![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم تعـريــف التـوبـــة: أولاًـ تعريف التوبة في اللغة: التوبة مصدر الفعل تاب، وأصل هذه المادة: التاء، والواو، والباء " توب " . وهي تدور حول معاني الرجوع، والعودة، والإنابة، والندم. قال ابن فارس - رحمه الله - في مادة " توب ": " التاء، والواو، والباء كلمة واحدة تدل على الرجوع " . يقال: تاب من ذنبه: أي رجع عنه، يتوب إلى الله توبةً، ومتاباً فهو تائب. والتوب: التوبة، قال الله - تعالى -: ( وَقَابِلِ التَّوْبِ ) [غافر: 3] " . وقال ابن منظور - رحمه الله -: " وتاب إلى الله يتوب توباً، وتوبة، ومتاباً: أناب، ورجع عن المعصية إلى الطاعة " . والتوبة تكون من الله على العبد، ومن العبد إلى الله؛ فإذا كانت من الله عُدِّيت بعلى، وإذا كانت من العبد إلى الله عديت بإلى. قال الله - تعالى -: ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) [النساء: 17]. وقال - عز وجل -: ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [النور: 31]. وقال: ( وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) [الفرقان: 71]. قال ابن منظور - رحمه الله -: " وتاب الله عليه: وفقه لها، ورجل تواب: تائب إلى الله، والله تواب: يتوب على عبده " . وقال: " وقال أبو منصور: أصل تاب: عاد إلى الله، ورجع، وأناب، وتاب الله عليه: أي عاد عليه بالمغفرة " . ثانياًـ تعريف التوبة في الشرع: عرفت التوبة إلى الله في الشرع بعدة تعريفات، والمدلول الشرعي للتوبة قريب من المدلول اللغوي، فمما عرفت به التوبة في الشرع مايلي: 1/ قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله -: " قيل في حد التوبة أنه ذوبان الحشا لما سبق من الخطأ " . ثم علق على هذا الحد فقال: " فإن هذا يعرض لمجرد الألم ولذلك قيل: 2/ " هو نار في القلب تلتهب، وصدع في الكبد لا ينشعب " . 3/ وقال: " وباعتبار معنى الترك قيل في حد التوبة: إنه خلع لباس الجفاء، ونشر بساط الوفاء " 4/ وقال: ومن معانيها: " ترك المعاصي في الحال، والعزم على تركها في الاستقبال، وتدارك ما سبق من التقصير في سابق الأحوال " 5/ وقال ابن القيم - رحمه الله - في تعريف التوبة: " فحقيقة التوبة هي الندم على ما سلف منه في الماضي، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على ألا يعاوده في المستقبل " . 6/ وقال - أيضاً -: " حقيقة التوبة الرجوع إلى الله بالتزام فعل ما يحب، وترك ما يكره؛ فهي رجوع من مكروه إلى محبوب؛ فالرجوع إلى المحبوب جزء مسماها، والرجوع عن المكروه الجزء الآخر " . 7/ وقال: " التوبة هي الرجوع مما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً " . 8/ وقال ابن حجر - رحمه الله -: " والتوبة ترك الذنب على أحد الأوجه. وفي الشرع: ترك الذنب؛ لقبحه، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، وردُّ المظلمة إن كانت، أو طلب البراءة من صاحبها، وهي أبلغ وجوه الاعتذار " . 9/ ويمكن أن تعرف التوبة بأنها: ترك الذنب علماً بقبحه، وندماً على فعله، وعزماً على ألا يعود إليه إذا قدر، وتداركاً لما يمكن تداركه من الأعمال، وأداءً لما ضيع من الفرائض؛ إخلاصاً لله، ورجاءً لثوابه، وخوفاً من عقابه، وأن يكون ذلك قبل الغرغرة، وقبل طلوع الشمس من مغربها. ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن التوبة لابد أن يجتمع فيها الأمور التالية: 1/ الإقلاع عن الذنب. 2/ الندم على ما فات، والحد الأدنى من ذلك وجود أصل الندم، وأما قوة الندم وضعفه فبحسب قوة التوبة، وضعفها. 3/ العلم بقبح الذنب. 4/ العزم على ألا يعود. 5/ تدارك ما يمكن تداركه من رد المظالم ونحو ذلك 6/ أن تكون خالصة لله - عز وجل - قال - تعالى -: ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) [البينة: 5]. 7/ أن تكون قبل الغرغرة، لما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الله - تعالى - يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " . قال الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله -: وتقبل التوبة قبل الغرغره كما أتى في الشرعة المطهرة والغرغرة هي حشرجة الروح في الصدر، والمراد بذلك الاحتضار عندما يرى الملائكة، ويبدأ به السياق في الموت. 8/ أن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها لما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه س/ من أي شيء تكون التوبة ؟ التوبة تكون من الذنوب صغيرها وكبيرها، ولا بد للتائب من معرفة ما يتاب منه ولو على سبيل الإجمال. قال الغزالي - رحمه الله -: " اعلم أن التوبة ترك الذنب، ولا يمكن ترك شيء إلا بعد معرفته. وإذا كانت التوبة واجبة كان ما لا يتوصل إليها إلا به واجباً؛ فمعرفة الذنوب - إذاً - واجبة، والذنب عبارة عن كل ما هو مخالف لأمر الله - تعالى - في ترك أو فعل. وتفصيل ذلك يستدعي شرح التكليفات من أولها إلى آخرها، وليس ذلك من غرضنا، ولكننا نشير إلى مجامعها، وروابط أقسامها، والله الموفق للصواب برحمته " . ثم شرع - رحمه الله - في بيان أقسام الذنوب. وعقد ابن القيم - رحمه الله - في مدارج السالكين فصلاً قال فيه: " فصل في أجناس ما يتاب منه " . ثم قال: " ولا يستحق العبد اسم " التائب " حتى يتخلص منها. وهي اثنا عشر جنساً مذكورة في كتاب الله - عز وجل - هي أجناس المحرمات: الكفر، والشرك، والنفاق، والفسوق، والعصيان، والإثم، والعدوان، والفحشاء، والمنكر، والبغي، والقول على الله بغير علم، واتباع غير سبيل المؤمنين. فهذه الاثنا عشر عليها مدار كل ما حرم الله، وإليها انتهاء العالم بأسرهم إلا أتباع الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم ـ. وقد يكون في الرجل أكثرها وأقلها، أو واحدة منها، وقد يعلم ذلك، وقد لا يعلم. فالتوبة النصوح: هي بالتخلص منها، والتحصُّن من مواقعتها، وإنما يمكن التخلص منها لمن عرفها. ونحن نذكرها، ونذكر ما اجتمعت فيه وما افترقت؛ لنتبين حدودها وحقائقها، والله الموفق لما وراء ذلك كما وفق له، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهذا الفصل من أنفع فصول الكتاب، والعبد أحوج شيء إليه " . ثم شرع رحمه الله في بيان ذلك. ومما يمكن أن تتضح به أصول الذنوب وأفرادها أن تُذْكَر تلك الأصول وما يندرج تحتها من أفراد، وهذا ما سيتضح في المبحث التالي - إن شاء الله تعالى - .
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() تقسيـــم الذنـــوب هناك تقسيمات نافعة، تُعرف من خلالها أصول الذنوب، وما يمكن أن يدخل تحتها من آحاد الذنوب وأفرادها.قال ابن القيم - رحمه الله -: " ولما كانت الذنوب متفاوتة في درجاتها ومفاسدها - تفاوتت عقوباتها في الدنيا والآخرة بحسب تفاوتها. ونحن نذكر فيها - بعون الله - وحسن توفيقه فصلاً وجيزاً جامعاً فنقول: أصلها نوعان: ترك مأمور، وفعل محظور. وهما الذنبان اللذان ابتلى الله - سبحانه - بهما أبوي الجن والإنس. وكلاهما ينقسم باعتبار محله إلى ظاهر على الجوارح، وباطن في القلوب. وباعتبار مُتعلَّقه إلى حق الله، وحق خلقه، وإن كان كل حق لخلقه فهو متضمن لحقه، لكن سمي حقاً للخلق لأنه يجب بمطالبتهم، ويسقط بإسقاطهم " . ثم شرع - رحمه الله - بتقسيم هذه الذنوب إلى قسمة أخرى فقال: " ثم هذه الذنوب تنقسم إلى أربعة أقسام: ملكية، وشيطانية، وسَبُعية، وبهيمية، ولا تخرج عن ذلك " . هذا وقد سبق ابن القيم في هذا التقسيم أبو حامد الغزالي، حيث قال - رحمه الله -: " اعلم أن للإنسان أوصافاً وأخلاقاً كثيرة على ما عرف شرحه في كتاب عجائب القلب وغوائله، لكن تنحصر مثارات الذنوب في أربع صفات: صفات ربوبية، وصفات شيطانية، وصفات بهيمية، وصفات سبعية " . وفيما يلي تفصيل يسير لتلك الأصول التي ترجع إليها الذنوب. 1/ الذنوب الملكية أو الربوبية: وهي أن يتعاطى الإنسان ما لا يصلح له من صفات الربوبية، كالعظمة، والكبرياء، والفخر، والجبروت، والعلو في الأرض، ومحبة استعباد الخلق، ونحو ذلك. ومن هذه الذنوب يتشعب جملة من الكبائر غفل عنها أكثر الخلق، ولم يعدوها ذنوباً، وهي المهلكات، العظيمة التي هي كالأمهات لأكثر المعاصي. ويدخل في هذه الذنوب، الشرك بالله، والقول على الله بغير علم. 2/ الذنوب الشيطانية: وهي ما كان في صاحبها شَبهٌ من الشيطان، ويدخل تحت ذلك الحسدُ، والبغي، والغش، والغل، والخداع، والمكر، والأمر بالفساد، وتحسين المعاصي، والنهي عن الطاعات وتهجينها، والابتداع في الدين، والدعوة إلى البدع والضلال. وهذا النوع يلي الأول في المفسدة، وإن كانت مفسدته دونه. 3/ الذنوب السبعية: ومنها يتشعب الغضب، وسفك الدماء، والحقد، والتوثب على الضعفاء والعاجزين، والقتل. 4/ الذنوب البهيمية: ومنها يتشعب الشَّرَهُ، والكَلَبُ، والحرص على قضاء شهوة الفرج والبطن، ومنها يتولد الزنى واللواط، والسرقة، وأكل أموال اليتامى، والبخل، والشح، والجبن، والهلع، والجزع، وجمع الحطام لأجل الشهوات، وغير ذلك. وهذا القسم أكثر ذنوب الخلق؛ لعجزهم عن الذنوب السبعية والملكية. ومنه يدخلون إلى سائر الأقسام؛ فهو يجرهم إليها بالزمام، فيدخلون منه إلى الذنوب السبعية، ثم إلى الشيطانية، ثم إلى منازعة الربوبية، والشرك في الوحدانية. "تقسيـم آخـر للذنـوب" ويمكن أن تقسم الذنوب إلى قسمة أخرى، وهي أن يقال: إن الذنوب تنقسم إلى كبائر، وصغائر.قال الغزالي - رحمه الله -: " اعلم أن الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر، وقد كثر اختلاف الناس فيها؛ فقال قائلون: لا صغيرة ولا كبيرة، بل كل مخالفة لله فهي كبيرة. وهذا ضعيف؛ إذ قال - تعالى -: ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ) [النساء: 31]، وقال - تعالى -: ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ ) [النجم: 32]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة يكفرن ما بينهن إن اجتنبت الكبائر " وفي لفظ آخر: " كفارات لما بينهن إلا الكبائر " . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: " الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس " . وقال ابن القيم - رحمه الله -: " وقد دل القرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين بعدهم والأئمة على أن من الذنوب كبائرَ وصغائر " . وقال - رحمه الله -: " والذين لم يقسموها إلى كبائر وصغائر قالوا: الذنوب كلها - بالنسبة إلى الجراءة على الله سبحانه ومعصيته ومخالفة أمره - كبائر؛ فالنظر إلى من عُصي أمرُه، وانتُهك محارمه يوجب أن تكون الذنوب كلها كبائر، وهي مستوية في هذه المفسدة " . وقال بعد أن ساق بعض ما أورده مَنْ قال إن الذنوب كلها كبائر: " فالشرك أظلم الظلم، والتوحيد أعدل العدل؛ فما كان أشدَّ منافاة لهذا المقصود فهو أكبر الكبائر، وتفاوتها في درجاتها بحسب منافاتها له، وما كان أشدَّ موافقة لهذا المقصود فهو أوجب الواجبات، وأفرض الطاعات؛ فتأمل هذا الأصل حق التأمل، واعتبر تفاصيله تعرف به حكمة أحكم الحاكمين، وأعلم العالمين فيما فرضه على عباده، وحرمه عليهم، وتفاوتَ مراتب الطاعات والمعاصي " . وبعد أن تبين أن الذنوب منها كبائر، وصغائر يحسن الوقوف عند ماهية الصغائر والكبائر؛ حيث اخْتُلِفَ في تحديد الكبائر وحصرها؛ فقيل في ذلك أقوال منها: 1/ قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: هي أربع. 2/ وقال عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: هي سبع. 3/ وقال عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: هي تسع. 4/ وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - إذا بلغه قول ابن عمر: الكبائر سبع يقول: هن إلى سبعين أقرب منها إلى سبع. 5/ وقال آخر: هي إحدى عشرة. 6/ وقال أبو طالب المكي: جمعتها من أقوال الصحابة فوجدتها أربعة في القلب وهي: الإشراك بالله، والإصرار على المعصية، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله. وأربعة في اللسان، وهي: شهادة الزور، وقذف المحصنات، واليمين الغموس، والسحر. وثلاثة في البطن: شرب الخمر، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا. واثنين في الفرج: الزنا، واللواط. واثنين في اليدين وهما القتل والسرقة. وواحداً في الرجلين وهو الفرار من الزحف. وواحداً يتعلق بجميع الجسد وهو عقوق الوالدين. هذه أقوال الذين حصروها بعدد، وأما الذين لم يحصروها بعدد فمنهم من قال: 1/ ما اقترن بالنهي عنه وعيد من لعن، أو غضب، أو عقوبة - فهو كبيرة، وما لم يقترن به شيء فهو صغيرة. 2/ وقيل: كل ما ترتب عليه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة - فهو كبيرة، وما لم يرتب عليه لا هذا ولا هذا فهو صغيرة. 3/ وقيل: كل ما اتفقت الشرائع على تحريمه فهو من الكبائر، وما كان تحريمه في شريعة دون شريعة فهو صغيرة. 4/ وقيل: كل ما لعن الله ورسوله فاعله فهو كبيرة. 5/ وقيل: هي كل ما ذكر من أول سورة النساء إلى قوله: ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) [النساء: 31]. والمقصود من خلال ما مضى من ذكر أصول الذنوب، وتقسيماتها - هو الوقوف على معرفة الذنوب ولو على سبيل الإجمال؛ كي يجتنبها الإنسان، ويتوب منها إن كان واقعاً فيبـاب التوبـة مفتـوح لقد فتح الله - بجوده وكرمه - باب التوبة؛ حيث أمر بها، وحض عليها، ووعد بقبولها، سواء كانت من الكفار أو المشركين، أو المنافقين أو المرتدين، أو الطغاة، أو الملاحدة، أو الظالمين، أو العصاة المقصرين. ومن خلال ما يلي يتبين لنا شيء من فضل الله - عز وجل - في فتح باب التوبة. 1/ أن الله - عز وجل - أمر بالتوبة: قال - تعالى -: ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) [الزمر: 54]. قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: " أي ارجعوا إلى الله، واستسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون أي بادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة " . 2/ أن الله وعد بقبول التوبة مهما عظمت الذنوب: قال - تعالى -: ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ ) [الشورى: 25]. وقال: ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ) [النساء: 110]. وقال - عز وجل - في حق المنافقين: ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا ) [النساء: 145/146]. وقال في شأن النصارى: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [المائدة: 73]. ثم قال - جلت قدرته - محرضاً لهم على التوبة: ( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [المائدة: 74]. وقال - تعالى - في حق أصحاب الأخدود الذين خدوا الأخاديد لتعذيب المؤمنين وتحريقهم بالنار: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) [البروج: 10]. قال الحسن البصري - رحمه الله -: " انظروا إلى هذا الكرم والجود؛ قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة " . 3/ أن الله حذر من القنوط من رحمته: قال - تعالى -: ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [الزمر: 53]. قال ابن كثير - رحمه الله -: " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية: قال: قد دعا الله - تعالى - إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله، ومن زعم أن المسيح هو ابن الله، ومن زعم أن عزيراً ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول الله - تعالى - لهؤلاء: ( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [المائدة: 74]. ثم دعا إلى التوبة من هو أعظم قولاً من هؤلاء؛ من قال: ( أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى ) [النازعات: 24]، وقال: ( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ) [القصص: 38]. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: " من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله - عز وجل - " . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، في الآية السابقة - آية الزمر -: " المقصود بها النهي عن القنوط من رحمة الله - تعالى - وإن عظمت الذنوب وكثرت، فلا يحل لأحد أن يَقْنَط من رحمة الله، ولا أن يُقَنِّط الناس من رحمته؛ لذا قال بعض السلف: وإن الفقيه كل الفقيه الذي لا يؤيّس الناس من رحمة الله، ولا يجرؤهم على معاصي الله. والقنوط يكون بأن يعتقد أن الله لا يغفر له إما لكونه إذا تاب لا يقبل توبته ويغفر ذنوبه، وإما بأن يقول: نفسه لا تطاوعه على التوبة بل هو مغلوب معها، والشيطان قد استحوذ عليه؛ فهو ييأس من توبة نفسه وإن كان يعلم أنه إذا تاب غفر الله له، وهذا يغري كثيراً من الناس " . 4/ أن الله يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله - عز وجل - يبسط يده بالليل؛ ليتوب مُسيء النهار ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها " . 5/ أن الله رتب الثواب الجزيل على التوبة: ووعد من تاب بالخير الكثير، وهذا ما سيتبين في المبحث الآتي - إن شاء الله تعالى ها. ![]() |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() فضائل التوبة وأسرارها |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() / أن يعرف العبد حاجته إلى حفظ الله ومعونته وصيانته: وأنه كالوليد في حاجته إلى من يحفظه؛ فإنه إن لم يحفظه مولاه، ويصونَه، ويعينه فهو هالك ولا بد. عرفت الشرلا للشرْ ر لكن لتوقـيـه وهذه حال المؤمن يكون فطناً، حاذقاً، أعرف الناس بالشر، وأبعدهم عنه، فإذا تكلم في الشر وأسبابه ظننته من شر الناس، فإذا خالطته، وعرفت طويَّته رأيته من أبر الناس.ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه والمقصود أن من بلي بالآفات صار أعرف الناس بطرقها، وأمكنه أن يسدها على نفسه، وعلى من استنصحه، ومن لم يستنصحه. 22- ابتلاء العبد بالإعراض عنه: فالله-عز وجل-يذيق عبده ألم الحجاب عنه، وزوال ذلك الأنس به، والقرب منه؛ ليمتحن عبده، فإن أقام العبد على الرضا والحال، ولم يجد نفسه تطالبه بحالها الأول مع الله، بل اطمأنت، وسكنت إلى غيره-علم أنه لا يصلح، فوضعه في مرتبته التي تليق به. وإن استغاث استغاثة الملهوف، وتَقَلَّق تَقلُّقَ المكروب، ودعاه دعاء المضطر، وعلم أنه قد فاتته حياته حقَّاً، فهو يهتف بربه أن يرد عليه ما لا حياة له بدونه-علم أنه موضع لما أُهّل له، فردَّ عليه أحوج ما هو محتاج إليه، فعظمت به فرحته، وكملت به لذته، وتمت به نعمته، واتصل به سروره، وعلم حينئذ مقداره، فعضَّ عليه بالنواجذ، وثنَّى عليه بالخناصر؛ فالعبد إذا بلي بَعْد الأنس بالوحشة، وبعد القرب بنار البعاد-اشتاقت نفسه إلى لذة تلك المعاملة، فحنَّتْ، وأنَّتْ، وتصدَّعت، وتعرضت لنفحات مَنْ ليس لها عنه عوض أبداً، ولا سيما إذا تذكر بره، ولطفه، وحنانه، وقربه. هذه بعض فضائل التوبة، وأسرارها، ومن خلال ذلك يتبين لنا عظم شأن التوبة، وكبير منزلتها عند الله، كما يتبين-أيض-حكمة الله-عز وجل-في خلق المعاصي، وتقدير السيئات ![]() |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() السلام عليكم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() بارك الله فيك الأخت الكريمة |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() مشكورين |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc