون مخالفا للقوانين والآداب العامة .
أ- العرف المفسر Interprétative
هو الذي يهدف الى تفسير نص من نصوص الدستور ، فدوره هنا ليس انشاء أو تعديل قاعدة دستورية، وانما يبين كيفية تطبيق قاعدة معينة غامضة إلا أن هذا التفسير يصبح جزءا من الدستور فيكتسب صفة الإلتزام .
ومن الأمثلة على ذلك جريان العرف على أن لرئيس الجمهورية الفرنسية طبقا لدستور 1875 أن يصدر اللوائح استنادا الى المادة الثالثة التي تنص على أن رئيس الجمهورية يكفل تنفيذ القوانين .
ب- العرف المكمل Complémentaire
هو الذي ينظم موضوعات لم يتناولها الدستور بحيث يسد الفراغ الموجود في الدستور ، ونظرا لكونه كذلك فإنه يختلف عن العرف في كونه لا يستند على نص دستوري في ظهوره .
ج- العرف المعدل modificatrice
يراد بتلك القواعد العرفية التي تغير في أحكام الدستور إضافة أو حذفا ومن أمثلة العرف المعدل في شكل إضافة ما جرى به العمل في الاتحادات الفدرالية من زيادة في سلطات الحكومات المركزية على حساب السلطات المحلية وأن يتولى رئاسة الدولة في لبنان ماروني والوزارة سني والبرلمان شيعي، رغم أن الدستور لا ينص على الطائفية في لبنان فجاء العرف بها مكملا الدستور .
4- الفقه Doctrine
يقصد بالفقه الدراسات رسميا للدستور ، وإنما مصدرا تفسيريا يستأنس به في تفسير الدستور وبيان كيفيان سنه ، فضلا عن قيام رجال الفقه بشرح وتبيان محاسن وعيوب هذه الدساتير ، كما أنه يهتم بدراسة وتحليل الأحكام القضائية لما لها من تأثير على مسار القواعد الدستورية .
المطلب الثالث : الأسباب والدوافع الأساسية لوضع الدستور
إن انهيار الحكم الملكي المطلق بعد الثورات وسيطرة البرجوازية على السلطة إلى جانب ظهور فكرة القومية وانحسار الاستعمار كانت من الأسباب والدوافع الرئيسية في دسترة أنظمة الحكم ، وكان عرض شعوب تلك الأنظمة ، إثبات سيادتها الداخلية واستقلاليتها ، وذلك بواسطة تنظيم الحياة السياسية بوضع دستور بين السلطات وعلاقاتها في الدولة الجديدة وعلاقاتها بالمحكومين والدول الأخرى
وأن هذه الدول بوضع الدستور تؤهل نفسها لإقامة حوار بين السلطة والحرية فكأنها تعلن للغير بأنها وصلت إلى مرحلة النضج السياسي ، ولها الحق في الانضمام للمجتمع الدولي لأنها طالبت بذلك دون أن يكون لها دستور .والذي لا شك فيه أن وضع الدستور يفيد كقاعدة عامة ، الرغبة في التنظيم العقلاني للدولة، لأن العملية الدستورية عندما تأخذ كامل معناها ومداها تبدو فعلا وكأنها تجديد لتأسيس الدولة يجري هذه المرة بمساهمة الأمة مساهمة ناشطة وواعية ، وهذا لن يكون إلا اذا وعت الأمة وحدتها وقوتها فتضع المبادىء الموضحة التي تتحكم في تنظيم وسير عمل السلطات السياسية كما توضح المبادىء التي تكرس حقوق الأفراد ومركزهم في المجتمع وعلاقاتهم بالدولة
ظهور الدساتير :
اذا كان البعض يرى بأن الحركة الدستورية أول أول بداية لظهور الدستور تعود إلى القرن الثالث عشر وبالتحديد سنة 1215 عندما منح بذلك الملك جان ستير J.Sans Terre الميثاق الأعظم للنبلاء الإنجليز الثائرين عليه .
واذا كان البعض الآخر يرى بأن هذا الميثاق لا يتضمن تنظيما للسلطات السياسية وانما اعترفا ببعض الحريات فقط ، وبالتالي فإنه لا يمكن اعتباره بمثابة البداية الأولى لظهور الدستور مؤكدين بأن تاريخ ظهور الحركة الدستورية الأولى بدأت تظهر معالمها في القرن السابع عشر عندما وضع الجناح المؤيد لكرومويل " les puritains" O.Cromwell في المجلس العسكري دستورا، وإن كان البرلمان وكرومويل ذاته لم يساندا ذلك المشروع فبقى كذلك بحيث لم يعرض على الشعب ، وإن كانت بعض نصوصه اعتمدت فيما بعد لتنظيم السلطة وعدت فيما بعد مصدرا لتنظيم السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية .
واعتمادا على فكرة العقد الاجتماعي والفلسفة الحرة التي تتطلب وضع دستور يعتمد على الإدارة الشعبية ، واقتداءا بالولايات المتحدة الأمريكية توسعت الحركة الدستورية في أوروبا بعد الثورتين الصناعية والسياسية والقضاء على الحكم المطلق وبقى مفهوم الدستور محافظا على أسسه الإيديلوجية الى أن جاءت الثورة الروسية التي كان لها دور في تغير الفكرة الدستورية والقانونية باعتبارها مظهرا خارجيا ونتاج علاقات الانتاج فهي نصوص تعكس ماهو قائم من صراع بين الطبقات مما يستدعي ضرورة مسايرتها للتغيرات التي يعرفها المجتمع ( ظهرت عدة دساتير 1918-1924-1936-1977 ) .
واعتبارها بمثابة تقييم المرحلة معينة من حياة المجتمع الاشتراكي .
واذا كان المفكرون غير المسلمين ومعهم كثير من المسلمين يقرون بأن الدستور المكتوب الأول ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية ، فإن الحقيقة غير ذلك ، فالدستور المكتوب الأول هو تلك الوثيقة التي أعدها رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، التنظيم أحوال دولة المدينة بعدما انتقل إليها من مكة فقد تضمنت مقدمة تنص على الوحدة السياسية الإسلامية وتحدثت عن التكافل الاجتماعي والعدالة وتنظيم القضاء والمبادىء الجزائية كشخصية العقوبة ووضحت وضعية الأقليات الدينية ، كما نصت على العديد من الحقوق والحريات ومنها حرية العقيدة والرأي وحق الملكية والأمن والسكن ، فكان بذلك أول الدساتير التي اعترفت بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية في آن واحد وهو موضوع الخلاف الحاد في القرن العشرين بين النظريتين المعروفتين في العالم حيث تزعم الليبرالية بأن الماركسية لا تعترف بالحريات السياسية وحق الملكية ، في حين ترى الماركسية أن الانظمة الليبرالية لا تعترف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية كالحق في الصحة والسكن والضمان الاجتماعي .
ومهما كان تاريخ ومكان ظهور أول دستور في العالم فإنه يجب التفرقة بين نوعين من النصوص المكتوبة ظهرت اثناء الثورتين الأمريكية والفرنسية والتي تعبر عن المبادىء الاساسية للدولة .
فهناك إعلانات الحقوق كإعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية وإعلان الحقوق الصادر عن عدد من دول أمريكية ( شكلت الاتحاد الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية ) مثل إعلان الماشوست سنة 1780 والإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789 وهي النصوص التي تبين حقوق الإنسان الطبيعية الواجب على الدولة والأفراد احترامها .
وهناك الدساتير وهي المتعلقة بتحديد كيفية تنظيم السلطات العمومية والبناء الأساسي للدولة .
والمتفق عليه أن الوثيقتين متكاملتين نظرا لأن الأولى تأتي كديباجة للثانية التي بدأت تفقد مفهوم العقد الاجتماعي لصالح المفهوم القانون الملزم لكل الأطراف حاكمين ومحكومين وإن كان هذا ما هو إلا نتيجة للدور الذي أصبحت تلعبه الثقافة في التأثير على القواعد القانونية التي يجب أن تكون نابعة ومعبرة عن الثقافة السائدة في المجتمع .
المــــبحث الثاني: أنواع الدساتير
المــــطلب الأول : أنواع الدساتير
1- الدساتير المدونة :
يقصد بذلك الدستور المدون في وثيقة أو عدة وثائق معينة، كدستور السنة الثالثة الفرنسية 1875 الذي صدر في ثلاث وثائق تتضمن المبادىء والقواعد التي تنظم السلطات العامة في الدولة ، وقد اعتنقت غالبية الدول هذه الطريقة حيث لا نجد في العالم دولة لها دستور عرفي باستثناء انجلترا ، ولعل السبب في اللجوء الى أسلوب الدساتير المكتوبة يعود الى حاجة الدول حديثة الاستقلال لتنظيم شؤونها وبناءا حكم يسوده الاستقرار تجنبا للفوضى ، كما أن اية حركة تستولى على الحكم تضع دستورا جديدا محل الدستور السابق ، والى جانب ذلك فإن هناك من الدول التي لا يمكن أن تضمن بقاءها ووحدتها إلا بوضع دستور مكتوب ، وهذا هو حال الدول المتحدة مركزيا أو فيدارليا ، وذلك لأن ضرورة بقائها تستدعي بيان اختصاصات المحلية أو المركزية حتى لا تتحول الى دولة بسيطة أو تنفصل إلى عدة دول .
2- الدساتير العرفية
يقصد بها الدساتير غير المدونة والتي نشأت عن طريق العرف نتيجة اتباع السلطات العامة في الدولة عند تنظيم شؤون الدولة سلوكات معينة استمرت لمدة طويلة فتحولت الى عرف دستوري ملزم بالنسبة لهذه السلطات .
ومن الأمثلة على الدساتير العرفية الدستور الإنجليزي.
والذي يلاحظ أن هذه الدساتير كانت هي السائدة في العالم إلى أن صدر أول دستور في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1787 ، ثم تبعته معظم الدول الأخرى ، ومن أمثلة القواعد العرفية في انجلترا تلك الخاصة بتشكيل الوزارة وممارسة سلطاتها ، حيث تلتزم الملك بتعيين رئيس الحزب الفائز في الانتخابات على رأس الوزارة الذي يلتزم هو الآخر بدوره بتعيين مساعديه من بين أعضاء حزبه الا استثناء وضرورة أن يكون الوزراء أعضاء في أحد مجلسي البرلمان ( اللوردات والعموم ) ، كما أن هناك قواعد عرفية يتقيد بها الملك في ممارسة سلطاته الدستورية ، حيث أنه لا يستطيع ممارستها إلا بعد استشارة وزارته .
3- الدستور المرن Souple
يقصد بالدستور المرن ذلك الذي يمكن تعديله باتباع الإجراءات المحددة لتعديل القانون العادي ، وأن السلطة التي تتولى ذلك هي ذات السلطة التي تسن القوانين العادية أي السلطة التشريعية ، ويمكن القول بأن غالبية القواعد الدستورية العرفية تعتبر مرنة لا يشترط عند تعديلها أية اجراءات خاصة تختلف عن تلك المتبعة بشأن القوانين العادية
وقد عيب على هذه الدساتير تأثرها بالأغلبيات البرلمانية والأهواء السياسية والحزبية لسهولة تعديلها .
4- الدستور الجامد Régide
يقصد بذلك الدستور الذي لا تعدل نصوصه أو جزء منها إلا بإتباع إجراءات خاصة عبر تلك المنبعة في تعديل القوانين الأخرى ، ولعل السبب في ذلك هو المحافظة على ثباته واستقراره تجنبا للتعديلات السريعة غير المدروسة .
والذي لا شك فيه أن الدساتير الجامدة تنص عادة على طريقتين للتعديل هما :
- أن لا يتم التعديل إلا بإجراءات خاصة ، أو أن يكون التعديل محظورا لمدة زمنية أو مطلقا .
المطلب الثاني : مبدأ تدرج القوانين وسمو الدستور
بينا أن الدستور هو القانون الأسمى في الدولة ، وهذا يعني أنه يحتل المرتبة الأولى في قوانين الدولة التي عليها الالتزام والتقيد بما ورد فيه من أحكام ، وبذلك يتحقق تطبيق مبدأ الشرعية الذي يعني تقيد وخضوع الحكام والمحكومين لقواعد القانون والعمل بموجبها ، كما يعني التنفيذ بمبدأ تدرج القواعد القانونية ، حيث يخضع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى منه درجة وبالتالي لا يجوز أن يتعارض قانون عادي مع أحكام الدستور كما لا يصح أن يتعارض تشريع فرعي صدر من السلطة التنفيذية مع تشريع عادي أو دستوري.
والقول بهذا التدرج يستنبع ضرورة التفرقة بين القانون الدستوري والقانون المدني سواء من ناحية الموضوع أو الشكل .
فمن ناحية الموضوع نجد أن الدستور هو مصدر كل النشاطات القانونية في الدولة ، فهو يحتوي على قواعد قانونية أساسية تستمد منها القوانين العادية مصدرها وتتقيد بمضمونها وإلا عدت غير شرعية .
كذلك فإن هذه القواعد تحدد السلطات العمومية في الدولة واختصاصاتها والتي عليها الإلتزام بما هو وارد في الدستور ، بحيث يجوز لإحدى الهيئات أن تتنازل عن اختصاصاتها لأن في ذلك مخالفة للدستور وتحريف لنصوصه .ويترتب على هذه التفرقة مايلي :
1- ثبات القوانين الدستورية بالنسبة للقوانين العادية :
وهذا الثبات نسبي لأن طلاقه يتجافى والمنطلق والتطور ويهدر سيادة الشعب ، فهو يقتصر على ضرورة مراعاة اتباع اجراءات خاصة عند تعديله بما يكفل استقراره وعدم جعله وسيلة في يد الحكام يتصرفون ويعدلون بما يتماشى وأهوائهم ونزواتهم الشخصية .
2- أن القوانين الدستورية لا تلغى إلا بقوانين دستورية أخرى
إن هذه النتيجة تعني أنه لا يمكن تعديل أو الغاء القوانين الدستورية إلا بقوانين ذات الدرجة والمرتبة، غير أن هذه القاعدة لا تطبق إلا في الحالات السليمة ، أما في حالات الثورات فإن نجاحها يعني سقوط تلك الدساتير نظرا لوقوف الشعب مع الثورة أو أنه هو الذي قام بها ، وهذا لا يعني قبوله لإلغائها صراحة أو ضمنا .
3- تقرير مبدأ دستورية القوانين
ومعناه أن تصدر القوانين العادية متماشية مع أحكام الدستور ، كما أن تطبيق هذا المبدأ يؤدي الى تقرير مبدأ التزام السلطات العامة في الدولة وأعمالها بنصوص الدستور ، والقول بهذا يدفعنا الى طرح التساؤل التالي : اذا حدث أن صدر قانون مخالف لدستور فكيف تكفل ضمان احترام احكام الدستور وإلغاء هذا النص المخالف ، وما دامت السلطة التشريعية هي صاحبة الاختصاص في التشريع وفقا للدستور ، فإنه لا يتصور حسب وجهة نظرنا ، أن تقوم هذه السلطة بمراقبة نفسها بنفسها على أحسن وجه ، وأن اطلاق سلطتها وعدم تقييدها معناه السماح لها بالإعتداء على اختصاصات غيرها من السلطات المحددة في الدستور ، لذلك وجب وضع نظام للمراقبة على مدى مطابقة أعمال السلطات التي حددها الدستور مع أحكام هذا الأخير لوضع حد لإحتمال أي تجاوز من اية سلطة لاختصاصاتها .
4- تقرير رقابة دستورية القوانين :
المتفق عليه أن المراحل التي تمر بها عملية التشريع حتى تكتسب صفة القانون تحدد من قبل الدستور فضلا عن تحديد الجهة أو الجهات المختصة بذلك والقيود المفروضة عليها .
المطـــلب الثالث : نــــهاية الدساتير
من المعلوم أن النصوص الدستورية تمثل الفكرة القانونية السائدة لدى الجماعة السياسية والتي تتماشى مع المؤسسات القائمة في الدولة، إلا أن نصوص الدستور هاته أحيانا بمرور الزمن يتجاوزها العصر وتصبح غير متماشية مع الوضع السياسي والاقتصادي والإجتماعي الذي وصل إليه المجتمع ، مما يؤدي الى بروز فكرة جديدة ، تتمثل في ضرورة إلغاء الدستور والذي يأخذ شكلا سلميا عاديا وفقا لما هو محدد في الدستور من أساسه أو يأخذ شكلا غير عادي يتمثل في الخروج عن النصوص المحددة لكيفية تعديله أو إلغائه .
1- الأسلوب العادي
يكون ذلك وفقا لما حدده الدستور ، فتقوم السلطة المحددة بإلغائه .
ومن المعلوم أن الدساتير قد تكون مرنة أو جامدة ، وأن الأولى لا تثير أي اشكال بالنسبة لتعديلها ، نظرا لأن السلطة التي تقوم بتعديلها هي ذات السلطة التي تسن القوانين العادية ، أي السلطة التشريعية ، أما الدساتير الجامدة فالوضع بالنسبة لها يختلف عن الدساتير المرنة، حيث يتطلب الدستور لتعديله أو الغائه اتباع إجراءات خاصة ومعقدة عن اجراءات تعديل أو الغاء القوانين العادية .
وقد تضمنت معظم الدساتير الجامدة طرق تعديلها جزئيا دون الإلغاء الكلي الذي يترك أساسا للشعب ، والغرض من ذلك تقييد السلطة المكلفة بالتعديل .
2- الأسلوب غير العادي
لعل السبب في الإلتجاء لهذا الأسلوب لإلغاء الدستور يتمثل أما في جموده جمودا مطلقا مما يجعله لا يتماشى والتطور نتيجة عدم امكانية ادراج بعض المبادىء والأفكار العامة التي تخفف من جموده المطلق بما يتماشى مع العصر ، وأما كونه جامدا نسبيا ، غير أن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أصبحت مهلهلة لا يصبح إجراء أي اصلاح إلا بتغير جدوى بإقامة مؤسسات جديدة على انقاض السابقة .
وهذه المهمة تقوم بها القوى المعارضة للنظام القائم وسيلتها في ذلك الثورة الشاملة ، إلا أنها قد تكتفي بإجراء تعديلات على القوانين بما يتماشى والعصر ، وقد يصل إلى حد الإكتفاء بتغير الأشخاص الحاكمين فقط دون تغيير آخر يذكر .
وسوف نتعرض فيما يلي للأسلوب الثوري باعتباره أكثر الأساليب المتبعة في الغاء الدستور ومقارنتها مع الانقلاب والاصلاح والحرب التحريرية ومقاومة الطغيان .
الفصــــل الثاني : الجرائم ضد الدستور الجزائري
المبــــحث الأول :
المطـــلب الأول : الدساتير التي عرفتها الجزائر
المعروف على النظام السياسي الجزائري أنه نظام مر عبر مرحلتين هامتين من حيث التوجه السياسي والإيديلوجي ، ومن ثمة فلقد اعتمدت الجزائر منذ استقلالها أربع دساتير دستور 28 أوت 1963 ، ودستور 22 نوفمبر 1976 وكلاهما دساتير وبرامج ودستور 23 فيفري 1989 ، دستور 28 نوفمبر 1996 وكلاهما دساتير قانون .
فالجزائر خلال الفترة المعتمدة من 1963 الى غاية اعتماد دستور 1989 ، والتي عرفت كما سبق وأن أشرنا إليه أعلاه دستوري 1963 و1976 لم تعتمد ما يعرف ضد رجال القانون بالخصوص الإخصائيين في القانون الدستوري بمبادىء الدولة الشرعية أو دولة القانون وبالأخص عدم اعتماد مبدأ الفصل بين السلطات ، ولا مبدأ سمو الدستور ، ولا الحكومة الشرعية الناجمة عن الاختيار الحر للشعب صاحب السيادة في الدولة، ولا التعددية الحزبية بل تعتمد على سياسة الحزب الواحد ولا الرقابة على دستورية القوانين القضائية منها ..
- دستور 22 نوفمبر 1976
فلقد اعتمد نفس الأطر والمبادىء المعتمدة في دستور 1963 لاشتراكهما نفس الايدلوجية ونفس السياسة ونفس النظام الدستوري ، لكن ما يميز دستور 1976 كونه خصص الفصل الرابع منه للحريات الاساسية وحقوق الإنسان والمواطن تضمن 35 مادة ، بدأ بالمادة 39 التي تنص صراحة على " تضمن الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن ، كل المواطنين متسامين في الحقوق والواجبات يلغى كل تمييز قائم على الأحكام مسبقة تتعلق بالجنس أو العرق أو الحرفة . " والفقرات الثلاث تأكيد على اعتماد الجزائر دستوريا لأهم الحريات والحقوق ، كما سوف نبينه بعد حين مع التركيز على مبدأ المساواة لكل المواطنين المادة 41 ، وقد أكد المشرع الجزائري مبدأ المساواة في متن المادة 42 ملغيا كل تمييز مبني على الجنس حيث جاء في المادة " يضمن الدستور كل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة الجزائرية ، والمادة سابقة حميدة في الدستور الجزائري مقارنة خاصة مع الدساتير العربية في مجملها ، حيث فتحت الباب على مصرعه على اقتحام المرأة الميدان السياسي الذي لا يزال لحد الآن حكرا على الرجال في الكثير من الدول العربية .
ومما لا شك فيه أن الجزائر دخلت الديمقراطية من بابها الواسع ، وذلك بعد الأحداث الأليمة التي عرفتها في أكتوبر 1988 والتعديل الدستوري لعام 1988 الذي أدخل ولأول مرة ازدواجية السلطة التنفيذية ومن خلال هذا تأسيس منصب رئيس الحكومة والمسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان ومن ثم الرقابة المتبادلة بين الحكومة والبرلمان .
- دستور 23 فيفري 1989
اعتبر دستور 23 فيفري 1989 من قبل الكثير من الإحصائيين والاساتذة ورجال السياسة من أحسن إن لم يكن الأحسن ، الدساتير في الوطن العربي وحتى العالم الثالث ، كما اعتبر راندا في مجال حقوق الانسان والحريات العامة والفردية ومثالا يقتدي في مجال الحريات السياسية .
ومعلوم أن انتقال الجزائر من عهد النظام الدستوري المبني على الأحادية الحزبية ودستور برنامج الى النظام الدستوري المبني التعددية الحزبية ودستور قانون يستوجب الوقوف عند مقومات أو مبادىء مايسمى بدستور قانون كما سبق وأن فعلنا مع دساتير برامج .
فالدستور قانون هو ذلك الذي يقوم على مبدأ سمو الدستور ، على مبدأ الفصل بين السلطات على الحكومة الشرعية المنبثقة عن الإرادة الحرة للشعب في إطار الانتخابات التعددية الحرة باعتباره صاحب السيادة ، على استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية ، التعددية الحزبية والرقابة على دستورية القوانين .. هذا وخصص دستور 23 فيفري 1989 الفصل الرابع من الباب الأول منه للحقوق والحريات تضمنتها ( 29) مادة اذ نص في المادة 31 على أن " الحريات الاساسية وحقوق الإنسان والمواطن مضمونة ، وتكون تراثا مشتركا بين جميع الجزائريين والجزائريات .. " بل أن المشرع الدستوري وفي المادة الموالية أورد ضمان هذه الحريات والحقوق عن طريق تأسيس الدفاع عنها فرديا وجماعيا المادة 32، وأقر العقاب على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات المادة 34 ....
لكل ما سبق ذكره اعتبر دستور 1989 من أرقى الدساتير وأحسنهم في الوطن العربي حيث تتوفر فيه قانونيا كل مقومات دولة القانون أو الدولة الشرعية وانفتاحه على الديمقراطية والتعددية الحزبية .
دستور 28 نوفمبر 1996
في البداية لا بد أن نشير أن دستور 1996 لا يعد دستورا جديدا بالمفهوم الاصطلاحي للكلمة وانما هو تعديل للدستور 1989 طبقا لأحكام الواردة في الباب الرابع المتعلق بالتعديل الدستوري وتحدده المواد من 163 الى 167 ، هذا وقد جاء دستور 1996 لمعالجة وضع دستوري أو فراغ دستوري لوحظ في حالة تزامن استقالة رئيس الجمهورية وحل المجلس الشعبي الوطني ، اضافة لنية المشرع الدستوري في ارساء مؤسسات دستورية أخرى عساها تضيف المزيد من ضمانات بناء دولة القانون ، كإحداث ولأول مرة في الجزائر برلمان ذو غرفتين المادة 98 المجلس الشعبي الوطني المنتخب من قبل الشعب في الإقتراع العام المباشر والسري من بين الشخصيات والكفاءات الشعبية البلدية والولائية ، ويعين رئيس الجمهورية الثلث 1/3 الآخر من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية وفق ما جاءت به المادة 101/2 من جهة أخرى أسس المشرع الدستوري ولأول مرة كذلك ازدواجية السلطة القضائية ، حيث أسس بموجب المادة 152/2 مجلس الدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية بالموازرة مع المحكمة العليا المقومة لأعمال المجالس القضائية والمحاكم ، كما أنشأ دستور 1996 ولأول مرة كذلك محكمة عليا للدولة تختص بمحاكمة رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يمكن وصفها بالخيانة العظمى ، رئيس الحكومة عن الجنايات والجنح التي يرتكبها بمناسبة تأديتهما مهامهما وذلك في صلب المادة 158 .
وأخيرا ودائما في مجال ما أحدثته دستور 1996 يمكن الإشارة للقوانين العضوية التي دخلت المعجم القانون الجزائري لأول مرة وذلك في المادة 123 حيث جاء النص عليها عن طريق الحصر أولا ثم وجوب المصادقة على هذه القوانين بالأغلبية المطلقة للنواب في المجلس الشعبي الوطني وبأغلبية أعضاء مجلس الأمة ، بالإضافة لعرضها على المجلس الدستوري لمراقبة مدى دستورها مباشرة وقبل دخولها حيز التنفيذ .
المطلب الثاني : تعريف الجرائم وتقسيماتها
تعريف الجريمة :
ينظر للجريمة من الناحية الاجتماعية كل فعل خاطئ مخالف للآداب و الأخلاق أو العدالة في المجتمع، ويشمل ذلك كل إخلال بنظام الجماعة أو الإصرار بمصالح أو حقوق الأفراد أو المساس بالقيم وبالمعنى العام فإنها كل سلوك يعاقب عليه اجتماعيا.
وينظر للجريمة بالمفهوم القانوني كل مخالفة لقواعد القانون الوضعي المعمول به سواء كانت هذه القواعد متعلقة بالقانون الجنائي أو غيره من القوانين.
تعريف الجريمة بالمفهوم الجنائي : لم تعرف القوانين الجنائية المختلفة الجريمة، وذلك لعدم أهمية التعريف ولوجود قاعدة اجتهاد مع وجود النص.
وقد عرفها الدكتور نجيب حسني "كل فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية ويقرر له القانون عقوبة أو تدابير أين "هناك تعريف يقول" أنها كل فعل امتناع يمكن إسناده لمرتكبه ويقرر له عقوبة جنائية".
ومهما اختلفت التعريفات فإنها جميعها تعتبر محاولة لوضع تعريف شامل يشمل كل الجوانب المتعلقة بالجريمة وعليه فتعرف الجريمة بالمفهوم الجنائي" هي كل سلوك إيجابي أو سلبي يجرمه القانون ويقرر له عقوبة أو تدابير أين باعتباره سلوك يشكل اعتداء على مصالح فردية أو اجتماعية يحميها القانون الجنائي".
التعريف اللغوي للجريمة : هي قطع الشيء ويقال الجريم الثمر اليابس والجرامة ما سقط من ثمر النخل والجريمة النواة للثمر.
- أنواع الجرائم : هناك عدة تقسيمات للجرائم من أهمها ما يلي :
1- الجريمة المدنية : تطرقت المادة 124 من القانون المدني لتعريف الجريمة المدنية على أنها كل فعل يأتيه الإنسان فيسبب خطأه ضررا للإنسان فيلتزم بتعويضه، فالجريمة المدنية قوامها عنصر الخطأ والضرر فلا تقوم إلا بعنصر الضرر الذي يأتيه الإنسان.
إذا فهذا التقسيم يعتمد على القانون الذي يحكم ويطبق على هذه الجريمة أي القانون المدني، في الحين أن الجريمة الجنائية يطبق عليها القانون الجنائي طبقا لنص المادة الأولى من قانون العقوبات التي تؤكد أن القانون هو الذي يحدد الفعل الممنوع وغير المشروع ويحدد له العقاب.
2- الجريمة التأديبية : هي الأخطاء الإدارية أو الإخلال بالوظائف الإدارية أي قيام الموظف بالإخلال بقانون يخضع له كالموظف العام والقاضي والخبير… أي أن المعتدي عليه هي الهيئة التي ينتمي إليها.
ويكون عقاب هذا النوع من الجرائم بطابع خاص كالتوبيخ و الإنذار والتوقيف والعزل والطرد وتملك السلطات التأديبية صلاحيات اختيار العقوبة بالنسبة لكل جريمة مع الإشارة أنه قد يرتكب المجرم جريمة جنائية يعاقب إثرها وفقا لقواعد قانون العقوبات ثم يتبع بعقوبات إدارية.
3- الجريمة الجنائية : هي حسب المفهوم الإصلاحي هي كل فعل أو امتناع عن فعل يجرمه القانون ويقرر له عقوبة أو تدبير أمن كالقتل والسرقة والنصب وخيانة الأمانة والضرب والجرح، يعني أن الجريمة الجنائية تقوم بمجرد إتيان الفعل الممنوع أو محاولة إتيانه وعقابه يكون محدد بنص قانوني( م 01 ق ع)، وقد تقوم دون وقوع الضرر مثل الشروع والتشرد والتسول وحمل السلاح بدون ترخيص.
وتسمى هذه الترخيصات الثلاثة بتقسيم الجريمة حسب القانون الذي يحكمها.
4- تقسيم الجريمة حسب الفاعل : القاعدة العامة أن قانون العقوبات يطبق على الجميع وتسمى بجرائم قانون العقوبات إذا ارتكبها شخص مدني ، أما إذا ارتكبها عسكري تسمى جرائم عسكرية وتطبق عليه الأحكام العسكرية وفقا لقانون القضاء العسكري الصادر وفقا للأوامر رقم 71/28.
5- تقسيم الجريمة حسب الحق المعتدى عليه : إذا كان الحق المعتدي عليه له اعتبارات سياسية تسمى الجريمة السياسية مثل التآمر على نظام الحكم والتحريض على الفتنة.
أما إذا ارتكب الفعل وكان الهدف من ورائه شيوع الفحشاء بين دولتين أو أكثر وكان يعاقب عليه أكثر من دولة تسمى جريمة دولية مثل تهريب المخدرات والمتاجرة بأجساد النساء.
أما إذا ارتكب مجرم وغالبا ما يكون زعيم دولة أو عدة زعماء على إشعال الحرب أو الاعتداء على الآثار الثقافية أو الديانات أو التمييز العنصري تسمى جريمة ضد الإنسانية.
6- تقسيم الجريمة حسب الجسامة : وهو التقسيم الذي اعتمده المشرع الجزائري في المادة الخامسة من قانون العقوبات، والمادة 27 منه، إذا يعتمد هذا التقسيم على الخطورة والشدة والجسامة وذلك على النحو التالي :
أ)- الجناية : هي ذات الضرر الكبير والعقوبة الأشد عقوبتها هي الإعدام السجن المؤبد، السجن المؤقت بين 05 سنوات وعشرين سنة.
ب)- الجنح : هي المتوسطة الضرر عقوبتها من شهرين إلى خمس سنوات حبسا ماعدا العقوبات التي يقرر لها القانون عقوبات أخرى، إضافة للغرامة التي تتجاوز ألفين (2000 د.ج).
ج)-المخالفات : ذات الضرر الضعيف أو التافه عقوبتها من يوم إلى شهرين حبس والغرامة من عشرين( 20) إلى ألفين( 2000) د.ج.
تقسيم الجريمة حسب الركن المعنوي: وتنقسم الجريمة حسب الركن المعنوي إلى جريمة عمدية وجريمة غير عمدية :
تقسيم الجريمة حسب الركن المادي : تنقسم الجريمة حسب الركن المادي إلى ما يلي
1-الجريمة الإيجابية والجريمة السلبية : الجريمة الإيجابية هي التي تتم عن طريق فعل يأتيه الإنسان بحركة عضوية ينهي القانون على إتيانه كالقتل والضرب والجرح والسرقة والتزوير والونا وحمل السلاح وهتك العرض…الخ أما الجريمة السلبية فهي الامتناع عن فعل يفرضه القانون أي أن يتخذ الإنسان موقفا سلبيا من أمر القانون مثل امتناع القاضي عن الحكم في القضايا (136 ق.ع) والامتناع عن التبليغ عن الجريمة 281 ق.ع علما أنه لا يمكن تصور الشروع في الجرائم السلبية.
2- الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة : الجريمة الوقتية هي تلك الجريمة التي يقع ركنها المادي في زمن محدود أي أنها تقع في فترة زمنية قصيرة وتنتهي بمجرد القيام بها مثل جريمة القتل تنتهي بمجرد إزهاق روح الإنسان والسرقة تنتهي بمجرد الاختلاس المحدد ، الجريمة المستمرة هي التي يكون ركنها المادي يتطلب الاستمرار لفترة غير محددة فقد تطول أو تقصر مثل جريمة إخفاء الأشياء المسروقة (187 ق.ع) والحبس دون وجه حق (51 ق.أ.ج) وحمل النياشين دون وجه حق (442 ق.ع) جريمة استعمال المحررات المزورة.
وتمكن أهمية التفرقة بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة أن الجريمة الوقتية لا يسري عليها القانون الذي سبقت صدوره ، أما الجريمة المستمرة فإنها يسرى عليها القانون الجديد حتى لو كان أشد ، نظرا لحالة الاستمرار.
كما أنه يمكن تقع الجريمة المستمرة في إقليمين أو أكثر عكس الجريمة الوقتية لذلك فإن لاختصاص في الجريمة الوقتية يكون للمحكمة التي وقعت في دائرتها الجريمة أما الاختصاص في الجريمة المستمرة يكون لأكثر من جهة لأن كل جهة يكون قد وقع فيها جزء من حالة الاستمرار.
3- الجريمة البسيطة وجريمة الاعتياد : الجريمة البسيطة تتكون من سلوك إجرامي واحد أي يكفي فيها بسلوك بسيط مثل جرائم القتل والسرقة والزنا وخيانة الأمانة …الخ أما جريمة الإعتياد فإنها تكون بأكثر من فعل واحد مثل جريمة التسول (195ق.ع).
4- الجريمة المتتابعة والجريمة المركبة : يقصد بالجريمة المتتابعة التكرار والتتابع عن الأفعال أي أن يقع على مجموعة من أفعال يعتبر كل واحد فيها سلوكا ممنوعا بالنظر للقانون ويجمع هذه الأفعال وحدة الغرض الإجرامي مثل السرقة على دفعات متتالية أو كمن يضرب شخصا عدة ضربات.
أما الجريمة المركبة التي يكون ركنها المادي من عدة أفعال مثل جريمة النصب (372 ق.ع) فلقيامها لا بد من استعمال الاحتيال ثم سلب مال الغير.
5- الجريمة المادية والجريمة الشكلية : الجريمة المادية هي الجريمة التي يترتب عنها نتيجة إجرامية معينة عن الفعل مثل القتل ينتج عنه إزهاق روح الإنسان أو الوفاة أما الجريمة الشكلية لا يعتد فيها بوقوع النتيجة الإجرامية مثل حمل السلاح بدون ترخيص وتقليد أختام الدولة. علما أنه لا يتصور الشروع في الجرائم الشكلية.
فائدة التقسيم :
1- من حيث الاختصاص :
- الجنايات تختص بها المحاكم الجنائية.
- الجنح والمخالفات به المحاكم الابتدائية.
2- من حيث التحقيق : م66 ق.أ.ج.
- التحقيق في الجنايات إجباري.
- التحقيق في الجنح جوازي.
- التحقيق في المخالفات اختياري.
3- من حيث تقادم العقوبة :
- تسقط العقوبة بالتقادم في الجنايات يمضى 20 سنة إذا لم يتم القبض على المحكوم عليه.
- تسقط العقوبة بالتقادم في الجنح بمضي خمس سنوات بعد صدور الحكم.
- تسقط العقوبة بالتقادم في المخالفات بمضي سنتين بعد صدور الحكم.
4- من حيث تقادم الدعوى العمومية :
في الجنايات بمضى عشرة (10) سنوات.
في الجنح بمضى ثلاثة (03) سنوات.
في المخالفات سنتين (02).
مراحل الجريمة :
1-مرحلة التفكير : هي مرحلة التخمين إذ يقوم الجاني بالتفكير النفسي إذ يقلب الأمر في مخيلته ولا يعاقب القانون على هذه المرحلة.
