ها قد جاء الصيف بسرعة، و حتى الطبيب نفسه لم يصدق بأن عملية الإنجاب ستمر بسلام ،لأن الإنجاب في فصل الصيف خطير على الأمهات، و رغم ذلك أنجبت طفلا ضخما و نشطا و جميلا مثل والده ، أنجبته نكاية في من وصفن زوجي بالبائس،و ليست تربيته و لا طعامه من سيغبنني و لكن الحفاظ عليه حتى يصير رجلا، معتدا بنفسه و برأيه إن كان صوابا..... و كم هي شديدة أمنيتي في أن يكبر بسرعة ليساعدني في أعمال البيت بعد فراغه من الدراسة،كأن يشتري لي من السوق فاكهة أو ينصب للفأر فخا فيريحني منه أبدا ...أو يساعدني في نشر الغسيل في شرفة النافذة....... صحيح ...... لم أخبرك أنني أسكن في عمارة عالية تطل على طريق اسفلتي تكاد كل صفاته تزول،و خلف الطريق توجد قهوة "سلام" و هي قهوة يحب زوجي الجلوس فيها كثيرا،طويلا ما تجادلنا حول جلوسه هناك من غير فائدة، و لكنه كان فظا معي ذات مرة و قال ساخرا : أنا أحب القهوة كما تحبين الأعراس..... عقلية واحدة !!......... و بجانب العمارة توجد عمارات كثيرة شامخة بنتها الحكومة مأخرا، كما بنت مسجدا صغيرا لم يعد يرتاده للأسف إلا قليلون..... و ليس ببعيد عن الجامع.. ترزح بناية صغيرة قديمة الطراز.... يطل الماضي من نوافذها بكل تهتك،.. و يصرخ الصمت من طلائها الأزرق بكل صمت، فاتخذت الطيور من سقفها أعشاشا و من أرضيتها مكبا لفضلاتها،و اليوم أنهيت بصعوب نشر الغسيل على سلك معدني في الشرفة، متى ستكبر يا ولدي لتعينني ؟...... و فجأة هبت ريح من عمق القيض مزعجة و عبثت بالأوراق والأتربة ،فأسرعت الى الشرفة لأنقذ ما أمكنني انقاذه من الغسيل و لمحت من النافذة مجموعة من الشيوخ نهضوا مسرعين من مجلسهم عند الجامع و اتجهوا صوب البناية الزرقاء و علت منهم أصوات لم أميز معناها نظرا لعلو العمارة..... لكنني أعرف بعض المتشاجرين... يا إلاهي !! عائلة سليمان جارنا تتشاجر مع عائلة موح الكوري !!... ماذا أصاب القوم ؟!!...... و بسرعة تحلق الناس عند الطريق و عند البناية الزرقاء و كانت الفوضى التي أحدثوها عارمة.... و من بين الجمع خرج شاب يرتدي قميصا صيفيا أبيضا قد لطخه الدم المنهمر من رأسه ، و أسرع الى الطريق و أوقف سيارة.... و في الناحية الأخرى وقف الرجال عند القهوة مستغربين ......!!(يتبع)
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2010-04-14, 08:34
البناية الزرقاء - المشهد الثاني-
العرض العادي
