اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > أرشيف قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-08-13, 11:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
بقداد
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










Hourse اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية

لعلكم تتقون (1)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) سورة البقرة (183) ، فهذه الغاية التي أشار إليها القرآن الكريم من فرضية الصيام غاية عظيمة ، ومقصد نبيل إذا لا يمكن تتصل القلوب بخالقها الاتصال الأمثل إلا من خلال هذا الطريق ، طريق التقوى . والمتأمل في القرآن الكريم يجد حشداً كبيراً من النصوص لتأصيل هذا الجانب في النفس الإنسانية . فقد جاءت الوصية بالتقوى لعموم الناس كما في قول الله تعالى : ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس وةاحدة وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام . إن الله كان عليكم رقيباً )) سورة النساء (1) ، وجاءت الوصية بها للمؤمنين خاصة قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) سورة آل عمران (102) ، وجاءت الوصية بها لرسوله وخليله ومصطفاه حين قال الله تعالى : (( يا أيها النبي اتق الله .. الآية )) سورة الأحزاب (1)
وقد جاء تفسير التقوى عن جمع من السلف رحمهم الله تعالى فهذا علي رضي الله عنه قال : التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل . وقال طلق بن حبيب رحمه الله : هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله ، وأن تترك معصية الله ، على نور من الله ، تخاف عذاب الله . وجمعها آخرون فقالو: هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه . ومن أجمل ما دونته سيرة عمر بن عبد العزيز تلك الوصية التي كتب بها إلى أحد رجال ذلك الزمان فقال : أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لايقبل غيرها ، ولا يرحم إلا أهلها ولا يثيب إلا عليها ؛ فإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل ، جعلنا الله وإياك من المتقين . وصدق رحمه الله تعالى في كون الواعظين بها كثير ، والعاملين بها قليل . فإن هذا أوضح ما يكون في مثل هذا الزمان . وإلا فهي أعظم عاصم عن الفتنة ، وأقوى حجاباً عن المعصية ، وهي ستار واق بين العبد وبين الرذائل من الأقوال والأفعال ، وما سكنت قلب إلا ازدادت طمأنينته ، وعظم خوفه ، وقرب من ربه ، وراج ذكره بين الناس . قال بن رجب رحمه الله تعالى : ومن صار له هذا المقام حالاً دائماً أو غالباً ـ يعني التقوى ـ فهو من المحسنين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه ، ومن المحسنين الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم . وفي الجملة فتقوى الله في السر هي علامة كمال الإيمان ، ولها تأثير عظيم في إلقاء الله لصاحبه الثناء في قلوب المؤمنين . قال أبو الدرداء : ليتق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر ، يخلو بمعاصي الله ، فيلقي الله له البغض في قلوب المؤمنين . وقال سليمان التيمي : إن الرجل ليصيب الذنب في السر ، فيصبح وعليه مذلته . وقال غيره : إن العبد ليذنب الذنب فيما بينه وبين الله تعالى ، ثم يجيء إلى إخوانه فيرون أثر ذلك عليه ، وهذا من أعظم الأدلة على وجود الإله الحق المجازي بذرّات الأعمال في الدنيا قبل الآخرة ، ولا يضيع عنده عمل عامل ، ولا ينفع من قدرته حجاب ولا استتار ، فالسعيد من أصلح ما بينه وبين الله تعالى ، فإنه من أصلح ما بينه وبين الله تعالى أصلح الله ما بينه وبين الخلق ، ومن التمس محامد الناس بسخط الله عاد حامده من الناس ذاماً له . ومن أعجب ما روي في هذا ما روي عن أبي جعفر السائح ؛ قال : كان حبيب أبو محمد تاجراً يكري الدراهم ، فمر ذات يوم بصبيان ، فإذا هم يلعبون ، فقال بعضهم لبعض : قد جاء آكل الربا . فنكّس رأسه وقال : يارب ! أفشيت سري إلى الصبيان . فرجع ، فجمع ماله كله ، وقال : يارب إني أسير ، وإني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال فأعتقني ، فلما أصبح تصدق بالمال كله ، وأخذ في العبادة ، ثم مر بأولئك الصبيان ، فلما رأوه قال بعضهم لبعض : اسكتوا ، فقد جاء حبيب العابد . فبكى وقال : يارب أنت تذم مرة وتحمد مرّه وكله من عندك .(10)
أطلق الأرواح من أصفادها *** في بهيج من رياض الأتقياء
غادياتٍ رائحاتٍ كالسّنا *** سابحات بسن آفاق الضياء
إنها ياشهر ظمأى فاسقها *** مشتهاها من ينابيع الصفا
شهوة الأجساد قد ألقت *** بها في قفار ، ليس فيها من رَوَاء
ماغذاء الجسم في ألوانه *** فيه للأرواح شيء من حِباء
إنما الأرواح تحيا بالذي *** في صيام الجسم تُزجيه السماء
إن رمضان أيها الصائمون من أعظم الفرص لتحقيق هذه التقوى ، وعلينا أن ندرك أن الذنب مهما صغُر في عين مرتكبه إنما يخرم سياج هذه التقوى ، فيحرم الإنسان كمالها ، وحين تستمر الخطيئة يتسع الخرق فتضيع هذه التقوى بالكلية من القلب ، وحين يكون ذلك عافانا الله وإياكم يعيش الإنسان أشبه شيء بالأنعام . وفقنا الله وإياكم لتحقيق هذه التقوى ، وجعلنا ممن يخشاه في السر والعلن . وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

(10) جامع العلوم والحكم









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
رمضان،تتقون


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:54

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc