إن اكتشاف الطبيعة المزدوجة للجسيمات- الموجات، وعملية تكميم أو تكمية الطاقة جعل من الممكن تفسير التفاعلات الكهرومغناطيسية على أنها تغير سريع أو تبديل لمجموعة من الفوتونات بين الجسيمات المتفـاعلة.
ونظرا لأن هذا التغير أو التبديل يتم بصورة سريعة جدا بحيث لا يمكن ملاحظته إن تلك العملية يشار إليها على أنها عملية افتراضية (virtual process) . وبعد اكتشاف النيوترون عام 1932 ووضع هيزنبرج نظريته فى تركيب النواة من بروتونات ونيوترونات عام 934، افترض العالم اليابانى هديكى يوكاوا عام 1935 وجود قوى جاذبية نووية خاصة تبادلية وكبيرة بين البروتونات والنيوترونات داخل النواة، وهذه القوى مثل القوى الكهرومغناطيسية تفسر على أنها تغير سريع لجسيمات افتراضية تعمل بين البروتونات والنيترونات التى يمكن اعتبارها صورتين لجسيم يسمى النكليون (Nucleon) ، وهذه القوى تبادلية، بمعنى أن البروتونات والنيوترونات يمكن أن يتحول كل منهما إلى الاخر بعملية تحول تبادلى للجسيمات، فإذا ما تحول جسيمان إلى بعضهما فيجب أن يتبادلا شيئا ما أثناء هذه العملية فيأخذ البروتون هذا الشىء ويحوله إلى نيوترون بينما يتخذ النيوترون لدى فقدانه هذا الشىء شكل البروتون. وقدم يوكاوا تصوره لهذا الشىء الذى يبدل البروتون إلى نيوترون والعكس بأنه جسيم مادى ذو كتلة معينة ومهمته حمل القوى النووية بين النكليونات داخل النواة ويشبه هذا الجسيم الفوتون الذى يحمل القوى الكهرومغناطيسية، وهذا الجسيم له كتلة بعكس الفوتون الذى ليس له كتله، وقدر يوكاوا كتلة هذا الجسيم بحوالى 250 مرة قدر كتلة الإكترون ، أى فى مكان وسط بين كتلة الإلكترون والبروتون، وأطلق على هذا الجسيم بعد ذلك لفظ ميزون meson من اليونانية القديمة mesos التى تعنى متوسط.
ويعتقد أن مقترح هذه التسمية هو والد البروفيسور هيزنبرج والذى كان استاذا للغات الكلاسيكية. وبذلك فإن صورة التبادل النووى طبقا لنظرية يوكاوا تأخذ الشكل التالى:
تنتقل القوى النووية بواسطة تبادل سريع للميزونات بين البروتونات والنيوترونات فى فترة زمنية حوالى 10-23 ثانية، ويمكن تفسير كافة التفاعلات النووية الممكنة بافتراض وجود ثلاثة ميزونات أحدها موجب والآخر سالب والثالث متعادل، فعندما يبعث البروتون ميزونا موجبا فإنه يفقد معه شحنته الكهربية الموجبة ويتحول إلى نيوترون، أما النيوترون الذى يستقبل هذا الميزون فيتحول نفسه إلى بروتون وبالعكس، وتكتب هاتان العمليتان بالصورة الآتية:
حيث +μ تمثل الميزون الموجب.
وبالعكس فإن النيوترون يستطيع ابتعاث ميزون سالب متحولا إلى بروتون، واذا سقط هذا الميزون السالب فى أسر البروتون فإنه يتحول إلى نيوترون كالتالى:
حيث -μ تمثل الميزون السالب.
بعد عامين من وضع يوكاوا لنظريته الميزونية أى فى عام 1937 أعلن الفيزيائى الأمريكى كارل أندرسون (مكتشف البوزترون) وبمساعدة سيث ندرماير اكتشاف جسيم جديد فى الأشعة الكونية تقع كتلته فى المتوسط بين كتلتى الإلكترون والبروتون، واعتقد أنه الجسيم المسئول عن القوى النووية فى نظرية يوكاوا الميزون، غير أن الدراسات التالية، أوضحت أن خواص هذا الجسيم المكتشف لا تنطبق على الجسيم الخاص بنظرية يوكاوا فكتلته تبلغ حوالى 207 كتلة الإكترون، بينما كتلته ميزون يوكاوا تصل إلى حوالى 270 مرة قدر كتلة الإلكترون.
وبعد حوالى عشر سنوات أى فى عام (1947) اكتشف الفيزيائى البريطانى سيسل باول نوع جديد من الميزونات كتلتهما تبلغ حوالى 273 مرة قدر كتلة الإلكترون ولهما نفس خواص ميزونات يوكاوا، وهى جسيمات غير مستقرة تنحل بسرعة إلى ميزونات أخف هى الميزونات التى اكتشفها أندرسون قبل ذلك.
وللتمييز بين هذين النوعين من الميزونات سميت ميزونات اندرسون بميزونات ميو (أو الميونات - muons) ورمزها(μ). وسميت ميزونات باول بميزونات باى (أو البيونات - Pions) ورمزها (Π) . وقد تم بالفعل اكتشاف ثلاثة أنواع من البيونات (أو ميزونات باى) أحدها موجب (+Π) والثانى سالب (-Π) والثالث متعادل (Π0).
واتضح أن البيونات المشحونة كتلتها 273 مرة كتلة الإلكترون وتنحل فى زمن قدره 2.5×10-8 ئانية إلى ميون ونيوترينو كما يلى:
وهذا النوع من التفاعل يتبع التفاعلات الضعيفة لتميزه بفترة عمر من رتبة 10-8 ثانية. أما البيونات المتعادلة فكتلتها تبلغ 264 مرة كتلة الإلكترون وتنحل فى زمن قدره 10-16 ثانية بواسطة تفاعل كهرومغناطيسى إلى فوتونين كالتالى
حيث γ تدل على الفوتون.
ويعتبر الجسيمان+Π-،Π جسيمان مضادان لبعضهما، بينما الجسيم Π0 فهو جسيم عادى وجسيم مضاد فى آن واحد، وفى هذه الحالة لا يمكن التمييز بين الجسيم ومضاده. أما عن الميون نفسه (أو الميزون ميو) فقد ثبت خطأ تسميته بالميزون، لأنه فى واقع الأمر يتشابه مع الإلكترون فى كثير من خصائصه مثل الشحنة واللف الذاتى والمغناطيسية الذاتية وغيرها. ويختلف عنه فقط فى كتلته الكبيرة كبرا غير عادى فكتلته 207 مرة قدر كتلة الإلكترون , وهو غير مستفر فينحل فى فترة زمنية أو عمر يبلغ 2.2×10-6 ثانية إلى الإلكترون (أو بوزترون) ونيوترينو مضاد، ويمكن اعتبار الميون فى هذه الحالة إلكترونا ثقيلا أو حالة مثارة (excited state) للإلكترون.
وهناك اختلاف دقيق وعميق بين الميون والإلكترون، هو وجود نيوترينو ذاتى خاص بالميون يسمى بالنيوترينو الميونى إضافة إلى النيوترينو العادى المصاحب للإلكترون فى تفاعلاته والذى يسمى بالنيوترينو الإلكترونى.
و يتعنن عمر الميون بواسطة عمر الميون الموجب، حيث إن قياس عمر الميون السالب يلقى صعوبة شديدة بسبب أن هذا الميون عند التقائه بالذرة، ينفذ فيها ويستقر، مثل الإلكترون، فى مدار حول النواة، مستبدلا أحد إلكترونات الذرة، مكونا ما يسمى بالذرة الميونية (muonic atom) .
ويستطيع الميون الموجب بالاشتراك مع الإلكترون تكوين ذرة فريدة تسمى الميونيوم (muonium) والإلكترون يدور فى الميونيوم حول ميون موجب، كما يدور هو فى ذرة الهدروجين حول البروتون.
ولقد أمكن الحصول على الميونيوم لأول مرة عام 1960