السلام عليكم
هو نص نشطت إليه، من غير قصد مبيّت، فخرجت الكلمات ناقصة من غير تثبت
و بعد:
حينما تقحط سماء الصحب، و تغور مياه المودّة، و تظمأ الأفئدة عن سمر الأحبّة، و يضرب الجوارح جفاف مهلك، تذبل له أزهار الروح، و تتصدّع القلوب، و تنشق الكبد، و تحترق جنّات الصدور، فتتداعى الجوارح على تلك الحالة إلى صلاة الاستسقاء، و إمامهم الروح لمؤذّن مواثيق الصدق، فتصطف تستقي بما كان من ذكريات جميلة، و حكايات رزينة، فترفع أكف ما كان من عهود، و تزكو النفس بصلاة الوفاء، و ينثر الحب الدموع لتسقي القلب الظمآن، و تنبت في النفس الجروح و الأحزان، و تقنت الذات قنوتا له أول قد علم، و آخره مجهول مبهم.
و بعد ما شاء الله من تلك الصلاة و الحالة، لاح لنا عارض في سماء الأحبة، ففرحت الجوارح والروح فقالت (هذا عارض ممطرنا) بعد جفاء و ظلمة، فصفعها العقل بكف عاد الهالكة، فجادلته الروح باستحالة غدر الخلان، و بُعْد تنكرهم لما سلف من الزمان، إلا أنّها خصمت بواقع مر، و ريح عارض يهزّ الأركان.
قد أبت السماء أن تمطرنا، و رفضت أن تحيي قلوبا قد أضرها البعد و الفراق، فزاد سقم أهل المدينة، و قد أيقنوا أنهم لو بقوا على ما هم عليه فعاقبتهم لن تكون حميدة. فقد عصفت بهم ريح الهموم، و نغصت عليهم حياتهم الهموم، و ملكهم قد اعتل و ما صار قادرا عن حفظ مدينتهم، فهو يبيت ليله للعراء، يبكي صاحبا صيره الزمان من الأعداء، و ينوح على محبّة تصدعت بمعاول الأقرباء.
و لكن لا يزال بصيص من الأمل قائما، هو فرق بين روض الحياة و ديار الأموات، ذلك الأمل جعلني أخرج ذات ليلة باردة، عاريا إلا من رداء الأحزان، متكئا على عصا الوعد، أني (لن أتنكر و لو تنكرتم)، قاصدا ديار ليلى، و ليتها كانت ديار ليلى.
خرجت أطوى الأيام و ما أثقلها بالمصائب، و أقطع القفار أتكبّد المعائب، فاعترض دربي سباع الزمن، و قواطع الليل، قد وثبوا علي بأنيابهم و مخالبهم، فلم يرقبوا في القلب صدقه و نيته، و لا في العين دمعها و طلاقته، قد أكلوا كل حي و كل ميت، و نهشوا كل شيء مثبت.
و لكن عقدنا العزم على وصول ديار الأحبة و قد جفونا، و لنا ذلك أو نهلك دونه، فجمعت ما تركته لي السباع و واصلت المسير، أدفع القدر بالقدر، و أتجرع السم و أبلع المرّ، إلى أن لاحت لي الديار و ما أجملها،فشممت عبقها و روائح زهرها و ما أزكاها، ها هي دار الحبيب، و تلك هي أرض القريب، فلم يبق بيني و بينها إلى طرق الباب.
و لكن هذه عواطفنا و ما أضعفها، و تلك قلوبنا و ما أرقها، فالصاحب قد بنى جنته لغيري، قد علم بي أني أكابد و أصارع الموت و هو يتنعم ولا يذكرني، فيا قلبي فليس هذا الصاحب الذي كان، فكفاك غفلة و غرقا في الأحزان، أناشدك أيها الملك أن ترفق برعيتك فقد أهلكتم...
و لكن تعلو العاطفة العقل، فيحفر الملك قبره بقرب ديار الحبيب، ثم يقبر ذاته و قلبه، و يرسل روحه برسالة إلى الحبيب، عن رجل أحب حب الأساطير....
و لا أدري بعدها.......أيصلي الحبيب على قبري صلاة الغائب.....أم لا ...................علامة استفهام على صفحة الزمان.....
ضحى يوم الجمعة بقلم أبي الهيثــــــــــــم صالح القسنطيني