مومياءات الجامعات العربية
3/20/2010
ما من تصنيف عالمي لأفضل الجامعات أجري في السنوات الأخيرة إلا وهمش العرب منه وكان نصيبهم وقدرهم وحظهم الأعثر هو ذيل قائمة الجامعات العالمية المتدنية علما وبحثا ودراسات... لا علم ولا علماء... ولا أبحاث ولا باحثين ونتيجة مخرجات التعليم العالي وما بعد العالي هي صفر على الشمال دون منافس.
لم تأت هذه النتيجة من فراغ فالأرقام العربية في التعليم والبحث العلمي كانت وراء هذا التدني وتروي رواية نظام عربي أدار ظهره للعلم والبحث وساهم بحسن نية أو بدونها في تأخر ركب العرب العلمي عن قاطرة العالم المتقدم مما حدا بالعقول العربية أن تهاجر إلى الغرب لتجد الأحضان الدافئة والأموال الداعمة وتشق طريقها لصالح أوطان ليست بأوطانها وجدت فيها الملاذ العلمي بمرتبة امتياز. الإحصائيات من جهات متخصصة حيادية تعلن أن هناك 46000 باحث عربي فقط لا غير من مجمل العرب وعددهم 338 مليون نسمة في وقت لا يتجاوز عدد سكان 'إسرائيل' سبعة ملايين نسمة بينهم قرابة نصف مليون باحث في مختلف العلوم بينما يملك الاتحاد الأوروبي حوالي مليون باحث والولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى عالميا في البحث العلمي بمليوني باحث وعالم... وتنشر الدول العربية حوالي 40 بحثا لكل مليون عربي بينما تصل النسبة العالمية إلى 150 بحثا لكل مليون... وهناك أكثر من نصف طلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون ـ بمحض إرادتهم ـ إلى بلدانهم... وهناك 30' من كفاءات الدول النامية المهاجرة تحمل الجنسية العربية... وتقدر خسائر الدول العربية من ظاهرة الهجرة العلمية بملياري دولار سنويا... وتنفق الدول العربيـة فقط ما نسبته 0.2' من النـاتج القومي على البحث العلمي بينما يتـجاوز إنفاق الدول المتـقدمة على البحوث نسبـة 5' وبمعنى أدق ما ينفقه العرب على البحث العلمي لا يتجاوز مليار و700 مليون دولار سنويا بينما تصرف 'إسرائيل' وحدها في حدود سبعة مليارات في العام الواحد.
قرابة 400 هو إجمالي عدد الجامعات العربية من المحيط إلى الخليج... وفي مجملها هي مومياءات جامعات محنطة منذ زمن بعيد معزولة في ركن ضيق بعيدا عن تفاعلات محيطها المحلي والإقليمي والعالمي ليس لها في العير ولا النفير... تخاطب طلابها بمراجع علمية مهترئة المحتوى يرجع تاريخها إلى أوائل القرن الماضي تفتقد إلى أدوات ووسائل حديثة تواكب جديد المعرفة في العالم. الجامعات العربية تجلس تحت خط الفقر وتعض أصابعها كمدا وغيظا من أولياء أمورها من يجلسون على رأس أهرام الدول العربية الذين لا يولون البحث العلمي أدنى اهتمام في وقت تتجه أنظارهم إلى استثمارات فضفاضة يندى لها جبين من لا جبين له... ولو بقيت الجامعات ومراكز البحث كما هي عليــه فان المجتمعات العربيــة بقضها وقضيـضها لن تخرج حتى أنفها من شرنقة الاستـهلاك المذل إلى يوم القيامة.
التغني بالماضي العلمي التليد لن يشفي العرب من فيروس الحاضر المتخلف وبالتالي لن تقوم لهم قائمة علمية حضارية في المستقبل القريب أو البعيد... والسبيل إلى بث الحياة في شرايين البحث العلمي في المنطقة العربية يكمن في لملمة شتات العلماء العرب في مختلف صنوف العلم في الداخل العربي والخارج ضمن أنظمة بحثية عربية عالية الجودة والأداء يصرف عليها بسخاء لتشكل مع المؤسسات التنفيذية بوتقة من الاستراتيجيات المستقبلية محكمة البحث والتنفيذ تضع قطار التنمية على السكة وتدفعه في اتجاه الرخاء والنماء لما فيه خير المواطن العربي.
الناير اليعقوبي