عنف المجتمع - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتدى الأسرة و المجتمع > أرشيف منتديات الاسرة و المجتمع

أرشيف منتديات الاسرة و المجتمع هنا توضع المواضيع القديمة والمفيدة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عنف المجتمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-01-28, 08:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو معاذ محمد رضا
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي عنف المجتمع

عنف المجتمع ، وهذا نداء الشرع ، والعقل ، والمروءة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
جاء الشرع الحكيم المطهَّر ليغيِّر مفاهيم الناس بما تعوَّدوا على معرفته والعمل به إلى ما هو أعلى وأسمى - أو إلى معنى أعظم وأخطر - مما يعرفونه في جاهليتهم أو حتى في لغتهم العربية ، والمرجو مِن كل مَن يقرأ هذا المقال أن يتنبه لما فيه من العلم ليقوم بما عليه من العمل .
وإن من الأمثلة على ما نقول مما له تعلق بموضوعنا : الغلبة ، والإفلاس :
1. فقد اشتُهر عند العرب – ولا يزال هذا مشتهراً إلى الآن – أن المصارِع الذي يغلب الناس هو الشديد وهو القوي ، فلفت النبي صلى الله عليه وسلم نظر الصحابة – ونحن معهم – إلى معنى أسمى وأعلى للشدة والقوة ، وهي " غلبة الشيطان " بكظم الغيظ ومَلْك النفس ! وفي ذلك حديثان :
أ . عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقوم يصطرعون ، فقال : ( ماهذا ؟ ) قالوا : فلان الصريع ما يصارع أحداً إلا صرعه قال : ( أفلا أدلكم على من هو أشد منه ، رجلٌ ظلمه رجلٌ فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه ) رواه البزار - كما فى " كشف الأستار " ( 2 / 439 ، رقم 2054 ) ، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (10 / 519 ) .
ب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( ليس الشديد بالصُّرَعَة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) رواه البخاري ( 5763 ) ومسلم ( 2609 ) .
فالشديد القوي – إذن – ليس هو الذي يصرع الناس ويغلبهم بقوة عضلاته وبدنه ، بل الشديد القوي هو الذي يغلب شيطانه وشيطان من استفزه فيكظم غيظه وهو قادر على إيقاع العقوبة عليه ، محتسباً أجر ذلك عند ربِّه .
وهذا المعنى السامي للشدة والقوة هو الموافق للعقل ، فكم جرَّ الغضب على صاحبه من ويلات ومصائب ، فمن الناس من يغضب فيسب الله أو دينه – والعياذ بالله – فيتسبب بخروجه من الملة ، ومنهم من يغضب فيَقتل خصمه فيُقتل به أو يُسجن مؤبداً ، ومنهم من يغضب فيطلِّق زوجته فتتشتت أسرته ويضيع أولاده ، ولو أن هذا الغاضب الذي استفزه السفهاء مَلَك نفسه وكظم غيظه لظهر له مصالح كثيرة في ذلك ولكفَّ عن نفسه وعن أهل بيته وعشيرة مصائب عظيمة .
وهذا المعنى السامي للشدة والقوة موافق للمروءة ، فمن غير المروءة بالشخص الغاضب الذي تسبَّب بقتل خصمه أن يُذلَّ أهلَه وعشيرتَه في " الجاهات " واستجداء الناس في " الديات " ، ومِن غير المروءة أن يُهين زوجتَه بتركها أرملة إن تسبب لنفسه بالقتل ، أو بتركها وحيدةً تقاسي مشاق الدنيا إن تسبَّب لنفسه بالسجن ، ومِن غير المروءة أن يتسبَّب بتشريد أولاده في الشوارع والإتيان لأمهم بمصائب لا قبَل لها بها .
2. وقد اشتهر عند العرب – ولا يزال مشتهراً إلى الآن – أنَّ " المفلس " هو مَن ليس معه مال ، فلفت النبيُّ صلى الله عليه وسلم نظر الصحابة – ونحن معهم – إلى معنى " أخطر " و " أشد " من هذا المعنى ، ألا وهو " فقد الحسنات " فالمفلس – على الحقيقة – ليس هو فاقد المال فهذا أمره يسير إذ يستطيع بأدنى جهد أن يُحصِّل مالاً ، لكنَّ المفلس هو من يَجمع الحسنات ثم يأخذها منه غيره فتصير صحائفه خالية من الحسنات بل ويُلقى عليه سيئات غيره ثم يُلقى في النار ، وهذا هو – والله – الإفلاس الحقيقي .
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ( أتدرون ما المفلس ؟ ) قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : ( إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ) . رواه مسلم ( 2581 ) .
وهذا المعنى العظيم الخطير للمفلس هو الموافق للعقل ؛ إذ كيف لعاقل أن يقضي عمُره كلّه في الصلاة والصيام وبر الوالدين والصدقات ، ثم يضيِّع أجر ذلك كله بضرب فلان ! أو بقتل فلان ! وبفعله هذا قد صار لأولئك الناس حقوق في ذمته ، ولن يكون يوم القيامة " جاهات " ولا " عطوات " ولا " ديات " بل هي " الحسنات والسيئات " فيأخذ أولئك من حسنات هذا الضارب والقاتل ، فإن فنيت حسناتُه أُخذ من سيئاتهم – لأنهم أصحاب حقوق – فخففت عنهم وأُلقيت عليه ، فأصبح بلا حسنات وأصبح كثير السيئات فلن يكون له مكان في الجنة بل يُلقى في النار .
وهذا المعنى العظيم الخطير للمفلس هو الموافق للمروءة ، فأي مروءة تبقى عند ذلك الإنسان الذي تسبب لنفسه بالذل والإهانة في الدنيا بأن عُرف بسوء الخلق وأساء إلى أهله وعشيرته ؟! وأي مروءة تبقى عند ذلك الإنسان وقد صار سيء السمعة في الدنيا بما عُرف عنه بالبطش بالناس وضربهم وقتلهم ، ثم هو يوم القيامة لن يكون مع السعداء ؟! .
أيها الإخوة الأفاضل :
لو أننا أعطينا أنفسنا دقائق قليلة لنتفكر بالمعنى السامي للشدة والقوة ، وبالمعنى الحقيقي للإفلاس : لعلمنا أنه ليس من الشرع ولا من العقل ولا من المروءة ما نراه من قتل وعنف واعتداء على الأبرياء وسفك للدماء ، ولعلمنا أن الخير كل الخير في كظم الغيظ ، ومنع النفس من الغضب ، وأما من كان له حق عند الآخرين فيستطيع أن يأخذه كاملاً موفوراً بالتشاور مع العقلاء والحكماء ، وليعلم كل مسلم أن السجون لم تمتلأ والبيوت لم تهدم والأولاد لم يتشردوا والزوجات لم يذللن إلا وللغضب الدور الكبير العظيم في هذا .
وإن مما يعص القلوب ألَماً ما نقرؤه ونسمعه بين الحين والآخر عن مشاجرات وقتال ، تنزف فيها الدماء ، وتُستنزف فيها الأوقات والأموال والطاقات ، ونخسر فيها شباباً في أول حياتهم وعطائهم ، فهذا يُقتل وذاك يُسجن والثالث سيعيش حياته معوَّقاً ، فمتى يستيقظ العقلاء ؟ ومتى يتوقف هذا الانفلات والتهور ؟ وأما آن للنفوس أن تستقيم على أمر الله تعالى وتطمئن بذِكره عز وجل ؟ .
فهذا نداء الشرع ، والعقل ، والمروؤة : أن نحفظ أنفسنا من الغضب ، وأن نملكها من التهور ، وأن نحافظ على ما نجمعه من حسنات أن نصبح مفلسين منها ، والله الهادي إلى سواء السبيل .


للشيخ إحسان العتيبي جزاه الخيرا.








 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المجتمع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc