أيها الأخوة الكرام ، والله الذي لا إله إلا هو لا أجد موضوعاً ينبغي أن يهتم به المسلمون كتربية الأولاد ، ذلك أن الأولاد ـ وهذه حقيقة خطيرة جداً ـ الأولاد الآن أولاد المسلمين هم الورقة الرابحة الوحيدة في أيدينا ، يعني بشكل واقعي وبلا مجاملات وبلا مبالغات لم يبقَ في أيدينا إلا أولادنا ، فحينما نعتني بهم معنى ذلك أننا نبني مستقبلنا ، حينما نعتني بهم معنى ذلك أننا ننتبه إلى مستقبلنا ، مستقبلنا بتربية أولادنا ، ومن منا يصدق أنه بالإمكان أن تصل إلى الجنان من خلال تربية أولادك ، طريق إلى الجنة سالك وأنت في البيت هذا الكلام أقوله وسوف آتي بتفاصيل إن شاء الله تعالى .
كنت قبل يومين أو قبل عدة أيام في بيروت ألقيت محاضرة في هذا الموضوع ، هذه المحاضرة هي التي دفعتني إلى أن أتمم هذه السلسلة ، قلت لهم : ـ وهذه عبارة أرددها كثيراً ـ مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطمح أن يكون ابنك صالحاً وأنت لست بصالح ، الطفل من خصائصه أنه يتعلم بالفكرة ، يتعلم بالصورة ، لا يستطيع الطفل أن يفرق بين المبدأ وبين الشخص ، الإنسان المتفوق الواعي المثقف عنده إمكانية أن يفرق بين المبدأ وبين معتنقي المبدأ ، لكن الطفل لا يستطيع ، يعني أبوه في أعلى مكان ، أما أن يقول : الإسلام عظيم لكن أبي مقصر ، هذه لا يستطيعها الطفل ، يرى أن أبيه هو الإسلام ، فإذا فعل الأب معصيةً فهذه مشروعة ، لذلك لا يمكن أن تطمح أن يكون ابنك صالحاً إن لم تكن أنت صالحاً ، ومن السخف والغباء والسذاجة أن يحرص الأب أن يكون ابنه مستقيماً وديّناً وصالحاً وهو ليس كذلك ، ومن السخف والغباء والسذاجة أن تحرص الأم على أن تكون ابنتها إنسانةً طيبةً طاهرةً عفيفةً وهي ليست كذلك ، لذلك لا يمكن أن تُقْدِم على وسائل التربية إلا أن تكون أنت قدوة .
كنت أروي قصة وهي أن إنساناً سافر إلى بلاد الغرب ، ورأى فتاةً تعلق بها أشد التعلق ، فاستأذن والده أن يتزوجها ، فكان الجواب قاسياً جداً إن تزوجتها فلست ابني ، ثم خطر في بال هذا الشاب الذي تعلق بهذه الفتاة تعلقاً شديداً أن يغير رأي والده ، يا أبتِ لو أنها أسلمت أتسمح لي بالزواج منها ؟ قال له : أسمح لك ، فأخبرها أن العقبة الوحيدة في الزواج أن تسلمي ، سألته : كيف أسلم ؟ اشترى لها كتباً باللغة الأجنبية عن الإسلام والقرآن ورسول الله والسيرة وما إلى ذلك ، كتب عديدة ، ودفعها إليها ، هي ذكية جداً اشترطت عليه أن تبتعد عنه أربعة أشهر كي تستوعب هذه الكتب ، وكي تقرأها بعيداً عن ضغوطه ، فحصل فراق أربعة أشهر ، هذا الشاب عد هذه المدة لا بالأشهر ولا بالأسابيع ولا بالأيام ولا بالساعات ولا بالدقائق بل بالثواني إلى أن مضت هذه الأشهر الأربعة فالتقى بها ، وكان الخبر الذي أفقده توازنه أنني أسلمت والإسلام حق لكنني لن أتزوجك لأنك لست مسلماً .