''وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين''

[ithguel]

''وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين''
المطفّفون جمع مطفف، تقول معاجم اللغة: طفف على فلان أعطاه أقل ممّا أخذ منه، وطفف عليه أو على عياله قتّر وضيّق، وطفف المكيال ونحوه بخسه ونقصه.
وفي كتب التفسير {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ''وَيْلٌ'' قال ابن عباس: إنه واد في جهنّم يسيل فيه صديد أهل النّار، فقَوْله تَعَالَى {وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ} أَيْ الَّذِينَ يَنْقُصُونَ مَكَايِيلَهُمْ وَمَوَازِينهمْ.
ونظرًا لأهمية الموضوع وتأثيره الكبير في حياة النّاس، وفي بناء المجتمع الإنساني وتماسكه، خصص الله عزّ وجلّ له سورة في تنزيله الحكيم، سمّاها سورة ''المطففين''، قال عزّ وجلّ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يَخْسِرُونَ أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُثُونَ لِيَوْمِ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ست آيات في بداية السورة فصّلَت في التّصرّفات المتنوعة خلال التّعامل الاجتماعي إلى أن يقف النّاس جميعًا بين يدي الله عزّ وجلّ، روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ''لمّا قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة كانوا من أخبث النّاس كيلاً، فأنزل الله {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فأحسنوا الكيل بعد ذلك''.
فمن صفات المطفف الإنقاص في الميزان حين البيع، وتكثر هذه الخصلة السيّئة في الأسواق حيث يُسلِّم الخضّار سلعة للشاري دون أن ينتظر رجحان الكيل، كما أن الكثيرين يتساءلون عن سبب صغر الكيلو غرام من الحبوب في الوقت الحالي عن الكيلو غرام أيام زمان.
والتطفيف الآن يمكن أن يكون في كلّ أمور الحياة.. فالموظف الّذي يكون دوامه من الثامنة صباحًا حتّى الرابعة مساءً، يكون أمينًا في عمله إذا جاء في الوقت المحدّد وغادر في الوقت المحدّد أيضًا، أمّا إذا جاء ـ مثلاً ـ بعد بدء الدوام بساعة أو غادر في الثالثة قبل انتهاء الدواء بساعة فإنّه يكون من المطففين.
والمطفّف مخالف لأمر الله، وواقع في مجال غضب الله عليه إن لم يرتدع، وإن لم يتُب، ويستذكر قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} وما يلحقه من غضب الله على هؤلاء، وهو قائم إلى يوم القيامة.