بين الغفلة والفراغ.

[b-mohamed]

بسم الله الرحمن الرحيم.


بين الغفلة والفراغ.

غفلة المؤمن عن الأعمال الصالحة المقربة إلى خالقه مذمومة شرعا وعقلاً ،وقد وردت آيات في ذم الغافلين، والتحذير من أحوالهم قال تعالى :.(وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ *أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) (يونس : 7-8) .

ولكنهم في درجات متفاوتة.

الدرجة الأولى :

هناك غفلة عن المسابقة إلي الخيرات في الأمور العظيمة كطلب العلم، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر .
والغفلة عن هذه الأمور مهلكة لصاحبها؛ خاصة إذا كان لا يعذر بتركها ومن هو أهل للقيام بفروض الكفاية. وهو داخل في قوله تعالى:.
(وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (آل عمران : 187) .
لابد من الدعوة والتبليغ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، والرد على المنافقين، والمشككين بالأصول وثوابت الشرع .
فلا محيص عن أخذ النفس بالقوة وعلى ما أوجب الله تعالى عليها من التكليف والأخذ بالعزيمة المنجية من عذاب الله .

الدرجة الثانية:

هناك غفلة تقع على عامة الناس كالتهاون في صلاة الجماعة، وتأخير الزكاة، وإهمال كفارات الأيمان ، والنذور، وإهمال تربية الأولاد وتعليمهم، وبر الوالدين وطلب العلم الضروري الذي لا يعذر أحد بتركه .
فمن كان هذا حاله فإنه حتما سيقع بشباك المعصية وظلمات الهموم.
لابد أن يقف مع نفسه وقفة صادقه ، ويصبر ويصابر على طاعة مولاه سبحانه وتعالى قال تعالى:.
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت : 69) .
وقال تعالى :. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:200) .

الدرجة الثالثة :

من الناس لا هم له إلا إشباع نفسه من المحرم وغير المحرم. قلبه مع الشيطان يذهب به في كل واد ومنحدر ..ثم التشكيك بالثوابت الشرعية المرعية وأصولها . وهذا النوع من الناس يعجز في الغالب أن يقف مع نفسه ويحاسبها وهو على تلك الحال المظلمة نسأل الله الثبات على دينه .

العلاقة بين الغفلة والفراغ.

اعلم أن الفراغ سبب رئيسى للغفلة، فمن أغلق باب الفراغ فقد أغلق باب الغفلة ثم تُغلق أبواب عظيمة من الشرور والفتن .
والفراغ نعمة ونقمة على العبد ؛ وكل عاقل مدرك لابد أن يختار فراغ النعمة المقرب إلى الله والدار الآخرة والباعث على العمل والجد في دروب الخير ولهذا فرق لله - وهو العليم الحكيم بعباده - بين الذي يعمل والذي لا يعمل .

قال تعالى : .(أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (الجاثية: 21) .
فمن وجد في نفسه غفلة فليعلم أنه قد فرط في أوقات كثيره ثم تأتي بعد ذلك المحاسبة واللوم والحسرة على ذلك،والحسرة في الدنيا لا تقارن بحسرة الآخر كما قال تعالى: .
(وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (مريم : 39) .

هل لدى المؤمن وقت فراغ؟

سمعنا من يقول لصديقه تعال نقتل الوقت ، والوقت في حياة المؤمن لا يقدر بثمن، كما قال الحسن يا بني إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك . فالليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفره.

والسعيد من استطاع أن يقدم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو, والأمر أعجل من ذلك، والموفق من تزود لسفره.

وقد جاء في الحديث ابن عباس - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.
" نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ ". رواه البخاري ومسلم.

والموفق من أدرك حقيقة تلك النعم، فاغتنم عمره في علم نافع يحفظه، أوعمل مفيد يقوم به يحفظ له ولأمته الرفعة والتمكين، ويجعلها خير أمة أخرجت للناس ..

بادر باستغلال هذه الأيام التي تكثر فيها الغفلة ويطول فيها الفراغ بادر بالأعمال الصالحة المنجّيه من عذاب الله يوم القيامة .

[أبو بكر]

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

[a-yacine]

عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه (( اغتنم خمسا قبل خمس , شبابك قبل هرمك , وصحتك قبل سقمك , وغناك قبل فقرك , وفراغك قبل شغلك , وحياتك قبل موتك ))
رواه الحاكم