كيف يكون الصوم سببا فى التقوى ؟
الجواب:
الروح سماوية علوية والجسد أرضي سفلي لذا تتجه الروح عند الموت إلى السماء و يوضع الجسد في الأرض ولتباين ماهية الروح اختلف غذاء الروح عن الجسد , أما الجسد فغذاؤه الطعام والشراب , وأما الروح فحياتها في اتصالها بالسماء , غذاؤها الخوف من الله والخشية والتوبة والمحبة و مراقبة الله جل و علا .
فالصوم يحرم الجسد شهواته التي جبل عليها كالطعام و الشراب والجماع حتى يتفرغ لعبادة سيده و مولاه . فتعلقت الروح ببارئها حين منع الجسد من شهواته و صفدت الشياطين وفتحت أبواب الجنة و أغلقت أبواب النار وشرع لنا ربنا القيام والتهجد وقراءة القرآن وكثرة الذكر.
إنها روحانيات صائم
بذرها بالخضوع وسقاها بالدموع وقواها بالجوع لتثبيت المراقبة و الخشوع .
إنها روحانيات صائم
ألقت شهوة الأجساد للوراء فأطلقت الأرواح من أصفادها غاديات كالسنا بين آفاق السماء تروي ظمأها من ينابيع الصفاء.
إنها روحانيات صائم
جعلته يصطبر على الجوع والعطش, وأصناف الطعام بين يديه والماء البارد أمام عينيه ، جائع عطشان و بمقدوره أن يأكل ويشرب ولا يراه أحد و لكنها رقابة الله جل وعلا أنه يراه .
فطوبى لمن ترك شهوته حاضرة لموعد غيب لم يره ، فلما علم المؤمن الصائم أن رضا مولاه في ترك شهوته قدم رضا مولاه على هواه فصارت لذته في ترك شهوته لله امتثالا لأمر ربه وإيمانا باطلاعه عليه وسعيا لنيل ثوابه وجناته صدقت ربنا سبحانك
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) . (البقره 183)
ففي العبادات عامة والصيام خاصة تتصل الروح بالسماء و يمتلئ الجنان بالإيمان فتذل الجوارح وتخضع بالعبودية للعظيم المنان:
يصوم القلب
عن الرياء والعجب والحسد وأمراض القلوب .
يصوم اللسان
عن الغيبة و بذيء الكلام ولا يزال رطبا بذكر الكريم العلام.
تصوم العين
عن النظر للحرام وتستعيض عنه بالنظر في صفحات القرآن.
تصوم الأذن
عن سماع الغناء وتستبدله بسماع القرآن و مجالس الذكر والأحكام .
وهكذا صار الصوم سببا للتقوى والطاعه
و السعى فى تحقيق كمال العبودية.