السلام عليكم
قصة الإبهار مع الجوهرة "ليونيل ميسي" لم تكن وليدة السنوات القليلة الماضية التي عرفه فيها الجمهور في أصقاع العالم , بل إن التاريخ يحكي أنه ومنذ نعومة أظفاره وتحديداً في الخامسة من
عمره كان محط إعجاب الكل في نادي "روساريو" ، النادي الذي كان محبوه يطلقون عليه اسم "نادي غراندولي" , في تلك الأثناء كان "دون أباريثيو" و "أوسكار لوبيز" أول مدربين لـ
"البرغوث" و وضعا فيه كل ثقتهما , وبالطبع كان نجمنا الذي بدأ للتو قصة حياته مع المستديرة أهلاً لها وفي الزمان والمكان متى ما إقتضت الحاجة .
بداية قصة نجومية ذلك الطفل كانت صدفة محضة , فحينها كان عمره بالكاد يصل خمسة أعوام , وكان صغيراً ليمارس معشوقته في نادي "غراندولي" الذي كان يضم في صفوفه "ماتياس" و
"رودريغو" شقيقا نجمنا الصغير , وفي الوقت الذي كانا فيه يلعبان أو يتدربان , كان نجمنا "ميسي" يركل كرة تنس صغيرة لمدة ساعات على احد جوانب الملعب , وفي إحدى الامسيات التي كان
يستعد فيها فريق "غراندولي" لخوض احدى اللقاءات انتبه المدرب أن تشكيلته لم تكن كاملة ، فلقد كان ينقصه لاعب , إنه الآن في مأزقٍ حقيقي فبدون هذا اللاعب سيكون أمامه خياران فإما
اللعب ناقص العدد أو ألا يؤدي المباراة فينسحب منها قبيل إقامتها درءاً لإحراج فريقه .
سلفادور اباريثيو
بحث المدرب في جميع الأرجاء فلم يجد أحداً ، زاد رقعة بحثه لتصل المدرجات بين الأهالي الذين قدموا لحضور لقاء أبنائهم فوقعت عينيه مصادفة على طفلٍ في الخامسة من عمره , ومن حسن
حظه أن ذلك الطفل لم يكن سوى "ليونيل ميسي" , لكن مهلاً .. بربّك "أباريثيو" أستضع ثقتك في طفلٍ في عمر هذا ليسد ثغرةً واضحة في فريقك ؟؟
دعونا من إستباق الأحداث .. ولنعرف ماذا حصل بعد ذلك , لنترك الكلام للسيد "أباريثيو" مدرب الفريق و أول من منح نجمنا فرصة ممارسة كرة القدم يصف تلك اللحظات الخاصة بنفسه : "في
ذلك المساء كان علي تنظيم لقاء بين فريق ( غراندولي ) من مواليد 1986 و فريق آخر اسمه "جونيور تانكي" (الدبابة الصغيرة) , كنت أعتقد أن أعضاء فريقي السبعة متواجدون كلهم ، ولكن
فجأة أدركت أنه ينقصني لاعب , بحثت في كل مكان فلم أجد ضالتي ، نظرت هنا و هناك و وقع بصري على طفل صغير يركل الكرة بجانب الشبك الذي يلف الملعب , كان يركل كرة تنس , ذهبت
إليه و تحدثت مع والدته و جدته اللتان كانتا في المدرج لأن شقيقي ميسي كانا يشاركان في اللقاء" , ولأنه كان من الضروري الحصول على موافقة والدة "ميسي" بسبب صغر سن إبنها حتى
يخوض ذلك اللقاء , توجه "أباريثيو" للتحدث مع جدته فدار بينهما الحوار التالي :
• المدرب : سيدة "سيليا" , هل تعيريني إبنك ؟
• " سيليا " بقلق : ولكنه صغير جداً , سيشعر بالخوف و لن يرغب باللعب مرة آخرى .
• المدرب يرد سريعاً وبثقةٍ لإقناعها: سأضعه في الجهة اليمنى إلى جانب باب الدخول إلى الملعب, إذا بدأ بالبكاء اقتربي من الباب و إحمليه بعيداً.
بعد ذلك حصل "أباريثيو" و إسمه الحقيقي "سالفادور ريكاردو" على موافقة السيدة "سيليا" , إذ أنه تمكن من إقناعها بمشاركة حفيدها "ليونيل" في لقاء تلك الأمسية ضد فريق (الدبابة الصغيرة) ,
ومنذ تلك اللحظات بالتحديد وعلى ذلك النحو بدأت قصة أسطورة البارسا الحالية ، في نادي متواضع للغاية في مدينة "روساريو" التي أصبح ميسي اليوم رمزها ومصدر فخرها الأول .
بدأ اللقاء .. ووضع المدرب "ميسي" كمدافع , و بدأت الكرة بالدوران .. الكل يتحرك لكن "ميسي" واقف مكانه بلا حراك لعدة دقائق , كان مكتفياً بمشاهدة زملائه يركضون بالكرة هنا و هناك ,
أسبابه كانت مقنعه فلقد كانوا أكبر منه سناً , لكن وحينما وصلت الكرة إلى قدميه بدأت الثقة والغريزة الكروية الفطرية تسري في شرايينه كما يصف الموقف بالتحديد السيد "أباريثيو ": "وصلت
كرة لميسي ، فمررها و ظل واقفاً , و بعدها وصلت كرة آخرى على قدمه اليسرى , وعندها بدأ بالجري كما لو كان لاعبا طوال عمره" .
أبهر "ميسي" كل الجمهور الحاضر , فبالنسبة لطفلٍ بالكاد بلغ عامه الخامس كان صغيرنا في تلك اللحظات يجري بالكرة بكل أناقة و مهارة بشكلٍ منقطع النظير لطفل صغير في عمره , لذا فهو لم
يمتع الموجودين بمراوغاته الذكية فحسب ، و إنما بعدة أهداف نجح في تسجيلها , ليحجز "البرغوث" لنفسه منذ ذلك اليوم مقعداً أساسياً في تشكيلة الفريق الذي ظل يلعب له حتى أصبح عمره
تسعة أعوام , والمثير للدهشة أنه وخلال أربعة سنوات في فريق "غراندولي" الذي تم الغائه قبل سنوات، حقق الصغير معدلاً تهديفيا قارب الستة أهداف كل لقاء , لتلي بعد ذلك مرحلة إندماجه في
فريق "نيو ويلز أولد بويز".
يقول أباريثيو الذي وافته المنية عام 2008 واصفا تلك اللحظات :"تمكن ليو من مراوغة جميع اللاعبين بشكل عبقري و بمبدع و عندما اقترب من منطقة الجزاء أخذت بالصراخ عليه :"سدد
الكرة يا ليو ..... سدد على المرمى". !!
المدرب الثاني لميسي ذي الخمسة أعوام يكمل لنا الحكاية. يقول السيد اوسكار لوبيز: "على الرغم من سنواته القليلة إلا أن ليو كان يمتلك مفهوم و تقنية اللعبة. كان يدرك تماما كيف يبحث عن
الفراغ و أين يضع الكرة، و هو ما كان بمقدور القليل من اللاعبين القيام به، أعني الموهوبين منهم". و يضيف لوبيز: "أضحك كثيرا عندما يطلق عليه الإعلاميون الرياضيون لقب
"البرغوث"، لأنه دائما ما كان كذلك. منذ صغيره كان مفعما بالنشاط برفقة كرة التنس التي لم تكن ترافقه و التي اعتقد أنها ساعدته كثيرا في التحكم بالكرة بالإضافة إلى مهاراته الفردية المميزة الأخرى".
بعمر السنة، كان ليو قادرا على المشي، و كان يلاحق كرة أشقائه. حصل في عيد ميلاده على هدية عبارة عن كرة و قميص نادي نيو ويلز الذي أصبح البرغوث مغرما به مدى الحياة.
يقول السيد خورخي ميسي عن انتقال "البرغوث" لنادي نيو ويلز : "حضر المنسق العام في النادي السيد جريفا و تحدث معي عن رغبة النادي في ضم ابني لصفوف الاشبال. تحدثنا قليلا في البيت و تم الاتفاق على كل
شيء.
"