300 طفلــــة مغتصبــــــة طــردت من المدرســـــة لأنهـــا حامـــــــل
السبت, 27 نوفمبر 2010 20:33
حكايات تخجل الأذن سماعها ومشاهد يصعب على العين تخيّلها لقصص اغتصاب البراءة واستغلالها جنسيا، تحدث يوميا بسبب صمت الدولة وبتواطؤ من المجتمع الذي لايزال يرى الحديث عن مثل هذه السلوكات المشينة منافيا لعاداته وخرقا لقيمه الإسلامية· ''الجزائر نيوز'' تقرّبت من بعض الضحايا لنقل معاناتهم، هي قصص لخمسة أطفال قرروا خرق دائرة الصمت المطبق وسرد تفاصيل وقوعهم ضحايا لاعتداءات جنسية من أحد المقربين منهم·
ملف من اعداد: زواوية· ب
تمكنا بعد جهد وعدد من الاتصال من الظفر بلقاء خمسة أطفال اختلفت أعمارهم وعناوينهم إلا أنه تجمعهم الإساءة والإهانة التي تعرّضوا لها بالرغم من اختلاف ظروفهم، إلا أن قصصهم تفطر القلب عند سماعها، ولعل أكثرها حزنا قصة الطفل ''محمد'' ذي أربع سنوات ربيعا، تعرّض لاعتداء جنسي من قبل زوج جدته منذ أشهر قليلة، حيث استغل الشيخ الهرم خروج زوجته ووالدة الضحية لزيارة ابنته، التي كانت مريضة، حينها قال والد محمد بأن زوج الجدة طلب من زوجته عدم أخذ معها محمد حتى لا يضايقها بشقاوته، مقترحا عليها التكفل به إلى حين عودتها من الزيارة· وأمام إلحاحه، وبالنظر لثقة العائلة به باعتباره فرد منها منذ سنوات، وافق الجميع على مطلبه·
خرجت الجدة رفقة زوجة ابنها بعد صلاة ظهر أحد أيام منتصف شهر سبتمبر ليتركوا الصغير فريسة سهلة أمام ذلك الشيخ الشاذ الذي لم تشفع عنده دموع وصراخ محمد لإرغامه على التوقف عن ممارسة أفعال مخلة بالحياء، إذ استمر إلى غاية أن أشبع جميع رغباته الحيوانية· وأردف الطفل محمد قائلا: ''طلب مني جدي أن لا أخبر أحدا إلا أن الآلام التي كنت أحس بها كانت شديدة، لذا قررت أن أخبر أبي الذي اندهش ولم يصدقني لوهلة قبل أن يقرر عرضي على الطبيب الذي أكد بدوره أنني تعرّضت لاعتداء جنسي'' سكت الطفل ليكمل عنه أباه قائلا: ''أصبت بذهول كبير لأنني لم أتصور بأن الشيخ الذي عاش معنا لسنوات واعتبرته مثل أبي يرتكب هذا الجرم الذي لا يغتفر في حق ابني الصغير، فغضبي كان كبيرا حين معرفتي بالاعتداء وصل إلى حد محاولة قتله لولا تدخل بقية أفراد عائلتي، والمثير للاشمئزاز هو إصرار زوج أمي على الإنكار حتى بعد شهادة الطبيب الشرعي''·
أما قصة الطفل ''زكي'' فهي تجسد مدى اندثار تلك العلاقة الروحانية الأبوية بين الطفل ووالده عقب تعدي هذا الأخير على ابنه وممارسة عليه الجنس بأبشع الطرق، إذ لم تمنعه صلة الرحم من اقتراف هذا الجرم· يروي ''زكي'' البالغ تسع سنوات من عمره والدموع تنهمر من عينيه مرارة ما عاشه على يد أبيه، حيث يقول: ''ذهبت في أحد الأيام لرؤية أبي الذي يسكن لوحده بعدما انفصل عن والدتي، أتذكر بأن ذلك اليوم كان يوم خميس، من أجل المبيت وقضاء نهاية الأسبوع عنده مثل العادة''، سكت زكي لحظة من أجل استجماع أنفاسه ليتابع: ''تناولنا العشاء معا ثم قصدت الغرفة التي أنام فيها لأتفاجأ منتصف الليل بأبي سكران يتحرش بي، حاولت حينها التملص منه، إلا أن جميع محاولاتي باءت بالفشل''·· لم يستطع زكي متابعة حديثه عندما استرجع شريط تلك الصور البشعة، حيث غلبته الدموع المنهمرة من عينيه، قائلا: ''لم أتصور أن أتعرّض ولو لجزء مما عشته من أبي''، ليعود ويقول بأنه استسلم في الأخير لأبيه الذي تمكن من إشباع رغبته الحيوانية بعدما انهال عليه بالضرب المبرح· وأضافت والدة زكي بأن ابنها يعاني اليوم من مشاكل واضطرابات نفسية، حيث يتعرّض لانهيارات عصبية كلما سمع سيرة والده المتابع اليوم بتهمة التعدي على ابنه·
وعكس القصتين السابقتين، فإن حكاية سعاد (13 ربيعا) تختلف تماما، فالظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عائلتها المكونة من 6 أفراد دفعت بأمها إلى إجبارها رفقة أختها البالغة من العمر 14 إلى العمل في الدعارة من أجل ضمان قوت أخواتها الصغار، تقول الطفلة سعاد بمرارة وألم: ''والدي مات وعمري لم يتجاوز العشر سنوات، حينها تركت مقاعد الدراسة واقتحمت عالم الجنس رفقة شقيقتي مقابل أثمان بخسة وفي ظروف أقل ما يمكن وصفها بأنها لا ترقى إلا لمعاملة الحيوانات، وبالرغم من ذلك تشجعني والدتي دائما على مواصلة هذا العمل بحجة أن ظروفنا المادية تحسنت كثيرا نظرا للمدخول الذي نحصل عليه''· وعن سبب عدم لجوئها إلى الجهات المختصة لإنقاذها، صرحت بأن الدعارة أصبحت حاضرها ومستقبلها، لأنه لا يوجد أي جهة توفر لها الحماية والأمان، لأن الهيئات المختصة ستقوم بوضعها في مراكز الإيواء إلى حين بلوغها سن الـ ,18 وبعدها تطرد لتعود إلى الدعارة من جديد، لكن دون عائلتها، ''لذا أفضل ممارسة الجنس والبقاء في عائلتي أحسن لي من الشارع''·
بالنسبة للطفل محمد، فمرارة ما عاشه لا يختلف كثيرا عن الذي يعيشه آلاف الأطفال الذين يتعرّضون للاغتصاب يوميا دون حصولهم على المساعدة، فمحمد وقع ضحية السلوكات الشاذة لمدربه في رياضة الكاراتيه الذي اعتاد على ممارسة الجنس لتلبية غرائزه الحيوانية عليه يوميا، مرات قبل الحصص التدربية ومرات بعدها مقابل مبالغ مالية حتى لا يقوم الطفل بإبلاغ والديه، وبعد أشهر من تلك الممارسات المشينة تقول الأم ''راودتي الشكوك حول احتمال تعرّضه لاعتداء جنسي عندما لاحظت إحساسه بألم شديد ومتكرر خاصة عند جلوسه معنا على طاولة العشاء بعد عودته كل مرة من التدريبات، حينها قررت عرضه على الطبيب إلا أنني تفاجأت بالحقيقة المُرة عندما أخبرني الطبيب بأن ابني مورس عليه الجنس لمرات طويلة، وقبل إتمام حديثه انفجر ابني باكيا ومعترفا بالحقيقة قائلا بأنه يتعرّض بالإكراه للاعتداء الجنسي من قبل مدربه الذي يهدده بالضرب إذا أخبر عائلته، كما يعطيه مقابلا ماديا''· وتضيف الأم بأن تلك الإهانة التي تعرّض لها ابنها حوّلته من طفل نشيط ومرح إلى طفل انطوائي يرفض الاحتكاك بالعالم الخارجي بالرغم من أن الطفل يخضع لعلاج نفسي بحضور الأم·
إن استفحال هذه الظواهر الشاذة داخل مجتمعنا لم يستثن أي فئة طفولية من إمكانية وقوعها ضحية لأشخاص مختلين نفسيا، فحتى الأطفال المعاقين لم يسلموا من هذا الاعتداء الجنسي، فعلى سبيل المثال قصة الطفل كمال البالغ 15 سنة، الذي لا يسمع ولا يتكلم، خير دليل· القصة التي أثارت سخط وغضب جميع سكان القرية، التي عاشت فصولها انفجرت ذات يوم عندما تبع شقيق الضحية كمال الذي اعتاد الذهاب إلى مزرعتهم رفقة ابن عمه الذي يكبره بـ 10 سنوات، وعند وصولهم اختبأ شقيقه ليتفاجأ بابن عمه الشروع في ممارسة الجنس على أخيه الصغير، قائلا ''أصبت بصدمة كبيرة عندما رأيت ذلك المشهد، حيث لم أتمالك نفسي وانهلت على ابن عمي بالضرب لولا تدخل بعض العمال الذين سمعوا الصراخ لكنت قد قتلته، فأنا كنت اتبعه ظنا مني بأنه يعطيه المخدرات لتناولها، ولم يخطر ببالي قط بأنه يرضي غرائزه الحيوانية، خاصة وأنه شخص متزوج وزوجته حامل منه·
هي بعض القصص لعينات من التعدي الصامت في مجتمعنا ضد الطفولة، في حين يبقى الآلاف من الأطفال يعانون في صمت من اعتداءات جنسية متكررة تغتصب فيها كل مرة أحلامهم وتقضي على أمانيهم وتنبئهم بمستقبل قاتم وبحجيم قادم أمام صمت مطبق من طرف الجهات المعنية بحماية الطفل ومن ينصبون أنفسهم للدفاع عن حقوق الطفل·
10آلاف طفل ضحايا الاعتداءات الجنسية خلال السنة
اقترن الحديث عن حقوق ومشاكل الطفل في الجزائر بالمناسبات فقط سواء الوطنية أو العالمية، لكن هل هناك أي جهة تسلط الضوء على هذه الفئة خارج هذه الاحتفالات· ولعل غياب أرقام دقيقة حول عدد الأطفال الذين يتعرضون لشتى أنواع الاعتداءات وحتى الاستغلال خير دليل على هذا التهاون في حماية الطفولة الذي يقع على عاتق الدولة باعتبارها الوصي الأول على ضمان محيط أمن لممارسة الطفولة، وعلى المجتمع ثانيا الذي يتستر على العديد من الأشخاص الذين يتلذذون بإيذاء الأطفال ويسلبوهم حقهم، مقابل هذا ترتفع أصوات بعض الجمعيات مقدمة أرقاما هنا وهناك حول عدد الأطفال ضحايا التحرشات والاستغلال الجنسي التي تفوق الـ 10 آلاف طفل سنويا، في غياب أرقام رسمية حول تنامي العديد من الظواهر الشاذة في مجتمعنا خاصة عقب الانتشار الكبير لمافيا تستغل تلك الأجسام الصغيرة والنحيلة وبالإكراه البغاء· من جهتها، تلقت الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل منذ بداية السنة الجارية، وعبر خطها الأخضر، 122 اتصال لأطفال قصر أغلبهم دون السن الـ 10 ضحايا الاعتداء الجنسي ليرتفع بهذا عددهم إلى 8000 طفل وقعوا ضحايا الاعتداءات الجنسية في المساجد والمدارس وحتى الروضات· ويعترف القائمون على الشبكة بأن هذا الرقم لا يعكس حتى النصف الحقيقي للحالات المسجلة التي تحدث يوميا بالرغم من انعكاساتها النفسية والاجتماعية على الضحايا الصغار·
تناضل قلة من الجمعيات الناشطة في ميدان حقوق الطفل من أجل إعادة إدماج الأطفال ضحايا الاستغلال الجنسي اجتماعيا نتيجة جملة من المشاكل التي تعترض هذه العملية· ففي الوقت الذي يحصر فيه القائمون على شبكة ''الندى'' أهم تلك العوائق في إعادة الضحايا، سيما الفتيات المغتصبات، إلى قاعات التدريس بسبب إقدام وزارة التربية على فصلهم نتيجة احتسابها تغيبهم طيلة أشهر الحمل بالسنة البيضاء· في السياق ذاته، أوضح رئيس شبكة ''الندى'' بأنه تمكن بعد مفاوضات طويلة مع الوزارة الوصية من إعادة 55 طفلة إلى أقسام الدراسة، مضيفا بأن هناك المئات من الحالات المماثلة التي تنقطع عن التعليم بسبب الإجراءات التعسفية لوزارة التربية التي يجب عليها -حسب المتحدث- مراعاة الظروف الاستثنائية لهذه الحالات· بالموازاة مع هذا، صرحت بعض الأوساط الجمعوية بأن هناك نحو 300 فتاة أغلبهن في الطور الدراسي الثاني أجبرن على التخلي عن الدراسة بفعل القرارات التعسفية لوزير التربية، موضحين بأنه من غير المنطقي أن تزاول طفلة لم يتجاوز عمرها الـ 13 سنة مقاعد الدراسة، وهي حامل، لأن المجتمع لا يتقبّلها·
3000 طفل يُستغلون جنسيا
بالمقابل، تشتكي العديد من الأوساط الجمعوية من ضعف آليات تطبيق القوانين المحافظة على احترام حقوق الطفل، الأمر الذي ساهم -حسب تلك الأوساط- في ارتفاع عدد شبكات الدعارة التي تتاجر بأجساد الأطفال· وذهب رئيس شبكة ''الندى'' بعيدا عندما صرح لـ ''الجزائر نيوز'' بأن جميع الأطفال الذين يستغلون في عمليات التسول المقدرين بنحو 3000 طفل يتم أيضا استغلالهم جنسيا، مضيفا بأن استفحال ظاهرة دعارة الأطفال في إطار منظم مرتبط أيضا بالحاجة الاقتصادية، حيث أصبحت العديد من العائلات الجزائرية -حسب المتحدث ذاته- ترغم أبناءها على العمل في الدعارة من أجل توفير مدخول لتغطية نفقاتها اليومية حتى وإن كان بسيطا· ففي السياق ذاته، أكد المتحدث بأن الشبكة عالجت منذ بداية السنة الجارية 15 حالة لفتيات تجبرهن أسرهن على ممارسة الجنس، كما أوضح بأن الوضع القائم يلزم الجهات الرسمية بالتحرك من أجل القيام بدراسات شاملة قصد التشخيص الدقيق وكذا لرصد أبعاد هذه الظاهرة وأثارها·
عرعار عبد الرحمن، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل: ''وزارة العدل وضعت سجلا بأسماء المعتدين جنسيا''
يرى عرعار عبد الرحمن، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ''الندى'' بأن غياب آليات لتطبيق القانون الجزائي ساهم في التنامي الكبير لظاهرة الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال، ناهيك عن غياب مؤسسات مختصة في إعادة بناء شخصية هؤلاء الضحايا، مما حوّلهم إلى معتدين، الأمر الذي يتطلب -حسب عرعار- تجنيد المجتمع والسلطات من أجل استئصال هذه الظواهر بالوسائل القانونية والاجتماعية والثقافية·
لماذا التعتيم حول الرقم الحقيقي للأطفال ضحايا العنف والاستغلال الجنسي؟
إن مشكلة الاعتداء والاستغلال الجنسي للأطفال لا تتعلق فقط بغياب التحقيقات والدراسة لتبيين الحقائق حول تفشي هذه الظاهرة، بل الأمر يتعلق بسلوكيات خطيرة وغير مسؤولة يمارسها بعض الأشخاص مرضى بالدرجة الأولى، ويمكن القول بأن ظاهرة الاستغلال الجنسي هي ظاهرة خطيرة، ليس لأنها في تنامي كبير ومتسارع بل لغياب الحلول الجوهرية والاستراتيجيات التي من شأنها وضع حد لهذه الآفات الدخيلة التي باتت تنخر مجتمعنا خاصة في ظل عدم وجود أرقام حقيقية لعدد الضحايا قصد التمكن من التشخيص الدقيق لهذه الآفة·
لماذا هذا التضارب في الأرقام؟
حقيقة، هناك تفاوت واضح للأرقام التي تتداولها العديدة من الهيئات سواء الرسمية أو غير رسمية كالجمعيات، وسبب هذا المشكل التقني غياب دراسات دقيقة، الأمر الذي يتطلب آليات مختصة ووضع ميكانيزمات معينة من أجل ضبط هذا المشكل قصد البحث عن حلول للتكفل بها· وعموما، نحن في شبكة ''الندى'' لا تهمنا الأرقام على قدر اهتمامنا بمحاربة هذه الأفعال حتى لو كانت تعد على الأصابع بالرغم من أن الأرقام تعتبر مؤشرات مهمة· وعموما، فإن المشكل الموجود في الجزائر يقترن بالتضارب في الأرقام وفي جميع الميادين خاصة المتعلقة منها بالانتهاكات ضد الأطفال·
هناك بعض الاستثناءات من هذه الظواهر كالمدارس، المساجد··· وغيرها، ما هي أسباب انتشار هذه المظاهر الشاذة في هذه البيئات؟
إن التحولات التي يعرفها المجتمع عامة، والأسرة خصوصا، نعيش الآن تبعاتها، فالتحوّل من النظام الواحد إلى التعددية كان له انعكاسات كثيرة، إضافة إلى إفرازات العشرية السوداء التي ظهرت آثارها جليا على الأطفال بالدرجة الأولى··· كل هذا خلق ضغوطات كثيرة على الأسرة الجزائرية· هذه الأخيرة كانت تلجأ في كل مرة إلى العنف لحل النزاعات في غياب الحوار والعقلانية، الأمر الذي أدى إلى ظهور العديد من الانتهاكات السلبية للأطفال في مقدمتها الاستغلال الجنسي، إضافة إلى عنصر آخر متعلق بزوال العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المجتمع، ما ترك فراغا كبيرا في غياب بدائل لملء هذه الفراغات·
بالعودة إلى الاستغلال الجنسي للأطفال، لكن هذه المرة عبر الشبكة العنكبوتية، هل تملكون معطيات حول هذا الموضوع؟
لقد تلقت الشبكة من خلال الخط الأخضر العشرات من الشكاوى حول عدد من الأطفال الذين تم استغلالهم جنسيا عبر الأنترنت، والسبب في ذلك المحيط، حيث يتم استدراج الطفل عبر الشبكة العنكبوتية لأخذ معطياته وتفاصيل من حياته الشخصية في غفلة من الأسرة التي تبقى غائبة عن القيام بدورها في حماية ومراقبة أبنائها، وبالتالي حمايتهم من أية أخطار·
إن القانون الجزائي يسلط عقوبات صارمة ضد المعتدين على الأطفال جنسيا إلا أن هذا القانون عجز عن ردع تنامي هذه الظاهرة، فإلى ما يرجع ذلك؟
