علامات المحبة منها:
[align=right]1 – حب لقاء الحبيب بطريق الكشف أو المشاهدة في دار السلام ، وأن يكون محباً للموت غير فار منه لأن الموت مفتاح اللقاء قال عليه الصلاة والسلام : من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه " ( رواه البخاري في صحيحه بكتاب الرقاق ومسلم في صحيحه بكتاب الذكر ، باب من أحب لقاء الله .)
2- أن يكون مؤثراً ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه ، فيلزم الطاعة ، ويجتنب الكسل واتِّباع الهوى ، ومن أحبَّ الله لا يعصيه ، ولذلك قال ابن المبارك رحمه الله :
تعصي الإله وأنت تظهر حبُّه هذا لعمري في القياس بديعُ
لو كان حبَّكَ صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيعً
3 – أن يكون مكثراً لذكر الله تعالى ، لا يفترُ عنه لسانه ، ولا يخلو عنه جنانه فمن أحبّ شيئاً أكثر من ذكره :
خيالكَ في قلبي وذكركَ في فمي ومثواك في قلبي فأينَ تغيبُ .
4 – أن يكون أنسه بالخلوة ومناجاته لله تعالى وتلاوة كتابه ، فيواظب على التهجُّدِ ، ويغتنم هدوء الليل وصفاء الوقت ، فأقل درجات المحبة التلذذ بالخلوة بالحبيب ، والتنعُّمِ بمناجاته .
5 – أن لا يتأسف على ما يفوته مما سوى الله عز وجل ويعظِّم تأسفه فيكثر رجوعه عن الغفلات بالاستعطاف والتوبة .
6 – أن يتنعَّمَ ويتلذذ بالطاعة ولا يستثقلها ، ويسقط عنه تعبها .
7 – أن يكون مشفقاً على جميع عباد الله رحيماً بهم ، شديداً على جميع أعداء الله كما قال تعالى : ( أشداء على الكفار رحماء فيما بينهم ) الفتح : الآية 29 .
8 – أن يكون في حبه خائفاً متفائلاً تحت الهيبة والتعظيم ، وقد يظن أن الخوف ينافي الحب وليس كذلك ، بل إدراك العظمة يوجب الهيبة كما إن إدراك الجمال يوجب الحب ، وللمحبين مخاوف على حسب مراتبهم كخوف الإعراض وخوف الحجاب وخوف الإبعاد . ولذا قال بعض المحبين :
الحبيبُ عرفته وأنا منه خائف لا يحبكَ إلا من هو بك عارفٌ
9 – كتمان الحب واجتناب الدعوى ، والتوقي من إظهار الوجد والمحبة تعظيماً للمحبوب وإجلالاً له ، وهيبة منه وغيرة على سره وبعض المحبين عجز عن الكتمان فقال :
يخفي فيبدي الدمع أسرارَهُ ويُظهرُ الوجدُ عليه النَّفَسُ
وبعضهم قال :
ومَن قلبه مع غيره كيف حاله؟ ومن سره في جفنه كيف يكتمُ؟
10– الأُنْسَ بالله والرضا به ، وعلامته عدم الاستئناس بالخلق والتلذذ بذكر الله ، فإن خالطهم فهو كمنفرد في جماعة ومجتمع في خلوة ، قال الامام علي كرم الله وجهه في وصف المحبين المستأنسين بالله : " هم قوم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين ، واستلانوا بما استوعر المترفون ، وأُنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدانِ أرواحُها معلقة بالمحل الأعلى ، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه " (1)
وفي الشعر الرائع يقول الشاعر :
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى ، والأنام غضابً
وليت الذي بيني وبينك عامرٌ وبيني وبين العالمــين خرابُ
إذا صحَّ منك الودُّ ، فالكلُّ هيِّنٌ وكلُّ الذي فوق التراب تــرابُ
(1 ) كتاب المحبة والشوق من إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي ، والفتوحات المكية لابن عربي .
- مراتب المحبة :
ذكر العلماء عشرة :
1 –العلاقة : وسميت تعلُّق القلب بالمحبوب .
2 – الإرادة : وهي ميل القلب إلى محبوبه وطلبه له .
