إن الأدب الصوفي يمثل رافدا من أهم روافد الفكر الإسلامي، ولونا من ألوان الأدب العربي الرفيع، ومظهرا من أهم مظاهر تجليات الحضارة الإسلامية، وقد ساهم بنصيب وافر في إثراء التجربة الصوفية على مر العصور والأزمان، وفي بقية الثقافات والحضارات الأخرى. والمقصود بالأدب الصوفي هنا هو ذلك الأدب الذي أنتجه الصوفية بمختلف اتجاهاتهم ومشاربهم السنية والفلسفية، ويبحث في النفس الإنسانية بعمق أدبي وفلسفي يسعى لتطهير النفس والروح من حب الدنيا وزينتها وإدخال الطمأنينة إليها، ومن أبرز أعلامه: جلال الدين الرومي، عبد الرحمن الجامي، عبد الجبار النفري.... وقد عرفت الجزائر في أزمان سابقة مجموعة من أدباء التصوف وأعلامه من أشهرهم: أبو مدين الغوث، عفيف الدين التلمساني، الأمير عبد القادر الجزائري، وإذا جئنا إلى الساحة الأدبية المعاصرة ماذا نجد؟ الكتابة الصوفية يجب أن تكون نتيجة تجربة صوفية صادقة ومعاناة حقيقية، فلا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها ..
والغالب على أدبائنا المعاصرين، هو تمسكهم برموز الصوفية وإشاراتهم واستحضار أسماء كبار أدباء التصوف: كالحلاج، والنفري والعطار والرومي، ومالوا إلى استخدام المعجم الصوفي دون أن يعانوا التجربة نفسها، فجاءت كتاباتهم مصطنعة خالية من الصدق والحرارة، غير دالة على المعنى الحقيقي للتصوف، ومن هنا لا ينطبق عليها وصف أدب صوفي ـ إلا من رحم ربي ـ.
المهمة في اعتقادي صعبة والمسؤولية ثقيلة لا يقوم بها إلا أولو العزم من الأدباء والمبدعين الذين أرجو أن يشاركونا بإبداعاتهم من خلال هذا المنتدى الأكثر من رائع.
فالأدب الصوفي أدب رساليّ حضاري فاعل متفاعل، يهدف إلى بناء الإنسان لأداء دوره المنوط به في هذه الأرض وهو خلافة ربه وعبادته، والإعلاء من شأن القيم الإنسانية العليا: المحبة الخير العدالة.
نسأل الله أن يوفق الإخوة في هذا المنتدى إلى العمل على تحقيق هذا الذي قلته وأن يسمحوا بفتح مجال واسع ورحب للأدب الصوفي ولن يندموا عليه أبدا.