فضل الذكر والذاكرين

[السمروني]

فضل الذكر والذاكرين

--------------------------------------------------------------------------------
حضور قلب الذاكر



خاطب الله عباده ،خطاب الحبيب لحبيبه ، خطاب الناصح المشفق .
قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً هو الذي يصلي عليكم وملائكته يخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً } الأحزاب \ 41-43 \
فكان شأن المحب لله كثير الذكر يذكر ربه في كل أحيانه بقلب حاضر يعلم أنَّ الله يراه ، كثير التسبيح صباحاً ومساءً ، سراً وعلانيةً ، لا يفتر عن الذكر والتسبيح في عمله ومأكله وذهابه وإيابه وخلوته وجلوته ، مرة يناجيه في الصلاة ، ومرة يناجيه بتلاوة القرآن الكريم ، ومرة يناجيه بالتهليل والتسبيح والتكبير ..
حالهم حال رسول الله الذي يذكر الله في كل أحيانه ، والذي علَّـم الصحابة أن لا يزال لسانهم رطباً من ذكر الله عز وجل .
عن عبد الله بن بسر أنََّ رجلاً قال : يا رسول الله إنَّ شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ ، فأخبرني بشيء أتشبث به ؟ قال : لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله تعالى .
الترمذي – كتاب الدعوات عن رسول الله  – باب ما جاء في فضل الذكر .
على أننا نؤكد حرص المؤمن على الخشوع في الذكر ، وحضور القلب في التسبيح ، حتى تكون مع الله قلباً وقالباً ، ويكفيك أن تعلم معاتبة ربك لك في كتابه المجيد أن يكون ذكرك لقلقة لسان دون خشوع.
قال الله تعالى { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق..} الحديد \16\
واحذر أيها المسلم المحب أنْ تغفل عن ذكر الله ، أو تنشغل بجمع المال أو متعة النساء أو السرور مع الأولاد ، فإنَّ في ذلك خسارة الحب لله وخسارة الآخرة وحرمان الرضوان والجنان .
قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } المنافقون \9\
فوائد الذكر وثمراته :
1- الذكر فيه صدق الحب لله ، وزيادة الإيمان ، والرقي إلى مرتبة الإحسان .
2- ذكر الله اطمئنان للقلوب ،و رقي للروح ، واستقرار للحياة ،مما يحفظ المسلم من الاضطراب والضعف والمرض النفسي والعصبي ،إذ الذاكر لله قوي بالله ،لا ينهار و لا يضعف ما دام مع الله .
قال تعالى { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } الرعد \28\
3- الذاكر لله ، يذكره الله ويثني عليه عند الملائكة الكرام ، كما يحبه  فيفوز بالقرب والرضا .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : يقول الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي وأنا معه حين يذكرني ، فإنْ ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإنْ ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ، وإن اقترب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ، وإن اقترب إليَّ ذراعاً اقتربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة .
مسلم – كتاب الذكر والدعاء – باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله .
4- الذاكر لله يكرمه الله يوم القيامة أمام كل الخلائق .
عن عقبة بن عامر الجهني قال : قال رسول الله  : يُجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي ، فينادي مناد : سيعلم الجمع لمن الكرم اليوم ؟ ثلاث مرات ثم يقول : أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ؟ ثم يقول : أين الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ؟ ثم ينادي مناد : سيعلم الجمع لمن الكرم اليوم ؟ ثلاث مرات ثم يقول : أين الحمَّادون الذين كانوا يحمدون ربهم ؟ الحاكم – باب تفسير سورة النور . ( 8-161)
5- الذاكر لله يحرص على إتقان عمله لأنه يراقب الله في كل أحواله ، وإتقان العمل يسهم في بناء الحضارة و رقي المجتمع ، وهذه ثمرة طيبة يحصدها الإنسان في الدنيا قبل الآخرة .
عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي  قال : إنَّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه .
المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - كتاب البيوع - باب الصناع وكسبهم .
6- الذاكر لله يغدو إنساناً مستقيماً ، لا يعتدي على أحد و لا يؤذي أحد ، بل يحب الخير للناس كما يحبه لنفسه ويكره لهم الشر كما يكرهه لنفسه ، لأنَّ الخلق عباد الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعباده ، وهذه ثمرة اجتماعية طيبة يحصدها الإنسان ليسعد في مجتمعه بالأمن والاستقرار والمحبة والتعاون .
عن عبد الله بن مسعود  قال : قال رسول الله : الخلق كلهم عيال الله ، فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله . المعجم الكبير للطبراني \9844\.
أحب الأذكار إلى الله  :
تلاوة القرآن الكريم :
عن أبي سعيد الخدري  قال : قال رسول الله  : يقول الرب تبارك وتعالى : من شغله القرآنُ و ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه . الترمذي – كتاب فضائل القرآن عن رسول الله – باب ما جاء في قراءة النبي  .
لا إله إلا الله :
عن جابر بن عبد الله  قال : قال رسول الله : أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله  . ابن ماجه – كتاب الأدب – باب فضل الحامدين .
اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم :
عن عبد الله بن مسعود أنَّ رسول الله قال : أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة .
ورُوي عن النبي قال : من صلَّى عليَّ صلاة ، صلَّى الله عليه بها عشراً ، وكتبت له بها عشر حسنات. الترمذي – كتاب الصلاة – باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي .
سبحان الله و بحمده :
عن أبي ذر الغفاري قال : قال رسول الله : ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله ؟ قلت :يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله ، فقال : إنَّ أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده .
مسلم – كتاب الذكر والدعاء – باب فضل سبحان الله وبحمده .
وعن أبي هريرة  أنَّ :رسول الله  قال : من قال سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر . البخاري – كتاب الدعوات – باب فضل التسبيح .
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير :
عن أبي هريرة  أنَّ رسول الله قال : من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مئة حسنة ، ومحيت عنه مئة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان في يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء إلا أحد عمل أكثر من ذلك . البخاري – كتاب بدء الخلق – باب صفة إبليس و جنوده .
لا حول و لا قوة إلا بالله :
عن أبي موسى الأشعري قال : قال لي رسول الله : ألا أدُلُّك على كنز من كنوز الجنة ؟ فقلت : بلى فقال : لا حول و لا قوة إلا بالله .
مسلم – كتاب الذكر والدعاء – باب استحباب خفض الصوت بالذكر .
أستغفر الله العظيم و أتوب إليه :
عن عبد الله بن عباس  قال : قال رسول الله : من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب . أبو داود – كتاب الصلاة – باب الاستغفار .
وعن أبي هريرة عن رسول الله قال : إنَّ العبد إذا أخطأ خطيئة نُكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا نزع و استغفر وتاب صقل قلبه ، وإنْ عاد زيد فيها تعلو قلبه وهو الران الذي ذكر الله {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } . الترمذي - كتاب التفسير عن رسول الله - باب من سورة ويل للمطففين .
حسبي الله ونعم الوكيل : عن ابن عباس  قال :كان آخر قول إبراهيم  حين ألقي في النار : حسبي الله ونعم الوكيل . صحيح البخاري - كتاب تفسير القرآن - باب إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم الآية.
أحباب الله  :
حبك لله تعالى ينبغي أن يظهر على قلبك و جوارحك من كثرة الذكر وخشوع القلب واطمئنان النفس ، إذ المحب يكثر من ذكر محبوبه في كل أحيانه وأحواله وبين أصحابه وخلانه .
لذلك يجب أن تحافظ على ورد من الذكر يومياً تواظب عليه بحضور قلب وخشوع الفؤاد وسكن الجوارح .
\100\ مرة استغفار .
\500\ مرة لا إله إلا الله .
\100\مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .
\100\ مرة سبحان الله وبحمده .
\100\ مرة لا حول ولا قوة إلا بالله .
\100\ حسبي الله ونعم الوكيل .
\500\ مرة الصلاة على النبي .
وكلما أكثرت كان أجرك أكثر ،وثوابك أكبر ،وقلبك لله أقرب ، وما تقرب العبد إلى الله بأحب مما علَّمه إلى نبيه وحبيبه محمد ، فاحرص على هذا الكنز يحببك الله .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 0