3 – الصبابة : وهي انصباب القلب إلى المحبوب بحيث لا يملكه صاحبه ، كانصباب الماء في المنحدر .
4 – الغرام : وهو الحب اللازم للقلب لا يفارقه ، بل يلازمه كملازمة الغريم لغريمه .
5 – الوداد : وهو صفو المحبة وخاصيتها ولبها .
6 – الشغف : وهو أن لا يرى المحب جفاء ، بل يراه عدلاً منه ووفاء .
وتعذيبكم عذبٌ لديَّ وجوركم عليَّ بما يقضي الهوى لكم عدلُ .
7 – العشق : وهو الحب المفرط الذي يخاف على صاحبه منه .
8 – التتيُّمْ : وهو التعبد والتذلل يقال : تيَّمه الحب أي ذلله وعبَّدهُ .
9 – التعبُّد : وهو فوق التتيُّمْ فإن العبد لم يبق شيء من نفسه
10 – الخلَّة : انفرد بها الخليلان ابراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام وهي المحبة التي تخللت روح المحب وقلبه حتى لم يبق موضع لغير المحبوب .
شذرات لدرر قيلت في محبة الإلة أيـــن نحن منهم
الإمام الشافعي:
تعاظمني ذنبي فلما قرنْته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنب، لم تزلْ تجود وتعفو منّةً وتكرما
الإمام عبد الرحيم البرعي:
إلهي أقلْني عثرتي، وتولَّني بعفوٍ فإن النائبات لها عُنفُ
خلعت عذاري ثم جئتك عامدًا بعذري فإن لم تعفُ عني فمن يعفو
الإمام جمال الدين الصرصري:
وأنتِ لا تجزعي يا نفسُ من بِدعٍ مضلة وضياءُ الله هاديكِ
أجاركِ اللهُ لولا درعُ سُنتهِ لكان سهمُ الهوى الفتّاك يُرديكِ
شهاب الدين عمر السهروردي:
سمحوا بأنفسهم وما بخلوا بها لما دروا أن السماحَ رباحُ
ودعاهمو داعي الحقائق دعوةً فغدوا بها مستأنسين وراحوا
ركبوا على سفن الوفا ودموعهم بحرٌ وشدّة شوقهم ملاَّحُ
أحمد البدوي:
إلهي ثوب جسمي دنَّستْهُ ذنوبٌ حِملُها أبداً ثقيلُ
إلهي جُد بعفوك لي فإنى على الأبواب منكسر ذليلُ
إبراهيم الدسوقي:
شهدتُ وشاهدْنا وطابت نفوسنا وقد لذَّ لي ذُلِّي إليه وخشيتي
أحنُّ على ذلٍّ وأهوى على هدى وأسري على علمٍ لأنوار طلْعةِ
أبو العباس المرسي:
والنفسُ بين نزولٍ في عوالمها كآدمٍ وله حواءُ في قّرنِ
والروح بين ترقٍّ في معارجها وهي الموافقُ للتعريفِ والمننِ
ابن الجيّاب الأندلسي:
محبته شرطُ القبولِ، فمن خلتْ صحيفتُه منها، فقد زاغَ واشتطَّا
به الحقُّ وضّاحٌ، به الإفك زاهقٌ به الفوزُ مرجوٌّ، به الذنبُ قد حُطَّا
الشيخ علي عقل:
وهل غير ذات الله للنفس مطلب حرامٌ سوى الرحمن يدخلُ في نفسي
وما اتخذت روحي سوى الله غايةً فتمَّ الهدى للروح والقلب والحسِّ
طاهر أبو فاشا:
عرفتُ الهوى، مذْ عرفتُ هواكا وأغلقتُ قلبيَ عمَّن سواكا
وقمتُ أناجيكَ يا منْ ترى خفايا القلوبِ ولسنا نراكا
ولعل في كتاب الداء والدواء لإبن القيم الجوزية ما يغني القارئ الكريم ان شاء الرجوع إليه سيجده ان شاء الله في الفصل الأخير أو كتاب وحي القلم الجزء الأول تحت عنوان فتوى في الحب[/align]