[align=justify]تعريف الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى للبدعة :
عرّف الشاطبي البدعة في كتاب ( الاعتصام 1/36 ) فقال : " هي طريقة في الدين مخترعة , تضاهي الشرعية , يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى "
شرح التعريف :
(طريقة في الدين) : يعني أنها ليست في الدنيا، فإذا أحدث الناس في أمور دنياهم ما يعينهم على تحسين أمور دنياهم فليست تلك من البدع المنهي عنها؛ بل البدعة المنهي عنها في الدين، (طريقة في الدين) لأن أمر الدنيا على الإباحة لكن أمر الشريعة والعبادات على الحظر حتى يكون عن المصطفىصَلَّى الله عليه وسلم.
(مخترعة) : يعني جديدة لم يكن لها مثال سابق في عهده عليه الصلاة والسلام.
(تضاهي الشرعية) : يعني تجعل مماثلة للطريقة الشرعية، فماذا يقصد الناس بالطريقة الشرعية؟ يعني بالالتزام بأمر شرعي بعبادة من العبادات، يقصدون بذلك أن يتقربوا إلى الله جل وعلا بتلك العبادة وأن يكون فعلهم الذي فعلوه مقتدًى به؛ يعني يقتدي الناس به ويكونون هم قد اقتدوا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيه إما من جهة الإذن بالقول أو الإذن بالحال، فإذن يقصد أصحاب البدع بها مضاهات الطريقة الشرعية، قد تأتي إلى مبتدع وتقول: أنت تريد مضاهات الطريقة الشرعية؛ منافسة الطريقة الشرعية، يقول:لا، ولكن المقصود الحال فإنه حين تعبد بعبادة جديدة فإنه ضاهى الطريقة الشرعية؛ يعني جعل شيئا يتعبد به فيه وبه هو على شكل وهيئة الطريقة الشرعية.
( يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى ) : وهذا أمر مهم، لأن الذين تعبدوا بالبدع لماذا تعبدوا بالبدع؟ يريدون المبالغة في التعبد.
مرَّ ابن مسعود رضي الله عنه على قوم بعد أن أخبر عنهم في مسجد الكوفة، فإذا هم يسبحون بحصى، يأتون بحصى ويجمعون كل عشرة حصيات أو مائة حصاة، ثم يعدون سبحان الله مائة؛ واحد اثنان ثلاثة إلى آخره، فلما رآهم غضب وقال: إما أن تكونوا أهدى من صحابة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أو أن تكونوا محدثي ضلالة، هذه آنية رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لم تكسر وهذه ثيابه لم تبلَ، فكيف -يعني معنى كلامه- فكيف تحدثون ذلك مع القرب بعهد النبوة؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير.
فهذا قصد الشاطبي حين قال (يقصد بإحداث البدعة المبالغة في التعبد لله جل وعلا) فإنه حين أحدث البدعة لم يحدِثها وهو يعلم أنه مخالف للدين؛ بل هو يقول أنا أريد الزيادة في الخير. لكن هل أُذِن له بأن يزيد ما شاء دون إذن من الشرع؟ لم يؤذن له بذلك. (*)
حكم البدع عند إمام مذهبنا الإمام مالك رحمه الله :
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى فيما رواه عنه ابن الماجشون قال: قال مالك رحمه الله تعالى: من زعم أن في الدين بدعة حسنة فقد زعم أن محمدا عليه الصلاة والسلام خان الرسالة، والله جل جلاله يقول ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا?[المائدة:3].
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
*-*--*-*-*-*-*-*
(*) - شرح التعريف مستفاد من الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى
[/align]