الميزان في الميزان ...

[أبو عاصم مصطفى السُّلمي]

بــــسم الله الرحمن الرحيــــم

يوصلك الهادي الخِرِّيت ، إلى الجادة الفيحاء ، الواضحة المعالم ، و يوصي بعدم الحيدة عنها مهما كانت المغريات ، و إلا فهي فهي الهلكة و العطب ، لكنّك خالفت وصيته
هل أنت عاقل ؟
رجل يزعم أنّه يسير في دربين متضادين ، أحدهما مشرق و الآخر مغرِّب ، في نفس الوقت .
هل هذا عاقل ؟
رجل يزعم أنّ نور القمر ، أشدُّ ضياء من ضوء الشمس ، و أن الإبصار في الحوالك و الدّواجي ، خيرا منه في رابعة النّهار .
هل هذا عاقل ؟
رجل حديد البصر ، تامُّ الإرادة ، يحُثُّ السّير نحو حفرةٍ تتأجّج نارا . فيقال له : إن النار قدّامك . فيقول : أعلم ، لكنّه لا يحيد .
هل هذا عاقل ؟
رجل في غابة لم يرها قطّ ، يقول للدّليل : أنا أعلم منك بمسالك هذه الأدغال . و يركب سجيحة رأسه .
هل هذا عاقل ؟
رجل يرشد أصحابه إلى السبيل الصّحيح ، و يأمرهم بعدم الأخذ في غيره ، لكنّه يسلك غير ما أمرهم به .
هل هذا عاقل ؟
فئامٌ من النّاس مبصرةٌ أعينهم ، يكونُ مرشدُهم في جبل شاهق وعر ، أعمى لا يبصر شيئا .
هل هم عقلاء ؟
رجل أتاه آتيان ، قال أحدهما : الدرب ذات اليمين . فقال : صدقتَ ، هو كذلك . فقال الآخر : بل الدّرب ذات الشِّمال . فقال : صدقت ، هو كذلك .
أنتما محقّان جميعا . ( و ليس لمقصدهم إلا سبيل وحيد )
هل هذا عاقل ؟
تغرق مدينتك ، و ترى النّاس يركبون السّفينة ، و فيها فُسحة و سَعَة . لكنّك تأبى الرُّكوب ، و ترجو النّجاة مع ذلك .
هل أنت عاقل ؟
أتيت على نهر عميق الغور ، و أنت تحمل أثقالا من الصّخر و الحجارة ، تنوء عن حملها الإبل ، و عند النّهر رجل يستبدل الصّخر ، بما خفّ وزنه و نفس ثمنه . لكنّك تصرُّ على قطع النهر بتلك الأحمال .
هل أنت عاقل ؟
رجل يفضي بسرّه إلى ألدِّ أعداءه ، و يجعل ثقته في أخوَن شانئيه ، و يستعين بأهون النّاس لديه .
هل هذا عاقل ؟

كيف وجدتَ ميزانك ؟

بقلم : المهاجر إلى الله
السُّـــلمي