2- مرحلة التحضير المادي : يسمى دور توزيع الأدوار إذ يقوم الجاني بإحضار الوسائل المادية التي تساعده في إحضار جريمته وهنا أيضا لا يعاقب المشرع الجاني لاحتمال عدو له عن إرتكاب الفعل لكن في بعض الحالات يعاقب على هذه المرحلة لكن ليس على أساس أنه أحضر الأدوات ليباشر التنفيذ وإنما نظرا لكون تلك الأدوات ممنوعة مثل حمل السلاح بدون ترخيص أو تزييف مفتاح رغم عدم استعمالها في الجريمة.
مرحلة التنفيذ : هنا يقوم الجاني باستعمال أدواته وبذل مجهود لتحقيق الجريمة قد يستعين أشخاص آخرين ويسمى بالاتفاق الجنائي أو المساهمة الجنائية.
المطــــلب الثالث : الجـــرائم ضد الانتخاب
I -تعريف الاتتخابات :
حق دستوري وسياسي للمواطن للإدلاء بصوته اتجاه مترشحين أو برنامج معين قصد المساهمة في تسيير شؤون الدولة .
كيفية التعبير عن السيادة : الشعب مصدر كل سلطة وتنص الفقرة الثانية السيادة الوطنية ملك للشعب.
أ/ الإستفتاء : هو وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة الشعبية في قضايا مصيرية تهمه ، حيث يستشار الشعب لموافقته أو رفضه بعبارة " نعم" أو " لا " لبرنامج معين كما نصت على ذلك المادة 169 من قانون 97/06 المتضمن القانون العضوي والخاص بنظام الإنتخابات .
ب/ الانتخابات : هو الوسيلة الثانية للتعبير عن الإرادة الشعبية وهي ميزة أساسية من مميزات الديمقراطية ، وتتحقق الانتخابات عندما يختار الشعب مباشرة ممثليه في الرئاسة والبرلمان والمجالس الشعبية الولائية .
II- أشكال الإنتخابات
تنص المادة 02 من الأمر 97/07 المتضمن القانون العضوي للانتخابات بأن الإقتراع عام مباشر وسري ، أما الفقرة الثانية نضيف غير أن الاقتراع يكون مباشر في الحالة المنصوص عليها في المادة 101/2 من دستور 1996 .
1/ الإقتراع العام : هو حق جميع المواطنين للإدلاء بأصواتهم بدوتن تمييز مهما كانت = يعد ناخبا جزائريا كل من بلغ طبيعته وتؤكد المادة 05 من الأمر 97/07 بقولها 18 سنة كاملة يوم الاقتراع وكان متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية ولم يوجد إحدى الحالات فقدان الأهلية .
2/ الإقتراع المباشر : يكون الإقتراع مباشر إذا ثم اختيار المنتخب مباشرة من طرف الشعب مثل انتخاب رئيس الجمهورية ، نواب البرلمان ، اعضاء المجلس الولائي والبلدي كما تؤكد ذلك المادة 71 من الدستور = ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الإتباع السري .
3/ اللإقتراع الغير مباشر : يكون غير مباشر عندما ينتخب المنتخب من اشخاص أو من ممثلين أو ناخبين هم نفسهم منتخبين من طرف الشعب مثال ذلك انتخاب أعضاء مجلس الأمة .
4/ الإقتراع السري : يكون الاقتراع سري إذا تم التعبير عن إرادة الناخب بواسطة استمارة مبهمة أو يخلق جو من السرية بالشكل الذي لا يسهل امكانية نسبة هذا الصوت الى الناخب وتؤكد ذلك المادة 37 من الأمر 97/07 بقولها = يجري التصويت ضمن مصاريف تقدمها الإدارة .
الفقرة الثانية تنص على " تكون هذه المصاريف غير شفافة وغير مزمعة وعلى نموذج واحد .
الانتخابات بالأغلبية المطلقة : لكي يفوز المرشح يجب عليه الحصول على الأغلبية المطلقة التي تعادل النصف .
الانتخاب بدورتين :
الدورة الأولى : يعد فائزا الذي يتحصل على الأغلبية المطلقة فيها ، أما اذا لم يتحصل على الأغلبية تجري دورة ثانية يشارك فيها المترشحين .
الدورة الثانية : تجري بين المترشحين الذين فازوا بأكثر الأصوات .
الانتخابات بالوكالة : يمكن للناخب في حالات معينة أن يفوض شخص آخر للتصويت عنه بالوكالة .
III- المنظومة الانتخابية
ارتبطت الديمقراطية في مفهومها وممارستها عبر مسيرة المجتمعات الحديثة بالانتخابات كألية أساسية لتجسيدها ومنه ظل واستمر الاقتراع العام يشكل مخاوف الجماعات التي تخشى عن امتيازاتها السياسية والاقتصادية من تحول السلطة فعلا الى الطبقات الشعبية عن طريق تنظيمها وانطوائها في تشكيلات سياسية تعبر عن إرادة الأغلبية فيها بصدق وحرية واستقلالية .
واذا كانت الإجراءات الانتخابية هي آلية تمكين الطبقات الشعبية من ممارسة السلطة والسيادة في تسيير شؤونها ، فهي ايضا الوسيلة التي يحاول البعض من خلالها فرض تقنيات وإجراءات قانونية ، للحد من تحول السلطة فعلا الى الشعب ، وهذا هو ما يؤكد حيوية دراسة المنظومة الانتخابية الجزائرية السارية التي خاضت بموجبها بلادنا انتخابات محلية ووطنية وهي تستعد الآن لتنظيم انتخابات رئاسية في ظروف تتميز بالاختلال الوظيفي للمؤسسات الدستورية وافتقارها إلى الحياد المفروض عليها دستورا .
واذا كانت أساليب الحد من ممارسة الشعب لسيادته والتعبير عن إرادته بحرية، تمارس فا المجتمعات القديمة عن طريق التضييق من دائرة ممارسته لهذه السيادة من خلال اقتصار الحق في الانتخاب على الطبقات المؤهلة له بإمكانياتها المالية أو بأهليتها العلمية أو بلونها أو بجنسها دون الطبقات الأخرى ، فإن الأساليب الحديثة للممارسة هذا المنع تغيرت من مسعى الحد من دائرة الناخبين الى السطو على إرادتهم وتحويل أصواتهم لفائدة الطرف الممتاز مستغلة في ذلك احتوائها للتشكيلات السياسية وتأثيراتها على البعض الآخر ، وما يشوب القوانين السارية من نقائص يخفي البعض منها خلفيات سياسية تتعارض مع مبدأ اعتبار الشعب هو صاحب السيادة ومصدر كل سلطة يمارسها عن طريق ممثليه الذين يختارهم عن طريق الإنتخاب بكل حرية وسيادة، وهو المبدأ والمسعى الذي يعمل الشركاء السياسيون ومؤسسات الدولة على تحقيقه كاملا ، لا يشوبه عيب وهو الهدف المحدد لإعادة التنظيم الاجتماعي السياسي.
إن الانتخابات وهي الألية الحاسمة لتجسيد إرادة الشعب لإختيار ممثليه لممارسة السلطة ، باسمه وهو صاحبها من خلال منظومة تشريعية تحدد الأحكام وتتضمن الإجراءات والتدابير القانونية والتنظيمية لإجراء عملية الإنتخاب وترجمة إرادة الشعب الى نتائج ملموسة ، فبقدر ما تكون العملية الانتخابية حرة ونزيهة، خالية من أي ضغط أو إكراه أو تدليس أو تزوير بقدر ما تجلب احترام الجميع لها والإلتزام بنتائجها وتعزز قوة ومصداقية الحكم وشرعيته .
-وقد عرفت الجزائر منذ الاستقلال إلى الآن العديد من الإنتخابات المحلية والوطنية حققت الكثير من الإيجابيات وشابها العديد من النقائص ، وهي في حاجة إلى جهد لتكريس محاسنها واستدراك اختلالها إذا توفرت إرادة سياسية لدى السلطة وإصرار من المجتمع المدني.
إن الضبط القانوني للعملية الانتخابية وحده لا يحقق نزاهتها ومصداقيتها اذا لم يقترن بإرادة سياسية صادقة تفرض وتحقق حياد الجهات المخولة لها صلاحية تطبيق الأحكام المتضمنة في قوانين الإنتخابات والنصوص المتعلقة بها وهي الإدارة .
إن الإدارة وهي البيئة المكلفة بصلاحيات الإشراف على العمليات الإنتخابية تحضيرا وأداءا وجب فيها التجريد والحياد قانونا ودستورا طبقا لنص المادة 23 من الدستور الجزائري " عدم تحيز لإدارة يضمنه القانون " وهو ما يفرض عليها التعامل بالعدل والمساواة مع كافة المتنافسين في كل الإنتخابات المحلية والوطنية والرئاسية ،ويضل من المؤكد واجباتها ضمان تساوي الفرص بين الجميع والإبتعاد عهن التزوير والتمييز والإكراه والتهديد والوعيد لتغدو العملية الإنتخابية آلية ممارسة الشعب للسلطة وحاصل نتائجها يعكس بصدق إرادة الشعب وتعبير الناخبين . وكلما أخلت الإدارة بهاته المقومات كلما توسعت الهوة بين الحاكم والحكومة وافتقرت مؤسسات الدولة الى المصداقية.
وبالتالي فإن مصدقية العملية الانتخابية ونزاهتها يتوقف بالدرجة الأولى على إرادة السلطة وحياد الإدارة وليس هي مسألة نصوص التعليمية وحدها ، مهما التقت أحكامها واكتملت مقتضايتها، هذا وإن كانت النصوص القانونية هي الآلية الحاسمة في سير وسلامة الانتخابات ونتائجها .
إن عملية التزوير التي شابت الانتخابات سنة 1997 مردها الإرادة السياسية للسلطة والطرف المستفيد منها ، وتحيز الإدارة ، وتعسفها بشكل واضح ومفضوح ، وفي هذا الصدد تحضرني إحدى عينات تزوير الانتخابات المحلية لسنة 1997 حين أطلعت على محضر فرز أصوات أحد المكاتب للنساء في إحدى الولايات وكان عدد المسجلات فيه 350 وعدد المصوتات 350 ، وعدد الأصوات الصحيحة 350 ، وعدد الموقعات بالقلم 350 ، وعدد الأصوات المحصل عليها من قبل قائمة تشكيلة سياسية واحدة هو 350 ، ولا حتى صوت لأي من قوائم التشكيلات السياسية الأخرى ، حيث كان عددها خمس قوائم .وعند استفسار رئيسة مكتب الانتخاب المذكور وهي موظفة بالولاية حول واقعة امكانية حضور كل المسجلات يوم الإنتخاب، دون غياب أو تخلف أي واحدة منهن على الرغم من طبيعة المنطقة الريفية والمحافظة أجابت بنعم ولم تتغيب أية واحدة ! وعن ملاحظة توقيعهن كلهن بالقلم على الرغم من أميتهن وتقدم عدد كبير منهن في السن فردت بنعم هذا ما حصل! وعن عدم الحصول القوائم الأخرى عن أي صوت، حتى أصوات عائلات المترشحين أنفسهم ، قالت : " ربما تكون قد ارتبكت الناخبات قريبات المترشحين الآخرين أو أخطأت ، ولما سألنا إمكانية خطئهن كلهن قالت نعم! " .
غير أن هذا لا يعني الاستغناء عن ضرورة مراجعة الأمر 97-7 الصادر في 06-03-1997 المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات التي بادرت مجموعة من النواب اقتراح مشروع قانون معدل ومتمم له هو قيد الدراسة على مستوى اللجنة المختصة، وذلك باعتباره الآلية القانونية التي تشكل أبرز دعائم إرساء الممارسة الديمقراطية خاصة بعدما أفرزته تطبيقاته في الاستحقاقات المحلية والتشريعية من نقائص وسلبيات نذكر على الخصوص :
1- استصداره بموجب أمر تشريعي والتصويت عليه بدون مناقشة من قبل المجلس الوطني الانتخابي وهو هيئة معينة أعضائها من قبل السلطة التنفيذية ، وكذلك الحال بالنسبة للأمر رقم 97-08 المتضمن تحديد الدوائر الإنتخابية وتوزيع المقاعد المطلوبة.
2- تخلى هذا القانون لصالح التنظيم والإدارة عن مسائل كفيلة بالتأثير في جوهر العمليات الإنتخابية وتوجيهها والتحكم فيها نذكر منها على الخصوص :
- صلاحية الوالي في إنشاء المكاتب المتنقلة وتوزيع الناخبين على مكاتب التصويت
- حق الولاة بترخيص من وزير الداخلية بالتصرف في مواقيت افتتاح واختتام العملية الانتخابية. المادة ( 33-36) .
- تعيين أعضاء مكاتب التصويت، والأعضاء الإضافيون وتسخيرهم بقرار من الوالي م40 .
- سلطة الوالي في تعين من يستخلف أعضاء مكاتب ومراكز التصويت الغائبين يوم الاقتراع م 42 .
- صلاحية الوالي في تسخير عناصر من مصالح الأمن لمساعدة أعضاء مكتب التصويت المتنقل في مهامهم م46.
- صلاحية السلطة التنفيذية في تعيين القضاة المشكلين للجان الولائية الانتخابية من قبل وزير العدل.
- دعم التنصيص على جزاءات القانونية رادعة عند الإخلال بأحكام قانون الانتخاب .
المخالفات الخاصة بممارسة الانتخابات
( الأمر رقم 75-47 المؤرخ في 17 يونيو 1975 )
المادة 102 الأمر رقم 75 المؤرخ في 17 يونيو 1975 اذا منح مواطن أو أكثر من ممارسة حق الإنتخاب بوسائل التجمهر والتحدي أو التهديد ، فيعاقب كل واحد من الجناة بالحبس من ستة أشهر على الأقل وخمس سنوات على الأكثر .
المادة 103 : اذا وقعت الجريمة نتيجة لحظة مدبرة للتنفيذ إما في أراضي الجمهورية وإما في ولاية أو أكثر أو دائرة أو بلدية أو أكثر فتكون العقوبة هي السجن المؤقت من خمس الى عشر سنوات .
المادة 104 : القانون رقم 82-04 المؤرخ في 13 فبراير 1982 .
يعاقب بالسجن المؤقت من خمس الى عشر سنوات كل مواطن مكلف في اقتراع بفرز بطاقات التصويب بضبط وهو يزور هذه البطاقات أو ينقص من مجموعها أو يضيف إليها أو يقيد فيها أسماء غير تلك التي أدلى بها الناخبون إليه .
المادة : 105 : جميع الاشخاص الذين يرتكبون الأفعال المبنية في المادة 104 يعاقبون بالحبس لمدة من ستة أشهر على الأقل الى سنتين على الأقل وخمس سنوات على الأكثر .
المادة 106 : كل مواطن يبيع أو يشتري الأصوات بأي ثمن كان بمناسبة الانتخابات يعاقب الحرمان من حقوق المواطن ومن كل وظيفة أو مهمة عامة لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر .
ويعاقب كل من يبيع الأصوات أو يشتريها فضلا عن ذلك بغرامة توازي ضعف قيمة الأشياء المقبوضة أو الموعود بها .
المبحـــث الثاني :
المطلب الأول : الاعتداء على الحريات
1- تعريف الحريات العامة
من المؤكد أنه لا يوجد تعريف للحريات العامة، حيث أن العلاقة " جيز" حينما قدم تقريرا عن الحريات للمعهد الدولي للقانون العام ذكر أنه لم يسبق أن كان هناك تعريف لمبدأ الحريات العامة .
هذا وقد كان القضاء الفرنسي قد بادر وعن طريق رأي مجلس الدولة الفرنسي في 13 أوت 1947 بتقديم مشروعا لتعريف الحريات العامة، كما أن محكمة استئناف " كان " الفرنسية قد اقترحت .
في 18 جويلية 1977 ، تعريفا للحريات العامة بأنها " الحقوق المعترف بها من السلطة العامة ، والمنظمة بواسطتها "
أما الفقه فلقد ساهم بتعاريف مختلفة وعديدة غير أن الملاحظ هنا هو أن تعاريف كثيرة من الفقهاء في الغرب تختلف الى حد ما عن تعاريف الفقهاء للحريات العامة في الفكر الشيوعي ، بالرغم من التسليم بالدور المتزايد للدولة .
2- الحريات العامة والعقيدة الاسلامية
إن تناول الحريات العامة ومفاهيمها في الإسلام يأتي في حقيقة الأمر منطلقا من حقيقة الإسلام الحنيف باعتباره اشراقة تحرر الفرد من خلالها من كل خوف ، فأصبح الناس سواسية لا فضل لأحدهم على سواه إلا بقدر ما أصاب من تقوى في الدين والعلم بأموره والإحاطة بأحكامه .
وهكذا فلقد أشار الإسلام أول ما أشار الى حرية الإنسان في أن يعتقد ما يشاء ويؤمن بما يشاء عن بينه وادراك لما أقدم عليه من داخل النفس دون جبر ولا قهر ولا إكراه ، فكأن أساس الدعوة استقلال الفكر وحرية الفرد من منطلق المساواة بلا تمييز بسبب اللغة أو اللون أو الجنس . كما اهتم الإسلام منذ أكثر من 14 قرنا من الزمان بحقوق الإنسان التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من كيانه ، فالإسلام هو دين الحرية ومناطها .
فقد نادى الإسلام بمبادىء الحرية الفردية وكفل المساواة ومعها الحرية الاجتماعية وتحققت منه ذلك قبل عدة قرون مضت، قبل أن يطرح الفكر المادي الفكرة ، فلقد نالت مبادىء العدل والمساواة وحرية العقيدة والفكر وحق الإنسان في الأمن والسلام اهتماما كبيرا فقال الله تعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ، وقال رسول الله (ص) " كلكم لآدم وآدام من تراب لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " وقد اتجه علماء الأصول في الفقه الإسلامي إلى تقسيم الحريات العامة إلى الحريات الشخصية والحريات الاجتماعية .
وقد تجسدت هذه الحقوق والحرياتع في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام والذي احتوى على ثلاث وعشون حقا ، والذي سبق وأن ألمحنا إليه سابقا وتكمن هذه الحقوق والحريات في :
• حق الحياة
• حق الحرية
• حق المساواة
• حق العدالة
• حق الفرد في محاكمة عادلة
• حق الحماية من تعسف السلطة
• حق الحماية من التعذيب
• حق الفرد في حماية عرضه وسمعته
• حق الهجرة إلى ديار الإسلام
• حق حرية التفكير والاعتقاد والتعبير
• حق المشاركة في الحياة العامة
• احترام حقوق الأقليات
• حق الحرية الدينية
• حق الدعوة والبلاغ
• التمتع بكافة الحقوق الاقتصادية
• حق حماية الملكية الخاصة
• حق العمل
• حق الفرد في كفايته من مقومات الحياة
• حق بناء الأسرة
• حقوق الزوجية
• حق التربية الصالحة
• حق الفرد في حماية خصوصياته
• حق الارتحال والمقاومة
3- الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق وحريات الإنسان
هذا واستكمالا للحماية الدولية لحقوق الإنسان ، فلقد صدرت عن المنظومة الدولية بما فيها المنظمات الدولية الإقليمية العديد من الاتفاقيات نذكر منها :
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر 1948 .
2- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 16 ديسمبر 1966
3- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية ، الإجتماعية والثقافية 16 ديسمبر 1966
4- البرتوكول الاضافي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية 1966
5- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ، والتي وقعتها الدول الأعضاء في المجلس الأوربي في الرابع من نوفمبر 1950 ودخلت حيز التنفيذ في 1953 بعد أن اضيف لها بروتكول تكميلي عام 1952 ، هذا ويحتوي الاتفاق الأوروبي على ستين مادة، تتناول بالتفصيل الحقوق التي أعلنتها الشرعة العالمية ، كما أنشأت لجنة للمراقبة تدعى " اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان " تتكفل بالتحقيق في كل شكوى أو واقعة تتعلق بمخالفة الحقوق المحددة في الإتفاقية ، اللجنة لا تمتلك الصفة الإلزامية ودورها توفيقي فقط . علما أن المجلس الأوروبي أنشأ " المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان " وتختص بالبت في كل ما يتعلق بتفسير أحكام الاتفاقية أو تطبيقها وسماع وجهات نظر أطراف النزاع ، إصدار قرار له سلطة وقوة القرارات القضائية، وتكفلت المواد من 1 الى 18 تنظيم اجراءات ضمان الحقوق الأساسية ، والكامنة في الحريات التقليدية .
6- الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ، والذي صدر تنفيذا للقرار رقم 115/16 في اجتماع الدول والحكومات منظمة الوحدة الإفريقية المنعقد في " منروفيا ليبيريا " في الفترة الممتدة بين 17 و20 جويلية 1979 . وقد تم التصديق على الميثاق وإجازاته بواسطة مجلس الرؤساء الأفارقة في الدورة العادية الثامنة عشر في مدينة " نيروبي " بدولة " كينيا " في جويلية 1981 .
7- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام والذي صدر عن مؤتمر علماء المسلمين المنعقد في لندن عام 1981، اشتمل الإعلان على ثلاث وعشون حقا نذكر على سبيل المثال حق الحياة ، حق الحرية، حق المساواة ، حق العدالة ، حق الفرد في حماية عرضه وسمعته ...
8- الإعلان الأمريكي لحقوق الإنسان والذي صدق عليه في مؤتمر منظمة الدول الأمركية المنعقد في بوغوتا عام 1948 ، تضمن تحديدا للحقوق والحريات الاساسية للإنسان، كما نص على قيام أجهزة معينة تكفل تطبيق الحقوق والحريات الاساسية للإنسان، كما نص على قيام أجهزة معينة تكفل تطبيق الحقوق والحريات ( الديباجيبه، والمواد 30 ،29 ، 28 ،13، 5، و31 ) كما أنشأت اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان فيما بين الدول الأمريكية .
9- اتفاقية دول أمريكا الجنوبية لحقوق الإنسان الصادرة " ببيونس إيرس " سنة 1967 وتقع هذه الاتفاقية في إحدى وخمسون مادة ، الملاحظ عليها أنها تكرار للمواثيق الدولية الصادرة قبلها .
4- الحريات العامة في دستور 1989 ودستور 1996
4-1 دستور 1989 : إن مبدأ المساواة يسيطر الحريات العامة في كل ما تقرره من حقوق وحريات للأفراد فلقد نص دستور 1989 على مبدأ المساواة في المواد 28 /30/48 فالمادة 28 نصت على المساواة أمام التكاليف أو الأعباء العامة يقولها " تستهدف المؤسسات ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات بإزالة العقاب التي تعوق تفتح شخصية الإنسان وتحول دون مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وسوت المادة 61 بين كل المواطنين في أداء الضريبة " كل الموطنين متساوون في أداء الضريبة " وبخصوص المساواة أمام الوظائف العامة ، فلقد نصت 48 على أن " يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون " كما نصت المادة 131 على المساواة أمام القضاء بقولها : " أساس القضاء مبادىء الشرعية والمساواة . الكل سواسية أمام القضاء ... " مع العلم أن هذه الحقوق والحريات تدخل ضمن ما يسمى بالحقوق التقليدية، التي تتضمن كذلك حرية العقيدة والعبادة وجاء النص عليها في المادة 35 " لا مساس بحرمة حرية الرأي .." والمادة 36 ، كذا حق التعلم المادة 50 بقولها " الحق في التعليم مضمون ... " أما في مجال حرية الحياة الخاصة والحريات الشخصية البدنية فلقد نص الدستور على حرمة المسكن في المادة 38 بقولها : " تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن ، فلا تفتيش ..." كما نصت المادة 37 على الحفاظ على حرمة حياة المواطن الخاصة حرمة حياة المواطن وسرية المراسلات والاتصالات الخاصة بكل أشكالها مضمونة " اضافة للمادة 34 التي تضمنت ضمان سلامة الإنسان البدنية والمعنوية ووجوب تسليط العقاب على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات ، مؤكدة ما جاء في المادة 33 " تتضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الانسان ويخطر أي عنف بدني أو معنوي "
في مجال الحريات الوظيفية والتي تسمى كذلك بالحريات الاقتصادية والاجتماعية نصت المواد 51/52 /53/54 على حق الرعاية الصحية ، الحق في العمل ، الحق النقابي والحق في الإضراب .
أخيرا ومن أهم ما جاء به دستور 1989 هو حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي المادة 40 ، بالرغم من تعمد المشرع الدستوري على تجنب استعمال مصطلح الأحزاب السياسية ، دخلت بذلك الجزائر عهد التعددية الحزبية والسياسية وإقامة نظام ديمقراطي قائم على التنافس السياسي والحرية السياسية ، كما نص الدستور على حرية التعبير وإنشاء الجمعيات ، والإجتماع وهي حقوق مضمونة للمواطنين وفق المادة 39، وأخيرا باعتبار أن حق المواطنة يستند اشتراك المواطنين ونقصد بهم الشعب السياسي في المواعد الاستحقاق فلقد نصت المادة 47 على " لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية أن ينتخب وينتخب " لكون الحرية السياسية حق المواطنين في المساهمة في حكم الدولة وأن يكونوا حكاما تجسيد للإرادة الشعبية الحرة .
ومن هذا المنظور يعد دستور 1989 نقطة تحول هامة في تاريخ الجزائر بداية عودة السيادة إلى الشعب وحقه في تقرير مصيره وحكم نفسه بنفسه وفق إرادته وما يرتضيه من برامج ومشاريع سياسة تعددية في خصم احترام المقومات الاساسية للمجتمع والتي تكمن في الحريات الوحدة الوطنية ، السلامة الترابية ، استقلال البلاد ، وسيادة الشعب ، وفق ما جاء في الفقرة الثانية الثانية من المادة 40 .
4-2 دستور 1996 : خصص دستور 28 نوفمبر 1996 الفصل الرابع من الباب الأول منه للحقوق والحريات ( تضمنتها 30 مادة) اذ نص في المادة 32 أن " الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن مضمونة .
وتكون تراثا مشتركا بين جميع الجزائريين والجزائريات .." بل أن المشرع الدستوري ، وفي المادة الموالية أورد ضمان هذه الحريات والحقوق عن طريق تأسيس الدفاع عنها فرديا وجماعيا المادة 33، وأقر العقاب على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات المادة 35 ... وهي ذاتها المواد 31/32/34 من دستور 1989 .
سبق لنا وأن قلنا أن مبدأ المساواة يسيطر على نظرية الحريات العامة في كل ما تقرره من حقوق وحريات للأفراد فلقد نص دستور 1996 على مبدأ المساواة في المواد 29/31/51 .
فالمادة 29 نصت على المساواة أمام القانون بقولها : " كل المواطنون سواسية أمام القانون ..." أما المادة 31 فلقد نصت على المساواة أمام التكاليف أو الأعباء العامة بقولها " تستهدف المؤسسات ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات بإزالة العقاب التي تعوق تفتح شخصية الإنسان وتحول دون مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية " والمادة 64 التي سوت بين كل المواطنين في أداء الضريبة : " كل الموطنين متساوون في أداء الضريبة " وبخصوص المساواة أمام الوظائف العامة ، فلقد نصت المادة 51 على " يتساوى جميع المواطنتين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها، حيث أسست محكمة عليا للدولة تختص بمحاكمة رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يمكن وصفها بالخيانة العظمى ورئيس الحكومة عن الجنايات والجنح، التي يرتكبانها بمناسبة تأديتهما مهامهما . مع العلم أن هذه الحقوق والحريات تدخل ضمن مايسمى بالحقوق التقليدية ، التي تتضمن كذلك حرية العقيدة والعبادة وجاء النص عليها في المادة 36 " لا مساس بحرمة حرية المعتقد ..." حرية الرأي التي يمكن تصنيفها ضمن الحريات الفكرية بالإضافة لحرية الابتكار الفكري والفني والعلمي وحماية حقوق المؤلف وذلك ما نصت عليه المواد 36 " لا مساس ... بحرمة حرية الرأي ... " المادة 38 ، كذا حق التعلم المادة 53 بقولها " الحق في التعليم مضمون ... " أما في مجال حرية الحياة الخاصة والحريات الشخصية البدنية فلقد نص الدستور على حرمة المسكن في المادة 40 بقولها : " تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن . فلا تفتيش .. " كما نصت المادة 39 على الحفاظ على حرمة حياة المواطن وسرية المراسلات بقولها : " لا يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة حرمة شرفه ، ويحميها القانون سرية .
المراسلات والاتصالات الخاصة، بكل أشكالها مضمونة . " اضافة للمادة 35 التي تضمنت ضمان سلامة الانسان البدنية والمعنوية ، ووجوب تسليط العقاب على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات ، مؤكدة ما جاء في المادة 34 : " تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الإنسان ويخطر أي عنف بدني أو معنوي أو أي مساس بالكرامة . " والمساس بالكرامة هو إضافة لم تكن موجودة في نص المادة 33 من دستور 1989 .
في مجال الحريات الوظيفية والتي تسمى كذلك بالحريات الاقتصادية والاجتماعية نصت المواد 54/55/56/57 على حق الرعاية الصحية ، الحق في العمل ، الحق النقابي والحق في الاضراب ، وهي ذاتها المواد 51/54 من دستور 1989 .
أخيرا ومن أهم ما جاء به دستور 1996 هو في حقيقة الأمر تأكيد لما ورد في دستور 1989 وفي مادته 40 وهو حق الإعتراف وضمان انشاء الأحزاب السياسية كما ورد في نص المادة 42 من دستور 1996 ، والملاحظ هنا هو أن المشرع الدستوري استعمل مصطلح الأحزاب السياسية عوض الجمعيات ذات الطابع السياسي الوارد بالمادة 40 من دستور 1989 .
هذا وقد تعمد المشرع الدستوري ادراج ضوابط أساسية تنظم الأحزاب السياسية وعملها في وجوب احترام المقومات الاساسية للمجتمع والتي تكمن في الحريات الاساسية الوحدة الوطنية ، السلامة الترابية ، استقلال البلاد وسيادة الشعب ، وهي ذات الضوابط المنصوص عليها في نص المادة 40/2 من دستور 1989 لكن دستور 1996 أضاف الطابع الديمقراطي والجمهوري في صلب المادة 42 نتيجة للأحداث التي عرفتها الجزائر على اثر توقيف المسار الانتخابي عام 1992 وأخرجت بذلك الطابع الديمقراطي والجمهوري من دوامة المعارك الانتخابية وأدخلتهما ضمن التراث المشترك للمجتمع الجزائري .
الملاحظة الثانية هو أن المشرع الدستوري عمد الى ادراج ضوابط أخرى في صلب الدستور بعد أن كانت مدرجة في القانون العضوي للأحزاب السياسية ، كنصه على عدم جواز تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسيي أو مهني أو جهوي ، وذلك بعدما شهدته الساحة السياسية في أعقاب المصادقة على دستور 1989 وبروز أحزاب سياسية ذات نزعات دينية أحيانا وجهوية أحيانا أخرى وحتى أحزاب عرقية لغوية ، كذا النص على حظر اللجوء الى استعمال العنف أو الإكراه مهما كانت طبيعتهما أو أشكالهما ، وجاء النص على هذه الفقرة السادسة من المادة 42 دائما بعد الأحداث الأليمة التي عاشتها الجزائر ولا تزال تعاني من أثارها لأحد الآن ، أما الفقرة الرابعة والخامسة فهي خطر اللجوء للدعاية الحزبية التي تقوم على المقومات الأساسية للمجتمع والدولة الواردة في الفقرة الثانية من ذات المادة ، وأخرا منع كل شكل من أشكال التبعية للمصالح أو الجهات الأجنبية .
الملاحظة الأخيرة هو أن دستور 1996 وبناء على التوجيه الواضح للبرنامج السياسي والاقتصادي للدولة الجزائرية وأمام سبيل العولمة اضطر المشرع الجزائري الى ادراج في متنه حرية التجارة والصناعة وضمانهما المادة 37 ، مع العلم أن دستور 1989 لم يدرج هذه الحرية ضمن الحريات التي نص عليها ، والتي يمكن اعتبارها ترجمة لقانون الاقتصاد السوق ، كما أن مسؤولية الدولية امتدت لحماية الممتلكات كما هو مبين في المادة 24 من الدستور حيث أقرت " أن الدولة مسؤولة عن أمن الاشخاص والممتلكات ، وتتكفل بحماية كل مواطن في الخارج "
ومن هذا المنظور يعتبر دستور 1996 استمرارية وتدعيم لعودة السيادة الى الشعب وحقه في تقرير مصيره وحكم نفسه بنفسه وفق ارادته وما يرتضيه من برامج ومشاريع سياسية تعددية .
5- حماية الحريات العامة
5-1 الحماية الدستورية للحريات : الدستور هو أسمى القوانين وهو أهم الضمانات للحريات العامة المنصوص عليها ، ويأتي قانون العقوبات ليبين الجزاءات المترتبة عن الإخلال بها ، إن دستور 96 أقر في النص الرابع منه كافة الحقوق والحريات بدءا بالمادة 29 الى 59 وهي مجموعة حريات لا يجوز لأي كان تجاوزها .
5-2 الحماية القضائية للحريات : القضاء المستعمل يستطيع حماية الحريات العامة ويحول دون وقوع تجاوزات وأعمال عنف ، حيث نصت المادة 139 ق ع ج تحمي السلطة القضائية والمجتمع والحريات وتضمن للجميع ولكل واحد المحافظة على حقوقهم الأساسية ويحمي القضاء والحريات بما يلي :
* النظر في الطعون الإدارية
* الرقابة على الأعمال السلطات المختصة لتقييد الحريات
* ضمان حق الدفاع لكل منهم
ضمان سرية التحقيق
• ضمان اللجوء للقضاء
• ضمان مبدأ تدرج القضاء والتقاضي على درجتين .
5-3 اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان :
تم انشاؤها بعد إلغاء المرصد الوطني لحقوق الإنسان وهي مؤسسة منتقلة تابعة لرئيس الجمهورية حامي الدستور وحريات المواطنين الأساسية وتقوم بكل ما من شأنه التوعية لحقوق الإنسان حيث تسجل الحلقات لحقوق الإنسان وحرياته وتحيط علما بذلك السلطات المعنية كما أنها تقدر الحصيلة عن حقوق الإنسان وتوجه تقريرها إلى السيد رئيس الجمهورية .
يمكن للإنسان أن يتعرف على حقوقه بالرجوع إلى الإعلانات العالمية وأهمية الإعلام العالمي لحقوق الإنسان 1948 الذي جاء في أعقاب الحرب العالمية الثانية حيث جاء بمادته الأولى
" يولد الناس أحرار ومتساوون في الحقوق والواجبات " كما يمكن أن يكون مصدرها الدساتير المكتوبة التي أصبحت تعلن صراحة على الحقوق المقررة بالأفراد التي يجب دعايتها ومنها نص المادة 32 قانون دستوري جزائري وهي : " الحريات الاساسية وحقوق الإنسان مضمونة"
6- أنواع الحقوق :
1- الحقوق المدنية : هي الحقوق التي تثبت لكل شخص مع ولادته وتسمى بالحقوق الطبيعية ، بغض النظر عن انتمائه الجغرافي وتنقسم الى حقوق عامة وخاصة .
أ/ الحقوق العامة
من بينها وأهمها على الإطلاق الحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية وصيانة العرض والشرف والحق في التنقل ومنها الحق في التنقل ومنها الحق في حرمة الانسان حسب المادة 34 ، الحق في حرمة المسكن المادة 40 قانون دستوري .
العقوبات في الاعتداء على الحريات من قانون العقوبات
المادة 107 : يعاقب الموظف بالسجن المؤقت من خمس الى عشر سنوات إذا أمر بعمل تحكيمي أو ماس بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر .
المادة 108 : مرتكب الجنيات المنصوص عليها في المادة 107 مسؤول شخصيا مسؤولية مدنية وكذلك الدولة على أن يكون لها حق الرجوع على الفاعل .
المادة 109 : الموظفون ورجال القوة العمومية ومندبوا السلطة العمومية والمكلفون بالشرطة الإدارية أو الضبط القضائي الذين يرفضون أو يهملون الاستجابة إلى طلب يرمي الى ضبط واقعة حجز غير قانوني وتحكيمي إما في المؤسسات أو في الأماكن المخصصة لحجز المقبوض عليهم أو في أي مكان آخر ولا يثبتون أنهم أطلعوا السلطة الرئاسية عن ذلك يعاقبون بالسجن المؤقت من خمس الى عشر سنوات .
المادة 110 : القانون رقم 82-04 المؤرخ في 13 فبراير 1982
كل عون في مؤسسة إعادة التربية أو في مكان نخصص بحراسة المقبوض عليهم يسلم مسجونا إلى السلطات أو الأشخاص المخول لهم زيارته بدون أن يثبت وجود منع من القاضي المحقق أو يرفض تقديم سجلاته الى هؤلاء الاشخاص المختصين يكون قد ارتكب جريمة الحجز التحكيمي ويعاقب بالحبس مدة من ستة أشهر الى سنتين أو بغرامة من 500 الى 1000 دج .
المادة 110 مكرر : كل ضابط الشرطة القضائية الذي يمتنع عن تقديم السجل الخاص المنصوص عليه في المادة 52 الفقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية الى الأشخاص المختصين بإجراء الرقابة وهو سجل خاص " يجب أن يتضمن اسماء الاشخاص المختصين الذين هو تحت الحراسة القضائية يكون قد ارتكب الجنحة المشار إليها المادة : 110 ويعاقب بنفس العقوبات .
وكل ضابط بالشرطة القضائية الذي يتعرض رغم أوامره الصادرة طبقا للمادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية من وكيل الجمهورية لإجراء الفحص الطبي للشخص هو تحت الحراسة القضائية الواقعة تحت سلطة يعاقب بالحبس من شهر الى ثلاثة أشهر وبغرامة مالية من 500دج الى 1000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
المادة 111 : يعاقب بالحبس لمدة ستة أشهر الى ثلاث سنوات كل قاض أو ضابط بالشرطة القضائية يجري متابعات ، أو يصدر أمرا ، أو حكما أو يوقع عليها ، أو يصدر أمرا قضائيا ضد شخص يتمتع بالحصانة القضائية في غير حالات التلبس بالجريمة دون أن يحصل قبل ذلك رفع الحصانة وفقا للأوضاع القانونية .
المطلب الثاني : جريمة التواطؤ الموظفين
لقد تناول المشرع الجزائري جريمة التواطؤ الموظفين في قانون العقوبات الجزائي ، في القسم الثالث من فصل الثالث في الجزء الثاني المتناول التجريم يعد جزء الأول الذي تناول مبادىء عامة وأركان تمهيدية وقد حصرها المشرع في فصل الذي يصف الأفعال بالجرائم الماسة أو ضد الدستور كالشك المتعلقة بالممارسات الانتخاب واعتداء على الحريات بالإضافة الى تجاوز السلطات الإدارية والقضائية لحدودها بصفتها تقع ضد أداء وممارسة السلطة القضائية الدستورية أو تقع حجرة عثرة ضد الانماط المحددة لهذه السلوكات ومقيدة دستوريا كما أنها اتخذت وإجراءات مخالفة للقوانين عن طريق مخالفة كل النصوص وتشريعات القانونية التي وصفها المشرع الجزائري وتبناها في قانون العقوبات وأقر لها جريمة يعاقب عليها من خلال ارتكاب أحد الأفراد واجتماعاتهم عن طريق اتفاق قد يربطهم أو هيئات تتولى بقدر ما منحتها السلطة العمومية من حكم وخولت لها صفة الأمر .
حسب المادة 112 من قانون العقوبات بعد تواطؤ للموظفين
الفرع الأول : النص القانوني لجريمة تواطؤ الموظفين
اذا اتخذت اجراءات مخالفة القوانين وكان تدبيرها عن طريق اجتماع أفراد وهيئات تتولى أي قدر من السلطة العمومية أو عن طريق مراسلات ، فيعاقب الجناة بالحبس من شهر إلى ستة أشهر ( 1-6) شهر .
- اذا اتخذت اجراءات ضد قوانين أو أوامر للحكومة وكان تدبريها بإحدى الطرق المذكورة في المادة 112 ق ع .
- اذا كان تدبير هذه الإجراءات تم بين سلطات مدنية وهيئات عسكرية أو رؤساء تباشر سلطاتها في ظروف عادية وهذا بذكر كلمة ( قوانين) أو في ظروف استثنائية وهذا بذكر كلمتي ( أوامر الحكومة ) .
لم يميز المشرع بين السلطات الإدارية أو القضائية أو حتى العسكرية .
حيث أقر في المادة (115) بالخصوص تلك الإجراءات الصادرة عن القضاة والموظفون الموصوفة بالتشاور والإتفاق لغرض الاستقالة ، وهذا ما يقف حجز عكرة أمام أداء القضاء ومهمته المنوطة به والمقررة دستوريا .
وبهذا يكون المشرع قد تناول التواطؤ واصفا كل السلوكات التي تعدد قيام المؤسسات الدستورية التشريعية منها ، وكذا السلطات القضائية والعسكرية بمهامها الأولى والتي تمنع هذه الأخيرة من مزاولة قدرها من السلطة .
وقد تناول المشرع كلمة تواطؤ ملمحا الى وجود أكثر من فاعل ولهذا هناك اتحاد وتشاور بينهم بماذا تعني كلمة تواطؤ لغويا حتى نتمكن من تحديد وحصر كل السلوكات التي يتم وصفها بهذه الجريمة .
الفرع الثاني : المعنى اللغوي لكلمة تواطؤ
تعني كلمة تواطؤ من النص العربي الاتفاق والاتحاد على رأي معين مع المساهمة في الاشتراك بتطبيقه ، ويكون هذا الرأي هو جملة المخططات والرسومات الموضوعة على سبيل الإعداد والتدبير للأخذ والشروع في شأن معين .
أي اتفاق لأكثر من شخص على إجراء معين وتحضير التدبير الملائم له مع المساهمة كل طرف في تجسيده وتنفيذ تلك الإجراءات أو المخططات .
أشكالها :
أ- اتخاذ الإجراءات مخالفة للقوانين بعد تدابيرها : وهي جنحة منصوص عليها في المادة 112 وعقوبتها الحبس من شهر الى 6 أشهر .
ب- اتخاذ اجراءات بعد تدبيرها ضد تنفيذ قوانين أو أوامر الحكومة ، وهي جناية منصوص عليها في المادة 113 وعقوبتها السجن المؤقت من 05 الى 10 سنوات .
واذا كان تدبير هذه الإجراءات بين سلطات مدنية وهيئات عسكرية أو رؤساء يعاقب المحرضون عليها بالسجن المؤقت من عشر سنوات الى عشرين سنة، أما باقي الجنح فيعاقب بالسجن من 5 الى 10 سنوات .
جـ- تقديم الاستقالة بعد تدبيرها : وهي جنحة منصوص عليها في المادة 115 تعني القضاء والموظفين الذين يقررون بعد التشاور فيما بينهم تقديم استقالتهم بفرض منع أو وقف قيام القضاء بمهمة أو سير مصلحة عمومية وعقوبتها الحبس من 06 اشهر الى 03 سنوات .
واذا كان اشتراط التشاور فيما بين الموظفين ( أو التداول ) يضيف ، لا محال من مجال تطبيق التصرفات جانبا من الفقه يرى أخذ عبارة " التشاور " بمفهوم الاتفاق مقدما على الاستقالة .
وفي هذا الإطار وفي فرنسا تطبق هذا الحكم على رؤساء البلدية الذين قدموا استقالتهم من مناصبهم للاحتجاج على قرار السلطات العمومية أو على امتناعها .
ثالثا : تجاوز الموظفين حدود اختصاصاتهم :
وهي جناية منصوص ومعاقب عليها في المواد 116 و118 وتأخذ الاشكال الأتية
1- القضاة وضباط الشرطة القضائية الذين يتدخلون في أعمال الوظيفة التشريعية بإصدار قرارات تتضمن نصوص تشريعية بمنع وقف تنفيذ قانون أو أكثر بالمداولة لمعرفة ما اذا كانت القوانين ستنتشر وتنفذ : وهو الفعل المنصوص عليه في المادة 116-1 وعقوبته السجن من 05 الى 10 سنوات .
2- القضاة وضباط الشرطة القضائية الذين يتجاوزن حدود سلطاتهم بالتدخل في القضايا الخاصة بالسلطات الإدارية سواء بإصدار قرارات في هذه المسائل أو بمنع تنفيذ الأوامر الصادرة أو الذي يصدرون بعد أن يكونوا قد أذنوا أو أمروا بدعوة رجال الإدارة بمناسبة قيامهم بمهام وظائفهم على تنفيذ أحكام أو اوامر بالرغم من تقرير أي الغائها وهو الفعل المنصوص عليه في المادة 116-2 وعقوبته السجن من 5 الى 10 سنوات .
3- الولاة أو رؤساء الدوائر ورؤساء المجالس الشعبية البلدية وغيرها من رجال الإدارة الذين يتدخلون في أعمال الوظيفة التشريعية أو الذين يتخذونه قرارات عامة او تدابير ترمي على إصدار اية أوامر أو نواة على المحاكم أو على المجالس وهذا الفعل المنصوص عليه في المادة 117 وعقوبته السجن المؤقت من 05 الى 10 سنوات .
4- رجال الإدارة الذين يتجاوزون الوظائف القضائية لتقريرهم الاختصاص بالحقوق والمصالح التي تدخل في اختصاص المحاكم ، ثم بقيامهم بعد اعتراض أطراف أو واحد منهم ، وهذه الجنحة منصوصة عليها في المادة 118 وعقوبتها غرامة لا تقل عن 500 دج ولا تتجاوز 3000 دج .
رابعا : اتلاف وإزالة وثائق أو سندات كانت في عهدة الموظف بصفته هذه أو سلمت له بسبب وظيفته :
وهي جنحة منصوص عليها في المادة 120 وتعني القاضي هو الموظف أو الضابط العمومي الذي يتلفت ويزيل بطريق الغش وبنية الإضرار، وثائق أو سندات أو عقودا أو أموال منقولة كانت في عهدته بهذه الصفة أو سلمت له بسبب وظيفة وعقوبتها الحبس من 02 الى 10 سموات وغرامة مالية من 500 الى 5000 دج .
خامسا : اساءة استعمال القوة العمومية ضد الشيء العام وتأخذ شكلين :
أ)- الموظف هو القاضي الذي يطلب تدخل القوة العمومية أو يستعملها ضد تنفيذ قانون أو تحصيل الضرائب أو تنفيذ حكم قضائي، وهي جنحة منصوص عليها في المادة 135 ، وعقوبتها الحبس من سنة الى 05 سنوات .
ب)- الموظف العمومي الذي يستغل سلطته لوقف تنفيذ حكم قضائي أو يمتنع، أو يعرقل تنفيذه ، وهي جنحة منصوص عليها في المادة 138 مكرر وعقوبتها الحبس من ستة أشهر الى 03 سنوات وبغرامة من 5000 الى 50000 دج .
سادسا : الإساءة استقبال السلطة ضد الافراد : وتأخذ الصور الآتية
أ- انتهاك حرمة منزل مواطن : وهي جنحة منصوص عليها في المادة 135 وتعني كل موظف في السلك الإداري أو القضائي وكل ضابط شرطة وكل قائد أو أحد رجال القوة العمومية الذي يتدخل بصفته المذكورة، منزل أحد المواطنين بغير رضاه أو رغم الحالات المقدمة في القانون ويغير الاجراءات المنصوص عليها فيه، وعقوبتها الحبس من شهرين الى ستة وبغرامة من 500 الى 3000 دج دون العمل بتطبيق المادة 07 التي تحكم الامر بعمله تحكيمي أو مساس بالحرية الشخصية للفرد اذا توفرت أركان هذه الجريمة .
ب- نكران العدالة ، وهي جنحة منصوص عليها في المادة 136 وقضى كل قاضي أو موظف إداري يمنع أية جنحة كانت الفصل فيها يجب عليه أن يقضي فيه بين رد طارء بعد أن يكون قد طلب عليه ذلك ويصر على الامتناع بعد انتدابه عليه أوامره بذلك مناور أسبابه وعقوبتها غرامة من 750 الى 3000 دج الحرمان من ممارسة الوظائف العمومية من 05 الى 20سنة .
جـ- اتلاف أو اختلاس رسائل مسلمة على البريد : وهي جنحة منصوص عليها في المادة 137 وتعتني كل موظف وكل عون من أعوان الدولة ، وكل مستخدموا أو مندوب على مصلحة البريد وعقوبتها بالحبس من 03 اشهر الى خمس سنوات وبغرامة مالية من 500 الى 1000 دج .
ويعاقب بالعقوبة نفسها كل مستخدم أو مندوب ، في مصلحة البريد يختلس أو يتلف برقية أو يذيع محتواها ، ويعاقب الجاني قضائيا بالحرمان من كافة الوظائف الخدمات العمومية من 05 الى 10 سنوات .
د-تسخير أموال منقولة أو عقارية بطريقة غير شرعية : وهي جنحة منصوص عليها في القانون المادة 137 مكرر ، وتعني كل موظف أو ضابط عمومي يسخر أموال منقولة أو عقارية خارج نطاق الحالات والشروط المحددة قانونا وعقوبتها الحبس من سنة الى 5 سنوات وغرامة مالية 10000 دج الى 100000 دج .
سابعا : مباشرة أعمال الوظيفة قبل تحويلها :
وهي جنحة منصوص عليها في المادة 141 وتعني كل قاضي أو موظف أو ضابط عمومي يدعي ممارسة أعمال وظيفته قبل أن يؤدي اليمين المطلوب لها وعقوبتها غرامة من 500 الى 1000 دج .
ثامنا : استمرار في العمل بطريقة غير شرعية
وهي جنحة منصوص عليها في المادة 142 وتقتضي كل قاضي أو موظف أو ضابط عمومي فصل أو عزل أو أوقف أو حرم قانونا من وظيفته ، يستمر في ممارسة أعماله ووظيفته بعد استلامه التبليغ الرسمي بالقرار المتعلق به ، وعقوبتها من 06 أشهر الى سنتين وبغرامة مالية من 500 الى 1000 دج ، وتطبق العقوبة نفسها على كل موظف منتخب أو مؤقت يستمر في أعمال وظيفته بعد انتهائها قانونا .
ويجوز معاقبة الجاني علاوة على ذلك بالحرمان من مباشرة أية خدمة عمومية أو مهمة عمومية مستمرة 10 سنوات أو أكثر .
تاسعا : تشديد العقوبة في بعض الجنايات
بوجه عام وفي باب العقوبات ، نص القانون العقوبات في بعض أحكامه على تشديد العقوبة المسبقة عند الجريمة عندما يرتكبها موظف عمومي ، هو في حكمه ، كما هو الحال مثلا بالنسبة " للتزوير في القرا رات العمومية ( م 214 وما يليها ) والرشوة ( م 126مكرر) واستغلال النفوذ ( م 128) وجاء في المادة 143 منه على حكم عام يقضي بتشديد عقوبة الموظفين أو ضباط العموميين الذين يساهمون في جنايات أو جنح مما يكلفون بمراقبتها أو ضبط على النحو التالي :
* اذا كان الامر متعلقا بجنحة = تضاعف العقوبة المقررة لتلك الجنحة
* اذا كان الأمر متعلقا بجناية = تكون العقوبة كما يلي :
- السجن المؤقت من 10 الى 20 سنة اذا كانت عقوبة الجناية المقررة على غيره من الفاعلين ، السجن المؤقت من 05 الى 10سنوات .
- السجن المؤقت اذا كانت عقوبة الجناية المقدمة على غيره من الفاعلين في السجن المؤقت من 10 الى 20 سنة .
وتطبق العقوبة نفسها دون تقليصها في عدة الحالات السابقة
وفي هذا الصدد وضع القضاء القوانين أن الحكم المذكور لا يطبق إلا اذا كان الفاعل قد ارتكب جريمة في الدائرة التي يمارس فيها وظائفه غير أنه لا يشترط أن يكون قد اتى فعله اثناء ممارسة وظائفه ، وأن لا يكون قد تلقي عون أو مساعدة شركاء أو فاعلين مساعدين ، كما أنه من الجائز تجاوز تشديد العقوبة بفعل تطبيق الظروف المخفقة .
العقوبات المقررة
المادة 112 : اذا اتخذت إجراءات مخالفة القوانين وكان تدبيرها عن طريق اجتماع أفراد وهيئات تتولى أي قدر من السلطة العمومية، أو عن طريق رسائل أو مراسلات فيعاقب الجناة بالحبس من شهر الى ستة أو أكثر.
ويجوز علاوة على ذلك أن يقضي بحرمانهم من حق أو أكثر من الحقوق المبنية في المادة 14 ومن تولى وظيفة أو خدمة عمومية لمدة عشر سنوات على الأكثر .
المادة 113 : القانون رقم ( 82 -04 المؤرخ في 13 فبراير 1982) اذا اتخذت اجراءات ضد تنفيذ القوانين أو أوامر الحكومة وكان تدبيرها بإحدى الطرق المذكورة في المادة 112 فيعاقب الجناة بالسجن المؤقت من خمس الى عشر سنوات .
واذا كان تدبير هذه الاجراءات تدين سلطات مدنية وهيئات عسكرية أو رؤساء فيعاقب المحرضون عليها بالسجن المؤقت من عشر سنوات الى عشرين سنة أما باقي الجناة فيعاقبون بالسجن المؤقت من خمس الى عشر سنوات .
المادة 114 : ( القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006) في الحالة التي يكون فيها الفرض عن تدبير اتخاذ الإجراءات بين سلطات مدنية وهيئات عسكرية أو رؤسائها أو كانت نتيجتها الاعتداء على الأمن الداخلي للدولة ، تكون عقوبة المحرضين السجن المؤبد والجناة الآخرين السجن المؤقت من 10 سنوات الى 20 سنة والغرامة من 1000.000 دج 20.000.000 دج
تطبق أحكام المادة 60 مكرر على الجناية المنصوص عليها في هذه المادة
المادة 115 : القضاة الموظفين الذين يقررون بعد التشاور فيما بينهم تقديم استقالتهم بغرض منع أو وقف قيام القضاء بمهمة أو تسيير مصلحة عمومية يعاقبون بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات .
المطلب الثالث : تجاوز السلطات القضائية والإدارية
مقدمة :
تحتل الوظيفة الإدارية والقضائية في المجتمع والدولة مكننه خاصة حيوية ، حيث أنها يمثلان السلطة التنفيذية والإدارية والسلطة القضائية والإجرائية .
وتتكون الوظيفة الإدارية والقضائية عضويا ووظيفيا من مجموع السلطات والمرافق والهيئات والوحدات المختلفة المركزية واللامركزية ، وكذلك هرم المحاكم حسب الاختصاص القضائي والابتدائي وقضاء الاستئناف والمحكمة العليا .
وأنشطتهما وأعمالهما المتعددة ، ووسائلها البشرية والمادية والمالية والفنية اللازمة لتحقيق أهداف المصلحة العامة في النظام الإداري .
والقضائي للدولة المعاصرة والمتمثلة أساسا في إدارة وتسيير المرافق والهيأت الإدارية والمحلية والمركزية واللامركزية بانتظام تام ، ودور المحكمة في القضاء وإقامة العدل عبر جميع مستوياتها وذلك لإشباع الحاجات العامة للمواطنين والمجتمع وصيانة النظام العام بأساليب وقائية لتحقيق الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة وحماية الآداب العامة ، وهي العناصر الحيوية لحياة شريفة لكل المواطنين .
ونظرا لحيوية وأهمية الوظيفتين الإدارية والقضائية في الدولة المعاصرة ، فإن جميع النظم الإدارية والقانونية والقضائية المقارنة توفر لها كافة أنواع الحماية لإقامة نظام رقابي وطني فعال في حمايته للوظيفتين الإدارية والقضائية بواسطة آلية تطبيق إجراءات المتابعة القضائية وإنزال العقوبات على هاته الجرائم .
أولا : القضاء الإداري في الإسلام
وقد يخطىء من يضن أن القضاء الإداري ظهر في فرنسا ومنها الى بقية دول العالم التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج ، ذلك أن الدولة الإسلامية كانت قد عرفت القضاء الإداري في شكل ديوان المظالم وصاحب المظالم .
إن ديوان المظالم كان ينشأ من قبل الخليفة من أجل النظر في منازعات الأفراد مع الولاة والحكام ، أي أن الأفراد كانوا يرفعون إليه الدعاوى ضد الإدارة ، وعليه فإن ديوان المظالم هو في حقيقة جهاز ذو طبيعة قضائية في العهود المتأخرة للدولة الإسلامية .
2- الأساس الشرعي لولاية المظالم
إن الاساس الشرعي لولاية المظالم يكمن في العديد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي منعت الظلم وأمر بالعدل ، قال تعالى في كتابه العزيز :
" إن الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي " ( سورة النمل الآية 60) .
" ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون " ( سورة ابراهيم )
إن وظيفة صاحب المظلم لم تظهر كوظيفة مستقلة إلا في وقت متأخر من الدولة الإسلامية ، حيث يلاحظ أن رئيس الدولة هو الذي كان يتولى مهمة النظر في المظالم فقد تولى الرسول الكريم (ص) ولاية المظالم ، كما أن الخلفاء الراشدين الأربعة قد جلسوا للمظالم فحذو حذو الرسول (ص) أما عبد الملك بن مروان ، الخليفة الأموي ، فقد خصص يوما للمظالم ، وكان الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز يمارس بنفسه وظيفة صاحب المظالم منصفا الرعية من الحاكمين ومبتدأ بأهل بيته وأقاربه .
أما من تولى هذا المنصب ( صاحب المظالم ) الذي كان يمارس اختصاصات متنوعة منها :
أ- منع تعسف الولاة وحماية حقوق الرعية : إن صاحب المظالم يمارس هذا الإختصاص من تلقاء نفسه وبقوة القانون دونما حاجة إلى دعوى أو مراجعة من متظلم ، ذلك أن ازالة المظالم واجب على كل مسلم ومسلمة . إن حكم هذا الاختصاص حكم كل ما يتعلق بالنظام العام في نظمنا القانونية الحديثة .
ب- النظر في الظلم الذي يوقعه موظفو بيت المال والقضاء بالأفراد عن طريق الضرائب والرسوم التي تفرض عليهم ، أو الاحكام التي تصدر ضدهم بدون وجه حق .
ج- اختصاص انضباطي على موظفي الدولة، فهو بمثابة ديوان الانضباط موظفي الدولة الاسلامية ، إن صاحب المظالم يمارس اختصاصاته بمعونة عدد من العمال يقومون بتوقيع الجزاء أو بإحضار الخصوم
تجاوز السلطات الإدارية والقضائية لحدودها
تعريف : ويقصد بها تجاوز كل من القضاة وضباط الشرطة القضائية والولاة ورؤساء الدوائر أو رؤساء المجالس البلدية الذين يتدخلون في أعمال الوظيفة التشريعية ، وذلك سواء بإصدار قرارات تتضمن نصوص تشريعية تقتضي بمنع ووقف تنفيذ قانون أو أكثر أو بالمداولة دون معرفة ما اذا كانت القوانين تنشر أو تنفذ أو بمنع تنفيذ الأوامر الصادرة من الإدارة والذين يصدون بعد أن يكونوا قد أدنوا أوامر بدعوة رجال الإدارة بمناسبة قيامهم بمهام وظائفهم على تنفيذ أحكامهم أو أوامرهم بالرغم من تقرير إلغائها .
أركان الجريمة
• الركن المادي : ويتمثل في اصدار قرارات تتضمن نصوص تشريعية تقتضي بمنع أو وقف تنفيذ قانون أو أكثر صادر من السلطة الإدارية .
• الركن المقترض : صفة الجاني التي تكون إما : قاضيا أو ضابطا أو والي أو رئيس دائرة أو رئيس مجلس شعبي بلدي .
• الركن المعنوي : القصد الجنائي بعنصرية العلم والإرادة .
العــــقوبات :
المادة 116 : يعاقب بالسجن المؤقت مرتكبوا جريمة الخيانة من (5-10) سنوات
1- القضاة وضباط الشرطة القضائية الذين يتدخلون في أعمال الوظيفة التشريعية سواء بإصدار قرارات تتضمن نصوص تشرعية بمنع وقف تنفيذ قانون أو أكثر أو بالمداولة لمعرفة ما اذا كانت القوانين ستنشر أو تنفذ .
2- القضاة وضباط لشرطة القضائية الذين يتجاوزون حدود سلطاتهم بالتدخل في القضايا الخاصة بالسلطات الإدارية سواء بإصدار قرارات في هذه المسائل أو بمنع تنفيذ الأوامر الصادرة من الإدارة والذين يصرون بعد أن يكونوا أو أمروا بدعوة رجال الإدارة بمناسبة قيامهم بمهام وظائفهم على تنفيذ أحكامهم أو أوامرهم بالرغم من تقرير إلغائها .
المادة 117 :
يعاقب بالسجن المؤقت من خمس الى عشرة سنوات الولاة أو رؤساء الدوائر أو رؤساء المجالس البلدية وغيرهم من رجال الإدارة الذين يتدخلون في أعمال الوظيفة التشريعية وفقا لما هو مقرر في الفقرة من المادة 116 أو الذين يتخذون قرارات عامة أو تدابير ترمي الى إصدار أية أوامر أو نواة إلى المحاكم أو إلى المجالس .
المادة 118 : عندما يتجاوز رجال الإدارة والوظائف القضائية بتقريرهم الاختصاص بالحقوق والمصالح التي تدخل في اختصاص المحاكم ثم بقيامهم بعد اعتراض الأطراف أو واحد منهم ، ورغم هذا الاعتراض بالفصل في الدعوى قبل أن تصدر السلطة العليا قراراتها فيها بالفعل يعاقبون بغرامة لا تقل عن 500 دج ولا يتجاوز 3000 دج .