التصوّف في ميزان الوحي والفقه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التصوّف في ميزان الوحي والفقه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2007-12-24, 12:12   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
غريب الاثري
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Hot News1 التصوّف في ميزان الوحي والفقه

[align=center]التصوّف في ميزان الوحي والفقه للعلامة سعد الحصين ... من هنا[/align]

[align=center]التّصوُّف في ميزان الوحي والفقه[/align]

قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ} [النساء: 59]؛ ولوجود كثير من التَّنازع رَدََدْنا أمر التّصّوف إلى الله (في كتابه) وإلى الرّسول (في سنّته) فلم نجد لهذه الكلمة أثرًا في الكتاب ولا في السّنَّة ولا في فقه الخلفاء الراشدون للدّين وهم خَيْر مَنْ فَقِهَهُ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرَّاشدين من بعدي، عضّوا عليها بالنّواجذ)) رواه أحمد وأبو داود والتّرمذي وابن ماجه والدّارمي وابن حبان وصحّحه.

وفي هذا الحديث: ((وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة، وكّل بدعة ضلالة)).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ)) رواه البخاري ومسلم؛ فكلّ مَنْ تقرّب إلى الله بشرعٍ لم يأذن به الله بعد قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3]، وبعد انقطاع الوحي بموت النبي صلى الله عليه وسلم فكأنّما يستدرك على الله ورسوله، وكأنّما يزعم نقص الدّين وعدم كمال النّعمة والتّبليغ، وكأنّما يّدعي خيانة فقهاء الأمّة في القرون المفضلة من الصّحابة والتّابعين، وتابعيهم ومنهم الأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين بترك الجميع شيئاً من الدّين وعدم تبليغه والدّعوة إليه، أو بجهله، وقد فضّلهم النبي صلى الله عليه وسلم على بقية الأمّة فقال: ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم يكون بعدهم قوم يَشْهدون ولا يُتشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون)) متفق عليه.

هذا من حيث العموم، وفيها يلي يحاول الكاتب أن يوفي التّصّوف حقّه بشيء من التّفصيل والله الهادي إلى سواء الصّراط:

أـ منشأ التّصوّف:

1) يرى المؤرّخ والرّياضي والفيلسوف محمد بن أحمد البيروني (د/440) أنّ مَرَدَّ التَصّوف في بلاد المسلمين إلى تصّوف الهندوس في الهند، وقد نشأت وثنيّتهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بألفي سنة وأخذها منهم البوذيّون منذ انفصالهم عنهم بعد ألف سنة من نشأة الهندوسيّة، وأنّ كلمة المتّصّوف جاءت من كلمة فيلسوف أي: محبّ الحكمة.

والبيروني حري بأن يَشْهد بما عَلِم؛ لطول مُكثِه في الهند يَدْرسُ أحوال أهلها عدد سنين، ولِذِهْنِه الرّياضي ودقّته في البحث ثم في تسجيل نتائج بحثه، ولسعة اطلاعه وطول باعه في المعرفة، يدلّ على ذلك ما ذكره ياقوت عنه (من أن سجلّ مؤلّفاته بلغ ستّين ورقة) وكثرة نقله عنه (أعلام الزّركلي) ويدلّ على صحّة استنتاجه أن الله ذكر في كتابه الكريم أنّ النّصارى (قبل المسلمين) نَزَعُوا إلى شيء من المنهج التصّوفي وأنّه مما ابتدعه البشر وليس مما شرعه الله فقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: 27]، وقال النَبيّ صلى الله عليه وسلم: ((لتتّبعنّ سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع)) متفق عليه.

ويدل على صحّة استنتاجه أنّ كثيراً من معتقدات متصّوفة الهند وأقوالهم وأفعالهم وأحوالهم موجودة في متصوفة المسلمين منذ انتهت القرون المفضلة حتى هذا العصر، وأكبرها: تعظيم المزارات والمقامات، ووحدة الوجود والفناء في ذات الإله، وأهونها: المِسْبَحَة والرّهبَنَة وضرب الشين والرقص والطبل.

2) وظن بعض العلماء أنّ منشأ التّصّوف من لبْس الصّوف والله لم يشرعه قُرْبَة إليه، ورسوله صلى الله عليه وسلم كان يلبس الكتّان وغيره وهو الذي جعله الله أسوةً حسنةً: {لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب: 21]، ولكن لُبْس الصُّوف والتّقشف بما يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر شكليٌّ تركه متصّوفة العصر وأقبلوا على شهوات البطن والفرج حتى قال بعض منتقديهم:

أقال الله حيث عشقتموه كُلُوا أَكْل البهائم وارقصوا لي

ولكن أسوأ ما اتصف به المتصّوفة تعلّقهم بالشبهات حتى اليوم كما بتبيّن بالرجوع إلى شيء من كتبهم مقالاتهم قريبًا إن شاء الله.

