مع اولياء الله
إن احد أولياء الله الصالحين و هو أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه كان نائما ذات ليلة و إذا به يسمع من نادي عليه في المنام يا أبا يزيد إن الليلة عيد
النصارى فاذهب إليهم في ديرهم و بلغهم رسالة نبيك محمد فقام أبو زيد من نومه ليلبي هذا الهاتف و ذهب إلى دير من أديرة النصارى و لما جلس بينهم ظن أنهم لن يعرفوه و إذا بقسيسهم
ينظر و يقول لن أتكلم حتى يخرج هذا الرجل المحمدي من بيننا و أشار إلى أبي يزيد فقالوا له و ما أدراك انه محمدي
قال القسيس لأتباعه لان أصحاب محمد سماهم في وجوههم من اثر السجود فقالوا لأبي يزيد اخرج من ديرنا فقال أبو يزيد لهم ما أنا بخارج حتى يحكم الله بيني و بينكم و هو خير
الحاكمين فقال له أبوهم القسيس إني سائلك أسئلة إن أجبتنا عنها كلها أمنا بان الله واحد و أن محمد ا رسول الله و إذا عجزت عن الإجابة عن سؤال واحد فليس بيننا و بينك إلا ضرب عنقك
فقال له العارف بالله أبو يزيد رضي الله عنه سل ما شئت فان الله تعالى يقول "و اتقوا الله و يعلمكم الله و الله بكل شيء عليم"
فوقف القسيس يسال و جلس أبو يزيد يسمع فقال له القسيس من هو الواحد الذي لا ثاني له
و ما هما الاثنان اللذان لا ثالث لهما
و ماهي الثلاثة التي لا رابع لها
و ماهي الخامسة التي لا سادس لها
و ماهي السادسة التي لا سابع لها
و ماهي السابعة التي لا ثامن لها
و ماهي الثامنة التي لا تاسع لها
و ماهي المعجزات التسعة
و ماهي العاشرة القابلة للزيادة
و من هم الأحد عشر
و ماهي المعجزة المكونة من اثني عشر شيئا
و ماهو القبر الذي سار بصاحبه
و ماهو الشيء الذي تنفس و لا روح فيه
و ماهو الشيء الذي خلقه الله و أنكره
و من هم الذين صدقوا و دخلوا النار
و من هم الذين كذبوا و دخلوا الجنة
و ماهي الأشياء التي خلقها الله و ليس لها أب و لا أم
و ماهي الشجرة التي تشتمل على ثلاثين ورقة في كل ورقة خمس ثمرات ثلاثة منها في الظل و اثنتان منها في الشمس
اجب على هذه الأسئلة يا أبا يزيد
فوقف أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه مستعينا بالله تعالى بمن يقول للشيء كن فيكون و قال
أما الواحد الذي لا ثاني له فقل هو الله احد
و أما الاثنان اللذان لا ثالث لهما و جعلنا الليل و النهار آيتين
و أما الثالثة التي لا رابع لها فأعذار موسى مع الخضر و هي غرق السفينة و قتل الغلام و أقام الجدار و بعدها قال له هذا فراق بيني و بينك
و أما الأربعة التي لا خامس لها فهي التوراة و الزبور و الإنجيل و القران المنزل على خاتم الأنبياء
و أما الخمسة التي لا سادس لها فهي الصلوات الخمس كتبهن الله تعالى على العباد في اليوم و الليلة
و أما الستة التي لا سابع لها فهي الأيام التي خلق الله فيها السموات و الأرض "و لقد خلقنا السموات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام و ما مسنا من لغوب "فقال له القسيس لماذا ختم الله
الآية بقوله و ما مسنا من لغوب أي تعب
فقال له أبو يزيد لان اليهود زعمت إن الله تعالى لما خلق السموات و الأرض في ستة أيام تعب فاستراح يوم السبت فقال لهم و ما مسنا من لغوب أي ما مسنا من تعب حتى نستريح إنما أمره
إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
و أما السبعة التي لا ثامن لها"الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور"
و أما الثمانية التي لا تاسع لها فهم حملة عرش الرحمن يوم القيامة"و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية"
أما المعجزات التسع فهي معجزات موسى وهي اليد و العصا و الطمس و السنون و الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم آيات مفصلات
و أما العشرة التي تقبل الزيادة "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها و الله يضاعف لمن يشاء"
و أما الأحد عشر فهم إخوة يوسف عليه السلام"إني رأيت احد عشر كوكبا"
و أما المعجزة المكونة من اثني عشر أمرا فاقرأ قوله تعالى "و إذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا"
و أما الثلاثة عشر فهم إخوة يوسف و أبوه و أمه اقرأ قوله تعالى "إني رأيت احد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتم لي ساجدين"
و أما الشيء الذي تنفس و لا روح فيه فاقرأ قوله تعالى "و الصبح إذا تنفس "أي إذا أضاء
و أما القبر الذي سار بصاحبه فاقرأ قوله تعالى "فالتقمه الحوت و هو مليم فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون"
و أما الذين صدقوا و دخلوا النار فهم اليهود و النصارى
قال له صدقوا في أي شيء قال له اقرأ قوله تعالى "و قالت اليهود ليست النصارى على شيء و قالت النصارى ليست اليهود على شيء"صدقوا في هذا و هم من أهل النار
قال تعالى "و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين"
و أما الشيء الذي خلقه الله و أنكره فاقرأ قوله تعالى "إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"
و أما الذين كذبوا و دخلوا الجنة فهم إخوة يوسف عليه السلام"إنا ذهبنا نستبق و تركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب"
و لم يأكله الذئب و بعد ذلك قال لهم يوسف عليه السلام"لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم و هو ارحم الراحمين"
و قال لهم يعقوب عليه السلام "سوف استغفر لكم ربي انه هو الغفور الرحيم"
و أما الأشياء التي خلقها الله و ليست لها أب و لا أم فهي الملائكة أجسام نورانية لا تأكل و لا تشرب و لا تنام و لا تتزوج و لا تتناسل تسبيحهم بالليل و النهار كالتنفس عندنا
و ادم عليه السلام ليس له أب و لا أم "إن مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون"
و كبش إسماعيل عليه السلام و ناقة صالح عليه السلام
و أما الشجرة المكونة من اثني عشر غصنا في كل غصن ثلاثون ورقة في كل ورقة خمس ثمرات ثلاث منها في الظل و اثنتان منها في الشمس فان الشجرة هي السنة فيها اثنا عشر
غصنا أي اثنا عشر شهرا في كل غصن ثلاثون ورقة في كل شهر ثلاثون يوما في كل ورقة خمس ثمرات في كل يوم خمس صلوات ثلاثة منا في الظل المغرب و العشاء و الفجر و اثنتان
منها في الشمس الظهر و العصر
و عندئذ قال أبو يزيد رضي الله عنه للقسيس إني سائلك سالا واحدا فاجبني عنه قال و ماهو السؤال يا محمدي
قال له أبو يزيد ماهو مفتاح الجنة
فوقف القسيس واجما جامدا فقال له أتباعه من النصارى يا أبانا سألته كل هذه الأسئلة فأجابك عنها و يسألك سؤالا واحدا فتعجز عن الإجابة عنه
قال لهم القسيس يا أبنائي إنني اعرف الإجابة و لكن أخاف منكم فقال له أتباعه من النصارى اجب و لا عليك باس يا أبانا فوقف القسيس قائلا بأعلى صوته مفتاح الجنة لا اله إلا الله محمد
رسول الله
فقام الجميع و قالوا لا اله إلا الله محمد رسول الله و حولوا الدير إلى مسجد يعبد فيه الله تبارك و تعالى