![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
10 دروس كاملة في الاستقراء و خطواته...
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() ![]() المحبة نعمة من الله.. وفقد الأحبة غربــــــــــــــــة .. ولقاؤهم أنس ومسرة .. وهم للعين قــــــــــــرة.. فسلام على من دام في القلب ذكراهــــــم .. وإن غابوا عن العين قلنا.. يا رب تحفظهم وترعاهم .. 10 دروس كاملة في الاستقراء و خطواته ![]() ![]() اسم الكتاب: المنطق الإسلامي أصوله ومناهجه المؤلف: آية الله السيد محمد تقي المدرسي الناشر: دار البيان العربي - بيروت ، لبنان ![]() ما هو الإستقراء: ما هو الإستقراء المنطقي؟ ببساطة: هو البحث عن علاقة الظواهر التي تحدث ببعضها. ذلك لأن الإستقراء هو القيام بتجميع الظواهر إلى بعضها، وهذا التجميع على نوعين: أ- تجميع قشري أفقي: لا يقصد منه سوى (زيادة عدد إلى عدد) و(تركيب شيء فوق شيء) ليسهل التعبير عنها جميعا. تماما كما يستصعب علينا أن نقول: واحد واحد واحد. فنجمعها ونقول: ثلاثة. كذلك تجمع الظواهر إلى بعضها فنضع عليها اسماً واحداً. نسميها جميعاً باسمه فمثلاً: عندما نستقرئ البصل فنعرف أن كل بصل أبيض. لم نضف بالإستقراء علماً جديداً إلى معلوماتنا، إن الذي فعلناه كان ليس أكثر من جمع البصل إلى بعضه، والتعبير عنها جميعاً بكلمة واحدة، بدلاً من التعبير عن كل واحد بتعبير مختلف. ويندرج تحت هذا النوع من الإستقراء: الإستقراء الشكلي، وهو الذي يجمع كل المعلومات الممكنة ويعبر عنها بلفظ واحد، وبالرغم من أنه يعطينا صورة استدلالية، ولكنها لا تعطينا القدرة على التنبؤ بالمستقبل، والذي هو الهدف من الاستقراء أساساً كما يأتي، فمثلاً إذا عرفنا أن أنواع الحصان ثلاثة: أ ـ ب ـ ج ـ ثم عن طريق الإستقراء عرفنا: بأن كل هذه الأنواع ـ أبيض ـ حصل عندنا استقراء، ولكنه شكلي إذ ليس هناك نوع رابع نتنبأ بلونه، قياساً على هذه الأنواع الثلاثة، فلم يضف الإستقراء علماً جديداً لنا، وصيغة هذا الإستدلال الشكلي هي ما يلي: أ ـ ب ـ ج ـ كل أنواع الحصان. (أ ـ ب ـ ج ـ أبيض. فكل أنواع الحصان أبيض) والإستقراء الشكلي يوجد بكثرة في علوم تعتمد على العد والتسجيل؟ مما يعتمد على القواعد العامة، وذلك مثل علوم الأحياء والنبات وعلم الفلك القديم والعقل الإلكتروني، هو الآخر يعتمد على إستقراءات شكلية. حيث لا يستطيع كشف الظواهر إنما إعادة المعلومات وتركيبها. ويستفاد من هذا الإستقراء أيضاً في المراحل الأولى للبحث ولكنه كما يقول (مل): لا يقودنا في طريق العلم إلا قليلا، ومن الممكن أن نقبله بصفة مؤقتة، إذا كانت تعوزنا وسيلة أخرى أفضل منه وأكثر قوة وضماناً وكل استقراء حقيقي، يسبقه استقراء شكلي، إذ لا بد أن يبدأ الإنسان بتجميع الظواهر عدديا، لكي يفكر فيها كيفيا، بهدف التعرف على قوانينها، وعلاقاتها ببعضها. ب- الاستقراء الحقيقي: وهو ما ينطبق عليه تعريفنا المتقدم للاستقراء: وهو معرفة العلاقة الخفية التي تربط ظاهرة بأخرى، وعن طريق معرفتها يتم بالطبع التنبؤ بأنه كلما وجدت إحدى الظاهرتين، كانت الأخرى موجودة أيضا. وبتعبير آخر: الاستقراء التام هو الانتقال من عدد محصور من القضايا إلى قاعدة عامة، يمكن إعادة تطبيقها على عدد لا يحصى من القضايا المشابهة لكي يتم التنبؤ بالمستقبل، ويتم بالتالي تحقيق الهدف من العلم ـ أي علم ـ وهو كشف المستقبل والاهتداء إليه، ومثال ذلك اننا نعرف القانون التالي ـ من بعض التجارب ـ المعدودة التي تم الحصول عليها عن طريق الاستقراء، والقانون هو: (الكثافة = الكتلة على الحجم أو ث = ك على ح) هل إننا استقرأنا جميع أنواع وأفراد الكثافة والكتلة والحجم، وعرفنا بأن لها علاقة مطردة، فعبرنا عنها بالقانون المتقدم؟! كلا، إذا: الاستقراء الحقيقي، يتم على التعميم، والانتقال من حالة جزئية، إلى حالة كلية، وذلك عن طريق معرفة العلاقة الرابطة، بين شيء وشيء آخر. وهذه ميزة الاستقراء الحديث، عن الاستقراء الأرسطي القديم، الذي كان أشبه شيئا بتكديس الملاحظات على بعضها، دون معرفة العلاقة بينها. ولكن هذا الاستقراء ينطوي على خطر التعميم الكلي إذا تسرع الباحث فيه، وأفرط في الاعتماد عليه يتبع..../.... ![]()
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() ما هي الملاحظة؟ ذات صباح ربيعي، تجلس على شاطئ البحر، وتلاحظ الأمواج الحريرية التي تداعب الصخور، وهناك تجد رجلين أحدهما صياد سمك والثاني خبير. أما الصياد فيبحث عن الأسماك فيما وراء الأمواج، أما الخبير فلا يهمه السمك فقط، بل يلاحظ تحركاته ليكشف طبيعة الحياة عند الأسماك. أنتم الثلاثة تبصرون بأعينكم شيئا، ولكن بينكم فروق كبيرة. 1- فأنت تبصر لمجرد المتعة، فالنظر ـ بحد ذاته ـ هدف تنشده، ولذلك لا نسميك (ملاحظا) بل (متفرجا) والصياد يهدف من وراء بصره الكشف عن مواقع السمك. إن نظرة (عبرية) ومتعمقة إلى الأمواج لا تعنيه بقدر ما تكشف عما ورائها من أسماك، ولكنه ـ مع ذلك ـ لا ينوع ملاحظاته كثيرا حول السمك، بل يصيدها متى وجدها. 2- أما الخبير فإنه يبصر، ويهدف شيئا، وهدفه ليس السمك، كظاهرة منفصلة عن مظاهر الحياة الأخرى، بل كظاهرة مرتبطة بأية ظاهرة أخرى قد يكشفها الخبير. فهو إذ يراقب الموج والسمك، يرصد تحركات الريح وتيارات الماء والمد والجزر، ليعرف ما إذا كانت تلك الظواهر، ترتبط بظاهرة تواجد السمك مثلا في الساحل فجأة، أم لا؟ إن صياد السمك، مثل لصاحب الملاحظة الفجة، بينما الخبير، مثل لصاحب الملاحظة العلمية، والفرق بينهما كالفرق بين الذوق الفطري والاستقراء العليم، إذ يهدف الأول تحقيق حاجة عملية، بينما الثاني يحاول الكشف العلمي. وبتفصيل أكثر: 1- الملاحظة الفجة: هي كل ملاحظة سريعة يقوم بها الإنسان في ظروف الحياة العادية، ويمكن التمثيل لهذا النوع بملاحظة الرجل العامي، الذي يوجه نظره إلى مختلف الأطوار التي يمر بها القمر، فيرى أنه يبدأ هلالا، ثم ينمو ـ شيئا فشيئا ـ حتى يكتمل بدرا، ثم يتطرق إليه النقصان بالتدريج، فيصير هلالا مرة أخرى. وتسمى هذه الملاحظة فجة لأنها: (ليست العبرة بتسجيل الملاحظات وتكديسها، بل بالقدرة على تنسيقها، وربطها، وتأويلها تأويلا صحيحا، والاستفادة منها، في الكشف عن بعض الحقائق العامة. ويرجع قصور الملاحظة الفجة في الكشف عن هذه الحقائق إلى أن الرجل العادي يرى أن الظاهرة التي يلاحظها منفصلة.. تماما، عما عداها من الظواهر. أما العالم فيرى أن الظاهرة التي يدرسها لا بد ان تكون على صلة ببعض الظواهر الأخرى ولذا فهو على استعداد دائما للتطرق من ملاحظة إلى أخرى3. والملاحظة العابرة تساهم في دفع عجلة العلم إلى الأمام لأنها حرة طليقة لا ترتبط بهدف محدد مسبقا ولذلك قد تصل إلى معرفة بعض العلاقات التي تعجز الملاحظة العلمية بسبب من تقوقعها في قمقم الهدف المحدد، تعجز عن