إن عجز القانون عن وضع حد لهذه الظواهر الشاذة يرجع إلى عدة عوامل، أولها ضعف آليات وميكانيزمات تنفيذ الأحكام، زيادة على غياب التنسيق بين جميع الهيئات من أجل تعزيز العمل الوقائي، كما أن مسلسل الإجراءات القضائية التي يخضع لها الطفل الضحية من الاستماع، إلى التحري، إلى الوقوف أمام قاضي التحقيق مسألة متعبة، لذا نحن نقترح إجراءات استثنائية مستعجلة، حيث يجب أن يكفي سماع وكيل الجمهورية رفقة شهادة الطبيب الشرعي، لتفادي استمرار معاناة الطفل ومعايشته ما تعرض له من اعتداء مرات عديدة، لأن هناك بعض القضايا التي تستمر لمدة 3 سنوات حتى يتمكن الطفل من استرجاع حياته· وإعادة إدماجه النفسي والاجتماعي، لذلك فنحن اليوم نطالب من السلطات المختصة بمحاكم خاصة تضم قضاة خاصين ومحامين مختصين في الدفاع عن الحقوق القانونية للأطفال، وعموما وضع بدائل جديدة تضمن التكفل القضائي العاجل وحتى الاجتماعي لهؤلاء الضحايا الذين يرفضون العودة إلى ديارهم·
على ذكر التكفل الاجتماعي، هل وسائل الإدماج الاجتماعية والنفسية الموفرة حاليا تكفي؟
نحن لا نملك لحد الآن ما يعرف بمراكز العلاج الأسري التي تتكفل بتقديم الدعم للأسرة حول كيفية إعادة بناء شخصية أولئك الأطفال وحتى إعلام الأسرة حول كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات، لذا يجب استحداث مراكز في هذا السياق، إضافة إلى فتح مراكز متخصصة تتكفل بتوفير العلاج النفسي للمراهقين باعتبارهم الأكثر فئة متضررة من هذا النوع من الاعتداءات، عموما هناك مركز واحد بدالي براهيم تابع لوزارة الصحة إلا أنه غير كافٍ للتكفل بجميع الحالات، خاصة وأن الأطفال ضحايا العنف الجنسي تتطلب وضعيتهم علاجا نفسيا مستمرا يكون مرفقا بتكفل اجتماعي دائم·
هل سوء التكفل النفسي والاجتماعي من شأنه أن يحوّل هؤلاء الضحايا إلى معتدين مستقبلا؟
من خلال تجربتي، أعتقد بأن هذا الاحتمال جد مستبعد، لأن جميع الضحايا يحلمون بأن يصبحوا إما أعوان في سلك الشرطة والدرك وحتى أطباء مختصين من أجل مساعدة بقية الأطفال الذين يتعرّضون لهذا النوع من العنف، الأمر بالنسبة للأطفال الذين يتعرّضون لاعتداء جنسي واحد، لكننا قلقون من الأطفال الذين يتم يوميا ممارسة الجنس عليهم دون تمكنهم من الإبلاغ، ونحن نقصد بذلك أولئك الأطفال المستغلين في التسول وحتى عمالة الأطفال، فالآثار التي تسببها تلك الاعتداءات من شأنها أن تحوّلهم حتما إلى معتدين، لكن خوفنا الأكبر من تحوّلهم إلى أشخاص منتقمين يصعب التحكم فيهم·
هناك سجل بأسماء الأشخاص المدمنين على ممارسة الجنس على الأطفال، هل تؤيدون مسألة توزيع هذا السجل على الفضاءات التي يتواجد بها الأطفال من أجل حمايتهم؟
حقيقة، هناك سجل وضعته وزارة العدل يتضمن أسماء جميع الأشخاص المتورطين في قضايا سواء الاعتداء أو الاستغلال الجنسي للأطفال إلا أن مسألة توزيع هذا السجل على المدارس والروضات وجميع الفضاءات التي يتواجد بها الطفل ليس بالحل السليم، لأنه من حق هؤلاء المتهمين على المجتمع معالجتهم، إضافة إلى معاقبتهم باعتبار أن أولئك الأشخاص مرضى ويحتاجون للمساعدة، لأن العقاب وحده لا يكفي، كما أنه غير مضمون القضاء على تلك النزعة الإجرامية للمعتدي عقب خروجه من السجن·