تعديلات قانون الإجراءات المدنية والإدارية
إلزامية توكيل المحامين والدولة تتحمل أعباء ''الفقراء''
نص مشروع القانون المعدل لقانون الإجراءات المدنية والإدارية. ويحتوي النص الجديد على 1063 مادة تنظم شؤون التقاضي أمام الجهات القضائية. ويتوقع رئيس اللجنة القانونية أن يصل عدد التعديلات المقترحة من النواب إلى ما لا يقل عن 100 تعديل.
خصص المجلس الشعبي الوطني يومين كاملين للنواب لطرح مقترحاتهم وتعديلاتهم على لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات، ويرتقب رئيس اللجنة، مسعود شيهوب، أن يعرض المشروع على التصويت الأسبوع القادم كأقصى تقدير.
-''يجد تعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية مبرراته في عدم انسجامه مع التطورات الحاصلة على مستوى إجراءات التقاضي في العالم، طلبا في ضمان محاكمة مدنية وإدارية عادلة وشفافة''.
لقد صدر القانون الحالي في ,1966 ويندرج تعديله في إطار ملف إصلاح العدالة وفقا لتوصيات لجنة محند يسعد، التي نصت على وجوب إصلاح نظام التقاضي بما يخدم ويحقق مبادئ الحكم العادل ويفرض قواعد بسيطة واضحة، تمكن الناس من الحصول على حقوقهم أمام القضاء بسهولة.
وحسب نفس المصدر، فإن عامل الوقت وتعقيد الإجراءات تمت مراعاتهما في النص الجديد، حيث بات الفصل في القضايا في آجال معقولة وحالة بحالة السمة الغالبة على الأحكام الجديدة، وذلك خلافا للقانون القديم الذي يضم 497 مادة ومرت على صدروه 42 سنة.
وفي هذا الصدد، يشير شيهوب إلى استحداث مواد جديدة تخص اللجوء إلى الوساطة في حل النزاعات، بحيث أصبح يجوز للقاضي تعيين وسيط بين طرفين متنازعين ليقوم بالتوفيق بينهما بدل الفصل في القضية مباشرة. كما استحدث النص الجديد مواد تخص إرساء إجراء التحكيم والصلح، حيث تم توسيع وتفصيل مواطن اللجوء إلى التحكيم والصلح، بعدما كان ذلك مقتصرا على مسائل ضيقة ومحدودة. واعتبر شيهوب تبني المشروع مثل هذه الإجراءات تماشيا مع تقاليد المجتمع الجزائري المسلم.
وبشأن أهم ما في مضمون مشروع القانون الجديد، أشار رئيس اللجنة إلى أن اللجنة خصصت 25 اجتماعا مطولا لدراسة مضمونه، واستمعت خلالها إلى وزير العدل ومساعدي العدالة، ويتعلق الأمر برئيس نقابة القضاة جمال عيدوني، ورئيس الاتحاد الوطني للمحامين عبد المجيد سليني، بالإضافة إلى ممثلي الموثقين ومحافظي البيع.
وكشف أن المناقشات داخل اللجنة أفضت إلى إثـراء مشروع وزارة العدل بواسطة إدخال 303 تعديلات على عدد من مواده، نظرا لأهمية القانون ومكانته في ملف الإصلاحات القضائية. وعن أهم المحاور المتضمنة في مشروع بلعيز، ذكر شيهوب بأنه تم إعطاء عناية واسعة للإجراءات القضائية أمام المحاكم الإدارية ومجلس الدولة في القضايا التي تثور بين المواطنين ومختلف مؤسسات الدولة والإدارات. ويتضمن هذا المحور إجراءات خاصة بالمنازعات، إذ باتت تأخذ في الحسبان امتيازات الإدارة أمام القضاء باعتبارها سلطة عامة تسهر على تحقيق المنفعة العامة من جهة، ومن جهة ثانية حماية الحقوق والحريات المكفولة دستوريا للأفراد. ولم تكن الإجراءات مفصلة بما فيه الكفاية في القانون القديم.
وينص المشروع أيضا على جملة من المبادئ العامة التي يجب أن ترتكز عليها المحاكمة المدنية والإدارية، ويتعلق الأمر بالدعوى القضائية ووسائل الدفاع والصلح وأدلة الإثبات وطرق الطعن... وينص أيضا، حسب رئيس اللجنة القانونية، على الإجراءات الواجب اتباعها لتنفيذ الأحكام لصالح المحكوم لهم، ولو عن طريق اللجوء إلى القوة العمومية والحجز على الأملاك وبيعها بالمزاد العلني لصالحهم. بالإضافة إلى ما سبق، فإن جديد مشروع بلعيز والمتمثل في 566 مادة، أهمها إلزامية اللجوء إلى خدمات المحامين أمام محاكم الاستئناف والمحكمة العليا ومجلس الدولة، وفي كل القضايا التي تكون المرافعة فيها بصفة مدع أو مدعى عليه، ولا يبقى شرط توكيل المحامي جوازيا إلا بالنسبة للمحاكم الابتدائية. وعن الهدف المتوخى من هذا الإجراء، أوضح شيهوب: ''رفع مستوى الخدمة القضائية بحيث لا تقدم القضايا أمام العدالة إلا عن طريق المحامين''.
ومن الإجراءات التي ينص عليها مشروع بلعيز صراحة وبوضوح هو اعتماد القانون لإجراء المساعدة القضائية لفائدة المعوزين أو المعسرين (الفقراء) بما يسمح لهذه الفئة من الحصول على خدمات المحامين مجانا، خلافا للنظام الذي كان ساريا من قبل والذي يحمل المحامين مسؤولية تحمل أعباء الدفاع وبدون تعويض أو مقابل من جهة الدولة.
كما يتضمن المشروع إجراء جديدا هو الطعن بالنقض كوسيلة لممارسة الرقابة على الأحكام والقرارات القضائية النهائية، حيث انتقل عدد الحالات التي يجري فيه النقض من 7 إلى 18 حالة، وذلك تفاديا لـ''هضم حقوق المتقاضين''. إذ توسعت صلاحيات المحكمة العليا في إلغاء الأحكام والقرارات المتخذة من طرف جهات قضائية دنيا، حسب ما أفاد به رئيس اللجنة.