أشكرك أخي الكريم ولد مزغنة و الشكر موصول للأخت أم يحي و الأخ الفاضل مهاجر إلى الله
أصبت بطرحك هذا و لقد صدق الإخوة الكرام فهذه شبهة تضاف إلى قائمة الشبه التي يتمسحون على أعتابها و يتشبثون بها تشبث الغريق بكومة القش العائمة.
نعم فمن الشبه الواهية و التلبسات الغاوية زعمهم أن أهل السنة في قلة ونحن في كثرة .
فكيف يعقل أن يكون هذا الجم الغفير والسواد الكثير هم أهل الباطل وتلك الشرذمة هم أهل الحق ... !؟
لكن هذه الشبه كما قال القائل :
حجج تهافت كالزجاج تخالها ****** حقا وكل كاسر ومكسور
كثيرا من الخلق يتشبث بهذه الشبه و هي أوهن من بيت العنكبوت هي في الحقيقة عليهم و ليست لهم .
كثيرا ما نسمع هذه الكلمات أيعقل أن يكون هذا الجم الغفير على خطأ و تلك القلة القلية على صواب ؟؟
فإذا ذكرتهم ببدعية المولد فأنت شاذ في أقوالك أما ترى حواليك احتفالات رسمية و علماء يباركون و يصادقون على جواز الإحتفال.
إذا ذكرت ضوابط اللباس الشرعي للمرأء فأنت متخلف شاذ في رأيك أما ترى العالم الفلاني يعقد حلقات للنساء و هن كاشفات على رؤوسهن أيعقل أن يرضى هذا الشيخ بهذا و لا ينبه على هذا الأمر.
لباس فضفاض ؟؟؟ نحن في القرن العشرين ، نحن في عصر التقدم حضاريا و فكريا و لا بد للإسلام أن يواكب العصر الذي نعيشه . ذاك زمان ولى ........
(( فقه الواقع ))، سلعة يروجون لها كثيرا :
إن من المسلم به أَن أَََهل السُّنَّة موجودون في كل زمان لا يخلو وقت مِنهم ، وهم متمسكون بالحق ناصحون للخلق لا يخافون في الله لومة لائم ، برغم تكالب الملل عليهم واجتماع النحل ضدّهم .
بكتاب الله معتصمون وبسنة نبيه مقتدون وبآثار السلف سائرون ، لا يلتفتون إلى زخارف الأقوال ولا إلى آراء الرجال
، لا يصدهم على دعوتهم ملبس ولا يردهم عن معتقدهم مخرف ولا يقيسون الباطل بالقلة ولا الحق بالكثرة ، فكانوا بحق خير أمة أخرجت للناس.
و شبهة الكثرة قد انبرى لها عز وجل في كتابه فدمغها فهي زاهقة , وأحرقها نور السنة فهي مارقة
وغمرها بحر السلف فهي غارقة . فلله الحمد والمنة .
و قد قرأت منذ مدة رسالة طيبة للشيخ الفاضل حسين عويشة يسرد فيها الأدلة على ذم الكثرة في كتاب الله و سنة رسوله فألفتها رسالة وافية شافية كافية لا أتذكر عنوانها و الله أعلم في آخر رسالته
(المظهرية الجوفاء ))
و سأسوق لكم بعض الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة على بطلان هذه القاعدة ، وتجعلها حصنا تتقي به شرر هؤلاء المرجفين المبطلين وسيفا تقطع به دابر الضالين ، ولتقول الحمد لله رب العالمين .
قال عز وجل : (وَإِنْ تطَع أَكثر مَنْ في اْلأرْض يُضِلوك عن سبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعونَ إِلَّا الظّن وَإِنْ هُم إِلاا يَخرُصُونَ) [ الأنعام : 116]
وقال تعالى : (وما أَكثرُ الناس ولو حَرَصتَ بِمُؤمِنِين ) [ يوسف : 103]
وقال تعالى: ( أَمْ تحسبُ أَنَّ أَكْثرهُمْ يسمعون أو يعقلونَ إِنْ هُمْ إِلا كالأْنعامِ بَل هم أَضَلُّ سَبِيلا ) [الفرقان: 44] .
وقال عز وجل : (وما وجدنَا لأَكثَرِهِم مِنْ عهدٍ وإِنْ وجدنَا أَكثرَهمْ لَفاسقِينَ ) [ الأعراف : 102]
وقال تبارك وتعالى : (المر تِلْكَ آَياتُ الْكتابِ والذي أُنزِلَ إلَيكَ منْ ربكَ الْحقُّ وَلكن أَكثَرَ الناسِ لا يؤمنونَ ) [ الرعد : 1]
فما أكثر ما ذم الله عز وجل الكثرة في كنابه ، ومدح القلة فقال : (اعملوا آَلَ داوودَ شكرًا وقليلٌ من عبادِيَ الشكورُ )[ سبأ:13]
وقال عز وجل : ( ... وإِن كثِيرًا منَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بعضهمْ على بعض إلا الذِينَ آَمنوا وعملوا الصالحاتِ وقَليلُُ مَا هُمْ ...) [ ص:24]
وقال أيضا تبارك وتعالى : (حَتَّى إِذا جاء أَمرنا وفار التَنورُ قلنا احملْ فِيها من كل زوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهلك إِلا َمن سبق عليه القول و من آمن و ما آمن معه إلا قليل ) [ هود : 40]
وعن ابن عباس –رضي الله عنه- قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: ( عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الرهط والنبي وليس معه أحد ...)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا. فطوبى للغرباء)[ أخرجه مسلم
وسئل عنهم فقال صلى الله عليه وسلم : (ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) صححه الألباني
وعن معاوية –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمَّة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاّ واحدة وهي الجماعة ). ).[ أخرجه أبو داود برقم-- وابن ماجة من حديث عوف بن مالك - وغيرهما وقد اجمعت الأمة على صحته ).
فقد جعل صلى الله عليه وسلم الطائفة المنصورة الناجية في مقابل الفرق الهالكة قليل .
قال ابن مسعود –رضي الله عنهما- : " الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ".
وعن الفضيل بن عياض: ' اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين واياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين'.
قال أبو شامة –رحمه الله- (الباعث على إنكار البدع والحوادث : " وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة؛ فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة رضي الله عنهم ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل"
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- ( الفتاوى ص: 298-299 جـ 18 ): "
وفي السنن: ( إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ). والتجديد إنما يكون بعد الدروس، وذاك هو غربة الإسلام.
وهذا الحديث يفيد المسلم أنه لا يغتر بقلة من يعرف حقيقة الإسلام، ولا يضيق صدره بذلك، ولا يكون في شك من دين الإسلام، كما كان الأمر حين بدأ. قال تعالى: ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إليكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ) [يونس: 94] ، إلى غير ذلك من الآيات والبراهين الدالة على صحة الإسلام
قال الإمام الشاطبي – رحمه الله- ( " الاعتصام " 01/11 - 12 ) : " وهذه سنة الله في الخلق : أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ سورة يوسف الآية 103 ] وقوله : ( وقليل من عبادي الشكور ) [سورة سبأ الآية 13 ]ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وتصير السنة بدعة والبدعة سنة
قال ابن القيم –رحمه الله- (زاد المعاد 181/3 ) : " ولما رأى المنافقون ومَن فى قلبه مرض قِلَّة حزبِ الله وكثرةَ أعدائه، ظنُّوا أن الغلبة إنما هى بالكثرة، وقالوا: ( غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ ) [الأنفال: 49]، فأخبر سبحانه أن النصر بالتوكل عليه لا بالكثرة، ولا بالعدد، والله عزيز لا يُغالَب، حكيم ينصر مَن يستحق النصر، وإن كان ضعيفاً، فعزتُه وحكمتُه أوجبت نصرَ الفئةِ المتوكِّلَةِ عليه. "
قال أيضا –رحمه الله- في نونيته
واصدع بما قال الرسول ولا تخف ***من قلة الأنصار و الأعوان
فالله ناصر دينه وكتابــــــــــــــه*** والله كاف عبده بأمـــان
إلى أن قال :
لاتخش كثرتهم فهم همج الورى *** وذبابه أتخاف من ذبـــان
قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ( كتاب التوحيد : باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب بعدما ذكر حديث ابن عباس السابق) : " فيه مسائل :الخامسة عشرة: ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة ".
وقال الإمام الشوكاني –رحمه الله- ( فتح القدير ) عند قوله تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) : " أخبره الله سبحانه بأنه إذا رام طاعة أكثر من في الأرض أضلوه، لأن الحق لا يكون إلا بيد الأقلين، ومنهم الطائفة التي تزال على الحق ولا يضرها خلاف من يخالفها، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
قال العلامة ابن باز –رحمه الله- ( " نصيحة موجهة إلى كافة المسلمين " أنظر فتاويه –رحمه الله- ص: 411 – 416 جـ 12) : " وليحذر كل مسلم أن يغتر بالأكثرين ، ويقول : إن الناس قد ساروا إلى كذا ، واعتادوا كذا ، فأنا معهم ، فإن هذه مصيبة عظمى ، قد هلك بها أكثر الماضين ، ولكن أيها العاقل ، عليك بالنظر لنفسك ومحاسبتها والتمسك بالحق وإن تركه الناس ، والحذر مما نهى الله عنه وإن فعله الناس ، فالحق أحق بالاتباع ، كما قال تعالى : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه ِ وقال تعالى : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ وقال بعض السلف رحمهم الله : ( لا تزهد في الحق لقلة السالكين ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين " .
قال العلامة الألباني –رحمه الله- (صلاة العيدين في المصلى ص : 47 ): " فالمؤمن لا يستوحش من قلة السالكين على طريق الهدى ولا يضره كثرة المخالفين "
وقال معالي الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله- ( شرح مسائل الجاهلية ص : 60) : " فالعبرة ليست بالكثرة, العبرة بالصواب وإصابة الحق . نعم, إذا كانت الكثرة على صواب فهذا طيب , ولكن سنة الله جل وعلا أن الكثرة تكون على الباطل (ومآ أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (وأن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله) "
فالحق عزيز وأهله في غربة وقلة والباطل ذليل وأهله في كثرة ، فاختر لنفسك الحق بقلة أهله وانبذ الباطل واترك كثرة أهله .
فالزم ما سبق تنجو بإذن الله تعالى
أخوكم يوسف