بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فقد طرأ على مجتمعنا ظاهرة تشييد المساجد، وزخرفتها، وفي ذلك دليل من دلائل النبوة.
فقد صح عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ : ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِى الْمَسَاجِدِ ) . رواه أبو داود ( 449 ) والنسائي ( 689 ) وابن ماجه ( 739 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وروى البخاري ( 1 / 171 ) عن أَنَس بنِ مالِك : " يَتَبَاهَوْنَ بِهَا ، ثُمَّ لاَ يَعْمُرُونَهَا إِلاَّ قَلِيلاً " . ووصله ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 309 ) ، وفيه رجل مجهول .
قال بدر الدين العيني – رحمه الله - في عمدة القاري " ( 4 / 205 ) :
قوله " يتباهَون " بفتح الهاء من المباهاة ، وهي المفاخرة ، والمعنى : أنهم يزخرفون المساجد ، ويزينونها ، ثم يقعدون فيها ، ويتمارون ، ويتباهون ، ولا يشتغلون بالذِّكْر ، وقراءة القرآن ، والصلاة .
قوله " بها " ، أي : بالمساجد ، والسياق يدل عليه .
وروى البخاري ( 1 / 171 ) عن ابْن عَبَّاسٍ قولَه : " لَتُزَخْرِفُنَّهَا ، كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ ، وَالنَّصَارَى " ، ووصله ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 309 ) وغيره ، وصححه الألباني في تحقيق " إصلاح المساجد من البدع والعوائد " لجمال الدين القاسمي ( 94 ) ، وفي " صحيح أبي داود " الكامل ( 2 / 347 ) .
قال البغوي – رحمه الله - في " شرح السنة " ( 2 / 350 ) : وقول ابن عباس : لتزخرفنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى ، معناه : أن اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرفوا وبدلوا أمر دينهم ، وأنتم تصيرون إلى مثل حالهم ، وسيصير أمركم إلى المراءاة بالمساجد ، والمباهاة بتشييدها ، وتزيينها .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 11 / 275 ) : يحرُم تزيين المساجد بنقشها ، وتزويقها بمال الوقف ، عند الحنفية ، والحنابلة ، وصرَّح الحنابلة بوجوب ضمان الوقف الذي صرف فيه ؛ لأنه لا مصلحة فيه ، وظاهر كلام الشافعية : منع صرف مال الوقف في ذلك ، ولو وقف الواقف ذلك عليهما - النقش ، والتزويق - : لم يصح في القول الأصح عندهم ، أما إذا كان النقش والتزويق من مال الناقش : فيُكره – اتفاقاً - في الجملة إذا كان يُلهي المصلي ، كما إذا كان في المحراب ، وجدار القبلة .
وسئل علماء اللجنة الدائمة (فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 5 / 191 ) ):
عن مشروع يتبنى " زخرفة المساجد " ؟ .
فأجابوا وهم ( الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد - رحم الله من مات منهم وحفظ الأحياء- ):
هذا العمل غير مشروع ؛ للأحاديث الصحيحة في النهي عن زخرفة المساجد ، ولأن في ذلك إشغالاً للمصلين عن صلاتهم بالنظر ، والتفكر في تلك الزخارف ، والنقوش .
وقالوا (الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد - رحم الله من مات منهم وحفظ الأحياء- ) :
لا يجوز زخرفة المساجد ، ولا كتابة الآيات القرآنية على جدرانها ؛ لما في ذلك من تعريض القرآن للامتهان ، ولما فيه من زخرفة المساجد المنهي عنها ، وإشغال المصلين عن صلاتهم بالنظر في تلك الكتابات والنقوش ." فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 5 / 190 ) .
ومن المسائل الجديدة غرس الأشجار للزينة، وفيما يأتي جمع لما ذكره الفقهاء في المسألة، ومن الله أستمد العون.