رياح النكبة

[ابن العروب]

رياح النكبة

عبرتُ بحر التاريخ وغصت أعماقه لكنني
لم أجد ما يواسيني
وتصفحت وجه الحاضر فلم أجد ما يُداويني
وقلبت صفحاتِ الماضي
فبكت عيناي مجد من رحلوا
وشدني نحو تلك الأعلام أنينُ شوقي وحنيني
وعظُمت عِلَّتي قهراً ما عاد يشفيها
سوى جُرعةٍ كحطين
ستون عاما ستون جيلا وشمسي مُكبلةً ً
وزيف الذل يضنيها ويُضنيني
ستون عاما وأوصالي مُمَزقةً
وسيف البغي يلاحقني
يُحاصرني يفتِكُ في شراييني
ومررت على أهل الزعامة فوجدتهم
حنظلٌ مُرٌ يزيد جرحي ويَدميني
ورأيت أهل الشرف في الأرض المباركة
فشممت أريج عطر ٍفي مروج عِزٍ
يفوح من أنفاسهم من خنادقهم ليحميني
رجالٌ عشقوا الأرض وأقسموا
أن يُعيدوا شمسها لِرُباها
يحدوهم أمل للعودة ومفتاحُ رجاء ويقيني
رجالٌ لمَّا سمعوا نداء الأرض
صاحوا صيحة رجل واحد
يا أرض إني قادم فانتظريني
فشتان بين زعامات نخوتهم تفقد الجودة
وبين جنرالات ما زالوا يعزفون للوطن لحن العودة
رجال رسموا للحرية بيت سيؤيني
حفوه بِِمُقَلٍ كسياج ليحميني
ستون عاما وهذا الشعب لم يركع
رغم القيود رغم السدود لم يخنع
فوق الجراح فوق الآلام آماله يزرع
ستون عاما وهو يقدم قناديل الزيت
للأقصى لم يكلَّ ولم يتوجع
آمن أنه لا أمل بالزعامات
يسجلُ في التاريخ نبضة ُعزٍ
أو أملٍ لهذا الشعب قد يَشفع
ستون عاما وهذا الشعب معطاءٌ
يُقدمُ للأرض قربانٌ تلوَ قُربان
ستون عاما تكافح القرود والغِربان
ستون عاما سار الشعب مع الأمل
مؤمناً أن شمسنا ستعود ستشرق
مهما عَظُمَ البلاء أو طال الزمان
ستون عاما يجدد العهد يبذرُ الأمل
يَخُطُ بدمائه درب العزة والأمان
مُقسماً أن الصبح سيَبزُغ
وحتما ستُوَلي ليالي القهر والحرمان

بقلم
ابن العروب
من ديوان بلابل الدوح

14/5/2010