من فضائل صيام رمضان.. شهر يشفع
من كرم الله لنا ورحمته بنا أنّه يهيئ لنا في أيّام زماننا فرصًا ومناسبات أشبه ما تكون بمحطات يستقي منها الإنسان ما يدفع شجنه ويزيل قسوة قلبه فيستشعر الأنس بعد طول جفاء ويجد الطمأنينة بعد كبير عناء، ولا يزال يقترب من الله ويتعرّض لنفحاته حتّى يملأ الحبّ قلبه والأنس فؤاده فتستحيل أيّامه راحة وطمأنينة. كثيرا ما تطبق الدنيا على المسلم حتّى يشعر بالانفطار فيضيق قلبه وينقبض صدره وتسيطر عليه الأحزان والأشجان فيتلمس الخلاص فيعسر عليه ممّا يزيد ألمه، فهو أشبه ما يكون بذلك الّذي أحاط به الظلام الدامس من كلّ جانب فأرسل يده يبحث عن مصدر يُنير ظلامه فلا يجده، ثمّ لا يجده إلاّ بعد طول يأس وشديد عناء فيرشده ويهديه، هذه الفرص والمناسبات أشبه ما تكون للمسلم بهذا الهادي الّذي يحيل ظلامه نُورًا وشجونه فرحًا وطربًا ''إنّ لله في أيّام الدهر نفحات فتعرّضوا لها فلعلّ أحدكم تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا'' وعدم الشقاء هذا مشروط بالاستفادة من هذه الفرص وحسن استغلالها في دنيا الفرص فيها كثيرة والمناسبات وفيرة تبحث عمّن يستغلها ويسترشد بها، أشار الله تعالى إلى هذا المعنى في أكثر من موضع منبِّهًا إلى ضرورة استغلال المتاح وعدم تفويت الفرص واستدراك ما فات قال تعالى: ''وَهُو الّذي جعل الليلَ والنّهار خِلْفَةً لمَن أراد أنْ يذكّر أو أرادَ شُكورًا''. قال الإمام ابن كثير وهو يُفسِّر هذه الآية أي جعلهما يتعاقبان توقيتا لعبادة عباده له عزّ وجلّ، فمَن فاته عمل في الليل استدركه في النّهار، ومَن فاته عمل في النّهار استدركه في الليل، ولعلّ المعنى نفسه أشار إليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله ''إنّ اللهَ عزّ وجلّ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النّهار ويبسط يده بالنّهار ليتوبَ مُسيء الليل''.
ورمضان من أهم هذه الفرص الّتي يمسح الله بها الذنوب ويزيل بها الخطايا، قال عليه السّلام: ''الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفّارة لِمَا بينهما إذا اجتنبتَ الكبائر''، فالذنوب أنواع منها ما يكفّره الله بين الصّلاتين ومنها تكفّره الجُمَع وأكبر من ذلك وأشدّ لا يكفّرها إلاّ رمضان.
فحقيقة الصيام لا تتوقّف عند الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل تتجاوز هذا المعنى المادي إلى صقل النّفس وتطهير القلب وتزكية الجوارح فيشعر الصّائم أنّه تلميذ يتدرّب في مدرسة الصوم يعبق من أريجها ويتفيّأ ظلالها ويغترف من خيراتها فلا ينقضي رمضان حتّى ينال أعظم الجوائز وأرفع الدرجات وأكبر الشّهادات، ولعلّ أفضل جائزة يحصل عليها الصّائم أن يحسب في عداد مَن يدخل الجنّة عن طريق ''الريّان'' وهو باب لا يلجه إلاّ مَن أدرك حقيقة الصيام فصامه إيمانًا واحتسابًا قال عليه السّلام: ''إنّ في الجنّة بابًا يُقال له الريان يدخل منه الصّائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يُقال أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغْلِق فلم يدخُل منه أحد''.
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2010-08-19, 10:46
من فضائل صيام رمضان.. شهر يشفع
العرض العادي