الوصول إليها. فمثلا الشعراء الذين أهدوا سطح القمر لحبيباتهم كانت ملاحظاتهم أقرب إلى الحقيقة من ملاحظة الفلكيين القدماء الذين كونوا فكرة مسبقة عن القمر. وكثير من العظماء اكتشفوا بالملاحظة العابرة حقائق كبيرة أو لا أقل تنبأوا بتلك الحقائق، عن طريق الملاحظة العابرة. فمثلا: (جاليلو) لاحظ ـ ذات مرة ـ أن سقوط الأجسام ليس سواء، وهدته ملاحظته العبارة إلى التجربة التي أدت بالتالي إلى كشف قانونه الشهير في سقوط الأجسام، ويقال إن نيوتن اهتدى إلى التفكير حول الجاذبية من ملاحظة تفاحة سقطت من على شجرة. وهكذا، إن المنهج السليم هو المنهج الذي يفسح أكبر مجال لحرية التفكير. ولكن من الخطأ الفظيع الاكتفاء بالملاحظة العابرة، لأنها الخطوة الأولى فقط في طريق ذات مئة خطوة والملاحظة العابرة أخيرا كالاستقراء الفطري، وكالخيال والحدس تفيدنا في وضع الإطار العام للفرضية وما سبق في الاستقراء الفطري وما سيأتي بإذن الله في الحدس ـ يلقي ضوءا على دور الملاحظة الفجة في البحث. الملاحظة العلمية: يجب أن تتوافر ثلاثة عناصر في الملاحظة العلمية: 1- الهدف المسبق: ففي قصة الخبير الآنفة الذكر رأينا كيف أنه يهدف كشف حقيقة غامضة ومحددة، وهذا العنصر يجعل الملاحظة العلمية، الخطوة الثانية التي تلحق الملاحظة الفجة، إذ إن التأكد من صحتها يتطلب الملاحظة المكررة، لتلك الفكرة، التي استوحاها الفرد من ملاحظته الأولى. وقد يتسبب ذلك في التدخل في سير الطبيعة للكشف عنها. 2- الدقة: ولأن الملاحظة العلمية هادفة، فإنها دقيقة إذ هي تتركز حول قضية واحدة تقريبا، تفصلها عما يحيط بها من قضايا فرعية، غير ذات أهمية علمية. ولدقة هذه الملاحظة، فهي بحاجة إلى صبر وأناة فتتوزع إلى خطوات ومراحل. 3- بعد الاستيعاب لوجود الهدف المسبق والدقة، تأتي الملاحظة العلمية، متممة للكشوفات السابقة، ومستوعبة لها. فهي تبدأ من حيث انتهى العلم، وقد تستخدم الأدوات العلمية الدقيقة، التي توصل إليها تقدم العلم سابقا، ويمكن التمثيل للملاحظات العلمية بتلك الملاحظات التي يقوم بها علماء الفلك، عندما يرصدون النجوم، والكواكب، وأوقات ظهورها، واختفائها. فهذه الملاحظات علمية، لأنها دقيقة، ولأنها تهدف إلى غرض واضح هو معرفة عدد هذه الأجرام السماوية، وأبعادها وحركاتها. الملاحظة بين الكم والكيف: ترتبط الملاحظة لأية ظاهرة بطبيعة الظاهرة، والهدف من معرفتها. فقد تكون الظاهرة مثلا مرتبطة بعلم الرياضيات، والهندسة، وما أشبه. فهناك نلاحظ الجانب العددي والقياسي من الظاهرة. وقد ترتبط بعلم الاجتماع والنفس فهناك نحاول معرفة الجانب الكيفي منها.. والواقع ان الكم ليس سوى العناصر الذاتية للشيء، وكلما تقدم العلم، كلما حاول إرجاع الأشياء إلى (أعداد) حسبما عرفنا ذلك في فصول سابقة، بينما الكيف هو معرفة الوجه الخارجي للشيء، وطبيعة نسبته إلى الحقائق الأخرى، فمثلا: لو أردنا ان نعبر عن طبيعة حرارة الجسم عند الحمي، فقد نقول: إن درجة الحرارة هي (38) (وهذا تعبير عن عنصر ذاتي في الحرارة وهو طبعا تعبير كمي) بينما قد نقول: ان الحرارة خفيفة بالنسبة إلى حرارة النار! إذا: التعبير الكمي هو التعبير الذاتي المتطور بينما التعبير الكيفي هو التعبير الخارجي المتخلف، والفرق بينهما لا يعدو التعبير، والحقيقة واحدة. وكلمة أخيرة عن الملاحظة العلمية أنها قد تغني عن التجربة، وذلك فيما يخص الظواهر التي يمكن التدخل في مسيرها. والتجربة ـ أساسا ـ هي التدخل في مسيرة الطبيعة لمعرفتها، وذلك مثل الظواهر الفلكية، والسياسية، والاقتصادية، بل في كل علم الظواهر، لا يمكن إخضاعها للتجربة، وآنذاك، تحل الملاحظة العلمية مقام التجربة |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() منهج الاختلاف: ويسميه بيكون بـ(قائمة الغياب)، ويريد منا ان نضع في مقابل كل حالة، من حالات الحضور، حالة من حالات الغياب مثلا: الحرارة (التي رتب بيكون قائمة لحالات الحضور فيها فأضفاها إلى 28 حالة) توجد مع وجود الشمس، وهذه حالة حضور ولكنها لا توجد مع غياب الشمس، وهذه حالة غياب مثل حالة الكسوف، أو في الليل. وفي المقارنة بين هاتين الحالتين نجد ان جميع الظروف المؤثرة واحدة، لا ظرفا واحدا، وهو طلوع الشمس، أو غيابها. فهناك اختلاف في شيء واحد، هو الذي سبب غياب الظاهرة، من هنا يسمي (مل) هذه الطريقة بـ(منهج الاختلاف) أي اختلاف حالتين في شيء واحد، بعد اتفاقهما في كل شيء آخر، وهذا المنهج يدعى (بالبرهان العكسي) وهو يتفق مع (معادلة التفنيد الرياضية)، وقد أشاد به كلود برنارد، وأعتقد بأنه التجربة الحقيقية، التي دعا إليها بيكون، إذ بيكون أراد بقائمتي (الغياب) و(الحضور) عملية واحدة، وجعل من قائمة الحضور تمهيدا لقائمة الغياب. ويقدر ـ هذا المنهج ـ حسب تعبير مل، إذا اتفقت مجموعتان من الأحداث في كل الوجوه الا وجها واحدا فتغيرت النتيجة، ويقدر من مجرد اختلاف هذا الوجه، بأن ثمة صلة علية، بين هذا الوجه، وبين الظاهرة الناتجة. فإذا كانت لدينا مجموعة (ك ل م ن) تنتج ظاهرة ما، ومجموعة أخرى (ك ل م هـ) ثم نتج عن ذلك اختلاف في النتيجة، في حالة أخرى، فإنه يوجد بين (ن) و(هـ) صلة العلية1. وهذا المنهج دقيق لأنه نستطيع أن نحذف عاملا في مجموعة عوامل لنلاحظ فيما إذا كانت الظاهرة تبقى أم لا. فإذا ذهبت الظاهرة أيضا عرفنا أن هذا العامل هو المؤثر. ولكنه منهج يخص ـ في هذا الجانب ـ بعض العلوم، بالتي يستطيع ان يتحكم فيها الإنسان، كالطب والفيزياء، وما أشبه. وفعلا استفادت مثل هذه العلوم كثيرا من هذا المنهج، وقد استخدمها باستير في كشفه عن الميكروب، حيث إنه حينما افترض ان ظاهرة التعفن، ترجع إلى وجود حيوانات دقيقة ميكروسكوبية، تتطرق إلى الوسائل والأجسام، فتتغذى بها، وتتكاثر عليها. ثم أراد البرهنة على هذا الرأي، والرد على من سخروا منه، أخذ أنبوبتين ووضع في كل منهما كمية واحدة من محلول السكر، وعقمهما في ماء تزيد درجة حرارته على 100 سنتيجراد، ثم أغلق فوهة إحديهما وترك الأخرى مفتوحة، بعد أن اتخذ جميع ضروب الحيطة حتى تتفق جميع الظروف، في كلتا الحالتين، باستثناء ظرف وحيد، وهو ان إحدى الأنبوبتين تبقى معرضة للهواء، والأخرى غير معرضة له، وبعد ان ترك الأنبوبتين، مدة معينة من الزمن أعاد فحص السائل، في كل واحدة منهما، فوجد أن التعفن تطرق إلى سائل الأنبوبة المفتوحة، وإن السائل في الأنبوبة الأخرى ظل سليما، فكانت هذه التجربة حاسمة، لأنها برهنت بحالتين متناقضتين، على صحة فرضه القائل بأن الجراثيم هي سبب التعفن2. ان باستير استفاد من منهج الاختلاف، إذ ان وجود (ظاهرة) التعفن ارتبط بوجود عامل التعرض للهواء، وحيث لم يوجد (عامل) التعرض للهواء، ما وجدت ظاهرة التعفن. ويشترط في هذه الطريقة تنويع التجارب إلى أكبر عدد ممكن، حتى لا يأتي احتمال وجود عامل خفي، يرتفع عند ارتفاع العامل الأساسي (صدفة) كما يشترط استخدام العقل لاستبعاد العوامل العرضية، غير ذات الوزن العلمي. ويجب ان نحاول ربط هذا المنهج بالمنهج السابق، بمعنى جعل قائمة للحضور، وأخرى للغياب، واستخدام منهج الاتفاق ثم الاختلاف معا، لأن المنهج الأول يفيد تنويعا للملاحظة. بينما الثاني يفيد دقة فيها، والدقة والتنويع كلاهما ضروريان. طريقة التلازم في التغيير: وهي الطريقة التي سماها بيكون بقائمة التدرج، ويمكن تحديد هذه الطريقة بأنها: (إذا لاحظنا ظاهرة تتغير كلما تغيرت ظاهرة أخرى، في حين تبقى سائر الظواهر المحيطة الممكنة التأثير فيها، غير متغيرة، نعرف أن هناك علاقة سببية، من نوع ما، بين هذه الظاهرة وتلك). ومثل هذه الطريقة: لو رأينا أن ظاهرة نرمز إليها بـ(س)، مرت بحالات نقص وتمام وزيادة، نرمز إليها بـ(س) و(س) و(س) ثم فتشنا، عن الظواهر المحيطة، فلم نلاحظ أية ظواهر أخرى تغيرت هكذا، الا ظاهرة (ص)، حيث انها هي الأخرى مرت في نفس الحالات فكانت (ص) و(ص) و(ص) نعرف أن هناك علاقة بين (ص) و(س). ومن هنا إذا رأينا، أنه كلما ارتفع القمر في السماء كلما ارتفع مد البحر، وكلما مال القمر إلى المغيب كلما هبط الماء في البحر، نعرف بوجود علاقة بين ماء البحر والقمر، علما بأننا لاحظنا سائر الظواهر المحيطة بماء البحر، وتغيراته فلم نجدها تتناسب مع تغيراتها. فلاحظنا الشمس، ولم نجد علاقة بين ارتفاع الشمس وارتفاع ماء البحر. ولاحظنا الهواء، فلم نجد علاقة بين هبوب الرياح وارتفاع المد، فعرفنا أن الظاهرة الوحيدة، التي تتناسب تغيراتها مع تغيرات البحر هو القمر. وهذه الطريقة تتناسب مع طريقة الاختلاف، حيث إن طريقة الاختلاف هي حذف الظواهر غير المرتبطة بالحدث، حتى نعرف الظاهرة المرتبطة به. وهذه الطريقة هي حذف الظواهر التي لا تتناسب تحولاتها مع تحولات الحدث لنعرف الظاهرة التي تتناسب تحولاتها مع تحولات الحدث. فطريقة التغيير النسبي نوع من طريقة الاختلاف، ولذلك تشتركان في كثير من الشروط. ويعتمد العلم الحديث على هذه الطريقة كثيرا وذلك لعدة أسباب: أولا: لأنها دقيقة، حيث لا تكشف فقط عن وجود علاقة بين ظاهرة وأخرى، بل عن مقدار هذه العلاقة ونسبتها. ثانيا: لأن العلم الحديث، لا يهتم كثيرا بمعرفة السبب والمسبب، بقدر ما يهتم بمعرفة العلاقة بين حدث وآخر، لكي يتم توظيفها عمليا في الحياة، وطريقة التغيير النسبي أفضل طريقة لمعرفة العلاقات. ثالثا: لأن هذه الطريقة أيسر معرفة، وأسهل كشفا، إذ من السهل ان تقارن حدثا بحدث، وتلاحظ ارتباط تغيراتهما بالبعض، بينما من الصعب أن تحذف ظاهرة، أو عدة ظاهرات، للتعرف على السبب الحقيقي، كما في الطرق الماضية. من هنا استخدم باستير هذه الطريقة في الكشف عن الميكروب، فأخذ ثلاث مجموعات من أنابيب الاختبار، كل مجموعة منها عشرون أنبوبة، وملأها بسائل معين، ثم عقم هذه الأنابيب في ماء تزيد درجة حرارته على (100 درجة) وأغلق فوهاتها جميعا، ثم فتح هذه المجموعات، في أماكن تختلف درجة نقاء الهواء فيها، فوق قمة جليدية، فوق هضبة، في الريف، بالترتيب، فتبين له أن نسبة التعفن في المجموعة، التي فتحها في القمة كانت 1 من 20 أنبوبة، وكانت هذه النسبة في الهضاب 5 من 20، بينما بلغت نسبة التعفن في المجموعة، التي فتحها في الريف، حيث تقل درجة النقاء فيها 8 من 20، فعرف أن هناك علاقة مطردة، بين درجة تلوث الهواء، وسرعة تلوث المياه، واكتشف ان هذه العلاقة مرتبطة بالجراثيم، التي تكثر في الأجواء المتلوثة، وتؤثر في تعفن المياه. ولأنه من الصعب ضبط تغير الظواهر في الذاكرة، يجدر على الباحث أن يستخدم الرسم البياني، والجدول، حيث يساعدانه على ضبط التغييرات، ومدى نسبة ارتباطهما بالظواهر المحيطة يتبع......../........ |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]()
بين السبب والقانون: إلا أن ما سبق لا يعني أننا نستعيض كليا عن السبب بفكرة القانون، والتي يميزها عن فكرة السبب. إن القانون هو الجواب في الجوانب الخارجية للظاهرة، بينما السبب هو البحث عن الجوانب الداخلية منها. فالقانون يقول: إن ظاهرة المد ترتبط بعلاقة مطردة مع صعود القمر، وهذه العلاقة هي علاقة خارجية، إذ لا تعني سوى وجود ارتباط بين ظاهرة وأخرى، بينما فكرة السبب تسعى لتحليل هذه العلاقة والإجابة عن هذا السؤال: لماذا المد يرتبط بالقمر؟ والجواب لأن القمر له جاذبية، وللبحر إمكانية الانجذاب، وهذا هو السبب في جذب القمر لمياه البحر، وهذا الكشف بين لنا قوة داخلية في القمر، وقوة داخلية في البحر، والفائدة التي قد نستفيدها من هكذا كشف هي أن نبدأ نعمم السبب على أماكن ثانية فنستفيد من معرفتنا بجاذبية القمر في جذب القمر للأرض أو للنجم المذيل وهكذا، وقد قسم لالاند القوانين بأنواع ستة وهي: 1- الطبائع وتركيبات الأشياء، مثل: تركيب الجزئي أو تركيب الذرة، أو تركيب أي عنصر كيمياوي، وهذا أشبه شيء بالسبب. 2- الاضافات الثابتة الموجودة بين صفين أو سلسلتين من الظواهر المعينة بالنسبة إلى بعضها، تبعا للدالة (ص) و(س) وذلك مثل الجاذبية وانكسار الضوء وما أشبه. 3- مقادير عددية ثابتة، مثل سرعة الضوء، وطول الموجة. 4- اطرادات، بحيث توجد ظاهرة مع وجود ظاهرة أخرى، دون ان نعرف بالدقة، صلة علية بينهما، كما نجد مثلا أن الاجترار يتبعه كون الظلف مشقوقا. 5- أحداث دورية ينظر فيها إلى أوجه ثابتة في تطورها، بالنسبة إلى مجاميع مشابهة، كما يظهر، مثلا، في ظاهرة التيار، أو ردود الفعل الكيمياوية، أو ظواهر الهدم والبناء بالنسبة إلى الخلايا. 6- علاقات الإتجاه، كما في القانون الثاني من قوانين علم القوى الحرارية المعروف بقانون (كارنو)، وقانون نقصان الطاقة، حيث يوجد هناك إتجاه نحو النقصان أبدا في تطور الظواهر، ومثل قانون التطور الدارويني. والسؤال الآن: هل بإمكاننا أن نتخلص من فكرة السبب كليا؟ (أوجيست كنت) يقول: نعم، ويضيف: فما دام القانون يفسر الظواهر فمن العبث أن نتطلب من العلم أكثر من ذلك، فمن البديهي اننا لا نستطيع الوقوف بدقة على ذلك التأثير المتبادل بين النجوم، وعلى ثقل الأجسام الأرضية، وإن أية محاولة في هذا الصدد ستكون بالضرورة محاولة عابثة وغير مجدية تماما، وان العقول التي لا تربطها صلة بالدراسات العلمية، هي وحدها التي تستطيع ان تشغل نفسها اليوم بمثل هذا الأمر. ولكن الواقع أن القانون هو خطوة في معرفة السبب، وان العلم يمكن ان يخطو إلى الامام ليصل إلى معرفة السبب، والعلم الحديث لا يبحث فقط عن الظواهر كيف ترتبط ببعضها، دون أن يبحث أيضا عن أنها لماذا ترتبط ببعضها؟ وما نجده في علم الكيمياء، وعلم التاريخ وعلم الاقتصاد والإجتماع من البحث عن خلفيات الظواهر، أفضل دليل على الصبغة العامة للعلم الحديث وأنها هي فهم الأسباب لا الظواهر فقط. صحيح ان علم الفلك، حديث الظهور نسبيا، والذي يفتقر إلى تجارب كثيرة أخرى، حتى يتمكن من الوصول إلى معرفة ظواهر الفلك والعلاقات الضرورية فيها. هذا العلم لا يتمكن من معرفة الأسباب الكامنة وراء هذه القوانين بسرعة. إلا أن علم التاريخ أو علم الاجتماع أو علم النفس، يتمكن لا أقل من معرفة بعض الأسباب الداخلية التي تسبب هذه الظواهر. أما بحث العلم عن القوانين فليس بحثا نهائيا، بل هو بحث مؤقت حتى يمهد له الطريق إلى معرفة الأسباب بل ـ بعكس ما يقول كنت ـ إن الذي تربطه صلة وثيقة بالعلوم الحديثة يعلم أن هناك صلة قربى بين القانون والسبب، بحيث يكاد يخفي الفارق بينهما، وان الطريق يسير من السبب إلى القانون، ومن القانون إلى السبب، بصورة أمواج علمية متداخلة فلا يكاد العلم يكتشف قانونا حتى يبحث عن سببه، وإذا عرف السبب كشف له السبب عن قانون آخر وهكذا. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]()
صياغة القوانين:
يتجه العلم الحديث إلى التدقيق في صياغة القوانين والتعبير عنها، ذلك لأن كثيرا من الأخطاء العلمية كانت ناشئة من التعبير عن المعلومات، فكانت المعلومات القليلة تعبر عنها بما يوهم أنها معلومات كثيرة. فمثلا، يعلم الواحد منا وجود علاقة بين عشرة من الناس وبين البياض ولكنه يعبر عن هذه العلاقة بأكثر من حجمها فيقول: كل إنسان أبيض، ويرجع الفضل في هذا التعميم إلى ضعف قدرة الفرد على التعبير. إذ إنه حين يسأل كيف عبرت عن عشرة بالكل يقول: أليس معنى الكل (عشرة)؟ لذلك وجب أن نهتم في جعل صيغة القوانين مطابقة لحجم معارفنا عنها حتى لا ندخل في التعبير أكثر مما نعلمه يقينا، وحين نجد في كثير من الكتب العلمية الحديثة أو القديمة تدقيقات في (معنى) الألفاظ، خصوصا تلك الألفاظ المستخدمة في العلوم الطبيعية فإنه إتجاه صحيح، الهدف منه الدقة في التعبير عن القوانين. كما أن الدعوة الحديثة التي أخذت تنصحنا إلى ترويض العلوم جميعها ـ أي جعلها تتبع لغة الرموز تماما كما تفعل الرياضيات ـ هذه الفكرة إنما نشأت بسبب الصعوبات التي يجدها الباحثون في التعبير عن القوانين، حيث إن الألفاظ قد تخون ولا تقدر على (ضبط) المعلومات بالدقة الكافية. من هنا وجب على الباحث ان يكون دقيقا في صياغة القوانين، التي يتوصل إليها حتى لا تعبر الا عن مقدار المعلومات وحدودها بالضبط ويمكن ذلك باتباع التعاليم التالية: * لا بد من اتضاح الفكرة وبلورتها في الذهن، بحيث يستشعر الباحث نفسه بحدود فكرته وأبعادها، ويتم هذا النضج عادة عندما يقدر الباحث توضيح الفكرة بدون عناء للآخرين، إذ قد يزعم الفرد ان معرفته بمواضيع ناضجة، ولكنه يكتشف غير ذلك فور ما يسعى لشرح الموضوع للآخرين. * اعتماد الأرقام والبيانات والنسب في التعبير عن الحقيقة، حيث إنها تضع الباحث على مقربة من الواقع. فمثلا، لو قلنا: ثلاثة من كل عشرة من أهل الكويت هم من أصل سعودي كنا أقرب إلى التعبير عن الحقيقة، لو رسمنا خطا قصيرا وإلى جانبه خط طويل للبيان عن نسبة السعوديين في أهل الكويت. وهذا بدوره أضبط مما لو قلنا أقل من نصف أهل الكويت من أصل سعودي. وهو كذلك أضبط من القول ان بعض أهل الكويت من أصل سعودي. * اعتماد الأرقام والبيانات والنسب في التعبير عن الحقيقة، للفجوة الموجودة بين ما تدل عليه الأرقام (أو الإحصائية) وبين الواقع. فمثلا إذا أردنا التدليل على أن بعض أهل الكويت من أصل عربي خالص دون بعضهم الآخر، فأوردنا إحصائية عن أهله النازحين من السعودية، وقلنا ان 30% من السعودية يوهمنا بأن الآخرين أي 70% هم من أصل فارسي، بينما الحقيقة إن الإحصاء إنما يكشف عن جانب من الحقيقة، ولذلك يجب تنبيه القارئ عن علاقة الإحصاء أو النسب بجوهر القانون. * وفي الأمور التي لا تخضع للأرقام (كالقضايا الاجتماعية والنفسية والمعارف الفلسفية)، لا بد من اعتماد التعابير الواضحة والتدقيق فيها ونبذ التعابير الأدبية الفضفاضة كالمصطلحات العلمية الغامضة.ومن هنا فإن دراسة الرياضيات واللغة، ضرورتان لفهم القوانين العلمية والتعبير عنها. والتركيب وهو نوعان: أ- التركيب العقلي: وتعريفه أن تربط بين فكرتين لتكشف فكرة ثالثة. كما تربط بين (فكرة) ان الإنسان عاقل و(فكرة) أن العاقل قادر على الاختراع لتكشف: أن الإنسان قادر على الاختراع (وهذه فكرة ثالثة). وهذا التركيب بؤرة القياس المباشر وغير المباشر، الذي نتحدث عنهما في فصل القياس. بيد أن التركيب العقلي يعني أيضا افتراض خطة تركيب مادي قبل البدء به إذ ما من تركيب مادي في الواقع إلا ويسبقه تركيب عقلي، بمعنى أن الإنسان يفكر في تركيب الأجزاء إلى بعضها ثم يبدأ بذاك. ب- التركيب المادي: والهدف من التركيب المادي قد يكون معرفة الخصائص التي تنطوي عليها العناصر وهذه من أنواع التجربة الفجة، بينما قد تكون الغاية من التركيب المادي اثبات نظرية سابقة. كما إذا أردنا التحقق من فكرة أن الماء مركب من عنصري الأوكسجين والهيدروجين. هنالك أمامنا طريقتان للتثبت، الأولى: تحليل قدر من الماء إلى عنصرين، والثانية: تركيب العنصرين حتى يتحولان إلى ماء وهذا النوع هو التركيب المادي. ويمكن التمثيل له أيضا بالتأليف بين معادن مختلفة بنسب معينة من النحاس والرصاص والقصدير. وهذا النوع من التركيب التجريبي هام جدا باعتباره وسيلة إلى الاختراع، وهناك علاقة متبادلة بين التحليل والتركيب بمعنى أن كلا منهما يؤدي وظيفة الآخر، ولذلك وجب ألا ننظر إليهما كما لو كانا عمليتين تختلف إحداهما عن الأخرى تماما، بل على اعتبار أنهما مظهران لعملية واحدة بعينها، وهي تمثل التفكير الإنساني في جملته، حقا قد يغلب أحد هذين المظهرين على الآخر، ولكن ليس من الممكن ان يستقل أحدهما عن الآخر تماما، فلا بد للتحليل من التركيب والعكس بالعكس. فإن الغلو في التحليل ينتهي بالمرء إلى نسيان ان الظواهر الطبيعية ليست من البساطة إلى الحد الذي يتصوره، ولأن الغلو في التركيب يؤدي إلى وضع فروض سريعة تقوم على أساس الملاحظات الخاطئة والآراء الوهمية. ![]() اسم الكتاب: المنطق الإسلامي أصوله ومناهجه المؤلف: آية الله السيد محمد تقي المدرسي الناشر: دار البيان العربي - بيروت ، لبنان اللغة: عربي ![]() ![]() |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 11 | |||
|
![]() شكرا جزيلا ....و لكن الملاحظ على هذه الدروس انها لا تتماشى و المقرر الجديد في مادة الفلسفة.... |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 13 | |||
|
![]() مرجع عظيم وناقله عظيم شكرا جزيلا. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 14 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 15 | |||
|
![]() اخي الكريم ممكن رد ولو بسيط وصغير في موضوعي ؟ |
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاستقراء, دروس, خطواته..., كاملة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc