كان عمي عمار رجلا فقيرا لا يملك منزلا بل كوخا في ضواحي المدينة ، كل همه أن يجد في يوم الأيام منزلا متواضعا
ولو في عمارة .
فقد بدأت شعيرات بيضاء تريد أن تلتهم شعره ، ووهن عظمه وزوجته دوما تلح عليه أن يخرجها من هذا الجحيم فقد صبرت على هذا الهم كثيرا ففي فصل الشتاء الأوحال و البرد قارس و الزمهرير شديد وأصبحت لا تحتمل هذا الكوخ الهش و أطفاله دوما يصابون بالزكام و إلتهاب اللوزتين و الجيوب الأنفيةفيأخذهم إلى المستشفى حيث لا يدفع ثمن الفحص وهم أيضا يسألون دوما متى يا أبي نتحصل على بيت يأوينا من الرياح و الأمطار ؟
ويبقى مشدوها لايجيب على هذا السؤال فهو يعمل كعامل يومي إذا وجد خرسانة سوف تصب لأحد منازل الأثرياء أكل أولاده أم إذا لم يجد فهم يبيتون يتضرون جوعا .
و أصبح يشتكي إلى الوالي و رئيس البلدية و الدائرة وديوان الترقية و التسيير العقاري و في المحكمة وكل مؤسسة لها علاقة بالسكن و الإسكان حتى أنه أرسل رسائل يشتكي عدم حصوله على مأوى يأويه إلى رئيس الجمهورية وكل رؤساء الحكومة و وزراء السكن وحتى حقوق الإنسان فهو طرق كل باب يمكن أن يشتكي فيه أزمة السكن التي يعاني منها وكل حلمه أن يرى اسمه في القائمة المستفدين من سكن .
وفي احد الأيام التي انتظر فيها قراءة اسمه صلى الصبح في المسجد ودعا الله و عيونه تسيل منها الدموع .ثم اتجه إلى البلدية وهو أمي وكان هناك حشد عظيم فالكل متلهف على قراءة اسمه .
فوجد عمي عمار شاب يحسن القراءة فأعطاه 50 دينار ليقرأ هل عمار بن الصديق موجود فقال له : نعم هاهو اسمك عمار بن الصديق " مبروك ".
طار عمي عمار من الفرح و ذهب إلى زوجته ليخبرها بالخبر السار فأطلقت زغرودة و سعد أولاده بالنبأ السعيد وأصبحوا يرقصون.
لكن سرعان ما وجد عمي عمار مشكلة في دفع مستحقات المنزل الجديد من إيجار و ثمن الضمان فهو لا يملك دينار ا واحدا فحتى البقال جاءه البارحة يطلب تسديد دين الشهر السابق و هو لم يكن في قدرته دفع دينه فكيف يدفع سبعة ملايين ومن أين ؟ فقد ذهب إلى كل من يطمع أن يقرضه ولو مليونا واحدا فلم يجد .
فعاد إلى الكوخ حزينا ، فقالت له زوجته:" خذ قطعة الذهب التي أملكها وبعها فقد إدخرتها لمثل هذا اليوم "
فقال لها عمي عمار : "بورك فيك أيتها الزوجة العزيز ة " و احتضن زوجته و العبرات تنزل من مآقيه وقال: الحمد لله
لقد فرجت من حيث لم احتسب ".
و ذهب عمي عمار إلى ديوان الترقية و التسيير العقاري ودفع المستحقات و منح له المفتاح , وعندما سكن مسكنه الجديد أصبح يتلمس جدرانه و يقول هل أنا في حلم أم علم .
و زوجته اصبحت باسمة الوجه و أولاده يرقصون فرحا بهذا المنزل الجديد .