قصة المؤامرة على الحج والكعبة المشرفة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

قصة المؤامرة على الحج والكعبة المشرفة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-11-20, 14:16   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مسلم مالكي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B11 قصة المؤامرة على الحج والكعبة المشرفة

قصّة المؤامرة على الحجّ والكعبة المشرّفة

بقلم: سلطان بركاني.
14 ذي الحجّة 1431هـ / 20 نوفمبر 2010م.

الحجّ هو الرّكن الخامس من أركان الإسلام، وهو العبادة التي تتجلّى فيها وحدة المسلمين في أعظم وأجمل صورها. أكثر من 03 ملايين مسلم يجتمعون على صعيد واحد، لباسهم واحد ودعاؤهم واحد وهدفهم واحد. منظر يبعث في نفوس المؤمنين مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا الدّين، ويبعث في نفوس المتربّصين مشاعر الحقد على أمّة الوحدة والتّوحيد. حقد لم يبق حبيس النّفوس، بل ترجم إلى واقع ملموس، مؤتمرات تعقد ومؤامرات تحاك لصدّ المسلمين عن الحجّ، وهدم الكعبة في نفوسهم، ما دام لم يمكن هدمها على أرض الواقع، فتجربة أبرهة الحبشيّ عميل الرّوم لا تزال شاخصة في الأذهان.
لقد قالها "وليم جيفورد" مبعوث "نابليون" للتّنصير في جزيرة العرب وما حولها أواسط القرن التّاسع عشر، قال: "متى ما توارى القرآن ومدينة مكّة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربيّ يتدرّج في طريق الحضارة الغربيّة بعيدًا عن محمّد وكتابه"، وقالها بعده بعقود من الزّمن اللّورد كرومر، مبعوث الصّليبيّة الحاقدة إلى مصر، قال: "جئت لأمحو ثلاثًا: القرآن، والكعبة، والأزهر".
المؤامرة على القرآن وإن كانت قديمة قدم هذا الدّين، فإنّها مؤامرة واضحة المعالم لا يسعنا أن نختلف حولها، لأنّنا نلمس آثارها في واقع الأمّة الإسلاميّة، يوم قرّت أعين المتربّصين بإزاحة هذا الكتاب المتقن والمحكم والمعجز وزحزحته عن أن يكون دستورا ومنهجا للحياة، ليصبح كتابا يُتبرّك به وتفتتح به النّدوات، وتزيّن به الجدر ويقرأ على الأموات.
أمّا المؤامرة على الكعبة والحجّ فلربّما تخفى فصولها وآثارها على كثير من المسلمين، لأنّها مؤامرة حيكت باسم الإسلام، من طرف خلايا متربّصة اندسّت بين المسلمين، واستفادت من فشل تجربة أبرهة الحبشيّ عميل الرّوم، لتعيد إخراجها تحت ستار "تعظيم مقامات الأئمّة والأولياء".
يقول الإمام ابن حزم الأندلسيّ –عليه رحمة الله-: " فإنّ هذه الملّة الزّهراء الحنيفية السّمحة كيدت من وجوه جمّة، وبُغيت لها الغوائل من طرق شتى، ونبت لها الحبائل من سبل خفية، وسُعِيَ عليها بالحيل الغامضة، وأشدّ هذه الوجوه: سعي من تزيّى بزيّهم وتسمّى باسمهم ودسّ لهم سمّ الأساود في الشّهد والماء البارد، فلطّف لهم مخالفة الكتاب والسنّة، فبلغ ما أراد ممّن شاء الله تعالى خذلانه، وبه تعالى نستعيذ من البلاء، ونسأله العصمة بمنّه لا إله إلا هو". (الأحكام: 03 / 21).

الحجّ إلى كربلاء في يوم عرفة!:
تناقلت بعض المواقع والمنتديات هذه الأيام خبرا مفاده أنّ أكثر من مليون زائر شيعيّ من العراق ودول الخليج ودول أجنبيّة أخرى، وفدوا على كربلاء يوم الثلاثاء الماضي الموافق ليوم الأضحى المبارك عند أهل السنّة، والموافق ليوم عرفة عند الشّيعة، لأداء مناسك زيارة عرفة عند ضريح الحسين –رضي الله عنه-، وأشارت إحدى القنوات الشّيعيّة أنّ عددهم بلغ المليوني زائر.
في الوقت الذي يتوافد حجّاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات الطّاهر، في موكب بهيّ بهيج يبعث في القلب الخشوع والاعتزاز بعظمة هذا الدّين، ويبعث في النّفس الأمل في وحدة هذه الأمّة وعودتها إلى عهود عزّتها. موكب واحد وتلبية واحدة ولباس واحد وهدف واحد، في يوم ما رئي الشّيطان أغيظ ولا أذلّ ولا أحقر منه في ذلك اليوم، يوم تعود فيه القلوب إلى فطرتها وتتعلّق بالله الواحد الأحد، وتنسى علائق الدّنيا وعوائقها؛ قلوب خاشعة، ونفوس طامعة، وأرواح في الشّوق مائعة. أيد ترتفع إلى السّماء، وألسن تلهج بالدّعاء، وأعين لا تعرف إلا البكاء.
في هذا الوقت يبدأ توافد مئات الآلاف من الشّيعة المغرّر بهم على أرض كربلاء بالعراق، لأداء مناسك زيارة عرفة عند قبر الحسين –رضي الله عنه-، في موقف يوحي بأنّ هناك مؤامرة دبّرت لصرف هذه الأمّة عن موقف عرفة الذي كان ولا يزال وسيبقى غصّة في حلوق المتربّصين بهذا الدّين، بل وصرفها عن الكعبة المشرّفة التي تهوي إليها أفئدة المؤمنين، إلى مشاهد تقام عندها مناسك ظاهرها توقير أئمّة أهل البيت، وباطنها إحياء فكرة كعبة الضّرار التي ابتدأها أبرهة الحبشيّ، وأعاد إخراجها المتربّصون تحت ستار زيارة وعمارة مراقد الأئمّة، الذين كانوا من أبعد النّاس عن تعظيم القبور والدّعوة إلى تشييدها وإقامة المناسك عندها.
لم يكفِ أولئك المغرّر بهم وقوعهم في حبائل مؤامرةٍ سوّلت لهم مخالفة جماهير المسلمين في هلال رمضان وشوّال في البلد الواحد، ولم يكفِهم تعمّدهم مخالفة الأمّة في يوم عرفة ويوم الأضحى، حتى وقعوا في حبائل مؤامرةٍ وضعت لهم مناسك أخرى لعرفة آخر في مكان آخر.
إنّ المرء ليشفق لحال أولئك الذين ألغوا عقولهم وأسلموا قيادهم لعواطفهم، وسلّموا أنفسهم فريسة سهلة ولقمة سائغة للخلايا المتآمرة على هذا الدّين، وإلا فهل يمكن أن يخفى على ذي لبّ لبيب، أنّ الهدف من وراء اختراع مناسك عرفة عند قبر الحسين –رضي الله عنه وبرّأه- في أيام الحجّ بالذّات، هو صرف المسلمين عن الحجّ إلى الكعبة المشرّفة وترغيبهم في الحجّ إلى كربلاء؟.
نحن لا ننكر زيارة القبور إذا كان الهدف منها تذكّر الموت والآخرة، والسّلام على أصحابها والدّعاء لهم، ولكنّنا ننكر هذه البنايات الشّاهقة التي تبنى على قبور الأموات لفتنة الأحياء، وننكر أن تتحوّل القبور إلى مزارات يدعى ساكنوها ويستغاث بهم وتطلب منهم الحاجات، كما ننكر أن تخصّص مواسم معيّنة لزيارتها، وتخترع لها مناسك تضاهي مناسك زيارة الكعبة المشرّفة. ننكر هذا وذاك ونأسف لحال أولئك المفتونين الذين ينساقون لمؤامراتٍ مفضوحة مكشوفة، بل ومسطورة في نصوص حوتها مصادر تطبع وتوزّع على أوسع نطاق.
المؤامرة على الحجّ والكعبة المشرّفة مؤامرة لا تحتاج إلى بحث وتنقيب وتحليل لفكّ خيوطها، بل يكفي كلّ عاقل متجرّد أن يطّلع على بعض مصادر الشّيعة ليُصدم بروايات صريحة واضحة تؤرّخ لفصول ومراحل هذه المؤامرة.
فلله أولا وللحقيقة ثانيا وللتّاريخ ثالثا، دعونا نبدأ القصّة من أوّلها، مستعينين بالله، سائلين المولى –جلّ في علاه- أن يبصّر عوامّ وخواصّ الشّيعة بحقيقة المؤامرة التي تحاك لصرف هذه الأمّة عن مصادر هدايتها وعزّها.

نصوص وروايات تكشف السّتار عن حقيقة المؤامرة:
الكعبة المشرّفة هي قبلة المسلمين، ومهوى أفئدة المؤمنين، إليها يحجّون وحولها يطوفون، وإليها يتوجّهون في صلواتهم ونحر ذبائحهم ودفن موتاهم، وهي رمز من رموز وحدتهم، كانت ولا تزال غصّة في حلوق المتربّصين بهذا الدّين، من يهود ومجوس وصابئة وصليبيين، بدأت المؤامرات تحوم حولها منذ زمن أبرهة الحبشيّ، يوم تطلّع الرّوم الصّليبيون لمعرفة أعزّ شيء يجمع العرب، فما وجدوا أهمّ من الكعبة المشرّفة، فأوكلوا إلى أبرهة عميلهم في الحبشة مهمّة ثني العرب عن تعظيمها والاجتماع عندها.
حاول أبرهة في البداية أن يهدم الكعبة في قلوب العرب، فبنى كنيسة في الحبشة ورفعها وزخرفها، ودعا العرب للحجّ إليها والاجتماع عندها، فردّ عليه العرب ردا جعله يشتعل غضبا، ويجيّش جيشه لهدم الكعبة ومحو وجودها، ولكنّ الله حماها وردّ كيده عنها.
وبعد البعثة النبويّة، طُهّرت الكعبة من الأصنام، وصارت قبلة لأمّة الإسلام، ورمزا من رموز صفاء عقيدتها ونقاء عباداتها من لوثات التعلّق بالعلائق الأرضيّة، فازداد حنق المتربّصين عليها، وكان الفرس المجوس الذين هدم الإسلام معابدهم وأطفأ نيرانهم، أكثر المهزومين تربّصا بالإسلام والمسلمين وبالكعبة المشرّفة. علموا أنّ هزيمة المسلمين والوصول إلى الكعبة أصبح أمرا مستحيلا، ففكّروا في طريقة أخرى يجتثّون بها الكعبة من قلوبهم، بدلا من هدمها على أرض الواقع. استفادوا من تجربة أبرهة في بناء كعبة الضّرار، ولكنّهم أضافوا إليها ما يمكن أن يستميل قلوب بعض المسلمين، فكانت فكرة بناء القبور وتعظيم الأضرحة والمزارات. تسلّلوا بين المسلمين وتظاهروا بالإسلام ودسّوا نصوصا وروايات كثيرة نسبوها إلى أعلام أهل البيت –رضوان الله تعالى عليهم-، لِما يعلمون من مكانتهم في قلوب المسلمين؛ روايات ترغّب في البناء على القبور ورفعها وتعظيمها، وتزهّد في الحجّ إلى الكعبة المشرّفة. تضع من شأن مكّة المكرّمة، وترفع من شأن أماكن أخرى كالنّجف وكربلاء ومشهد، وغيرها.
هذه الرّوايات التي وضعتها الخلايا المتربّصة بالإسلام، لا تزال مسطورة في كتب الشّيعة الذين كانوا أوّل وأكثر طوائف أهل القبلة تشرّبا لتلك المؤامرة، ولعلّنا ننقل في مقالنا هذا بعض تلك النّصوص التي لا تزال شاهدة على فصول تلك المؤامرة التي استهدفت قبلة المسلمين، واستهدفت الرّكن الخامس من أركان هذا الدّين:

تبدأ المؤامرة بمحاولة التّزهيد في الحجّ والحطّ من شعائره، فتنسب إلى الإمام محمّد الباقر –عليه رحمة الله- مثلا أنّه نظر إلى النّاس يطوفون حول الكعبة فقال: "هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية. إنّما أمروا أن يطوفوا بها ثم ينفروا إلينا فيُعْلمونا ولايتهم ومودّتهم ويعرضوا علينا نصرتهم، ثم قرأ هذه الآية: { فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ }". (الكافي: 01 / 392).
كانت هذه الخطوة الأولى التي تهدف إلى التّهوين من شأن الحجّ في النّفوس إن لم يرتبط بزيارة الأئمّة، تلتها خطوات أخرى تهدف إلى وضع روايات تجعل لزيارة قبور أئمّة أهل البيت أجورا تعدل أضعاف أجر الحجّ إلى بيت الله الحرام.
بدأت الخلايا المتربّصة بالعشرات، ونسبت إلى الإمام جعفر الصّادق – عليه رحمة الله – أنّه قال: " زيارة قبر الحسين عليه السّلام تعدل عشرين حجّة، وأفضل من عشرين عمرة وحجّة" (الكافي: 04 / 580).
ثمّ انتقلت إلى الآلاف، ونسبت إلى الإمام الباقر –طيّب الله ثراه- أنّه قال: " لو يعلم النّاس ما في زيارة الحسين عليه السّلام من الفضل لماتوا شوقًا، وتقطّعت أنفسهم عليه حسرات"، قال الرّاوي: وما فيه؟ قال: "من زاره تشوقًا إليه كتب الله له ألف حجّة متقبّلة، وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد من شهداء بدر،...". (وسائل الشّيعة: 1 / 353).
ثمّ ارتقت إلى الملايين، فنسبت إلى الإمام الباقر أنّه قال: "من زار الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء حتّى يظلّ عنده باكيًا، لقي الله عزّ وجلّ يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجة، وألفي ألف عمرة، وألفي ألف غزوة، وثواب كلّ حجّة وعمرة وغزوة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ومع الأئمة الرّاشدين صلوات الله عليهم" (بحار الأنوار: 101 / 290).
ثمّ تطوّر الأمر في طريق الغلوّ إلى حدّ لا يقبله عقل، ونسبت الخلايا المتآمرة إلى الإمام جعفر الصّادق –عليه رحمة الله- أنّه قال لأحد أصحابه: " يا بشير، من زار قبر الحسين صلوات الله عليه عارفا بحقّه كان كمن زار الله في عرشه ". (بحار الأنوار: 98 / 77).
ثمّ مضت الخلايا في طريق الدسّ والافتراء، وكشفت خيوط المؤامرة التي حبكتها، حينما نسبت إلى الإمام الصّادق أنّ أحد أصحابه سأله فقال: ربّما فاتني الحج فأعرِّف (أي أقف كما أقف بعرفة) عند قبر الحسين (ع) فقال الصّادق: "أحسنت يا بشير، أيّما مؤمن أتى قبر الحسين (ع) عارفاً بحقّه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات، وعشرين حجّة وعمرة مع نبيّ مرسل أو إمام عدل، ومن أتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجّة ومائة غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عدل". قال السّائل: كيف لي بمثل الموقف (أي موقف عرفة)؟ فنظر إليه الإمام جعفر الصّادق شبه المغضب، ثم قال له: "يا بشير، إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين (ع) يوم عرفة واغتسل من الفرات، ثمّ توجه إليه، كتب الله له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها -ولا أعلمه إلا قال: وغزوة-". (الكافي: 04 / 580).
وذهبت الخلايا المتربّصة بعيدا في طريق الدسّ والكذب، فنسبت إلى الإمام الصّادق عليه رحمة الله أنّه قال: " إنّ الله تبارك وتعالى يبدأ بالنّظر إلى زوار قبر الحسين بن عليّ -عليهما السّلام- عشية عرفة "، فلمّا سئل: قبل نظره إلى أهل الموقف (أي موقف عرفة)؟ قال: نعم، قال السّائل: وكيف ذاك؟ قال: "لأنّ في أولئك أولاد زنا، وليس في هؤلاء أولاد زنا "!!!. (بحار الأنوار: 98 / 85).
تأمّل كيف جعل الوضّاعون لزيارة قبر الحسين –رضي الله عنه- في يوم عرفة -الذي يفترض أن يسعى العبد المؤمن ليكون في ساعاته على جبل عرفات بمكّة المكرّمة-، كلّ تلك الأجور، ليزهّدوا المسلمين في الحجّ ويقطعوا صلتهم بالكعبة المشرّفة وبعرفات.
لم تتوقّف الخلايا المتربّصة بالكعبة المكرّمة عند هذا الحدّ، بل تجرّأت وأعلنت عن هدفها ومبتغاها في تحدّ سافر لأمّة ينقاد كثير من أفرادها لعواطفهم، ونسبت إلى الإمام الصّادق أنّه قال لأحد أصحابه: " والله لو أنّي حدّثتكم بفضل زيارته (يقصد الحسين رضي الله عنه) وبفضل قبره، لتركتم الحجّ رأسا وما حجّ منكم أحد، ويحك أما علمت أنّ الله اتخذ كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكّة حرما ". (بحار الأنوار: 98 / 33).
فهل بقي بعد كلّ هذه الصّراحة وكلّ هذا الوضوح من شكّ في أنّ تعظيم المشاهد والأضرحة والمزارات، إنّما هو مؤامرة استغلّت محبّة المسلمين لأهل البيت لتجتثّ الكعبة المشرّفة من قلوبهم.

النّجف وكربلاء أفضل من الكعبة المشرّفة!:
كان لا بدّ للمتربّصين أن يحطّوا من شأن الأرض التي حوت الكعبة المشرّفة، ويرفعوا في المقابل من شأن الأماكن التي تحوي القبور والمزارات ليصلوا إلى مآربهم، فنسبوا إلى الأئمّة روايات تصرّح بتفضيل النّجف وكربلاء حيث قبر عليّ والحسين –رضي الله عنهما- على مكّة المكرّمة حيث الكعبة المشرّفة.
نسبوا إلى علي بن الحسن –عليه رحمة الله- كذبا وزورا أنّه قال: "اتّخذ الله أرض كربلاء حرمًا آمنًا مباركًا قبل أن يخلق أرض الكعبة ويتّخذها حرمًا بأربعة وعشرين ألف عام، وقدّسها وبارك عليها، فما زالت قبل خلق الله الخلقَ مقدّسة مباركة، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنّة، وأفضل منزل ومسكن يُسكن فيه أولياءه في الجنّة" (بحار الأنوار: 101 / 107).
ونسبوا إلى الإمام جعفر الصّادق –عليه رحمة الله- أنّه قال: "إنّ أرض الكعبة قالت: مَن مثلي وقد بُني بيت الله على ظهري، يأتيني النّاس من كلّ فجّ عميق، وجُعلتُ حرم الله وأمنه. فأوحى الله إليها –كما يزعمون– أنْ كفّي وقرّي، ما فضل ما فُضّلت به فيما أُعطيت أرضُ كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضّلتك، ولولا من تضمّنته أرض كربلاء ما خلقتك، ولا خلقت البيت الذي به افتخرت، فقرِّي واستقرّي، وكوني ذنبًا متواضعًا ذليلاً مهينًا غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء، وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنّم" (بحار الأنوار: 101 / 109).

الصّلاة في المشاهد أفضل من الصّلاة في المسجد النبويّ!:
لم يَتوقّف الأمر بالمتآمرين عند حدّ التّهوين من شأن الكعبة المشرّفة في مقابل مشاهد الأئمّة، بل جعلوا الصّلاة في تلك المشاهد أفضل من الصّلاة في سائر المساجد، بما فيها المسجد الحرام والمسجد النبويّ:
يقول المرجع الشّيعيّ المعروف زعيم حوزة النّجف في زمانه أبو القاسم الخوئي – ت: 1992م-: " مسألة (562): تستحبّ الصّلاة في مشاهد الأئمّة (ع)، بل قيل إنّها أفضل من المساجد، وقد ورد أنّ الصّلاة عند عليّ (ع) بمائتي ألف صلاة " (منهاج الصالحين: ص147).
أمّا الصّلاة في مسجد النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- فيقول عنها الخوئيّ: " مسألة (561): الصّلاة في مسجد النبيّ -صلّى الله عليه وآله- تعادل عشرة آلاف صلاة ". (منهاج الصالحين: ص147).
تأمّل كيف جعل الصّلاة في مشهد عليّ –رضي الله عنه- بمائة ألف صلاة، والصّلاة في مسجد النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- بعشرة آلاف صلاة، أي أنّ الصّلاة في مشهد عليّ أفضل من الصّلاة في المسجد النبويّ عشر مرّات!!!.
بل إنّ العالم الشّيعيّ محمّد صادق الصّدر صرّح أنّ النّجف أفضل من الكعبة المشرّفة، فقال: " وردت رواية بتفضيل كربلاء على البيت الحرام، ونحن نعلم أن علياً (ع) خير من الحسين كما نطقت به الرّوايات، فيكون قبره خيراً من قبره، فيكون أفضل من الكعبة أيضاً " (المسائل الدينيّة وأجوبتها: 02 / 05).
ونحن هنا نتساءل: إذا كان النّجف أفضل من كربلاء لأنّ عليا أفضل من الحسين –رضي الله عنهما-، فكيف تكون الصّلاة في مشهد عليّ أفضل من الصّلاة في مسجد النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- وهو أفضل من عليّ؟. ثمّ كيف تكون كربلاء والنّجف أفضل من بيت الله الحرام؟.

ومشهد الإمام الرّضا أيضا:
تفضيل الحجّ إلى المشاهد والمقامات على الحجّ إلى الكعبة المشرّفة لم يتوقّف عند حدّ تفضيل النّجف وكربلاء، بل تعدّاه إلى تفضيل مشاهد ومقامات أخرى، لعلّ من أبرزها مشهد الإمام الرّضا -عليه رحمة الله- في مدينة مشهد الإيرانيّة، الذي يؤمّه الملايين في بعض المناسبات، طلبا لتلك الأجور التي حملتها الرّوايات الموضوعة أساسا لصرف المسلمين عن الحجّ إلى بيت الله الحرام، فينسبون إلى الإمام الرّضا -عليه رحمة الله- أنّه قال: " ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عزّ وجل له أجر ألف شهيد، ومائة ألف صدّيق، ومائة ألف حاجّ ومعتمر، ومائة ألف مجاهد، وحشر في زمرتنا، وجعل في الدّرجات العلى من الجنّة رفيقنا " (مسند الإمام الرّضا: 01 / 149).
وبسبب هذه الرّواية وأمثالها، حاول الشاه عبّاس الصّفويّ (1587 - 1648م) صرف أنظار الإيرانيين عن مكّة المكرّمة إلى مدينة مشهد الإيرانية التي تضمّ مقام الرضا، وسار بنفسه ماشيا من أصفهان التي كانت عاصمة الصفويين آنذاك، إلى مشهد، وقطع في الرّحلة التي دامت 28 يوماً أكثر من 1200 كيلومتر، ثمّ بقي هناك مدّة ثلاثة أشهر، يعمل فيها مع الخدم في التّنظيف وخدمة زوار المقام ومساندة عمّال البناء. مع أنّ الإمام الرّضا هو ابن الإمام موسى الكاظم –عليهما رحمة الله- الذي حرّم البناء على القبور وتشييدها، وقد نقلت كتب الشّيعة نفسها كلامه، ففي (وسائل الشّيعة) مثلا عن عليّ بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى -عليه السّلام- عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ فقال: "لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولاتطيينه". (وسائل الشّيعة: 03 / 210). بل وأوصى الكاظم -عليه رحمة الله- ألا يرفع قبره فوق أربع أصابع، فقال: "إذا حُملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولا ترفعوا قبري أكثر من أربع أصابع مفرجات". (وسائل الشيعة: 03 / 195).
الشّيعة مع كلّ أسف لم يعبئوا بأمثال هذه الرّوايات، بل راحوا يتلقّفون الرّوايات الموضوعة على أئمّة أهل البيت، والتي تدعو إلى تعظيم المشاهد، فزهد كثير من مراجعهم وعلمائهم وعامّتهم في الحجّ إلى بيت الله الحرام، وولّوا وجوهم شطر كربلاء، حيث ضريح الحسين –رضي الله عنه-، الذي يستقبل الملايين من الزّوار في أيام الحجّ، وصارت كربلاء تلقّب بكربلاء المقدّسة مضاهاة لمكّة المكرّمة، وأصبح كثير من الشّيعة يعتمدون توقيتها بدلا من توقيت مكّة المكرّمة، مع أنّ العلم الحديث أثبت أنّ الكعبة المشرّفة هي الأحقّ بأن تكون مبدءً للتّوقيت العالميّ من خطّ غرينتش، لأنّها تتوسّط اليابسة، وتمثّل المركز المغناطيسيّ للأرض.
وعلاوة على هذا الغلوّ في كربلاء، فقد صار النّجف الذي يعتقد الشّيعة أنّه يحوي جسد أمير المؤمنين عليّ –رضي الله عنه- يلقّب بالنّجف الأشرف، أي أنّه أشرف من أيّ مكان آخر، ولو كان هذا المكان الآخر هو مكّة المكرّمة التي أقسم الله بها في كتابه وشهد بمباركته لها.
رضي الله عن أمير المؤمنين عليّ وعن ابنه الحسين، الذين ضربا أروع الأمثلة في تعظيم الحجّ، وتعظيم الكعبة المشرّفة وتفضيل مكّة المكرّمة.

ومناسك تضاهي مناسك الحجّ أيضا!:
إمعانا في التآمر على الكعبة المشرّفة وعلى الحجّ ومناسكه، وضع المتربّصون روايات كثيرة على ألسنة أئمّة أهل البيت، تشرّع لمناسك تقام عند الأضرحة تضاهي المناسك التي تقام عند الكعبة المشرّفة، فشرعوا لهم الطّواف حول القبور، وشرعوا لهم تقبيل أعتابه والتمسّح به، وشرعوا لهم أحكام النّذر والدّعاء عنده، والمطّلع على مصادر الشّيعة يجد أبوابا كاملة لبيان تلك المناسك، بل إنّ كتبا كاملة ألّفت في مناسك المزار، وقد ذكر العالم الشّيعيّ آغابزرك الطّهرانيّ في كتابه " الذّريعة إلى تصانيف الشّيعة: 20/ 316- 326 "، ذكر 60 عنوانا ألّفها شيوخهم في المزار ومناسكه، منها: "مناسك المشاهد" للمفيد.

وللمنفلتين من حبائل المؤامرة نصيب آخر!:
لم تتوقّف فصول مؤامرة المتربّصين على الكعبة المشرّفة عند حدّ التّزهيد في الحجّ إليها والتّرغيب في الحجّ إلى المشاهد، بل تعدّت ذلك لتصرف وجوه أولئك الذين ينفلتون من حبائل مؤامرتهم، عن التعلّق بالله الواحد الأحد أثناء أداء مناسك الحجّ، إلى التعلّق بالأئمّة – عليهم رضوان الله –، فلا غرابة أن نسمع بعض خطباء الشّيعة يعلنون صراحة أنّ أهمّ منسك من مناسك الحجّ هو لقاء الإمام الغائب المنتظر، وقد سمعتُ أشهر خطبائهم على الإطلاق في هذا الزّمان عبد الحميد المهاجر يقول أنّ لقاء الإمام هو أهمّ شيء في الحجّ، وكلّ المناسك مقدّمة له، ويفسّر قول الله -جلّ وعلا-: { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } (الحج: 29) بلقاء الإمام الحجّة. ويقول أنّ الإمام يكون يوم عرفة على جبل عرفات، ولا يخلو منه عرفة يومها.
في البداية استغربت هذا الكلام، وحينما عدت إلى مصادر الشّيعة، وجدت أنّ المهاجر لم يأت بهذا الكلام من عنده، بل هو منسوب إلى أحد أئمّة أهل البيت، ففي بحار الأنوار للمجلسيّ أنّ أحد أصحاب الإمام الصّادق سأله عن قول الله تعالى: { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }، فقال: هو لقاء الإمام عليه السّلام. (بحار الأنوار: 43 / 360). وقد بوّب المجلسيّ بابا كاملا يؤصّل لهذا المعنى، قال فيه: "باب أنّ من تمام الحجّ لقاء الإمام وزيارة الأئمّة عليهم السّلام".
فكيف سيكون موقف الشيعيّ الذي يسمع أو يقرأ مثل هذا الكلام ويذهب لحجّ بيت الله الحرام؟ هل سيتعلّق قلبه يوم الوقوف بعرفات بالله؟ أم تراه سيتعلّق بالغائب المنتظر؟ هل سيلهج لسانه بدعاء الله؟ أم تراه سيلهج بدعاء الإمام المستتر؟.

وبعـد:
فهذه حقائق نقلتها من مصادر الشّيعة ومن واقعهم، أضعها بين أيدي المغرّر بهم من شباب هذا البلد الطيّب، ليعلموا أنّ هناك مؤامرة دبّرت تحت ستار التشيّع لأهل البيت، لتفريق شمل هذه الأمّة، ولصرفها عن قبلتها وتحريف وجهتها.
مؤامرة تزامنت واتّفقت في أساليبها مع أغلب المؤامرات التي حيكت لهذه الأمّة، وأبرزها: المؤامرة على القرآن، المؤامرة على السنّة، والمؤامرة على الصّحابة.
الكعبة المشرّفة هي قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، وهي رمز لنقاء عقيدتهم، ووحدة هدفهم ووجهتهم، ومحبّتنا لأهل البيت ينبغي أن تدعونا إلى الاقتداء بهم في تمسّكهم بالكتاب والسنّة، وفي زهدهم وورعهم، وعبوديّتهم لله –جلّ وعلا-، لا إلى الغلوّ في ذواتهم وتقديس قبورهم، ورفعها إلى مكانة الكعبة التي شرّفها الله وبارك فيها وحولها.









 


قديم 2010-11-20, 18:17   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
فريدرامي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية فريدرامي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على هذا الموضوع الرائع والمميز
والمنظم والمفيد
جزاك الله خيرا










قديم 2010-11-21, 16:01   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
fatimazahra2011
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية fatimazahra2011
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي


















 

الكلمات الدلالية (Tags)
المشرفة, المؤامرة, الحج, والكعبة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc