( حدس و إرهاص) للشاعر كمال عجالي
تنبؤات شاعر حزين.. !
عرض : الأخضر رحموني .
في رحلة شعرية نتوقف أثناءها عند 12 محطة يسافر بنا الشاعر كمال عجالي عبر قصائد أولى مجموعاته الشعرية الصادرة مؤخرا عن شركة باتنيت للمعلوماتيه و الخدمات المكتبية و النشر، و على نفقه صاحبها إلى عوالم إنسانية بلغة أليفة تغلفها مسحة من الحزن الدفين تكشف عن معاناة الشاعر و إحساسه العميق بالغربة و القلق ، وتبرز عمق الجرح النازف في وجدانه جراء انقلاب المفاهيم في واقع لا يؤمن إلا بالملموس ، في هذه الجولة الأدبية نعيش مع الشاعر محاولة القبض على الأمل المفقود الذي لا يتحقق إلا عند مناجاة – سمراء- واحتضانها ، فتكون رمزا للوطن ، الأصالة ، اللغة العربية، و طيف الحبيبة.
يستحضر الشاعر في قصائده التي يرجع كتابة بعضها إلى أوائل الثمانينيات بينما يعود بعضها الآخر إلى التسعينيات رموزا تراثية تثبت مرجعيته التاريخية وتعلقه بالموروث الحضاري للأمة ، ومن خلالها يعانق انكسارات الفرد الجزائري الذي يبكي فردوسه الضائع ( فلسطين) ، ويندب الأقدار التي جعلت من موطنه مرتعا للخراب و الاغتيالات حتى انفجر و تحدث عن وقائع تأكدت فيما بعد ، فمثلا في قصيدة " ثورة نوفمبر" يتنبأ الشاعر كمال عجالي بتدنيس- شارون- لبيت المقدس ، و أن هذه الخطوة ستكون إرهاصا لاشتغال انتفاضة جديدة لأطفال الحجارة .. و بحدسه يستشرف مستقبل الجزائر التي تبقى حصنا مقدسا رغم المؤامرات ويرى أن حل محنة سنوات الدمع و الدموع لا يكون إلا بالعودة إلى المصالحة الوطنية الشاملة ، يقول مخاطبا كاهن الحي في ديوانه" حدس وإرهاص"
يا كاهن الحي إن الحي يحترق
هل من حديث عسانا فيه نتفق ! ؟
يا كاهن الحي جدد في بصيرتنا
وارحم نفوسا طواها الهم و الشبق !
خابت ( خدام ) و خابت كل رؤيتها
قد خانها العصر ، فيما لم نعد نثق !
يالوعتي إنها قد أصبحت هدفا
لا تعجبوا أبدا، قد هدها الأرق !
و رغم ما تحمله القصائد من حس و طني امتزج بالبوح بهموم الذات
( قصائد، صراع، سراب، يا أملي ) غير أن المسحة التفاؤلية تبقي تحرك نفس الشاعر كما جلس إلى أبنائه الذين خص كل واحد منهم بقصيدة ليرسم من براءة عيونهم خيوط الرجاء و الخلود ، و بوجودهم يواصل مسيرة تحدي الفناء و رفع راية الحق المنشود يقول في قصيدة " موال إلى الحبيبة و البحر" :
سيشرب البحر هذي الخمور
يذوب الأنصاب و الزلما
يموت ( اليزيد )
ومن ( كربلاء ) تشرق الشمس
وعلى صفحة ( بكر ) يشع الهلال
وفي غمرة النور يتطهر جيل و جيل :
يحطم النير
وعتمه الليل
و نحور البحر نمضي
يا ( سمراء ) ننعتق.. !
للإشارة ، فإن الدكتور كمال عجالي أستاذ بكلية الآداب بجامعة باتنة، في حوزته عدة مؤلفات هي: أبو بكر مصطفى بن رحمون : حياته و شعره ، الخطاب الإصلاحي في تراث الطيب العقبي ، فلسطين في الوجدان الجزائري ، البوزيدية
( قصيدة شعبية) ، الشيخ محمد بن عزوز البرجي و كتابه قواطع المريد ، عثمان لوصيف: الشاعر الذي عرفته ، بالإضافة إلى ديوان شعر مخطوط تحت عنوان: أهازيج الزمن البغدادي .