نداء القدس

[عبد الصمد شريطي]

يَـبْكـِـي مَـعَـالِـمَـــهُ الــتــاريــخُ وَ الْأَدَبُ
اَلْقُدْسُ فِي كَـنَـفِ الْأَقْـــدَار مُغْـتَــــرِبُ
وَ الْقَلْبُ مِنْ وَلَــع الْأَشْـوَاق يَــلْـتَـهــــبُ
اَلْعَيْنُ جَــارِيَةُ الْأَحْــدَاق مِنْ وَلَـــــــــهٍ
بَـيَـارقُ النـصْـــر وَ الْأَقْـــدَامُ و الـركَــــبُ
يَا عَاشِقَ الدار كَمْ تَشْـقَـى لِـهـجْـرَتـِـهَـا
دَوى مِـرَارًا وَ لَمْ يُـسْمَـعْ لَـــهُ صَـــخَــبُ
أَنْتَ الشهـيدُ الــذِي مِنْ طُــول غُرْبَـتِــهِ
دُونَ الْخُيُولِ حَمِـيـرُ الْــروم وَ انْسَحَـبُــوا
بَانَـتْ صَـبَاحًا خُيُولُ الْقُدْس فَـانْخَسَفَتْ
عَـنْـهُ وَ عَـز عَـلَـى أَبْـنَـائِــهَــا الْغَـضَـــبُ
يَا حَـارَةَ الْقُـدْس مَا لِلْعُـرْبِ قَدْ صَـدَدَتْ
يَوْمًا بكِسْرَى فَأغْـوَى صَـدْرَهَا الذهَــبُ؟
هَلْ بَـدلَـتْ قَــلْـبَــهَـا لَـيْـلَـى وَحَـدثَـهَــا
يَـــرْشُـو الْعَـدَالَةَ فِــيـهِ الزورُ وَ الْـكَــذِبُ
لاَ شَيْءَ يَحْفَظُ مَاءَ الْوَجْـــهِ فِي زَمَــن
حَرْبـاً نَــكَـالاً إِذَا لَــمْ تَـنْــجَـع الْخُـطَــبُ
أَرْضَ السـلاَمِ وَ بَـيْـتَ المَقْدِس اتـقِـدِي
وَ لَا الْـهَـــزيــمَـــةَ إِلا سَـــادَةٌ نُـــجُـــبُ
لاَ يَـعْـرفُ الظــلْـمَ إِلا مَــنْ تَــجَــرعَــهُ
عِشْقاً وَ جَالَــتْ رُبـُـوعَ الْأَرْض تَغْـتَـربُ؟
أَيْنَ الدِمَــاءُ التِي سَالَـــتْ جَــدَاولُــهَــا
سِــرْبُ الْـيـَـهُـودِ فَمَا أَغْـنَـوْا وَ مَا كَسَبـُوا
أَيْــنَ الْمَــدَائِــنُ مِــنْ أَرْض يُصَـادِرُهَـا
خَـــوْفــًا إِذَا شَب فِي أَحْشَائِهَـا الْكَـرَبُ؟
أَمْـنـًا تُـصَــد بــــهِ أَرْمَـاقُ (دَوْلَـتِــهَــمْ)
فَـأبْرَقَتْ فِــي عُـلَاهَا الــريحُ وَ السحُبُ
عَادَتْ بَـنَـادِقُــهَا الـثـكْـلَى مَــسَـاجدَهَـا
مَـتَى الربـيعُ؟ وَ أَنـى تَـيْـنَـعُ الـــرطَــبُ؟
يَا أمـــةً كَـشَفَ الْخَـريــفُ سَـــوْءَتَـهَـــا
طِـيـبـي سَلَامـًا فَأنْـتِ الْاِسْمُ وَ الـنـسَـبُ
دَارَ الــسلاَمِ وَ مَـسْـرَى سَـيــدِ الْـبَــشَـر
شَـوْقـًا وَ هَامَتْ بـهَـا الْأَشْعَارُ وَ الْخُطَـبُ
أَنْــتِ الـتِـي أَرقَ الْعُـبـادَ مَـسْـجـدُهَـــا
وَ اسْـتَـنْـجَـدَتْ بثَـرَاكِ الْأَيْــكُ وَ الرطَـــبُ
هَامَـتْ بسَـاحَــتِــكِ الْغَــراءِ سَجْــدَتُـنَـا
أَوْ نَكْـبَــةٍ جَـن مِـنْ أَهْــوَالِـهَـا الْعَـجَــبُ
لاَ تَحْـزَنِـي جَزَعــًا مِـنْ فَــرْطِ فَاجِـعَـةٍ
مِنَ الســمَــاءِ، فَــوَعْــدُ اللهِ مُرْتَـــقَـــبُ
إِنِــي أَرَى وَمْـضَـةً فـِي الْأفْــق نَـازلَـةً
نِـيـرُ الْـبُـرُوق وَ لَـحْـنُ الرعْــدِ وَ الطـرَبُ
هَــذِي قَصَـائِــدُكِ الْحَـرى تُــــرَدِدُهَـــا
أَنْتِ التِي تَـــقْـــتَـفِـي آثَــارَهَــا الْكُــتُـبُ
أَنْــتِ الـتِـي شَـهـدَ الـتـاريـخُ ثَــوْرَتَــهَــا
وَ اسْـتَـنْكَرَتْ صَـلَوَاتُ الناس وَ انْـتَـحَـبُـوا
لَــوْ تَعْـلَمِينَ لَكـَـمْ جَـادَتْ مَـــدَامِـعُـنَــا
فَكُـل حُـكْمٍ ثَــوَى فِي وَجْـهـهِ اللـغَــبُ
هِيَ الْمَذَلـةُ شَــبـتْ فِــي مَـحَـاكِـمِــنَـا
قَطْرُ الندَى وَ الثرَى وَ الشمْسُ وَ الشهُـبُ
اَللهُ يَــشْـهَدُ أَن الْقُــدْسَ يَــعْـشَــقُــــهُ
دَارَ السلَامِ صَـــلَاحُ الدِيــــن وَ الْعَــــرَبُ
تَشَامَـخَتْ صَهْوَةُ الْفَـارُوق إذْ فَـتَــحُـوا
يَحْمِي الْقِـــلَاعَ وَ مَا عَـادَتْ لَــهُ رُتَـــبُ؟
فَمَا لِـعِـزتِــهـمْ مَــا عَــادَ مَــدْفَـعُــهَــا
بَعْدَ الْوئَـامِ، فَمَا الـداعِـي وَ مَا السبَــبُ؟
هَــــد الْمُــلُـــوكَ سَــقَـامٌ لاَ دَوَاءَ لـَـهُ
وَ أُطْفَأتْ حُسْـنَـهَـا الْأَزْمَـانُ وَ الْحِــقَـبُ؟
أ هْيَ ﭐلْعَزيمَةُ شَابَتْ فِي طُـفُـولَـتِــهَــا
أَيْــنَ الْعَـتَـادُ؟ وَ أَيْنَ الــرأيُ وَ اللـقَــبُ؟
أَيْــنَ الْجُـيُـوشُ الـتِي دَرتْ غَـنَـائِمُـهَـا؟
أَن الصــبَــاحَ بــحَــــوْل الله يَــقْــتَـــربُ
لُـــبــوا الــنــدَاءَ فَــإن اللهَ أَخْـبَــرَنَــــا
وَ اعْـلَمْ يَــقِـيـنــًا بأن النـصْـرَ مُـكْـتَـتَــبُ
يَــا طَــالِـبَ النـصْـر لَا تَسْأمْ لَـــوَاعِجَـهُ
وَ اسْـلُكْ سَبيلًا فَإن الْــحَـــق يُجْــتَــلَــبُ
لاَ تَـــيْــأسَــن مِنَ الْآمَـالِ إِنْ جَــدَبَــتْ
يَـحْـلُو بـصُـحْـبَـتِـهَـا الْإِرْهَاقُ وَ النـصَــبُ
إِن الْــــــعَدَالَةَ إِنْ أَرْسَتْ بَــــوَارجَــهَــا

أَمَا تَـــرَوْنَ جـنَـــانَ الْقُـدْس تُغْـتَصَـبُ؟
يَا سَـادَةَ الحَـق مِـنْ عُـرْبٍ وَ مِنْ عَجَمٍ
مِنْ كُل صَوْبٍ رَصَاصُ الْجُبْن وَ اللـهَـبُ؟
أَمَـا رَأَيْـتُـمْ حِمَى الْأَقْصَـى يُـعَاكِـسُـهَـا

أَنْـفَــاسُـهُ وَ بَكَـى مِنْ هَوْل مَا ارْتَـكَـبُـوا
هُـبوا لِـنُـصْـرَتِـهَـا فَـالـحَق قَـدْ خَـمَـدَتْ
وَ اسْـتَعْمَرَتْ دُورَنَــا الْـوَيْلَاتُ وَ الْـكُــرَبُ
كُـفوا شَـخِـيـرًا فَـقَـدْ ثَـارَتْ حَفِيـظَـتُـنَـا
وَ فِي فُـــؤَادِي سَحَابٌفَوْقَــهُ سُــحُــبُ
أَقُولُ وَ الْعَـيْـنُ تَـجْري فِــي مَدَامِـعِـهَـا
لُـبـوا الـنِـدَاءَ لِـــوَجْـهِ اللهِ وَ احْـتَـسِــبُـوا
قُومُـوا لِمَـحْرَقَةِ الْأَقْـصَـى وَ لاَ تَـهـنُــوا

د. عبد الواحد الكوط