3) وظنّ بعض المتصّوفة أن كلمة الصّوفي جاءت من كلمة الصّفّة التي كان يأوي إليها بعض فقراء المسلمين في المدينة النبويّة، وهذا لا يصحّ لُغَة لأن النّسبة إلى الصّفة: (صُفِيَّ)، ولا يصحّ شرعاً لأنّ الصّفة (ومن سَكَنَها) لم تُميَّز بفضل المكان فالمسجد أفضل منها ولم يُمَيزْ أهلها بالفضل على غيرهم من الصّحابة فلاشك أن الخلفاء الراشدين وكبار فقهاء المهاجرين تقرّباً إلى الله بسكناها خاصّة، بل لأنّهم لا يجدون غيرها.

ب- حُكم التّصّوف:

1) يرى بعض المتصّوفة أنّ التّصّوف من الدّين لأنه الإحسان الذي ورد ذكره في حديث جبريل عليه السّلام: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك))، ولاشك إن الإحسان من الدّين، ولكن لم يعرّفه المَلَك ولا النّبيّ ولا الصّحابي ولا التّابعي ولا أحد من علماء المسلمين في القرون المفضلة بالتّصّوف ولا رَبَطه أحد منهم به، وهم جميعا يوافقون المتصّوفة على فضل الإحسان ولا يوافقونهم على فضل التّصّوف الذي جاء اسمه ومعناه ومبناه بعد القرون المفضلة ومالم يكن دِيْناً في القرون المفضلة فلن يكون ديناً بعدها.

2) ويرى بعض المتصّوفة أنّ التّصّوف من الدّين لأنه التّزكية التي ورد ذكرها في كتاب الله، وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ} [الجمعة: 2]؛ وما يقوله فقهاء الأُمّة المعتدّ بهم عن الإحسان يقولون عن التّزكية فهي لاشكَ من الدّين وهي التّطهير من الشرك فما دونه من المبتدعات ومن المعاصي كبائرها وصغائرها.

ولم يعرّفها المفسّرون المعتَدُّ بهم بأنّها التّصّوف، ولن يقول عاقل ممن بعدهم: أن معنى {يزكّيهم} في سورة الجمعة: (يصّوفهم) ولن يقول عاقل ممن بعدهم: أن معنى {ولا يزكيهم} في سورة البقرة: (ولا يصّوفهم).

3) وعلى ما تقّدم؛ فالمتصّوفة يوافقون علماء الشريعة (منذ القرن الأول) على فضل الإحسان والتّزكية ويخالفونهم في اسم التّصوف ومنهاجه وأقواله وأفعاله، بل هم يخالفون الكتاب والسّنّة في ذلك كلّه (لفظاً ومعنى وعملاً) حسب فهم الصّحابة فمن دونهم في القرون الأولى للآيات والأحاديث.

وكما قال من سبق: (إن كان التّصّوف هو الإسلام ففي الاسلام ما يغنينا عنه، وإن كان التّصّوف غير الإسلام فقد قال الله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]، فيقال: (المحْدَث اسم ومنهاجه والعمل به بعد القرون المفَضّلة) فلا يجوز للمسلم أن يختار لفظاً أو منهجاً أو عملاً ابتدعه الناس على قول ومنهاج وعمل جاء به.

الوحي من عند الله تعالى على قلب نبيّه صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61] فيما دون ذلك، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً} [الأحزاب: 36].

جـ - منهاج التّصّوف قديماً وحديثاً:

1) يظنّ بعض من يُحْسِنون الظّنّ بمتصّوفة العصر أنّهم يتبّرءون ممّا نُقِل عن قدمائهم من ألفاظ أو أفعال الكفر والشرك وما دون ذلك من البدع وكبائر الذّنوب مثل قول الحلاج: (ما في الجبّة إلا الله) وقول أبي يزيد: (سبحاني ما أعظم شاني) ونحوهمّا ورد في كتب ومراجع التّصّوف مثل الرّسالة القشيريّة وإحياء علوم الدّين الإشارة إليها، وما ورد في الفتوحات المكيّة لابن عربي وكذلك الفصوصَ لهَ من كلام صريح يثبت ما نُسِب إليه من اعتماد وحِدة الوجود مثل: (سبحان من أوجد الأشباء وهو عَيْنُها) وكلماتٍ من الكفر لا يحصيها إلا الله، وما أورده الشُعراني في الطَبقات عن أئمة التصّوف من أقوال وأفعال لا تليق بالصّوفي الأمّي فكيف بإمام في التّصّوف، ولو صحّ عنه بعضها لكان إماماً ممّن قال الله فيهم: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ} [القصص:41]؛ إن لم يتب قبل الموت.

ولكنك لا تجد فرقاً كبيراً بين خرافات الصّوفيّة في (جامع كرامات الأولياء) ليوسف البنهاني (ت: 1350) وبين خرافات الصّوفيّة في طبقات الشّعراني (ت: 973) قبل أربعة قرون، وتجد الشعراني يَعُدُّ ضلالات ابن عربي (ت: 638) قمّة المعرفة بالله وبشرعه في كتابه: (الكبريت الأحمر في علوم الشيخ الأكبر)، وتجد ابن عربي الملقب بالشيخ الأكبر بين المتصّوفة (حتى اليوم) يقول بمقالة البسطامي (ت: 261) في كتابه (شرح كلمات الصّوفيّة والرّدّ على ابن تيمية).

بل تجد أحمد عبد الجواد في عصرنا يُسَمِّي الله: (هو) في ذكره (الدّعاء المستجاب) الذي نشره بعض المبتدعة في رابطة العالم الاسلامي، وسَلَفُه في ذلك الحلاج (ت: 309) الذي ألّف كتاباً بعنوان (هو هو)، ولأن الحلاّج أول من ادعى الحلول في نهاية القرن الرّابع قَيل وقُطِّعتْ أطرافه وأخُرِق، وكاد ابن عربي يلقى مصيره ولكن الغزالي (ت: 505) في إحيائه والقشيري (ت: 465) في رسالتة مَهَّدَ القبول التّصوفي بخلطهما بين الضّلال والحقّ، وتجد سيّد قطب يمجّد أحدّيتها الوجود التي هام بها الصّوفيّة.

2) ويظنّ من يُحْسن الظّنّ ببعض من نُصبوا رموزاً للتّصّوف من الأقدمين مثل الجنيد البغدادي (ت: 297) ثم الجيلاني (ت: 561) أنّهم كانوا دعاة إلى السّنة ولكنْ ظهر عليهم الزّهد فظنّهم النّاس متصّوفةً لغبة التّقشف الهندوسي على قدماء المتصّوفة مثل البسطامي والحلاّج، وعامّة صوفّية الدّروشه.

لعل وهذا هو الحقّ؛ فدعاة السّنّة لا يمكن أن يكونوا متصّوفة مبتدعة، وكلّ التّصّوف مُبْتَدع (اسمه ورسمه) كما أسلفنا، ولكن النّاس يبتلونهم بالانتساب إليهم لماَلهُم من ذِكْرٍ في الصّالحين كما ينْتَسِب أكثر الناس للأمة الأربعة رحمهم الله وهو يخالفونهم في أهمّ مناهجهم: الاعتقاد، ولكنّ علماءهم أقرب إلى العدل إذ يبيّنون مخالفتهم أحياناً فيقولون: (الحنفي مذهباً الماتوريدي عقيدة) أو (الشافعي مذهباً الأشعريّ عقيدة) مثلاً.

د- أمثلة من مقالات المتصّوفة:

1) (إحياء علوم الدّين) لأبي حامد الغزالي (ت: 505) من خير كتب المتصّفة وأكثرها انشاراً في أيدي النّاس من مختلف الطرق حتى اليوم ولذلك رَأَيْتُ من العدل اختيار بعض الأمثلة منه، وللقارئ الحصول على العشرات بل مئات الأمثلة من كتاب (أبو حامد الغزالي والتّصّوف) للشيخ عبد الرحمن دمشقيّة من علماء لبنان العاملين على منهاج النبوّه:

- وصيّته للصّوفي بأن (يخلو بنفسه في زاوية ويقتصر على الفرائض ولا يُفَرِّق همّه بقراءة قرآن ولا بالتأمّل في تفسير ولا يكتب حديثاً) 3/19.

- دفاعه عن الغِنَاء الصّوفي بقوله: (فاعلم أن السّماع أشدّ تهييجاً للوجْد من القرآن من سبعة وجوه) 2/299-301.

- حكايته عن أبي تراب النخشبي الصوفي أنّه قال لأحد المريدين: (لو رأيت أبا يزيد) فقال المريد: (قد رأيت الله فأغناني عن أبي يزيد) فغضب أبو تراب وقال: (ويلك تَغْتَتّر بالله؟ لو رأيت أبا يزيد مرة واحدة كان أنفع لك من أن ترى الله سبعين مّرة) قال الغزالي: (فهذه أوائل سلوكهم وأقّل مقاماتهم وهي أعزّ موجود في الأتْقِياء من النّاس) 1/356-357، (وأبو يزيد البسطامي من أوّل من نُقِل عنهم القول بوحدة الوجود والفَنَاء من اعتقاد الوثنية الهندوسية).

- تنقسيم التوحيد إلى أربع مراتب؛ أدناها: (القول باللسان، والقلب غافل أو مُنِكر، وهي للمنافقين، والثانية: القول باللسان والتّصديق بالقلب كما صّدق به عموم المسلمين، وهي للقوَامّ، والثالثة: مشاهدة ذلك بطريق الكشف وهي للمقرّبين،

- والرابعة: أَلاّ يرى في الوجود إلاّ واحداً وهي للصّديقين وتسّميه الصّوفيّة: الغناء في التوحيد، وهذه هي الغاية القُصّوى في التوحيد) 4/245.

- (فان قُلْتَ: كيف يُتَصَوَّر ألاّ يشاهِدَ إلا واحداً وهو يُشاهِد السّماء والأرض وسائر الأجسام المحسوسة وهي كثيرة؟.. فهذا من غاية علوم المكاشفات، وأسرار هذا العِلْم لا يجوز أن تسّطر في كتاب.. قال بعض العازفين: إفشاء سرّ الرّبوبيه كفر) 4/246-247، واستدلّ على صحّة ذلك بقول الحلاج للخوّاص: (قد أفنيت عُمْرك في عُمْران باطنك فأين الغَنَاء في التوحيد؟) قال الغزالي: (فكأنّ الخّواص كان في تصحيح المقام الثالث في التوحيد فطالبه [الحلاّج] بالمقام الرّابع) 4/247؛ فالغزالي يرى أنّ الحلاّج الزّنديق صِدِّيق؟

- قوله عن سهل التّسْتري الصّوفي: (للرّبوبيّة سِرُّ لو أُظِهر لبطلت النّبوّة، وللنبّوة سرُّ لو كُشِف لبطل العلم، وللعلماء سِرُّ لو أظهروه لبطلت الأحكام) 1/100.

قلتُ: ودعوى الأسرار في الدّين فِرْية باطنيّة فقد وصف الله تعالى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالبيان فقال تعالى: {الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ} [الحجر: 1]، وقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وهذه أمثلة قليلة لما في كتابٍ واحدٍ من كتب الغزالي (إحياء علوم الدّين) من الفكر الصّوفي أختمها بمثال واحد من كتابه (مشكاة الأنوار 19/20) يوكّد رأيه في التّوحيد والكلمة الطّبيّة: (فلا إله إلا الله توحيد العوام و: لا هو إلا هو توحيد الخَوَاصّ)، ولا يزال الغزالي يُلَقَّب: [حُجة الاسلام إلى هذا اليوم].

2) الفتوحات المكّية وفصوص الحِكَم لابن عربي(ت: 638، ولا يزال يلقّب الشيخ الأكبر حتى اليوم) من أشهر كُتُبه وأكثرها انتشاراً فيما عدى السعودية ومصر (أخيراً)، ولكثرة الطّوامّ فيهما فسأقتصر على إيراد أمثلة قليلة من تفسير القرآن منهما:

في الفتوحات عندما ذكر من الأولياء: (الظالمين) بدليل قول الله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} في سورة فاطر (32)، (والكافرين) لأنهم كفروا بمعنى ستروا محّبتهم لله عن غيرهم؛ استدلّ بتفسير الصّوفيّة الملامتَيّة قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} ستروا محّبتهم لله عن غيرهم {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} بك يا محمد لأنهم لا يأخذون إلاّ عنّي {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ} فليس فيها إلاّ محبّتي {وَعَلَى سَمْعِهِمْ} فلا يسمعون إلاّ منّي {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} فلا يرون إلاّ اياي {وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} أي: شيء يستعذبونه.

- وأكدّ المعني الأخير شعراً في الفصوص (94):

وإن دخلوا دار الشّقاء فإنّهم على لذّة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلدفالأمر واحد وبينهما عند التجلي نباين
يُسَمَّى عذاباً من عذوبة لفظه وذاك له كالقشر والقشرصاين

- وأكدّ ذلك في الفصوص (109) في تفسير قول الله تعالى عن قوم عاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24]؛ قال ابن عربي: (أحْسَنوا الظّنِّ بالله فأحسن لهم الجزاء؛ أعطاهم ما هو خير لهم من المطر: ريح، والرّيح إشارة إلى ما فيها الرّاحة، فانّه بهذه الرّيح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة، وفي هذه الرّيح عَذَابُ، أي: أَمْرُ يستعذبونه إذا ذاقوه).

- وقال عن فرعون وامرأته في قول الله تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [القصص: 9] قال ابن عربي: (وصَدَقِّتْ إذ كملت حياتها بوجود الولد، ومات فرعون طاهراً مُطَهَّرا)، لأنه قال: {آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90]؛ لمّا أدركه الغرق.

وفسّر قول الله تعالى: {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً} [نوح: 24]؛ وهو يَعُدُّهم من الأولياء: بأن الضّلال يجعلهم في شغل دائم بالبحث عن الهدى فيزداد رضَى الله عنهم وثوابه لهم، أمّا المهتدون فقد توقّفوا عن البحث وانقطع عنهم الأجر.











 


 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:25

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc