الحرث والنسل والأوطان قد درسوا
والدين والمجد والأخلاق قد هدموا
شباب اليوم حطموا كل جميل في الحياة ومسخوا كل أصيل فيها،فهبوا يعيثون فسادا في القيم والمبادئ،وشعارهم في هذا الثورة على القيم البالية والقضاء على التخلف والجمود الذي لحق بالعقول حسب رأيهم،فعالجوا الحمى بالطاعون الذي إن هبت سمومه فهو لا يبقي ولايذر،لقد أخطئ الشباب في تشخيص المرض باندفاعهم وتهجمهم على الأصالة ،فماذا كانت النتيجة؟ ضياع في زخم الحياة،فلم يعرفوا للهوية طعم،شباب رتب أحلمه بطريق الخطأ،فعاش يلهث وراء سراب يخالها الحضارة في أبهى محاسنها،ولكنها ليست سوى طعم للمغفلين...
شبابنا أما آن لكم أن تفهموا أن معادلة الحضارة لاتقوم على المفاسد التي سرتم على ديدنها،ولا على موجة العهر والتفسخ التي ركبتموها،بل إن الحضارة لها معاني وأهداف أسمى تأبى أن تقرن بهذا الدنس،ولكم في هذا مقولة أحمد حسن البكر:"كونوا معاصرين،شرط أن تكون أصيلين،فالمعاصرة لا تعني أبد إنقطاع الجذور...كما أن إستيعابها لا يعني التفريط بتراثنا الثقافي العظيم".
هذه هي معادلة الحضارة ليس لها أن تكون دون الأصالة،التي تمثل الجذور أو الخزان الذي منه نتزود لمواجهة المفاسد التي ألحقت بالحضارة زورا وبهتانا، ولكن فهمكم الخاطئ لمفهومها وتقليدكم المشين للحلول الوافدة من وراء البحار، هو الذي أدى بنا إلى دخول خضم موحش،الداخل إليه مولود والخارج منه مفقود، فلا تكونوا كمن قيل فيهم:
عمي بصائرهم غفل ضمائرهم
غلف القلوب وفي آذانهم صمموا
شبابنا يا أمل الأمة أما آن لكم أن تفيقوا من غفوتكم،أما آن لكم أن تسألوا أنفسكم إلى أين؟