رسالة "الدلائل في حكم موالاة المشركين"للعلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

رسالة "الدلائل في حكم موالاة المشركين"للعلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-03, 16:02   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي رسالة "الدلائل في حكم موالاة المشركين"للعلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالميـن.
اعلم رحمك الله: أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم: خوفاً منهم، و مداراة لهم و مداهنة؛ لدفع شرهم. فإنه كافر مثلهم(1)،وإن كان يكره دينهمويبغضهم، ويحب الإسلاموالمسلمين. هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك. فكيف إذا كان في دار منعة، واستدعى بهم،ودخل في طاعتهم وأظهر الموافقة على دينهم الباطل،وأعانهم عليه بالنصرةوالمال ، ووالاهموقطع الموالاة بينهوبين المسلمين،وصار من جنود الشركوالقباب وأهلها، بعدما كان من جنود الإخلاصوالتوحيدوأهله. فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر، من أشد الناس عداوة للهورسوله صلى الله عليه وسلم. ولا يستثنى من ذلك إلا المكره: وهو الذي يستولي عليه المشركون، فيقولون له: اكفر، أوافعل كذاوإلا فعلنا بكوقتلناك. أويأخذونه، فيعذبونه حتى يوافقهم. فيجوز له الموافقة باللسان، مع طمأنينة القلب بالإيمان.
وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلاً أنه يكفر (2)فكيف بمن أظهر الكفر خوفاًوطمعاً في الدنيا؟ !وأنا أذكر بعض الأدلة على ذلك، بعون اللهوتأييده:
الدليل الأول: قول الله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) .
فأخبر تعالى: أن اليهودوالنصارى وكذلك المشركون، لا يرضون عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتبع ملتهم،ويشهد أنهم على حق.
ثم قال: (قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوآءهم بعد الذي جآءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا نصير) وفي الآية الأخرى: (إنك إذا لمن الظالمين)فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لويوافقهم على دينهم ظاهراً من غير عقيدة القلب ـ لكن خوفاً من شرهمومداهنة ـ كان من الظالمين، فكيف بمن أظهر لعباد القبوروالقباب أنهم على حقوهدى مستقيم ؟ ! فإنهم لا يرضون إلا بذلك.
الدليل الثاني: قول الله تعالى : (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنياوالآخرةوأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)
فأخبر تعالى: أن الكفار لا يزالون يقاتلون المسلمين حتى يردوهم / عن دينهم إن استطاعوا. ولم يرخص في موافقتهم خوفاً على النفسوالمالوالحرمة، بل أخبر عمن وافقهم بعد أن قاتلوه ليدفع شرهم أنه مرتد. فإن مات على ردته بعد أن قاتله المشركون، فإنه من أهل النار الخالدين فيها. فكيف بمن وافقهم من غير قتال ؟ ! فإذا كان من وافقهم بعد أن قاتلوه، لا عذر له، عرفت أن الذين يأتون إليهم ويسارعون في الموافقة لهم من غير خوف ولا قتال، أنهم أولى بعدم العذر،وأنهم كفار مرتدون.
الدليل الثالث: قوله تباركوتعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة) فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياءوأصدقاءوأصحاباً من دون المؤمنين،وإن كانوا خائفين منهم،وأخبر أن من فعل ذلك: (فليس من الله في شيء). أي :لا يكون من أولياء الله الموعودين بالنجاة في الآخرة (إلا أن تتقوا منهم تقاة)، وهو أن يكون الإنسان مقهورا معهم، لا يقدر على عداوتهم.فيظهر لهم المعاشرة،والقلب مطمئن بالبغضاءوالعداوة،وانتظار زوال المانع. فإذا زال، رجع إلى العداوةوالبغضاء. فكيف بمن اتخذهم أولياء من دون المؤمنين من غير عذر، إلا استحباب الحياة الدنيا على الآخرة،والخوف من المشركينوعدم الخوف من الله، فما جعل الله الخوف منهم عذراً؛ بل قال تعالى: (إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين).
الدليل الرابع: قوله تعالى: (يأيها الذين ءامنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين).
فأخبر تعالى: أن المؤمنين إن أطاعوا الكفار، فلابد أن يردوهم على أعقابهم عن الإسلام؛ فإنهم لا يقنعون منهم بدون الكفر.وأخبر: أنهم إن فعلوا ذلك، صاروا من الخاسرين في الدنياوالآخرة.ولم يرخص في موافقتهموطاعتهم خوفاً منهم.
وهذا هو الواقع؛ فإنهم لا يقتنعون ممن وافقهم إلا بشهادة أنهم على حق،وإظهار العداوةوالبغضاء للمسلمين، وقطع اليد منهم.
ثم قال: (بل الله مولاكموهو خير الناصرين). ففي ولايتهوطاعته ، غنيةوكفاية عن طاعة الكفار.
فيا حسرة / على العباد: الذين عرفوا التوحيد،ونشئوا فيه،ودانوا به زماناً . كيف خرجوا عنولاية رب العالمين، وخير الناصرين. إلى ولاية القباب وأهلها، ورضوا بها بدلاً عن ولاية من بيده ملكوت كل شيء... ؟ !! بئس للظالمين بدلاً.
الدليل الخامس: قوله تعالى: (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من اللهومأواه جهنموبئس المصير).
فأخبر تعالى: أنه لا يستوي من اتبع رضوان الله،ومن اتبع ما يسخطه ومأواه جهنم يوم القيامة.ولا ريب أن عبادة الرحمنوحدهونصرها،وكون الإنسانمن أهلها: من رضوان الله. و أن عبادة القباب و الأموات و نصرها و الكون من أهلها: مما يسخط الله. فلا يستوي عند الله من نصر توحيده و دعوته بالإخلاص، و كان مع المؤمنين. و من نصر الشرك و دعوة الأموات و كان مع المشركين.
فإن قالوا: خفنا!!. قيل لهم : كذبتم و أيضاً: فما جعل الله الخوف عذراً في اتباع ما يسخطه، و اجتناب ما يرضيه.
وكثيراً من أهل الباطل: إنما يتركون الحق خوفاً من زوال دنياهم، و إلا فيعرفون الحق و يعتقدونه. ولم يكونوا بذلك مسلمين .
الدليل السادس: قوله تعالى: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم).أي: في أي فريق كنتم ، أفي فريق المسلمين أم في فريق المشركين ؟. فاعتذروا عن كونهم ليسوا في فريق المسلمين: بالاستضعاف. فلم تعذرهم الملائكة، و قالوا لهم: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم و ساءت مصيرا ) و لا يشك عاقل: أن [ أهل ] البلدان الذين خرجوا عن المسلمين، صاروا مع المشركين وفي فريقهم و جماعتهم. هذا مع أن الآية نزلت: في أناس من أهل مكة. أسلموا، و احتبسوا عن الهجرة. فلما خرج المشركون إلى بدر، أكرهوهم على الخروج معهم، فخرجوا خائفين. فقتلهم المسلمين يوم بدر؛ فلما علموا بقتلهم تأسفوا، و قالوا: قتلنا إخواننا.
فأنزل الله فيهم هذه الآية.
فكيف بأهل البلدان: الذين كانوا على الإسلام، فخلعوا ربقته من أعناقهم، و أظهروا لأهل الشرك الموافقة على دينهم، و دخلوا في طاعتهم، وآووهم و نصروهم، و خذلوا أهل التوحيد، واتبعوا غير سبيلهم، و خطئوهم، و ظهر فيهم: سبهم ، و شتمهم ، و عيبهم، و الاستهزاء بهم، و تسفيه رأيهم ـ في ثباتهم على التوحيد و الصبر عليه، و على الجهاد فيه ـ و عاونوهم على أهل التوحيد طوعاً لا كرهاً، واختياراً لا اضطرارا. فهؤلاء / أولى بالكفر و النار من الذين تركوا الهجرة شحاً بالوطن، و خوفاً من الكفار، و خرجوا في جيشهم مكرهين خائفين.
فإن قال قائل: هلاً كان الإكراه عذرا ـ للذين قتلوا يوم بدر ـ على الخروج؟. قيل: لا يكون عذرالأنهم في أول الأمر لم يكونوا معذورين. إذا أقاموا مع الكفار، فلا يعذرون بعد ذلك بالإكراه ؛ لأنهم السبب في ذلك، حيث أقاموا معهم وتركوا الهجرة.
الدليل السابع: قوله تعالى: (و قد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم ءايات الله يكفر بها و يستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم).
فذكر تبارك و تعالى، أنه نزل على المؤمنين في الكتاب: أنهم إذا سمعوا آيات الله يكفر بها، و يستهزأ بها فلا يقعدوا معهم، حتى يخوضوا في حديث غيره. و أن من جلس مع الكافرين بآيات الله، المستهزئين بها في حال كفرهم واستهزائهم: فهو مثلهم. و لم يفرق بين الخائف و غيره. إلا المكره.
هذا وهم في بلد واحد، في أول الإسلام . فكيف بمن كان في سعة الإسلام و عزه و بلاده، فدعا الكافرين بآيات الله المستهزئين بها إلى بلاده، واتخذهم أولياء و أصحاباً و جلساء، وسمع كفرهم واستهزاءهم واقرهم، وطرد أهل التوحيد و أبعدهم ؟ !!.
الدليل الثامن: قوله تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين) .
فنهى سبحانه المؤمنين: عن اتخاذ اليهود و النصارى أولياء.
و أخبر: أن من تولاهم من المؤمنين،فهو منهم . وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان، فهو منهم.
فإن جادل مجادل: في أن عبادة القباب، و دعاء الأموات مع الله ليس بشرك، و أن أهلها ليسوا بمشركين. بان أمره، و اتضح عناده و كفره.
ولم يفرق تبارك وتعالى بين الخائف، وغيره. بل أخبر تعالى: أن الذين في قلوبهم مرض يفعلون ذلك خوفاً من الدوائر. وهكذا حال هؤلاء المرتدين: خافوا من الدوائر، وزال ما في قلوبهم من الإيمان بوعد الله الصادق بالنصر لأهل التوحيد. فبادروا وسارعوا / إلى أهل الشرك، خوفاً أن تصيبهم دائرة، قال تعالى: (فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين).
الدليل التاسع: قوله تعالى: (ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون)(4).
فذكر تعالى: أن موالاة الكفار موجبة لسخط الله، و الخلود في العذاب بمجردها، و إن كان الإنسان خائفا . إلا من أكره بشرطه. فكيف إذا اجتمع ذلك مع الكفر الصريح، وهو: معاداة التوحيد و أهله، و المعاونة على زوال دعوة الله بالإخلاص، وعلى تثبيت دعوة غيره.
الدليل العاشر: قوله تعالى: (ولو كانوا يؤمنون بالله و النبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء و لكن كثيراً منهم فاسقون) .
فذكر تعالى: أن موالاة الكفار منافية للإيمان بالله، و النبي وما أنزل إليه. ثم أخبر: أن سبب ذلك، كون كثير منهم فاسقون . و لم يفرق بين من خاف الدائرة و بين من لم يخف. و هكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين، قبل ردتهم كثير منهم فاسقون. فجرهم ذلك إلى موالاة الكفار،و الردة عن الإسلام. نعوذ بالله من ذلك.
الدليل الحادي عشر: قوله تعالى: (و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم و إن أطعتموهم إنكم لمشركون).
وهذه الآية نزلت، لما قال المشركون: تأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل الله. فأنزل الله هذه الاية.
فإذا كان من أطاع المشركين في تحليل الميتة مشركاً ـ من غير فرق بين الخائف و غيره، إلا المكره ـ فكيف بمن أطاعهم في تحليل موالاتهم، و الكون معهم و نصرهم، و الشهادة أنهم على حق، واستحلال دماء المسلمين و أموالهم، و الخروج عن جماعة المسلمين إلى جماعة المشركين ؟؟. فهؤلاء أولى بالكفر و الشرك، ممن وافقهم على أن الميتة حلال.
الدليل الثاني عشر: قوله تعالى: (واتل عليهم نبأ الذي ءاتيناه ءاياتنا فانسـلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين)
وهذه الآية: نزلت في رجل عالم عابد، في زمان بني إسرائيل يقال له: بلعام. وكان يعلم الاسم الأعظم. قال ابن أبي طلحة، عن ابن عباس: لما نزل بهم موسى عليه السلام ـ يعني: بالجبارين ـ أتاه بنوا عمه و قومه، فقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة. و أنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع الله أن يرد عنا / موسى و من معه. قال: إني إن دعوت ذهبت دنياي و آخرتى. فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله مما كان عليه؛ فذلك قوله: (فأنسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) وقال ابن زيد : كان هواه مع القوم، يعني: الذين حاربوا موسى و قومه.
فذكر تعالى: أمر هذا المنسلخ من آيات الله بعد أن أعطاه الله إياها، و عرفها و صار من أهلها، ثم انسلخ منها. أي: ترك العمل بها، و ذكر في انسلاخه منها، ما معناه: أم مظاهرة المشركين و معاونتهم برأيه، و الدعاء على موسى عليه السلام ومن معه أن يردهم الله عن قومه؛ خوفاً على قومه و شفقة عليهم. مع كونه يعرف الحق و يقطع به، و يتكلم به ويشهد به، و يتعبد. و لكن صده عن العمل به: متابعة قومه و عشيرته وهواه، و إخلاده إلى الأرض. فكان هذا إنسلاخاً من آيات الله.
وهذا هو الواقع من هؤلاء المرتدين، و أعظم. فإن الله أعطاهم آياته التي فيها الأمر بتوحيده و دعوته وحده لا شريك له، و النهي عن الشرك به و دعوة غيره، و الأمر بموالاة المؤمنين و محبتهم و نصرتهم، و الإعتصام بحبل الله جميعاً، و الكون مع المؤمنين، و الأمر بمعاداة المشركين و بغضهم و جهادهم و فراقهم، و الأمر بهدم الأوثان، و إزالة الزنا و اللواط و المنكرات. و عرفوها و أقروا بها، ثم انسلخوا من ذلك كله. فهم أولى بالانسلاخ من آيات الله و الكفر و الردة من بلعام، أو هم مثله.
الدليل الثالث عشر: قوله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار و مالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون).
فذكر تعالى: أن الركون إلى الظلمة من الكفار و الظالمين موجب لمسيس النار، ولم يفرق بين من خاف منهم، و غيره. إلا المكره.
فكيف بمن اتخذ الركون إليهم ديناً و رأياً حسناً، و أعانهم بما قدر عليه من مال و رأي، و أحب زوال التوحيد و أهله، واستيلاء أهل الشرك عليهم...؟!! فإن هذامن أعظم الكفر و الركون.
الدليل الرابع عشر: قوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر / صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم * ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين).
فحكم تعالى حكماً لا يبدل: أن من رجع عن دينه إلى الكفر، فهو كافر. سواء كان له عذر ـ خوف على نفس، أو مال أو أهل ـ أم لا. وسواء كفر بباطنه وظاهره، أم بظاهره دون باطنه. وسواء كفر بفعاله و مقاله، أم بأحدهما دون الآخر. وسواء كان طامعاً في دنيا ينالها من المشركين أم لا. فهو كافر على كل حال، إلا المكره، و هو في لغتنا: المغصوب .
فإذا أكره الإنسان على الكفر، وقيل له: أكفر و إلا قتلناك، أو ضربناك. أو أخذه المشركون فضربوه، و لم يمكنه التخلص إلا بموافقتهم. جاز له موافقتهم في الظاهر، بشرط أن يكون قلبه مطمئنا بالإيمان. أي: ثابتا عليه، معتقدا له. فأما إن وافقهم بقلبه: فهو كافر، و لو كان مكرها. وظاهر كلام أحمد رحمه الله: أنه في الصورة الأولى. لا يكون مكرها حتى يعذبه المشركون؛ فإنه لما دخل عليه يحيي بن معين وهو مريض، فسلم عليه: لم يرد عليه السلام، فما زال يعتذر، و يقول: حديث عمارو قال الله: (إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان) فقلب أحمد وجهه الى الجانب الآخر. فقال يحيى: لا يقبل عذرا !!فلما خرج يحيي. قال أحمد: يحتج بحديث عمار. وحديث عمار: مررت بهم وهم يسبونك فنهيتهم فضربوني. و أنتم قيل لكم: نريد أن نضربكم. فقال يحيى: ما رأيت و اللهتحت أديم سماء الله أفقه في دين الله منك .
ثم أخبر تعالى: أن على هؤلاء المرتدين، الشارحين صدورهم بالكفر ـ و إن كانوا يقطعون على الحق، و يقولون ما فعلنا هذا إلا خوفاً _ غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ثم أخبر تعالى: أن سبب هذا الكفر و العذاب ليس بسبب الاعتقاد للشرك أو الجهل بالتوحيد، أو البغض للدينأو محبه للكفر؛ و إنما سببه: أن له في ذلك حظامع حظوظ الدنيا، فآثره على الدين وعلى رضى رب العالمين.
فقال: (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة [ و أن الله لا يهدى القوم الكافرين) فكفرهم تعالى، و أخبر أنه لا يهديهم مع كونهم يعتذرون بمحبة الدنيا. ثم أخبر تعالى: أن هؤلاء المرتدين لأجل استحباب الدنيا على الآخرة ]هم الذين طبع الله على قلوبهم و سمعهم و أبصارهم، و أنهم الغافلون .ثم أخبر خبراً مؤكداً محققاً: أنهم في الآخرة هم الخاسرون.
الدليل الخامس عشر: قوله تعالى عن أهل الكهف (إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في / ملتهم و لن تفلحوا إذا أبدا).
فذكر تعالى عن أهل الكهف _ أنهم ذكروا عن المشركين _: إن قهروكم و غلبوكم، فهم بين أمرين: إما أن يرجموكم. أي: يقتلوكم شر قتلة بالرجم. و إما أن يعيدوكم في ملتهم و دينهم، و لن تفلحوا إذا أبداً. أي: و إن وافقتموهم على دينهم بعد أن غلبوكم و قهروكم ، فلن تفلحوا إذا أبداً.
فهذا حال من وافقهم بعد أن غلبوه.فكيف بمن وافقهم وراسلهم من بعيد، وأجابهم إلى ما طلبوا من غير غلبةولا إكراه...؟
ومع ذلك يحسبون أنهم مهتدون.
الدليل السادس عشر: قوله تعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به و إن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين).
فأخبر تعالى: أن (ومن الناس من يعبد الله على حرف). أي على طرف. (فإن أصابه خير) أي: نصر و عز و صحة، وسعة و أمن وعافية و نحو ذلك (اطمأن به). أي: ثبت، و قال: هذا دين حسن.
ما رأينا فيه إلا خيرا. (و إن أصابته فتنة). أي: خوف ومرض وفقر و نحو ذلك (انقلب على وجهه). أي: ارتد عن دينه، ورجع إلى الشرك.
فهذه الآية مطابقة لحال المنقلبين عن دينهم في هذه الفتنة سواء بسواء؛ فإنهم قبل هذه الفتنة يعبدون الله على حرف. أي: على طرف. ليسوا ممن يعبد الله على يقين و ثبات. فلما أصابتهم هذه الفتنة، انقلبوا عن دينهم و أظهروا موافقة المشركين، و أعطوهم الطاعة، و خرجوا عن جماعة المسلمين إلى جماعة المشركين. فهم معهم في الآخرة، كما هم معهم في الدنيا. فخسوا الدنيا و الآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
هذا مع أن كثيرا منهم في عافية، ما أتاهم عدو. و إنما ساء ظنهم بالله، فظنوا: أنه يديلالباطل و أهله على الحق و أهله.
فأرداهم سوء ظنهم بالله؛ كما قال تعالى فيمن ظن به ظن السوء (و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين).
فأنت يا من منَّ الله عليه بالثبات على الإسلام: احذر أن يدخل قلبك شيء من الريب، أو تحسين أمر هؤلاء المرتدين، و أن موافقتهم للمشركين و إظهار طاعتهم رأي حسن؛ حذراً على الأنفس و الأموال و المحارم. فإن هذه الشبهة: هي التي أوقعت كثيراً من الأولين و الآخرين في الشرك بالله، ولم يعذرهم الله بذلك. و إلا فكثي منهم / يعرفون الحق و يعتقدونه بقلوبهم، و إنما يدينون بالشرك للأعذار الثمانية التي ذكرها الله في كتابه، أو لبعضها.
فلميعذر بها أحدا ولا ببعضها ؛ فقال (قل إن كان ءاباؤكم و أبناؤكم و إخوانكم و أزواجكم وعشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره و الله لا يهدى القوم الفاسقين).
الدليل السابع عشر: قوله تعالى: (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم و أملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر و الله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم).
فذكر تعالى عن المرتدين على أدبارهم: أنهم من بعد ما تبين لهم ، ارتدوا على علم. و لم ينفعهم علمهم بالحق مع الردة، و غرهم الشيطان بتسويله و تزيين ما ارتكبوه من الردة.
وهكذا حال هؤلاء المرتدين في هذه الفتنة: غرهم الشيطان و أوهمهم أن الخوف عذر لهم في الردة، و أنهم بمعرفة الحق و محبته و الشهادة به لا يضرهم ما فعلوه. و نسوا أن كثيراً من المشركين يعرفون الحق، و يحبونه و يشهدون به: و لكن يتركون متابعته والعمل به؛ محبة للدنيا، و خوفاً على الأنفس و الأموال و المأكل و الرياسات. ثم قال تعالى: (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض) فأخبر تعالى: أن سبب ما جرى عليهم من الردة وتسويل الشيطان، و الإملاء لهم، هو قولهمللذين كرهوا ما نزل الله: سنطيعكم في بعض الأمر.
فإذا كان من وعد المشركين الكارهين لما نزل الله بطاعتهم في بعض الأمر كافراً، و إن لم يفعل ما وعدهم به. فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما نزل الله من الأمر: بعبادته وحده لا شريك له، و ترك عبادة ما سواه من الأنداد والطواغيت والأموات، و أظهر أنهم على هدى، و أن أهل التوحيد مخطئون في قتالهم، و أن الصواب مسالمتهم و الدخول في دينهم، الباطل ؟!.
فهؤلاء أولى بالردة من أولئك / الذين و عدوا المشركين بطاعتهم في بعض الأمر. ثم أخبر تعالى عن حالهم الفظيع عند الموت ثم قال: (ذلك). أي: الأمر الفظيع عند الوفاة (بأنهم اتبعوا ما أسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم).
ولا يستريب مسلم ، أن اتباع المشركين و الدخول في جملتهم و الشهادة أنهم على حق، و معاونتهم على زوال التوحيد و أهله، و نصرة القباب و القحاب و اللواط: من اتباع ما يسخط الله و كراهة رضوانه، و إن ادعوا أن ذلك لأجل الخوف. فإن الله ما عذر أهل الردة بالخوف من المشركين. بل نهى عن خوفهم. فأين هذا ممن يقول: ما جرى منا شيء، ونحن على ديننا !!!.
الدليل الثامن عشر: قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم و لا نطيع فيكم أحداً أبداً و إن قوتلتم لننصرنكم و الله يشهد إنهم لكاذبون).
فعقد تعالى الأخوة بين المنافقين و بين الكفار. و أخبر أنهم يقولون لهم في السر: (لئن أخرجتم لنخرجن معكم). أي: لئن غلبكم محمد صلى الله عليه وسلم و أخرجكم من بلادكم لنخرجن معكم، (ولا نطيع فيكم أحداً أبداً). أي: لا نسمع من أحد فيكم قولا ً، ولا نعطي فيكم طاعة (و إن قوتلتم لننصرنكم) و نكون معكم. ثم شهد تعالى: أنهم كاذبون في هذا القول.
فإذا كان وعد المشركين في السر – بالدخول معهم و نصرتهم و الخروج معهم إن جلوا– نفاقاً و كفرا و إن كان كذباً. فكيف بمن أظهر لهم ذلك صادقاً، وقدم عليهم، ودخل في طاعتهم، ودعا إليها، و نصرهم و انقاد لهم، وصار من جملتهم و أعانهم بالمال و الرأي...؟! هذا مع أن المنافقين لم يفعلوا ذلك إلا خوفاً من الدوائر؛ كما قال تعالى: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة).
وهكذا حال كثير من المرتدين ، في هذه الفتنة: فإن عذر كثير منهم، هو هذاالعذر الذي ذكره الله عن الذين في قلوبهم مرض. و لم يعذرهم به؛ قال الله تعالى: (فعسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين * ويقول الذين ءامنوا هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين) ثم قال تعالى: (يأيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) فأخبر تعالى، أنه لابد عند وجود المرتدين: من وجود المحبين المحبوبين المجاهدين. ووصفهم بالذلةوالتواضع للمؤمنين،والعزةوالغلظةوالشدة على الكافرين.
بضد من كان تواضعهوذله ،ولينه: لعباد القباب،وأهل القحابواللواط.وعزته،وغلظته: على أهل التوحيدوالإخلاص !!!.
فكفى بهذا دليلا على كفر من وافقهم.
و إن ادعى أنه خائف؛ فقد قال تعالى (ولا يخافون لومة لائم).
وهذا بضد من يترك الصدق، و الجهاد: خوفاً من المشركين.
ثم قال تعالى: (يجاهدون في سبيل الله). أي: في توحيده، صابرين على ذلك ابتغاء وجه ربهم؛ لتكون كلمته هي العليا (ولا يخافون لومة لائم). أي لا يبالون بمن لامهم و آذاهم في دينهم. بل يمضون على دينهم مجاهدين فيه، غير ملتفتين للوم أحد من الخلق ولا لسخطه ولا رضاه و إنما همتهم و غاية مطلوبهم رضى سيدهم و معبودهم، والهرب من سخطه.
وهذا بخلاف من كانت همته وغاية مطلوبه: رضى عباد القباب، و أهل القحاب و اللواط و رجاءهم، والهرب مما يسخطهم !!!. فإن هذا غاية الضلال و الخذلان.
ثم قال تعالى: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله واسع عليم) فأخبر تعالى: أن هذا الخير العظيم، و الصفات الحميدة لأهل الإيمان الثابتين على دينهمعند وقوع الردة و الفتن: ليس بحولهم ولا بقوتهم، و إنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء، كما قال (يختص برحمته من يشاء و الله ذو الفضل العظيم).
ثم قال تعالى (إنما وليكم الله ورسوله و الذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) فأخبر تعالى _ خبرا بمعنى الأمر _: بولاية الله ورسوله و المؤمنين، وفي ضمنه النهي عن موالاة أعداء الله ورسوله و المؤمنين.
ولا يخفي: أي الحزبين أقرب _ إلى الله ورسوله وإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة _. أأهل الأوثان و القباب و القحاب واللواط و الخمور و المنكرات، أم أهل الإخلاص و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة....!!!؟ فالمتولي لضدهم: واضع للولاية في / غير محلها، مستبدلابولاية الله ورسوله و المؤمنين _ المقيمين للصلاة المؤتين الزكاةولاية أهل الشرك و الأوثان و القباب.
ثم أخبر تعالى: أن الغلبة لحزبه، و لمن تولاهم؛ فقال: (ومن يتول الله ورسوله و الذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون) .
الدليل التاسع عشر: قوله تعالى (لا تجد قوماً يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءاباءهم أوأبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)الآية.
فأخبر تعالى: أنك لا تجد من يؤمن بالله و اليوم الآخر، يوادون من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب. و أن هذا مناف للإيمان مضاد له، لا يجتمع هو و الإيمان إلا كما يجتمع الماء و النار؛ وقد قال تعالى في موضع آخر: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم و إخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) ففي هاتين الآيتين، البيان الواضح: أنه لا عذر لأحد في الموافقة على الكفر، خوفاً على الأموال و الآباء، و الأبناء و الأزواج و العشائر، ونحو ذلك مما يتعذر به كثير من الناس.
إذا كان لم يرخص لأحد في موادتهم، واتخاذهم أولياء بأنفسهم: خوفاً منهم و إيثارا لمرضاتهم. فكيف بمن اتخذ الكفار الأباعد أولياء و أصحاباً، و أظهر لهم الموافقة على دينهم، خوفاً على بعض هذه الأمور و محبة لها ؟! ومن العجب استحسانهم لذلك، و استحلالهم له، فجمعوا مع الردة استحلال المحرم .
الدليل العشرون: قوله تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى و عدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة) إلى قوله: (ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل).
فأخبر تعالى: أن من تولى أعداء الله – و إن كانوا أقرباء _ (فقد ضل سواء السبيل) . أي: أخطأ الصراط المستقيم، وخرج عنه إلى الضلال. فأين هذا ممن يدعي أنه الصراط المستقيم لم يخرج عنه !! فإن هذا تكذيب لله، ومن كذب الله فهو كافر. واستحلال لماحرم الله: من ولاية الكفار. ومن استحل محرماً فهو كافر.
ثم ذكر تعالى شبهة من اعتذر بالأرحام و الأولاد؛ فقال: (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم و الله بما تعملون بصير)فلم يعذر تعالى من اعتذر بالأرحام و الأولاد، و الخوف عليها ومشقة مفارقتها . بل أخبر / أنها لا تنفع يوم القيامة، ولا تغني من عذاب الله شيئاً؛ كما قال تعالى في الآية الأخرى: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون).
الدليل الحادي والعشرون: من السنة، ما رواه أبو داود، وغيره عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جامع المشرك، وسكن معه فإنه مثله) فجعل صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: من جامع المشركين _ أي اجتمع معهم، و خالطهم وسكن معهم مثلهم. فكيف بمن أظهر لهم الموافقة على دينهم، و آواهم و أعانهم!!؟.
فإن قالوا: خفنا !. قيل لهم: كذبتم. و أيضاً فليس الخوف بعذر؛ كما قال تعالى: (ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذى في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله) فلم يعذر تبارك و تعالى من يرجع عن دينه عند الأذى و الخوف. فكيف بمن لم يصبه أذى ولا خوف، و إنما جاء إلى الباطل محبة له و خوفاً من الدوائر.؟!.
و الأدلة على هذا كثيرة. وفي هذا كفاية لمن أراد الله هدايته.
وأما من أراد الله فتنته و ضلالته؛ فكما قال تعالى: (إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل ءاية حتى يروا العذاب الأليم). و نسأل الله الكريم المنان: أن يحيينا مسلمين، و أن يتوفانا مسلمين، و أن يلحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين برحمته وهو أرحم الراحمين. و صلى الله علي محمد وعلى آله و صحبه و سلم(4) .


(1) ينظر التفريق عند أئمة الدعوة: بين المداراة و المداهنة. و أن المداراة لا بأس بها؛ عند الحاجة المعتبرة. ابن قاسم ((الدرر السنية)) (5/35) و انظر أيضاً: الآجري ((الغرباء)) (79).



(2) وسند الإجماع، قول الله تعالى: (و لئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض و نلعب قل أبالله و ءاياته و رسوله كنتم تستهزءون (65) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) الآية سورة التوبة الآيتان 66،65.
(3) ينظر الفرق بين الموالاة و التولي، و أن الموالاة بمجردها لا تعد كفراً المؤلف ((أوثق عرى الإيمان)) (133) وابن قاسم ((الدرر السنية)) (5/201).

(4) كتب بعد ذلك في الأصل ما نصه (بلغ مقابلة. تمت و كملت و الله أعلم. كتبه لنفسه الفقير إلى الله عبد الله بن حمود. وجدتها بخط أظنه خط المؤلف رحمه الله تعالى ورحم الله الشيخ، ومن صلح من ذريته و نصره و آواه و جعلنا من أتباعهم بإحسان آمين).








 


قديم 2011-02-03, 17:01   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي حول الرسالة ل د. الوليد بن عبدالرحمن بن محمد آل فريان

موضوع الرسالة
الولاء والبراء أصلان عظيمان من أصول الإسلام، ومظهران بارزان من عقيدة أهل السنة والجماعة تتميز به عن غيرها. وذلك نابع من كونهما من أهم لوازم كلمة التوحيد (لا إله إلا الله).
وبما أنه لا ولاء إلا ببراء، كان من الضروري توضيح مبدأ البراء، والكشف عن معانيه. ومن هنا اكتسبت الرسالة أهميتها، وحرص علماء نجد خاصة على تلقينها للطلاب وحفظها عن ظهر قلب .
وقد استهدفت الرسالة إثراء هذه القضية، وبيانها على نحو بعيد عن الغموض أو الابهام. فاستهلها المؤلف بالحديث عن حكم إظهار الموافقة للمشركين وموالاتهم، وكان قوله صريحاً صارماً منذ البداية ومدعماً بالدليل من الكتاب والسنة. ولذا تمكنت من إسقاط جميع الأعذار التي يتشبث بها من لم يقر في قلبه الإيمان، بصورة أزاحت الغشاوة عن العيون، وبددت ما كان عالقاً في الأذهان مما نسجه الخوف، وغذته الوساوس. ويلمح القارئ للرسالة اهتمام المؤلف بأمرين :
أولهما: التأكيد على خطر بعض صور الشرك في وقته، ولا سيما تعظيم القباب، ودعاء الأموات: لأن ذلك شرك صريح مخرج عن الملة، ولا مجال للجدال فيه.
وثانيهما: أن الإكراه عن الشرك والكفر، يسقط المؤاخذة. إذا ما كان إكراهاً حقيقياً يتعذر دفعه. والقلب مطمئن بالإيمان لا يخالطه ريب أو شك.
ويبدو من سياق الرسالة وأسلوبها الحازم الصريح، أن الشيخ سليمان كتبها أثناء اجتياح الجيوش العثمانية لنجد، بعدما تسامع الناس عن مواقف بعض القرى والبوادي المتخاذلين يقول رحمه الله في حديثه على الدليل السادس عشر { وَمِنَالنَّاسِ مَنيَعْبُدُاللَّهَعَلَىحَرْفٍ }: فهذه الآية مطابقة لحال المنقلبين عن دينهم في هذه الفتنة سواء بسواء ... لما أصابتهم هذه الفتنة انقلبوا عن دينهم وأظهروا موافقة المشركين .









 

الكلمات الدلالية (Tags)
"الدلائل, موالاة, رسالة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:00

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc